logo
الفخ الذي نصبه العرب لأنفسهم!!

الفخ الذي نصبه العرب لأنفسهم!!

26 سبتمبر نيتمنذ 7 أيام
في ظل المشهد العربي الذي يشوبه الصمت والتجاهل والخذلان يظن اغلب قادة الأنظمة أن التغاضي والصمت المخزي عن المذابح المروعة التي تُرتكب في قطاع غزة وفي الضفة الغربية والعدوان على جنوب لبنان وسوريا واليمن، سيجنبهم بطش كيان العدو الصهيوني المدعوم أمريكياً.
لكن هذا الظن ما هو إلا وهم استراتيجي غير مدركين أن الرضوخ لهذا الكيان الملفق لن يجلب لهم الأمان بل قد يُفقدهم سيادتهم وشعوبهم في نهاية المطاف على يد قاتل لم يتورع عن سفك دماء الأطفال والنساء وعن التنكر لكل الاتفاقيات والتنصل من أبسط التزامات السلام التي تضمنتها بنود اتفاقيات (كامب ديفيد ووادي عربة واتفاقية أوسلو ).
ناصر الخذري
دأب كيان العدو الصهيوني على انتهاج سياسة قذرة في تدمير الشعوب العربية بهدف تنفيذ مخططاته في التوسع وإنشاء ما يسمى بـ (إسرائيل الكبرى) حسب الخرافة الإسرائيلية التي ستمتد من الفرات الى النيل وصولا الى شمال السعودية .
هذه الخطة الصهيونية التوسعية في منطقة (الشرق الأوسط) التي يتحدث كيان العدو عنها عبر مختلف وسائل اعلامه وفي كثير من المحافل الدولية التي يشرح فيها الارعن نتنياهو خارطة الشرق الأوسط الجديد .. الا انه من الغريب ان هذه الخرائط والتصريحات لا تثير في عقول القادة العرب ولا في عقول المفكرين وقادة الرأي أي اهتمام او ردة فعل او اتخاذ أي خطوات احترازية دفاعية لدرء خطر هذا العدو اللدود للعرب جميعا بل نرى التسابق في ابتكار الطرق والأساليب التي تجعل هذا الكيان اللقيط وتجعل قادة البيت الأبيض راضين عن حجم المساعدات والهدايا التي تتنافس عدد من الدول العربية في تقديمها للعدو سواء عبر مشاريع استثمارية تصل الى تريليونات الدولارات او هدايا عينية فاخرة لا لشيء وإنما لإثبات العبودية الطوعية لهذا العدو الأمريكي الذي يستثمر بأموال العرب في صناعة أسلحة فتاكة وتصديرها الى الاحتلال الصهيوني لقتل أطفالنا في قطاع غزة بدم بارد ودعم اقتصاد العدو فيما يقابل هذا الدعم بؤس وشقاء في عدد من اقطار الدول العربية التي بات الأكثر منها يعاني من ويلات الحروب والصراعات الداخلية وتدهور الوضع المعيشي أيضا بسبب الثراء الفاحش في بضعة دول سخرت النعمة التي لديها لتكون نقمة على شعوب الامة العربية والإسلامية وعلى قضية العرب المركزية ( القضية الفلسطينية) التي تشهد اسوء كارثة إنسانية في العالم بسبب القتل والتدمير الشامل من قبل كيان العدو بهدف افراغ قطاع غزة من السكان عبر فرض التهجير القسرى بالقوة الغاشمة ونسف المربعات السكنية وتشديد الحصار والتجويع واستمرار جرائم الإبادة غير المسبوقة ضد اكثر من اثنين مليون انسان مجوع ومحاصر في حيز جغرافي صغير من ارض فلسطين يسمى قطاع غزة .
مشاهد تدمي القلوب
هذه المشاهد المروعة في غزة تدمي قلوب الأحرار في العالم لكنها في نفس الوقت باتت عبارة عن مشاهد عادية لدى اغلب القادة العرب التي لا تحرك فيهم تلك المذابح ساكنا بعد ان تعرت ضمائرهم وقست قلوبهم فكانت كالحجارة او اشد قسوة.
هؤلاء المتفرجين على ذبح أطفال ونساء وشيوخ غزة على مدى ما يقرب من العامين ما من شك انهم سيكونون الهدف القادم اذا سقطت غزة وسيقعون في الفخ الذي صنعوه لأنفسهم ( العمالة والتطبيع ) قريبا ونحن من خلال هذه القراءة المتواضعة نقرع أجراس الإنذار في وقت خفتت فيه أصوات الاجراس التي ترن في التوقيت المناسب لعل الزعماء العرب يصحون من سباتهم ويدركوا المآلات والعواقب الوخيمة للصمت عما يجري في قطاع غزة .
عدم الاستفادة من الدروس
يقال ان المشكلة ان ذاكرة العرب ضعيفة أو انهم لا يقرأون التاريخ جيدا ولا يستفيدون من الدروس التي حصلت في الماضي القريب عن جرائم العدو المروعة في فلسطين منذ العام 1948 وعدوانه السافر على مصر في 56 وعدوان 67 علي سيناء والجولان السوري واجتياح جنوب لبنان في عام 1978و ما يجري اليوم من إعادة قصف واجتاح للجنوب السوري وحتى العمق واستمرار الغارات على جنوب لبنان يضع الجميع على المحك عن مدى الخطر الداهم للعدو الصهيوني على العرب جميعا .
فعبارة (إسرائيل قوية) غير واردة في قاموس الشعوب وانما عمالة الأنظمة العربية وهرولتها نحو فخ التطبيع هو من جعل كيان العدو يقتل ويشرد الفلسطينيين بهذا الصلف والبشاعة التي تهدف الى اقتلاع الشعب الفلسطيني من جذروه لتحويل غزة والضفة أيضا الى معسكر للإمبريالية او ريفيرا الشرق الأوسط كما يحلم الرئيس الأمريكي ترامب .
تدمير شامل
ولذلك ما يجري في قطاع غزة يوضح مخطط العدو لتفريغ القطاع من سكانه بهدم المنازل وتجريف الأراضي والشوارع وتدمير كل مقومات الحياة فيها مستغلين الضوء الأخضر الأمريكي والدعم والمشاركة المباشرة في تحويل غزة الى منطقة غير قابلة للعيش بعد تعمد جيش العدو نسف المربعات السكنية في قطاع غزة بدون أي سبب يذكر وهذا ما أشار اليه أحد الضباط في جيش العدو الاسرائيلي بشكل علني حيث نقلت صحيفة 'هآرتس'، عن الضابط الذي أشير إليه بالحرف الأول من اسمه 'أ'، قوله: 'على أهالي الجنود أن يفهموا ما يجري هناك. المهمة الأساسية، والوحيدة تقريبًا، للقوات هي تأمين أعمال هدم الجرافات والتدريبات'.
وأوضح أن العمليات تنفذ تحت تسمية عسكرية تُعرف بـ'السقف على الأرض'، لكنها 'ليست مهمة عسكرية بطبيعتها'، وإنما تهدف إلى تدمير الأحياء والمنشآت بشكل ممنهج.
وأشارت الصحيفة إلى أن الضابط المذكور من قوات الاحتياط أنهى خدمته مؤخرًا في أحد مراكز القيادة التي تقوم قواتها حاليًا بعمليات في القطاع.
وبحسب شهادة الضابط، فإن عمليات الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة تقوم على 'هدم هائل للمنازل'، دون امتلاك أي معلومات استخبارية دقيقة عن أهداف محددة.
انهيار نفسي
مثل هذه التصريحات التي تنشر في وسائل الإعلام العبرية وغيرها تكشف المستوى الذي وصل اليه عشرات بل مئات الضباط والجنود الإسرائيليين الذين انهكوا من القتال في قطاع غزة وبادروا الى ترك الخدمة العسكرية فيما أصيب آخرون بالحالات النفسية لشدة الصدمة والوضع النفسي الذي عاشوه في قطاع غزه الذي بات اشبه بمنطقة كأنها ضربت بقنبلة نووية حيث تشير (هآرتس) : ان 18ضابطا وجنديا صهيونيا انتحروا منذ مطلع العام الجاري 2025م .
فخ التطبيع
هذه الشواهد تعكس حجم الكارثة التي يعيشها سكان قطاع غزة فيما قادة الأنظمة العربية لا يزالون يتوهمون انهم بالانخراط في التطبيع مع الكيان الغاصب وتوسيع مجالات العمالة سيحققون الامن والاستقرار غير مدركين للعواقب والمآلات في نهاية المطاف.
فهل هناك من يفكر؟ ما الذي جناه الفلسطينيون مثلا من اتفاقية اوسلوا غير المزيد من القتل والتوسع والاستيطان ونهب الأراضي الفلسطينية وتهويد الأراضي المقدسة وتدنيس المسجد الأقصى المبارك ؟, وما الذي جنته مصر من توقعيها اتفاقية كامب ديفيد مع كيان الاحتلال الذي انتهك تلك الاتفاقية بشكل سافر وبات يسيطر على معبر رفح ومحور فلادليفيا ويرفض الانسحاب من المنطقة التي نصت عليها الاتفاقية بين الاحتلال وجمهورية مصر العربية!! . أيضا اتفاقية وادي عربة ما ذا جنى منها الأردنيون الذين اجبروا على اغلاق مناطقهم الحدودية مع الضفة الغربية واغلاق ورش لصناعات عسكرية سبق وان أعلنوا انها تتبع ما اسموهم (إرهابيين ) ولم يوضحوا ما الخطر الذي يمثلونه غير انهم يخافون من ان يقدموا دعما للمقاومة الفلسطينية ضد العدو المحتل.
جنوب لبنان
يدرك كل باحث ومتابع للأحداث التي شهدتها لبنان منذ نهاية السبعينات ان التضحيات التي قدمها الشعب اللبناني منذ اجتياح العدو الإسرائيلي لجنوب لبنان في العام 1978م قد أجبرت المحتل في نهاية المطاف على الخروج بعد جولات من المواجهة الشرسة في عام 2000م
لكن العدو لا يؤمن مكره فكم من الجولات التي واجهت فيها المقاومة اللبنانية (حزب الله ) في 82 و1993و 96 م وفي العام 2006 م وحتى معركة اسناد الطوفان التي قدم فيها حزب الله اسنادا لغزة بكل ما يستطيع عقب عملية السابع من أكتوبر من العام 2023م
وها هو العدو يعاود من جديد العربدة وانتهاك السيادة اللبنانية ليلا ونهارا بعد ان تكالبت أمريكا وادواتها على حزب الله وقاداته وسلاحه.. هذا السلاح الذي يحمي سيادة لبنان ويسهم في دعم المقاومة الفلسطينية يقصف ويدمر وتنتهك السيادة اللبنانية ليطلع علينا الرئيس اللبناني جوزيف عون ببيان ادانه شجب للغارات لما يقول انه انتهاك للسيادة.. ولا يعلم ان الادانات لا تقدم ولا تؤخر لأن القصف والغارات الصهيونية لن توقفها الا ردة فعل عسكرية بضربات في عمق المناطق المحتلة تجبر العدو على التوقف عن عدوانه ولا يحمي السيادة غير الردع والسلاح الذي يريد العدو تدميره وليس تسليمه ( للجيش اللبناني ) لان كيان العدو لا يريد ان تكون لينان دولة قوية بل دول خانعة تمتلك شرطة محلية وتسليح لا يصلح الا للاقتتال الداخلي ولا يشكل أي خطر قادم على العدو .
سورية
اما في سورية فالحديث عنها يبعث على الأسى فعلا بسبب جرح الكرامة الذي أصاب الامة العربية في مقتل بعد انهيار آخر قلعة للصمود في وجه المحتل.. نعم انها سورية العروبة التي تنهشها اليوم الصهيونية بشكل مباشر وبشكل غير مباشر بواسطة جماعات عقائدية تعمل على خدمة المشروع الصهيوني بشكل مجاني ولا افق يرى فيما هو قادم لسورية غير التفتيت والتقسيم الى ولايات على أساس طائفي لتحيي النعرات القديمة التي كان الاستعمار الفرنسي قد اعتمدها خلال تقسيمه لسورية الى اربع ولايات مرتين الأولى في عام 1920 والثانية في العام 1922 حيث قسمت سورية الى اربع ولايات على أساس طائفي وهي ولايات : حلب ودمشق وولاية درزية وأخرى علوية .
هذا المخطط يخدم الصهيونية فعلا وهو ما سبق ان أشار اليه اول رئيس وزراء لإسرائيل ديفيد بن غوريون حينما نادى بأهمية تفتيت الدول المحيطة بالعدو على أساس طائفي وقال حينها " قوتنا ليست في سلاحنا النووي بل في تفتيت ثلاث دول كبرى حولنا -العراق و سوريا و مصر- إلى دويلات متناحرة على أسس دينية و طائفية"
وعلى الرغم من المرونة التي يبدها الرئيس الانتقالي في سورية احمد الشرع والتقارب العلني مع كيان العدو والرغبة الصريحة في التطبيع والتصريح الذي قال فيه ان "هناك عدو مشترك لسورية وإسرائيل " هذا التصريح الذي اثار الدهشة جعل الكثيرين يتوجسون مما هو قادم لسورية وللدول المجاورة لها في ظل هذا التقارب العلني بين الشرع وبين الاحتلال الذي توسع وصال وجال الى قرب دمشق لسيطر على مناطق واسعة اضعاف المناطق التي احتلها في الجولان السوري عام 1967م
المثير للدهشة حقا هو الاستباحة الكاملة للسيادة السورية من قبل الاحتلال الصهيوني الذي قام الأربعاء 16 يوليو الجاري بش غارات جوية وقصف هيئة الأركان المشتركة والقصر الرئاسي في سورية وقصف مناطق أخرى بحجة التدخل لحماية الدروز والأقليات هكذا بات يتعامل رئيس حكومة العدو نتنياهو مع سورية وكأنه الحاكم الفعلي لها وبقوة السلاح اجبر الاحتلال الإسرائيلي ( جيش الشرع ) على الانسحاب من منطقة السويداء التي كانت دارت فيها اشتباكات مع الطائفة الدرزية .
عقب هذه الغارات الإسرائيلية قال نتنياهو انه حقق السلام في السويداء من خلال القوة وهذه إشارة ضمنية الى ان القادم مع القادة الجدد هو التطبيع عن طريق القوة مع فرض استباحة كاملة وسيطرة واحتلال دائم لكافة المناطق التي تم احتلالها في سلسلة جبل الشيخ والقنيطرة عقب سقوط النظام في الثامن من ديسمبر من العام 2024م
هذه العربدة التي تقوم بها (إسرائيل) في سورية اثارت الغضب لدى الشعوب العربية رغم اختلافها مع موقف الحكومة الانتقالية بقيادة الشرع الا ان الشعب السوري يظل جزءا اصليا من العرب والاعتداء عليه يمثل انتهاكا للسيادة أيا كان موقف الحاكم .
لكن اللافت في الموضوع هو موقف الدول الخليجية التي باركت وهللت وكبرت لرفع ما اسمته العقوبات الاقتصادية على سورية ولكنها في الوقت نفسه تتفرج على العقوبات والجرائم التي تطال الشعب السوري بالاقتتال الداخلي الطائفي والعدوان الصهيوني والتوسع والاحتلال للأراضي السورية !!
الخلاصة:
يدور الحديث خلف الكواليس ان وقف اطلاق النار في قطاع غزة المنكوب يجب ان يتزامن معه البدء في توسيع اتفاقيات السلام مع(إسرائيل ) تحت مسمى (ابراهام) أي التطبيع والذي كان قد أشار اليه ترامب في تصريح له قبل زيارة نتنياهو الأخيرة لواشنطن بانه سيتم التطبيع مع اربع دول عربية !!
نرى ان التطبيع الذي سيتحول من السرية الى العلن بفتح سفارات للاحتلال في عواصم الدول العربية المرشحة للتطبيع بشكل رسمي لن يكون غير فخ جديد ينصبه المطبعون لأنفسهم ليدخلوا ضمن دائرة الاستهداف المباشر لاحقا من قبل كيان العدو الصهيوني وما يحصل اليوم من انتهاك للاتفاقيات السائقة مع العرب وما يحصل من استباحة للسيادة اللبنانية والسورية خير دليل على مكر وخبث كيان الاحتلال الصهيوني الذي لن تتوقف اطماعه عند هذا الحد بل يسعى الى ما بعد سورية والى ما بعد مصر حتى شمال السعودية لاحتلالها وإنشاء ما يسمى ( إسرائيل الكبرى ) .. فمن يسمع ومن يفهم؟!!
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

دونالد ترامب يلاحق باراك أوباما بسيارة شرطة.. صورة تثير الجدل
دونالد ترامب يلاحق باراك أوباما بسيارة شرطة.. صورة تثير الجدل

اليمن الآن

timeمنذ 13 ساعات

  • اليمن الآن

دونالد ترامب يلاحق باراك أوباما بسيارة شرطة.. صورة تثير الجدل

نشر الحساب الرسمى للرئيس الأمريكى دونالد ترامب على "انستجرام" صورة "مركبة" تظهر ترامب وهو يقود سيارة شرطة ويلاحق الرئيس الأمريكى الأسبق باراك أوباما على خلفية الخلافات الحادة بينهم خلال الفترة الماضية. واتهمت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفات، إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما بـ"محاولة تخريب إرادة الشعب الأمريكي" والتآمر ضد الرئيس دونالد ترامب ووصفت الامر بأنه واحدة من أكبر الفضائح السياسية في تاريخ الولايات المتحدة. في تصعيد جديد من إدارة ترامب ضد باراك أوباما، كتبت ليفات على موقع اكس: "الرئيس ترامب لم تكن له أي علاقة بروسيا، وإن ما سمي بـ"التواطؤ الروسي" كان احتيالا ضخما منذ البداية"، وأشارت الى ان أوباما ومسؤولين سابقين في أجهزة الاستخبارات من بينهم مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأسبق جون برينان، ومدير الاستخبارات الوطنية جيمس كلابر، ومدير مكتب التحقيقات الفيدرالي جيمس كومي ونائبه أندرو ماكيب كانوا على علم بعدم صحة المزاعم، وأضافت: "ترامب كان محقا منذ البداية بشأن كل هذا، ونحن ممتنون لأن العدالة بدأت تأخذ مجراها". في الوقت نفسه، واصلت مديرة الاستخبارات الوطنية الأمريكية تولسي جابارد، اتهام إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما بـ"التلاعب بالمعلومات الاستخباراتية" بشأن تدخل روسيا في انتخابات عام 2016، وهي مزاعم رفضها متحدث باسم أوباما واصفا إياها بأنها "غريبة ولا أساس لها". وقالت جابارد خلال مؤتمر صحفي في البيت الأبيض: "فريق أوباما الأمني وجه بإعداد تقييم استخباراتي يعلم أنه غير دقيق .. الإدارة كانت تروج لرواية ملفقة تفيد بأن روسيا تدخلت لصالح دونالد ترامب"، وأصدرت وثيقة جديدة قالت إنها تقوض استنتاجات مجتمع الاستخبارات في عهد أوباما، والتي أفادت بأن موسكو سعت لدعم ترامب في انتخابات 2016. كما نشرت الأسبوع الماضي مذكرة أخرى اتهمت فيها إدارة أوباما بـ"مؤامرة خيانة" تهدف إلى تقويض رئاسة ترامب. وفي رد على تلك المزاعم، أشار المتحدث باسم أوباما، باتريك رودينبوش، إلى بيان سابق وصف فيه الاتهامات بأنها "غير منطقية"، وقال: "لا شيء مما تم نشره يغير من الحقيقة المعروفة وهي أن روسيا سعت للتأثير على انتخابات 2016، دون أن تنجح في التلاعب بأصوات الناخبين". ودعمت متحدثة البيت الأبيض ليفيت، تصريحات جابارد، وقالت إن "الأسوأ في الأمر أن أوباما كان يعرف الحقيقة"، مضيفة أن ترامب "يريد محاسبة جميع من تورطوا في هذا الاحتيال على الأمة والدستور". وكثّف الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، الذى يتعرض لانتقادات بسبب تعامل إدارته مع ملفات جيفرى إبستين، هجماته على الرئيس السابق باراك أوباما، مُتّهماً إياه بالخيانة، وداعياً إلى ملاحقته مع المرشحة السابقة للانتخابات الرئاسية وزيرة الخارجية سابقاً هيلارى كلينتون. وكان ترامب يتحدث مع الصحفيين فى البيت الأبيض، وغضب من أسئلة وُجّهت إليه فى شأن علاقته بإبستين الذى أدانته المحكمة بالاتجار بالفتيات، عادَّاً أنها "حملة شعواء" من منافسيه ووسائل الإعلام. وقال إن الحملة الشعواء التى يجب أن نتحدث عنها هى أنهم قبضوا على الرئيس أوباما. وكان ترامب يُشير على ما يبدو إلى إرسال مديرة الاستخبارات الوطنية تولسى جابارد إحالات جنائية إلى وزارة العدل، مرتبطة بتقرير يؤكد أن مسؤولين فى إدارة أوباما كانوا جزءاً من "مؤامرة خيانة". وقالت جابارد إن أوباما وفريقه "اختلقوا معلومات استخباراتية" بشأن تدخل روسى فى الانتخابات الرئاسية "لوضع الأساس لانقلاب استمر لسنوات ضد الرئيس ترامب". وعندما سُئل الرئيس الجمهورى عن الشخص الذى يجب ملاحقته على خلفية تقرير جابارد خلال مؤتمر صحفى فى المكتب البيضاوى مع الرئيس الفلبينى فرديناند ماركوس الذى يزور الولايات المتحدة، قال ترامب: «بناءً على ما قرأته (...) سيكون الرئيس أوباما. هو من بدأ ذلك". كما أشار ترامب إلى أن الرئيس السابق جو بايدن الذى كان وقتها نائب أوباما، ومدير مكتب التحقيقات الفيدرالى السابق جيمس كومي، ومدير الاستخبارات الوطنية السابق جيمس كلابر، ومدير وكالة الاستخبارات المركزية السابق جون برينان، كانوا جزءاً من مؤامرة. لكنه قال إن "زعيم العصابة" هو أوباما، مُتّهماً إياه بأنه مذنب "بالخيانة". وفى سياق الجدل المستمر بشأن "ملفّات إبستين"، ظهرت تقارير جديدة حول علاقة ترامب برجل الأعمال الأمريكى المتّهم بالاتّجار بقاصرات، والذى قضى فى زنزانته فى 2019. ونشرت شبكة "سى إن إن" الأمريكية للتلفزيون صوراً لإبستين فى حفل زفاف ترامب وزوجته الثانية مارلا مابلز، عام 1993. ووصفت صحيفة «نيويورك تايمز» تصريحات ترمب ضد أوباما بأنها «مثال صارخ على حملته الانتقامية ضد قائمة متزايدة من الخصوم لا مثيل لها فى التاريخ الأمريكي». واستدعت هذه التصريحات رداً نادراً من مكتب أوباما، الذى قال الناطق باسمه باتريك رودنبوش إن «هذه الادعاءات الغريبة سخيفة ومحاولة واهية لصرف الانتباه»، مضيفاً أن «لا شيء فى الوثيقة الصادرة الأسبوع الماضى يقوض الاستنتاج المتعارف عليه بأن روسيا عملت على التأثير فى الانتخابات الرئاسية لعام 2016، لكنها لم تنجح فى التلاعب بأى أصوات». وبدأت إدارة إعادة النظر فى المعلومات الاستخبارية المتعلقة بانتخابات عام 2016 بأمر من مدير وكالة الاستخبارات المركزية «سى آى إيه» جون راتكليف بمراجعة أساليب عمل الوكالة التى أدرجت فى تقييم مجتمع الاستخبارات فى ديسمبرمن ذلك العام. ووجهت المراجعة انتقادات شديدة لإدارة أوباما والمدير السابق ل"سى آى إيه" جون برينان. واعترض محللو الوكالة على سرعة التقييم واتهموا برينان بالسماح لملف غير موثق أعده ضابط الاستخبارات البريطانى السابق كريستوفر ستيل بالتأثير على التقييم.

القربي يروي كيف نقل رسالة صالح الأخيرة إلى صدام حسين قبل غزو العراق: نصحته بتفادي الحرب.. فردّ: هذه معركة كرامة الأمة وسندفع الثمن
القربي يروي كيف نقل رسالة صالح الأخيرة إلى صدام حسين قبل غزو العراق: نصحته بتفادي الحرب.. فردّ: هذه معركة كرامة الأمة وسندفع الثمن

اليمن الآن

timeمنذ 14 ساعات

  • اليمن الآن

القربي يروي كيف نقل رسالة صالح الأخيرة إلى صدام حسين قبل غزو العراق: نصحته بتفادي الحرب.. فردّ: هذه معركة كرامة الأمة وسندفع الثمن

أخبار وتقارير الأول /متابعات القربي لـ الشرق الأوسط: نقلت رسالة أخيرة إلى صدام فقال لي هذه معركة كرامة الأمة حين دوّت طائرات القاعدة في سماء نيويورك، هرع وزير الخارجية اليمني السابق أبو بكر القربي من برلين إلى صنعاء، للتعامل مع اللحظة التي غيرت وجه العالم. دفعت الهجمات - ضمن تداعياتها الكثيرة - الرئيس علي عبد الله صالح، إلى الانخراط الكامل في الحرب الأميركية ضد الإرهاب، بعد ترتيب زيارة سريعة إلى واشنطن لإقناع الرئيس السابق جورج بوش، بأن اليمن ليس بؤرةً لـ القاعدة. في الحلقة الأولى من مقابلته مع الشرق الأوسط، يروي القربي الذي تولى منصبه في 4 أبريل (نيسان) 2001 وتركه في 2014، تجربته الطويلة وزيراً لخارجية بلد عاصف كاليمن. يعود إلى الفترة الملتهبة بين تفجير تنظيم القاعدة المدمرة الأميركية يو إس إس كول قبالة سواحل عدن في أكتوبر (تشرين الأول) 2000، وغزو العراق، مروراً برسالته الأخيرة إلى صدام حسين الذي رفض اقتراحاً من صالح بالتعاون مع المطالب الأممية، قائلاً إن هذه معركة كرامة الأمة وسندفع ثمنها. وفيما يلي نص الحلقة: * أول استحقاق كبير واجهتموه كان هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 في نيويورك وواشنطن. أين كنت في ذلك اليوم؟ وكيف استقبلت الخبر؟ - كنت في زيارة رسمية إلى برلين، وكنا على مأدبة غداء مع وزير خارجية ألمانيا في ذلك الوقت، وفوجئنا بالخبر. كنا نستعد لرحلة على النهر ولحفل استقبال دعوت إليه شخصيات ألمانية والسفارات العربية وغيرها، وفوجئنا بالخبر المزعج فتسمرنا أمام التلفزيون نتابع ما يجري، وقررنا إلغاء الحفل. * كيف استقبل الرئيس علي عبد الله صالح خبر هجمات 11 سبتمبر؟ - لا أستطيع أن أجيب عن هذا السؤال لأنني لم أكن موجوداً (في اليمن) حينها. لكن فيما بعد، القضية كانت مزعجة جداً لنا، خصوصاً بعد حادثة كول في عدن. عندما حدث ذلك، وضع اليمن على أنه بؤرة لـ القاعدة وللإرهاب، وبالتالي كنا نقيّم تبعات الحادث في نيويورك على النظرة إلى اليمن. * عندما رجعت من ألمانيا التقيت الرئيس، وكان هذا الموضوع البند الأول في المناقشات. هل كان يعدّه خطراً وقد يرتب على اليمن تبعات؟ - نعم بكل تأكيد، ليس فقط على اليمن، إنما على المنطقة كلها. ولكن كنا ننظر كيف نجنب اليمن تبعات ما يجري، ولهذا كانت أول خطوة اتخذناها هي ترتيب زيارة سريعة للأخ الرئيس إلى واشنطن، وكان هو من أول القادة الواصلين إلى واشنطن في نوفمبر (تشرين الثاني) من ذلك العام، والتقى بالرئيس جورج بوش. مواجهة صالح وبوش في البيت الأبيض * كيف كان اللقاء بين الرئيسين؟ - يمكن أن أصفه بأنه نوع من المواجهة من قبل الرئيس لإقناع الرئيس بوش بأن اليمن ليس بؤرة للإرهاب، وبالتالي لا يتحمل تبعات حادثة 11 سبتمبر. * هل اتهمه بوش؟ - لا، لم يتهمه. أشار الرئيس بوش إلى أنهم حريصون على محاربة الإرهاب، وأهمية دور اليمن في محاربة الإرهاب، وأن هناك إرهابيين في اليمن. وأعتقد في نهاية المطاف، فإن الرئيس صالح احتوى الموضوع بقوله إن اليمن سيكون شريكاً مع المجتمع الدولي في مكافحة الإرهاب، وبدأت العلاقة... * هل طلب من اليمن طلبات محددة؟ - في ذلك الوقت لا، لكن فيما بعد اعتقد أن الهدف الرئيسي كان كيف يتم التعاون في مكافحة عناصر القاعدة داخل اليمن. * هل اتخذ اليمن إجراءات جدية آنذاك؟ - بكل تأكيد. اتخذ إجراءات تعقب الجماعات التي ارتكبت حادثة تفجير المدمرة، واعتقلت الأجهزة الأمنية بعضهم. وبدأت تحقيقات معهم، وكانت الولايات المتحدة تطالب بأن تشارك في هذه التحقيقات، إلا أن اليمن رفض ذلك باعتبار أن هذه التحقيقات مسؤولية الحكومة اليمنية، ولكن يمكنهم أن يحضروا هذه التحقيقات، وإذا كانت لديهم أسئلة تطرح عبر المحققين اليمنيين. * هل كشفت التحقيقات شيئاً مهماً يتعلق بالهجمات؟ - حقيقة لا أذكر بالنسبة إلى هذا الجانب الأمني، لكن بكل تأكيد، كان هناك تبادل مجموعة من المعلومات بين الجهازين الأمنيين. * انتظم التعاون بين الأجهزة الأمنية في البلدين، هل توقعت بوصفك وزير خارجية أن تخرج أميركا الجريحة في حملة تأديب تشمل أفغانستان، ثم تمتد إلى العراق؟ - كنا ندرك تماماً أن الجرح الأميركي عميق من حادثة 11 سبتمبر، لكن لم أكُن أتوقع أن أميركا ستتسرع في الإجراءات التي اتخذتها. أعتقد أن التسرع ورّط أميركا في المراحل اللاحقة لهذا القرار. * هل كان الرئيس صالح يشعر بأن أميركا مهمة جداً لكنها مقلقة سواء بوصفها خصماً أو حليفاً؟ - نعم بكل تأكيد. الرئيس علي عبد الله صالح في زيارته إلى أميركا كان يدرك خطورة الموقف الأميركي على اليمن وعلى المنطقة، وهذا ظاهر في مواقفه بكثير من القضايا العربية؛ سواء القضية الفلسطينية أو العدوان على العراق فيما بعد. ولهذا حاولنا أن نتجنب أي مواقف تستفز الولايات المتحدة. كان همنا في ذلك الوقت أن نجنب اليمن المخاطر. رسالة صالح الأخيرة إلى صدام * هاجمت أميركا أفغانستان وأسقطت نظام طالبان، هل شعرتم بالقلق حين تبين أنها تندفع باتجاه غزو العراق؟ - أعتقد هذا جاء بمرحلة لاحقة في 2003، وكان لأسباب أخرى غير مرتبطة بأفغانستان، ولكن أعتقد أنها في إطار شعور أميركا بأنها تريد مزيداً من الهيمنة على المنطقة، وسياستها ومصالحها والأحداث التي تدور في المنطقة بعد 2001. كان هناك استهداف للأنظمة العربية، ولهذا جاءوا بمشروع الشرق الأوسط الكبير وغيره من الأفكار المتعددة والفوضى الخلاقة التي تبنتها (وزيرة الخارجية الأميركية السابقة) كوندوليزا رايس. وكانت كل الدول العربية تشعر بقلق مما تقوم به أميركا في المنطقة. ولهذا، حتى في الجامعة العربية، نحن بوصفنا وزراء خارجية في ذلك الوقت، كنا نرى كيف نرسل الرسائل إلى أميركا بأن العرب ليسوا كما يتوقعون. يقولون إنهم راعون للإرهاب وغير ذلك، وإن المجموعة العربية مع محاربة الإرهاب ومع الإصلاحات السياسية والاقتصادية في بلدانها. * اقترب الغزو الأميركي للعراق، ماذا فعل الرئيس علي عبد الله صالح؟ وماذا فعلتم بوصفكم دولة يمنية؟ - دورنا كان من خلال الجامعة العربية أولاً، إذ كان يهمنا أن يكون الموقف العربي موحداً في مواجهة العدوان الأميركي على العراق، وللأسف كان هناك انقسام في مواقف الدول العربية. والخطوة الثانية كانت كيفية إقناع صدام حسين بتجنب تعريض العراق للعدوان الأميركي. وكنت أنا آخر من ذهب إلى العراق يحمل رسالة إلى صدام حسين، قبل نحو شهر ونصف الشهر أو شهرين من العدوان، لأبلغه بهذه الرسالة؛ يجب أن تحافظ على العراق وعلى إنجازاتك في العراق، وتجنبه العدوان. * رسالة من الرئيس علي عبد الله صالح؟ - نعم. * وسلمتها للرئيس صدام حسين؟ - نعم سلمتها للرئيس صدام حسين. * ماذا كان رده؟ - صدام حسين في رده لي قال: أولاً الشكر للرئيس صالح ودعمه وحرصه على العراق، ولكن قال إن هذه معركة كرامة الأمة، وعلينا أن ندفع الثمن دفاعاً عن كرامة الأمة. والرسالة إلى الرئيس صالح أنه يتمنى عليه أن يحافظ هو على الوحدة اليمنية. * ماذا كان مضمون الرسالة؟ هل تضمنت اقتراحاً ليقوم به صدام حسين؟ - أن يلبي مطالب الأمم المتحدة التي تتبناها أميركا طبعاً. * ألم يُظهر مرونة؟ - لم يبدِ استعداداً لهذا، وكان يعدّ ذلك مساساً بكرامة الأمة، أن يقوم العراق بقبول المطالب الأميركية في ذلك الوقت. * بمَ شعرت بوصفك وزير خارجية حينما أجابك بأن هذه معركة الدفاع عن كرامة الأمة؟ هل شعرت بالخطر على العراق؟ - بكل تأكيد. أولاً أنا بعدما تحدثت إليه بالصفة الرسمية، قلت له أريد أن أتحدث إليك بصفة المواطن العربي إلى قائد عربي، وقلت له: نحن ندرك أن هذه معركة كرامة الأمة، ولكنها أيضاً تتطلب الحكمة في مواجهة هذا العدوان، ولا نريد للعراق أن يخسر كل ما حققه الآن من تنمية وبناء المؤسسات وقدرات عسكرية... إلخ، وبالتالي المعركة لن تنتهي بالعدوان على العراق وقد ندفع ثمنها جميعاً بوصفنا عرباً. فقال: لكن، علينا في العراق أن نتحمل هذه المسؤولية. * من التقيت أيضاً في بغداد؟ - لم ألتقِ بغير الرئيس. * نقلت رد صدام حسين إلى علي عبد الله صالح، فماذا كان تعليق الرئيس اليمني؟ - الرئيس كان متألماً للرد، لأنه شعر بأن العراق سيتعرض للعدوان، وما ينتج عن هذا العدوان. * بمَ يشعر وزير خارجية عربي حينما يلتقي بالرئيس صدام حسين؟ - الشعور بأنك أمام قائد عربي حقق لبلده كثيراً من الإنجازات، لكن قرار السلم والحرب، كما هي الحال ربما في كل عالمنا العربي، مرتبط بشخص واحد. وأعتقد أن هذه القضية في كثير من الأمور التي نعاني منها، عندما تتخذ القرارات من شخص واحد من دون الأخذ بإسهام المؤسسات المعنية العسكرية والأمنية والسياسية في اتخاذ مثل هذا القرار. * هل كان لديك مثل هذا الشعور حيال غزو الكويت، بأن التفرد بالقرار يقود إلى كوارث؟ - بكل تأكيد، لأن كل القضايا التي تحدث الآن في عالمنا العربي هي المأساة نفسها. * هل هذا الميل إلى التفرد نتيجة شعور القادة بأنهم مكلفون بمهمات تاريخية؟ هل كان علي عبد الله صالح متفرداً بالقرار؟ - أحياناً كان متفرداً، لكن أعتقد أن هذا كان بعد تجربة الحكم والخلافات والحروب التي وقعت. بدأ بتجربة الحوار الوطني لكي يوحّد القوى السياسية، ويكون هناك شركاء في اتخاذ القرار، لكن تظل هناك أحياناً قرارات فردية. * هل قال علي عبد الله صالح شيئاً عن صدام حسين، إنه عنيد أو متفرد...؟ هذه مسائل للتاريخ. - لم يقُل هذا الكلام صراحة، لكن أعتقد أنه شعر بأن صدام حسين أخطأ بهذا القرار. * بدأ غزو العراق، كيف كان مزاج علي عبد الله صالح، وأنت وزير خارجية يجب أن تتصرف؟ - حينها كانت هناك أشهر من النقاش قبل العدوان في الجامعة العربية وبين الدول العربية، وكانت هناك مجموعة من الدول العربية التي تحاول أن تحد من هذا العدوان، وهناك دول، لا أريد أن أقول مشجعة، إنما لا تريد أن تدخل في موقف ضد الموقف الأميركي. كنا، في اليمن نعد أنفسنا للعدوان بأنه سيحدث، وبالنسبة إلينا اعتبرناه كارثة، لذلك أرسل الرئيس أكثر من مبعوث قبل أن أذهب أنا مباشرة قبل العدوان. * انهار نظام صدام حسين، هل خشي علي عبد الله صالح على مصيره؟ - لا. * لكنه شعر بالقلق عندما شاهد صدام حسين يعدم، وقال كلاماً علنياً، هل تذكر ذلك؟ - أذكر، وكنت يومها في عمان ولم أكن في صنعاء، أن هذا الحدث كان له تأثير شديد على علي عبد الله صالح. أولاً بالإعدام الذي تم يوم العيد، وشعور الرئيس صالح بأن هذا فيه نوع من روح الانتقام والحقد الشديد على صدام حسين، لأننا كنا نتمنى أن تكون المحاكمة عادلة، وأن يكون الحكم وتنفيذه أكثر إنسانية. * نقل عنه قوله في قمة عربية، وكنت تشارك في القمم بحكم منصبك، إنه حين يحلق جارك بلّ دقنك، وهذا ما حصل لصدام حسين قد يحصل لآخرين. - ما قاله هو قبل أن يحلقوا رأسك احلق رأسك أنت، وكان يقصد أنه قبل أن يفرض عليك الآخرون، اتخذ أنت القرار بإصلاح الأمور. صالح وصدام: كيمياء خاصة * ما سر هذه العلاقة الشخصية القوية بين علي عبد الله صالح وصدام؟ هل هي مشاركة اليمن في الحرب العراقية - الإيرانية؟ - أعتقد أن المشاركة جاءت بناء على علاقة قوية سابقة بين الرئيسين. شخصياً أعتقد أنهما شخصيتان اتسمتا بالموقف القومي، وبموقف واضح من إسرائيل ومما تقوم به في فلسطين. كيمياؤهما كانت متوافقة وكانا قريبين بعضهما من بعض. * هل كان صدام حسين يساعد اليمن؟ - لا أستطيع أن أقول شيئاً في هذا، لأنني ليس لي علم. * لأن اليمن انخرط في اللقاء مع مصر والأردن والعراق في المجلس العربي؟ - نعم. * هل تعتقد أن هذا المجلس كان الهدف منه تغيير التوازنات في المنطقة؟ - أعتقد أنه من المؤسف أن العالم العربي تعرض لأزمات كثيرة. وكان كل واحد يعتقد أنه باجتهاد تشكيل مجالس متعددة... إما يهرب من العمل العربي المشترك، أو يفعّل للعمل العربي المشترك. لم يتحقق شيء من هذا، لأن هذه المجالس لم تحقق شيئاً على أرض الواقع. علاقة مميزة مع الملك عبد الله * بمن كانت للرئيس صالح علاقات قوية في تلك المرحلة، من الرؤساء والملوك؟ - أعتقد من القادة العرب، بعد توقيع اتفاقية الحدود مع المملكة العربية السعودية، كانت العلاقة مع الملك عبد الله متميزة جداً والثقة عالية جداً. وبعد تعييني وزيراً للخارجية، استطعت مع الأمير سعود (الفيصل) أن نرى كيف نترجم هذه الثقة بدعم اليمن مع وزراء آخرين من دول عربية، خصوصاً وزير الخارجية القطري حمد بن جاسم، ووزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد. هذه كلها جعلت العلاقة مع المملكة علاقة خاصة جداً ولفترة طويلة، إلى ربما 2008 عندما توقفت الحرب مع الحوثيين، وكانت السعودية طرفاً فيها. وهناك من نقل معلومات خاطئة إلى المملكة عن موقف الرئيس صالح من وقف الحرب، وبدأت العلاقات تتوتر قليلاً. هذا بالنسبة إلى الشخصيات العربية التي كانت أقرب إليه في تلك الفترة. من القادة الآخرين أعتقد ملس زيناوي، رئيس وزراء إثيوبيا، كانت له علاقة جيدة بالرئيس صالح. أولاً العلاقة التي كانت لهما شراكة فيها وهي موقفهما من إريتريا، واعتبارها تهديداً للاستقرار في المنطقة عندما هددت الجزر اليمنية، وحربها مع إثيوبيا أيضاً. * أسياس أفورقي رئيس إريتريا؟ - كانت علاقته طيبة به، لكن بعد حادثة الجزر توترت، ومع ذلك بعد أن حلت المسألة ودياً دخلنا نحن في اليمن لنحاول أن نرمم العلاقة بينهم وبين إثيوبيا، وذهبت أنا إلى البلدين مرات عدة لنحاول أن نوفق بينهما. * هل كانت هناك علاقة مع حافظ الأسد؟ - أثناء رئاستي لوزارة الخارجية، كانت العلاقة محدودة. * خلال الأحداث التي عاشتها سوريا، كنتم مؤيدين لموقف السلطة السورية ضد المعارضة؟ - هذه من الأمور التي كان صالح، سواء في العراق أو سوريا، يرى أن التدخل الخارجي في أي بلد عربي، في النهاية، يدمر ذلك البلد. * كيف كانت العلاقة بين صالح والقذافي؟ - فيها نوع من المماحكة السياسية. تعرف أن القذافي كان يعتقد أنه، بعد وفاة الرئيس جمال عبد الناصر، هو المكلف بأخذ الموقف الناصري والدفاع عن القومية العربية... إلخ، وكان صالح يرى أنه يبالغ في هذا الموقف بأنه القائد العربي. * كان صالح ظريفاً، هل كان يسخر من القذافي في مجالسه؟ - لا. لا أعتقد أنه كان يسخر، لكن كان ينتقد بعض مواقفه؛ مثل دعواته إلى الوحدة العربية بعد التجربة التي مرت بها الأمة العربية. * لماذا ساعد القذافي الحوثيين؟ - لا أدري ما هدفه، لكن ربما نوع من الضغط على صالح، أو نوع من الضغط على المملكة العربية السعودية. * هل قدم القذافي أسلحة للحوثيين أم أموالاً؟ - لا توجد لدي معلومات، هو كان على تواصل معهم. بوتين والصين... بوابة السلاح والاستثمار * رافقت الرئيس صالح في رحلات بهذا العالم، منها رحلة في زيارة فلاديمير بوتين، كيف كانت هذه الرحلة؟ - في الجانب الشخصي بين الاثنين، كانت العلاقة في منتهى الودية. وكان الرئيس بوتين يدرك الوضع السياسي الذي فيه صالح. كانت الزيارة في 2008، وكانت قد بدأت المشاكل مع الحوثيين وغيرهم. واليمن كان يعتمد في تسليحه على روسيا. كان هناك تعاون مع الرئيس بوتين لتلبية احتياجات اليمن، وكان هناك عرض عسكري في الوقت نفسه لأسلحة حديثة في روسيا، وأخذ الرئيس بوتين معه الرئيس صالح إلى العرض العسكري والمعرض والاستعراض، أي كان واضحاً أن الرئيس بوتين يعتبر صالح من الرؤساء العرب القريبين منه، ومن موسكو. * أعجب صالح بالرئيس بوتين؟ - جداً. * ماذا قال عنه؟ - أعتقد قال إنه سيعيد لروسيا دورها السابق. * بمن أعجب؟ كان صديقاً لصدام حسين وأعجب ببوتين، ألم يعجب بالزعماء الغربيين؟ - أعتقد ربما الرئيس الفرنسي فاليري جيسكار ديستان، وجورج بوش إلى حد ما. الرئيس التقاه أكثر من مرة، حتى إن الرئيس بوش في إحدى الزيارات أخذه لزيارة المنطقة التي يعيش فيها بالبيت الأبيض. لكن إجمالاً كان اهتمامه (صالح) الأكبر بالعالم العربي. * الصين. - الصين كانت مهمة بالنسبة له، وكانت واحدة من آخر زياراته إلى الصين وكنت معه، وكان يحاول فيها أن يفتح الباب أمام الصين للاستثمار في اليمن، وفعلاً كان هناك استعداد من الصين؛ لكن جاءت الأحداث. * هل كان يشعر بأهمية التجربة الآسيوية في هذا النهوض الاقتصادي؟ - هذه أحد الأشياء التي نوقشت، وكانت الصين مستعدة لإدخال اليمن ضمن طريق الحرير الذي كانت تخطط له، أن يكون اليمن محطة من محطاته، ووافقوا على تقديم مليار دولار بوصفها قرضاً لليمن لمشاريع، وكان الخلاف بعدها حول كيفية تسديد هذا المبلغ، والبرلمان للأسف عطل المشروع في ذلك الوقت. وزراء الخارجية العرب في ذاكرة القربي * تجربة مَن من وزراء الخارجية العرب استوقفتك؟ - أولاً طبعاً رحمه الله الأمير سعود الفيصل. * ماذا تقول عنه؟ - أقول عنه أولاً إنه تميز بالحكمة وتميز بالصبر عندما يسمع شيئاً لا يريحه، ويحاول دائماً الوصول إلى توافق للحلول. من الشخصيات الأخرى يوسف بن علوي أيضاً. قليل الكلام ولكن عندما يتكلم يسهم في بلورة الحل. الآخرون أيضاً مصطفى عثمان إسماعيل وزير خارجية السودان، أيضاً شخصية رائدة كانت معنا في قضية العراق، حرب العراق الثانية. علي التريكي كان قومي الانتماء، وكان أيضاً من الذين يتصدون لبعض المواقف التي كان القذافي يتبناها. * هل عرفت، مثلاً، وزير الخارجية الليبي السابق عبد الرحمن شلقم؟ - عرفته نعم وهو مثقف. أذكر دائماً في إحدى زياراتنا للقاهرة، كنا في حفلة عشاء، قام يعزف على العود ويغني لنا. * هل تعاملت مع عمرو موسى؟ وكيف كانت تجربتك معه؟ - نعم. أنا كنت أولاً من المعجبين بعمرو موسى وهو وزير خارجية لمصر، لأنه كان يتصدى لمواقف كانت أحياناً تتعارض مع رئاسة الجمهورية، خصوصاً فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وموقفه منها. وعندما عرفته في الجامعة العربية زاد إعجابي به، وأعتقد أنه من أفضل الأمناء العامين الذين عرفتهم الجامعة العربية على الأقل في عهدي، ليس بوصفي وزير خارجية؛ إنما من خلال متابعتي للجامعة العربية. كان دائماً متمسكاً بالثوابت العربية. طبعاً الجامعة العربية للأسف الشديد خاضعة لقرارات وزراء الخارجية وللدول المؤثرة بالذات، وكثير من القرارات التي تصدر منها لا يتحمل مسؤوليتها الأمين العام، إنما يتحمل مسؤوليتها وزراء الخارجية. * أنت طبيب، لكن من تحب من الشعراء العرب؟ - القدامى، والمتنبي. * لماذا تحب المتنبي؟ - لأن في أشعاره كثيراً من القيم المهمة والوقائع التي تمثل بالنسبة إليّ حكماً.

وزير الخارجية اليمني نقلت رسالة أخيرة إلى صدام فقال لي «هذه معركة كرامة الأمة» (1 من 2)
وزير الخارجية اليمني نقلت رسالة أخيرة إلى صدام فقال لي «هذه معركة كرامة الأمة» (1 من 2)

اليمن الآن

timeمنذ 15 ساعات

  • اليمن الآن

وزير الخارجية اليمني نقلت رسالة أخيرة إلى صدام فقال لي «هذه معركة كرامة الأمة» (1 من 2)

القربي لـ«الشرق الأوسط»: نقلت رسالة أخيرة إلى صدام فقال لي «هذه معركة كرامة الأمة» حين دوّت طائرات «القاعدة» في سماء نيويورك، هرع وزير الخارجية اليمني السابق أبو بكر القربي من برلين إلى صنعاء، للتعامل مع اللحظة التي غيرت وجه العالم. دفعت الهجمات - ضمن تداعياتها الكثيرة - الرئيس علي عبد الله صالح، إلى الانخراط الكامل في الحرب الأميركية ضد الإرهاب، بعد ترتيب زيارة سريعة إلى واشنطن لإقناع الرئيس السابق جورج بوش، بأن اليمن ليس بؤرةً لـ«القاعدة». في الحلقة الأولى من مقابلته مع «الشرق الأوسط»، يروي القربي الذي تولى منصبه في 4 أبريل (نيسان) 2001 وتركه في 2014، تجربته الطويلة وزيراً لخارجية بلد عاصف كاليمن. يعود إلى الفترة الملتهبة بين تفجير تنظيم «القاعدة» المدمرة الأميركية «يو إس إس كول» قبالة سواحل عدن في أكتوبر (تشرين الأول) 2000، وغزو العراق، مروراً برسالته الأخيرة إلى صدام حسين الذي رفض اقتراحاً من صالح بالتعاون مع المطالب الأممية، قائلاً إن «هذه معركة كرامة الأمة وسندفع ثمنها». وفيما يلي نص الحلقة: * أول استحقاق كبير واجهتموه كان هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 في نيويورك وواشنطن. أين كنت في ذلك اليوم؟ وكيف استقبلت الخبر؟ - كنت في زيارة رسمية إلى برلين، وكنا على مأدبة غداء مع وزير خارجية ألمانيا في ذلك الوقت، وفوجئنا بالخبر. كنا نستعد لرحلة على النهر ولحفل استقبال دعوت إليه شخصيات ألمانية والسفارات العربية وغيرها، وفوجئنا بالخبر المزعج فتسمرنا أمام التلفزيون نتابع ما يجري، وقررنا إلغاء الحفل. * كيف استقبل الرئيس علي عبد الله صالح خبر هجمات 11 سبتمبر؟ - لا أستطيع أن أجيب عن هذا السؤال لأنني لم أكن موجوداً (في اليمن) حينها. لكن فيما بعد، القضية كانت مزعجة جداً لنا، خصوصاً بعد حادثة «كول» في عدن. عندما حدث ذلك، وضع اليمن على أنه بؤرة لـ«القاعدة» وللإرهاب، وبالتالي كنا نقيّم تبعات الحادث في نيويورك على النظرة إلى اليمن. * عندما رجعت من ألمانيا التقيت الرئيس، وكان هذا الموضوع البند الأول في المناقشات. هل كان يعدّه خطراً وقد يرتب على اليمن تبعات؟ - نعم بكل تأكيد، ليس فقط على اليمن، إنما على المنطقة كلها. ولكن كنا ننظر كيف نجنب اليمن تبعات ما يجري، ولهذا كانت أول خطوة اتخذناها هي ترتيب زيارة سريعة للأخ الرئيس إلى واشنطن، وكان هو من أول القادة الواصلين إلى واشنطن في نوفمبر (تشرين الثاني) من ذلك العام، والتقى بالرئيس جورج بوش. «مواجهة» صالح وبوش في البيت الأبيض * كيف كان اللقاء بين الرئيسين؟ - يمكن أن أصفه بأنه نوع من المواجهة من قبل الرئيس لإقناع الرئيس بوش بأن اليمن ليس بؤرة للإرهاب، وبالتالي لا يتحمل تبعات حادثة 11 سبتمبر. * هل اتهمه بوش؟ - لا، لم يتهمه. أشار الرئيس بوش إلى أنهم حريصون على محاربة الإرهاب، وأهمية دور اليمن في محاربة الإرهاب، وأن هناك إرهابيين في اليمن. وأعتقد في نهاية المطاف، فإن الرئيس صالح احتوى الموضوع بقوله إن اليمن سيكون شريكاً مع المجتمع الدولي في مكافحة الإرهاب، وبدأت العلاقة... * هل طلب من اليمن طلبات محددة؟ - في ذلك الوقت لا، لكن فيما بعد اعتقد أن الهدف الرئيسي كان كيف يتم التعاون في مكافحة عناصر «القاعدة» داخل اليمن. * هل اتخذ اليمن إجراءات جدية آنذاك؟ - بكل تأكيد. اتخذ إجراءات تعقب الجماعات التي ارتكبت حادثة تفجير المدمرة، واعتقلت الأجهزة الأمنية بعضهم. وبدأت تحقيقات معهم، وكانت الولايات المتحدة تطالب بأن تشارك في هذه التحقيقات، إلا أن اليمن رفض ذلك باعتبار أن هذه التحقيقات مسؤولية الحكومة اليمنية، ولكن يمكنهم أن يحضروا هذه التحقيقات، وإذا كانت لديهم أسئلة تطرح عبر المحققين اليمنيين. * هل كشفت التحقيقات شيئاً مهماً يتعلق بالهجمات؟ - حقيقة لا أذكر بالنسبة إلى هذا الجانب الأمني، لكن بكل تأكيد، كان هناك تبادل مجموعة من المعلومات بين الجهازين الأمنيين. * انتظم التعاون بين الأجهزة الأمنية في البلدين، هل توقعت بوصفك وزير خارجية أن تخرج أميركا الجريحة في حملة تأديب تشمل أفغانستان، ثم تمتد إلى العراق؟ - كنا ندرك تماماً أن الجرح الأميركي عميق من حادثة 11 سبتمبر، لكن لم أكُن أتوقع أن أميركا ستتسرع في الإجراءات التي اتخذتها. أعتقد أن التسرع ورّط أميركا في المراحل اللاحقة لهذا القرار. * هل كان الرئيس صالح يشعر بأن أميركا مهمة جداً لكنها مقلقة سواء بوصفها خصماً أو حليفاً؟ - نعم بكل تأكيد. الرئيس علي عبد الله صالح في زيارته إلى أميركا كان يدرك خطورة الموقف الأميركي على اليمن وعلى المنطقة، وهذا ظاهر في مواقفه بكثير من القضايا العربية؛ سواء القضية الفلسطينية أو العدوان على العراق فيما بعد. ولهذا حاولنا أن نتجنب أي مواقف تستفز الولايات المتحدة. كان همنا في ذلك الوقت أن نجنب اليمن المخاطر. رسالة صالح الأخيرة إلى صدام * هاجمت أميركا أفغانستان وأسقطت نظام «طالبان»، هل شعرتم بالقلق حين تبين أنها تندفع باتجاه غزو العراق؟ - أعتقد هذا جاء بمرحلة لاحقة في 2003، وكان لأسباب أخرى غير مرتبطة بأفغانستان، ولكن أعتقد أنها في إطار شعور أميركا بأنها تريد مزيداً من الهيمنة على المنطقة، وسياستها ومصالحها والأحداث التي تدور في المنطقة بعد 2001. كان هناك استهداف للأنظمة العربية، ولهذا جاءوا بمشروع «الشرق الأوسط الكبير» وغيره من الأفكار المتعددة و«الفوضى الخلاقة» التي تبنتها (وزيرة الخارجية الأميركية السابقة) كوندوليزا رايس. وكانت كل الدول العربية تشعر بقلق مما تقوم به أميركا في المنطقة. ولهذا، حتى في الجامعة العربية، نحن بوصفنا وزراء خارجية في ذلك الوقت، كنا نرى كيف نرسل الرسائل إلى أميركا بأن العرب ليسوا كما يتوقعون. يقولون إنهم راعون للإرهاب وغير ذلك، وإن المجموعة العربية مع محاربة الإرهاب ومع الإصلاحات السياسية والاقتصادية في بلدانها. * اقترب الغزو الأميركي للعراق، ماذا فعل الرئيس علي عبد الله صالح؟ وماذا فعلتم بوصفكم دولة يمنية؟ - دورنا كان من خلال الجامعة العربية أولاً، إذ كان يهمنا أن يكون الموقف العربي موحداً في مواجهة العدوان الأميركي على العراق، وللأسف كان هناك انقسام في مواقف الدول العربية. والخطوة الثانية كانت كيفية إقناع صدام حسين بتجنب تعريض العراق للعدوان الأميركي. وكنت أنا آخر من ذهب إلى العراق يحمل رسالة إلى صدام حسين، قبل نحو شهر ونصف الشهر أو شهرين من العدوان، لأبلغه بهذه الرسالة؛ يجب أن تحافظ على العراق وعلى إنجازاتك في العراق، وتجنبه العدوان. * رسالة من الرئيس علي عبد الله صالح؟ - نعم. * وسلمتها للرئيس صدام حسين؟ - نعم سلمتها للرئيس صدام حسين. * ماذا كان رده؟ - صدام حسين في رده لي قال: أولاً الشكر للرئيس صالح ودعمه وحرصه على العراق، ولكن قال إن هذه معركة كرامة الأمة، وعلينا أن ندفع الثمن دفاعاً عن كرامة الأمة. والرسالة إلى الرئيس صالح أنه يتمنى عليه أن يحافظ هو على الوحدة اليمنية. * ماذا كان مضمون الرسالة؟ هل تضمنت اقتراحاً ليقوم به صدام حسين؟ - أن يلبي مطالب الأمم المتحدة التي تتبناها أميركا طبعاً. * ألم يُظهر مرونة؟ - لم يبدِ استعداداً لهذا، وكان يعدّ ذلك مساساً بكرامة الأمة، أن يقوم العراق بقبول المطالب الأميركية في ذلك الوقت. * بمَ شعرت بوصفك وزير خارجية حينما أجابك بأن هذه معركة الدفاع عن كرامة الأمة؟ هل شعرت بالخطر على العراق؟ - بكل تأكيد. أولاً أنا بعدما تحدثت إليه بالصفة الرسمية، قلت له أريد أن أتحدث إليك بصفة المواطن العربي إلى قائد عربي، وقلت له: نحن ندرك أن هذه معركة كرامة الأمة، ولكنها أيضاً تتطلب الحكمة في مواجهة هذا العدوان، ولا نريد للعراق أن يخسر كل ما حققه الآن من تنمية وبناء المؤسسات وقدرات عسكرية... إلخ، وبالتالي المعركة لن تنتهي بالعدوان على العراق وقد ندفع ثمنها جميعاً بوصفنا عرباً. فقال: لكن، علينا في العراق أن نتحمل هذه المسؤولية. * من التقيت أيضاً في بغداد؟ - لم ألتقِ بغير الرئيس. * نقلت رد صدام حسين إلى علي عبد الله صالح، فماذا كان تعليق الرئيس اليمني؟ - الرئيس كان متألماً للرد، لأنه شعر بأن العراق سيتعرض للعدوان، وما ينتج عن هذا العدوان. * بمَ يشعر وزير خارجية عربي حينما يلتقي بالرئيس صدام حسين؟ - الشعور بأنك أمام قائد عربي حقق لبلده كثيراً من الإنجازات، لكن قرار السلم والحرب، كما هي الحال ربما في كل عالمنا العربي، مرتبط بشخص واحد. وأعتقد أن هذه القضية في كثير من الأمور التي نعاني منها، عندما تتخذ القرارات من شخص واحد من دون الأخذ بإسهام المؤسسات المعنية العسكرية والأمنية والسياسية في اتخاذ مثل هذا القرار. * هل كان لديك مثل هذا الشعور حيال غزو الكويت، بأن التفرد بالقرار يقود إلى كوارث؟ - بكل تأكيد، لأن كل القضايا التي تحدث الآن في عالمنا العربي هي المأساة نفسها. * هل هذا الميل إلى التفرد نتيجة شعور القادة بأنهم مكلفون بمهمات تاريخية؟ هل كان علي عبد الله صالح متفرداً بالقرار؟ - أحياناً كان متفرداً، لكن أعتقد أن هذا كان بعد تجربة الحكم والخلافات والحروب التي وقعت. بدأ بتجربة الحوار الوطني لكي يوحّد القوى السياسية، ويكون هناك شركاء في اتخاذ القرار، لكن تظل هناك أحياناً قرارات فردية. * هل قال علي عبد الله صالح شيئاً عن صدام حسين، إنه عنيد أو متفرد...؟ هذه مسائل للتاريخ. - لم يقُل هذا الكلام صراحة، لكن أعتقد أنه شعر بأن صدام حسين أخطأ بهذا القرار. * بدأ غزو العراق، كيف كان مزاج علي عبد الله صالح، وأنت وزير خارجية يجب أن تتصرف؟ - حينها كانت هناك أشهر من النقاش قبل العدوان في الجامعة العربية وبين الدول العربية، وكانت هناك مجموعة من الدول العربية التي تحاول أن تحد من هذا العدوان، وهناك دول، لا أريد أن أقول مشجعة، إنما لا تريد أن تدخل في موقف ضد الموقف الأميركي. كنا، في اليمن نعد أنفسنا للعدوان بأنه سيحدث، وبالنسبة إلينا اعتبرناه كارثة، لذلك أرسل الرئيس أكثر من مبعوث قبل أن أذهب أنا مباشرة قبل العدوان. * انهار نظام صدام حسين، هل خشي علي عبد الله صالح على مصيره؟ - لا. * لكنه شعر بالقلق عندما شاهد صدام حسين يعدم، وقال كلاماً علنياً، هل تذكر ذلك؟ - أذكر، وكنت يومها في عمان ولم أكن في صنعاء، أن هذا الحدث كان له تأثير شديد على علي عبد الله صالح. أولاً بالإعدام الذي تم يوم العيد، وشعور الرئيس صالح بأن هذا فيه نوع من روح الانتقام والحقد الشديد على صدام حسين، لأننا كنا نتمنى أن تكون المحاكمة عادلة، وأن يكون الحكم وتنفيذه أكثر إنسانية. * نقل عنه قوله في قمة عربية، وكنت تشارك في القمم بحكم منصبك، إنه «حين يحلق جارك بلّ دقنك»، وهذا ما حصل لصدام حسين قد يحصل لآخرين. - ما قاله هو «قبل أن يحلقوا رأسك احلق رأسك أنت»، وكان يقصد أنه قبل أن يفرض عليك الآخرون، اتخذ أنت القرار بإصلاح الأمور. صالح وصدام: «كيمياء» خاصة * ما سر هذه العلاقة الشخصية القوية بين علي عبد الله صالح وصدام؟ هل هي مشاركة اليمن في الحرب العراقية - الإيرانية؟ - أعتقد أن المشاركة جاءت بناء على علاقة قوية سابقة بين الرئيسين. شخصياً أعتقد أنهما شخصيتان اتسمتا بالموقف القومي، وبموقف واضح من إسرائيل ومما تقوم به في فلسطين. كيمياؤهما كانت متوافقة وكانا قريبين بعضهما من بعض. * هل كان صدام حسين يساعد اليمن؟ - لا أستطيع أن أقول شيئاً في هذا، لأنني ليس لي علم. * لأن اليمن انخرط في اللقاء مع مصر والأردن والعراق في المجلس العربي؟ - نعم. * هل تعتقد أن هذا المجلس كان الهدف منه تغيير التوازنات في المنطقة؟ - أعتقد أنه من المؤسف أن العالم العربي تعرض لأزمات كثيرة. وكان كل واحد يعتقد أنه باجتهاد تشكيل مجالس متعددة... إما يهرب من العمل العربي المشترك، أو يفعّل للعمل العربي المشترك. لم يتحقق شيء من هذا، لأن هذه المجالس لم تحقق شيئاً على أرض الواقع. علاقة مميزة مع الملك عبد الله * بمن كانت للرئيس صالح علاقات قوية في تلك المرحلة، من الرؤساء والملوك؟ - أعتقد من القادة العرب، بعد توقيع اتفاقية الحدود مع المملكة العربية السعودية، كانت العلاقة مع الملك عبد الله متميزة جداً والثقة عالية جداً. وبعد تعييني وزيراً للخارجية، استطعت مع الأمير سعود (الفيصل) أن نرى كيف نترجم هذه الثقة بدعم اليمن مع وزراء آخرين من دول عربية، خصوصاً وزير الخارجية القطري حمد بن جاسم، ووزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد. هذه كلها جعلت العلاقة مع المملكة علاقة خاصة جداً ولفترة طويلة، إلى ربما 2008 عندما توقفت الحرب مع الحوثيين، وكانت السعودية طرفاً فيها. وهناك من نقل معلومات خاطئة إلى المملكة عن موقف الرئيس صالح من وقف الحرب، وبدأت العلاقات تتوتر قليلاً. هذا بالنسبة إلى الشخصيات العربية التي كانت أقرب إليه في تلك الفترة. من القادة الآخرين أعتقد ملس زيناوي، رئيس وزراء إثيوبيا، كانت له علاقة جيدة بالرئيس صالح. أولاً العلاقة التي كانت لهما شراكة فيها وهي موقفهما من إريتريا، واعتبارها تهديداً للاستقرار في المنطقة عندما هددت الجزر اليمنية، وحربها مع إثيوبيا أيضاً. * أسياس أفورقي رئيس إريتريا؟ - كانت علاقته طيبة به، لكن بعد حادثة الجزر توترت، ومع ذلك بعد أن حلت المسألة ودياً دخلنا نحن في اليمن لنحاول أن نرمم العلاقة بينهم وبين إثيوبيا، وذهبت أنا إلى البلدين مرات عدة لنحاول أن نوفق بينهما. * هل كانت هناك علاقة مع حافظ الأسد؟ - أثناء رئاستي لوزارة الخارجية، كانت العلاقة محدودة. * خلال الأحداث التي عاشتها سوريا، كنتم مؤيدين لموقف السلطة السورية ضد المعارضة؟ - هذه من الأمور التي كان صالح، سواء في العراق أو سوريا، يرى أن التدخل الخارجي في أي بلد عربي، في النهاية، يدمر ذلك البلد. * كيف كانت العلاقة بين صالح والقذافي؟ - فيها نوع من المماحكة السياسية. تعرف أن القذافي كان يعتقد أنه، بعد وفاة الرئيس جمال عبد الناصر، هو المكلف بأخذ الموقف الناصري والدفاع عن القومية العربية... إلخ، وكان صالح يرى أنه يبالغ في هذا الموقف بأنه القائد العربي. * كان صالح ظريفاً، هل كان يسخر من القذافي في مجالسه؟ - لا. لا أعتقد أنه كان يسخر، لكن كان ينتقد بعض مواقفه؛ مثل دعواته إلى الوحدة العربية بعد التجربة التي مرت بها الأمة العربية. * لماذا ساعد القذافي الحوثيين؟ - لا أدري ما هدفه، لكن ربما نوع من الضغط على صالح، أو نوع من الضغط على المملكة العربية السعودية. * هل قدم القذافي أسلحة للحوثيين أم أموالاً؟ - لا توجد لدي معلومات، هو كان على تواصل معهم. بوتين والصين... بوابة السلاح والاستثمار * رافقت الرئيس صالح في رحلات بهذا العالم، منها رحلة في زيارة فلاديمير بوتين، كيف كانت هذه الرحلة؟ - في الجانب الشخصي بين الاثنين، كانت العلاقة في منتهى الودية. وكان الرئيس بوتين يدرك الوضع السياسي الذي فيه صالح. كانت الزيارة في 2008، وكانت قد بدأت المشاكل مع الحوثيين وغيرهم. واليمن كان يعتمد في تسليحه على روسيا. كان هناك تعاون مع الرئيس بوتين لتلبية احتياجات اليمن، وكان هناك عرض عسكري في الوقت نفسه لأسلحة حديثة في روسيا، وأخذ الرئيس بوتين معه الرئيس صالح إلى العرض العسكري والمعرض والاستعراض، أي كان واضحاً أن الرئيس بوتين يعتبر صالح من الرؤساء العرب القريبين منه، ومن موسكو. * أعجب صالح بالرئيس بوتين؟ - جداً. * ماذا قال عنه؟ - أعتقد قال إنه سيعيد لروسيا دورها السابق. * بمن أعجب؟ كان صديقاً لصدام حسين وأعجب ببوتين، ألم يعجب بالزعماء الغربيين؟ - أعتقد ربما الرئيس الفرنسي فاليري جيسكار ديستان، وجورج بوش إلى حد ما. الرئيس التقاه أكثر من مرة، حتى إن الرئيس بوش في إحدى الزيارات أخذه لزيارة المنطقة التي يعيش فيها بالبيت الأبيض. لكن إجمالاً كان اهتمامه (صالح) الأكبر بالعالم العربي. * الصين. - الصين كانت مهمة بالنسبة له، وكانت واحدة من آخر زياراته إلى الصين وكنت معه، وكان يحاول فيها أن يفتح الباب أمام الصين للاستثمار في اليمن، وفعلاً كان هناك استعداد من الصين؛ لكن جاءت الأحداث. * هل كان يشعر بأهمية التجربة الآسيوية في هذا النهوض الاقتصادي؟ - هذه أحد الأشياء التي نوقشت، وكانت الصين مستعدة لإدخال اليمن ضمن طريق الحرير الذي كانت تخطط له، أن يكون اليمن محطة من محطاته، ووافقوا على تقديم مليار دولار بوصفها قرضاً لليمن لمشاريع، وكان الخلاف بعدها حول كيفية تسديد هذا المبلغ، والبرلمان للأسف عطل المشروع في ذلك الوقت. وزراء الخارجية العرب في ذاكرة القربي * تجربة مَن من وزراء الخارجية العرب استوقفتك؟ - أولاً طبعاً رحمه الله الأمير سعود الفيصل. * ماذا تقول عنه؟ - أقول عنه أولاً إنه تميز بالحكمة وتميز بالصبر عندما يسمع شيئاً لا يريحه، ويحاول دائماً الوصول إلى توافق للحلول. من الشخصيات الأخرى يوسف بن علوي أيضاً. قليل الكلام ولكن عندما يتكلم يسهم في بلورة الحل. الآخرون أيضاً مصطفى عثمان إسماعيل وزير خارجية السودان، أيضاً شخصية رائدة كانت معنا في قضية العراق، حرب العراق الثانية. علي التريكي كان قومي الانتماء، وكان أيضاً من الذين يتصدون لبعض المواقف التي كان القذافي يتبناها. * هل عرفت، مثلاً، وزير الخارجية الليبي السابق عبد الرحمن شلقم؟ - عرفته نعم وهو مثقف. أذكر دائماً في إحدى زياراتنا للقاهرة، كنا في حفلة عشاء، قام يعزف على العود ويغني لنا. * هل تعاملت مع عمرو موسى؟ وكيف كانت تجربتك معه؟ - نعم. أنا كنت أولاً من المعجبين بعمرو موسى وهو وزير خارجية لمصر، لأنه كان يتصدى لمواقف كانت أحياناً تتعارض مع رئاسة الجمهورية، خصوصاً فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وموقفه منها. وعندما عرفته في الجامعة العربية زاد إعجابي به، وأعتقد أنه من أفضل الأمناء العامين الذين عرفتهم الجامعة العربية على الأقل في عهدي، ليس بوصفي وزير خارجية؛ إنما من خلال متابعتي للجامعة العربية. كان دائماً متمسكاً بالثوابت العربية. طبعاً الجامعة العربية للأسف الشديد خاضعة لقرارات وزراء الخارجية وللدول المؤثرة بالذات، وكثير من القرارات التي تصدر منها لا يتحمل مسؤوليتها الأمين العام، إنما يتحمل مسؤوليتها وزراء الخارجية. * أنت طبيب، لكن من تحب من الشعراء العرب؟ - القدامى، والمتنبي. * لماذا تحب المتنبي؟ - لأن في أشعاره كثيراً من القيم المهمة والوقائع التي تمثل بالنسبة إليّ حكماً.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store