logo
عمَّان وإربد تتألَّقان في تصنيف (QS) لأفضل المُدن الطُّلابيَّة

عمَّان وإربد تتألَّقان في تصنيف (QS) لأفضل المُدن الطُّلابيَّة

عمون٢٥-٠٧-٢٠٢٥
أتابع باهتمام التطورات التي تشهدها الساحة الأكاديمية على الصعيدين الإقليمي والدولي، وفي هذا السياق، يأتي إعلان تصنيف (QS) لأفضل المدن الطلابية لعام (2026) ليسلط الضوء على مكانة الأردن المتنامية كوجهة تعليمية رائدة، حيث حققت مدينتا عمَّان وإربد إنجازًا لافتًا يستحق التقدير والتحليل، إذ يُعد دخول مدن أردنية هذا التصنيف، وتحقيق إحداها مرتبة متقدمة ليس مجرد أرقام، بل هو شهادة على الجهود المستمرة والمدروسة التي تبذلها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ومؤسساتها، والجهات المعنية في المملكة.
فقد توَّجَ التصنيف (QS) العاصمة الأردنية عمَّان كأفضل مدينة طلابية على مستوى المدن العربية، محققةً المرتبة (64) عالميًا، والثانية في الشرق الأوسط متقدمةً عليها مدينة إسطنبول بقليلٍ من النقاط، وفرضت مدينة إربد عروس الشمال وجودها بحصولها على ترتيب (150) عالميًا في إنجاز لا يقل أهمية أغفلتهُ وكالات الأنباء المحلية، التي لم تشر إليه في أخبارها، فمجرد دخولها هذا الترتيب يُعد إنجازًا كبيرًا، خاصة أنَّ العديد من المدن التعليمية العالمية لم تتمكن من الحصول على أي ترتيب فيه. هذا الإنجاز ليس وليد الصدفة، بل تأكيدًا على أنَّ الجهود المبذولة في الأردن لا تقتصر على العاصمة فحسب، إنما تمتد لتشمل مدنًا أخرى ذات ثقلٍ أكاديمي.
يُعد هذا التصنيف الذي يصدر سنويًا، مؤشرًا دوليًا هامًا على جودة البيئة التعليمية والحياتية، فقد تفوقت عمَّان فيه على العديد من المدن الإقليمية الكبرى معززةً مكانتها كوجهة تعليمية رائدة في المنطقة، وجاء الترتيب العربي للمدن على النحو الآتي: عمَّان (64)، القاهرة (71)، دبي (75)، الشارقة (76)، أبو ظبي (80)، الرياض (84)، الدوحة (85)، بيروت (97)، العين (107)، جدة (122)، وبكل تأكيد يُسعدنا وجود مزيدٍ من مُدُنِنا العربية والإقليمية، ونرجو تقدمها في هذا التصنيف أيضًا.
يعتمدُ تصنيف (QS) على عدة معايير دقيقة تشمل جودة التعليم في الجامعات وسمعتها الأكاديمية، وتنوع جنسيات الطلاب ونسبة الطلبة الدوليين، بالإضافة إلى مستوى الأمان، وجودة الحياة، وتكلفة المعيشة والدراسة، ورأي الطلاب الذين خاضوا التجربة التعليمية في المدينة، إلى جانب قوة سمعة الخريجين في سوق العمل. هذه المعايير تُبرز أن الإنجاز الذي حققته المدينتان نتيجة لعملٍ مُتكامل يراعي مختلف جوانب التجربة الطلابية، ويؤكد على أن الجهود الجدية التي تبذلها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وجامعات أردنية لمؤشر واضح على وعيها بأهمية استقطاب طلبة جدد وزيادة أعدادهم، إضافةً إلى تأهيل البيئات التعليمية والخَدمية المناسبة في الأردنّ ضمن خطتها؛ لتعزيز التكاملية والشمولية في التخطيط الاستراتيجي.
لِفَهمٍ أعمق لكيفية تحريك مؤشرات تصنيف (QS) لصالح المدن الأردنية؛ يجب أن نُلقي نظرة على دليل المفاضلة في أهم معيارين حصلت فيهما المدينتان على ترتيب عالٍ وآخر متدنٍ، وهما: مؤشر (Desirability) و(Affordability)، فكل إزاحة ولو بنقطة مئوية لأي مؤشر تُحدث فارقًا يتراوح ما بين (5) إلى (10) مراكز عالمية في هذا التصنيف.
مؤشر (Affordability): يُعد عاملاً حاسمًا في جذب الطلبة الدوليين، ويشمل عدة جوانب أهمها، أولًا (الأعلى وزنًا): (Tuition Fees Score) ، يُقاس بمتوسط الرسوم الجامعية للبرامج في المدينة، ويمكن تحسين هذا المؤشر من خلال توسيع المِنح الحكومية للطلبة الدوليين الدارسين في كلتا المدينتين، وإطلاق خطط دفع مَرِن (installments) أو خصومات للدفع المبكر، إضافة إلى إنشاء صندوق طوارئ لدعم الطلبة الدوليين في الأزمات، أو عند العجز عن السداد. ثانيًا: (Cost of Living Score)، الذي يُقاس بتكلفة الاستئجار والبقالة والمطاعم والنقل، يمكن تحسينه بتوفير سكن جامعيّ مدعوم بنسبة (30-50%) من كلفته، وعقد اتفاقيات مع المتاجر والمطاعم والمواصلات العامة لتقديم خصومات للمجموعات، وأيضًا إنشاء منصة رقمية خاصة بالطلبة الدوليين، تضم عروضًا خاصة بهم لكل أنواع الخدمات التي يحتاجونها. ثالثًا: (Big Mac Score)، الذي يُقاس بالقدرة الشرائية مقارنةً بأسعار المدن العالمية، حيث يُمكن تحسينه باصدار تخفيضٍ ضريبي على السلع الأساسية للطلاب.
مؤشر (Desirability) الخاص بجاذبية المدينتين وبيئتيهما، الذي حال دون إحرازهما تقدما دوليًا أعلى، وهو مقسم إلى عدة فئات: مؤشرات البيئة والصحة مثل: (Climate Score) يُمكنُ ضبطه بزيادة المساحات الخضراء، وتظليل الشوارع داخل الحرم الجامعي، و(Pollution Score) فقد خطا الأردنّ بجدية إلى خفض الانبعاثات واستخدام الطاقة البديلة، و(Healthcare Score) ويُعنى بشمولهم بالتأمين الصحي الجامعي. أما فئة مؤشرات الأمان والبنية التحتية، فتتلخص بتعزيز الشعور بالأمان، من خلال تقديم توعية بدور الشرطة والأمن الجامعي بتوفير حماية، وإيجاد حلول خاصة لهم بربطهم في تطبيق أو رقم أمني يُعزِّز شعورهم بالأمان. وتُعد فئة مؤشرات السمعة والجاذبية الذاتية من المؤشرات المهمة وسهلة التطبيق، بإشراك الطلبة ذاتهم بحملات تسويقية دولية، أو بتسجيل فيديوهات قصيرة تنشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وإشراكم في ندوات ومؤتمرات أكاديمية عالمية، وعقد اتفاقيات مع منح دولية مثل (Flagship) وغيرها، ويُذكر أن الوزارة متجهة بقوة نحو هذا المنحى، يُرصد ذلك من خلال شراكتها الحقيقية مع (Erasmus).
في الحقيقة القائمة طويلة واختصرت الكثير منها، لكنني مجبر على ذكر أهمية إصدار بطاقة طالب لغايات التسوق، والخصومات الخاصة بالمطاعم والمقاهي والمسارح والمعارض والمتاحف والنقل وغيرها من خدمات، علاوةً على توفير نقاط لقاء ليلي آمنة ومهرجانات ثقافية، وإمكانية الإقامة في الأردنّ لعام بعد التخرج لطلبة برامج الدراسات، فهي مؤشرات تُعظم نقاط الانطباعات الشخصية لديهم.
كنتُ قد تطرقتُ في مقالتين سابقتين نشرتهما في صحيفة عمُّون إلى جوانب مهمة تتعلق بمكانة الأردنّ كوجهة للتعليم العالي، التي تتقاطع بشكل مباشر أو غير مباشر مع منهجية تصنيف (QS) لأفضل المدن الطلابية؛ حيث أكدتُ على أن الأردن يمتلك مقومات تتيح له فرصة التحول إلى مركز إقليمي ودولي للدراسة في برامجه الأكاديمية، واستعرضتُ مكانة الأردنّ كوجهة أكاديمية مرموقة تستقطب آلاف الطلبة الدوليين، وأشرتُ إلى الجهود الاستثنائية لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي في تعزيز صورة الأردنّ التعليمية إقليميًا وعالميًا، وهو ما يتجسد اليوم في الإنجازات التي حققتها عمَّان وإربد في تصنيف (QS)، وهذا يؤكد على أن العمل المنهجي والمدروس المبني على فهم عميق للمؤشرات العالمية؛ هو السبيل لتحقيق التميز والريادة في هذا المجال.
هذا إنجاز يدعو للفخر، ويؤكد على أن الأردنّ يسير في الاتجاه الصحيح نحو تعزيز مكانته كمركز إقليمي ودولي للتعليم العالي، إنه لاستثمارٌ في مستقبل الأردن؛ فهو لا يساهم فقط في رفد الاقتصاد الوطني بالعملة الصعبة، بل يعزز أيضًا القوى الناعمة للمملكة، ويجعل منها منارةً للعلم والمعرفة في المنطقة والعالم، ومع التزام القيادة الحكيمة لجلالة الملك عبد الله بن الحسين و ولي عهده سمو الأمير حسين بن عبد الله بدعم التعليم وتجويده وعالميته، فضلًا عن الجهود الدؤوبة للمؤسسات التعليمية المكملة؛ فإن الأردن مهيأ لتحقيق المزيد من الإنجازات في هذا المجال الحيوي.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

د. محمد الرصاعي : عمان أفضل المدن الطلابية
د. محمد الرصاعي : عمان أفضل المدن الطلابية

أخبارنا

timeمنذ 5 أيام

  • أخبارنا

د. محمد الرصاعي : عمان أفضل المدن الطلابية

أخبارنا : حازت عاصمتنا الحبيبة عمان المرتبة (64) عالمياً في قائمة أفضل المدن الطلابية، والأولى على مستوى أفريقيا والشرق الأوسط،متقدمة على مدن الإقليم كالقاهرة، وأنقرة، ودبي.وظهر هذا الترتيب في تصنيف (QS) العالمي والذي يُفرد مؤشراً خاصاً بالمدن الطلابية، حيث يعتمد هذا المؤشر منهجية محددة ومعايير واضحة للتقييم، في مقدمتها التصنيف الدولي لمؤسسات التعليم العالي الموجودة في المدينة، حيث يشترط أن تضم المدينة على الأقل مؤسستين تعليميتين ظهرتا في التصنيف العالمي للجامعات، ويتم منح الدرجة للمدينة في هذا الجانب وفق عدد الجامعات التي حصدت مراكز في التصنيف العالمي، وترتيب هذه المؤسسات عالميًّا.ويأتي التنوع الطلابي الموجود في المدينة ضمن المعايير المتبعة أيضًا، فالمدن التي تضم عدداً كبيراً من الطلبة تكون مؤهلة لإستقطابهم عبر توفيرها جميع المرافق التي يحتاجونها، كما أن المدن التي تحتضن عدداً كبيراً من الطلبة الدوليين تنجح في استدامة بيئة اجتماعية وثقافية مناسبة لهم، ويؤشر كذلك عدد الطلبة الدوليين قياساً للعدد الكلي في المؤسسات التعليمية في المدينة إلى قدرة المدينة على الإحتواء والتنوع الثقافي، والمرونة الإجتماعية التي تستوعب الطيف الثقافي العريض. استجابة المدينة الطلابية لمتطلبات التنوع الثقافي ومقدار العولمة التي توفرها تشكل المعيار الأهم في استقطاب الطلبة الدوليين، إلى جانب عوامل أخرى كجودة الحياة والتي تقاس بمستوى الخدمات الصحية والتعليمية، ومستوى الآمان، وخدمات الترفيه المتعددة، والبيئة الحضرية والطبيعية الجاذبة. ويهتم مؤشر المدن الطلابية بالقدرة التشغيلية للمدينة أو ما يسمى السمعة التوظيفية للخريجين، ويعتمد هذا المعيار على استقطاب المدينة للمشغلين أو أرباب العمل في كافة المجالات ذات الصلة بالبرامج الدراسية المتاحة، وتشترك في تحقيق هذا المعيار إلى جانب المؤسسات التعليمية، مؤسسات الدولة من الوزارات والدوائر التي تحفز فرص الإستثمار والصناعة، إضافة إلى المؤسسات الطبية والتجارية والسياحية التي تعمل في كافة أرجاء المدينة، ويتأتى ذلك من خلال تشريعات وقوانين ناظمة تتسق والمستجدات في سوق العمل والتوظيف. إلى جانب ما سبق من المعايير يبرز معيار التكلفة الاقتصادية للدراسة والعيش داخل المدينة، من جهة الرسوم الدراسية المفروضة على الطلبة الدوليين، وكذلك تكاليف المعيشة داخل المدينة والتي تقاس وفق مقاييس دولية متعددة كمقياس أو مؤشر (Big Mac)، ومؤشر (iPad) وهي مؤشرات ذات صلة بالتكلفة المعيشية وجودة الحياة. انَّ حصول مدينة عمان على هذا الترتيب المتقدم جاء نتيجة جهود كبيرة تبذلها المؤسسات التعليمية والجامعات الأردنية، وهي جهود تراكمية أسست لسمعة طيبة للتعليم العالي الأردني، كما كانت البيئة الإجتماعية في الأردن الحاضنة والتربة الخصبة لتنامي هذه الجهود، وقد ساهم تطوير البنية الحضرية والمدنية في العاصمة عمان في تكثيف الإستقطاب للطلبة الدوليين وجعلها وجهة مرغوبة لديهم، وهذا يرتب على الحكومة وكافة مؤسسات الدولة أعباء إضافية، ومواصلة العمل لتحقيق المعايير الدولية للمدن الجاذبة للطلبة، حتى تبقى عمان والمدن الأردنية ذات ألق وحضور دولي، ووجهة ذات أولوية للسياحة التعليمية لدى الطلبة من كافة أرجاء المعمورة.

الاتحاد للطيران تستقبل أول طائرة إيرباص A321LR لها في أبوظبي
الاتحاد للطيران تستقبل أول طائرة إيرباص A321LR لها في أبوظبي

البوابة

timeمنذ 6 أيام

  • البوابة

الاتحاد للطيران تستقبل أول طائرة إيرباص A321LR لها في أبوظبي

وصلت أول طائرة إيرباص A321LR تابعة للاتحاد للطيران إلى مطار أبوظبي الدولي عند الساعة السابعة من مساء يوم أمس الجمعة، وهي تنقل الرحلة رقم EY3210، حيث حظيت بترحيب حار من موظفي الاتحاد وممثلين عن الجهات المعنية الرئيسية الذين تجمعوا للاحتفال بهذه اللحظة التاريخية. وقد تجمّع الموظفون على مدرج المطار مع هبوط طائرة A321LR، ليلقوا نظرة خاطفة على هذه الطائرة الجديدة المنضمة إلى الأسطول، والتي تُعيد تعريف مفهوم السفر على متن الطائرات ذات الممر الواحد. احتفال بالابتكار استعرض حفل الترحيب الميزات الرائدة للطائرة أمام الموظفين والجهات المعنية، بما في ذلك أجنحة الدرجة الأولى ضيقة البدن، الأولى من نوعها في قطاع الطيران، والمزودة بأبواب منزلقة وأسرّة مسطحة، إضافة إلى مقصورة درجة الأعمال المميزة بتصميم متعرج. وسلّط العرض الضوء على كيفية توفير الاتحاد للطيران نقل رفاهية الطائرات عريضة البدن على الرحلات القصيرة والمتوسطة. وكان فريق العمليات الأرضية، وطاقم الضيافة، وموظفو الصيانة من بين أول من اطلع على التصميم المبتكر للطائرة، حيث اختبروا رحابة المقصورات، وخدمة الواي فاي عالية السرعة، ووسائل الراحة المتميزة التي ستُسعد الضيوف المسافرين مع الاتحاد للطيران قريبًا. الجهوزية للخدمة يدعم وصول الطائرة EY3210 زخم النمو الاستثنائي للاتحاد للطيران، مع إطلاق أو الإعلان عن 27 وجهة جديدة هذا العام. ومن المقرر أن تصل تسع طائرات إضافية من طراز A321LR خلال عام 2025، وهو ما يعزز مكانة أبوظبي كمركز عالمي للطيران ويدعم رؤية شركة الطيران لعام 2030 التي تهدف إلى نقل 38 مليون مسافر سنوياً.

عمَّان وإربد تتألَّقان في تصنيف (QS) لأفضل المُدن الطُّلابيَّة
عمَّان وإربد تتألَّقان في تصنيف (QS) لأفضل المُدن الطُّلابيَّة

عمون

time٢٥-٠٧-٢٠٢٥

  • عمون

عمَّان وإربد تتألَّقان في تصنيف (QS) لأفضل المُدن الطُّلابيَّة

أتابع باهتمام التطورات التي تشهدها الساحة الأكاديمية على الصعيدين الإقليمي والدولي، وفي هذا السياق، يأتي إعلان تصنيف (QS) لأفضل المدن الطلابية لعام (2026) ليسلط الضوء على مكانة الأردن المتنامية كوجهة تعليمية رائدة، حيث حققت مدينتا عمَّان وإربد إنجازًا لافتًا يستحق التقدير والتحليل، إذ يُعد دخول مدن أردنية هذا التصنيف، وتحقيق إحداها مرتبة متقدمة ليس مجرد أرقام، بل هو شهادة على الجهود المستمرة والمدروسة التي تبذلها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ومؤسساتها، والجهات المعنية في المملكة. فقد توَّجَ التصنيف (QS) العاصمة الأردنية عمَّان كأفضل مدينة طلابية على مستوى المدن العربية، محققةً المرتبة (64) عالميًا، والثانية في الشرق الأوسط متقدمةً عليها مدينة إسطنبول بقليلٍ من النقاط، وفرضت مدينة إربد عروس الشمال وجودها بحصولها على ترتيب (150) عالميًا في إنجاز لا يقل أهمية أغفلتهُ وكالات الأنباء المحلية، التي لم تشر إليه في أخبارها، فمجرد دخولها هذا الترتيب يُعد إنجازًا كبيرًا، خاصة أنَّ العديد من المدن التعليمية العالمية لم تتمكن من الحصول على أي ترتيب فيه. هذا الإنجاز ليس وليد الصدفة، بل تأكيدًا على أنَّ الجهود المبذولة في الأردن لا تقتصر على العاصمة فحسب، إنما تمتد لتشمل مدنًا أخرى ذات ثقلٍ أكاديمي. يُعد هذا التصنيف الذي يصدر سنويًا، مؤشرًا دوليًا هامًا على جودة البيئة التعليمية والحياتية، فقد تفوقت عمَّان فيه على العديد من المدن الإقليمية الكبرى معززةً مكانتها كوجهة تعليمية رائدة في المنطقة، وجاء الترتيب العربي للمدن على النحو الآتي: عمَّان (64)، القاهرة (71)، دبي (75)، الشارقة (76)، أبو ظبي (80)، الرياض (84)، الدوحة (85)، بيروت (97)، العين (107)، جدة (122)، وبكل تأكيد يُسعدنا وجود مزيدٍ من مُدُنِنا العربية والإقليمية، ونرجو تقدمها في هذا التصنيف أيضًا. يعتمدُ تصنيف (QS) على عدة معايير دقيقة تشمل جودة التعليم في الجامعات وسمعتها الأكاديمية، وتنوع جنسيات الطلاب ونسبة الطلبة الدوليين، بالإضافة إلى مستوى الأمان، وجودة الحياة، وتكلفة المعيشة والدراسة، ورأي الطلاب الذين خاضوا التجربة التعليمية في المدينة، إلى جانب قوة سمعة الخريجين في سوق العمل. هذه المعايير تُبرز أن الإنجاز الذي حققته المدينتان نتيجة لعملٍ مُتكامل يراعي مختلف جوانب التجربة الطلابية، ويؤكد على أن الجهود الجدية التي تبذلها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وجامعات أردنية لمؤشر واضح على وعيها بأهمية استقطاب طلبة جدد وزيادة أعدادهم، إضافةً إلى تأهيل البيئات التعليمية والخَدمية المناسبة في الأردنّ ضمن خطتها؛ لتعزيز التكاملية والشمولية في التخطيط الاستراتيجي. لِفَهمٍ أعمق لكيفية تحريك مؤشرات تصنيف (QS) لصالح المدن الأردنية؛ يجب أن نُلقي نظرة على دليل المفاضلة في أهم معيارين حصلت فيهما المدينتان على ترتيب عالٍ وآخر متدنٍ، وهما: مؤشر (Desirability) و(Affordability)، فكل إزاحة ولو بنقطة مئوية لأي مؤشر تُحدث فارقًا يتراوح ما بين (5) إلى (10) مراكز عالمية في هذا التصنيف. مؤشر (Affordability): يُعد عاملاً حاسمًا في جذب الطلبة الدوليين، ويشمل عدة جوانب أهمها، أولًا (الأعلى وزنًا): (Tuition Fees Score) ، يُقاس بمتوسط الرسوم الجامعية للبرامج في المدينة، ويمكن تحسين هذا المؤشر من خلال توسيع المِنح الحكومية للطلبة الدوليين الدارسين في كلتا المدينتين، وإطلاق خطط دفع مَرِن (installments) أو خصومات للدفع المبكر، إضافة إلى إنشاء صندوق طوارئ لدعم الطلبة الدوليين في الأزمات، أو عند العجز عن السداد. ثانيًا: (Cost of Living Score)، الذي يُقاس بتكلفة الاستئجار والبقالة والمطاعم والنقل، يمكن تحسينه بتوفير سكن جامعيّ مدعوم بنسبة (30-50%) من كلفته، وعقد اتفاقيات مع المتاجر والمطاعم والمواصلات العامة لتقديم خصومات للمجموعات، وأيضًا إنشاء منصة رقمية خاصة بالطلبة الدوليين، تضم عروضًا خاصة بهم لكل أنواع الخدمات التي يحتاجونها. ثالثًا: (Big Mac Score)، الذي يُقاس بالقدرة الشرائية مقارنةً بأسعار المدن العالمية، حيث يُمكن تحسينه باصدار تخفيضٍ ضريبي على السلع الأساسية للطلاب. مؤشر (Desirability) الخاص بجاذبية المدينتين وبيئتيهما، الذي حال دون إحرازهما تقدما دوليًا أعلى، وهو مقسم إلى عدة فئات: مؤشرات البيئة والصحة مثل: (Climate Score) يُمكنُ ضبطه بزيادة المساحات الخضراء، وتظليل الشوارع داخل الحرم الجامعي، و(Pollution Score) فقد خطا الأردنّ بجدية إلى خفض الانبعاثات واستخدام الطاقة البديلة، و(Healthcare Score) ويُعنى بشمولهم بالتأمين الصحي الجامعي. أما فئة مؤشرات الأمان والبنية التحتية، فتتلخص بتعزيز الشعور بالأمان، من خلال تقديم توعية بدور الشرطة والأمن الجامعي بتوفير حماية، وإيجاد حلول خاصة لهم بربطهم في تطبيق أو رقم أمني يُعزِّز شعورهم بالأمان. وتُعد فئة مؤشرات السمعة والجاذبية الذاتية من المؤشرات المهمة وسهلة التطبيق، بإشراك الطلبة ذاتهم بحملات تسويقية دولية، أو بتسجيل فيديوهات قصيرة تنشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وإشراكم في ندوات ومؤتمرات أكاديمية عالمية، وعقد اتفاقيات مع منح دولية مثل (Flagship) وغيرها، ويُذكر أن الوزارة متجهة بقوة نحو هذا المنحى، يُرصد ذلك من خلال شراكتها الحقيقية مع (Erasmus). في الحقيقة القائمة طويلة واختصرت الكثير منها، لكنني مجبر على ذكر أهمية إصدار بطاقة طالب لغايات التسوق، والخصومات الخاصة بالمطاعم والمقاهي والمسارح والمعارض والمتاحف والنقل وغيرها من خدمات، علاوةً على توفير نقاط لقاء ليلي آمنة ومهرجانات ثقافية، وإمكانية الإقامة في الأردنّ لعام بعد التخرج لطلبة برامج الدراسات، فهي مؤشرات تُعظم نقاط الانطباعات الشخصية لديهم. كنتُ قد تطرقتُ في مقالتين سابقتين نشرتهما في صحيفة عمُّون إلى جوانب مهمة تتعلق بمكانة الأردنّ كوجهة للتعليم العالي، التي تتقاطع بشكل مباشر أو غير مباشر مع منهجية تصنيف (QS) لأفضل المدن الطلابية؛ حيث أكدتُ على أن الأردن يمتلك مقومات تتيح له فرصة التحول إلى مركز إقليمي ودولي للدراسة في برامجه الأكاديمية، واستعرضتُ مكانة الأردنّ كوجهة أكاديمية مرموقة تستقطب آلاف الطلبة الدوليين، وأشرتُ إلى الجهود الاستثنائية لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي في تعزيز صورة الأردنّ التعليمية إقليميًا وعالميًا، وهو ما يتجسد اليوم في الإنجازات التي حققتها عمَّان وإربد في تصنيف (QS)، وهذا يؤكد على أن العمل المنهجي والمدروس المبني على فهم عميق للمؤشرات العالمية؛ هو السبيل لتحقيق التميز والريادة في هذا المجال. هذا إنجاز يدعو للفخر، ويؤكد على أن الأردنّ يسير في الاتجاه الصحيح نحو تعزيز مكانته كمركز إقليمي ودولي للتعليم العالي، إنه لاستثمارٌ في مستقبل الأردن؛ فهو لا يساهم فقط في رفد الاقتصاد الوطني بالعملة الصعبة، بل يعزز أيضًا القوى الناعمة للمملكة، ويجعل منها منارةً للعلم والمعرفة في المنطقة والعالم، ومع التزام القيادة الحكيمة لجلالة الملك عبد الله بن الحسين و ولي عهده سمو الأمير حسين بن عبد الله بدعم التعليم وتجويده وعالميته، فضلًا عن الجهود الدؤوبة للمؤسسات التعليمية المكملة؛ فإن الأردن مهيأ لتحقيق المزيد من الإنجازات في هذا المجال الحيوي.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store