logo
الجواسيس.. معضلة عربية أجهدت إيران

الجواسيس.. معضلة عربية أجهدت إيران

الصحراءمنذ 4 ساعات

ما أن طفت على السطح، كارثة الجواسيس الإيرانيين، الذين كانوا سبباً في تلك الضربة قاصمة الظهر، التي تلقتها طهران في بداية العدوان الإسرائيلي قبل أسبوعين، إلا وكان حديث الشارع العربي، عن حجم هذه الظاهرة في الدول العربية بشكل عام، خصوصاً تلك الدول التي فتحت أبوابها للعدو، يتجول فيها رعاياه بأريحية بالغة، تحت مسميات عديدة، من بينها السفارة والقنصلية والملحقية، والسياحة والتجارة والصناعة، والفنون والمجون، حتى وصل الأمر إلى التملك والتجنس، والتزاور والتزاوج، وما خفي كان أعظم، من تنسيق أمني وتعاون عسكري، ولقاءات رسمية، سرية وعلنية.
في مصر أصبحت الأحاديث الأكثر جدلًا، تدور حول مدى تغلغل الطابور الخامس في الشأن المصري، سياسياً واقتصاديا واجتماعياً، والأهم تكنولوجياً وعسكرياً، مع الوضع في الاعتبار ما عانته مصر طوال تاريخها، من هذه المعضلة، منذ الحملة الفرنسية، بقيادة نابليون بونابرت، عام 1798، وتشكيل طابور خامس طائفي مسلح، بهدف استقلال الصعيد، بقيادة المعلم يعقوب، حتى عام 1967 عندما قصف العدو الإسرائيلي كل المطارات والقواعد العسكرية في توقيت متزامن، أدى إلى الهزيمة الساحقة، وما رافق ذلك من روايات جاسوسية عديدة مثيرة، تناولتها قصص ودراما العدو، بالتزامن مع الدراما المصرية حول اختراق الجانب الآخر في كل المجالات أيضاً، على الرغم من عدم وجود علاقات من أي نوع في ذلك الوقت، واعتبار أي تعامل مع العدو، خطاً أحمر، على خلاف ما جرى ويجري منذ توقيع اتفاقية السلام، عام 1979، حتى الآن.
لاشك أن إيران، قد تضررت كثيراً على كل المستويات، بسبب هؤلاء الجواسيس أو الخونة، سواء كانوا من حملة الجنسية الإيرانية أو غيرهم، ولم يكن العدوان الحالي هو بداية المأساة، ذلك أنه تم قتل الكثير من العلماء الإيرانيين خلال العقد الماضي بشكل خاص، إلا أن اغتيال عدد كبير من القادة العسكريين وعلماء الذرة والكيمياء أخيراً، جاء بمثابة الصاعقة التي توقفت أمامها كل الأجهزة، لتبحث في مساحة شاسعة من الأرض عن أي أثر لهؤلاء وأولئك، وقد توجت الجهود بالإمساك بنحو سبعمئة منهم، إلا أن السلطات الإيرانية لم تعلن حتى الآن عن انتهاء الأزمة، بما يعني أن البحث ما زال مستمراً عن كثيرين أيضاً ما زالوا طلقاء.
في مصر أصبحت الأحاديث تدور حول مدى تغلغل الطابور الخامس في الشأن المصري، سياسياً واقتصاديا واجتماعياً، والأهم تكنولوجياً وعسكرياً، مع الوضع في الاعتبار ما عانته مصر طوال تاريخها
خلال العقود الأربعة الماضية، دخل الصهاينة العديد من البلدان العربية بشكل رسمي واضح، بعد أن كانوا يدخلونها في السابق متخفين بجوازات سفر صادرة من أقطار مختلفة، أوروبية وأمريكية بشكل خاص، تستقبلهم بعض الدول العربية حالياً كسائحين، والبعض الآخر كمستثمرين وتجار، وتطور الأمر إلى أن أصبحوا من أصحاب الدار، مثلما شاهدناهم ضيوفاً، أياماً وليالي آمنين، في بيوت عربية خليجية بشكل خاص، في إطار عمليات تزاور متبادل بين الأسر، وهو ما لم يكن أحد يتوقعه، في أفضل حالات التفاؤل، ما دامت الأرض العربية الفلسطينية محتلة، والمسجد الأقصى أسيراً.
تعلمنا من التاريخ أن الصهاينة في كل مكان لا أمان لهم، وتعلمنا من العقيدة أن اليهود لا عهد لهم، وعلمتنا السياسة أن أطماع إسرائيل من النيل إلى الفرات، وتعلمنا من الواقع أن طموحاتهم في احتلال الأراضي العربية بلا حدود، أضف إلى كل ذلك أنهم لا يتورعون عن القتل والعنف على مدار الساعة، لا فرق في استهداف طفل وشاب، أو رجل وامرأة، ما من بلد في العالم، على امتداد التاريخ، إلا وطُردوا منه، نتيجة أفعالهم الربوية والتخريبية، وهاهم يعيثون الآن في الأقطار العربية فساداً، يرتعون في منتجعاتنا هروباً من نار الحرب، في وطن اغتصبوه عنوة، وإلا لكانوا تشبثوا به دفاعاً عنه.
في المحروسة مصر تحديداً، الأمر جد خطير، الطابور الخامس متنوع الديانات والأيديولوجيات والعواصم والطوائف، قد يكونوا من اللا دينيين الملحدين، أو المثليين الذين لا ينتمون للأوطان، أيضاً من الدينيين الذين ينتمون لمذاهب وهابية أو تكفيرية، أو المتمردين الأقباط، أو من جماعة كوبانهاغن دراويش إسرائيل، أو المتأمركين المنتفعين بالمنح والعطايا، وقد يكونوا من جماعات حقوقية اتهمتهم الدولة كثيراً في هذا الشأن، نتيجة تلقيهم هبات مالية غربية وأمريكية كبيرة، أو من المرتشين بتأشيرات الحج والعمرة، أو ببطاقات الإقامة في دبي أو أبوظبي، قد يكونوا سياسيين وإعلاميين وفنانين بالدرجة الأولى، أو رجال مال وأعمال واستثمار، هم أيضاً في مواقع سلطوية كبيرة، المؤكد أنهم متواجدون في كل مكان، حتى أن بعضهم يشار إليهم بالبنان.
الأزمة أو الكارثة الإيرانية، تخللتها اختراقات حاسوبية تكنولوجية كبيرة، كما كشفت عن مصانع لإنتاج طائرات بدون طيار، وتصنيع صواريخ وقنابل ومتفجرات وما إلى ذلك، ناهيك عن برامج تجسس مشتركة بين «موساد» إسرائيل و «راو» الهند بشكل خاص، من خلال العمالة الهندية في كل من إسرائيل وإيران، بل وفي الخليج بشكل عام، حيث يقيم 4،3 مليون عامل هندي في دولة الإمارات وحدها، وما رافق ذلك من رادارات إسرائيلية فوق الأبراج، وسيرفرات هندية في المكاتب الرسمية، وهو الأمر الذي جعل من الحالة الإيرانية أمراً معقداً، سوف يستنزف الكثير من الوقت والجهد، إلى حين التوصل إلى أحشاء أو عصب هذه الكارثة، التي أشارت فيها أصابع الاتهام إلى لاجئين أفغان أيضاً.
الأسئلة التي يطرحها الشارع العربي، تدور في الدرجة الأولى، حول مدى سلامة معداتنا وأسلحتنا، وجميعها صناعة الغرب، في ضوء عملية «البيجر» الدموية التي شهدها لبنان في أيلول/ سبتمبر من العام الماضي، والتي استهدفت نحو أربعة آلاف من أعضاء حزب الله في توقيت واحد، أيضاً تدور حول مدى سلامة طائراتنا، التي يمكن تعطيلها على الأرض من خلال الشركات المصنعة، وراداراتنا التي قد تصبح بلا فاعلية ساعة الصفر، ودفاعاتنا الجوية التي قد تتحول إلى قطع من الخردة بين لحظة وأخرى، إلى غير ذلك من كثير، ناهيك عن المئات أو ربما الآلاف من أعضاء الطابور الخامس أو الجواسيس، على مختلف طوائفهم وأيديولوجياتهم، الذين يدعمون العدو بالمعلومات والإحداثيات، التي يمكنها تدمير أي بلد، أياً كانت قوته.
أعتقد أنه قد آن الأوان لإعادة النظر خليجياً، في حجم العمالة الآسيوية، خاصة الهندية منها، في ضوء ما أسفرت عنه أحداث إيران، إعادة النظر في وجود العمالة الأجنبية عموماً، في المواقع ذات الصلة بالاقتصاد والتجارة والصناعة والسلاح والتدريب، إعادة النظر في عمالة الخدم في منازل المسؤولين ومكاتبهم، في الوقت نفسه إعادة النظر عربياً في وجود هذا العدد الهائل من اللاجئين، خصوصاً في مصر التي تتحدث عن نحو تسعة ملايين لاجئ، معظمهم من الأفارقة، لسبب ودون سبب، إعادة النظر عربياً في برامج الحاسوب والهواتف المستخدمة على نطاق واسع، في كل المواقع الحكومية والسيادية والأمنية والعسكرية، دون تحصين.
على الجانب الآخر، أعتقد أنه بات ضرورياً، إعادة التأكيد الجماعي، من خلال جامعة الدول العربية، على أن إسرائيل ما هي إلا كيان سرطاني خبيث، في المنطقة العربية، سوف يُجتث عاجلاً أو آجلاً، بما يعني أن دخول رعايا الكيان إلى البلدان العربية، تحت أي مسمى، أمر خطير، لا يصب أبداً في الصالح العام، أو الاستقرار والأمان، وهو ما يوجب تضمين ذلك في المناهج الدراسية، ودور العبادة، والبرامج والدراما التليفزيونية، ما دامت الأرض العربية الفلسطينية محتلة، وما دام العدوان مستمرا على الأشقاء في كل من فلسطين ولبنان واليمن وسوريا.
أعتقد أن الحرب العربية في مواجهة الجواسيس في الداخل، لا تقل خطورة أو أهمية عن مواجهة العدو بالسلاح على جبهات القتال، ذلك أن تجذُر هذا الوباء في الداخل العربي معناه، خسارة أي حرب على الفور، وهو ما يوجب الاعتراف بالكارثة، دون أن نضع رؤوسنا في الرمال، مع الوضع في الاعتبار أن العدو لا يتورع عن الإقرار بهذه الحالة، بل على العكس، يتشدق بين الحين والآخر بهذا الاختراق لكل الأنظمة العربية دون استثناء، حتى أصبح يتدخل في الشأن الداخلي لهذا النظام أو ذاك، بحكم أدوات ضغط عديدة، قد تكون الولايات المتحدة في مقدمتها، إلا أن الطابور الخامس المنتشر في كل الأركان، قد يكون أكثر تأثيراً وفاعلية في معظم الأحيان.
ربما عادت هذه المواجهة مع العدو الصهيوني بالفائدة على إيران، في ما يتعلق بكشف هذه القضية بالدرجة الأولى، ومن ثم دقت جرس الإنذار للعالم العربي بأسره، الذي يجب أن يتعامل معها على الفور، على المسارين الفردي والجماعي في آن واحد، من خلال عمليات تطهير واسعة النطاق، دون رحمة أو شفقة، ذلك أن الثمن يصبح باهظاً، حال التباطؤ والتخاذل، تسدده الأوطان من دماء أبنائها، الذين لا ذنب لهم، سوى أنهم خدموا الوطن بشرف ونزاهة، مع الوضع في الاعتبار أننا أمام عدو يجاهر بأطماعه وعدوانيته، وقد حانت ساعة المواجهة، التي لا فرار منها، بعد أن تصدر الشعب الفلسطيني المشهد، بما يقارب الـ60 ألف شهيد.
نقلا عن القدس العربي

هاشتاغز

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

أزمة جديدة تهدد اللحوم البيضاء في تونس.. الإنتاج وفير والطلب ضعيف!
أزمة جديدة تهدد اللحوم البيضاء في تونس.. الإنتاج وفير والطلب ضعيف!

تونسكوب

timeمنذ 14 دقائق

  • تونسكوب

أزمة جديدة تهدد اللحوم البيضاء في تونس.. الإنتاج وفير والطلب ضعيف!

وأوضح غريب خلال تدخله في اذاعة ''الديوان''، أن الأسعار بدأت في الانخفاض منذ منتصف رمضان الفارط واستمرّت بفعل الإنتاج الذي بلغ ما بين 13500 و 14 ألف طن شهريًا ، إضافة إلى توريد كميات هامة من اللحوم المجمدة و بيض التفقيس ، والتي ما زالت كميات كبيرة منها مخزنة إلى الآن. كما أشار إلى أن تراجع القدرة الشرائية لدى المستهلك زاد الطين بلّة، ما أثر بشكل مباشر على حركة السوق وعمّق الأزمة. وشدد على ضرورة تدخل الدولة عبر وزارتي الفلاحة والتجارة ، من أجل تعديل السوق وضبط استراتيجية وطنية تدعم المذابح والمنتجين، لضمان استقرار منظومة اللحوم البيضاء وإنقاذها من الانهيار.

اتفاق سلام بين رواندا والكونغو الديمقراطية ينهي صراعًا دام 30 عاماً
اتفاق سلام بين رواندا والكونغو الديمقراطية ينهي صراعًا دام 30 عاماً

جوهرة FM

timeمنذ 22 دقائق

  • جوهرة FM

اتفاق سلام بين رواندا والكونغو الديمقراطية ينهي صراعًا دام 30 عاماً

وقعت رواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية اتفاق سلام بوساطة أميركية وقطرية، اليوم الجمعة في واشنطن، مما عزز الآمال في إنهاء القتال الذي استمر نحو 30 عاما وأسفر عن مقتل الآلاف وتشريد مئات آلاف آخرين منذ بداية العام. ويمثل الاتفاق انفراجة في المحادثات التي أجرتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب التي تهدف أيضا إلى جذب استثمارات غربية بمليارات الدولارات إلى منطقة غنية بالتنتالوم والذهب والكوبالت والنحاس والليثيوم ومعادن أخرى. وفي احتفال حضره وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو بمقر الوزارة، وقع وزيرا خارجية البلدين على الاتفاق الذي يتعهدان فيه بتنفيذ اتفاق عام 2024 الذي يقضي بانسحاب القوات الرواندية من شرق الكونغو في غضون 90 يوما، وفقا لنسخة وقعها بالأحرف الأولى فريقان فنيان الأسبوع الماضي. وجاء في هذا الاتفاق أن البلدين سيطلقان أيضا إطارا للتكامل الاقتصادي الإقليمي في غضون 90 يوما.

شوقي الطبيب: 'تمّت إحالتي على دائرة قضايا الفساد المالي بسبب خطأ مادي'
شوقي الطبيب: 'تمّت إحالتي على دائرة قضايا الفساد المالي بسبب خطأ مادي'

جوهرة FM

timeمنذ 22 دقائق

  • جوهرة FM

شوقي الطبيب: 'تمّت إحالتي على دائرة قضايا الفساد المالي بسبب خطأ مادي'

أفاد رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد سابقا شوقي الطبيب أنه أحيل على الدائرة القضائية المختصة في قضايا الفساد المالي بتونس منذ يومين بسبب "خطإ مادي" في إعداد تقرير للهيئة تم توجيهه سنة 2020 إلى جهات معنية بنشر التقرير ومنها مجلس نواب الشعب. وأضاف في بلاغ تلقت (وات) نسخة منه مساء اليوم الجمعة أن الإحالة "لا علاقة لها بشبهات سوء تصرف أو فساد مالي خلال رئاسته للهيئة". وقال "إن الخطأ المادي في تقرير هيئة مكافحة الفساد تم تكييفه من قبل دائرة الإتهام على أنه "تزييف" بينما هو "خطأ مادي تسرب في التقرير ... يتعلق باسم شركة كان مسؤول حكومي سابق وكيلا لها خلال تقلده مهامه في الدولة في مخالفة صريحة منه للقانون". وأضاف رئيس هيئة مكافحة الفساد السابقة أن "الخطأ " في تقرير الهيئة الذي تم تكييفه تدليسا " كان عن حسن نية من طرف محرره" (التقرير). وقال إن "محاميه دفع بالحصانة التي منحها القانون لرئيس هيئة مكافحة الفساد فيما يتعلق بأعمال التقصي التي يتعهد بها لكن القضاء لم يجب عن الدفع"، معربا عن استغرابه لهذا الموقف. وكانت دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف المختصة في قضايا الفساد المالي قررت إحالة شوقي الطبيب رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد سابقا على الدائرة الجنائية المختصة في قضايا الفساد المالي بالمحكمة الابتدائية بتونس ورفضت رفع تحجير السفر عليه وحفظت التهم في حق متهم ثان لعدم كفاية الأدلة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store