logo

بين السيطرة والاعتراف: قراءة نقدية لبنية مقال آرييه كاتسوفيتش! خالد عطية

ساحة التحريرمنذ 2 أيام

بين السيطرة والاعتراف: قراءة نقدية لبنية مقال آرييه كاتسوفيتش!
خالد عطية*
هل بات الاعتراف بدولة فلسطينية، في بعض الطروحات الإسرائيلية الليبرالية، أداة لإعادة ترميم النظام الاستعماري بدل تفكيكه؟
وهل ما يُسمى بـ'السلام الاقتصادي' ليس إلا إعادة تغليف ناعمة لمشروع السيطرة، يُفرّغ العدالة من معناها، ويستبدل التحرر بالامتثال .
في هذا المقال، أحاول أن أُمسك بخيط التحليل السياسي والفكري لأكشف كيف يُعاد تقديم 'حل الدولتين' في الخطاب الإسرائيلي الليبرالي، لا كمدخل حقيقي لتسوية عادلة، بل كفخ أخلاقي واستراتيجي مُحكم، يُعيد إنتاج بنية الاستعمار بأدوات ناعمة ولغة قانونية مغلّفة بالاعتدال. خطاب لا يهدف إلى إنهاء الهيمنة، بل إلى ترسيخها ضمن منظومة تنكر أصلًا الحق الفلسطيني في السيادة، وتصوغ 'الحل' بطريقة تُفرغ الدولة من معناها التحرري والسيادي .
في مقاله المنشور في صحيفة هآرتس، والذي تولّى ترجمته إلى العربية الأستاذ عارف لوباني، ونُشر لاحقًا على صفحات 'الملتقى الفلسطيني' ، لا يقترح آرييه كاتسوفيتش حلاً للصراع، بل صيغة مُحدّثة من منطق السيطرة، مغطاة بلغة القانون الدولي والبراغماتية السياسية. فالدولة الفلسطينية التي يقترحها ليست كيانًا سياديًا يُعبّر عن حق تقرير المصير، بل وظيفة أمنية–سياسية تُعاد هندستها لتكون جزءًا من منظومة الأمن الإقليمي لإسرائيل.
الطرح الذي يقدمه كاتسوفيتش ليس جديدًا في جوهره، بل هو امتداد لنفس البنية الاستعمارية التي أعادت إنتاج نفسها داخل نظام القانون الدولي بعد الحرب العالمية الثانية. ففي حين تُرفع شعارات السيادة والشرعية، يُعاد تعريف الفلسطيني بوصفه كائنًا يجب تهذيبه وتدريبه ليصبح 'دولة'، لا شعبًا يسعى للتحرر. القانون هنا ليس أداة للتحرير بل أداة لإدارة الضبط؛ يُستحضر فقط عندما يُستخدم لتقييد الضحية، لا لمساءلة الجلاد.
وهنا تكمن خطورة النص، لا في مقترحاته التفصيلية، بل في البنية التي ينطلق منها: احتكار تعريف الحق، وإعادة تنظيم العلاقة مع الفلسطينيين عبر اعتراف مشروط، مراقب، خاضع لاختبارات 'الجدارة'. فحتى مفاهيم العدالة والمعاملة بالمثل تُستعار من النظام الليبرالي الغربي الذي صيغ أساسًا لحماية توازنات القوة لا لإنصاف المقهورين. ومن هذا الموقع، تُصبح الدولة الفلسطينية الممكنة هي التي تُخضع خطابها، ومناهجها، وسلاحها، وحقها في الذاكرة والتاريخ لشروط الآخر.
ما يطرحه الكاتب لا يُنهي الصراع، بل يُعيد تأطيره: من استعمار إلى 'نزاع بين دولتين'. وهذا ليس سوى إزاحة مقصودة لجذر المسألة. فإزالة الطابع الكولونيالي من تعريف الصراع يعني إلغاء مسؤولية الاحتلال، وإلغاء الحق في المقاومة، وإعادة هيكلة اللغة السياسية لتصبح صالحة فقط لتسويات لا تهدد التفوق الإسرائيلي.
أمّا 'السلام الاقتصادي' الذي يتغنى به كاتسوفيتش، فليس إلا غلافًا ناعمًا لعلاقات تبعية مكرسة. إنه تكرار مألوف لمنطق أوسلو: بعض الرفاه مقابل كل التنازل. وبهذا، تُفرّغ العدالة من مضمونها، وتُختزل القضية الفلسطينية إلى مشكلة خدماتية تنتظر حلولًا تمويلية، لا حقوقًا غير قابلة للتصرّف.
والأدهى من ذلك، أن الكاتب يتحدث عن اعتراف دولي بدولة فلسطينية كأداة لنزع حق العودة، لا كمدخل للعدالة. يعيد بذلك إنتاج المنطق نفسه الذي لطالما استخدمته قوى الاستعمار: اعترفوا بكيانكم مقابل أن تنسوا نكبتكم، تخلوا عن ذاكرتكم لتحصلوا على بعض السيادة المشروطة.
ما يُلفت في المقال هو الغياب المتعمد لأي ذكر لمجزرة غزة الجارية، أو لنظام الفصل العنصري المكرس في الضفة، أو لعشرات آلاف الأسرى، أو لملايين اللاجئين. يُطلب من الفلسطينيين التنازل عن ذاكرتهم وتاريخهم وجراحهم، مقابل اعتراف إسرائيلي مشروط، وظيفته الوحيدة هي دمج 'المشكلة الفلسطينية' في سياق ترتيبات إقليمية تحافظ على أمن إسرائيل وتوسع نفوذها الإقليمي، لا إنهاء الاحتلال.
في المحصلة، لا يقدم كاتسوفيتش رؤية جديدة، بل يُعيد تصفيف مشروع الهيمنة بلغة قابلة للهضم الدبلوماسي. هذا الخطاب ليس بريئًا، بل يُعبّر عن جوهر الصهيونية الليبرالية التي تسعى لإدامة النظام القائم بتجميله، لا بتفكيكه.
إن ما يجب فضحه هنا ليس فقط محتوى المقال، بل بنيته المعرفية والسياسية: من يعرّف الحق؟ من يُحدّد شروط السيادة؟ ومن يملك سلطة توزيع الشرعية؟ هذه الأسئلة هي قلب المعركة، وكل خطاب لا يجيب عنها من موقع الضحية، فهو يعيد إنتاج السيطرة ولو بلغة الإنصاف.
لذا، فإن مسؤوليتنا ليست فقط رفض هذا الخطاب، بل تفكيكه، وطرح سردية بديلة تُعيد الاعتبار للحق، لا للرضى المشروط عليه.
المصدر: مقال آرييه كاتسوفيتش، صحيفة هآرتس (3 يونيو 2024)، ترجمة: عارف لوباني
‎2025-‎06-‎10
The post بين السيطرة والاعتراف: قراءة نقدية لبنية مقال آرييه كاتسوفيتش! خالد عطية first appeared on ساحة التحرير.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

"واشنطن بوست": ديون أميركا تبلغ 36 تريليون دولار.. والحرب في العراق من أبرز الأسباب
"واشنطن بوست": ديون أميركا تبلغ 36 تريليون دولار.. والحرب في العراق من أبرز الأسباب

شفق نيوز

timeمنذ 20 ساعات

  • شفق نيوز

"واشنطن بوست": ديون أميركا تبلغ 36 تريليون دولار.. والحرب في العراق من أبرز الأسباب

شفق نيوز/ تتجه ديون الولايات المتحدة الأميركية إلى أعلى مستوياتها منذ الحرب العالمية الثانية، حيث بلغت 36 تريليون دولار، وهو رقم مرشح للاستمرار بالتصاعد، إذ تنفق الحكومة الأميركية ما يزيد عن إيراداتها السنوية بنحو تريليوني دولار. ويُعد هذا العجز المالي المزمن أحد أبرز المؤشرات على التدهور المالي الذي تعيشه البلاد، وهو تدهور تسببت فيه ثماني محطات وقرارات رئيسية، من أبرزها حرب العراق وذلك وفق ما جاء في تقرير لصحيفة "واشنطن بوست"، الذي ترجمته وكالة شفق نيوز. وبحسب التقرير، فإن وزارة الخزانة الأمريكية تُجبر على الاقتراض سنوياً لتغطية هذا الفارق الهائل بين الإيرادات والنفقات، ما يعني أن الدين الوطني سيواصل الارتفاع، بل وقد يتجاوز قريباً كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، أعلى مستوياته التي بلغها في نهاية الحرب العالمية الثانية، في حال لم تُتخذ إصلاحات جوهرية. وأضاف التقرير، أن القسم الأكبر من هذا الدين قد تراكم على مدى العقدين الماضيين، إذ يشير إلى أنه في عام 2001 كانت الدولة تسجل فائضاً مالياً نتيجة تحصيل الضرائب بإجمالي يفوق الإنفاق على الخدمات الحكومية. غير أن التقرير يوضح أنه "منذ ذلك الوقت، ساهم أربعة رؤساء أميركيين، وعشر دورات للكونغرس، وحربان كبيرتان، من بينهما غزو العراق، في تراكم هذا الدين، إلى جانب قرارات سياسية داخلية، وارتفاع كلفة برامج الضمان الاجتماعي والرعاية الصحية، فضلاً عن التخفيضات الضريبية المتكررة، واتفاقات الإنفاق التي تم التوافق عليها بين الحزبين، إلى جانب النفقات الضخمة التي خُصصت للتعامل مع جائحة كورونا". ويُعدد التقرير ثماني لحظات رئيسية ساهمت في وصول الولايات المتحدة إلى هذا الوضع، من أبرزها حروبها في العراق وأفغانستان، حيث يذكر أنه بعد هجمات 11 سبتمبر 2001 شنت الولايات المتحدة غزوها للعراق، وكان الدين العام حينها يبلغ 6.5 تريليونات دولار، وقد استمرت في خوض حروب في الشرق الأوسط لمدة تقارب العقدين، ما أدى إلى زيادة كبيرة في الإنفاق العسكري ونفقات المحاربين القدامى. ويستند التقرير إلى دراسة لجامعة هارفارد، التي أشارت إلى أن "حربي العراق وأفغانستان كلّفتا الولايات المتحدة ما بين 4 و 6 تريليونات دولار". كما أوضح التقرير، أن الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن وقّع أول تخفيضين ضريبيين كبيرين أصبحا قانوناً، حيث خفّض معدلات الضرائب على الدخل ومكاسب رأس المال وأرباح الأسهم. وقدّر مكتب الميزانية في الكونغرس عام 2012 أن هذه التخفيضات أضافت نحو 1.5 تريليون دولار إلى الدين الوطني، الذي كان حينها عند مستوى 5.7 تريليونات دولار. كما سلّط التقرير الضوء على "الجزء د" من برنامج الرعاية الصحية "ميديكير"، الذي مثّل توسعاً كبيراً في التغطية الصحية لكبار السن لتشمل الأدوية، وقد جرى اعتماده عندما كان الدين يبلغ 8.4 تريليونات دولار. وفي العام 2008، ومع وصول الدين إلى 10.1 تريليونات دولار، أدت أزمة الأسواق المالية إلى تعميق الركود الكبير، الذي يعد أسوأ انكماش اقتصادي منذ الكساد الكبير، ووفقاً للخبير الاقتصادي برايان ريدل، فقد أقرّت إدارتا بوش وأوباما معاً إجراءات طارئة تقدر بحوالي تريليوني دولار لمواجهة آثار الأزمة. وفي عام 2013، عندما بلغ الدين 16.8 تريليون دولار، مدّدت إدارة الرئيس باراك أوباما الإعفاءات الضريبية لجميع الفئات باستثناء الأثرياء، بينما وافق الجمهوريون على تمديد بعض تدابير التحفيز الاقتصادي، في إطار صفقة قُدّرت كلفتها الإجمالية بنحو 4 تريليونات دولار. وفي عهد الرئيس دونالد ترامب، وخلال ولايته الأولى، جرى تمرير مشروع قانون شامل لتخفيض الضرائب، ركّز على خفض معدل الضريبة على الشركات الكبرى من 35% إلى 21%، كما شمل تخفيضات ضريبية لغالبية دافعي الضرائب الأفراد. وقدّرت كلفة هذا الإجراء بنحو 1.5 تريليون دولار، بينما قدّر الأثر التراكمي له بنحو 2.9 تريليون دولار، في وقت كان الدين العام يبلغ 20.5 تريليون دولار. وفي عام 2020، واجهت الولايات المتحدة جائحة كورونا، حيث وقّع ترامب على أول وأضخم حزمة إغاثة ضمن ثلاث حزم أقرها الكونغرس. وقد بلغت قيمة الحزمة الأولى، التي جاءت بتوافق بين الحزبين، نحو 3.4 تريليونات دولار، تلتها حزمة ثانية بقيمة 900 مليار دولار. وفي عام 2021، أقرّ الديمقراطيون بقيادة الرئيس جو بايدن حزمة ثالثة بقيمة 1.9 تريليون دولار، في وقت وصل فيه الدين إلى 27.7 تريليون دولار ويتابع التقرير بالإشارة إلى أن بايدن نجح عام 2022 في دفع الكونغرس للموافقة على زيادة الإنفاق في مجالات الرعاية الصحية للمحاربين القدامى، والبنية التحتية، وعدد من الهيئات الحكومية، وهو ما ساهم في ارتفاع الدين إلى 30.9 تريليون دولار وختم التقرير، بالإشارة إلى أن الجمهوريين في الكونغرس وإدارة ترامب يتجهون هذا العام إلى تنفيذ خطة من شأنها أن تزيد عجز الموازنة الفيدرالية بأكثر من 2 تريليون دولار خلال السنوات العشر المقبلة، وربما بأكثر من 5 تريليونات دولار، ما لم تُتخذ إجراءات إصلاحية شاملة لكبح جماح الدين العام الأميركي.

عصابات الجولاني تعتقل وتغتال شرفاء سورية !محمد سيد أحمد
عصابات الجولاني تعتقل وتغتال شرفاء سورية !محمد سيد أحمد

ساحة التحرير

timeمنذ يوم واحد

  • ساحة التحرير

عصابات الجولاني تعتقل وتغتال شرفاء سورية !محمد سيد أحمد

عصابات الجولاني تعتقل وتغتال شرفاء سورية !! بقلم / د. محمد سيد أحمد عندما بدأت موجة الربيع العربي المزعوم في نهاية العام 2010 وبداية العام 2011 كنت من أوائل من أكد على أن هناك شيئاً ما غير طبيعي، فبحكم تخصصي في علم الاجتماع فهناك قاعدة مستقرة تقول أن الظواهر الاجتماعية قد تتشابه لكنها من المستحيل أن تتطابق نظراً للخصوصية البنائية والتاريخية لكل مجتمع، فالثورة كظاهرة اجتماعية قد تتشابه في المجتمعات العربية التي حدثت فيها سواء في تونس أو مصر أو ليبيا أو اليمن أو سورية، لكنها لا يمكن أن تتطابق في شكلها ومضمونها وحتى شعاراتها مثلما حدث في تلك الأقطار العربية، وحتى فكرة تصدير الثورة بهذه السهولة والسرعة كانت تثير العديد من علامات الاستفهام، لذلك كان تحركنا لمحاولة فهم ماذا يحدث بالضبط، وبعد الدراسة المتعمقة أكدنا على أن هناك مؤامرة كبرى على مجتمعاتنا العربية ضمن مشروع الشرق الأوسط الكبير أو الجديد الذي يسعى لتقسيم وتفتيت هذه المجتمعات على أسس طائفية ومذهبية وعرقية، وهنا برز دور العصابات التكفيرية الإرهابية التي نشأت وترعرعت منذ ما يقرب من قرن من الزمان في أحضان العدو البريطاني حين كانت بريطانيا هي القوى الاستعمارية الأكبر في العالم، وكانت تسعى لتقسيم وتفتيت الوطن العربي وفقاً لمخططات سيكس وبيكو، ونجحت في ذلك وظلت هذه العصابات تعمل في خدمة الإمبريالية العالمية بعد أن أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية القوى الاستعمارية الأكبر في العالم بعد الحرب العالمية الثانية. وعندما أرادت الولايات المتحدة الأمريكية تنفيذ مشروعها التقسيمي والتفتيتي الجديد لم تجد أفضل من هذه العصابات التكفيرية الإرهابية لتكون الأداة التي يتم من خلالها تفجير مجتمعاتنا من الداخل، خاصة وأن هذه العصابات تتبنى أفكار لا تؤمن بفكرة الوطن كما هي مستقرة في العقل الجمعي فكبيرهم حسن البنا يرى 'أن الوطن ليس هو التخوم الأرضية ولا الحدود الجغرافية بل هو الاشتراك في العقيدة'، لذلك لا عجب أن يقول بعد ذلك مرشد الإخوان مهدي عاكف 'طز في مصر فالمسلم الماليزي أقرب لنا من المسيحي المصري'، وكان بذلك يطبق مقولة حسن البنا، ولا عجب أن تتحرك هذه العصابات التكفيرية الإرهابية من مكان إلى آخر ومن دولة إلى أخرى، حيث تعتبر وطنها هو وجودها وسط مجموعة من البشر يشتركون معهم في العقيدة، وعندما أرادت الولايات المتحدة الأمريكية مواجهة الاتحاد السوفيتي في سبعينيات القرن العشرين في أفغانستان جمعت هذه العصابات التكفيرية الإرهابية من كل أصقاع الأرض بحجة الدفاع عن المسلمين هناك المضطهدين من قبل الملحدين الكفرة، وعندما بدأت موجة الربيع العربي المزعوم بدأت في تحريك هذه العصابات التكفيرية الإرهابية في كل الأقطار العربية التي شهدت هذا الربيع المزعوم، بهدف الوصول للحكم، وبالطبع كلما كانت هناك مقاومة وفشل للمشروع كما حدث في سورية، لم تكتفي العصابات التكفيرية الإرهابية بأعضائها من داخل البلد أو القطر بل تلجأ إلى زملائها من الأقطار الأخرى لمساعدتها في الوصول للحكم. لذلك لا عجب أن تجد الإرهابي الدولي أبو محمد الجولاني إذا كان في الأصل سورياً، ينتقل من سورية إلى العراق للانضمام إلى عصابة القاعدة التكفيرية الإرهابية هناك، فهو يؤمن بفكر كبيرهم حسن البنا الذي يرى أن الوطن هو الاشتراك في العقيدة وليس التخوم الأرضية ولا الحدود الجغرافية، وعندما أخذ أوامر سيده الأمريكي بترك داعش في العراق والانتقال إلى سورية في عام ٢٠١٢ وتشكيل جبهة النصرة التي تحولت في النهاية لهيئة تحرير الشام، كان قوام عصابته التكفيرية الإرهابية من أشخاص جاءوا من كل أصقاع الأرض من أكثر من ٥٠ دولة حسب مصادر متعددة، وقد حدد الجولاني نفسه جنسياتهم في تصريحات متلفزة حيث قال 'لدينا مقاتلين من أمريكا وآسيا وروسيا والشيشان'، هذا بالطبع بخلاف جنسيات أخرى لم يذكرها مثل القوقازي والتركستاني والإيجوري والأفغاني والباكستاني والألباني والأوزبكستاني، هذا بخلاف الإرهابيين الفارين الحاملين لجنسيات عربية، ومن هؤلاء كون عصابته التكفيرية الإرهابية التي عاشت لسنوات في إدلب، ثم تحركت بأوامر عليا أمريكية وتركية وصهيونية لتحتل كامل الجغرافيا السورية، وتقوم بتنفيذ مخطط التقسيم والتفتيت والتسليم التام للعدو الصهيوني وقبول توقيع الاتفاقيات الابراهيمية، وبالطبع قام الجولاني الإرهابي بمنح أفراد عصابته الجنسية السورية ليصبح هؤلاء المرتزقة الذين جاءوا من كل أصقاع الأرض سوريين، وليخفي جريمته قام بحرق كل وثائق الجنسية والهجرة في سورية، وبذلك تتحقق أحلام حسن البنا في سورية. ولكن لم يكتفي الجولاني وعصابته بما حققوه من احتلال لوطن ليس لهم أي علاقة تاريخية بأرضه وأهله، بل أمعنوا في تنفيذ الأجندة الأمريكية المتعلقة بالتقسيم والتفتيت على أسس طائفية ومذهبية وعرقية، حيث قاموا بالمذابح ضد أبناء الطائفة العلوية بحجة أنهم من نفس طائفة الرئيس بشار الأسد، وبالطبع قاموا بقتل وذبح المسيحيين بدعوى أنهم مخالفين لهم في العقيدة، وجاء ذلك محققاً لشعارهم الذي رفعوه في بداية الأحداث في ٢٠١١ 'المسيحية على بيروت والعلوية على التابوت'، لكن عصابات الجولاني لم تكتفي بذلك بل قامت باعتقال واغتيال رموز سورية وطنية شريفه رغم أنها تنتمي للطائفة السنية التي من المفترض أنها نفس طائفتهم، وكان أبرزهم سماحة الشيخ أحمد بدر الدين حسون مفتي سورية منذ عام ٢٠٠٥ وحتى إلغاء المنصب في عام ٢٠٢١، والشيخ حسون واحد من أبرز وأهم وألمع علماء المسلمين وأشتهر الرجل بتسامحه فحتى عندما قامت هذه العصابات التكفيرية الإرهابية بقتل نجله سارية في عام ٢٠١١ ومع بداية الأحداث قال أنه مسامح من قتله وأن دمه فداءً لوطنه سورية، وكان سماحة الشيخ حسون يستقبل كل الوفود التي تحضر إلى سورية أثناء الأزمة، وكثيراً ما التقيته وكان يرسل معنا السلام والمحبة للإمام الأكبر أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، وقامت عصابات الجولاني باعتقال سماحة الشيخ حسون في ٢٦ مارس الماضي، وقاموا بتعذيب الرجل المسن الذي قارب الثمانون عاماً، وخلال هذا الأسبوع سمعنا نبأ استشهاده، ولم يتأكد الخبر وخرجت عصابات الجولاني تنفي خبر الوفاة، لذلك نقول إذا كان حياً فليقوموا بعمل تسجيل متلفز له وتقديمه للمحاكمة إذا كانت هناك تهم موجهة له، وتم أيضاً اعتقال وتعذيب الكاتب والمفكر القومي العربي خالد العبود في ٢١ مايو الماضي، وهو سياسي سوري بارز كان أمين سر مجلس الشعب السوري لسنوات عن حزب الوحدويين الاشتراكيين، وهو من مدينة درعا وينتمي أيضاً للطائفة السنية، وعرف الرجل بسماحته أيضاً فقد اغتالت هذه العصابات التكفيرية الإرهابية شقيقه وخطفوا والده المسن ورغم ذلك سامحهم، وما فعله هو تأكيده الدائم في كتاباته على رفض التطبيع مع العدو الصهيوني وحتمية مواجهة العدو وتحرير التراب الوطني المحتل، وهكذا يواجه أبناء سورية الوطنيين الشرفاء عصابات الجولاني التكفيرية الإرهابية المحتلة للأرض والمغتصبة للسلطة، فمتى يتحرك الشعب للدفاع عن وطنه وتحرير رموزه المعتقلة قبل اغتيالهم، اللهم بلغت اللهم فاشهد. ‎2025-‎06-‎11 The post عصابات الجولاني تعتقل وتغتال شرفاء سورية !محمد سيد أحمد first appeared on ساحة التحرير.

بين السيطرة والاعتراف: قراءة نقدية لبنية مقال آرييه كاتسوفيتش! خالد عطية
بين السيطرة والاعتراف: قراءة نقدية لبنية مقال آرييه كاتسوفيتش! خالد عطية

ساحة التحرير

timeمنذ 2 أيام

  • ساحة التحرير

بين السيطرة والاعتراف: قراءة نقدية لبنية مقال آرييه كاتسوفيتش! خالد عطية

بين السيطرة والاعتراف: قراءة نقدية لبنية مقال آرييه كاتسوفيتش! خالد عطية* هل بات الاعتراف بدولة فلسطينية، في بعض الطروحات الإسرائيلية الليبرالية، أداة لإعادة ترميم النظام الاستعماري بدل تفكيكه؟ وهل ما يُسمى بـ'السلام الاقتصادي' ليس إلا إعادة تغليف ناعمة لمشروع السيطرة، يُفرّغ العدالة من معناها، ويستبدل التحرر بالامتثال . في هذا المقال، أحاول أن أُمسك بخيط التحليل السياسي والفكري لأكشف كيف يُعاد تقديم 'حل الدولتين' في الخطاب الإسرائيلي الليبرالي، لا كمدخل حقيقي لتسوية عادلة، بل كفخ أخلاقي واستراتيجي مُحكم، يُعيد إنتاج بنية الاستعمار بأدوات ناعمة ولغة قانونية مغلّفة بالاعتدال. خطاب لا يهدف إلى إنهاء الهيمنة، بل إلى ترسيخها ضمن منظومة تنكر أصلًا الحق الفلسطيني في السيادة، وتصوغ 'الحل' بطريقة تُفرغ الدولة من معناها التحرري والسيادي . في مقاله المنشور في صحيفة هآرتس، والذي تولّى ترجمته إلى العربية الأستاذ عارف لوباني، ونُشر لاحقًا على صفحات 'الملتقى الفلسطيني' ، لا يقترح آرييه كاتسوفيتش حلاً للصراع، بل صيغة مُحدّثة من منطق السيطرة، مغطاة بلغة القانون الدولي والبراغماتية السياسية. فالدولة الفلسطينية التي يقترحها ليست كيانًا سياديًا يُعبّر عن حق تقرير المصير، بل وظيفة أمنية–سياسية تُعاد هندستها لتكون جزءًا من منظومة الأمن الإقليمي لإسرائيل. الطرح الذي يقدمه كاتسوفيتش ليس جديدًا في جوهره، بل هو امتداد لنفس البنية الاستعمارية التي أعادت إنتاج نفسها داخل نظام القانون الدولي بعد الحرب العالمية الثانية. ففي حين تُرفع شعارات السيادة والشرعية، يُعاد تعريف الفلسطيني بوصفه كائنًا يجب تهذيبه وتدريبه ليصبح 'دولة'، لا شعبًا يسعى للتحرر. القانون هنا ليس أداة للتحرير بل أداة لإدارة الضبط؛ يُستحضر فقط عندما يُستخدم لتقييد الضحية، لا لمساءلة الجلاد. وهنا تكمن خطورة النص، لا في مقترحاته التفصيلية، بل في البنية التي ينطلق منها: احتكار تعريف الحق، وإعادة تنظيم العلاقة مع الفلسطينيين عبر اعتراف مشروط، مراقب، خاضع لاختبارات 'الجدارة'. فحتى مفاهيم العدالة والمعاملة بالمثل تُستعار من النظام الليبرالي الغربي الذي صيغ أساسًا لحماية توازنات القوة لا لإنصاف المقهورين. ومن هذا الموقع، تُصبح الدولة الفلسطينية الممكنة هي التي تُخضع خطابها، ومناهجها، وسلاحها، وحقها في الذاكرة والتاريخ لشروط الآخر. ما يطرحه الكاتب لا يُنهي الصراع، بل يُعيد تأطيره: من استعمار إلى 'نزاع بين دولتين'. وهذا ليس سوى إزاحة مقصودة لجذر المسألة. فإزالة الطابع الكولونيالي من تعريف الصراع يعني إلغاء مسؤولية الاحتلال، وإلغاء الحق في المقاومة، وإعادة هيكلة اللغة السياسية لتصبح صالحة فقط لتسويات لا تهدد التفوق الإسرائيلي. أمّا 'السلام الاقتصادي' الذي يتغنى به كاتسوفيتش، فليس إلا غلافًا ناعمًا لعلاقات تبعية مكرسة. إنه تكرار مألوف لمنطق أوسلو: بعض الرفاه مقابل كل التنازل. وبهذا، تُفرّغ العدالة من مضمونها، وتُختزل القضية الفلسطينية إلى مشكلة خدماتية تنتظر حلولًا تمويلية، لا حقوقًا غير قابلة للتصرّف. والأدهى من ذلك، أن الكاتب يتحدث عن اعتراف دولي بدولة فلسطينية كأداة لنزع حق العودة، لا كمدخل للعدالة. يعيد بذلك إنتاج المنطق نفسه الذي لطالما استخدمته قوى الاستعمار: اعترفوا بكيانكم مقابل أن تنسوا نكبتكم، تخلوا عن ذاكرتكم لتحصلوا على بعض السيادة المشروطة. ما يُلفت في المقال هو الغياب المتعمد لأي ذكر لمجزرة غزة الجارية، أو لنظام الفصل العنصري المكرس في الضفة، أو لعشرات آلاف الأسرى، أو لملايين اللاجئين. يُطلب من الفلسطينيين التنازل عن ذاكرتهم وتاريخهم وجراحهم، مقابل اعتراف إسرائيلي مشروط، وظيفته الوحيدة هي دمج 'المشكلة الفلسطينية' في سياق ترتيبات إقليمية تحافظ على أمن إسرائيل وتوسع نفوذها الإقليمي، لا إنهاء الاحتلال. في المحصلة، لا يقدم كاتسوفيتش رؤية جديدة، بل يُعيد تصفيف مشروع الهيمنة بلغة قابلة للهضم الدبلوماسي. هذا الخطاب ليس بريئًا، بل يُعبّر عن جوهر الصهيونية الليبرالية التي تسعى لإدامة النظام القائم بتجميله، لا بتفكيكه. إن ما يجب فضحه هنا ليس فقط محتوى المقال، بل بنيته المعرفية والسياسية: من يعرّف الحق؟ من يُحدّد شروط السيادة؟ ومن يملك سلطة توزيع الشرعية؟ هذه الأسئلة هي قلب المعركة، وكل خطاب لا يجيب عنها من موقع الضحية، فهو يعيد إنتاج السيطرة ولو بلغة الإنصاف. لذا، فإن مسؤوليتنا ليست فقط رفض هذا الخطاب، بل تفكيكه، وطرح سردية بديلة تُعيد الاعتبار للحق، لا للرضى المشروط عليه. المصدر: مقال آرييه كاتسوفيتش، صحيفة هآرتس (3 يونيو 2024)، ترجمة: عارف لوباني ‎2025-‎06-‎10 The post بين السيطرة والاعتراف: قراءة نقدية لبنية مقال آرييه كاتسوفيتش! خالد عطية first appeared on ساحة التحرير.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store