
إسلام مغربي.. الشريعة الإسلامية والاجتهاد (27)
إن الإسلام قد تخطى ذلك المفهوم الضيق للدين وجعله يتجاوز صلات الإنسان مع قوى الغيب العُلوية إلى صلات الإنسان بالإنسان.. ويتطرق لجزئيات مهمة في علاقات الأفراد والمجتمع..
تقديم عبد الرزاق المراكشي:
le12.ma
عُرف المغرب، منذ عهود، بإسلامه المعتدل، الذي يمتح من ينابيع قيَم
'…
اختارت لكم '
le12.ma
' وقفات مع ثلّة من الأقلام المغربية التي أغنت ريبرتوار الكتابات التي تناولت موضوع الإسلام المعتدل الذي انتهجته المملكة منذ القدم، والذي أثبت توالي الأيام وما تشهده الساحة السياسية الدولية أنّ هذا الإسلام 'على الطريقة المغربية' لم يكن بالضّرورة قائما على 'الصّدفة (النيّة) بل تحكمه أعراف وقوانين وتشريعات واضحة المرجعيات والخلفيات وواعية تمامَ الوعي بأنّ الإسلام دين عسر 'يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ' وبأن 'الإسلام دينُ يُسر وليس دين عُسر' وأنْ 'ما شادّ أحدَكم الدين إلا وغلبه
'..
ونشير إلى أن هذه المقالات منشورة في الموقع الإلكتروني لمجلة 'دعوة الحق
'.
إذا كان للدين -أيّ دين- عند علماء الغرب يعني 'الطريقة التي يحقق بها الإنسان صلاته مع قوى الغيب' أو 'هو ما يشتمل على كل معلوم وكل سلطة لا تتفق والعلم'، وهذان التعريفان قد عدّتهما الموسوعة الفرنسية الكبرى للعلوم والآداب والصناعات من أفضل التعريفات التي وردت في تعريف الدين، فإن للإسلام مدلولا آخر يختلف عن المفهوم السابق كل الاختلاف
.
إن الإسلام قد تخطى ذلك المفهوم الضيق للدين وجعله يتجاوز صلات الإنسان مع قوى الغيب العُلوية إلى صلات الإنسان بالإنسان.. ويتطرق لجزئيات مهمة في علاقات الأفراد والمجتمع
..
لقد قام الإسلام دعوة إلى الحياة ودعوة إلى إصلاح المجتمع إصلاحا جذريا وشاملا، سواء في معتقداته أو في معاملاته.. لذلك فإن من يتمعن في أسلوب القرآن الكريم يرى في السورة الواحدة تجميلا وتزيينا للحياة والخير، تنديدا بما يسيء إلى الحياة، وبالشر.. فسرد القصة في القرآن واستهلالها يجمل القسم وختامها بالتهديد والوعيد ليس له إلا مغزى كبير جدا هو 'مصالح البشر
'.
لم يرد في القرآن حرف إلا وفيه خير الإنسان وفيه المصلحة، المصلحة الحقيقية.. المصلحة الموضوعية التي تحمي حقا أساسيا وخالدا
.
ونظرا إلى اتساع الأعراض والأهداف التي قصد الإسلام إيرادها في القرآن فقد جاءت معظم الآيات مجملة كلية، ذات صبغة عامة مرنة للتطور من حيث التطبيق، مع الإبقاء على المفهوم، فقد كانت المرونة في الصياغة التشريعية في القرآن منبعا ترا خصبا أغنى الفقه والحقوق الإسلامية أيما إغناء
.
إن المرونة في الصياغة التشريعية تنطلق من أن مصالح الشر لا تبقى واحدة وإنما هي عرضة للتبدل تبعا لتغير الزمن. فإذا كان النص جامدا امتنعت عليه مسايرة الظروف التي قد تطرأ وعُدّ بالتالي ناقصا أو غامضا، وكلاهما سيء
.
لذلك كان المنطق الأساسي في الإسلام
:
أولا: التأكيد على بعض المبادئ الأساسية في الدين وهو ما يتعلق بالعقيدة، والنص على عدم قابليتها للتحوير أو التغيير أو التبديل، كالوحدانية، وحب العدل، وحب الخير؛
ثانيا: صياغة العديد من النصوص الحقوقية المتعلقة بعلاقات البشر في ما بينهم صبغة مرنة تتحمل التأويل والقياس حسب مقتضيات الأزمنة والعصور
.
لذلك فإن ادّعاء بعض العلماء في العرب بأن الحقوق الإسلامية -كحقوق دينية- غير قابلة للتطور، حتى اتهموها بالجمود والعقم، إن هذا النظر لا يستقيم عندما نعرف أن الإسلام ليس دينا فحسب، إنه دين ودنيا، وفيه صالح العباد في المعاش والمعاد، وفيه خير الدنيا وخير الآخرة.. وإن الدنيا دار ممرّ.. وهذا الممر يذهب بنا إلى الآخرة، وهي المقر، لذلك فقد عُني الإسلام بالدارين معا
.
ولما كانت أمور الدنيا كثيرة ومتشابكة ومعقدة، وهي تتعلق بعلاقات البشر الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، لذلك فقد اقتصر القرآن على وضع الكليات والمفاهيم تاركا للسنة ولمن ترتضيه السنة أن يبحث عن هذه الكليات ويلحق بهذه المفاهيم.. لقد نصّ القرآن على القصص الإرثية، وقضت السنّة بتوريث الجدة لأم، وقضى اجتهاد الصحابة بتوريث الجدة لأب، قياسا على توريث الجدة لأم
.
وفي الزكاة طالب القرآن بالزكاة.. وتكفلت السنة والاجتهاد ببيان مقادير الزكاة وأنصبتها والحد الأدنى الذي لا تجوز في ما دونه
.
ولا يسير القياس والاجتهاد على الهوى، وإنما وضع له العلماء قواعد وأصولا تقضي بأن يسلك الباحث أولا سبيل فهم معنى النص، والقياس عليه ثانيا، ثم البحث في علة وجود النص ثالثا
.
وقد كان المسلك الثالث المتعلق بمنح الإسلام لرجال القانون حرية الرأي الذي لا يعتمد على نص خاص وإنما على روح الشريعة المهيمنة على جميع النصوص والمعلقة 'إن غاية الشرع إنما هي المصلحة وحيثما وجدت المصلحة فثمّ شرع الله' وإن 'ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن' هو ماء الحياة بالنسبة للشريعة
.
واعتمادا على فكرة المصلحةـ فقد امتنع عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن توزيع أراضي العراق بين الفاتحين وأصر على ضرورة إبقائها بيد أهلها على أن يأخذ منهم الخراج
.
فقد جاءه الفاتحون وطلبوا منه أن يخرج لمن ذكر في الآية الكريمة، 'واعلموا أنما غنمتم من شيء فإن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل'، وأن يقسم لهم الباقي فقال عمر: فكيف لمن يأتي من المسلمين فيجدون الأرض بطولها قد اقتسمت، وورثت عن الآباء وحيرت؟ ما هذا الرأي؟
ثم أخذ الفاتحون يناقشونه في ما قال، ولكنه أصر، فطلبوا منه أن يستشير، فاستشار من المهاجرين والأنصار، فأجمعوا على موافقته فولى عثمان بن حنيف مساحة أرض السواد
.
ولقد أورد هذا الخبر أبو يوسف، صاحب أبي حنيفة، في كتاب 'الخراج' وأيده تأييدا شديدا في تعليق له عليه
.
وبناء على المصلحة أيضا فقد قضى عمر بضبط بعض المراعي وحبسها على تخيّل العيش، ما أثار المالكين، ولكنه أصر على موقفه وهو يقول 'المال مال الله، والعباد عباد الله والله لولا ما أحمل عليه في سبيل الله ما حييت من الأرض شبرا في شر
'.
وبناء على المصلحة أيضا فقد قضى عمر على محمد بن مسلمة بالسماح لجاره بأن يسوق نهرا في أرضه لأنّ النهر ينفع جاره ولا يضر محمدا، وقد قضى عمر هذا القضاء رغم معارضة المالك الشديدة لا مرار النهر، ولكن عمر أصر على رأيه قائلا لمحمد: 'والله ليمرن ولو على بطنك'. إن في الاجتهادات السابقة التي أفتى بها عمر بجرأة وحكمة وعقل لَخلاصة لأكبر نظرية عُرفت في الحقوق الحديثة ألا وهي نظرية التعسف في استعمال الحق
.
إن نظرية التعسف التي يتبجح علماء الغرب بأنهم هم الذين اخترعوها وهدوا البشرية لها إنما نجد لها تطبيقا واسعا منذ ألف وثلاثمائة عام ونيف على يد رجال القضاء في الإسلام ولم يقتصر الأخذ بفكرة المصلحة على عهد الصحابة، وإنما استمر الأخذ بها ولكن على نطاق أوسع في ما تلا عهد الصحابة من عهود، وإنما نجد عامة العلماء متفقين على إخفاء المرونة على النصوص والاجتهادات لتتسع إلى أكبر عدد ممكن من الفتاوى والآراء التي فيها مصالح الناس
.
ولم يشذَّ عن هذا الإجماع سوى رجال المذهب الشافعي، الذين نظروا إلى النصوص كأحكام ثابتة لا يأتيها التحوير والتبديل، ولذلك لم يحكموا بأمر إلا قياسا على أمر منصوص عليه في الكتاب أو السنّة وإلا فلا، ولذلك لم يأخذوا بالمصلحة وبالمرونة التي تتطلبها في النصوص.. وهم يقتربون في آرائهم جدا من آراء أصحاب النظرية التقليدية التي بقيت مسطرة على الفكر الحقوقي في أورية حتى أوائل هذا القرن العشرين
.
لا، إننا نرى في كتاب 'المنتقى' للإمام الغزالي رحمه الله، وهو شافعي، ما يوضح أنه يأخذ بفكرة المصلحة لكنه يقيدها ببعض الأوصاف حتى يمكن الأخذ بها، فهو يقول 'أما المصلحة فهي عبارة في الأصل عن طلب منفعة أو رفع مضرة، ولسنا نعني ذلك، ولكنا نعني بالمصلحة المحافظة على مقصود الشرع
.
ومقصود الشرع من الخلق خمسة، وهو أن يحفظ عليهم دينهم ونفسهم وعقلهم ونسبهم ومالهم، فكل ما يتضمن حفظ هذه الأحوال الخمسة فهو مصحلة، وكل ما يفوت هذه الأصول فهو مَضدّة ودفعها مصلحة، وهذه الأصول الخمسة حفظها واقع في شبه الضرورات، فهي أقوى المراتب في المصالح، وتحريم تفويت هذه الأصول الخمسة والزجر عنها يستحيل ألا تشتمل عليه ملة من الملل وشريعة من الشرائع التي أريد بها إصلاح الخلق
'.
أما المالكية والحنابلة فإنهم لم يقيدوا أنفسهم بالقياس كما فعل الشافعية، ولا بالأوصاف كما فعل الغزالي، بل رأوا أن كل عمل فيه مصلحة بلا ضرر أو كان النفع فيها أكثر من الضرر فهو مطلوب
.
والمالكية يرون أنه ليس على المجتهد متابعة القياس في ما إذا أبى اطراده إلى جلب ضرر أو إلى حرج، ويرون مستندهم في هذا قوله تعالى: 'ما جعل عليكم في الدين من حرج'، وقوله أيضا 'يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر' وقوله عليه السلام 'لا ضرر ولا ضرار
'.
على أن المالكية يشترطون في المصلحة ألا تعارض أصلا من أصول الشريعة، وأن تكون مصلحة يتلقاها بالقبول، وأن تكون هناك حاجة تستدعيها
.
والأحناف أيضا أجازوا الخروج على القياس لضرورة المصلحة
.
أما التبعة الأمامية فقد أخذوا بالمصلحة على أوسع نطاق، وأضفوا على النصوص مرونة تجعلها تتقبل كل ما يستجد من أحداث.. ولا يعصم اتجاه الشيعة من الزلل في هذا التطرف إلا وجود القضاء والفتيى بين أيد عالمة وصالحة في آن واحد
.
أما تملك الشافعية بالنصوص وما يحمل على النصوص عن طريق القياس فإني واجد فيه عصمة وقصورا في آن واحد. ففيه عصمة لأنه أضفى على النصوص لونا من القدسية وحصر مصادر التشريع في الكتاب والسنة، معتبرا أن القانون هو المصدر الوحيد للحقوق، وعلى هذا سارت النظرية التقليدية في أوروبا في ما بعد، والتي تقول 'إن التشريع الرسمي يكفينا وحده للكشف عن جميع الأحكام الحقوقية الضرورية لحاجات الحياة الاجتماعية'. ويقول الأستاذ بلاندو
(Blandeau)
إن المصدر الوحيد للأحكام الحقوقية في الوقت الحاضر إنما هو القانون
.
ويستند الشافعي في حصره لأصول الشريعة بالكتاب والسنة إلى قوله تعالى 'وأطيعوا الله والرسول' وقوله تعالى 'اتبع ما يوحى إليك من ربك'، ويقول الإمام الشافعي 'الكتاب والسنة هما الأصلان اللذان افترض الله وهما عينان'. ثم قال 'إذا اجتهد المجتهد فالاجتهاد ليس بعين قائمة، إنما هو شيء يحدثه من قبل نفسه ولم يؤمن باتباع نفسه، وإنما باتباع غيره، فإحداثه على الأصلين اللذين افترض الله عليه أولى به من إحداثه على غير أصل أمر باتباعه، وهو رأي نفسه ولم يؤمر باتباعه، فإذا كان الأصل أنه لا يجوز أن يقع غيره والاجتهاد شيء يحدثه من عند نفسه
'.
أما القصور الذي يلاحظه المحققون على الشافعية في هذا الموضوع فهو عدم تمكنه من إيجاد الحلول لقضية بشأنها نص في كتاب أو سنة. ولم يمكن القياس عليها مما يضطر القاضي إلى طرح القضية جانبا، وهذا ما لا تقبله النظريات الحقوقية الحديثة ولا التعامل القضائي، ويعُدّون في فعل القاضي هذا 'امتناعا عن إحقاق الحق'، ما يوجب مسؤولية القاضي
.
هذا بالإضافة إلى أن الاجتهاد يعدّ مصدرا رابعا من مصادر الشريعة الإسلامية، وإليه يرجع الفضل في تطور الشريعة وجعلها تتلاءم مع مقتضيات العصر، وفي كل عصر إن آلاف القضايا قد تكفل الاجتهاد بحلها ولم يمتنع عن الحكم بها لعدم النص عليها، بل إن روح الشريعة المهيمنة على ضمير المجتهد تخلق له ذوقا حقوقيا فذا.. وبالاجتهاد أفتى عمر بإبقاء أرض العراق المفتوحة بيد أهلها وحبس المراعي على خيل الجيش.. وأمر الضحاك بن قيس بأن يمر بنهره في أرض محمد بن سلمة -كما بينا أعلاه- وكذلك أفتى العلماء بجواز كشف الصورة أمام الأطباء ولغاية المعالجة، لأن التداوي طريق للمحافظة على الحياة، وهذه تنزل بمنزلة الضرورة ونفعها أقل من الضرر الناتج عنها، وكذلك أفتوا بحل الخمر لغاية المعالجة أو القصة أو الظمأ الشديد عند عدم وجود الماء والميتة وغيرها إذا لم يوجد غيرها وعند الضرورة القصوى
.
وإذا زال المانع عاد الممنوع، ومعنى ذلك أنه إذا وجد غير الخمر ما يسد مدى عادت إليه حرمته، وكذلك في الدم والميتة، إلا أن هناك ما لا يجوز إطلاقا وفي أية حال ويبقى شرا محضا وحراما محضا، مثل الكفر بالله، ومثل الزنا، والقتل بغير حق
.
وبصورة عامة، فطالما أن علاقات الشر في تطور مستمر وفي تجدد مستمر، فإن أي تشريع في العالم يقف بعد مدة من الزمن قاصرا في بعض نصوصه أو غامضا أو مبهما عندما يتعرض لقضية جديدة فليس على القاضي إلا أن يحكم بحسب روح القانون، ومستندا إلى المثل والأفكار الكبرى والرئيسية التي يستهدفها القانون كالعدل والمساواة وإحقاق الحق
.
وعلى هذا فإن القول بعجز التشريع الإسلامي عن تلبية حاجات العصر نظرا إلى بعد الزمن بين صدوره وبين العصر الحاضر يمكن أن يوجه إلى أيّ تشريع آخر، سواء كان دينيا أو علمانيا، في ما إذا أخذنا بحرفية النص وعدم فتح باب الرأي والاجتهاد
.
وطالما أن الاجتهاد بالرأي أمر أقرّه الإسلام في أصوله الأولى فاتهام الإسلام بالعجز عن مسايرة التطور مردود وباطل نظرا إلى تمكن الاجتهاد من استيعاب حاجات العصور المختلفة. والأمكنة المختلفة والأمثلة التي أشرنا إليها أعلاه هي خير برهان، بالإضافة إلى أنها غيض من قيض.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


لكم
منذ 3 ساعات
- لكم
حزب ماكرون يسعى لمنع المسلمات تحت 15 عاما من ارتداء الحجاب في الأماكن العامة بفرنسا
يسعى حزب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لمنع المسلمات تحت سن الخامسة عشرة من وضع الحجاب في الأماكن العامة في وقت تجري الحكومة الأربعاء مراجعة لتقرير بشأن انتشار 'الإسلام السياسي' في فرنسا. والتقى ماكرون مع كبار المسؤولين الأربعاء لمناقشة تقرير يقول إن 'الإخوان المسلمون' يشك لون 'تهديدا للتماسك الوطني' في فرنسا، محذرا من أن الجماعة تهدد بتقويض 'النسيج الاجتماعي والمؤسسات الجمهورية'. ويمنع الحظر المقترح من 'حزب النهضة' 'القاصرات تحت سن 15 عاما من ارتداء الحجاب في الأماكن العامة'، أي بما يشمل الشوارع والمقاهي والحدائق والمتاجر أيضا. ويشير المقترح إلى أن الحجاب 'يقو ض بشكل خطير المساواة بين الجنسين وحماية الأطفال'. ويسعى الحزب الذي يقوده رئيس الوزراء السابق غابريال أتال أيضا إلى 'تجريم أولياء الأمور الذين يجبرون بناتهم تحت السن القانونية على وضع الحجاب، بتهمة الإكراه'. يشكل حزب النهضة أقلية في البرلمان الفرنسي ويعمل ضمن حكومة أقلية إلى جانب حزب يميني تقليدي. ويرى البعض بأن الحجاب يمثل انتشارا للأسلمة في فرنسا بعد هجمات دموية شهدتها البلاد، بينما يصر آخرون على حق المسلمات في ارتداء ما يرونه مناسبا بحسب معتقداتهن. واتهم جوردان بارديلا، رئيس حزب التجمع الوطني اليميني المتشدد، أتال بالتراجع عن موقفه السابق حيال هذه المسألة ونشر تسجيلا مصورا على صفحاته في الشبكات الاجتماعية يعود إلى مناظرة من العام 2022 حذر خلالها رئيس الوزراء السابق من احتمال اضطهاد المحجبات إذا تولت مارين لوبن، زعيم اليمين المتطرف، الرئاسة. وأثارت لوبن خلال حملتها الفاشلة لانتخابات 2022 الرئاسية مسألة منع جميع المسلمات من ارتداء الحجاب في جميع الأماكن العامة في فرنسا. ويحظر القانون الفرنسي حاليا الموظفين الرسميين والمدرسين والتلاميذ من وضع أي رموز دينية مثل الصليب والقلنسوة اليهودية والعمامة السيخية والحجاب، في الأبنية الحكومية بما في ذلك المدارس الرسمية. كما تسعى الحكومة حاليا لإقرار قانون جديد لحظر الحجاب في المسابقات الرياضية، في خطوة يقول معارضو القانون إنه سيكون الأخير ضمن سلسلة تشريعات تميز بشكل واضح ضد المسلمات. وتضم كل من فرنسا وألمانيا أكبر نسبة من المسلمين مقارنة مع باقي بلدان الاتحاد الأوروبي.


كش 24
منذ 6 ساعات
- كش 24
ماكرون يترأس اجتماعا لمناقشة تقرير يحذّر من مكانة 'الإخوان المسلمين' بفرنسا
يعقد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأربعاء مجلسا للدفاع يخصص لمناقشة المشروع الذي تروج له الحركات الإسلامية بفرنسا، ووضع حركة الإخوان المسلمين، يشارك فيه كل من رئيس الحكومة، فرانسوا بايرو، ووزراء الداخلية، برونو روتايو، والتربية الوطنية إليزابيت بورن، والاقتصاد إريك لومبار. وبحسب مستشاري الرئيس، فإن ماكرون "أراد اتخاذ إجراءات بأسرع وقت ممكن" لمواجهة "ظاهرة متجذرة تفاقمت مؤخرا"، مبررين انعقاد المجلس الأعلى للدفاع والأمن القومي (CDSN) بالخطر الذي يشكله تنظيم الإخوان المسلمين على "الأمن القومي". إذ من المتوقع الإعلان عن توصيات في نهاية الاجتماع، مع احتمال تصنيف بعض الإجراءات كمعلومات سرية. وخلص التقرير الذي أعده موظفان رسميان رفيعا المستوى، بطلب من الحكومة الفرنسية، إلى أن الجماعة تشكل "تهديدا للتلاحم الوطني" مع تنامي تشدد إسلامي "من القاعدة صعودا" على المستوى البلدي، وفق وثيقة سيدرسها مجلس الدفاع الأربعاء. وجاء في التقرير "أن هذا التهديد وحتى في غياب اللجوء إلى التحركات العنفية، يولد خطر المساس بنسيج الجمعيات وبالمؤسسات الجمهورية (..) وبشكل أوسع بالتلاحم الوطني". وشددت الوثيقة على أن جماعة الإخوان المسلمين "تستند إلى تنظيم متين إلا أن الإسلام السياسي ينتشر أولا على الصعيد المحلي" معتبرا أن انتشار هذا التشدد الإسلامي "يحصل من القاعدة صعودا" ويشكل "تهديدا على المدى القصير وكذلك المتوسط". وأشار التقرير الذي أعد بناء على مقابلات مع 45 أستاذا جامعيا وزيارات داخل فرنسا وفي أوروبا، إلى "الطابع الهدام للمشروع الذي يعتمده الإخوان المسلمون" مشددا على أن هذا المشروع يهدف "إلى العمل على المدى الطويل للتوصل تدريجا إلى تعديلات للقواعد المحلية أو الوطنية ولا سيما تلك المتعلقة بالعلمانية والمساواة بين الرجال والنساء". ورأى معدا التقرير أن هذا "التشدد الإسلامي على المستوى البلدي" قد يكون له "تأثير متنام في الفضاء العام واللعبة السياسية المحلية" مع "شبكات تعمل على حصول انطواء مجتمعي وصولا إلى تشكل بيئات إسلامية تزداد عددا". إلا أن المشرفين على التقرير أكدا "عدم وجود أي وثيقة حديثة تظهر سعي الإخوان المسلمين إلى إقامة دولة إسلامية في فرنسا أو تطبيق الشريعة فيها". ونصح معدا التقرير "بتحرك طويل الأمد على الأرض للجم صعود الإسلام السياسي" مشيرين إلى ضرورة أن يترافق ذلك مع "توعية الرأي العام" من خلال "خطاب علماني متجدد ومبادرات قوية وإيجابية حيال المسلمين".


المغرب اليوم
منذ يوم واحد
- المغرب اليوم
من أشعل حرب طرابلس؟
هذا سؤال يتردد وفي حاجة لإجابة دقيقة عنه، بعد أن انطلقت مظاهرات تطالب بإسقاط الحكومة في طرابلس التي اتهمها بيان عمداء البلديات والتحركات الشعبية بالقتل واستخدام السلاح لقمع المتظاهرين، الأمر الذي عبرت عنه البعثة الدولية بالقلق وتحذير الحكومة من تكرار الاعتداء على المتظاهرين من قبل حكومة غير منتخبة ديمقراطياً، فقط جاءت نتيجة اتفاق سياسي ولا تريد أن تغادر إلا عبر الانتخابات؛ في ثنائية شيزوفرينية. البعض نسب الحرب لغريزة البقاء التي تعاني منها حكومة الوحدة الوطنية منتهية الولاية بحكم سحب الثقة منها من قبل البرلمان الشرعي في البلاد، فكأن هذه الحكومة كان شعارها: «نحكمكم أو نخرب بيوتكم»؛ خياران لا ثالث لهما تعلنهما الحكومة بكل عنجهية وتسويف وتجاهل للأزمة الليبية التي تتفاقم وتتشظى، رغم جميع المحاولات المتعددة لإعادة تجميع الفرقاء. وقد جاء بيان لعمداء بلديات المنطقة الغربية والجبل الغربي ليدعو جميع الليبيين للانتفاض وإسقاط حكومة الدبيبة، حيث ورد في البيان: «نطالب مؤسسات الدولة العسكرية والأمنية والشرطية للانحياز الكامل للشعب الليبي، ودعم انتفاضته الشعبية. حكومة الدبيبة استخفت بدماء أبناء العاصمة، وباعت ورهنت تراب ليبيا للاحتلال الأجنبي، وندعو الشعب الليبي لإطاحة هذه الحكومة العميلة، التي فرطت في السيادة الوطنية ومقدرات الوطن وأزهقت الأرواح، ندعو لإجراء انتخابات حرة ونزيهة، وتشكيل حكومة وطنية توافقية»، وطالبوا مجلسي النواب والدولة وبشكل عاجل، بتسمية رئيس حكومة وطنية جديدة تتولى زمام الأمور، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، بعد تغول الميليشيات وعجز الحكومات المتعاقبة عن احتواء الميليشيات، بما في ذلك حكومة الدبيبة ورضوخها لسطوة الميليشيات لدرجة شرعنتها بوصفها قوات نظامية، في حين هي تدين بالولاء لأمراء الميليشيات، ولا تمتلك الحكومة أي سلطة عليها، سوى أنها تدفع لها الإتاوات. فالميليشيات في العاصمة تشكلت على أساس المال والمصالح المشتركة، وأخرى جهوية كميليشيات من مدينة مصراتة التي تدعم رئيس الحكومة من باب الحمية القبلية، وأخرى من الزنتان، اللتين تتنازعان تقاسم النفوذ في العاصمة، في مقابل ظهور ميليشيات «طرابلسية» التشكيل، مثل ميليشيا غنيوة الذي قتل مؤخراً في كمين نصب له. واعترف رئيس الحكومة بقتل القوة المسلحة التي تحمل رقم 444، قائدَ جهاز دعم الاستقرار، الذي وصف بقائد ميليشيا، في حين أنَّ القوة التابعة له هي بحكم قرار من رئيس الحكومة نفسه وتكليف غنيوة بترؤس جهاز دعم الاستقرار، الذي وصف في أول خلاف بأنَّه ميليشيا، واعتراف رئيس الحكومة بسطوة الميليشيات بذلك في خطاب متلفز بعد انتهاء العمليات القتالية في طرابلس. مقتل قائد جهاز دعم الاستقرار قد يكون جزءاً من خطة التخلص من قائد ميليشيا في ثوب مشرعن مسبقاً. صحيح أن تاريخ الرجل مثقل بالدماء والنهب والابتزاز، لكنه ليوم مقتله كان مشرعناً رسمياً من حكومة تنصلت منه بمجرد مقتله، في حين كان يتسلم الملايين من الدنانير شهرياً من هذه الحكومة. طرابلس العاصمة الليبية أسيرة لمجموعة من الميليشيات المسلحة ذات الطابع الإجرامي والمتطرف، حيث تتنوع فيها الولاءات بين الإسلام السياسي المتطرف، وآخر إجرامي للدفع المسبق كبنادق مستأجرة. طرابلس ميدان سيبيتموس سيفيروس، وطرابلس شارع عمر المختار والسرايا الحمراء وميدان الشهداء وميدان الغزالة، هي اليوم أسيرة ميليشيات الدفع المسبق، حيث سيطرت هذه الميليشيات على العاصمة طرابلس منذ الأيام الأولى لحراك فبراير (شباط) 2011 الذي انتهى بالفوضى وانتشار السلاح، إذ لم يكن هناك أي نية صادقة أو جهد صادق لجمعه ولملمة الفوضى من قبل حلفاء «الناتو» الذي أسقط الدولة الليبية وتركها نهباً للميليشيات، التي أغلبها يدعي التبعية للدولة ويرتدي الملابس العسكرية، ويتقاسم تبعيتها الشكلية تحت وزارات كالداخلية أو الدفاع، بينما الحقيقة هي جماعات غير منضوية تحت سلطة الدولة، بل ميليشيات نهب ومال أسود تتحكم به في قهر السكان ورهن البلاد. طرابلس اليوم تبتلعها نيران الميليشيات، وتغيب فيها سلطة الدولة وسط سطوة المدافع والبنادق، فارتهن القرار السياسي في مؤسساتنا لتوازنات قوى خارجية تتقاسم النفوذ، ومواردنا النفطية، وتُنهب خزائن المال العام.