logo
كارثة صحية جديدة تلوح في الأفق

كارثة صحية جديدة تلوح في الأفق

الدستور١٦-٠٧-٢٠٢٥
تعيش غزة، تلك البقعة الصغيرة المليئة بالتاريخ والتحديات، أزمات متلاحقة يعاني منها أهلها منذ سنوات عدة، لكنها تفاقمت في الأونة الأخيرة بشكل غير مسبوق، يأتي في مقدمة هذه الأزمات، تحذيرات جديدة أطلقتها وزارة الصحة الفلسطينية، حيث تسلط الضوء على خطر داهم يهدد المنظومة الصحية في قطاع غزة، فالنقص الحاد في الوقود جعل المستشفيات في موقف كارثي، حيث يُهدد بإغلاقها التام خلال الساعات القليلة القادمة، مما يعكس حالة الانهيار الوشيك للمنظومة الصحية.
يقف وراء هذه الأزمة المستمرة حصار إسرائيلي مشدد يفرض قيودًا صارمة على دخول الوقود إلى القطاع، ترتكز هذه القيود على مزاعم بأن الوقود قد يُستخدم من قبل حركة حماس في تصنيع الأسلحة، وهو ما تنفيه منظمات الإغاثة الدولية، التي تطالب بضرورة السماح بإدخال الإمدادات الإنسانية بشكل فوري وغير مشروط.
إن أزمة الوقود التي تعصف بقطاع غزة، ليست بالأمر الجديد، لكن الوضع بلغ ذروته في الآونة الأخيرة، ليؤثر بصورة مباشرة على قدرة المستشفيات على تشغيل مولداتها الكهربائية، التي أصبحت تعتمد عليها بشكل كامل نتيجة انقطاع الكهرباء المتواصل، لم تقتصر التداعيات على نقص الوقود، بل امتدت لتشمل أيضًا صعوبات في تأمين قطع الغيار اللأزمة لتشغيل هذه المولدات، الأمر الذي يزيد من تعقيد الوضع الصحي في القطاع.
ليس الوضع الصحي وحده ما يثير القلق، بل يتعداه إلى الوضع البيئي المتدهور في المدينة، فقد حذرت بلدية غزة من كارثة صحية محتملة بسبب طفح أكبر تجمع لمياه الصرف الصحي والأمطار، فمع ارتفاع منسوب هذه المياه بشكل ملحوظ، تعجز الفرق العاملة عن تصريف هذه المياه بسبب نقص الوقود والإمكانيات، إن تفشي مياه الصرف الصحي في الشوارع يشكل تهديدًا كبيرًا للصحة العامة، حيث تُعتبر هذه المياه بيئة خصبة لانتشار الأوبئة والأمراض.
تعيش غزة في ظل أزمة خانقة لا تُحتمل، حيث طالت أزمة الوقود جميع مناحي الحياة، بما في ذلك إنتاج المياه، فقد أكد مسؤول في سلطة المياه بغزة، أن هناك انخفاضًا بنحو 70% في إنتاج آبار المياه، وهذا يعود بشكل رئيسي إلى منع الاحتلال الإسرائيلي من تزويدها بالوقود اللأزم، وذلك منذ أن استأنف عملياته العسكرية في مارس الماضي.
تعتمد سلطة المياه في غزة في الوقت الحالي على مخزون السولار المتاح لمكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع في جنوب القطاع، إلا أن هذا المخزون لن يكفي لأكثر من أسبوع، مما يشير إلى خطر وشيك إذا لم يُسمح بدخوله.
إلى جانب أزمة الوقود، خلفت العمليات العسكرية والقصف الإسرائيلي المستمر آثارًا مدمرة على القطاع الصحي، فقد أدى القصف إلى خروج 22 مستشفى من أصل 38 مستشفى عن الخدمة، مما جعل النظام الصحي على حافة الانهيار، واستمرار الصراع يضع ضغطًا أكبر على المستشفيات المتبقية، والتي تستقبل تدفقًا كبيرًا من الجرحى، ومع تصاعد النزاع، تزداد الحاجة إلى دعم عاجل وسريع من المجتمع الدولي لمواجهة هذه الكارثة الإنسانية.
يتفاقم الوضع الإنساني بشكل يومي في القطاع، مما جعل الحياة اليومية لكثير من الأسر الفلسطينية تكاد تكون غير محتملة، إذ تعي السلطات الإسرائيلية، أن بقاء الكتلة السكانية في قطاع غزة، يشكل خطرًا مستمرًا على أمنها، مما يدفعها لتكثيف الاجراءات التي تهدف إلى زعزعة هذه الكتلة وتفكيكها، حيث تسعى هذه السياسات إلى إيجاد حالة من الإحباط والضعف بين السكان، ما قد يدفعهم إلى الرحيل أو التهجير.
تتواصل الانتهاكات والجرائم الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني بصورة متزايدة ودون رحمة، إن الأفعال الإجرامية التي تتمثل في القتل والهدم والترحيل، تؤكد على التحديات المستمرة التي يواجهها الشعب الفلسطيني، حيث يحمل المشهد العام دلالات واضحة على أن النزيف الفلسطيني مفتوح على مصراعيه، وأن الألم والمعاناة في تزايد مستمر.
في ظل الانتهاكات الجسيمة التي تمارس بحق الفلسطينيين، يبدو أن الدول العربية تتفرج ولا تتحرك بشكل فعلي لوقف هذا الإجرام، فقد ساهم هذا الصمت العربي في منح إسرائيل الشعور بالحصانة تجاه أفعالها، مما يزيد من جموح سلوك المستعمر الإجرامي، الأمر الذي يطرح التساؤلات الآتية: هل سيستمر هذا الوضع إلى ما لا نهاية؟ إلى متى سيبقى الإجرام الإسرائيلي ينتشر بلا رادع؟ متى ستتحرك الأمة العربية بشكل جاد لإنهاء هذا النزيف المستمر بفعالية وحزم؟
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

"الحشيش ليس كالخمر" فتوى سعاد صالح تثير الجدل.. والأوقاف والإفتاء يردان
"الحشيش ليس كالخمر" فتوى سعاد صالح تثير الجدل.. والأوقاف والإفتاء يردان

مصراوي

timeمنذ 2 ساعات

  • مصراوي

"الحشيش ليس كالخمر" فتوى سعاد صالح تثير الجدل.. والأوقاف والإفتاء يردان

أثارت الدكتورة سعاد صالح، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، حالة من الجدل بعد أن أكدت أن تدخين الحشيش يُعتبر جائزًا شرعًا لعدم تأثيره على العقل كالخمور. كما أشارت "صالح" من خلال البرومو دعائي لبودكاست "السر" مع الإعلامية إيمان أبو طالب، إلى أن ترقيع غشاء البكارة مُباح من أجل حماية ستر المرأة. هذه الفتوى دفعت العديد من الجهات لإصدار بيانات عاجلة للحفاظ على الشباب من هذه الظاهرة الخطيرة التي تهدد المجتمع وهي تناول الحشيش حيث أصدرت كل من وزارة الأوقاف ودار الإفتاء وأيضا صندوق مكافح وعلاج الإدمان، تحذيرًا من الحشيش والتي تعتبر جريمة أخلاقية ودينية ووطنية. مادة تسبب الهلاوس والضلالات وأكد صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي، أن مخدر الحشيش يحتوى على مادة تسبب الهلاوس والضلالات، كما يسبب تعاطى مخدر الحشيش تليف الرئة والإصابة بالربو وانخفاضا في ضغط الدم واحمرارا دائما في العين وضمور خلايا المخ وفقدان الشهية وضعف القدرة الجنسية والاكتئاب والقلق وقلة النوم واضطرابات في السلوك وضعف التركيز، كذلك الخلل في إدراك المسافات والزمن. وتابع الصندوق أنه في ظل تكثيف جهود الدولة لرفع وعي الفئات المختلفة بخطورة تعاطى المواد المخدرة وحماية الشباب من الوقوع في براثن الإدمان نجد بعض التصريحات غير المسؤولة صدرت من أستاذة جامعية بجواز تعاطى مخدر الحشيش، في الوقت الذي تؤكد فيه الأمم المتحدة أن السائقين الذين يقودون تحت تأثير مخدر الحشيش تزداد احتمالية تسببهم في الحوادث بمقدار 3 أضعاف مقارنة بغيرهم من السائقين. وأضاف أن أكثر من 50% ممن يتقدمون للعلاج من الإدمان من خلال الخط الساخن رقم "16023" كانوا يتعاطون مخدر الحشيش، الأمر الذي يؤكد مدى الأضرار الجسيمة التي يسببها مخدر الحشيش على الصحة الجسدية والنفسية للشخص الذي يتعاطى هذا المخدر. وأوضح صندوق مكافحة الإدمان أنه جارٍ التنسيق مع المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام بشأن التصدي لمثل هذه التصريحات الهدامة في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي والتي تعمل ضد جهود الدولة في تنفيذ محاور الاستراتيجية القومية لمكافحة المخدرات والحد من مخاطر التعاطي والإدمان. الأوقاف ترد من جانبه أكد الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، أن الحشيش حرام كحرمة الخمر سواء بسواء، محذرًا من التهاون في هذا الباب أو محاولة تسويغ تعاطيه بأي صورة من الصور، مشيرًا إلى أن الادعاء بأنه حلال هو خطأ فادح، لا سيما إذا صدر عن شخصيات عامة أو أكاديمية، لأن في ذلك تضليلًا للرأي العام، وفتحًا لأبواب الانحراف والإدمان. وقال وزير الأوقاف: "لن أطيل بذكر تفاصيل الحكم الشرعي في حُرمته، وإنما أكتفي بالإشارة إلى ما سطّره علماء الإسلام الراسخون، ومنهم الإمام بدر الدين الزركشي في كتابه زهر العريش في تحريم الحشيش، وهو كتاب مطبوع مشهور ومتداول، وكذلك العلامة السيد عبد الله بن الصدِّيق في كتابه واضح البرهان على تحريم الخمر والحشيش في القرآن، وقد طُبع مرات عديدة". وشدّد على أن الاستسهال في تعاطي الحشيش أو الترويج لتحليله هو جريمة شرعية وأخلاقية ومجتمعية، وأن الإثم يتضاعف إذا كان المتعاطي ممن يقود مركبة أو وسيلة نقل عام، لما في ذلك من تعريض لحياته وحياة الناس للخطر، مضيفًا: "فإنه حينئذ لا يرتكب محرّمًا فقط، بل يعرّض أرواحًا بريئة للفناء، وإثم ذلك عند الله عظيم". واختتم وزير الأوقاف بالتنبيه إلى ضرورة تحصين الوعي العام، والرجوع إلى أهل العلم الثقات في فهم الأحكام، وتحمّل المسئولية الوطنية والشرعية في التصدي لكل ما من شأنه أن يُضلّل الناس أو يُشجع على الانحراف. وأكدت دار الإفتاء أنه يَحْرُم شرعًا تناول وتعاطي المخدِّرات بجميع أنواعها وعلى اختلاف مسمياتها؛ لأنها تؤدي إلى مضار جسيمة ومفاسد كثيرة. وأشارت الإفتاء إلى أن المخدِّرات في اللغة جمع مُخدِّر، والمخدِّر مشتق من مادة (خ د ر)، وهذه المادة تدل بالاشتراك على معانٍ: منها: الستر والتغطية، ومنه قيل: امرأة مخدَّرة؛ أي مستترة بخِدْرها، ومنها: الظلمة الشديدة، ومنها: الكسل والفتور والاسترخاء، ومنها: الغَيْم والمطر، ومنها: الحيرة. ينظر: "لسان العرب" (4/ 230-232، ط. دار صادر). والمخدِّرات وفقًا لمنظمة الصحة العالمية هي: (كل مادة خام أو مستحضرة أو مصنعة، يُؤدِّي تناولها إلى اختلال في وظائف الجهاز العصبي المركزي سواء بالتهبيط أو التنشيط أو الهلوسة، مما يُؤثِّر على العقل والحواس، ويسبب الإدمان). ويلاحظ أن التعريف اللغوي والفقهي والطَّبَعي للمخدِّرات يكاد يكون واحدًا، والمعنى الجامع المشترك بين هذه التعاريف أن المخدِّرات يتولَّد عنها فقدانٌ للحس أو فتور. حكم الشرع في تعاطي المخدرات والأدلة على ذلك الإسلام قد كرم الإنسان، وجعل المحافظة على النفس والعقل مِن الضروريات الخمس التي دعا إلى المحافظة عليها، وهي: الدين، والنفس، والنسل، والعقل، والمال؛ حتى يمكن للإنسان أن يكون خليفةً لله في الأرض ويقوم بعِمارتها. لذلك حرَّم الإسلام تحريمًا قاطعًا كل ما يضُرُّ بالنفس والعقل، ومن هذه الأشياء التي حرمها: المخدِّرات بجميع أنواعها على اختلاف مسمياتها من مخدِّرات طبيعية وكيمائية، وأيًّا كانت طرق تعاطيها، عن طريق الشرب، أو الشم، أو الحقن؛ لأنها تؤدي إلى مضار جسيمة ومفاسد كثيرة، فهي تفسد العقل، وتفتك بالبدن، إلى غير ذلك من المضارِّ والمفاسد؛ حيث يقول تعالى: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ [البقرة: 195]، ويقول تعالى: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾ [النساء: 29]، فقد نصت الآيتان على النهي عن الإضرار بالنفس، والإلقاء بها في المهالك، والأمر بالمحافظة عليها من المخاطر، ومعلوم أنَّ في تعاطي المخدِّرات هلاكًا ظاهرًا، وإلقاءً بالنفس في المخاطر.

بعد تصريح سعاد صالح.. انتفاضة ضد إباحة شرب الحشيش ومكافحة المخدرات يتحرك
بعد تصريح سعاد صالح.. انتفاضة ضد إباحة شرب الحشيش ومكافحة المخدرات يتحرك

مصراوي

timeمنذ 2 ساعات

  • مصراوي

بعد تصريح سعاد صالح.. انتفاضة ضد إباحة شرب الحشيش ومكافحة المخدرات يتحرك

أثارت الدكتورة سعاد صالح، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، حالة من الجدل بعد أن أكدت أن تدخين الحشيش يُعتبر جائزًا شرعًا لعدم تأثيره على العقل كالخمور. كما أشارت "صالح" من خلال البرومو دعائي لبودكاست "السر" مع الإعلامية إيمان أبو طالب، إلى أن ترقيع غشاء البكارة مُباح من أجل حماية ستر المرأة. هذه الفتوى دفعت العديد من الجهات لإصدار بيانات عاجلة للحفاظ على الشباب من هذه الظاهرة الخطيرة التي تهدد المجتمع وهي تناول الحشيش حيث أصدرت كل من وزارة الأوقاف ودار الإفتاء وأيضا صندوق مكافح وعلاج الإدمان، تحذيرًا من الحشيش والتي تعتبر جريمة أخلاقية ودينية ووطنية. مادة تسبب الهلاوس والضلالات وأكد صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي، أن مخدر الحشيش يحتوى على مادة تسبب الهلاوس والضلالات، كما يسبب تعاطى مخدر الحشيش تليف الرئة والإصابة بالربو وانخفاضا في ضغط الدم واحمرارا دائما في العين وضمور خلايا المخ وفقدان الشهية وضعف القدرة الجنسية والاكتئاب والقلق وقلة النوم واضطرابات في السلوك وضعف التركيز، كذلك الخلل في إدراك المسافات والزمن. وتابع الصندوق أنه في ظل تكثيف جهود الدولة لرفع وعي الفئات المختلفة بخطورة تعاطى المواد المخدرة وحماية الشباب من الوقوع في براثن الإدمان نجد بعض التصريحات غير المسؤولة صدرت من أستاذة جامعية بجواز تعاطى مخدر الحشيش، في الوقت الذي تؤكد فيه الأمم المتحدة أن السائقين الذين يقودون تحت تأثير مخدر الحشيش تزداد احتمالية تسببهم في الحوادث بمقدار 3 أضعاف مقارنة بغيرهم من السائقين. وأضاف أن أكثر من 50% ممن يتقدمون للعلاج من الإدمان من خلال الخط الساخن رقم "16023" كانوا يتعاطون مخدر الحشيش، الأمر الذي يؤكد مدى الأضرار الجسيمة التي يسببها مخدر الحشيش على الصحة الجسدية والنفسية للشخص الذي يتعاطى هذا المخدر. وأوضح صندوق مكافحة الإدمان أنه جارٍ التنسيق مع المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام بشأن التصدي لمثل هذه التصريحات الهدامة في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي والتي تعمل ضد جهود الدولة في تنفيذ محاور الاستراتيجية القومية لمكافحة المخدرات والحد من مخاطر التعاطي والإدمان. الأوقاف ترد من جانبه أكد الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، أن الحشيش حرام كحرمة الخمر سواء بسواء، محذرًا من التهاون في هذا الباب أو محاولة تسويغ تعاطيه بأي صورة من الصور، مشيرًا إلى أن الادعاء بأنه حلال هو خطأ فادح، لا سيما إذا صدر عن شخصيات عامة أو أكاديمية، لأن في ذلك تضليلًا للرأي العام، وفتحًا لأبواب الانحراف والإدمان. وقال وزير الأوقاف: "لن أطيل بذكر تفاصيل الحكم الشرعي في حُرمته، وإنما أكتفي بالإشارة إلى ما سطّره علماء الإسلام الراسخون، ومنهم الإمام بدر الدين الزركشي في كتابه زهر العريش في تحريم الحشيش، وهو كتاب مطبوع مشهور ومتداول، وكذلك العلامة السيد عبد الله بن الصدِّيق في كتابه واضح البرهان على تحريم الخمر والحشيش في القرآن، وقد طُبع مرات عديدة". وشدّد على أن الاستسهال في تعاطي الحشيش أو الترويج لتحليله هو جريمة شرعية وأخلاقية ومجتمعية، وأن الإثم يتضاعف إذا كان المتعاطي ممن يقود مركبة أو وسيلة نقل عام، لما في ذلك من تعريض لحياته وحياة الناس للخطر، مضيفًا: "فإنه حينئذ لا يرتكب محرّمًا فقط، بل يعرّض أرواحًا بريئة للفناء، وإثم ذلك عند الله عظيم". واختتم وزير الأوقاف بالتنبيه إلى ضرورة تحصين الوعي العام، والرجوع إلى أهل العلم الثقات في فهم الأحكام، وتحمّل المسئولية الوطنية والشرعية في التصدي لكل ما من شأنه أن يُضلّل الناس أو يُشجع على الانحراف. وأكدت دار الإفتاء أنه يَحْرُم شرعًا تناول وتعاطي المخدِّرات بجميع أنواعها وعلى اختلاف مسمياتها؛ لأنها تؤدي إلى مضار جسيمة ومفاسد كثيرة. وأشارت الإفتاء إلى أن المخدِّرات في اللغة جمع مُخدِّر، والمخدِّر مشتق من مادة (خ د ر)، وهذه المادة تدل بالاشتراك على معانٍ: منها: الستر والتغطية، ومنه قيل: امرأة مخدَّرة؛ أي مستترة بخِدْرها، ومنها: الظلمة الشديدة، ومنها: الكسل والفتور والاسترخاء، ومنها: الغَيْم والمطر، ومنها: الحيرة. ينظر: "لسان العرب" (4/ 230-232، ط. دار صادر). والمخدِّرات وفقًا لمنظمة الصحة العالمية هي: (كل مادة خام أو مستحضرة أو مصنعة، يُؤدِّي تناولها إلى اختلال في وظائف الجهاز العصبي المركزي سواء بالتهبيط أو التنشيط أو الهلوسة، مما يُؤثِّر على العقل والحواس، ويسبب الإدمان). ويلاحظ أن التعريف اللغوي والفقهي والطَّبَعي للمخدِّرات يكاد يكون واحدًا، والمعنى الجامع المشترك بين هذه التعاريف أن المخدِّرات يتولَّد عنها فقدانٌ للحس أو فتور. حكم الشرع في تعاطي المخدرات والأدلة على ذلك الإسلام قد كرم الإنسان، وجعل المحافظة على النفس والعقل مِن الضروريات الخمس التي دعا إلى المحافظة عليها، وهي: الدين، والنفس، والنسل، والعقل، والمال؛ حتى يمكن للإنسان أن يكون خليفةً لله في الأرض ويقوم بعِمارتها. لذلك حرَّم الإسلام تحريمًا قاطعًا كل ما يضُرُّ بالنفس والعقل، ومن هذه الأشياء التي حرمها: المخدِّرات بجميع أنواعها على اختلاف مسمياتها من مخدِّرات طبيعية وكيمائية، وأيًّا كانت طرق تعاطيها، عن طريق الشرب، أو الشم، أو الحقن؛ لأنها تؤدي إلى مضار جسيمة ومفاسد كثيرة، فهي تفسد العقل، وتفتك بالبدن، إلى غير ذلك من المضارِّ والمفاسد؛ حيث يقول تعالى: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ [البقرة: 195]، ويقول تعالى: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾ [النساء: 29]، فقد نصت الآيتان على النهي عن الإضرار بالنفس، والإلقاء بها في المهالك، والأمر بالمحافظة عليها من المخاطر، ومعلوم أنَّ في تعاطي المخدِّرات هلاكًا ظاهرًا، وإلقاءً بالنفس في المخاطر.

غزة تنعى الضمير العالمي.. صرخات الجوع تُمزق صمت القوانين والمداد!
غزة تنعى الضمير العالمي.. صرخات الجوع تُمزق صمت القوانين والمداد!

يمني برس

timeمنذ 6 ساعات

  • يمني برس

غزة تنعى الضمير العالمي.. صرخات الجوع تُمزق صمت القوانين والمداد!

يمني برس | تقرير خاص في مشهدٍ تراجيديٍّ لم تعرف البشرية مثيلاً له في عصرنا الحديث، تتكشف فصول كارثة إنسانية متفاقمة في قطاع غزة، حيث لم يعد التجويع مجرد نتيجة عرضية لحرب، بل أصبح سلاحاً ممنهجاً يُشهَر في وجه شعبٍ أعزل. إنها ليست مجرد أزمة إنسانية عابرة، بل هي لوحةٌ قاتمةٌ تُرسَم بدماء الأطفال وأنين الأمهات، في ظل صمتٍ دوليٍّ يثير الدهشة والاستنكار، ويُلقي بظلالٍ قاتمةٍ على مصداقية القانون الدولي ومبادئ حقوق الإنسان التي لطالما تغنى بها العالم. تتقدم الأم الفلسطينية، آلاء النجار، بنعيها المؤثر لطفلها الرضيع يحيى، الذي لم يتجاوز ثلاثة أشهر من عمره، فارق الحياة في خان يونس بتاريخ 20 يوليو 2025، ليكون ضحية جديدة لسوء التغذية الشديد. صرخة هذه الأم الموجعة، التي وثقتها وكالة رويترز، ليست سوى نقطة في بحرٍ من المآسي اليومية. أطفالٌ تتضاءل أجسادهم، وبعضهم لا يتجاوز وزنه الكيلوغرام ونصف، لا يموتون من نقص الحب، بل من نقص السعرات الحرارية، في إشارةٍ واضحةٍ إلى حجم الفاجعة التي تشهدها غزة. تروي شاميلا إسلام ذو الفقار، الطبيبة والعاملة في مجال المساعدات الإنسانية والأم، التي قضت عقدين من الزمن في الاستجابة للأزمات في سوريا واليمن وباكستان وغيرها، شهادتها الصادمة: 'لم أرَ معاناةً كهذه في غزة. يجب أن تنتهي.' تؤكد ذو الفقار أن التجويع المتعمد لأكثر سكان غزة ضعفاً يمثل 'فضيحة أخلاقية وجريمة حرب تتطلب تدخلاً دولياً عاجلاً'. إنها كلماتٌ تخرج من قلبٍ عاش وعاين الألم، لتؤكد أن ما يجري يتجاوز كل ما شهدته في مناطق النزاع الأخرى. لقد عاينت هزال الأطفال البطيء، وشاهدت دموع الأمهات الصامتة، وحملت أطفالاً يحتضرون بين ذراعيها، لكن ما يحدث في غزة، على حد تعبيرها، أصبح 'الوضع الطبيعي'، والعالم 'يراقب في صمت'. تصف ذو الفقار الوضع بأنه 'اعتداء ممنهج على صحة الأم والطفل'. ففي غزة اليوم، تتم عمليات الولادة القيصرية دون مسكنات ألم مناسبة، وتلد النساء في الخيام وبين الأنقاض، وفي عيادات مكتظة تفتقر لأدنى مقومات الرعاية الصحية من تخدير ومضادات حيوية ومستلزمات نظافة. أمهاتٌ يعانين من سوء التغذية الشديد، لا يستطعن إنتاج حليب الثدي، ورُضّعٌ مثل لينا ذات الستة أشهر، التي ولدت بوزن ناقص وتعتمد على الحليب الصناعي، يتضورون جوعاً مع نفاد الإمدادات. لقد تحول القطاع الساحلي الصغير إلى 'مقبرة للأطفال وجحيم للجميع'، كما وصفت اليونيسف في 31 أكتوبر 2023. يؤكد القانون الإنساني الدولي بوضوح أن 'تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب يعد جريمة حرب'. لكن في غزة، لا يبدو أن هذا المبدأ يجد له تطبيقاً. فالهدف السياسي من تجويع أهل غزة ليس فشلاً لوجستياً، بل هو جريمة مكتملة الأركان ضد الإنسانية. في ظل هذه المآسي التي لم تعد معزولة، بل باتت تمثل الوضع الطبيعي، حيث يشهد العاملون في مجال الصحة كارثة صحية عامة في الوقت الحقيقي، وهم غير قادرين على التحرك، فأيديهم مقيدة بسبب تدمير نظام الرعاية الصحية والعرقلة المتعمدة للمساعدات. تفيد تقديرات مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) بأن أكثر من 71 ألف طفل دون سن الخامسة، ونحو 17 ألف امرأة حامل ومرضعة، يحتاجون إلى علاج عاجل لسوء التغذية الحاد. كما تشير تقديرات هيئة الأمم المتحدة للمرأة إلى أن أكثر من 557 ألف امرأة يواجهن انعدام الأمن الغذائي الشديد. في وحدات الأطفال حديثي الولادة بخان يونس ورفح، يتشبث الأطفال الخدج بالحياة على قطرات متناقصة من الحليب الصناعي المستنزف، ويحذر موظفو مستشفى ناصر من نفاد آخر علب حليب الأطفال الطبي المتخصص. تتوالى دعوات المنظمات الإنسانية والأمين العام للأمم المتحدة والعديد من الدول الإقليمية والأوروبية إلى الاستئناف الفوري للممرات الإنسانية، لتمكين التسليم الآمن والمستدام للغذاء والوقود وحليب الأطفال والإمدادات الطبية. لكن هذه الدعوات تصطدم بتجاهلٍ صارخٍ من قِبل الكيان الصهيوني، الذي يواصل غطرسته في وضح النهار. فمنظمة هيومن رايتس ووتش، على سبيل المثال، تؤكد منذ أبريل 2024 أن 'أطفال غزة بدأوا يموتون جوعاً'. وفي مايو 2024، أمرت محكمة العدل الدولية بضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة دون عوائق، لكن هذه الأوامر بقيت حبراً على ورق. إن هذا الفشل في التنفيذ يفوق الوصف بالإهمال، ليصبح تواطؤٌ مُدانٌ يُعرّي زيف الشعارات الدولية حول حقوق الإنسان والقانون الدولي. ترى ذو الفقار أن 'هذه حالة طوارئ طبية، حالة طوارئ إنسانية، حالة طوارئ أخلاقية'. وتشدد على ضرورة إنشاء مناطق رعاية الأمومة والطفولة الطارئة، وتوفير برامج التغذية العاجلة، وضمان الامتثال لأحكام محكمة العدل الدولية من خلال الضغط والآليات القانونية وحظر الأسلحة. لكنها في ذات تؤكد على حقيقة 'إن استمرار السماح للكيان الصهيوني بارتكاب انتهاكات واسعة النطاق لقوانين الحرب، سيظل يشكل سابقة قاتلة ستؤدي إلى إزهاق الأرواح لسنوات قادمة، بعيداً عن حدود غزة. بل إن الفشل في التصرف الآن لن يعرض أطفال غزة للخطر فحسب، بل سيعرض أطفال جميع الحروب المستقبلية للخطر.' لم تغب أخبار مقتل هؤلاء الأطفال وحشياً عن وسائل الإعلام الغربية، بل صارت جزءاً من الصمت المؤسسي الذي دعم مشروع الإبادة الصهيونية لأكثر من 21 شهراً. لقد دخلت الإبادة الجماعية، المدعومة من الغرب، في قطاع غزة مرحلتها الأكثر دموية، وما زال العالم غارقاً في سباته. لقد شهد هذا الصيف ارتفاعاً في معدلات القتل اليومي للفلسطينيين، بمعدل 100 روح تُذبح يومياً، ومعظمهم يعانون بالفعل من آلام الجوع وسط حملة تجويع جماعي من صنع الإنسان. تُقصف أجساد الأطفال الهشة، وتُحرق الأبرياء أحياءً في ملاجئ المدارس، ويُدفنون تحت أنقاض منازلهم، حتى قبل ولادتهم، تُقتلع الأجنة من أرحام أمهاتهم بقوة القنابل. وفي مثال مؤلم، فشلت جثة الجنين سعيد سامر اللقا، البالغ من العمر ثمانية أشهر، والذي وُثقت لقطاته وانتشرت على نطاق واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي، في تسجيل أي ذكر لها في وسائل الإعلام الرئيسية. غيابه عن العناوين الرئيسية هو جزء من الصمت المؤسسي الذي أدام مشروع الإبادة الجماعية الصهيوني لأكثر من واحد وعشرين شهراً. حتى عندما يُعترف بوفاتهم، يُختزل أطفال غزة إلى مجرد أرقام خسائر بشرية. ولكن قتلهم لم يكن يوماً ضرراً جانبياً، بل هو جهد متعمد لإخماد مخاوف الكيان الصهيوني المستقبلية: جيل من الفلسطينيين المولودين تحت الحصار، والذين يُهدد بقاؤهم وذاكرتهم ورغبتهم الإنسانية الفطرية في الحرية والكرامة، أسس كياناً استعمارياً استيطانياً مبنياً على محو وجودهم. في 12 يوليو، وحسب ميدل إيست آي، قُتل يوسف الزق، الذي كان يبلغ من العمر بالكاد 17 عاماً، إلى جانب ابنة أخيه وابن أخيه ماريا وتميم، في هجوم صهيوني على المبنى الذي يقطنونه في مدينة غزة. يوسف، الذي عُرف بأنه أصغر رهينة فلسطيني، وُلد في أحد سجون الكيان الصهيوني عام 2008، بعد اعتقال والدته فاطمة الزاق. قصته تروي فصولاً من المعاناة، فوالدته تعرضت للتعذيب، وأنجبته مقيدة الذراعين والساقين، وتلقى الحد الأدنى من الرعاية الطبية. قضى يوسف أول عشرين شهراً من حياته خلف القضبان، ثم أُطلق سراحه ضمن صفقة تبادل أسرى. وصفه ابن عمه أحمد سهمود بـ 'زهرة العائلة' و'شاب هادئ ومحبوب جداً'. لكن العائلة تعتقد أن يوسف كان مستهدفاً عمداً من قبل الكيان الصهيوني، لأن 'ولادته وقصته كشفتا الاحتلال. لهذا السبب لم يريدوا له البقاء على قيد الحياة'. لقد أصبح الموت واقعاً مريعاً، حيث قُتل أكثر من 17 ألف طفل، وفقاً لوزارة الصحة في غزة، وهو عدد أقل بكثير من العدد الحقيقي، إذ لا يشمل المفقودين والآلاف الذين لا يزالون مدفونين تحت الأنقاض. هذا العدد يعني أن الكيان الصهيوني قتل ما معدله 30 طفلاً يومياً منذ 7 أكتوبر 2023، أي ما يعادل فصلاً دراسياً واحداً، أو طفلاً كل 45 دقيقة. إن استهداف الأطفال استراتيجية باتت صهيونية ممنهجة. يُدرك الكيان الصهيوني أن مليون طفل في غزة يمثلون شريحةً سكانيةً شبابيةً متنامية، وهو تحدٍّ ديموغرافيٍّ يهدد وجوده. فبالنسبة لقوة استعمارية عنيفة، فإن الطفل الذي يحمل كتاباً أو حلماً أو ذكرى هو أكثر خطورة من أي سلاح. لقد اعتمد المشروع الاستيطاني الاستعماري، عبر الزمن والجغرافيا، بالإضافة إلى إعمال الغزو المادي، إلى محو الهوية، وتفتيت المجتمع، وقمع المقاومة المستقبلية. إن الإبادة الجماعية أصبحت استراتيجية رسمية، و'تقليص' عدد سكان غزة سياسة استعمارية. يهدف هذا الاستهداف الشرير إلى الهجوم المتعمد على عملية الإنتاج الاجتماعي لمجتمع أصيل. إنه إبادة جماعية سريعة بالقنابل والصواريخ، وإبادة جماعية بطيئة بالتجويع والاعتقالات الجماعية وتدمير الرعاية الصحية، مما يخلق بيئة خصبة للأمراض، حيث يكون الأطفال الأكثر عرضة للخطر. من رحم هذه الفوضى، المصممة لكسر روح التحرير والعدالة، تستغل القوى الاستعمارية الفراغ لتوسيع المستوطنات غير القانونية ونهب الارض والموارد الطبيعية. في غزة، يمثل الأطفال المستقبل المتجذر في المعرفة والذاكرة التاريخية. وفي مجتمع يتمتع بأحد أعلى معدلات الإلمام بالقراءة والكتابة في المنطقة، وعلى الرغم من عقود من الحصار والقصف، فإن الشباب المتعلم باقون كرموز للبقاء؛ ونواة للتحرر. إن غزة اليوم، بصيحات جوع أطفالها ومآسي أمهاتها، وهي تنعى المجتمع الدولي، والقانون الدولي، وحقوق الإنسان، ومبادئ وقيم الاستقلال والسيادة والحريات. توجه دعوةٌ صريحةٌ للعالم كي يستفيق من سباته، فما يحدث هناك هو محوٌ واضح وممنهجٌ للإنسانية أمام مرأى ومسمع الجميع. فهل يستمر الصمت أم يتحرك الضمير العالمي قبل فوات الأوان؟

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store