
مصانع الظل: كيف تحوّل العراق إلى ورشة أسلحة إيرانية لصراعات المنطقة
الحرةفي زوايا معتمة تحت الأرض، وفي مناطق عسكرية مغلقة لا تدخلها حتى الدولة، تتوسع بصمت إمبراطورية تسليح تقودها إيران من قلب العراق.
ليست مجرد شحنات تمر عبر الحدود، بل مصانع متكاملة، وخبراء تحت غطاء دبلوماسي، وتكنولوجيا حربية متقدمة تُبنى وتُختبر داخل الأراضي العراقية ـ وكل ذلك تحت مظلة هيئة الحشد الشعبي.
من الطائرات المسيّرة الانتحارية إلى صواريخ "رعد 1" بعيدة المدى، لم تعد هذه الأسلحة تُصنع في طهران فحسب، بل أيضا في جرف الصخر والزعفرانية وعين التمر والنهراون، لتغذي صراعات في اليمن، وسوريا، ولبنان.
والنتيجة؟ عراق محاط بالاتهامات، غارق في شبكات السلاح، ومهدد بالتورط في حروب لا تعنيه.
ورغم محاولات الحكومة العراقية التأكيد على ضرورة حصر السلاح بيد الدولة، يظهر الواقع على الأرض عكس ذلك، مع عشرات الميليشيات التي لا تزال تحتفظ بترسانتها من الأسلحة وتعمل كذراع إقليمي لطهران.
في خضم الحرب ضد تنظيم داعش قبل بعض سنوات، استطاعت إيران نقل جزء من تكنولوجيتها العسكرية إلى العراق، وأسست بنية تحتية لصناعة الأسلحة وتخزينها، بالتعاون مع الفصائل العراقية المسلحة الموالية لطهران.
تنتج مصانع السلاح التابعة لمديرية الإنتاج الحربي في هيئة الحشد الشعبي طائرات مسيرة وصواريخ بالستية متنوعة المديات، وتطور دبابات ومدرعات روسية وأنظمة اتصالات رقمية وغرف تحكم وسيطرة، إلى جانب مدافع ثقيلة وقذائف وقطع غيار وأسلحة متوسطة وخفيفة وذخائر.
ورغم حديث هيئة الحشد الشعبي عن تطوير قدرات تسليحية أحيانا، اعتذر العديد من السياسيين وحتى الخبراء العراقيين المقربين من أحزاب السلطة والمعارضين أيضا، من الحديث عن الموضوع.
ويرجح خبراء وسياسيون تحدث معهم موقع "الحرة" التكتم عن الموضوع ناتج الخوف من التعرض للاستهداف أيدي مخابرات الحرس الثوري الإيراني التي تتولى "بالتنسيق مع المليشيات العراقية ملف حماية الخبراء الإيرانيين ومواقع صناعة الأسلحة والصواريخ.
ولمعرفة تفاصيل الصناعات الحربية في هيئة الحشد الشعبي، تواصل موقع "الحرة"،
واعتذر كريم الكناني، مسؤول العلاقات في هيئة الحشد، عن التصريح، قائلا إنه "ليس مخولا" التصريح عن هذا الموضوع، بينما لم يجب المتحدث الرسمي للهيئة، مؤيد الساعدي، على أسئلة "الحرة".
في المقابل، يشير القيادي في حزب الحرية الكردستاني الإيراني المعارض، خليل نادري، إلى أن إيران ما زالت تواصل تزويد مليشياتها في العراق بالسلاح، وترسل عبر العراق السلاح وقطع الغيار إلى ميليشياتها في اليمن ولبنان.
ويضيف نادري لموقع "الحرة" أن "الحرس الثوري يتبع طريقتين لتزويد المليشيات في العراق والمنطقة بالسلاح: الأولى هي إرسال الأسلحة بشكل مباشر، والثانية إرسال قطع الغيار والخبراء المختصين بصناعة الأسلحة إلى هذه البلدان".
ويلفت نادري إلى أن قطع غيار الأسلحة تصل على شكل قطع متفرقة كي لا تثير الشكوك بينما يدخل الخبير الإيراني تحت غطاء موظف دبلوماسي وينتقل فيما بعد إلى موقع صناعة الأسلحة.
ويشير نادري إلى أن الأسلحة التي يصنعها الحشد الشعبي في العراق، وخاصة الطائرات والصواريخ، لم تكن خاصة بتسليح المليشيات داخل العراق فحسب، بل زود الحرس الثوري مليشيات الحوثي وحزب الله اللبنانية بها.
وتتوزع مصانع سلاح الحشد الشعبي، وفقا لنادري، في مناطق متفرقة من العراق، منها مصانع تحت الأرض مخفية تمام عن الأنظار، وأخرى في مناطق عسكرية مغلقة لا تستطيع حتى الجهات الحكومية العراقية دخولها، ومنها المصانع الواقعة في بلدة جرف الصخر جنوب غربي العاصمة بغداد.
ويضيف نادري "تحتضن بلدة جرف الصخر مواقع رئيسية لصناعة الصواريخ ومحركاتها وإنتاج وقودها. وتنتج هذه المواقع صواريخ قصيرة المدى إلى جانب إنتاج الصواريخ البالستية واختبارها، بينما تتمركز في بلدة الزعفرانية جنوب شرقي بغداد صناعة صواريخ أرض ـ أرض وقذائف الهاون الثقيلة".
ويشير نادري إلى أن بلدات عين التمر في محافظة كربلاء، والنهراون في بغداد، تحتضن هي الأخرى مصانع صواريخ ومخازن خاصة بتخزين هذه الصواريخ إلى جانب مصانع خاصة بالذخائر ومخازنها أيضا.
ووفق القيادي الكردي الإيراني، أنشأ الحرس الثوري مصنعا لإنتاج الصواريخ ومنها صاروخ "رعد1"، وهو من فئة الصواريخ بعيدة المدى الذي يعرف بإمكانياته الكبيرة في تجنب الدفاعات الجوية.
واستعرضت هيئة الحشد الشعبي طائرات مسيرة قالت إنها من صناعاتها الحربية، خلال الاستعراض العسكري الذي نظمته بمناسبة الذكرى السابعة لتأسيسها عام 2021.
وأشارت "قناة العالم" الإيرانية في تقرير مصور عن الاستعراض، إلى أن الطائرات المسيرة التي استعرضها الحشد كانت إحداها شبيهة بطائرات "سايا" الإيرانية وطائرات "صماد 3"، التي تستخدمها مليشيات الحوثي اليمنية في هجماتها، وهي طائرات انتحارية.
وفي استعراض لها عام 2022، كشفت هيئة الحشد عن أسلحة جديدة ومتطورة، وأشارت مواقع عراقية وأخرى إيرانية قريبة من الحرس الثوري، إلى أن أبرز الأسلحة التي استعرضها الحشد شملت منظومة حسيب والراصد للقيادة والتحكم في الطائرات المسيرة، ودبابات 72T الروسية، التي أجرت عليها شركة كرار الإيرانية تعديلا تمثل بإضافة الدروع الجانبية لها، إلى جانب استعراض أجهزة تشويش، وأبراج اتصالات متنقلة حديثة.
وتكشف معلومات دقيقة حصل عليها موقع "الحرة" من حزب الحرية الكردستاني المعارض، عن وجود العديد من الشركات الإيرانية المختصة بالصناعات العسكرية مرتبطة بالحشد الشعبي، وتعمل فرق مهندسيها وخبرائها داخل مصانع أسلحة الحشد.
من تلك الشركات شركة "رستافن ارتباط" التي تشكل جزءا من الصناعات الدفاعية الإيرانية، وهي مختصة بتوفير خدمات الاتصال والمعدات المختصة بالاتصالات والمنظومات الإلكترونية وقطع غيار الأسلحة للقوة الجوية التابعة للحرس الثوري ومجموعة صناعات الصواريخ البحرية الإيرانية، إلى جانب الرادارات.
وإلى جانب "رستافن ارتباط"، تنشط في هذا المجال شركة "فناور موج خاور"، المعروفة بـ"فناموج"، المختصة بصناعة الصواريخ وتجربتها وهي شركة تصميم وصناعة كافة أنواع الصواريخ ومكوناتها.
وتشير معلومات "حزب الحرية" الكردستاني الإيراني إلى أن شركة شاهد لصناعات الطيران موجودة أيضا في العراق، وهي شركة إيرانية مختصة بتصميم وصناعة المروحيات والطائرات المسيرة، وتنقل هذه الشركة طائراتها المسيرة من طراز "شاهد101" و"شاهد136" على شكل قطع إلى داخل العراق ليتم تجميعها داخل مصانع الحشد الشعبي.
وضمن متابعته لملف صناعة السلاح الإيراني في العراق، تواصل موقع "الحرة" مع قيادي في أحد الأحزاب العراقية القريبة من الإطار التنسيقي، الذي اشترط عدم الإشارة الى اسمه أو اسم حزبه مقابل الحديث عن ملف صناعات الحشد الشعبي الحربية.
وفي عام 2018، نقلت رويترز في تقرير استقصائي عن مصادر إيرانية وعراقية وغربية "أن طهران قدمت صواريخ باليستية لجماعات شيعية تقاتل بالوكالة عنها في العراق، وإنها تطور القدرة على صنع مزيد من الصواريخ هناك لدرء الهجمات المحتملة على مصالحها في الشرق الأوسط ولامتلاك وسيلة تمكنها من ضرب خصومها في المنطقة".
وخلال السنوات الماضية، تسببت أسلحة المليشيات بإحراج العراق دوليا عبر هجماتها المتكررة على قواعد عسكرية ومصالح أميركية في إقليم كردستان ومناطق العراق الأخرى وسوريا، واستهدافها للداخل الإسرائيلي.
وعلى الرغم من أن الحكومة العراقية تؤكد باستمرار سعيها لحصر السلاح بيدها، بما في ذلك سلاح المليشيات المسلحة، لكن دون جدوى فهذه المليشيات ما زالت متمسكة بأسلحتها.
وقال مستشار رئيس الوزراء العراقي للعلاقات الخارجية، فرهاد علاء الدين، في تصريح لموقع "الحرة" في أبريل الماضي، إن رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، أكد في أكثر من مناسبة التزام العراق الثابت بحصر السلاح بيد الدولة، وضمان خضوع جميع التشكيلات المسلحة، بما في ذلك هيئة الحشد الشعبي، بشكل كامل للقائد العام للقوات المسلحة.
وأوضح علاء الدين أن "الحكومة تمضي بخطى مدروسة نحو استكمال هيكلة المنظومة الأمنية، من خلال حوارات بنّاءة مع مختلف الأطراف الوطنية، بهدف تعزيز سلطة الدولة، وحماية السلم والاستقرار، ومنع أي محاولات لزجّ العراق في صراعات إقليمية لا تخدم مصالحه".
ويرى السياسي العراقي المستقل، مثال الآلوسي، أن هدف إيران من تصنيع المسيرات والصواريخ محليا بأيادي عراقية داخل العراق هو إطلاق يد المليشيات فوق الدولة والقيام بإرهاب الأطراف العراقية لغرض ابتزازها أو السيطرة عليها، وابعاد مسؤولية هذا الإرهاب عن طهران.
ويضيف الآلوسي لموقع "الحرة"، "ينبغي فهم أن عمليات تصنيع السلاح الإيراني خارج إيران تجري ضمن شراكة كبرى تعتمد على المال العراقي والغطاء والنقل بمساهمة عراقية وكذلك العاملين والمصنعين، والجميع شركاء في رسم صورة تحكم طهران بالإرهاب الإقليمي".
وأضاف أن "إيران تعمل بأصابعها العراقية لتنفيذ أهدافها ومنها إعادة تسليح حزب الله اللبناني والجماعات الأخرى الموالية لها في المنطقة".
وتنضوي تحت جناح الحشد الشعبي أكثر من 70 ميليشيا مسلحة معروفة، إلى جانب عشرات من الميليشيات غير المعروفة، التي أشرف الحرس الثوري الإيراني عبر جناحه الخارجي "فيلق القدس" على تأسيسها في أوقات مختلفة، وقد شاركت غالبية هذه الفصائل خلال السنوات الماضية في الحرب الأهلية في سوريا ضمن صفوف المليشيات الإيرانية.
وأعلنت مساندتها لحزب الله اللبناني وشنت العديد من الهجمات الصاروخية على أهداف داخل إسرائيل خلال عامي 2023 و2024 قبل إعلانها إيقاف الهجمات مؤقتا في نهاية العام الماضي 2024.
ويعتقد المحلل السياسي في مركز "رامان" للبحوث والاستشارات، شاهو قرداغي، أن خطاب قيادات الحشد الشعبي وذهابهم سابقا للقتال خارج العراق يبين أن جزءا من هذه الأسلحة، رغم ادعاء استخدامها للدفاع عن العراق فقط، انتهت بيد فصائل موالية لإيران خارج العراق، سواء في سوريا أو غيرها.
ويوضح قرداغي لموقع "الحرة" أن "وصول هذه الأسلحة إلى فصائل غير عراقية خطر حقيقي يهدد بتوريط العراق في صراعات ومشاكل خارجية هو في غنى عنها خاصة في ظل حالة الهدوء والاستقرار وتوفير الخدمات التي يعيشها البلد خلال الفترة الحالية".
ويؤكد قرداغي على أن إيران تستغل الأراضي العراقية كقاعدة خلفية لتسليح وتمويل أذرعها المسلحة في المنطقة، فهي تُدخل خبراء وسلاح عبر حدود غير خاضعة لسيطرة الدولة، وتستخدم الفصائل كغطاء لتمرير السلاح إلى مليشياتها في سوريا ولبنان واليمن، مما يورط العراق في صراعات إقليمية لا ناقة له فيها ولا جمل.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

القناة الثالثة والعشرون
منذ 21 ساعات
- القناة الثالثة والعشرون
داعش يبعث برسائل الدم إلى دمشق ويعلن "الجهاد" ضد الشرع
من بين ركام الهدوء الهش الذي يغلف المشهد السوري يعود تنظيم "داعش" ليُعلن عن نفسه من جديد، ليس بهجوم واحد أو تفجير معزول بل بحملة من الهجمات المتصاعدة والمنظمة التي طالت مناطق شرق سوريا، وصولًا إلى مراكز نفوذ الحكومة الجديدة في دمشق. شهدت مدينة دير الزور، خلال الأشهر الأخيرة، تصاعدًا ملحوظًا في نشاط تنظيم "داعش"، وفقًا لِما أفادت به مصادر محلية. حيث كثف التنظيم من هجماته ضد قوات (قسد)، رغم الإجراءات الأمنية المشددة في المنطقة، ولم تتوقف العمليات عند هذا الحد، بل امتدت لتطال مواقع تابعة للقوات الحكومية السورية، وذلك في أعقاب اتهامات وجهها التنظيم للرئيس السوري أحمد الشرع بـ"التحالف مع الطواغيت"، في إشارة إلى اللقاء الذي جمعه مؤخرًا بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب. هجوم في بلدة الطيانة، تلاه هجوم ثانٍ على موقع عسكري في ذيبان ، ثم اشتباك في الشحيل وهجوم استهدف نقطة عسكرية في بلدة الكبر بريف دير الزور الشمالي الغربي، وجميعها مناطق تتكرر فيها بصمات "داعش"، وتكشف عن خلايا محلية تعيد ترتيب صفوفها بهدوء ودموية، حيث تزامنت هذه الهجمات أيضًا مع إرسال رسائل تهديد علنية للتجار لدفع الزكاة. وفي تطور خطير شهدت مدينة الميادين شرقي محافظة دير الزور انفجارًا ناجمًا عن سيارة مفخخة استهدفت مقر قيادة الشرطة؛ ما أدى إلى سقوط عدد من القتلى والجرحى من المدنيين وعناصر الأمن، ولأن الحدث لم يكن معزولًا، فقد أعلنت وزارة الداخلية السورية قبل يوم واحد عن إحباط خلية من "داعش" في مدينة حلب خلال عملية أمنية أسفرت عن مقتل عنصر من قوى الأمن وتحييد 3 عناصر من التنظيم، وهو ما يؤكد أن التنظيم لم يُهزم بالكامل بل أعاد تشكيل نفسه في الظل ويمتلك القدرة على التخطيط والتمويه داخل المدن الكبرى. اللافت أن "داعش" لم يكتفِ بالهجمات الميدانية، بل انتقل إلى الهجوم السياسي العلني، إذ أصدر بيانًا ضد الرئيس السوري أحمد الشرع، عقب لقائه بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب. ووصف البيان الشرع بـ"الطاغوت"، معلنًا الجهاد ضده، وداعيًا الجهاديين الأجانب إلى العودة والانضمام إلى سرايا التنظيم في الأرياف والأطراف، وهو ما حمل دلالة مقلقة لأنه اعتراف بوجود خلايا نشطة داخل مناطق سيطرة الحكومة، واستعداد لإطلاق موجة جديدة من الهجمات ضمن تحرك ميداني محتمل. انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News


ليبانون 24
منذ يوم واحد
- ليبانون 24
أكبر غارة جوية في التاريخ من حاملة طائرات.. هذا ما فعلته أميركا
في تطوّر لافت يعكس تصاعد الانخراط العسكري الأميركي في القارة الإفريقية، كشف الأدميرال جيمس كيلبي، القائم بأعمال رئيس العمليات البحرية الأميركية، عن تنفيذ أكبر غارة جوية في تاريخ العالم من حاملة طائرات، وذلك في الأول من شباط الماضي حين أسقطت 16 طائرة F/A-18 سوبر هورنت نحو 125 ألف رطل من الذخائر على أهداف لتنظيم داعش في الصومال. الغارة، التي نفذتها حاملة الطائرات يو إس إس هاري إس ترومان (CVN 75) أثناء وجودها في البحر الأحمر ، استهدفت سلسلة من الكهوف التي يُعتقد أنها كانت تؤوي قيادات بارزة في تنظيم داعش، وفقًا للقيادة الأميركية في إفريقيا (AFRICOM). وأسفرت العملية عن مقتل أكثر من 12 عنصرًا إرهابيًا. الغارة الكبرى جاءت ضمن انتشار قتالي طويل لحاملة ترومان ومجموعتها الضاربة في الشرق الأوسط ، والتي شملت عمليات متكررة ضد متمردي الحوثي في اليمن، حيث أفاد كيلبي بأن المجموعة اعترضت 160 طائرة مسيّرة وصاروخًا، ونفذت 670 غارة جوية ضد أهداف حوثية. وأشار كيلبي إلى أن الحاملة استخدمت طيفًا واسعًا من الأسلحة تشمل: - صواريخ أرض-جو - صواريخ هجوم بري - قنابل جو-أرض - أسلحة دقيقة طويلة المدى

القناة الثالثة والعشرون
منذ 4 أيام
- القناة الثالثة والعشرون
لقاءٌ بين ترامب ونصر الله؟
من كان يتصوّر قبل 8 كانون الأول الماضي أنّ رئيس الولايات المتحدة الأميركية سيلتقي الرئيس السوري؟ وعندما نتكلّم عن هذا التاريخ، فلكي نشير إلى أنّ سوريا، كانت تحت حكم الأسد الابن امتدادًا لحكم الأب منذ أكثر من نصف قرن. كما كانت الولايات المتحدة لا تزال في عهدة الرئيس جو بايدن. بالطبع، لم يكن لقاء أي رئيس أميركي بحاكم سوريا حافظ الأسد الذي بقي في السلطة ومن بعده ابنه بشار أمرًا غير متوقع. فقد عاصرت عائلة الأسد إداراتٍ أميركيةً عدّة منذ سبعينيّات القرن الماضي. وكان الرئيس الأميركي يُغادر البيت الأبيض كلّما انقضى على مكوثه فيه 4 أعوام أو 8 أعوام إذا ما فاز بولايةٍ ثانية. امّا حاكم سوريا، فلم يتزحزح من قصره إلّا بسبب الوفاة او انهيار النظام كما حصل مع حكْم بشار في كانون الأوّل الماضي. لكن، وبعد اندلاع الثورة السورية عام 2011، أصبح اجتماع أي مسؤول غربي عمومًا وأميركي خصوصًا مع بشار الأسد، كمن يقرّر الاقتراب من مُصابٍ بمرضٍ مُعْدٍ وخطيرٍ كما كانت مثلًا حال مريض كورونا. فجأة، وفي 14 أيار الجاري، حدث لقاء غيّر الشرق الأوسط عندما التقى الرئيس دونالد ترامب مع الرئيس أحمد الشّرع في الرياض بحضور ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان. سارع كلّ خصوم سوريا الجديدة، وفي مقدمهم محور إيران في المنطقة عمومًا ولبنان خصوصًا، إلى شنّ حملاتٍ لم تهدأ حتى الآن. واتّهمت وسائل 'حزب الله' الشّرع بأنه ذاهب الى 'الاستسلام' لإسرائيل لقاء ما ناله من واشنطن من رفع العقوبات عن سوريا. لكنّ أصدقاء سوريا، وهم كثر الآن في العالم، ما زالوا تحت وطأة المفاجأة التي أطلقها الرئيس ترامب، وبخاصةٍ أنّ الأخير لم يأبَه أنْ يصافح من اعتبرته الولايات المتحدة منذ أكثر من عقدٍ 'إرهابيًا' انطلاقًا من ماضيه مع تنظيم (داعش) ما أوصله الى السجن الأميركي في العراق. يوجّه الكثيرون هذه الأيام دعوةً لأخذ العبرة من هذا التطوّر الذي سلك طريقه الى لائحة الأحداث التاريخية. ويتصدّر هذه العبرة أنّ رجل أميركا القوي هو صنو لكل ما يتصل بالبراغماتية التي لا يقف في وجهها أي عائق كي تصل الى مبتغى مَن ينتهجها. ألم يقم ترامب في ولايته الأولى بعد العام 2016 بخطوةٍ مماثلةٍ كان لها صدى دوليّ عندما اجتمع مع زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون؟ وتؤدّي العبرة المطلوب أخذها اليوم الى استعادة مرحلةٍ طويلةٍ من محاولات أميركية لمدِّ جسورٍ مع شخصيةٍ كانت رمزًا لمواجهة النفوذ الأميركي في الشرق الأوسط ألا وهو زعيم 'حزب الله' السيد حسن نصر الله. وقد تحدّث شخصيًا قبل أعوام عن عروضٍ أميركيةٍ انهالت عليه بعد العام 2000 عندما انسحبت إسرائيل من جنوب لبنان تطبيقًا للقرار 425. وألمح نصر الله إلى أنّ هذه العروض تميّزت بالسخاء كي يقبل 'حزب الله' بإقفال جبهة الجنوب التي فتحها 'الحزب' ومن خلفه النظامان السوري والإيراني عبر نافذة مزارع شبعا وتلال كفرشوبا المحتلة. مرّ ربع قرن على زمن العروض الأميركية التي وصلت الى زعيم 'الحزب' التاريخي. وخلال هذه الحقبة الطويلة جرت محاولة فتح الباب ولو جزئيًا من أجل مدّ الجسور بين الجانبيْن من خلال الترسيم البحري الذي اعتبره الرئيس الأميركي السابق جو بايدن إنجازًا باهرًا. لكنّ الباب عاد وأوصد بقوةٍ بعدما فتح نصر الله 'جبهة الإسناد' في 8 تشرين الأول 2023. ومع هذا التطوّر خرج نصر الله نفسه من الحياة في أيلول الماضي ما غيّر وجهة الاحداث في لبنان والمنطقة معًا. ماذا لو بقي نصر الله على قيد الحياة وشاهد بنفسه تسجيلًا مصوّرًا للقاء الرياض بين رئيس سوريا الجديد ورئيس الولايات المتحدة؟ يمكن للذّكاء الاصطناعي أن يُجيب على هذا السؤال. لكنّ الجواب لا يلغي حقيقةً ثابتةً أنّ نصر الله لم يعد موجودًا. وفي أي حال، من المفيد الإنصات الى ما يقوله العلم وهو أن الأمين العام السابق لـ'حزب الله' كان، لو بقي حيًّا، سيجد أنّ عرضًا يقدّم إليه اليوم كي يلتقي الرئيس ترامب جدير بالبحث وبخاصةٍ أن مرجعيته الإيرانية تواظب حاليًا على الحوار مع واشنطن حول برنامجها النووي. يستطيع الذّكاء الاصطناعي أن يصنع صورةً تظهر مصافحةً بين الرئيس ترامب وبين السيد نصر الله انطلاقًا من الصورة نفسِها التي جمعت الرئيسين الأميركي والسوري. لكن الذّكاء الإنساني يقول، إنّ ما مضى قد مضى، والعرض الأميركي الوحيد الموجود الآن، هو ما تحدثت عنه المندوبة الأميركية مورغان أورتاغوس في الساعات الماضية وهو أنّه على 'حزب الله' تسليم سلاحه في جنوب الليطاني وشماله. أمّا صورة اللقاء بين ترامب ونصر الله فلندعها إلى العالم الافتراضي. أحمد عياش -'هنا لبنان' انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News