
نهاية التقارب الأمريكي الروسي !مصطفى السعيد
نهاية التقارب الأمريكي الروسي !
مصطفى السعيد*
زيارة الرئيس الصيني شي جين بينج لروسيا، التي امتدت لأربعة أيام، وشارك خلالها في احتفالات عيد النصر على النازية، كتبت الأسطر الأخيرة في التقارب الروسي الأمريكي، فالزيارة لم تكن عادية، ليس لطول فترتها ولقاءاتها فقط، بل تخللتها الكثير من الإتفاقيات التي تزيد متانة العلاقات الروسية الصينية، الصلبة أصلا، والتي كان الرئيس الأمريكي ترامب يراهن على إضعافها، حتى يتمكن من الضغط على الصين، التي يراها العدو الأول، الذي بدأ يطيح بالهيمنة الأمريكية، ويخوض معه حربا تجارية، تمددت وزادت إشتعالا في الأسابيع الأخيرة. فلماذا فشلت خطة ترامب، التي كان قد أوصى بها هنري كيسنجر أشهر وزير للخارجية الأمريكية قبل وفاته، ورأى أنها ضرورية لكبح الصين؟ كان الرئيس الأمريكي يعتقد أنه يمكن أن يقدم لروسيا هدية كبرى بتخليه عن دعم أوكرانيا في الحرب ضد روسيا، وفي المقابل يحصل من روسيا على عدة مكاسب، على رأسها الإبتعاد عن التحالف مع الصين، لكن ترامب بالغ في تقدير هديته، مثلما بالغ كثيرا جدا في المقابل الذي يطلبه، وكانت المطالب الأمريكية واسعة وصعبة للغاية، منها أن تمنح الولايات المتحدة إمتيازات في الحصول على المعادن النادرة في الأراضي التي تسيطر عليها روسيا في المقاطعات الأربع، والتي تتجاوز نسبتها 40% من إجمالي معادن أوكرانيا، وكذلك إدارة محطة زباروجيا للطاقة النووية، بالإضافة إلى التخلي عن مخططات روسيا لإيجاد بديل لكل من منظومة سويفت والدولار الأمريكي في التعاملات التجارية الدولية الدولية، والحد من التعاون مع الصين، وتفاصيل أخرى كثيرة لم يكن من الممكن أن يقبل الرئيس الروسي بوتين بأي منها، فوقف الدعم الأمريكي لأوكرانيا لم يكن من أجل عيون روسيا، لكنه تراجع أمريكي عن هدر أموالها وأسلحتها في حرب لن تربحها أوكرانيا، بل إن وقف الحرب فورا دون تحقيق الشروط الروسية ليس في صالح روسيا، ولا يمكن أن ينسى بوتين أن ترامب كان أول من فرض عقوبات على مشروع خط أنابيب غاز السيل الشمالي 2 بين روسيا وألمانيا، لأنه يريد إجبار أوروبا على استيراد الغاز الأمريكي باهظ الثمن، على حساب الغاز الروسي القريب والرخيص، لهذا اصطدمت أمنيات الرئيس الأمريكي برفض روسي واضح وقوي لمعظم مطالبه، وما عرضته روسيا في المفاوضات لم يتجاوز تعزيز العلاقات الإقتصادية مع الولايات المتحدة، وتحسين التبادل التجاري، واستثمارات مشتركة في مشروعات تعدين، ليس لها علاقة بالأراضي التي سيطرت عليها روسيا، والتي أصبحت بحكم الدستور الروسي جزءا من الأراضي الروسية. أما العلاقات الروسية مع الصين فقد تجاوزت مرحلة التدشين، وأصبحت الأمتن لدى الجانبين، ويشهد على ذلك إتفاقيات التعاون الإستراتيجي، والأرقام الكبيرة في حجم التبادل التجاري والتعاون الصناعي والعسكري والتكنولوجي، خاصة في مجال الطاقة، حيث جرى تمديد خطوط نقل الغاز والنفط من روسيا إلى الصين، وهي الأرخص في تكاليف النقل والأكثر أمانا، ويجري توسيعها واستكمالها، إلى جانب شبكة طرق تربط البلدين الكبيرين، وتعاون على الأرض في مختلف المجالات التعليمية والبحثية والثقافية وحتى الفضاء، ولا يمكن لروسيا أن تنسى أن الصين استوردت معظم ما كانت تصدره من غاز ونفط إلى أوروبا، وأمدتها بمعظم ما كانت تستورده من أوروبا والولايات المتحدة، ولولا وقوف الصين 'ظهرا بظهر' مع روسيا، لعانت روسيا من صعوبات إقتصادية خطيرة أثناء تعرضها لأوسع عقوبات، راهنت عليها أوروبا والولايات المتحدة في إنهيار إقتصادي روسي سريع، سيجبرها على الإستسلام، إلى جانب تزويد الصين لروسيا معدات وأجهزة مزدوجة الإستخدام ساعدتها في تطوير أسلحتها. لم يكن بالإمكان أن يقع شخص بارع مثل بوتين في هذا الفخ الأمريكي، ويقبل بالصفقة التي عرضها ترامب، فهو يدرك أن السياسة الأمريكية متقلبة، لكنها تضع روسيا دائما في مقدمة أعدائها، لما تمتلكه من قدرات عسكرية وإقتصادية وتكنولوجية، خاصة في مجال التسليح والفضاء والقدرات النووية. إن ما شهدته موسكو من لقاءات واتفاقيات جديدة مع الصين، والمشاركة غير المسبوقة لقوات صينية في العرض العسكري بمناسبة إنتصار روسيا في الحرب الوطنية العظمى، كان دليلا لا يقبل الشك بأن العلاقات بين روسيا والصين لا يمكن الرهان على إضعافها، وأنهما سيواصلان معا العمل على تحقيق الهدف المشترك، وهو إنهاء الهيمنة الأحادية القط، وإنتاج واقع دولي جديد يقوم على التعددية، وأن 'أوراسيا' أصبحت قوة مكافئة للغرب، وربما أقوى، وأن التحالف الغربي هو القابل للتفكك، وتنخر فيه الخلافات والأزمات، بينما العلاقات بين روسيا والصين تزداد قوة وتكاملا، تحيط بهما مجموعة كبيرة من الدول البازغة، سواء في منظمة بريكس أو تجمع شنجهاي، والطامحة إلى بناء نظام عالمي جديد، يمنحها المزيد من الإستقلال، ويعزز قدراتها الذاتية في عالم أكثر عدالة.
(الأهرام)
2025-05-12

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


ساحة التحرير
منذ 13 ساعات
- ساحة التحرير
عرفات والشرع.. هل يعاد السيناريو!اضحوي جفال محمد
عرفات والشرع.. هل يعاد السيناريو! اضحوي جفال محمد* بعد حرب الكويت عام 91 كان عرفات معزولاً ومفلساً ويائساً، يقبع في مقره بتونس لا يجد عاصمة تستقبله، حتى العواصم العربية اغلقت بوجهه بسبب موقفه الداعم لصدام. تلك هي الفرصة المناسبة لتتصل به اسرائيل سراً وتفاوضه على تأهيله الشكلي مقابل طلباتها الجوهرية. وأقبل بنهم، غير مصدّق ان هناك مَن يعيد الحياة للموتى السياسيين. كان موصوماً بالارهاب فاختير غيره للتفاوض عن الفلسطينيين في مؤتمر مدريد.. فمنحته اسرائيل وكالة حصرية لتمثيل الشعب الفلسطيني! فرح بذلك كما فرح الشرع بمدح ترامب له، وعاد نجماً للشاشات يجوب عواصم الغرب كأنه رائد فضاء، يحسده الرؤساء الاوربيون على مقدار الاهتمام الاعلامي المصاحب له. لم يكن التزويق الاعلامي كل ما يملكه الغرب لاغراء عرفات بالتنازل عن كبريات المطالب الفلسطينية، فهناك ايضاً التلويح بالمال الذي يسيل لعاب الأُتن، فدعت الولايات المتحدة الى مؤتمر (مانحين) للسلطة الفلسطينية التي سوف تتشكل كنتيجة للمفاوضات. وجاد المانحون بـ أربعة مليارات دولار.. تعادل بمقاييس عام 1993 الاربعة تريليونات التي حصل عليها ترامب قبل ايام من الخليج. لم يصدق عرفات ان ذلك المبلغ الاسطوري سيصبح بين يديه فألقى نفسه من فوق برج المفاوضات الشاهق، وأصدر الاوامر لمفاوضيه بأن يتجاوزوا كل العقبات ويصلوا الى النتيجة سريعاً. وهكذا كان، وقال الرئيس الاسرائيلي آنذاك متعجباً: نتفاوض مع الفلسطينيين وكأننا نتفاوض مع انفسنا. ولما تنازل عرفات عن كل شيء ووقع على التنازلات بصفته (الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني) لم يعد هناك سبب وجيه لدفع تلك الاموال! لذلك لم يُدفع الا قليل منها. ولما تذكر عرفات وهو يجتر مرارة الخذلان ان هناك شعباً ثائراً وحقوقاً مسلوبة تم التفريط بها خلال النشوة صودرت منه الطائرة الخاصة، ومُنع من السفر، وحوصر في المقاطعة بـ رام الله، وأُجبر علناً على استحداث منصب رئيس وزراء في سلطته وان يعيّن فيه محمود عباس تحديداً. فلما اكتمل كل ذلك سُحب من المشهد بصمت فمرت اقدام رفاقه فوق راسه بعدم اكتراث كما وطأت ارجل المقاتلين الفرس فوق رأس ابي مسلم الخراساني وهم يلتقطون الذهب مثل اطفال الاعراس القديمة تحت وابل الچكليت تنثره أيدي العجائز. السيناريو المجرّب ذاته يتكرر الان مع الشرع.. اتصلوا به في مستنقع يأسه بادلب، وجاؤوا به الى دمشق كما جيء بعرفات من تونس الى رام الله، وطافوا به على العواصم العربية والغربية ليقابل الذين يضعون على رأسه عشرة ملايين دولار فيغترف ثناءهم ويشعر بالزهو. ولإكمال اركان الخطة بدأنا نسمع زغاريد المليارات تصدر من صفقات مبهمة تخص سوريا دون ان نرى شيئاً على ارض الواقع.. فتعود بنا الذاكرة الى مليارات عرفات التي اوصلته الى الحضيض ثم تبخرت. هل يدرك الشرع ذلك؟ هل يعرف ما حصل لسلفه عرفات؟ حتى الان يسير سير من يجهل تلك القصة التي ما تزال حية في الواقع العربي. اما نحن الذين نجهل ما يدور في كواليس دمشق فلدينا متسع من الوقت للانتظار حتى تخرج للعلن، وهو انتظار لن يطول. ( اضحوي _ 2132 ) 2025-06-02 The post عرفات والشرع.. هل يعاد السيناريو!اضحوي جفال محمد first appeared on ساحة التحرير.


شفق نيوز
منذ 13 ساعات
- شفق نيوز
تقرير: ارتباك داخل الإدارة الأمريكية يوقف مؤقتاً العقوبات على إيران
شفق نيوز/ كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال"، اليوم الاثنين، أن المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت أرسلت توجيهًا إلى وزارتي الخارجية والخزانة بوقف فرض أي عقوبات جديدة على إيران. وذكرت الصحيفة، نقلًا عن مصدر، أن القيود التي فرضتها الولايات المتحدة على مبيعات النفط والأصول الإيرانية المجمدة ستظل قائمة. وأفاد مصدر الصحيفة المقرّب من البيت الأبيض بأن حملة "الضغط الأقصى" التي يشنها الرئيس دونالد ترامب لا تزال قائمة، مؤكدًا أن السياسة الجديدة أُبلغت لكبار المسؤولين في مجلس الأمن القومي ووزارة الخزانة، ثم إلى وزارة الخارجية. وأضاف أن "المسؤولين المعنيين بشؤون الشرق الأوسط أُطلعوا على السياسة الجديدة، ولكن كان لا بد من نشر التوجيه على نطاق أوسع". وقالت "وول ستريت جورنال" إن الخبر صدر من البيت الأبيض وليس من مجلس الأمن القومي أو وزارة الخزانة، كما هو متوقع، مبينة أن "مجلس الأمن القومي يعاني حالة فوضى بعد أن منحت إدارة ترامب أكثر من 100 موظف إجازة. ولم تُسوّ المسؤوليات المتعلقة بالسياسات الجديدة بشكل كامل بين وزارة الخارجية ومكتب نائب الرئيس". وأفادت قناة "سي بي إس" بأن فريق الاتصالات التابع لمجلس الأمن القومي في طريقه إلى الحل، وقد تدخل مكتب المتحدثة باسم البيت الأبيض لسد هذه الثغرة. وأضافت الصحيفة أنه عندما طُلب من البيت الأبيض التعليق على توقف العقوبات، لم ينكر ذلك، لكنه قدّم البيان التالي من نائبة السكرتير الصحفي آنا كيلي: "سيتم الإعلان عن أي قرارات جديدة فيما يتعلق بالعقوبات من قبل البيت الأبيض أو الوكالات ذات الصلة داخل الإدارة". ويعتقد بعض مسؤولي إدارة ترامب أن هذه السياسة لا تهدف إلا إلى إبطاء إجراءات العقوبات الجديدة والتدقيق فيها، في ضوء المحادثات النووية الحساسة، وأنها فُسّرت بشكل مبالغ فيه في مرحلة ما من مراحلها. ويخشى آخرون من أن يكون اللاعبون الرئيسيون في السياسة قد غابوا عن المشهد، وفوجئوا بالتوقف الشامل. كما يفتقر المسؤولون الأميركيون إلى الوضوح بشأن نطاق تطبيق قرار الإيقاف، وما إذا كان يقتصر على العقوبات الجديدة فقط، أو أن أي نشاط جديد لتطبيق العقوبات القائمة سيُخالف العقوبات الحالية أيضًا. ويحرص مسؤولو ترامب على عدم إثارة الإيرانيين بلا داعٍ خلال المفاوضات النووية، لكن الضغط هو ما دفع إيران إلى طاولة المفاوضات، وكانت العقوبات الأميركية الأخيرة في بدايتها. كما بدأوا يحققون نجاحًا في تعطيل صادرات النفط الإيرانية إلى الصين. وترى الصحيفة أن إيران تستغل المحادثات لكسب الوقت وتهدئة الأوضاع، حتى مع رفضها الشروط الأميركية. ويُظهر تقريران جديدان صادران عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران ماضية قدمًا في إنتاج اليورانيوم عالي التخصيب، وأنها خدعت المفتشين بشأن أنشطتها النووية لسنوات، مستغلةً أيّ حسن نية قُدّم لها. ومن غير المرجح أن يكون هذا استثناءً.


ساحة التحرير
منذ يوم واحد
- ساحة التحرير
بداية سقوط روسيا!زنوبيا الشام
بداية سقوط روسيا! زنوبيا الشام بوتين في خطر.. وموسكو قيد الانهيار! هل خاننا بوتين مباشرة؟! لا ماذا فعل إذن؟! 'طلع ع كتافنا' وأصبح إمبراطورا! هل اعتقل الرئيس وخانه حقا؟! لا ماذا فعل إذن؟! لم يقدم واجبه تجاه ساحة توازنات العالم! هل مايحدث في روسيا هو نتيجة سقوط سورية اليوم؟! ليس بالضبط ماذا إذن؟! هذا حصاد الأخطاء المتتالية في سورية طوال الحرب التي كانت حرب الجميع وكانت سورية فيها هي الأعظم كيف كان بوتين ينتصر سابقا؟! اسألوا تقارير استخبارات العدو ماذا تقول التقارير؟! تقول إن ضباطا سوريين ساعدوا بوتين في حربه حتى حقق هذا التقدم.. ثم ساعدته إيران! هل هذا صحيح؟ راجعوا مسار الحرب الروسية الأوكرانية الناتوية! لماذا لا يساعدونه اليوم ؟! مابدنا لماذا؟! ألسنا جيشا ضعيفا وخائنا ولانعرف كيف نقاتل وحذرونا ولم نفهم؟! شو يعني؟! خلي ال RT وسلام مسافر يحلوا أزمة موسكو هل يمكن أن يسلم الرئيس الأسد؟! أبدا لماذا؟! لأنه حبل نجاته الوحيد.. إذا سلمه سيقتله ترامب وعملاؤه في روسيا مباشرة بالعامية.. يعني سورية الأسد بتخطّي؟! اي والإمام علي.. سورية الأسد بتخطّي… والقادم أعظم على الهامش١: أحب الرئيس بوتين ولا أتمنى السوء لروسيا… ولكن الثمن الذي يدفعه الحليف والأخ المقصر أكبر بكثير من الثمن الذي يدفعه الآخرون خارج إطار التحالف زنوبيا_الشام 2025-06-01