تهديد إسرائيلي وصمت إيراني.. هل تشعل الصين نيران المنطقة؟
بعث و زير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس ، برسائل صارمة في أعقاب تقييم أمني رفيع المستوى، مشيرًا إلى أن الحرب ضد إيران قد تُستأنف قريبًا، وأن إسرائيل "أقرب إلى تحقيق أهدافها". الرسائل التي حملت طابعًا تهديديًا لم تقتصر على الجبهة الإيرانية، بل شملت أيضًا غزة واليمن، في إشارة إلى تعدد ساحات المواجهة وتداخلها.
ورغم إعلان وقف إطلاق النار، لا يبدو أن إسرائيل تنوي الاستكانة، بل تستغل الهدنة لتقويم أدائها ومراكمة الخبرات. تقارير صحفية كشفت أن طهران نجحت في اختراق الدفاعات الجوية الإسرائيلية بنسبة تصاعدت من 8% إلى 12% خلال الحرب، وهو ما يُعد تحولًا مقلقًا في ميزان المواجهة. وفي ضوء ذلك، بدأت إسرائيل، بحسب كاتس، في إعادة النظر بتكتيكاتها الدفاعية، تحسبًا لجولة قادمة أكثر ضراوة.
إيران تستبدل دروعها.. والتنين الصيني في الخلفية
في المقابل، تُعيد طهران ترتيب دفاعاتها الجوية بعد الضرر الكبير الذي لحق بها جراء القصف الإسرائيلي في يونيو الماضي. وفق تقارير غربية، جرى استبدال المنظومات المتضررة بأخرى جديدة، وسط معلومات تتحدث عن إرسال الصين لأنظمة متطورة إلى إيران، الأمر الذي نفته السفارة الصينية في تل أبيب بشكل قاطع.
لكنّ توقيت هذه الأنباء، بالتزامن مع تأكيد إيراني رسمي بتعزيز مواقع الدفاع الجوي، يطرح تساؤلات حول مدى دقة النفي الصيني. خصوصًا وأن التجربة أظهرت قدرة السلاح الصيني على إحداث مفاجآت عسكرية، كما جرى خلال النزاع الأخير بين الهند وباكستان.
وكشفت صحيفة نيويورك تايمز أن الحرائق والانفجارات التي شهدتها إيران في الأسابيع الماضية كانت نتيجة "أعمال تخريب" يُرجح أن إسرائيل تقف خلفها.
وأكد مسؤول في الحرس الثوري أن تكرار هذه الحوادث أثار قلقًا داخل دوائر صنع القرار الإيراني، فيما اعتبر مسؤولون أوروبيون أن تل أبيب تستخدم هذا النمط من الهجمات كوسيلة "للضغط النفسي"، أكثر منها أدوات عسكرية مباشرة.
وتُظهر هذه التكتيكات أن المواجهة الإسرائيلية-الإيرانية لم تتوقف، بل دخلت مرحلة جديدة قوامها التفجير عن بعد، والتخريب، والهجمات الإلكترونية، وهي وسائل تتيح لتل أبيب ممارسة الضغط دون الحاجة إلى إعلان حرب شاملة.
في طهران، اجتمع ممثلون عن إيران وروسيا والصين لمواصلة التشاور بشأن البرنامج النووي الإيراني. بحسب وكالة تسنيم الإيرانية، ناقش المجتمعون رفع العقوبات ومتابعة التنسيق الاستراتيجي، واتفقوا على استمرار اللقاءات الثلاثية خلال الأسابيع المقبلة.
ورغم النفي الصيني لإرسال أنظمة دفاعية إلى إيران ، يرى كبير الباحثين في معهد دراسات الأمن القومي يوحنان تسوريف خلال حديثه الى برنامج التاسعة على سكاي نيوز عربية ، أن دخول الصين إلى خط التسلح الإيراني لا يُستبعد على المدى البعيد، لكنه "ليس وشيكًا". فبكين، كما يقول، تُفضل النفوذ الاقتصادي والاستثمار، وتُحجم عن التدخلات العسكرية المباشرة التي قد تُهدد مشاريعها في المنطقة، بما فيها داخل إسرائيل نفسها.
يرى تسوريف أن إيران فقدت الكثير من قدراتها، بما في ذلك فاعلية "محور المقاومة"، الذي بات مشلولًا منذ شهور. كما أن الدفاعات الجوية والقدرات النووية الإيرانية تعرضت لضربات مؤلمة، وهو ما دفع طهران للاستدارة نحو الصين وروسيا لتعويض الخسائر.
لكنه في الوقت ذاته يُحذر من التهوين من المرحلة القادمة، فإسرائيل تراقب بدقة نوعية المعدات الجديدة التي تدخل الترسانة الإيرانية، وتُخطط لكيفية مواجهتها. "الحرب لم تعد مجرد معارك على الأرض"، كما يقول، بل أصبحت أيضًا "صراعًا تكنولوجيًا وعلميًا" يشمل جمع المعلومات، وتفكيك قدرات الخصم قبل أن تُستخدم.
رغم أن الصين تبدو مترددة في لعب دور عسكري مباشر في الشرق الأوسط، إلا أن تسوريف لا يستبعد أن يكون هناك تنسيق مستتر مع طهران، خاصة في ظل تراجع قدرة روسيا على تلبية الاحتياجات الإيرانية بسبب انشغالها بالحرب في أوكرانيا.
ويُلفت تسوريف إلى أن بكين لديها استثمارات ضخمة في إسرائيل ودول الخليج، وهي حريصة على عدم المساس بها. وهذا يفسر، برأيه، لماذا تتعامل الصين بحذر بالغ مع الملف العسكري الإيراني، وتُفضّل القنوات الدبلوماسية والاقتصادية لتعزيز نفوذها.
في خضم هذا التصعيد غير المعلن، يُشير تسوريف إلى أن "كل شيء يرتبط بغزة". فهي كانت الشرارة، والمفتاح لأي حل قادم. التقدم الجاري في مفاوضات الدوحة، إذا ما تُوّج بصفقة تبادل شاملة، قد يُغيّر قواعد اللعبة في المنطقة، ويمنح إسرائيل فرصة لإعادة ترتيب علاقتها بجيرانها، وربما يُفضي إلى شرق أوسط جديد بلا ميليشيات.
لكنه يُحذّر من الإفراط في التفاؤل، فالأصوليون داخل إيران وإسرائيل – كما يقول – يفضلون الخطاب الحاد والتصريحات الشعبوية التي تروق لناخبيهم، دون أن تكون لديهم نية حقيقية للتنفيذ.
رغم التهدئة الظاهرة، يترقب الجميع لحظة الانفجار التالية. فإسرائيل تلوّح بالحرب، وتُجري مراجعات لما مضى، بينما إيران تحاول تجاوز الضربة وتعيد بناء منظوماتها، مدعومة بتحالفات ثلاثية مع روسيا والصين. أما بكين، فهي تمسك العصا من الوسط: تقترب ببطء من المشهد دون أن تخلع عنها رداء الاقتصاد.
بين تصريحات وزراء الدفاع وانفجارات الظل ومفاوضات النووي، تبقى عقارب الساعة تتحرك، لكن السؤال الأهم: من يحدد لحظة الصفر؟ وهل ستتوقف الحرب المؤجلة قبل أن تشتعل جبهات جديدة؟ أم أن الشرق الأوسط سيظل عالقًا بين المواجهة والحذر؟ الأيام القادمة وحدها ستجيب.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البيان
منذ 4 دقائق
- البيان
واشنطن للبنان: الكلام لا يكفي
لافتة إلى أن الرد الأمريكي - الإسرائيلي على مقترحات الدولة اللبنانية سيكون سلبياً، ما يفتح الباب على كل الاحتمالات، في حين أكدت مصادر رسمية لـ«البيان» أن محتوى الرد الأمريكي بات شبه معروف، والأمور تتجه إلى التأزيم، وكلام برّاك دليل على أن الجانب الإسرائيلي لن يبادر إلى الانسحاب من الجنوب.


البيان
منذ 4 دقائق
- البيان
ترامب يقلّص المهلة وروسيا تتمسك بشروط وقف الحرب
مبدياً خيبة أمله في الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وأضاف ترامب «أشعر بخيبة أمل في الرئيس بوتين. سأقلص الخمسين يوماً التي منحته إياها إلى رقم أقل». ولم يحدد ترامب مهلة جديدة. وتابع أنها في الحرب العالمية الأولى، وفي الحرب العالمية الثانية، كان لديها حلفاء، أما الآن فليس لديها حلفاء في ساحة المعركة، لذلك يجب أن تعتمد على نفسها. وأضاف: «كما أقيمت طاولة المفاوضات (بين روسيا وأوكرانيا) في إسطنبول، ستُقام طاولة السلام أيضاً في تركيا خلال وقت غير بعيد، وستنتهي هذه الحرب الدامية». و«ألحقت بالقوات الأوكرانية خسائر بشرية ومادية» من دونيتسك، ومقاطعة كراسنوارميسك، حيث خسرت القوات الأوكرانية أكثر من 395 عسكرياً، ومركبات قتالية وعدداً من المدافع، وتدمير محطة رادار إسرائيلية الصنع، وفقاً للبيان.


سكاي نيوز عربية
منذ ساعة واحدة
- سكاي نيوز عربية
دعوات دولية لإقامة الدولة الفلسطينية كسبيل وحيد للسلام
وفي كلمة الافتتاح، أكد الأمير فيصل بن فرحان أن "تحقيق الأمن في الشرق الأوسط يبدأ بمنح الشعب الفلسطيني حقوقه". وشدد وزير الخارجية السعودي على ضرورة وقف الكارثة الإنسانية في غزة ومحاسبة المسؤولين عنها. وأضاف في كلمته: "مبادرة السلام العربية هي الأساس للحل العادل للقضية الفلسطينية". وأكد وزير الخارجية السعودي، ردا على سؤال لـ"سكاي نيوز عربية"، أن هناك اتصالاتها مع عدد من الدول بهدف حشد الاعتراف بالدولة الفلسطينية. وشدد بن فرحان على أن ربط الاعتراف بالدولة الفلسطينية بـ"الفيتو الإسرائيلي" أمر غير مقبول، مؤكدا أن قيام الدولة الفلسطينية من شأنه تحقيق الاستقرار في المنطقة. وأوضح الوزير السعودي أن لا علاقات ستقام مع إسرائيل قبل إقامة الدولة الفلسطينية. وأضاف بن فرحان أن المملكة تدعم جهود السلطة الفلسطينية في تنفيذ الإصلاحات التي التزمت بها. الحوكمة والشفافية. كما أشار إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يلعب دورا محوريا على مستوى حل النزاعات بالمنطقة. بعدها قدم وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو كلمة أيضا، أكد فيها أن حل الدولتين سيلبي الطموحات المشروعة للفلسطينيين. وشدد أنه "لا يمكن القبول باستهداف الأطفال والنساء". وأضاف: "يجب أن ننتقل لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي مباشرة بعد نهاية الحرب". وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي تضم 193 عضوا، قد أقرت في سبتمبر من العام الماضي عقد المؤتمر في 2025، إلا أن الهجوم الإسرائيلي على إيران في يونيو الماضي أدى إلى تأجيله، قبل أن يُعاد تنظيمه هذا الأسبوع. وأعلن وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو في الأمم المتحدة أن "لا بديل" من حل الدولتين لإسرائيل والفلسطينيين، في افتتاح مؤتمر مخصص لبحث مصير هذه المسألة. وقال بارو "وحده حل سياسي يقوم على دولتين يسمح بتلبية التطلعات المشروعة للإسرائيليين والفلسطينيين للعيش بسلام وأمان. لا بديل" من ذلك، داعيا إلى اتخاذ "تدابير ملموسة" من أجل الحفاظ على إمكان قيام دولة فلسطينية"قابلة للحياة". قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش اليوم الاثنين إن ضم إسرائيل الضفة الغربية تدريجيا أمر غير قانوني، وإن التدمير الشامل لقطاع غزة لا يطاق. وأضاف جوتيريش خلال مؤتمر حل الدولتين بين إسرائيل والفلسطينيين "لنكن واضحين: ضم الضفة الغربية المحتلة تدريجيا غير قانوني ويجب أن يتوقف. والتدمير الشامل لقطاع غزة أمر لا يطاق ويجب أن يتوقف". وتابع: "الإجراءات الأحادية التي من شأنها تقويض حل الدولتين إلى الأبد غير مقبولة ويجب أن تتوقف". يهدف المؤتمر إلى وضع معايير واضحة لخريطة طريق تُفضي إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة، مع ضمان أمن إسرائيل. وفي تصريح لصحيفة " لا تريبيون ديمانش" الفرنسية، قال وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو إنه سيستغل المؤتمر لحث مزيد من الدول على الاعتراف بدولة فلسطين، في خطوة تتماشى مع إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأسبوع الماضي عن نية باريس الاعتراف رسميا بفلسطين خلال اجتماع الجمعية العامة في سبتمبر المقبل.