
هل تُصبح المدينة الإنسانية بغزة إعادة إنتاج لفكرة الجيتو؟
خطة جديد قدّمتها إسرائيل لإعادة مخطط التهجير القسري لسكان القطاع والذي أجهضته الدولة المصرية، ولكن بشكل جديد تحت غطاء «المدينة الإنسانية» في جنوب قطاع غزة وعلى مقربة من الحدود المصرية، تقوم على إنشاء منطقة محصورة جنوب القطاع وتحديدًا في منطقة المواصي غرب مدينة رفح الفلسطينية، بزعم أنها مكان آمن لإيواء المدنيين، وهي منطقة مغلقة بمدينة رفح الفلسطينية بين محوري موراغ وفيلادلفيا جنوبي القطاع.
وفق التقارير الإعلامية والإسرائيلية، تستهدف بداية نقل نحو 600 ألف فلسطيني إليها في مرحلة أولى، مع إقامة 4 مراكز لتوزيع المساعدات وتديرها منظمات دولية، وسيخضع السكان لعمليات تدقيق أمنية بهدف التأكد من عدم انتمائهم لحركة حماس، وبمجرد دخولهم المنطقة لن يُسمح لهم بالمغادرة.
بهذه الآلية، فجر الدكتور محمد حربي، من المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، مفاجأة كُبرى، مفاداها أن دولة الاحتلال الإسرائيلي تُعيد إحياء جريمة ومعاناة اتخذتها لأكثر من قرن كضحية لهما ولكن هذه المرة على شعب فلسطين، فبدلًا من أن يكون الجيتو درسًا ورمزًا لعدم التكرار أصبح أداة جاهزة بيد من يدعي أنه ضحية له، وإعماله على سكان قطاع غزة، فيعيد ضحية الجيتو نفس أدواته ضد شعب آخر، والفارق أن ذلك الشعب هو صاحب الأرض.
واعتبر «حربي» بحسب تحليله، مشروع المدينة الإنسانية المزمع إقامته جنوب رفح الفلسطينية أحد النماذج المستحدثة لسياسات الجيتو، إلا أنها ألصقت بها كلمة «الإنسانية» للهروب من المساءلة أمام المجتمع الدولي، غير أنها تتميز عن الجيتو في أنها تؤسس لواقع ديموغرافي جديد بالقوة وما تنتهكه من حق السكان الأصليين للسيادة على أرضهم وحقهم في العيش بسلام، فكلاهما يهدف للاضطهاد والتهجير والنقل القسري للسكان، وكلاهما ينتهكان القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.
ترجع أصول كلمة جيتو إلى مدينة البندقية في إيطاليا، حيث أصدرت السلطات مرسومًا عام 1516 يقضي بعزل السكان اليهود في حي محدد داخل المدينة، وأُجبروا على العيش فيه، والدخول إليه والخروج منه وفق شروط صارمة، وقد سُمّي هذا الحي بـجيتو نوفو «Ghetto Nuovo» ومن هنا بدأ مصطلح الجيتو كتسميه جغرافية لاسم مكان إلى أن أصبحت رمزًا للعزل والتمييز العنصري.
تُعيد دولة الاحتلال الإسرائيلي إحياء جريمة ومعاناة اتخذتها لأكثر من قرن كضحية لهما ولكن هذه المرة على شعب فلسطين، فبدلًا من أن يكون الجيتو درسًا ورمزًا لعدم التكرار أصبح أداة جاهزة بيد من يدعي أنه ضحية له، وإعماله على سكان قطاع غزة، فيعيد ضحية الجيتو نفس أدواته ضد شعب آخر، والفارق أن ذلك الشعب هو صاحب الأرض، بحسب تحليل الدكتور محمد حربي، موضحاً أنه من أكثر المفارقات المأساوية في التاريخ المعاصر أن تتحوّل جماعة تؤكد في كل المحافل الدولية على مر التاريخ أنها عانت من أبشع أشكال العزل والتهميش إلى فاعل يعيد إنتاج نفس النمط من الجرائم على حساب شعب آخر.
وأكد الدكتور محمد حربي، أن جيتو وارسو شكّل رمزًا عالميًا للاضطهاد والعزل العنصري، واليوم تمارس إسرائيل الدولة التي تأسست على أنقاض تلك الكارثة سياسات متطابقة في قطاع غزة من خلال مقترحات المدينة الإنسانية، والتي تُخفي خلف اسمها المضلل مشروعًا لعزل الفلسطينيين ديموغرافيًا، وتجريدهم من حقوقهم الأساسية بذريعة الحماية الإنسانية، فالمدينة الإنسانية المقترحة تؤكد على إعادة إحياء ذات المنطق الإقصائي لكن بلغة جديدة.
كلا النموذجين «المدينة الإنسانية والجيتو» يُجمع السكان داخل منطقة محدودة ومحاصرة تحت دعوى الحماية أو التنظيم بينما تُدار هذه المنطقة أمنيًا من قبل الجهة المسيطرة، ويُحرم السكان فعليًا من حرية التنقل، والوصول للخدمات المستقلة والارتباط الجغرافي ببقية وطنهم. ففي وارسو، أُغلقت الجيتوات بأسوار، وعُزل سكانها عن بقية المجتمع تمهيدًا لنقلهم إلى معسكرات الإبادة، أما في غزة فالمدينة الإنسانية ستُقام في منطقة منفصلة جغرافيًا عن بقية القطاع، معززة بحواجز أمنية، وتُدار عبر تنسيق أمني خارجي، ما يُثير شبهة استخدامها كأداة لتكريس التهجير الداخلي القسري الدائم وفصل ديمغرافي مقصود أو الضغط للخروج خارج حدود الدولة في اتجاه الدولة المصرية.
ذلك الأمر الذي أكده رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، إيهود أولمرت لصحيفة «الجارديان» البريطانية، موضحاً أن المدينة الإنسانية ستكون معسكر اعتقال، وأن إجبار الفلسطينيين على دخولها سيكون بمثابة تطهير عرقي، مؤكداً أن إسرائيل ترتكب بالفعل جرائم حرب في غزة والضفة الغربية، وأن بناء المخيم سيمثل تصعيدًا، معتبرا أن الغضب من إسرائيل بسبب حرب غزة لا يعود فقط إلى معاداة السامية.
وأكد أنها معسكر اعتقال فبمجرد دخول الفلسطينيين، لن يُسمح لهم بالمغادرة إلا للذهاب إلى دول أخرى.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الدولة الاخبارية
منذ ثانية واحدة
- الدولة الاخبارية
رئيس الموساد: إسرائيل عازمة على احتلال غزة إذ لم تحدث انفراجة فى المفاوضات
الخميس، 14 أغسطس 2025 05:17 مـ بتوقيت القاهرة قال رئيس الموساد الإسرائيلى دافيد برنياع، إن إسرائيل عازمة على احتلال قطاع غزة إذ لم تحدث انفراجة فى ملف المفاوضات وعودة الرهائن. وأفادت قناة "آى 24" الإسرائيلية بأن برنياع يزور قطر لأجل عودة محادثات وقف إطلاق النار فى قطاع غز ونقلت القناة عن مصدر مطلع على التفاصيل أن رئيس الموساد أكد على ضرورة أن يوضح الوسطاء لحركة حماس أن قرار مجلس الوزراء باحتلال غزة ليس حربًا نفسية، بل خطوة جادة إذا لم يحدث تقدم فى المفاوضات لإطلاق سراح الرهائن.

الدستور
منذ 5 دقائق
- الدستور
رئيس الموساد في قطر: تفاصيل وكواليس الزيارة وفرص احتلال غزة
زار مدير جهاز المخابرات الإسرائيلي، الموساد، ديفيد بارنيا، قطر الخميس، والتقى برئيس الوزراء القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، لإجراء محادثات حول اتفاق أسرى غزة ووقف إطلاق النار، وفقًا لمصدرين مطلعين على الزيارة لموقع اكسيوس. حرب غزة وقالت اكسيوس: 'تُعدّ هذه المحادثات رفيعة المستوى بين إسرائيل والوسطاء منذ انهيار المفاوضات قبل ثلاثة أسابيع'. وتأتي هذه اللقاءات في ظلّ تجدد الجهود للتوصل إلى اتفاق شامل لإنهاء الحرب، وإطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين لدى حماس، وتجنّب هجوم إسرائيلي وشيك. بينما تشارك الولايات المتحدة وقطر ومصر وتركيا في جهود صياغة اتفاق شامل. وأكّد برنياع في اجتماعاته أن قرار مجلس الوزراء الإسرائيلي باحتلال مدينة غزة ليس خدعة أو حربًا نفسية، وأن إسرائيل مستعدة لتنفيذه إذا لم يُحرز تقدم في مفاوضات الأسرى قريبًا، وفقًا لمصدر مطلع على الاجتماع بينما يسعى الوسطاء الأربعة إلى استغلال الوقت المتبقي قبل بدء إسرائيل العملية للتوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب. الصفقات الجزئية وفي الأسبوع الماضي، التقى رئيس الوزراء القطري محمد عبد الرحمن ومبعوث البيت الأبيض ستيف ويتكوف في إيبيزا لمناقشة سبل المضي قدمًا و أوضح ويتكوف للوسطاء القطريين والمصريين أن الرئيس ترامب لم يعد مهتمًا بـ"الصفقات الجزئية" ويريد إطلاق سراح جميع الرهائن وإنهاء الحرب. وسبق وزار وفد من حماس إسطنبول خلال عطلة نهاية الأسبوع، والتقى بوزير الخارجية التركي هاكان فيدان لإجراء محادثات حول الحرب في غزة، ووفقًا لمصادر مطلعة أبلغ فيدان كبار مسؤولي حماس بضرورة العودة إلى المفاوضات والتوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب. ثم سافر مسؤولو حماس من إسطنبول إلى القاهرة في وقت سابق من هذا الأسبوع والتقوا يوم الأربعاء برئيس المخابرات المصرية ، وناقشوا سبل استئناف المفاوضات.


فيتو
منذ 43 دقائق
- فيتو
إعلام عبري: ترامب قد يزور إسرائيل الشهر المقبل
أفادت صحيفة «يديعوت أحرونوت» مساء اليوم الخميس، بأن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد يزور إسرائيل الشهر المقبل. وأضافت «يديعوت أحرونوت»: زيارة ترامب لإسرائيل الشهر المقبل مرهونة بنجاح مفاوضات غزة. حرب في 8 جبهات 7 منها ضد إيران ووكلائها وزعم رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مساء أمس الأربعاء، أن تل أبيب تخوض حربا في 8 جبهات 7 منها ضد إيران ووكلائها. وأضاف نتنياهو: سنعيد كلمة النصر إلى معجم الجيش الإسرائيلي فنحن إما أن ننتصر أو أن يقضوا علينا.. وحربنا ضد حماس وحزب الله وإيران كانت بالتكامل بين المؤسسات الأمنية والعسكرية وبتوجيه المستوى السياسي. القوة الوحيدة التي حاربت طهران وتابع نتنياهو: لن أتخلى عن تحقيق النصر على أعدائنا بمساعدة المعارضين أو بدونهم.. لقد كنا القوة الوحيدة التي حاربت طهران ونقدر الدور الأمريكي في قصف مفاعلات إيران النووية. الإبادة الجماعية والتجويع في غزة وادعى نتنياهو: اتهامنا بارتكاب الإبادة الجماعية والتجويع في غزة زائف.. ونعمل على زيادة مراكز توزيع المساعدات الآمنة في غزة بأربعة أضعاف وندعو الدول الأخرى للمشاركة معنا، وذلك علي حد قوله. واستطرد نتنياهو: بعض الأمريكيين وقعوا ضحية للأكاذيب لكن لدينا اليوم حليف عظيم هو الرئيس ترامب.. نتعامل مع أكاذيب وصور ملفقة وحملات تشويه تستهدف إسرائيل.. وبعض الجامعات الأمريكية تتبنى فكر القضاء على إسرائيل. ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.