
"العمال الكردستاني" يشترط الإفراج عن زعيمه أوجلان لدخول السياسة
وقالت الرئيسة المشاركة للجنة التنفيذية للحزب بسي هوزات في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية "إنه شرطنا ومطلبنا الأساسي" لمواصلة عملية السلام.
وترى هوزات (47 عاما) أنه "يمكن أن نعود وتتم تسوية كل شيء في غضون أسبوع" إذا تحقق هذا المطلب سريعا، وإلا "فمن غير المرجح إلى حد كبير أن تستمر العملية بنجاح".
وأوضحت القيادية في الحزب أنهم يريدون "الذهاب إلى تركيا والانخراط في السياسة الديمقراطية".
واستدركت "لكن يجب اعتماد تعديلات دستورية وإصلاحات قانونية جادة وبعيدة المدى"، موضحة أنه بدون تلك الضمانات "سيكون مصيرنا السجن أو الموت".
وأعرب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان صباح الجمعة عن أمله في أن يكون تخلي تنظيم "بي كيه كيه" عن السلاح فاتحة خير على طريق تحقيق هدف "تركيا خالية من الإرهاب".
وقال أردوغان في منشور على حسابه بمواقع التواصل الاجتماعي "نسأل الله أن يوفقنا لتحقيق أهدافنا في سبيل ضمان أمن بلادنا وطمأنينة شعبنا وإرساء السلام الدائم بمنطقتنا".
من جهتها، رحبت وزارة الخارجية العراقية ببدء حزب العمال الكردستاني تسليم السلاح، معتبرة أنه تطور مهم يجسد بداية لمسار نزع سلاحه.
ودشن 30 مقاتلا من حزب العمال الكردستاني -بينهم نساء- اليوم الجمعة مسار إلقاء السلاح في مراسم قرب مدينة السليمانية شمالي العراق، بعد شهرين من إعلان المقاتلين الأكراد إنهاء 4 عقود من نزاع مسلح ضد الدولة التركية خلّف أكثر من 40 ألف قتيل.
إعلان
وفي 12 مايو/أيار الماضي أعلن التنظيم المصنف على قوائم الإرهاب في تركيا والغرب الماضي حل نفسه وإلقاء سلاحه، منهيا بذلك نزاعا تسبب لفترة طويلة في توتير علاقات السلطات التركية مع الأقلية الكردية والدول المجاورة.
وتأتي هذه الخطوة استجابة لدعوة زعيم الحزب المعتقل عبد الله أوجلان الذي طالب من سجنه في جزيرة إمرالي بإنهاء العمل المسلح المستمر منذ ثمانينيات القرن الماضي والدخول في العمل السياسي الديمقراطي.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 4 ساعات
- الجزيرة
لماذا تفشل إيران في تفكيك شبكات الموساد؟
في شهر يونيو/حزيران 2025، استفاقت طهران على صدمة اغتيال صفوة قادتها العسكريين، بمَن فيهم رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة اللواء محمد باقري، وقائد الحرس الثوري اللواء حسين سلامي ، فضلا عن مقتل قائد القوات الجو فضائية بالحرس الثوري اللواء أمير حاجي زاده رفقة هيئة أركانه، وذلك في الساعات الأولى للهجوم الإسرائيلي. وأعقب تلك الهجمات ببضعة أيام تصفية قائد استخبارات الحرس الثوري العميد محمد كاظمي وعدد من مساعديه. بمرور الوقت تتكشف تفاصيل إضافية لما حدث خلال الحرب، حيث كشفت وكالة أنباء "فارس" الرسمية، في 13 يوليو/تموز الجاري، عن أن إسرائيل استهدفت في اليوم الرابع للحرب اجتماعا رفيع المستوى للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، حضره رؤساء السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية، حيث هوجمت مداخل ومخارج قاعة الاجتماع في الطابق السفلي لمبنى محصن غرب طهران بقنابل ثقيلة بهدف شل حركة الخروج وقطع تدفق الهواء، على غرار ما رشح من معلومات في عملية اغتيال أمين عام حزب الله حسن نصر الله. تمكّن المجتمعون من النجاة عبر فتحة طوارئ، لكنّ عددا منهم، وبينهم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، أُصيبوا بجروح طفيفة. وتُجري السلطات تحقيقا في احتمال وجود اختراق بشري مباشر مَكّن تل أبيب من معرفة توقيت الاجتماع وموقعه. عكَسَ هذا التطور لحظة انكشاف إضافية لأعلى مستوى في منظومة القرار السيادي الإيراني. فلم تكن الضربات مجرد تصعيد عسكري في الحرب التي اندلعت فجأة، بل كانت إعلانا فجًّا عن نصر استخباراتي إسرائيلي بُنِي على مدى عقدين من التغلغل والاختراق، وأصبح السؤال الرئيسي عن حجم الشبكات الاستخبارية التي مَكّنت إسرائيل من تنفيذ تلك العمليات النوعية في قلب طهران. الملمح الأساسي في تلك الضربات هو طبيعة أهدافها ودقة تنفيذها وتنوّع أدواتها، فبعضها تم بطائرات مسيّرة، والبعض الآخر بعبوات ناسفة داخل مركبات، وبعضها بفرق اغتيال فضلا عن القصف الجوي. هذا التنوع في أساليب التنفيذ كشف وجود طبقات متعددة من العملاء داخل المؤسسات الإيرانية ذاتها، وجعل من الصعب التنبؤ بنمط الضربات أو منع تكرارها. وتشير المعطيات الميدانية إلى أن الموساد لم يعتمد فقط على التكنولوجيا، بل على شبكات بشرية مزروعة في محيط القيادات، وفي دوائر لوجستية سهّلت مراقبة التحركات وتوفير معلومات حساسة عن الاجتماعات والمواكب والسيارات المستخدمة وحتى المنازل ومقرات القيادة الآمنة والبديلة. التراكم الاستخباراتي الإسرائيلي ما جرى في يونيو/حزيران 2025 لم يكن سوى تتويج لمسار طويل من حرب الظل. فمنذ أكثر من عقد، كثّف جهاز الموساد من أنشطته داخل إيران، مستهدِفا العلماء النوويين، ومنشآت التخصيب، وكوادر في الحرس الثوري. ونفّذ عمليات اغتيال لعلماء نوويين مثل مسعود محمدي وداريوش رضائي ومصطفى روشن مطلع العقد الماضي، ثم سرق نصف طن من وثائق الأرشيف النووي عام 2018، واغتال العالِم البارز محسن فخري زاده في 2020، ثم اغتال العقيد في فيلق القدس حسن صياد خدائي برصاص مسلحين قرب منزله في طهران عام 2022 بذريعة إشرافه على محاولات تنفيذ عمليات اختطاف واغتيالات لإسرائيليين في قبرص ودول أخرى، وأخيرا اغتيال قائد حركة حماس إسماعيل هنية في غرفته بمجمع تابع للحرس الثوري في طهران عام 2024. أشارت تلك الهجمات إلى مراكمة ممنهجة لقدرة إسرائيل على ضرب إيران من الداخل، وأن الموساد نقل الصراع من ميدان المواجهة العسكرية إلى شوارع طهران، وهو ما كان من المفترض أن يدفع إلى عملية مراجعة عميقة وإعادة هيكلة لأجهزة الأمن الإيرانية لتحديد الخروقات وعلاجها. وفي هذا السياق، يُذكّرنا جيمس أولسون، الرئيس السابق لقسم مكافحة التجسس في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية ، بطبيعة هذا النوع من الصراعات الاستخبارية، حيث شدّد في كتابه "كيف تقبض على جاسوس؟" على أن أفضل أساليب مكافحة التجسس هي اختراق أجهزة الاستخبارات المُعادية، وتجنيد الضباط المسؤولين عن شبكات الاختراق، وهي مقاربة تؤكد أن الردع الاستخباري لا يُبنى على الدفاع وحده، بل على المبادرة الهجومية. تعدد الأجهزة وتشظي القرار الأمني تُعاني إيران من مأزق يتجلى في تعدد مؤسساتها الأمنية وتضارب صلاحياتها. فبدلا من وجود جهاز استخبارات مركزي موحد، تتوزع المهام بين وزارة الاستخبارات (إطلاعات) واستخبارات الحرس الثوري، إضافة إلى أجهزة استخبارات تابعة للشرطة، والقضاء، والباسيج، والجيش. ورغم أن وزارة الاستخبارات أُنشئت عام 1984 بهدف دمج الأجهزة الأمنية المتناحرة بعد الثورة، فضلا عن تخويلها "بالحصول على معلومات الاستخبارات الأجنبية ومعالجتها، وإجراء عمليات مكافحة التجسس لمنع المؤامرات الداخلية والخارجية ضد الثورة الإسلامية والجمهورية الإسلامية الإيرانية"، حسب ما ورد في قانون تأسيس الوزارة، فإنها فشلت في احتواء هذا التشظي. ومع صعود الحرس الثوري في العقدين الأخيرين، تحولت وزارة الاستخبارات التي يشترط قانون تأسيسها أن يكون الوزير شخصا حاصلا على درجة الاجتهاد الديني وفق المذهب الشيعي، إلى جهة بيروقراطية تخضع لإشراف السلطة التنفيذية، وتتقاسم النفوذ مع جهاز استخبارات الحرس الذي تأسس بعد احتجاجات 2009. وبينما يُفترض أن تتكامل المؤسستان، فإن العلاقة بينهما ظلت على الدوام مشوبة بالتنافس. لقد علَّق قائد الحرس الثوري السابق وأمين مجلس تشخيص مصلحة النظام محسن رضائي على حادث التخريب في مفاعل نطنز واغتيال العالم النووي فخري زاده بالدعوة إلى تطهير مجتمع الاستخبارات، فيما ألقى وزير الاستخبارات السابق محمود علوي (2013-2021) باللوم على الحرس الثوري في اغتيال زاده لمسؤوليته عن أمن كبار المسؤولين والشخصيات البارزة، كما اتهم استخبارات الحرس الثوري بتعرضها للاختراق من طرف الموساد. فيما ألقى علي يونسي، وزير الاستخبارات الأسبق (1999-2005) في عهد خاتمي، باللوم في إخفاقات مكافحة التجسس على إنشاء منظمات موازية، والتنافس بين الأجهزة الأمنية، وتسييس الأمن عبر التركيز المفرط على المعارضين بدلا من حماية البلاد من التهديدات الخارجية. هذا التشظي الهيكلي حال دون بناء منظومة استخبارات مضادة متماسكة، وجعل الأمن الإيراني مشلولا، حيث تسعى كل جهة إلى توسيع نفوذها، حتى لو أدى ذلك إلى فوضى في توزيع المسؤوليات، وإلى ثغرات يستغلها الموساد بنجاح، مما سمح له بالتحرك في الفراغات الناتجة عن صراع النفوذ بين المؤسستين بحسب تحليلات عدد من المختصين الإيرانيين ولذا لم يكن غريبا أن تتكرّر عمليات تسلل العملاء أو أن يتنقل عناصر يُشتبه بتخابرهم بين المؤسسات دون كشفهم. أبرز مثال على ذلك هو علي رضا أكبري، نائب وزير الدفاع الذي أُعدم لاحقا عام 2023 بتهمة التجسس، بعدما شغل مناصب رفيعة رغم وجود إشارات أمنية تحذيرية، مما كشف أن مَن يجاهرون بولائهم الكامل للنظام أصبحوا هم الحلقة الأضعف أمنيا، كونهم أقل خضوعا للرقابة، وأقرب إلى مواقع النفوذ. إشكالية الاستمرارية الطويلة في القيادة الاستخباراتية: حالة حسين طائب يُظهر بقاء حسين طائب على رأس جهاز استخبارات الحرس الثوري منذ تأسيسه في عام 2009 حتى عام 2022 نموذجا لمشكلة أعمق في بنية القيادة الأمنية الإيرانية، وهي غياب التداول المؤسسي في المواقع الحساسة كما فعلى مدار أكثر من عقد، ارتبطت السياسات الاستخباراتية لطائب بمرحلة حساسة من التحديات الخارجية، لا سيما مع تصاعد أنشطة الموساد داخل إيران. ورغم أن الاستمرارية قد توفّر أحيانا نوعا من الثبات والاستقرار، فإن بقاء القادة في مواقعهم لفترات مطوّلة دون تجديد في المناهج يفتح الباب أمام تكرار الأنماط، ويُقلل من قدرة الجهاز الأمني على التكيف مع طبيعة التهديدات المتغيرة. كما أن طول بقاء المسؤول في منصبه يُنتج بالضرورة شبكات نفوذ داخل الجهاز نفسه، ما قد يُضعف الرقابة الداخلية والتقييم المهني لمجريات الأمور. هذا النمط من الجمود القيادي لا يُسهّل الاختراقات الخارجية فقط، بل يعوق أيضا التطوير التكنولوجي وتحديث العقيدة الأمنية، خاصة في مواجهة خصم يُراكم أدواته ويُجدد آلياته باستمرار كما هو حال الموساد. الرد الأمني الإيراني ردًّا على التصعيد الإسرائيلي داخل العمق الإيراني، أطلقت الأجهزة الأمنية حملة موسعة لتأمين الجبهة الداخلية بطريقة أقرب إلى إعلان الطوارئ الأمنية الشاملة. فنُشرت آلاف العناصر الأمنية في شوارع طهران والمدن الكبرى، وأُقيمت نقاط تفتيش دائمة في مداخل الأحياء والطرقات الرئيسية، وصودرت الأجهزة المحمولة من المواطنين بحثا عن إشارات اتصال مشبوهة أو محتوى سياسي، وأُعلن عن تفكيك شبكات متعاونة مع الموساد، وملاحقة الأنشطة الرقمية التي قد تُستغل لاختراق المنظومات الدفاعية، كما أُعدم 5 أشخاص على الأقل سبق إدانتهم بالتعاون مع الموساد. وضمن هذا السياق، أعلنت وزارة الاستخبارات واستخبارات الحرس الثوري ضبط نحو 10 آلاف طائرة مسيرة صغيرة في طهران وحدها، وضبط ورشة في أصفهان لتصنيع الطائرات بدون طيار والمتفجرات، واعتقال 18 شخصا إثر ضبط مصنع للطائرات المسيرة الهجومية والتجسسية في مدينة مشهد، وضبط ورشة سرية كبيرة في مدينة "ري" لتصنيع طائرات مسيرة صغيرة وقنابل موقوتة، واعتقال عملاء أطلقوا مسيرات صغيرة من الجبال الشمالية الغربية المُطلة على طهران، واعتقال 50 شخصا في سيستان وبلوشستان بتهم التجسس والإرهاب. وقد وثّق تقرير لموقع "هرانا" الحقوقي اعتقال أكثر من 1500 شخص خلال أسبوعين، بينهم مئات اتُّهموا بالإخلال بالأمن القومي أو دعم إسرائيل عبر منصات التواصل، وتنوّعت التهم بين "نشر محتوى مضلل"، و"إعادة نشر صور للهجمات"، و"التجسس"، و"توجيه طائرات مسيرة". كما شملت الحملة اعتقالات في أوساط المواطنين الإيرانيين اليهود والبهائيين، بدعوى التواصل مع جهات أجنبية، إضافة إلى مداهمات ومصادرة هواتف مهاجرين أفغان بزعم احتمال استغلالهم في جمع المعلومات. وقد أفادت وزارة الداخلية الإيرانية بعودة 772 ألف أفغاني إلى بلادهم خلال العام الجاري، وهو ما تصاعد إثر حملات ترحيل قسرية بحجة ضلوع بعض اللاجئين الأفغان في عمليات التجسس. تُقدَّم هذه الإجراءات باعتبارها جزءا من تحصين الأمن الداخلي في لحظة اشتباك استخباراتي عنيف، لكن هذه الحملات، على اتساعها، لم تُفضِ بعد إلى تفكيك الشبكات التي نفّذت الاغتيالات أو وفّرت معلومات دقيقة عن مواقع الاجتماعات القيادية، ما يثير شكوكا حول قدرتها الفعلية على معالجة منابع الاختراق لا أعراضه. وفي المجال التشريعي، حاول البرلمان الإيراني تمرير قانون يغلظ عقوبة "التعاون مع الدول المعادية"، ويصنفه ضمن تهم "الإفساد في الأرض" التي تصل عقوبتها إلى الإعدام. غير أن مجلس صيانة الدستور تحفّظ على المشروع، مشيرا إلى غموض مفاهيمه، وعدم تحديد الجهة التي تُعرّف "العدو". كما لجأت الحكومة إلى فرض قيود رقمية واسعة، فحجبت بعض التطبيقات الأجنبية، وقنَّنت سرعة الإنترنت، وراقبت شركات الاتصالات حركة الرسائل والمكالمات، بما في ذلك الرسائل النصية التقليدية. الخاتمة.. حلول محتملة كشفت المواجهات الأخيرة بين إيران وإسرائيل أن التحدي الذي تواجهه الأجهزة الإيرانية لا يقتصر على صدّ اختراق أمني هنا أو هناك، بل يتمثل في إعادة تعريف العقيدة الأمنية ذاتها، وتطوير أدواتها لتتلاءم مع طبيعة التهديد المتغير الذي يستخدم التكنولوجيا والشبكات البشرية والنفوذ الرقمي بوصفها وسائل رئيسية للتأثير والاختراق. فما حدث من عمليات اغتيال دقيقة، واستهداف لاجتماعات سيادية، يعكس وجود فجوة عميقة في آليات الكشف والردع، فجوة لا يُمكن معالجتها بإجراءات ظرفية أو بحملات أمنية داخلية موسعة فقط. فبينما نجحت الأجهزة في توقيف عدد من الأفراد المشتبه بتورطهم أو تعاونهم مع جهات أجنبية، بقيت الأسئلة قائمة حول هوية الفاعلين الحقيقيين ومسارات الاختراق النوعية. وفي المقابل، لا يُمكن إنكار أن طبيعة المواجهة غير متكافئة في كثير من أوجهها، فإسرائيل تحظى بدعم أجهزة الاستخبارات الغربية بشكل كبير، ولديها أحدث التقنيات، بينما طهران لا تحظى بدعم مثيل من دول أخرى، ورغم ذلك فالواقع يفرض عليها تطوير منظومتها الأمنية بعقلانية بعيدا عن منطق المعالجات الانفعالية. إن المرحلة المقبلة تضع إيران أمام استحقاق مزدوج: الحفاظ على الأمن والسيادة من جهة، وتعزيز ثقة المجتمع بمؤسساته من جهة أخرى. ولن يتحقق هذا التوازن إلا إذا استندت السياسات الأمنية إلى رؤية إستراتيجية طويلة المدى تُبنى على دراسة الأخطاء السابقة، والاعتماد على أصحاب الكفاءة، وتخصيص الموارد اللازمة لبناء منظومة مكافحة تجسس فعالة. في النهاية، لا تُقاس السيادة فقط بمدى السيطرة على الأرض، بل أيضا بقدرة الدولة على حماية نُخَبها ومواطنيها من الاختراق، وعلى التكيّف مع أنماط التهديد الجديدة، دون أن تُفرط في أمنها أو تُقوّض نسيجها الداخلي.


الجزيرة
منذ 5 ساعات
- الجزيرة
الحرب على غزة مباشر.. 70 شهيدا خلال 24 ساعة والاحتلال يواصل قصف خيام النازحين
في اليوم الـ649 من حرب الإبادة على غزة ، واصلت إسرائيل غاراتها على القطاع، واستشهد 70 فلسطينيا خلال الـ24 ساعة الماضية، بينهم 49 في مدينة غزة، إثر الغارات المتواصلة على منازل وخيام النازحين وتجمعات لمنتظري "المساعدات".


الجزيرة
منذ 5 ساعات
- الجزيرة
فشل انقلاب تركيا الأخير ونهاية عهد الدولة المسروقة
مرّت تسع سنوات على آخر انقلاب شهده تاريخ تركيا الحديث؛ ذلك الانقلاب الذي مهّد السبيل لثورة تجلّت في 16 يوليو/ تموز 2016، حين أكد الشعب التركي حضوره كأمّة تملك دولة، بعد أن كان حتى اليوم حتى اليوم السابق لتلك المحاولة الانقلابية مجرد شعب ومجتمع تمسك الدولة بزمامه، ولمّا يكتسب بعد صفة "الأمة". في 15 يوليو/ تموز 2016، ولأول مرة في تاريخ الانقلابات، وقفت الأمة تدافع عن إرادتها في مواجهة الانقلابيين. وعبر دفاعها الحازم عن الحكومة التي اختارتها بنفسها، لم تنقذ الأمة دولة كانت في حوزتها أصلًا، بل أثبتت استحقاقها امتلاكَ دولة فعلية. حتى ذلك الحين، كانت مراكز القوى الحاكمة في تركيا قد ثبّتت سيطرتها عبر طبقات من العسكر والبيروقراطية والأوليغارشية، وكانت الانقلابات أداة لضبط التوازن وإعادة "تنظيم" الشعب متى انفلت من السيطرة في ساحة الديمقراطية. وهذا التقليد لم يبدأ مع انقلاب 27 مايو/ أيار 1960، كما يقال عادة، بل تعود جذوره إلى سنة 1909، ومنذ ذلك الوقت أصبح وسيلة لاستدامة نظام السلطة في تركيا. دولة مسروقة من شعبها لم تكن الانقلابات في تركيا مجرد نتاج لصراع داخلي تقليدي على السلطة، بل كانت أيضًا أداة للتدخل الإمبريالي ووسيلة لإعادة ضبط التوازن السياسي بما يخدم مصالح خارجية فرضت على تركيا بعد الحرب العالمية الأولى. لقد وجدت تركيا نفسها أسيرة دولة مسروقة من شعبها، تطبّق سياسات بعيدة عن روح الأمة، وعن عقيدتها وهويتها، ولا تولي ولاءها للأمة، بل لعبت دور الحارس على أبواب المصالح الإمبريالية، تحاول تطويع الشعب وفق قوالب تخدم تلك المصالح. وسعت تلك الدولة لعزل تركيا عن هُويتها وثقافتها وتاريخها وعمقها، وفرضت عليها بالقوّة ملامح أعدائها التاريخيين الذين حاربتهم لقرون. وإن فهم هذه السياسة الجبرية التي صنعت غربة تركيا عن ذاتها لا يمكن إلا عبر تحليل السياق الإمبريالي. على امتداد ثلاثين عامًا من حكم الحزب الواحد، فُرضت السياسات كلها "رغمًا عن الشعب" دون إجراء انتخابات. وكانت حجة مصلحة الشعب غطاء بسيطًا ومخادعًا لتمرير السلطة إلى منفذي السياسات. ولم تُراعَ في تلك السياسات الرحمة أو مصلحة الشعب أو حتى مجرد فهمه، بل تعرّض المواطن للإهانة والاضطهاد والإيذاء والعقاب القاسي، لأن السياسات لم تكن تنبع من وجدان الناس ولا من أعماق المجتمع، ولم تكن تهدف حقيقة لخدمة الشعب. ولا يمكن فهم منطق إذلال الشعب أمام أمم حاربها طويلًا أو السعي لتقليده أعداءَه إلا في إطار الاحتلال والإمبريالية. طبيعة الانقلابات الاستعمارية منذ انقلاب 27 مايو/ أيار 1960، ارتبطت تقريبًا كل الانقلابات التركية بالمصالح الإمبريالية ذاتها. فقد كان لضباط ذلك الانقلاب وما بعده صلات وثيقة بالولايات المتحدة، وتولوا إدارة البلاد بدعم مباشر من واشنطن، وتعهدوا بحكمها كأنها مستعمرة أميركية، وهو نمط سياسي لم يكن جديدًا عليهم. وكشف رئيس الوزراء السابق بولنت أجاويد لاحقًا أن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (CIA) كانت تدفع رواتب جهاز الاستخبارات التركي طويلًا. وكانت تحية الانقلابيين فورًا لحلف شمال الأطلسي (الناتو) والولايات المتحدة بعد نجاح الانقلاب ليست مجرد مجاملة عابرة، بل إعلانًا عن الولاء، ولم يكن يعنيهم مساءلة الشعب أو تبرير ما جرى بحقه. وبعد انقلاب 12 مارس/ آذار 1971 وانقلاب 12 سبتمبر/ أيلول 1980، كان عنوان انقلاب 28 فبراير/ شباط 1997 "ما بعد الحداثة" أيضًا: "الغرب". إذ كان مركز القيادة هو "مجموعة العمل الغربية". هؤلاء فرضوا هُوية الغرب الإمبريالي ونمط حياته بالقوة على أبناء وطنهم، دون مراعاة أو احترام لهذا الشعب، لأنهم لم يكونوا يومًا جزءًا من هذه الأمة ولا من تراب هذا الوطن. وتحول عداؤهم العلني لقيم الأمة إلى عملاء لأعداء الأمة ضد شعبها. أما منفذو انقلاب 15 يوليو/ تموز 2016، فقد انتموا في الظاهر إلى جماعة دينية، في تجلٍ لقدرة الانقلابيين غير الوطنيين على التلون والمراوغة. ولم يكن ولاء هؤلاء للشعب التركي في نهاية المطاف. حتى شعار بيان الانقلاب: "السلام في الوطن، السلام في العالم" لم يكن إلا شفْرة ولاء للإمبريالية. أليست تركيا فُرض عليها التمسك بهذا الشعار عقودًا، وفقًا للحدود التي رسمها الاستعمار بعد إسقاط الدولة العثمانية؟ انقلاب تركيا وإجهاض الربيع العربي كشفت الأحداث العالمية في السنوات التسع الأخيرة عن حجم التحول الذي شهدته تركيا كأمة تملك دولة. فتركيا بلد لا يُحاصر داخل حدود رسمت له، وكلما حاولت استعادة مجالها الطبيعي، اصطدمت بقوى داخلية وخارجية تسعى لكبحها وتخويفها وإرهاقها. كانت محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو/ تموز 2016 محاولة لتضييق الحيز الجغرافي والروحي الذي تحركت فيه تركيا بعد الربيع العربي. وقُمعت الثورات التي انطلقت في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا بين 2011 و2013 بانقلابات مضادة. كانت تركيا الدولة الوحيدة التي منحت تلك الثورات الأمل وشجعتها بوجودها وانفتاحها، الأمر الذي هدد النظام الإمبريالي القائم منذ ما بعد الحرب العالمية الأولى. وقد أعيدت تلك الدول بسرعة إلى مسارها القديم بواسطة الانقلابات، بينما شهدت تركيا محاولات عدة لتجفيف منابع الإلهام فيها: بدأت بأحداث "جيزي" 2013، وتبعتها محاولة انقلاب قضائي في 17-25 ديسمبر/ كانون الأول 2013، وعندما لم تفلح تلك المحاولات، وقع الانقلاب العسكري الفاشل في 15 يوليو/ تموز 2016، غير أن الشعب التركي صحا وانتفض تحت قيادة الرئيس رجب طيب أردوغان، رئيس الجمهورية التركية. منذ ذلك اليوم، وعلى مدار تسع سنوات، استمرت تركيا في الصعود باعتبارها الدولة التي تملك استقلالًا فعليًا. ولم يكن التقدم في الصناعات الدفاعية والأمن والسياسة الخارجية مجرد إنجاز عابر، بل هو قصة انتزاع السيادة وبناء دولة تُعبّر عن إرادة الأمة. وبفضل هذه الرؤية، أصبح مشروع "تركيا خالية من الإرهاب" واقعًا ممكنًا اليوم. وفي ديسمبر/ كانون الأول 2023، اكتملت الثورة في سوريا وانضمت إلى ثورة 16 يوليو/ تموز. وينبغي أن يُعد نضال الأبطال في غزة، الذين يُمثّلون "القوات الوطنية"، امتدادًا لثورة 16 يوليو/ تموز، فغزة ستلتحم في النهاية بنفس الروح، بروح الصحوة والمقاومة. لقد حدث عكس ما خُطط له في 15 يوليو/تموز 2016، كما يحدث عكس ما يُخطط له اليوم في سوريا وأفغانستان وغزة. {ويمكرون ويمكر الله، والله خير الماكرين}.