logo

إبادة العلويين في الساحل السوري وفتاوى ابن تيمية!محمد سعيدي

ساحة التحرير١٢-٠٣-٢٠٢٥

إبادة العلويين في الساحل السوري وفتاوى ابن تيمية!
محمد سعيدي
في بداية الأحداث في الساحل السوري ، خرج من يدعى وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني في تصريح مثير يبارك نداءات النفير العام والجهاد من المساجد ، ولما خرجت صور وتسجيلات المجازر التي حصلت ضد العلويين المدنيين إلى الرأي العام الدولي، أصبح هذا الشعب الذي شارك عناصر وفصائل غير منضبطة!!! قال في تصريحه:
'ما جرى يوم أمس لا يمكن أن ينجح في دولة جيشها هو الشعب ذاته'
لا ننسى أن هذه الفصائل المسلحة التي شاركت في الإبادة منضوية تحت لواء ما يسمى الجيش السوري الذي شكل حديثًا وهذه عقيدته التي يوالي ويعتدي عليها حتى رأس السلطة في دمشق . وهذه العقيدة مستوحاة من كتب ابن تيمية التي أصبحت توزع بالمجان في الشوارع السورية . ولابد من الإشارة أن علاقة السلفية بالإسلام تمر عبر طريق ابن تيمية ووجهة نظره.
الفتوى ضد العلويين ويسميهم النصيرية موجودة في المجلد 35، صفحة 161 من مجموع فتاوى ابن تيمية:
'وَسُئِلَ – رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -:
عَنْ ' الدُّرْزِيَّةِ ' و ' الْنُصَيْرِيَّة ': مَا حُكْمُهُمْ؟
فَأَجَابَ:
هَؤُلَاءِ ' الدُّرْزِيَّةُ ' و ' الْنُصَيْرِيَّة ' كُفَّارٌ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ لَا يَحِلُّ أَكْلُ ذَبَائِحِهِمْ وَلَا نِكَاحُ نِسَائِهِمْ؛ بَلْ وَلَا يُقِرُّونَ بِالْجِزْيَةِ؛ فَإِنَّهُمْ مُرْتَدُّونَ عَنْ دِينِ الْإِسْلَامِ لَيْسُوا مُسْلِمِينَ؛ وَلَا يَهُودَ وَلَا نَصَارَى…وَإِنْ أَظْهَرُوا الشَّهَادَتَيْنِ مَعَ هَذِهِ الْعَقَائِدِ فَهُمْ كُفَّارٌ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ….
وَأَمَّا ' الدُّرْزِيَّةُ ' فَأَتْبَاعُ هشتكين الدُّرْزِيُّ؛…وَهُمْ مِنْ الْقَرَامِطَةِ الْبَاطِنِيَّةِ الَّذِينَ هُمْ أَكْفَرُ مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَمُشْرِكِي الْعَرَبِ…
وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ – رَحِمَهُ اللَّهُ -:
رَدًّا عَلَى نُبَذٍ لِطَوَائِفَ مِنْ ' الدُّرُوزِ '
كُفْرُ هَؤُلَاءِ مِمَّا لَا يَخْتَلِفُ فِيهِ الْمُسْلِمُونَ؛ بَلْ مَنْ شَكَّ فِي كُفْرِهِمْ فَهُوَ كَافِرٌ مِثْلُهُمْ؛ لَا هُمْ بِمَنْزِلَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ؛
بَلْ هُمْ الْكَفَرَةُ الضَّالُّونَ فَلَا يُبَاحُ أَكْلُ طَعَامِهِمْ وَتُسْبَى نِسَاؤُهُمْ وَتُؤْخَذُ أَمْوَالُهُمْ. فَإِنَّهُمْ زَنَادِقَةٌ مُرْتَدُّونَ لَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُمْ؛ بَلْ يُقْتَلُونَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا؛ وَيُلْعَنُونَ كَمَا وُصِفُوا؛ وَلَا يَجُوزُ اسْتِخْدَامُهُمْ لِلْحِرَاسَةِ وَالْبِوَابَةِ وَالْحِفَاظِ.
وَيَجِبُ قَتْلُ عُلَمَائِهِمْ وَصُلَحَائِهِمْ لِئَلَّا يُضِلُّوا غَيْرَهُمْ؛ وَيَحْرُمُ النَّوْمُ مَعَهُمْ فِي بُيُوتِهِمْ؛ وَرُفْقَتِهِمْ؛ وَالْمَشْيُ مَعَهُمْ وَتَشْيِيعُ جَنَائِزِهِمْ إذَا عُلِمَ مَوْتُهَا.
وَيَحْرُمُ عَلَى وُلَاةِ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ إضَاعَةُ مَا أَمَرَ اللَّهُ مِنْ إقَامَةِ الْحُدُودِ عَلَيْهِمْ بِأَيِّ شَيْءٍ يَرَاهُ الْمُقِيمُ لَا الْمُقَامُ عَلَيْهِ. '
فتوى ابن تيمية لا تعترف بشيء إسمه شركاء في الوطن وأن الدروز والعلويين لهم من حقوق المواطنة ما لغيرهم. وعادة ما يأتي ابن تيمية بعبارة يستتاب أو يقتل، لكن بالنسبة لهاتين الفرقتين لا يقبل التوبة، بل يدعو إلى قتلهم أينما وجدوا وهذا ما فعلته الفصائل السلفية في الساحل. وأفتى بأخذ أموالهم وهذا ما يفسر سرقة المنازل الممنهجة…
أما تصريحات الجولاني كحاكم أمر واقع، بعدم المبالغة بعد أن فضحت المجازر، فلا يعتد بها عند هذه الجحافل التي تربت لسنوات على فتاوى ابن تيمية وابن عبد الوهاب. وهي أكثر من هذا تعتبر حسب ما جاء في الفتوى، التوقف عن القتل في الساحل السوري حرامًا ولو كان الأمر من الحاكم.
هذه الفتوى تجيب كذلك الذين يتساءلون لماذا لم يكن أي دعوات مشابهة ضد توغل الجيش الص هيو. ني، فهي تعتبر قتال العلويين والدروز أولى الأولويات إذ لا تقبل منهم لا جزية ولا توبة. أما اليهود والنصارى حتى مع القدرة تقبل منهم الجزية ويعطون الأمان!!!
يبقى سؤال، هل كل شيوخ المسلمين على رأي ابن تيمية؟ الجواب طبعًا لا، لأن الفتوى تبنى على فهم خاص للنصوص، والأخذ ببعض النصوص واستبعاد أخرى تفسد على المفتي اجتهاده. ويبقى على مر العصور أن الفتوى تتأثر بالمحيط السياسي ؛ فابن تيمية عاش في فترة سياسية عرفت بضعف دولة الخلافة في بغداد وعهد المماليك في مصر، وعادى بعض الحكام وتقرب من بعضهم وكان تهديد بعض الفرق في الشام حقيقيا على الحكام الذين أيدهم. وكانت فتاواه تخدم المصلحة السياسية المرجوة من الحاكم، حيث يلين الحاكم تلين وحيث يقصو الحاكم ولا يسامح تقصو كذلك لتبرير القتل الذي يمارسه الجنود على أرض الميدان…
‎2025-‎03-‎12
The post إبادة العلويين في الساحل السوري وفتاوى ابن تيمية!محمد سعيدي first appeared on ساحة التحرير.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

المفهوم الشكلي للأغلبية!اضحوي جفال محمد
المفهوم الشكلي للأغلبية!اضحوي جفال محمد

ساحة التحرير

time٠٨-٠٥-٢٠٢٥

  • ساحة التحرير

المفهوم الشكلي للأغلبية!اضحوي جفال محمد

المفهوم الشكلي للأغلبية! اضحوي جفال محمد* بعد انقضاء المرحلة الرومانسية من الحكم الجديد في سوريا وانكشاف الواقع بكل عوراته وآفاقه المسدودة لم يبق لإعلام النصرة من سرديات تواجه بها النقد سوى انهم يمثلون الاغلبية. مَن قال انهم يمثلون الاغلبية؟ فرضية مبنية على خدعة الفرق بين جائع وجائع وبين مقموع ومقموع من منطلق ديني او قومي. في العراق عندما حصلت ذات الحالة قبل عقدين ردد الآتون مع الامريكان ذات السردية مع اختلاف واحد هو ان اولئك العراقيين (الاحزاب الشيعية) كانوا مقتنعين فعلاً بأنهم يمثلون الاغلبية الشيعية، فقد كان لهم دعم شعبي واسع في تلك المرحلة، لذلك أول ما فعلوه أن طالبوا بالاحتكام الى الانتخابات ليستمدوا منها شرعية تخرجهم من اطار مراسم التعيين البرايمرية. والطريف أن الامريكان الذين جعلوا (نشر الديمقراطية) بين أهداف الغزو كانوا المعترض الوحيد على اجراء الانتخابات. واليوم يدعو الامريكان وكل العالم حكام سوريا الى الانتخابات فيأبون. لو توفرت لحكام سوريا الجدد قناعة بأنهم يمثلون الاغلبية لركنوا الى انتخابات تخرجهم نتائجها من وصمة الارهاب والحصار والعقوبات، غير أنهم لم يفعلوا ليقينهم بأن الاغلبية ستنبذهم، فطوحوها خمسة اعوام قابلة للتمديد. والحقيقة انهم لم يعدوا بها حتى وعداً.. فالاعلان الدستوري الذي اصدروه خلا تماماً من أية لفظة للديمقراطية والانتخابات. الحالة السورية تختلف عن نظيرتها العراقية من حيث اتجاه المسار. في العراق بدأ الاسلاميون مقبولين داخل حاضنتهم ثم راحوا يفقدون تلك المقبولية بناءً على الاداء الى ان خسروها بشكل خطير، وما بقاؤهم في الحكم الا نتاج من نتاجات النظام السياسي المشوه.. وعزاؤهم عن ذلك ذات المقولة الخادعة بتمثيل الاغلبية. أما في سوريا فالافتراق مع الجمهور حاصل مسبقاً، والحديث عن تمثيل المكون الاكبر فرية تدحض نفسها فكراً وتطبيقاً. من ناحية الفكر لا تعترف الوهابية التي تفرعت عنها كل المنظمات الارهابية لا تعترف بالسنّة وتكفّرهم بمئات الفتاوى الصادرة عن مرجعهم ابن تيمية، وكلها (يستتاب او يُقتل). الحالة الوحيدة التي يعترف فيها الوهابيون بالسنّة هي حالة المكاثرة مع الشيعة، فيقولون (نحن مليار وانتم مئة مليون)، أما خارج هذه الحجة العددية فموقفهم من السنة هو الذي رأيناه خلال حكم داعش ورآه السوريون في ادلب ورآه أهل الجزيرة العربية أيام (اخوان من طاع الله). ويبقى السؤال الاهم: هل ثار السوريون_ ان كانت هناك ثورة اصلاً_ من اجل أن تحكمهم النصرة؟. وتمثيل الاغلبية ليس مشاعاً يرعاه المدّعون وانما له آليات يتبعها مَن يثق بنفسه ويتنكر لها الكاذبون. ولسوف يصدر التاريخ حكمه بالارقام.. وقريباً. ( اضحوي _ 2118 ) ‎2025-‎05-‎08 The post المفهوم الشكلي للأغلبية!اضحوي جفال محمد first appeared on ساحة التحرير.

بيان 1800 صحفي وناشط إعلامي في إيران دعما لغزة
بيان 1800 صحفي وناشط إعلامي في إيران دعما لغزة

اذاعة طهران العربية

time١٤-٠٤-٢٠٢٥

  • اذاعة طهران العربية

بيان 1800 صحفي وناشط إعلامي في إيران دعما لغزة

بسم الله الرّحمن الرّحيم ﴿لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا﴾ (النساء: 148) من الناشطين الثقافيّين والإعلاميّين في إيران، إلى جميع أحرار العالم: « تعالوا نفعل شيئًا » يسقط صاروخ على مبنى، فيزلزل دويّ انفجاره أرجاء الكون. تتعالى أعمدة الدخان والتراب واللّهب، ويتلبّد المشهد بسحب من الرماد، ثمّ لا تلبث نقاط سوداء أن تتطاير بسرعة مذهلة إلى السماء قبل أن تهوي على الأرض. ما هي هذه النقاط؟ ما الذي صنعه الانفجار بهذا العنف؟... تمرّ لحظات... ويُكشف المستور: إنّها الأيادي المبتورة، والأجساد الممزّقة، والرؤوس المفصولة... إنّها أجساد بشرٍ تُفكّك وتحترق في لهيب وحشيّة عصابة أحقر من أحقر الدواب، ويُقذف بها إلى السماء. هل تبصرون؟ الإنسان يُحرق ويُقذف في السماء... في أرضٍ اقترن اسمها بالآلام: غزّة. إنّنا نعيش عصرًا بات فيه العالم معتادًا على مشاهدة صور عارية من التجميل لجرائم الإبادة الجماعيّة التي تُرتكب في قطاع غزّة. فتبًّا للإنسانيّة، وعارٌ عليها إن رأت هذه المآسي وصمتت؛ عارٌ على الإنسان إن لم يُحرّك لسانه بكلمة، ولم يهتف بروحه رفضًا لإبادة الإنسان؛ وخزيٌ للمجتمع الدولي ومنظمة الأمم المتحدة، وقد رأوا إراقة الدماء وتراكم الأجساد البريئة دون أن ينبسوا بكلمة؛ وسُحقًا لحكّام ما يُسمّى بـ«العالم الإسلامي»، الذين لا يحملون من الشرف والغيرة على حرمة المسلمين ما يوازي عشر ما أبداه خمسون رئيس حكومة حين خرجوا في مسيرة تضامن من أجل مجلّة فرنسيّة مسيئة، وها هم اليوم كالجيف النتنة، يلوذون بالصمت أمام الهمجيّة المنظّمة للكيان الصهيوني، ويبدون كالأموات. الويل لنا! الويل لنا إذ نشهد هذه الحقبة، ونصمت كما صمت أولئك الذين لعنتهم صفحات التاريخ واندثرت أسماؤهم، فنصبح نحن أيضًا موضع خزيٍ وعار للإنسانيّة. نحن جمعٌ من الناشطين الثقافيّين والإعلاميّين في إيران، لم نعد نطيق مشاهدة هذه المآسي، وهذه المجازر التي تُرتكب بحقّ شعبٍ مسلمٍ أعزل في قطاع غزّة. نمدّ أيدينا، بعيون تفيض دموعًا وقلوبٍ يغلي فيها الغضب على العدوّ الصهيوني، إلى كلّ إنسانٍ يرى في نفسه ذرةً من الإنسانيّة. أيّها الإخوة! أيتها الأخوات! أيّها الآباء والأمّهات! أيّها الأعزّاء! ينبغي أن نضجّ بألم غزّة بكلّ كياننا، وأن نكون صوت فلسطين الحيّ. ينبغي أن نُحوّل هذا العالم في وجه آلة القتل الصهيونيّة المتجبّرة إلى جبهة مقاومة ضدّ الإبادة الجماعيّة. إنّ الكيان الصهيوني، الذي يشعل النيران اليوم في منطقة غرب آسيا نيابة عن الحكومة الأمريكيّة الجائرة، لا يكتفي بالنيابة عنها، بل يسعى لأن يكون ممثّلًا للشيطان ذاته في أرض البشر. فبهذه الإبادة الجماعيّة الهمجيّة، لم يشعل النار في غزّة وحدها، بل في أرجاء كوكب «الإنسانية». غزّة اليوم هي الخندق الأمامي في معركة البشريّة ضدّ الشيطان. نناشد، بإلحاح وصدق، كلّ من لا تزال قلوبهم تنبض بالنقاء والكرامة، أن ينهضوا، أن نتكاتف، وأن نفعل شيئًا من أجل غزّة الجريحة. هذا أقلّ ما نستطيع فعله.

المعتقدات الدينية وتأثيرها على نتائج الحروب
المعتقدات الدينية وتأثيرها على نتائج الحروب

اذاعة طهران العربية

time٠٥-٠٤-٢٠٢٥

  • اذاعة طهران العربية

المعتقدات الدينية وتأثيرها على نتائج الحروب

وهذه الحقيقة دليل على أن النصر النهائي سيشمل أولئك الذين يجاهدون في سبيل الله ويؤمنون بوعد العون الإلهي. إن الجهاد ضد اعتداءات الأعداء يعد من الأركان الأساسية للدين الإسلامي الحنيف ومن الواجبات الثابتة على كل مسلم يقف بثبات في الدفاع عن حدوده، أرضه، وعرضه ضد أي عدوان. ومع أن الدفاع عن الوطن والأرض أمر فطري وعقلاني، ويعتبر أهل أي أرض أنفسهم ملزمين بالدفاع عنها عقلاً، إلا أن الجهاد في دين الإسلام يأخذ طابعا ونكهة مقدسة وروحية. إن المجاهد في سبيل الله لا يقاتل من أجل حماية الأرض فحسب، بل من أجل إعلاء كلمة الحق ودفع الظلم والطغيان. وعندما يستشهد في هذا الطريق فإنه ينال مكانة عالية جداً ومنزلة عالية عند الله تعالى، منزلة لا تقاس بأي مقياس مادي. وهناك فرق جوهري في النهج الذي ينظر به المؤمنون و الكفار إلى الحرب والجهاد. يرى المؤمن أن الحرب ليست مجرد صراع دموي من أجل البقاء أو السلطة، بل هي اختبار إلهي وفرصة لإثبات الإيمان والتضحية حيث يضحي بحياته للدفاع عن الحقيقة والعدالة، ويخطو إلى ساحة المعركة أملا للحصول على رضا الله سبحانه وتعالى والوصول إلى الجنة. وفي المقابل، فإن الكافر يحلل الحرب بناء على مصالحه المادية والدنيوية فقط، وهدفه في الحرب هو الحصول على الغنائم، توسيع الأرض، أو الانتقام. إنه يخاف من الموت ولا يؤمن بالحياة بعد الموت، لذلك يفعل كل ما بوسعه لإنقاذ حياته. إن هذا الاختلاف في المواقف بين المؤمنين والكفار له تأثير كبير على طريقة قتال كلا المجموعتين، دوافعهما، وقدرتهما على الصمود والمقاومة. ومن خلال هذا المنظور، واستعراض إنجازات المسلمين في المعركة ضد الأعداء من الكفار والمشركين، ندرك حقيقة أن النصر النهائي كان دائماً لمن كان لديه الدافع الإلهي والإيمان الأقوى. ورغم قلة مواردهم وأفرادهم، فقد انتصر المسلمون في كثير من المعارك على أعدائهم الذين كانوا أكثر منهم في العتاد والأفراد. ولم تكن هذه الانتصارات نتيجة لتفوق التكتيكات العسكرية فحسب، بل كانت متجذرة في الإيمان الراسخ والتضحية والتفاني من جانب المجاهدين المسلمين. وعلى النقيض من ذلك، فإن الكفار والمشركين، الذين اعتمدوا على القوة المادية والخوف من الموت، هُزموا في نهاية المطاف بفضل الإرادة الإلهية وإيمان المسلمين. وهذه الحقيقة دليل على أن النصر النهائي من نصيب أولئك الذين يجاهدون في سبيل الله ويؤمنون بوعد العون الإلهي. قد أشار الله تعالى في آيات القرآن الكريم أيضاً إلى هذا الاختلاف في وجهات النظر، والانتصارات الغيبية، ووعد بنصرة المؤمنين على أعدائهم. وعلى سبيل المثال، يقول سبحانه وتعالى في الآية 7 من سورة محمد (ص): « إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ » وهذه الآية صريحة في أن يد النصر الإلهي على المؤمنين الذين ينصرون دين الله. وعلى سبيل المثال، في غزوة بدر كان المسلمون أقل عدداً بكثير من المشركين ولم يكن لديهم المعدات الكافية، ولكن الله سارع إلى نجدتهم بإرسال الملائكة وأعطى المسلمين النصر. كما يقول: « وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ » (آل عمران: 123). وبالإضافة إلى ذلك، هناك آيات عديدة في القرآن الكريم تتحدث عن مساعدة الله الغيبية. وتؤكد هذه الآيات على ضرورة وجود منظور ميتافيزيقي في المعركة ضد الأعداء. ثم إن المؤمنين إذا هزموا في الجهاد ضد الأعداء فإن الله يعتبر هذه الهزيمة درساً لهم حتى لا يستكبروا على معدات قومهم وإمكانياتهم ويتركوا الأمر لله ويعلموا أن النصر والهزيمة امتحان إلهي. وعلى الرغم من أن النصر هو علامة على رضا الله، إلا أن الفشل يمكن أن يحمل أيضًا دروسا قيمة للمؤمنين. كما يقول الله تعالى في القرآن الكريم عن غزوة أحد: « وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ » (آل عمران: 152). وهذه الآية تبين أن هزيمة المسلمين في غزوة أحد كانت بسبب عدم امتثال بعضهم أمر الله ووهم يطلبون الدنيا. فأنزل الله بهم هذه الهزيمة ليعلموا أن النصر لا يكون إلا بطاعة الله ورسوله، وأن الكبر والغرور يحرمهم من النصر الإلهي. وفي الواقع، يمكن أن يكون الهزيمة أيضًا فرصة للعودة إلى الله وإصلاح الذات. ولهذا السبب غفر الله للمسلمين بعد هذه الهزيمة، وأظهر لهم من فضله، لأنه علم أنهم ندموا على خطئهم، وسيحاولون إصلاحه. النتيجة هي أن المؤمن لا يخاف من نضال العدو فحسب، بل يرى فيه أيضًا فرصة لتحقيق واحدة من أعظم المكافآت الإلهية والتقرب من الذات المقدس للأحدية. فهو يعتبر بفهم عميق لمفاهيم الجهاد والاستشهاد، أن الموت ليس نهاية، بل هو بداية حياة أبدية وأعلى في نظرة الله. إن المؤمن يرى، عبر اقتداءه بالأئمة المعصومين (ع)، وخاصة الإمام الحسين (عليه السلام) أن الموت أفضل من الخضوع للذل والاستسلام للعدو. لقد أظهر الإمام الحسين (ع)، من خلال نهضته في عاشوراء والتضحية بحياته وماله في سبيل قضية الحق، أن كرامة الإنسان وشرفه فوق كل شيء، وأنه لا ينبغي لأحد أن يستسلم للظلم والطغيان. وفي نظره (ع) فإن الجهاد في سبيل الله ليس واجباً دينياً فحسب، بل هو أيضاً علامة شرف وإنسانية. لذلك فإن المؤمن المجاهد يذهب إلى ساحة المعركة بقلب مليء بالإيمان وحب الله، وينتظر العون والثواب الإلهي العظيم لنفسه، لأنه يعلم أن كل قطرة دم تسفك في هذا النهج ستكون شاهدة على تضحيته في سبيل الحق والعدالة، وسترفعه إلى مستوى أعلى عند الله جل وعلا.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store