محمد بن سلمان...وجائزة نوبل للسلام
وفي المشهد الدولي المعاصر، برز الأمير محمد بن سلمان، كأحد الشخصيات الأكثر تأثيرًا في تحقيق الاستقرار العالمي، من خلال دوره المحوري في تهدئة مجموعة من أخطر الأزمات الجيوسياسية المعاصرة: الأزمة بين الولايات المتحدة وروسيا، والسلام مع إيران ، وإحياء الأمل والاستقرار في منطقة مضطربة برمتها، فضلاً عن إرساء التحول الاجتماعي والإنساني والتنموي في بلاده بما جعلها نموذج تحول نادر على المستوى العالمي، وفق البنك الدولي، التابع للأمم المتحدة.
وسط تصاعد التوترات بين القوتين النوويتين الأكبر في العالم، الولايات المتحدة وروسيا، وما رافق ذلك من استعراضات عسكرية وتهديدات نووية متبادلة، تدخل الأمير محمد بن سلمان بحكمة وهدوء، و قاد جهود وساطة دقيقة ومعقدة ساهمت بشكل مباشر في تقريب وجهات النظر، وتهدئة المخاوف من اندلاع حرب عالمية ثالثة كانت تلوح في الأفق.
وقد أسهمت هذه الوساطة السعودية في دفع الطرفين للجلوس على طاولة المفاوضات، بعد فترة من الجمود والتصعيد، وهو ما اعتبره العديد من المراقبين تحولًا محوريًا في مسار الأزمة، ونجاحًا دبلوماسيًا يُحسب للمملكة العربية السعودية ولقائدها الشاب.
لم يتوقف دور الأمير محمد بن سلمان عند الوساطة بين واشنطن وموسكو، بل امتد إلى ملف سوريا ، حيث قاد مفاوضات مباشرة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والسوري أحمد الشرع، أفضت إلى رفع الحظر المفروض على سوريا منذ عقدين، وهو القرار الذي أعلن عنه الرئيس الأمريكي نفسه، مؤكدًا أنه جاء استجابة لطلب رسمي من الأمير محمد بن سلمان.
هذا الإنجاز يمثل تحولًا جذريًا في الملف السوري، ويعيد الأمل للشعب الذي عانى لأكثر من عقد من الحرب والدمار والعزلة الدولية.
سبق القرار السياسي، مساعدات إنسانية غير مسبوقة قادتها المملكة إلى الشعب السوري، حيث تم تسيير جسور جوية وبرية مباشرة إلى دمشق ، محمّلة بالمواد الطبية، والغذائية، والإيوائية. وقد أشرفت على ذلك مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، في إطار دعم شامل ومستمر لتخفيف معاناة المدنيين.
لم تكن تلك الجهود محصورة في الجانب المعلن فقط، بل تشير مصادر إلى أن هناك جهودًا غير معلنة بُذلت بهدوء وبعيدًا عن الأضواء، كان لها أثر بالغ في تسريع التهدئة وتحقيق الاستجابة الدولية.
إن ما يقدمه الأمير محمد بن سلمان اليوم ليس مجرد أدوار تكتيكية في السياسة الدولية، بل يعكس رؤية استراتيجية تؤمن بأن السلام هو أساس التنمية والاستقرار العالمي. فجهوده لم تقتصر على المصالح الوطنية للمملكة، بل امتدت لتشمل العمل على إحلال السلم العالمي، وإنهاء النزاعات، وبناء جسور التواصل بين الأمم ، وتخفيف المعاناة الإنسانية في شتى المجالات، بما في ذلك عمليات "فصل التوائم" التي عرفت بها المملكة، والقوافل الطبية التي أعادت السمع والبصر لمئات المستفيدين حول العالم، فضلاً عن مشروع "مسام" لنزع مئات الالاف من الألغام التي زرعتها المليشيات في أنحاء اليمن، وأكثر ضحاياها من المدنيين ولا سيما النساء والأطفال.
هذه الجهود مجتمعة، تعزز ترشيح الأمير محمد بن سلمان لنيل جائزة نوبل للسلام، وتضعه بين أبرز القادة العالميين الذين يستحقون هذا التكريم عن جدارة، على رغم ما يتردد عن تحيز الجائزة ضد العرب.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


المدينة
منذ 8 ساعات
- المدينة
بريطانيا وفرنسا وكندا تهدد باجراءات ضد إسرائيل
هدد قادة بريطانيا وفرنسا وكندا، أمس، باتخاذ إجراءات ضد إسرائيل إذا لم توقف حملتها العسكرية التي استأنفتها على غزة وترفع القيود المفروضة على المساعدات.وجاء في بيان مشترك للدول الثلاث نشرته الحكومة البريطانية: أن منع الحكومة الإسرائيلية إدخال المساعدات الإنسانية الأساسية إلى السكان المدنيين أمر غير مقبول وينتهك القانون الإنساني الدولي.وأضاف البيان: "نعارض أي محاولة لتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية... ولن نتردد في اتخاذ المزيد من الإجراءات، بما في ذلك فرض عقوبات محددة الهدف".وقال رئيس الوزراء الاسرائيليلي بنيامين نتانياهو إنه يعتزم السيطرة على كامل أراضي غزة، مع تكثيف الغارات الجوية والعملياته البرية في القطاع الفلسطيني المحاصر حيث أعلن الدفاع المدني، أمس مقتل العشرات أسوة بكل يوم. وأشار نتانياهو الى أن على اسرائيل تفادي حدوث مجاعة في القطاع المحاصر «لأسباب دبلوماسية»، وذلك غداة إعلانه السماح بدخول «كمية أساسية» من الغذاء الى القطاع بعد شهرين من إطباق الحصار على سكانه البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة.وقال نتانياهو في شريط مصوّر إن «القتال شديد ونحن نحقق تقدما. سوف نسيطر على كامل مساحة القطاع ... لن نستسلم. غير أن النجاح يقتضي أن نتحرك بأسلوب لا يمكن التصدي له».وأتت تصريحاته غداة تأكيد الجيش أن قواته بدأت عملية برية واسعة في شمال وجنوب غزة، على الرغم من الدعوات الدولية المتزايدة لوقف إطلاق النار وتخفيف الأزمة الانسانية التي يشهدها القطاع المدمّر جراء الحرب المتواصلة منذ أكثر من 19 شهرا.وأفاد تقرير للأمم المتحدة، بأن قطاع غزة يواجه مستوى «حرجا» من خطر المجاعة فيما 22% من سكانه مهددون بالانزلاق إلى وضع «كارثي»، في ظل منع إسرائيل التام لدخول المساعدات الانسانية.وكان مكتب نتانياهو أعلن الأحد أن إسرائيل ستسمح بدخول «كمية أساسية» من الأغذية التي لن يسمح لحماس بالاستفادة منها.وأشار الى أن القرار جاء «بناء على توصية الجيش ونظرا إلى الحاجة العملياتية للسماح بتكثيف الحملة العسكرية لإلحاق الهزيمة بحماس».وقال الرئيس الاميركي دونالد ترامب الأسبوع الماضي إن الكثيرين في غزة «يتضوّرون جوعا»، وأن بلاده تسعى إلى «معالجة» الوضع.وفي الفاتيكان، أكد البابا لاوون الرابع عشر الأحد أنه «يتألم بشكل كبير أمام ما يحدث في قطاع غزة».بدوره، ندد وزير الأمن القومي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير باستئناف إدخال المساعدات، معتبرا عبر منصة إكس أن نتانياهو «يرتكب خطأ جسيما من خلال هذه الخطوة... حماس يجب أن تُسحق فقط، وليس أن تمد في الوقت ذاته بالأوكسجين للبقاء على قيد الحياة».أما وزير المال بتسلئيل سموطريتش فأكد أنه لن يسمح بوصول المساعدات إلى حماس.وقال إن «ما سيدخل في الأيام المقبلة سيكون الحد الأدنى فقط: بعض المخابز التي تُعد الخبز للناس، ومطابخ مجتمعية تقدم وجبة مطبوخة يوميًا. هذا سيسمح للمدنيين بتناول الطعام، ولأصدقائنا في العالم بمواصلة توفير الحماية الدبلوماسية لنا».وكانت فرنسا، قد طالبت إسرائيل بأن يكون استئناف دخول المساعدات إلى قطاع غزة، فوريا وواسع النطاق ودون عوائق، وذلك في أعقاب إعلان تل أبيب السماح بإدخال «كمية أساسية» من الغذاء إلى القطاع، بهدف ضمان «عدم حدوث مجاعة».


الوطن
منذ 10 ساعات
- الوطن
تعزيز التحالف الإستراتيجي
يأبى الرئيس الأمريكي دونالد ترمب إلا أن يثبت مكانة الرياض العالمية. ففي ولايته الأولى، كانت أول زيارة خارجية له إلى السعودية. والآن، وفي ولايته الثانية، يختار أيضًا أن تكون أول زيارة خارجية له إلى السعودية. وهو، بهذا، يبرهن للأعداء على المكان والمكانة الحقيقية للرياض، سواء أكانت سياسية أو اقتصادية. وترمب، بهذه الزيارات وهذه الاختيارات للرياض على حساب عواصم عالمية أخرى، يؤكد للعالم مدى عمق ومكانة التحالف الإستراتيجي بين السعودية والولايات المتحدة. تحالف إستراتيجي للبلدين، ابتداء من الخطوة العبقرية التي اتخذها الملك عبد العزيز -طيب الله ثراه- حينما وجه البوصلة السعودية إلى تعاون سعودي أمريكي، وهذا كان غاية في الدهاء والعمق والذكاء السياسي في حينها. وهذه العلاقة الإستراتيجية أثمرت تعاونًا سعوديًا أمريكيًا على أعلى الأصعدة. في هذه الزيارة، أثبت الأمير محمد بن سلمان بُعدَ نظره السياسي والاقتصادي عبر تعزيز التعاون الاقتصادي والدفاع والطاقة والتكنولوجيا، فالولايات المتحدة رائدة هذه الأركان في الكوكب، والسعودية رائدة المال والنفط، فمن العبقرية السياسية استغلال التفوق الأمريكي لنقل الخبرات والموارد والتكنولوجيا إلى أرض المملكة بدلاً من أن تكون مستوردة. كذلك، لا ننسى أهمية عودة ترمب للرئاسة، ما جعله حريصًا على الإنجازات، ولا يوجد بلد طموح كالسعودية، ولا بلد متقدم كالولايات المتحدة، فسعى ترمب إلى تعزيز العلاقة مع الرياض بأكبر قدر ممكن. نتج عن الزيارة توقيع اتفاقيات في الدفاع والطاقة والتعدين (استخراج المعادن النادرة بتسعة مليارات دولار) وشراكات في الذكاء الاصطناعي، ما سينعكس على مستقبل الوطن ومستقبل الأجيال القادمة بشكل إيجابي، حيث ستنقل هذه الاتفاقيات السعودية من بلد نامٍ، تقليدي، مستهلك، إلى بلد متقدم، منافس، يتنافس على المراكز الأولى. وعلينا ألا ننسى أن ذلك لم يكن ليحدث لولا وجود سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وكل هذا، ولا شك، سيساهم في التحول الاقتصادي والتكنولوجي الذي تنشده الرياض برؤية 2030. سيساهم التعاون الأمني في تعزيز أمن السعودية، بل وأمن المنطقة بأكملها، ما سيجعلها أكثر أمنًا وأمانًا، وسينعكس على شعوب المنطقة بالأمن والاستقرار، وبالتالي جذب رؤوس الأموال للمنطقة والاستثمار فيها، وهذا بدوره سينعكس على رفع جودة الحياة لشعوب المنطقة بشكل عام. الشراكة الاقتصادية سيكون لها أثر كبير في زيادة الاستثمارات الأجنبية في السعودية، لأن هذه الإستراتيجية الاقتصادية بين الرياض وواشنطن ستعزز الثقة لدى رجال الأعمال والشركات ليأتوا برؤوس أموالهم إلى البلد. الاتفاقيات التي تم توقيعها تشير إلى أن تأثيرها سيمتد بشكل إيجابي إلى الاقتصاد والتكنولوجيا، بشكل سيحقق نقلة نوعية، ما يعني أن الرياض ستنتقل من معايير العالم العربي إلى معايير دول الاتحاد الأوروبي، وسيلحظ المواطن البسيط هذه التغيرات بشكل ملموس على حياته اليومية. الجميل في هذه الاستثمارات أنها خرجت من الطابع التقليدي للاستثمارات إلى الابتكار، فالاستثمار هنا سيكون معظمه في التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، والسماح بتصدير رقائق متقدمة من شركات ذات اسم كبير في هذا المجال، كشركة إنفيديا، لتطوير مراكز بيانات. كذلك، ستدعم اتفاقيات التعدين استخراج المعادن المهمة النادرة لدعم صناعات التقنية. التغطية الإعلامية التي صاحبت الزيارة كانت كبيرة بحجم الرياض وبحجم الاتفاقيات الموقعة وبحجم زعيم كولي العهد الأمير محمد بن سلمان، فقنوات فضائية أمريكية، كقناة فوكس نيوز، وغيرها الكثير من القنوات الإخبارية الأمريكية والكندية والأوروبية، غطت الزيارة وتابعت أولاً بأول جميع الاتفاقيات التي تم توقيعها، وانشغل محللوها بمتابعة مستجدات الزيارة ونتائجها على البلدين، السعودية والولايات المتحدة، وهذا يبرز أهمية القائدين، ولي العهد الأمير محمد بن سلمان والرئيس الأمريكي دونالد ترمب، وما تحمله لقاءاتهما من أهمية للمال والأعمال وللسياسة وعالمها. كما أضاء الملك عبد العزيز درب التعاون الإستراتيجي قبل عقود، تضيء الرياض اليوم طريق الابتكار والازدهار بزيارة ترمب التاريخية. هذا التحالف السعودي الأمريكي، لا يعزز قوة الرياض السياسية والاقتصادية فحسب، بل يمهد لاستقرار اقتصادي عالمي. فليكن هذا التعاون دعوة للمستثمرين والمبتكرين حول العالم للانضمام إلى رحلة السعودية نحو مستقبل واعد.

سعورس
منذ 10 ساعات
- سعورس
المملكة.. إخراج سورية من عزلتها
لا استقرار أو ازدهاراً اقتصادياً دون استقرار سياسي وبيئة آمنة يطمئن فيها الجميع في ظل دولة موحدة لا تتنازع فيها الجماعات العرقية والمذهبية شكّل إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب من الرياض قبل أكثر من أسبوع رفع العقوبات عن دولة سورية تلبيةً لطلب سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان انتصاراً جديداً يضاف للدبلوماسية السعودية وكذلك نقطة تحول كبيرة ليس فقط في النهج الأميركي تجاه سورية فحسب، بل لناحية تشكيل ملامح المنطقة العربية واستقرارها وما سيتبعه من انعكاسات سياسية واقتصادية واجتماعية ستصب في صالح المواطن السوري، لكنّ الأهم بنظري هو ضرورة استغلال القيادة السورية لتوابع هذا القرار في فرض قدرتها وتثبيت وحدة الدولة على الأرض. وكان ترمب قد قال في كلمة له بمنتدى الاستثمار السعودي - الأميركي إن العقوبات على سورية وحشية ومعيقة، وحان الوقت لتنهض سورية، وأنه سيأمر برفع العقوبات عن سورية لمنحها فرصة للنمو والتطور، والحقيقة أن هذا القرار حال وضعه محل تنفيذ وتحديد إطار زمني لتطبيقه سيشكّل تحولاً في رسم المسار الاقتصادي للبلد الذي أنهكته الحرب ودمج سورية في محيطها العربي والعالمي من جديد، ولا أدل على أهمية هذا القرار مما رآه الجميع من احتفاء قد يكون غير مسبوق من سمو الأمير محمد بن سلمان بإعلان الرئيس الأميركي رفع العقوبات خلال كلمته حتى أنه وقف محيياً ترمب، ولا أدل كذلك من مشهد الاحتفالات التي عمت الشوارع السورية تفاؤلاً من السوريين بأن تتاح لهم فرصة تحسين أوضاعهم وازدهار بلادهم. ووفقا لشبكة "سي إن إن" فقد أكد 3 مسؤولين أميركيين عقب انتهاء جولة ترمب الخليجية أن إدارة ترمب بدأت مراجعات فنية للعقوبات المفروضة على دمشق تمهيداً لرفعها، وأن وزارة الخزانة الأميركية ستصدر تراخيص لسورية حتى رفع العقوبات، كما أشاروا إلى أن إدارة ترمب سترفع القيود على صادرات سورية لمساعدتها في بناء اقتصادها، فيما أكد المتحدث الإقليمي باسم وزارة الخارجية مايكل ميتشل في حديثه لقناة "الحرة" الأميركية السبت الماضي أن قرار الرئيس ترمب بشأن سورية غير مشروط ولا توجد مطالب يتوجب على سورية تنفيذها لرفع العقوبات معللاً بأن رفع العقوبات عن سورية مهم للغاية لكافة الأطراف لأنه لا أحد يريد أن يرى دولة فاشلة. بالطبع لا يغفل ترمب الذي لم تفته الإشارة إلى أن قراره بخصوص رفع العقوبات على سورية جاء بعد حديثه إلى سمو ولي العهد وحث سموه له على النظر في الأمر، بهدف إعادة دمج سورية في المنظومة الدولية بعد عزلة استمرت لأكثر من عقد من الزمان. إن قراراً مثل هذا يصب في المصلحة الأميركية بضرورة المسارعة إلى ملء الفراغ الذي خلفه سقوط الأسد، وعدم السماح بعودة روسيا وإيران إلى بناء نفوذ جديد داخل سورية، لذا فالأمر يمكن بلورته في التقاء المصلحة العربية بمحاولات انتشال سورية الجديدة من عزلتها ومنع سقوطها مع الرغبة الأميركية في حماية مصالحها بالمنطقة ودخول شركاتها خاصة شركات النفط والغاز إلى بلد يعلم الجميع احتياجه إلى إعادة إعمار وتطوير موارد الطاقة لديه وقطع الطريق على الصين التي سعت لتقديم عروض التمويل بالفعل إلى الحكومة السورية. لا شك أن هذا الإعلان وإن لم يوضع بعدُ محل تنفيذ إلا أنه أتى بخلاف رغبة أطراف عديدة حتى داخل الإدارة الأميركية ذاتها التي كان جناح منها على رأسه مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض يفضل الانتظار وعدم الثقة بإدارة الرئيس السوري أحمد الشرع لافتين إلى "ماضيه واتهامه بالإرهاب" في نظرهم، هذا فضلاً عن خيبة الأمل التي تشعر بها الحكومة الإسرائيلية الآن تجاه هذا الإعلان، إلى جانب منتفعين كثر كان يهمهم استمرار الأوضاع مشتعلة بالداخل السوري. وبالتالي فالوضع المعقد بدولة سورية يُظهر لنا ثلاث ديناميكيات بارزة، تشمل الأولى ربما الترويج للصراع الداخلي وتأجيجه، والذي قد يتبناه المجمع الصناعي العسكري الأميركي وعناصر الجناح اليميني المشكل حالياً للحكومة الإسرائيلية وعلى رأسهم نتنياهو الذي يطمع في دولة سورية ضعيفة مقسمة لا يخشى خطراً منها ويعتدي عليها وقتما شاء، فيما تتضمن الديناميكية الثانية التأثير المتزايد للقوى العالمية مثل الصين وروسيا ، اللتين تدخلان بقوة وبشكل متزايد في العلاقات الدولية، وبالتالي تعيد تشكيل التحالفات الجيوسياسية التقليدية، بينما تقدم الديناميكية الثالثة دعوةً مقنعةً للتنمية المستدامة والصالح العام، والتي تتبناها المملكة العربية السعودية حيث تهدف إلى القيادة بالقدوة من خلال مبادرة رؤية 2030 الطموحة، التي تسعى إلى تنويع الاقتصاد الوطني وتقليل الاعتماد على النفط والازدهار من خلال الاقتصاد وتهدئة الأوضاع الإقليمية وفرض الاستقرار بالمنطقة، ومن خلال هذه العدسة، يدرك ترمب إمكانات المملكة العربية السعودية ودورها المحوري في الجهود المبذولة للتخفيف من حدة التوترات بالمنطقة وتعزيز العلاقات الإيجابية كما حدث قبل وقت قريب بين موسكو وواشنطن وفي الملف الروسي الأوكراني، إذ أظهرت الدبلوماسية السعودية التزاماً صادقاً بمعالجة المخاوف النووية العالمية وتعزيز الاستقرار الإقليمي. من هذا المنطلق، هناك حاجة إلى أن تنظر الولايات المتحدة والغرب إلى منطقة الخليج العربي وإلى الشرق الأوسط بنظرة أوسع نطاقًا، على أنهما ليستا مجرد مناطق خلافات ونزاعات، بل إنهما تمثلان فرصاً عظيمة للشراكات الاستراتيجية، والواقع يؤكد ذلك، فعلى مدى العقد الماضي أبحرت الدول العربية خاصةً الخليجية منها بمهارة في علاقاتها الدولية، ونأت بنفسها عن الانتماءات الحزبية وأكدت رسوخها في الشؤون العالمية. والمؤمل الآن بإعلان رفع العقوبات الأميركية أن تقتدي الدول الأوروبية بقرار ترمب وتقوم بإلغاء العقوبات على سورية، بعد أن رفعتها مؤقتاً قبل نحو ثلاثة أشهر عن قطاعات الطاقة والنقل والخدمات المصرفية، كي تتحرر سورية اقتصادياً وتبدأ مسيرة جديدة نحو الازدهار والدخول في نظام التحويل المالي العالمي ودخول الاستثمارات الأجنبية وتمكين المغتربين السوريين من تحويل أموالهم إلى ذويهم بالداخل دون ابتزاز من بعض شركات الحوالات فضلاً عن تمكن الدولة السورية من استرداد الأموال المنهوبة وعودة الأموال الحكومية المجمدة. إن التعافي التام للاقتصاد السوري لا شك سيستغرق سنوات، ورفع العقوبات مجرد خطوة أولى على هذا الطريق، غير أن أهم ما يجب الآن على الإدارة السورية الجديدة باعتقادي لكي تستطيع استغلال هذا القرار استغلالاً أمثل هو التوصل لصيغة سياسية جديدة تجمع أطياف المجتمع السوري كاملة ولا تستثني أحداً، فلا استقرار أو ازدهار اقتصادي دون استقرار سياسي وبيئة آمنة يطمئن فيها الجميع في ظل دولة موحدة لا تتنازع فيها الجماعات العرقية والمذهبية، ثم يلحق ذلك سن التشريعات والقوانين الاقتصادية الجاذبة للاستثمار وطمأنة المستثمرين واستقلال القطاع المصرفي وغيرها من الخطوات التي يجب أن تأتي استغلالاً لحالة الزخم ورغبة قوى إقليمية ودولية عديدة في رؤية سورية مستقرة واستعدادها للدعم والمساندة. وخلاصة القول إن قرار ترمب برفع العقوبات عن سورية كان أحد أنجح مستهدفات الزيارة وأضاف إنجازاً جديدا للمملكة ودبلوماسيتها وقوتها الناعمة وإثباتاً جديداً على ما يحظى به سمو ولي العهد من مكانة وعلاقة قوية تجمعه بأبرز القادة العالميين وعلى رأسهم الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وخبرة كبيرة في التعامل معهم، وتحقيق هذا المطلب تعود أهميته إلى أهمية سورية المستقرة للسلم والاستقرار الإقليميين وللولايات المتحدة نفسها، فلا ننسى أنه ما لم تعتمد الولايات المتحدة هذا القرار فلم يكن أمام الدولة السورية بداً من اللجوء إلى خصومها ومنافسيها الرئيسين كالصين وروسيا وإيران، والذي يتبقى الآن على الحكومة السورية بمساعدة محيطها الإقليمي والقوى الدولية الداعمة لها أن تحسن الاستفادة من هذا القرار. *أستاذ زائر بكلية الزراعة وعلوم الحياة، قسم الهندسة الزراعية والنظم البيولوجية بجامعة أريزونا، توسان، أريزونا، الولايات المتحدة.