logo
خلايا ناعمة.. كيف تغلغل الإخوان داخل بلديات فرنسا الكبرى؟

خلايا ناعمة.. كيف تغلغل الإخوان داخل بلديات فرنسا الكبرى؟

تم تحديثه الأحد 2025/5/25 09:02 ص بتوقيت أبوظبي
في شوارع ليل وليون ومرسيليا، ترتسم معالم مشروع أيديولوجي صامت، يتسلل عبر الجمعيات والمدارس والمساجد، مشكلا نظاما موازيا يسير نحو التأثير السياسي المحلي.
فبينما تنشغل الدولة بمركزية القرار، يستثمر الإسلام السياسي ـ بنسخته الإخوانية والسلفية ـ الهامش البلدي، ليبني من هناك قواعده، ويمد جذوره في تربة المجتمع، لا من باب المواجهة، بل تحت غطاء الهوية والانتماء والخدمات.
فمستفيدًا من أدوات محلية، بات «نشاط الإسلام السياسي في فرنسا أكثر تماسكًا وهيكلية»، بحسب تقرير استخباراتي رسمي كشف عن خريطة دقيقة لانتشاره داخل المدن الكبرى، عبر شبكات جمعيات ومدارس ومساجد مرتبطة بتوجهات إخوانية وسلفية».
خطة التغلغل تلك، نشرت مقتطفات منها، صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية، عبر تقرير استخباراتي مؤلف من 74 صفحة أُنجز بطلب من مسؤولَين حكوميين رفيعي المستوى في مايو/أيار 2024، أي قبل قرار حل الجمعية الوطنية الفرنسية، كشف عن نظام موازٍ ومعقد للإسلام السياسي في عدد من المناطق الفرنسية، خاصة ليل، ليون، ومرسيليا.
فكيف مد الأخطبوط الإخواني أذرعه؟
من منطقة ليل شمالي فرنسا، رصد التقرير وجود نظام إخواني محلي متكامل تدعمه جمعيات دينية وتعليمية، أبرزها: مسجد ليل الكبير (GML)، الذي يعد مركز الثقل في هذه المنظومة، ويرأسه أيضًا المسؤول السابق عن المجلس الإقليمي للشؤون الإسلامية، كذك الرابطة الإسلامية الشمالية (LIN)، الداعمة للمسجد، ولها امتداد بين مسلمي الشمال (RAMN)، ومركز المدينة الإسلامي (CIV)، تأسس في أوائل الألفينات، ويشكل جزءًا من هذه الشبكة.
ويرصد التقرير -كذلك- مدرسة ابن رشد الخاصة، التي تستقبل 800 طالب، ويتولى خزنتها مخلوف ماميش، عضو المكتب التنفيذي في منظمة مسلمو فرنسا، وتمول من GML وLIN وCIV.
ويشير التقرير إلى أن نحو 30 شخصية محلية تُعرف بأنها قيادات ضمن هذه الحركة، وتحتل مواقع مؤثرة داخل المؤسسات المحلية، مما يعكس وجود نمط من السيطرة الاجتماعية والثقافية.
ليون.. إرث جمعياتي متجذر
لم تكن منطقة ليل وحدها إحدى بؤر تمركز الإخوان، بل إن التنظيم مد أذرعه إلى منطقة ليون التي تُعتبر من أبرز النقاط الساخنة، حيث تعمل جمعيات عدة ذات صلة بمنظمة Musulmans de France، أو تتبنى نهجًا فكريًا قريبًا من جماعة الإخوان المسلمين.
من أبرز الكيانات: اتحاد الشباب المسلمين (UJM)، المتأثر بأفكار طارق رمضان، ويعود نشاطه إلى الثمانينات، ومسجد عثمان الكبير في فيلوربان، ومجمع ديسين الثقافي، الذي يضم مدرسة ومسجد الكندي.
ويشير التقرير إلى أن 94 جمعية تنشط في المنطقة، تتنوع بين أنشطة خيرية وتعليمية ودينية، وتشارك أعضاء مشتركين وروابط فكرية وإن لم تربطها علاقات تنظيمية مباشرة.
ولوحظ، حسب التقرير، تصاعد في مظاهر التديّن المتشدد، مثل ارتداء العباءة والحجاب من قِبل الفتيات الصغيرات، ما يخلق توترًا مع مراكز اجتماعية تتبنى سياسة «تعال كما أنت»، لكنها تواجه ضغوطًا هوياتية متزايدة.
مرسيليا.. نموذج «الإسلام السياسي» المدعوم سياسيًا
مدينة مرسيليا طالتها الأذرع الإخوانية، فيشير التقرير إلى وجود نظام موازٍ حول ما يُعرف بـ«المركز الإسلامي لمرسيليا» (CMM)، الذي يضم: مسجد مريم، مدرسة ابن خلدون (370 طالبًا)، وعدة جمعيات ناشطة، بينها 'شباب المسلمين في فرنسا'، ويديرها محسن نقزو، رئيس منظمة "مسلمو فرنسا".
وتكشف الوثيقة أن هذا النظام استفاد من علاقات وثيقة مع المنتخبين المحليين، ما مكّنه من الحصول على تصاريح بناء ومساعدات تنظيمية، ما جعله فاعلًا سياسيًا ودينيًا مهمًا على مستوى الإقليم.
بالتوازي، ظهر هيكل جديد حول معهد «مسلم دي بلوه»، في مركز تجاري قديم، يقدم خدمات دعم تعليمي ونقل للمصلين، ويضم مدرسة قرآنية تستقبل نحو 500 طالب.
ويقود هذا المعهد شخص يُدعى إسماعيل، ذو توجه سلفي، لكنه يستخدم رموز الجماعة الإخوانية، وله حضور قوي عبر شبكات التواصل الاجتماعي. في عام 2023، تمكن من جمع تبرعات لشراء محلات تجارية تُستخدم لأغراض دعوية وتعليمية.
تغطية القاصرات.. ظاهرة مقلقة
ورغم ذلك، إلا أن أحد أكثر المظاهر التي ركز عليها التقرير هو تغطية الفتيات الصغيرات بالحجاب، منذ سن الخامسة، في أنحاء متفرقة من فرنسا. ويشير التقرير إلى أن هذا التوجه يُغذيه تيار وهابي-سلفي قوي، يتقاطع مع أنشطة الإخوان في بعض المواقع.
يأتي التقرير في وقت حساس سياسيًا، بعد حل الجمعية الوطنية، وقبل انتخابات تشريعية مبكرة. ويُنظر إليه كوثيقة استراتيجية لتحديد مواقع التأثير الإسلامي السياسي، سواء على المستوى الثقافي، أو عبر النفاذ إلى البلديات.
ماذا يعني ذلك؟
بحسب محللين، فإن الوثيقة تعكس قلق الدولة من صعود أنظمة موازية داخل المجتمع الفرنسي، تمتد من التعليم إلى الفضاء الجمعياتي، ما يطرح تحديات على مستوى الاندماج والهُوية والأمن القومي.
من جهته، يشير الباحث أوليفييه روا، الخبير المعروف في الحركات الإسلامية وأستاذ العلوم السياسية في معهد الجامعة الأوروبية، إلى أن الدولة الفرنسية «تركت فراغًا محليًا استثمره الفاعلون الإخوانيون بذكاء».
وقال روا في حديث لـ«العين الإخبارية»: «حين تغيب الدولة عن الحي، يأتي من يملأ الفراغ بالقيم والهوية والانتماء، وهذا ما فعلته شبكات الإسلام السياسي، دون أن تخرق القوانين بشكل مباشر».
وأشار إلى أن تركيز هذه الشبكات على القاصرات والفئات الاجتماعية الهشة يعكس وعيًا استراتيجيًا بضرورة «بناء أجيال» تتماهى مع المشروع الفكري طويل الأمد، مما يتطلب تدخلًا متعدد المستويات، وليس فقط أمنيًا أو قانونيًا.
بدوره، قال ألكسندر دلفال الباحث السياسي الفرنسي في التنظيمات والحركات السياسية الإسلامية في حديث لـ«العين الإخبارية»، إن ما يصفه تقرير الاستخبارات بـ«الأنظمة المتكاملة» في ليل ومرسيليا يعكس استراتيجية تمكين محلية بدأت منذ سنوات، تقوم على السيطرة على مفاصل التعليم والجمعيات والمساجد، دون مواجهة مباشرة مع الدولة.
دلفال يضيف: «هذا التغلغل ليس جديدًا، لكنه أصبح أكثر تعقيدًا وتنظيمًا. هناك إعادة تدوير للخطاب وتكييف محلي واضح، حيث يجري استثمار الدين كهوية وقوة ناعمة لبناء نفوذ سياسي غير معلن».
وأشار إلى أن الخطورة تكمن في «الدمج بين الخطاب الإخواني والخدمات الاجتماعية»، ما يجعل المشروع السياسي يتسلل تحت غطاء العمل الخيري والتربوي، مؤكدًا أن الاستجابة الحكومية غالبًا ما تأتي متأخرة وتفتقر إلى المتابعة الدقيقة.
aXA6IDg0LjMzLjMwLjgyIA==
جزيرة ام اند امز
IT

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

«تسلا تجلب الإحراج».. عملاء يقاضون شركة السيارات بسبب إيلون ماسك
«تسلا تجلب الإحراج».. عملاء يقاضون شركة السيارات بسبب إيلون ماسك

العين الإخبارية

time١٢-٠٦-٢٠٢٥

  • العين الإخبارية

«تسلا تجلب الإحراج».. عملاء يقاضون شركة السيارات بسبب إيلون ماسك

في خطوة غير مسبوقة، رفع عدد من العملاء الفرنسيين دعاوى قضائية ضد شركة تسلا للسيارات الكهربائية، متهمين إياها بالتسبب في ضرر مباشر لهم نتيجة سلوك رئيسها إيلون ماسك. ووفقا لحجتهم، أصبحت سيارات الشركة "رمزا سياسيا يمثل اليمين المتطرف"، مما جعل قيادتها في الأماكن العامة أمرًا محرجًا أو حتى محفوفًا بالمخاطر. سيارات "صديقة للبيئة" تحولت إلى رموز سياسية مثيرة للجدل قال المحاميان باتريك كلوجمان وإيفان تيريل، اللذان يتوليان الدفاع عن مجموعة من عملاء تسلا، إن موكليهم اشتروا سيارات تسلا بهدف اقتناء مركبات كهربائية مبتكرة وصديقة للبيئة، لكنهم يجدون أنفسهم الآن يقودون "رموزًا متطرفة"، نتيجة مواقف ماسك السياسية المثيرة للجدل، بحسب صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية. وأوضح المحاميان في بيان صادر عن مكتب GKA القانوني: "بسبب تصرفات إيلون ماسك، أصبحت سيارات تسلا رموزًا سياسية واضحة، وتحولت إلى نوع من الطواطم المرتبطة باليمين المتطرف، الأمر الذي أضر مباشرة بعملائنا ومنعهم من الاستمتاع بقيادة سياراتهم بحرية". وقد تقدم العملاء بدعوى أمام محكمة التجارة في باريس يطالبون فيها بفسخ عقودهم (عقود إيجار تمويلي لمدة 4 سنوات مع خيار الشراء في النهاية)، بالإضافة إلى استرداد التكاليف القانونية، ودعوا عملاء آخرين غير راضين للانضمام إلى هذه الخطوة القضائية. تراجع حاد في مبيعات تسلا بأوروبا.. وماسك في دائرة الاتهام ومنذ مطلع عام 2025، شهدت مبيعات تسلا في أوروبا انخفاضًا حادًا يقارب النصف، ويعزو العديد من المراقبين هذا الانحدار إلى التحولات السياسية العلنية لماسك، الذي أبدى دعمه للرئيس الأمريكي دونالد ترامب وحكومات يمينية أخرى في أوروبا. وباتت سيارات تسلا هدفًا للاعتداءات، ومصدرًا للسخرية، مع انتشار ملصقات على مؤخرة المركبات تقول: "اشتريتها قبل أن يُجن إيلون"، أو رسائل مشابهة تهدف إلى التبرؤ من ارتباطهم الشخصي بسلوك الملياردير الأمريكي. مطالبة بـ"الحق في الحيازة الهادئة" وصف المحامي كلوجمان الوضع الحالي بأنه "غير مسبوق ومستحيل" بالنسبة للعملاء الفرنسيين، مؤكدًا أن تصريحات ماسك أوجدت "اضطرابًا في الاستمتاع بالملكية"، وهو ما يعد انتهاكًا قانونيًا لمبدأ "التمتع السلمي بالمبيع". ورغم أن ماسك قد دخل في خلافات لاحقة مع ترامب، يؤكد محامو المدعين أن الخلاف لا يشمل القضايا التي تهم الرأي العام مثل العنصرية أو نظريات المؤامرة، بل يدور فقط حول قضايا جمركية وتجارية، مما يزيد من قناعة المتضررين بأن الأبعاد الأخلاقية غائبة عن قرارات ماسك. حتى الآن، لم ترد تسلا رسميًا على الاتهامات، ما يترك الباب مفتوحًا أمام سابقة قانونية فريدة، قد تعيد تعريف العلاقة بين المستهلك والعلامة التجارية في العصر الرقمي والسياسي المتداخل. aXA6IDgyLjI3LjIzMC4xMDMg جزيرة ام اند امز AL

برلين تتحدى عمالقة التكنولوجيا.. ضريبة رقمية جديدة لإرساء «نظام أكثر عدالة»
برلين تتحدى عمالقة التكنولوجيا.. ضريبة رقمية جديدة لإرساء «نظام أكثر عدالة»

العين الإخبارية

time٣١-٠٥-٢٠٢٥

  • العين الإخبارية

برلين تتحدى عمالقة التكنولوجيا.. ضريبة رقمية جديدة لإرساء «نظام أكثر عدالة»

تم تحديثه السبت 2025/5/31 06:46 م بتوقيت أبوظبي في خطوة قد تثير توترات تجارية جديدة عبر الأطلسي، تخطط ألمانيا لفرض ضريبة جديدة على عمالقة التكنولوجيا مثل غوغل وميتا، في محاولة «لإرساء العدالة الضريبية» بين المنصات الرقمية العملاقة ووسائل الإعلام التقليدية. وترى الحكومة الألمانية أن الوقت قد حان لـ"تصحيح ميزان القوة" في السوق الإعلامية، وتحقيق توازن اقتصادي في مواجهة احتكار المنصات الرقمية للمداخيل الإعلانية، بحسب صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية. ألمانيا تتحرك لضبط السوق الرقمية تدرس ألمانيا فرض ضريبة على مداخيل الإعلانات الرقمية التي تحققها الشركات التكنولوجية الكبرى، وعلى رأسها شركتا غوغل وميتا الأمريكيتان. وقال وزير الشؤون الرقمية وتحديث الدولة فيليب آمثور لصحيفة "دي ويلت" الألمانية يوم الجمعة إن الوقت مناسب "للتحرك سريعًا من أجل خلق نظام أكثر عدالة"، معتبرًا أن عمالقة التكنولوجيا "يتقنون التحايل الضريبي في ألمانيا"، في حين "يتم فرض الضرائب على الحرفيين والشركات الصغيرة من دون استثناء". نحو ضريبة بـ10% على عمالقة الإعلانات الرقمية من جانبه، كشف وزير الإعلام والثقافة "فولفغانغ فايمر" عن مشروع قانون قيد الإعداد لفرض ضريبة بنسبة 10% على الإيرادات الإعلانية التي تجنيها هذه المنصات داخل ألمانيا. وفي حديثه إلى صحيفة Süddeutsche Zeitung، أوضح فايمر أن هذه الشركات "استفادت بشكل كبير من الأداء الإعلامي والثقافي، والبنية التحتية الرقمية لألمانيا"، مشيرًا إلى شركات مثل Alphabet (الشركة الأم لغوغل)، وMeta (فيسبوك)، ومنصات أخرى. ويأتي هذا التحرك ضمن برنامج الحكومة الجديدة بقيادة المحافظ فريدريش ميرتس، المتحالفة مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي، والتي وعدت بإعادة التوازن إلى السوق الإعلامية من خلال هذه الضريبة. وستُخصص إيرادات الضريبة لدعم وسائل الإعلام الألمانية التقليدية، المتأثرة بانهيار السوق الإعلانية لصالح المنصات الرقمية. النموذج النمساوي.. مصدر إلهام قال فايمر، وهو صحفي سابق تولى رئاسة تحرير عدد من الصحف الألمانية، إنه مستعد لبدء حوار مباشر مع الجهات الإعلامية لتوضيح أهداف المشروع. وأضاف أن ألمانيا تستلهم تجربتها من النمسا، التي فرضت في عام 2020 ضريبة بنسبة 5% على مداخيل عمالقة التكنولوجيا الإعلانية. وأكد الوزير أن الأمر ملحّ، لأن ألمانيا أصبحت "تعتمد بشكل خطير على البنية التحتية التكنولوجية الأمريكية"، محذرًا من مخاطر الاحتكار الرقمي على تنوع المشهد الإعلامي وحرية التعبير. وأشار إلى واقعة رمزية، حيث أقدم غوغل على تغيير اسم "خليج المكسيك" إلى "خليج أمريكا" تحت ضغط مرسوم أمريكي مثير للجدل وقعه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، معتبرًا أن هذا النوع من الهيمنة "يمسّ السيادة اللغوية والثقافية". دعم نقابي واسع للفكرة رحّب اتحاد الخدمات الألماني بالفكرة، معتبرًا أن فرض "ضريبة رقمية" من شأنه أن يبدأ أخيرًا في إعادة التوازن بين عمالقة التكنولوجيا والمؤسسات الإعلامية التقليدية، التي تعاني من تقلص الحصص الإعلانية. وترى ألمانيا أنها ليست وحدها في هذا المسار؛ فـفرنسا ودول أوروبية أخرى سبقتها إلى طرح ضريبة رقمية خاصة بها. ومع تعثر مفاوضات فرض ضريبة أوروبية موحدة، تعود هذه الفكرة اليوم إلى الواجهة، لا سيما منذ أن قامت إدارة ترامب بفرض رسوم جمركية انتقامية ضد دول أوروبية تبنّت مشاريع مماثلة. بين رغبة في تحقيق العدالة الضريبية، وتحرّك لحماية الإعلام التقليدي، واستراتيجية تقليص الاعتماد على التكنولوجيا الأمريكية، تبدو ألمانيا مستعدة لتحدي عمالقة وادي السيليكون. aXA6IDIwOS4zNS45OS43NCA= جزيرة ام اند امز RS

خلايا ناعمة.. كيف تغلغل الإخوان داخل بلديات فرنسا الكبرى؟
خلايا ناعمة.. كيف تغلغل الإخوان داخل بلديات فرنسا الكبرى؟

العين الإخبارية

time٢٥-٠٥-٢٠٢٥

  • العين الإخبارية

خلايا ناعمة.. كيف تغلغل الإخوان داخل بلديات فرنسا الكبرى؟

تم تحديثه الأحد 2025/5/25 09:02 ص بتوقيت أبوظبي في شوارع ليل وليون ومرسيليا، ترتسم معالم مشروع أيديولوجي صامت، يتسلل عبر الجمعيات والمدارس والمساجد، مشكلا نظاما موازيا يسير نحو التأثير السياسي المحلي. فبينما تنشغل الدولة بمركزية القرار، يستثمر الإسلام السياسي ـ بنسخته الإخوانية والسلفية ـ الهامش البلدي، ليبني من هناك قواعده، ويمد جذوره في تربة المجتمع، لا من باب المواجهة، بل تحت غطاء الهوية والانتماء والخدمات. فمستفيدًا من أدوات محلية، بات «نشاط الإسلام السياسي في فرنسا أكثر تماسكًا وهيكلية»، بحسب تقرير استخباراتي رسمي كشف عن خريطة دقيقة لانتشاره داخل المدن الكبرى، عبر شبكات جمعيات ومدارس ومساجد مرتبطة بتوجهات إخوانية وسلفية». خطة التغلغل تلك، نشرت مقتطفات منها، صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية، عبر تقرير استخباراتي مؤلف من 74 صفحة أُنجز بطلب من مسؤولَين حكوميين رفيعي المستوى في مايو/أيار 2024، أي قبل قرار حل الجمعية الوطنية الفرنسية، كشف عن نظام موازٍ ومعقد للإسلام السياسي في عدد من المناطق الفرنسية، خاصة ليل، ليون، ومرسيليا. فكيف مد الأخطبوط الإخواني أذرعه؟ من منطقة ليل شمالي فرنسا، رصد التقرير وجود نظام إخواني محلي متكامل تدعمه جمعيات دينية وتعليمية، أبرزها: مسجد ليل الكبير (GML)، الذي يعد مركز الثقل في هذه المنظومة، ويرأسه أيضًا المسؤول السابق عن المجلس الإقليمي للشؤون الإسلامية، كذك الرابطة الإسلامية الشمالية (LIN)، الداعمة للمسجد، ولها امتداد بين مسلمي الشمال (RAMN)، ومركز المدينة الإسلامي (CIV)، تأسس في أوائل الألفينات، ويشكل جزءًا من هذه الشبكة. ويرصد التقرير -كذلك- مدرسة ابن رشد الخاصة، التي تستقبل 800 طالب، ويتولى خزنتها مخلوف ماميش، عضو المكتب التنفيذي في منظمة مسلمو فرنسا، وتمول من GML وLIN وCIV. ويشير التقرير إلى أن نحو 30 شخصية محلية تُعرف بأنها قيادات ضمن هذه الحركة، وتحتل مواقع مؤثرة داخل المؤسسات المحلية، مما يعكس وجود نمط من السيطرة الاجتماعية والثقافية. ليون.. إرث جمعياتي متجذر لم تكن منطقة ليل وحدها إحدى بؤر تمركز الإخوان، بل إن التنظيم مد أذرعه إلى منطقة ليون التي تُعتبر من أبرز النقاط الساخنة، حيث تعمل جمعيات عدة ذات صلة بمنظمة Musulmans de France، أو تتبنى نهجًا فكريًا قريبًا من جماعة الإخوان المسلمين. من أبرز الكيانات: اتحاد الشباب المسلمين (UJM)، المتأثر بأفكار طارق رمضان، ويعود نشاطه إلى الثمانينات، ومسجد عثمان الكبير في فيلوربان، ومجمع ديسين الثقافي، الذي يضم مدرسة ومسجد الكندي. ويشير التقرير إلى أن 94 جمعية تنشط في المنطقة، تتنوع بين أنشطة خيرية وتعليمية ودينية، وتشارك أعضاء مشتركين وروابط فكرية وإن لم تربطها علاقات تنظيمية مباشرة. ولوحظ، حسب التقرير، تصاعد في مظاهر التديّن المتشدد، مثل ارتداء العباءة والحجاب من قِبل الفتيات الصغيرات، ما يخلق توترًا مع مراكز اجتماعية تتبنى سياسة «تعال كما أنت»، لكنها تواجه ضغوطًا هوياتية متزايدة. مرسيليا.. نموذج «الإسلام السياسي» المدعوم سياسيًا مدينة مرسيليا طالتها الأذرع الإخوانية، فيشير التقرير إلى وجود نظام موازٍ حول ما يُعرف بـ«المركز الإسلامي لمرسيليا» (CMM)، الذي يضم: مسجد مريم، مدرسة ابن خلدون (370 طالبًا)، وعدة جمعيات ناشطة، بينها 'شباب المسلمين في فرنسا'، ويديرها محسن نقزو، رئيس منظمة "مسلمو فرنسا". وتكشف الوثيقة أن هذا النظام استفاد من علاقات وثيقة مع المنتخبين المحليين، ما مكّنه من الحصول على تصاريح بناء ومساعدات تنظيمية، ما جعله فاعلًا سياسيًا ودينيًا مهمًا على مستوى الإقليم. بالتوازي، ظهر هيكل جديد حول معهد «مسلم دي بلوه»، في مركز تجاري قديم، يقدم خدمات دعم تعليمي ونقل للمصلين، ويضم مدرسة قرآنية تستقبل نحو 500 طالب. ويقود هذا المعهد شخص يُدعى إسماعيل، ذو توجه سلفي، لكنه يستخدم رموز الجماعة الإخوانية، وله حضور قوي عبر شبكات التواصل الاجتماعي. في عام 2023، تمكن من جمع تبرعات لشراء محلات تجارية تُستخدم لأغراض دعوية وتعليمية. تغطية القاصرات.. ظاهرة مقلقة ورغم ذلك، إلا أن أحد أكثر المظاهر التي ركز عليها التقرير هو تغطية الفتيات الصغيرات بالحجاب، منذ سن الخامسة، في أنحاء متفرقة من فرنسا. ويشير التقرير إلى أن هذا التوجه يُغذيه تيار وهابي-سلفي قوي، يتقاطع مع أنشطة الإخوان في بعض المواقع. يأتي التقرير في وقت حساس سياسيًا، بعد حل الجمعية الوطنية، وقبل انتخابات تشريعية مبكرة. ويُنظر إليه كوثيقة استراتيجية لتحديد مواقع التأثير الإسلامي السياسي، سواء على المستوى الثقافي، أو عبر النفاذ إلى البلديات. ماذا يعني ذلك؟ بحسب محللين، فإن الوثيقة تعكس قلق الدولة من صعود أنظمة موازية داخل المجتمع الفرنسي، تمتد من التعليم إلى الفضاء الجمعياتي، ما يطرح تحديات على مستوى الاندماج والهُوية والأمن القومي. من جهته، يشير الباحث أوليفييه روا، الخبير المعروف في الحركات الإسلامية وأستاذ العلوم السياسية في معهد الجامعة الأوروبية، إلى أن الدولة الفرنسية «تركت فراغًا محليًا استثمره الفاعلون الإخوانيون بذكاء». وقال روا في حديث لـ«العين الإخبارية»: «حين تغيب الدولة عن الحي، يأتي من يملأ الفراغ بالقيم والهوية والانتماء، وهذا ما فعلته شبكات الإسلام السياسي، دون أن تخرق القوانين بشكل مباشر». وأشار إلى أن تركيز هذه الشبكات على القاصرات والفئات الاجتماعية الهشة يعكس وعيًا استراتيجيًا بضرورة «بناء أجيال» تتماهى مع المشروع الفكري طويل الأمد، مما يتطلب تدخلًا متعدد المستويات، وليس فقط أمنيًا أو قانونيًا. بدوره، قال ألكسندر دلفال الباحث السياسي الفرنسي في التنظيمات والحركات السياسية الإسلامية في حديث لـ«العين الإخبارية»، إن ما يصفه تقرير الاستخبارات بـ«الأنظمة المتكاملة» في ليل ومرسيليا يعكس استراتيجية تمكين محلية بدأت منذ سنوات، تقوم على السيطرة على مفاصل التعليم والجمعيات والمساجد، دون مواجهة مباشرة مع الدولة. دلفال يضيف: «هذا التغلغل ليس جديدًا، لكنه أصبح أكثر تعقيدًا وتنظيمًا. هناك إعادة تدوير للخطاب وتكييف محلي واضح، حيث يجري استثمار الدين كهوية وقوة ناعمة لبناء نفوذ سياسي غير معلن». وأشار إلى أن الخطورة تكمن في «الدمج بين الخطاب الإخواني والخدمات الاجتماعية»، ما يجعل المشروع السياسي يتسلل تحت غطاء العمل الخيري والتربوي، مؤكدًا أن الاستجابة الحكومية غالبًا ما تأتي متأخرة وتفتقر إلى المتابعة الدقيقة. aXA6IDg0LjMzLjMwLjgyIA== جزيرة ام اند امز IT

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store