
انخفاض الوفيات ومتوسط عمر الإنسان السعودي يصل إلى 78.8 سنة
وأظهرت بيانات الهيئة العامة للإحصاء والمجلس الصحي السعودي، تحسّناً شاملاً في معدلات الوفيات، واستقراراً في الخصوبة، وارتفاعاً في متوسط العمر المتوقع، إلى جانب تقدم ملحوظ في صحة المرأة والرعاية الإنجابية، ما يعكس نجاعة السياسات الصحية والاجتماعية المتبعة في المملكة.
ومن أبرز التحوّلات التي شهدتها المملكة الانخفاض الكبير في معدل الوفيات، الذي تراجع من 23.2 لكل 1000 شخص في 1950م إلى 3.5 فقط في 2015م، بانخفاض قدره 84.9% خلال 65 عاماً.
هذا الانخفاض لم يكن شكلياً بل شمل مختلف الفئات العمرية، إذ بيّنت بيانات تعداد 2010م، أن الفئة العمرية (80 سنة فأكثر) سجّلت معدل وفيات بلغ 168.5 لكل 1000 على المستوى الوطني، مع تفاوتات ملحوظة بين المناطق، حيث سجلت الجوف أعلى معدل بـ219.2، بينما كانت المدينة المنورة الأدنى بـ75.4 لكل 1000.
وتواصلت التحسينات حتى 2022م، إذ حافظت الفئات العمرية الصغيرة على معدلات وفيات منخفضة جداً، وبلغت 1.1 في فئة 0-4 سنوات، و0.2 لفئة 5-9 سنوات، و0.3 لفئة 10-14 سنة. كما استمرت الفئات الشبابية (15-44 سنة) في تسجيل نسب منخفضة نسبياً، حيث لم تتجاوز 1.7 لكل 1000 في أعلى فئة عمرية. أما الفئات المتوسطة (45-64 سنة) فقد أظهرت تراجعاً ملموساً، مثل فئة 45-49 التي سجلت 2.6 في 2022م، بعد أن كانت 3.0 في 2011م، وفئة 60-64 سنة التي هبطت إلى 12.3 مقابل 13.5 في ذات الفترة. وعلى مستوى كبار السن (65 سنة فأكثر) بلغ المعدل 47.2 في 2022 مقارنة بـ46.1 في 2011م.
تحسّن التغطية الصحية
ساهمت التغطية الصحية الواسعة في هذا التحسّن، إذ أظهرت بيانات 2024م، أن 98.8% من البالغين و91.1% من الأطفال يتمتعون بتغطية صحية عبر التأمين الحكومي أو الخاص، كما بلغ معدل زيارة البالغين لمقدّمي الرعاية الصحية خلال العام 2.6 زيارة للسعوديين، و1.2 لغير السعوديين، مع تفوق واضح للنساء بمتوسط 2.5 زيارة مقابل 1.6 للرجال. وأدى هذا التوسع في الرعاية إلى تقليل الوفيات المبكرة بنسبة 40% بحلول 2024م.
في جانب متوسط العمر المتوقع، ارتفع الرقم من 70.6 سنة في 2000م، إلى 76.4 سنة في 2021م، قبل أن يصل إلى 78.8 سنة في 2024م، في حين تستهدف المملكة بلوغ 80 سنة بحلول 2030م. ويُعزى هذا التقدّم إلى تطبيق سياسة «الصحة في جميع السياسات»، وتقليل المكونات الضارة في الأغذية مثل الزيوت المهدرجة والملح، وتفعيل الفحص المبكر للأمراض المزمنة، إلى جانب توطين تقنيات العلاج المتقدّمة مثل الخلايا المناعية، التي ساهمت في توفير 424.1 مليون ريال خلال 2024م.
وعلى صعيد الخصوبة، بلغ معدل الخصوبة الكلي للنساء السعوديات 2.7 مولود لكل امرأة في 2024م، وهو أعلى من معدل الإحلال السكاني العالمي البالغ 2.1، وإن كان أقل من 3.8 التي سُجلت في 2014م. وتشير البيانات إلى أن النسبة الأكبر من الولادات تتركز في الفئة العمرية 20-34 سنة.
صحة المرأة و«مؤشر الأمان»
أظهرت مؤشرات 2024م، أن 71.4% من الولادات كانت طبيعية، مقابل 28.1% قيصرية، كما أن 99.5% من النساء أجرين زيارة واحدة على الأقل لمقدم رعاية صحية قبل الولادة، بمتوسط 7.57 زيارة، فيما بلغت نسبة حضور الأخصائيين المهرة أثناء الولادة 99.6%. ووقعت 66.1% من الولادات في مستشفيات حكومية، و32.0% في خاصة، كما أرضعت 65% من الأمهات أطفالهن خلال الساعة الأولى، و53.2% خلال اليوم السابق للاستبيان. في حين وصلت نسبة تلبية احتياجات النساء من وسائل تنظيم الأسرة الحديثة إلى 56%، و74.9% منهن اتخذن قرار استخدام وسائل منع الحمل بشكل فردي أو بالاشتراك مع الزوج، بينما بلغت نسبة من يقررن بشأن الرعاية الصحية 89.8%.
في السياق الدولي، احتلت المملكة المرتبة الأولى عالمياً في مؤشر الأمان لعام 2023م، بنسبة 92.6% من السكان يشعرون بالأمان أثناء السير ليلاً، كما تفوقت على دول متقدّمة في التغطية الصحية الشاملة بنسبة 96% في 2024م، مقارنة بمتوسط عالمي يقارب 80%، حسب تقديرات منظمة الصحة العالمية. وفي منطقة الخليج، سجلت السعودية معدل خصوبة 2.7، مقابل 2.3 كمتوسط خليجي، وحافظت على معدل وفيات منخفض يبلغ 3.5 لكل 1000، مقارنة بـ8.6 المعدل العالمي.
أخبار ذات صلة
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


عكاظ
منذ ساعة واحدة
- عكاظ
خطيب المسجد الحرام يحذر من غياب الوعي في استخدام التقنية
أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور ياسر بن راشد الدوسري المسلمين بتقوى الله -عز وجل- ومراقبته في السر والنجوى. وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم بالمسجد الحرام: «تشهد البشرية في عصرنا قفزة حضارية، وطفرة نوعية في مجالات التقنية والأجهزة الذكية ووسائل التواصل الرقمية، تيسرت فيها الاتصالات، وطويت المسافات، واختصرت الأوقات، وأنجزت المهمات، وطورت الخدمات، وأتيح العلم عبر المنصات، فأصبحت التقنية جزءًا لا ينفك عن حياتنا». وأضاف قائلًا: «لئن كانت الأمم تتسابق في مضمار التقنية، فإن مملكتنا المباركة قد تميزت برؤيتها، وسارت بخطى ثابتة، وكانت رائدة في هذا الميدان، تستثمر التقنية وتوظفها في خدمة المجتمع والإنسان، حتى صارت نموذجًا يشار إليه ويحتذى به في صورة مشرقة تثبت مكانتها العالمية في مجالات التقنيات المتقدمة، وبرهنت أن التقدم لا يتنافى مع القيم، ولا يتعارض مع المبادئ، بل ينهض بها، ويستند إليها، فارتقت دون أن تنفصل عن جذورها، وتقدمت دون أن تفرط بثوابتها». وحذر فضيلته من غياب الوعي في استخدام التقنية قائلًا: «فحينها تصبح الرسائل مزالق، ومن هنا برز داء ابتلي به بعض الناس على اختلاف الأعمار والثقافات والأجناس، إنه داء الإدمان المرضي على وسائل التواصل الاجتماعي، والانغماس في عالم رقمي لا ينتهي، وتحوّل الهواتف عند البعض من أدوات للتواصل، إلى وسائل للعزلة والانفصال، فترى المرء بين الناس جسدًا بلا قلب، وحسًا بلا روح، يتنقل بين المنصات، ويتصفح التطبيقات، تتقاذفه المواقع، وتتكاثر عليه المقاطع، فلا يدري ما يريد، ولا يحصد إلا القليل». ولفت إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت في الغالب مسرحًا للحياة الزائفة، وموطنًا للمقارنات الجائرة، فدبَّ إلى البعض داء الحسد والبغضاء، وتمكنت من قلوبهم الضغائن والشحناء، وقلَّ الحمد والشكر على النعم والآلاء، مبينًا أنه من الآفات تلك الحسابات المزيفة الخبيثة التي تنفث سمومها في المجتمعات، وتنشر الفتن والاختلافات، وتذكي الضغائن والإشاعات، وتلقي على ألسنة العلماء فتاوى مكذوبة، في حملات مجحفة، وتشويهات متعمدة، لا تراعي دينًا ولا خلقًا. وشدد الشيخ ياسر الدوسري على أن من أعظم النعم أن يدرك الإنسان خلله قبل فوات الأوان، وأن يعالج قلبه قبل أن يستحكم عليه الداء، فكم نحن بحاجة في هذا العالم الرقمي، والضجيج التكنولوجي، إلى دواء لهذا الإدمان المرضي، وذلك بعزلة قصيرة، لإطفاء صخب الأجهزة، لا لعتزال الحياة، وإعادة التوازن لما اختل من حياتنا. وأكّد أن التقنية نعمة عظيمة، إذا وُجهت إلى الخير، وقُيدت بقيود الشرع والحكمة، فهي ليست شرًا محضًا، وليست مذمومة في أصلها، بل هي سيف ذو حدين، ويجب استخدامها خادمًا لا سيدًا، وجسرًا إلى الطاعة لا هاوية إلى المعصية، ولتكن وسيلة للعلم والفهم، لاأداة للهوى والجهل. وفي المدينة المنورة أوصى إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور على الحذيفي، المسلمين بتقوى الله سبحانه، مؤكدًا أنها من أعظم أسباب الفوز بثواب الله تعالى، ونيل رضوانه، والنجاة من عذابه الأليم، مستشهدًا بقوله جل وعلا: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ). وقال فضيلته: «أيها الناس أتعلمون أشد الساعات كربًا، وأعظم الساعات خوفًا ورعبًا، وأكثر الساعات قلقًا وهمًا وضيقًا وغمًا، إنها الساعة التي تزيغ عندها الأبصار وتبلغ القلوب الحناجر، ويتزلزل كل عضو في الإنسان من أهوال ما يرى ويشاهد من الأمور العظام، وما يلاقي من الأحوال التي تتفطر منها الأجسام، إنها الساعة التي يُنصب فيها الصراط على متن جهنم، فليس بعد الصراط إلا الفوز العظيم، وأنواع النعيم الأبدي السرمدي ورضوان الله تعالى، فيا بشرى من اجتازه ونجا وياخسارة من زلت قدمه عن الصراط فهوى في جهنم وتردى، قال تعالى:( إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا (6) وَنَرَاهُ قَرِيبًا)». وأوضح الدكتور الحذيفي، أن الدنيا سريعة الزوال، سريعة الانقضاء، فما أسرع طَيَّها وانتهاءها، فقد خلقها الله سبحانه وتعالى لأجلٍ محدود، وجعلها دار عمل، ثم يُجازى العبد على أعماله، مبينًا أن هذه الحياة الدنيا، من أولها إلى آخرها، ليست إلا كساعةٍ مقارنةً بأبدية الآخرة، فهي زائلة فانية، كما قال الله تعالى: (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَن لَّمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِّنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ ۚ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ). وأشار فضيلته، إلى أن الأمم السابقة من عادٍ وثمود، وقومِ إبراهيم، وقومِ لوط، وأصحابِ مدين، والقرون الخالية وغيرهم، ممن أجروا الأنهار وغرسوا الأشجار وتمتعوا بأطيب الثمار وملكوا البحار، ونالوا كل ما أرادوا من الملذات والشهوات، قد قدموا على ربهم بأسوأ الأعمال وشر الآجال ولم ينجُ من الهلاك والعذاب في الدنيا والآخرة إلا من عدل وآمن بالله ذي العزة والجلال، مبينًا أن ساعة الكرب -الذي لا يشبهه كرب- واقفةٌ أمام الناس جميعًا، لا مفرّ منها لأحد، مستشهدًا بقوله تعالى في الجسر المنصوب على متن جهنم: (وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا ۚ كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ حَتْمًا مَّقْضِيًّا (71) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا). وأبان فضيلته، أن ساعة المرور على جسر جهنم كانت تملأ قلوب الصحابة -رضي الله عنهم- خوفًا ورعبًا، وتملأ قلوب من جاء بعدهم ممن سار على نهجهم خوفًا من العذاب، ورجاءً من الله تعالى أن يمروا على هذا الصراط إلى الجنة برحمة الله تعالى، فعن عائشة -رضي الله عنها- أنها ذكرت النار فبكت، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: «ما يبكيك» قلت: ذكرت النار فبكيت فهل تذكرون أهليكم يوم القيامة، فقال -عليه الصلاة والسلام: «أما في ثلاثة مواطن فلا يذكر أحدٌ أحدًا، عند الميزان حتى يعلم أيخف ميزانه أم يثقل، وعند تطاير الصحف حتى يعلم أين يقع كتابه في يمينه أم في شماله أم من وراء ظهره، وعند الصراط إذا وضع بين ظهراني جهنم حتى يجوز». رواه أبو داوود. وختم إمام وخطيب المسجد النبوي الخطبة موصيًا المسلمين بالمسارعة إلى الخيرات، والاجتهاد في الأعمال الصالحة، ومجانبة المحرمات، والحذر من الذنوب والمعاصي. أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ ساعة واحدة
- الشرق الأوسط
لماذا يعتبر العنب «فاكهة خارقة»؟
وصفت مجلة «الزراعة وكيمياء الأغذية» الأميركية العنب بأنه من «الأطعمة الخارقة»، التي عادةً ما تكون غنية بالمركبات النباتية الطبيعية التي تدعم الصحة. وقالت المجلة إن كلمة «الأطعمة الخارقة» تُستخدم على نطاق واسع، لكنها تفتقر إلى تعريف علمي رسمي أو معايير موحدة، وغالباً ما تكون تلك الأطعمة جزءاً من النظام الغذائي المتوسطي. وركزت على العنب مؤكدة أنه غالباً ما يُغفل عنه مقارنةً بفاكهة أكثر شهرة كالتوت، على الرغم من فوائده الصحية المُماثلة، وفقاً لموقع «سي تيك دايلي». بائع يعرض العنب للبيع (إ.ب.أ) ووصفت العنب بأنه فاكهة مُعقدة وفعّالة ويُعد مصدراً طبيعياً لأكثر من 1600 مُركب، بما في ذلك مُضادات الأكسدة. ولفتت إلى نشر أكثر من 60 دراسة حول العنب والصحة، وقد أثبتت هذه الدراسات دور العنب في صحة القلب والأوعية الدموية، بما في ذلك تعزيز استرخاء الأوعية الدموية والدورة الدموية السليمة، بالإضافة إلى تنظيم مستويات الكوليسترول. وتُظهر التجارب السريرية أيضاً أن العنب يدعم صحة الدماغ حيث يساعد في الحفاظ على صحة أيض الدماغ وتأثيراته المفيدة على الإدراك، وصحة الجلد حيث يعزز مقاومة خلايا الجلد للأشعة فوق البنفسجية وتلف الحمض النووي، وصحة الأمعاء حيث يعدل ميكروبيوم الأمعاء ويزيد من تنوعها، وصحة العين حيث يؤثر على شبكية العين من خلال زيادة الكثافة البصرية للصبغة البقعية. وفي مجال علم الجينوم الغذائي الذي يدرس تأثير الأطعمة على التعبير الجيني في الجسم، ثبت أن استهلاك العنب يُغير التعبير الجيني في أجهزة الجسم ذات الصلة بشكل إيجابي. فوائد تناول العنب وتشير إلى أن هذه الأنشطة على المستوى الجيني هي على الأرجح الدافع وراء الفوائد الصحية للعنب. وقال إيان ليماي، رئيس لجنة «عنب المائدة» في ولاية كاليفورنيا، وهي منظمة تعمل على تنظيم قطاع تلك الفاكهة: «تظهر المجلة أن العنب غذاء خارق بالفعل، ويجب الاعتراف به على هذا النحو. ونأمل أن يصبح استخدام هذه التسمية مع العنب ممارسة شائعة ولحسن الحظ، سواءً استُهلِك العنب لأغراض صحية أو لمجرد الاستمتاع به وجبة خفيفة صحية، فإن تناول العنب يُعدّ مكسباً للمستهلكين».


الرياض
منذ 2 ساعات
- الرياض
من خطبة الجمعة في المسجد الحرامالشيخ الدوسري: المملكة نموذج يُحتذى في التقدّم التقني دون تفريط بالقيم
أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور ياسر بن راشد الدوسري المسلمين بتقوى الله -عز وجل- ومراقبته في السر والنجوى. وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم بالمسجد الحرام: "تشهد البشرية في عصرنا قفزة حضارية، وطفرة نوعية في مجالات التقنية والأجهزة الذكية ووسائل التواصل الرقمية، تيسرت فيها الاتصالات، وطويت المسافات، واختصرت الأوقات، وأنجزت المهمات، وطورت الخدمات، وأتيح العلم عبر المنصات، فأصبحت التقنية جزءًا لا ينفك عن حياتنا". وأضاف قائلًا: "لئن كانت الأمم تتسابق في مضمار التقنية، فإن مملكتنا المباركة قد تميزت برؤيتها، وسارت بخطى ثابتة، وكانت رائدة في هذا الميدان، تستثمر التقنية وتوظفها في خدمة المجتمع والإنسان، حتى صارت نموذجًا يشار إليه ويحتذى به في صورة مشرقة تثبت مكانتها العالمية في مجالات التقنيات المتقدمة، وبرهنت أن التقدم لا يتنافى مع القيم، ولا يتعارض مع المبادئ، بل ينهض بها، ويستند إليها، فارتقت دون أن تنفصل عن جذورها، وتقدمت دون أن تفرط بثوابتها". وحذر فضيلته من غياب الوعي في استخدام التقنية قائلًا: "فحينها تصبح الرسائل مزالق، ومن هنا برز داء ابتلي به بعض الناس على اختلاف الأعمار والثقافات والأجناس، إنه داء الإدمان المرضي على وسائل التواصل الاجتماعي، والانغماس في عالم رقمي لا ينتهي، وتحوّل الهواتف عند البعض من أدوات للتواصل، إلى وسائل للعزلة والانفصال، فترى المرء بين الناس جسدًا بلا قلب، وحسًا بلا روح، يتنقل بين المنصات، ويتصفح التطبيقات، تتقاذفه المواقع، وتتكاثر عليه المقاطع، فلا يدري ما يريد، ولا يحصد إلا القليل". ولفت النظر إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت في الغالب مسرحًا للحياة الزائفة، وموطنًا للمقارنات الجائرة، فدبَّ إلى البعض داء الحسد والبغضاء، وتمكنت من قلوبهم الضغائن والشحناء، وقلَّ الحمد والشكر على النعم والآلاء، مبينًا أنه من الآفات تلك الحسابات المزيفة الخبيثة التي تنفث سمومها في المجتمعات، وتنشر الفتن والاختلافات، وتذكي الضغائن والإشاعات، وتلقي على ألسنة العلماء فتاوى مكذوبة، في حملات مجحفة، وتشويهات متعمدة، لا تراعي دينًا ولا خلقًا. وشدد الشيخ ياسر الدوسري على أن من أعظم النعم أن يدرك الإنسان خلله قبل فوات الأوان، وأن يعالج قلبه قبل أن يستحكم عليه الداء، فكم نحن بحاجة في هذا العالم الرقمي، والضجيج التكنولوجي، إلى دواء لهذا الإدمان المرضي، وذلك بعزلة قصيرة، لإطفاء صخب الأجهزة، لا لعتزال الحياة، وإعادة التوازن لما اختل من حياتنا. وأكّد أن التقنية نعمة عظيمة، إذا وُجهت إلى الخير، وقُيدت بقيود الشرع والحكمة، فهي ليست شرًا محضًا، وليست مذمومة في أصلها، بل هي سيف ذو حدين، ويجب استخدامها خادمًا لا سيدًا، وجسرًا إلى الطاعة لا هاوية إلى المعصية، ولتكن وسيلة للعلم والفهم، لاأداة للهوى والجهل.