
في «ربيع تنومة».. أمل فلمبان توثق الجمال الجنوبي بروح حجازية
في تجربة فنية غنية جمعت بين سحر الطبيعة الجنوبية وأصالة الريشة الحجازية، شاركت الفنانة التشكيلية أمل فلمبان في ملتقى ربيع تنومة الدولي للفنون البصرية، الذي احتضنته محافظة تنومة على مدى ثلاثة أيام، بتنظيم نادي عناقيد للفنون البصرية برئاسة عايض أبو زيد، ونائبه الفنان عوضة الشهراني، وبرعاية بلدية تنومة، وعدد من الجهات الداعمة.
استقطب الملتقى أكثر من 100 فنان وفنانة من مختلف مناطق المملكة والخليج العربي واليمن، ووفّر للمشاركين بيئة فنية متكاملة، شملت الإقامة، المواصلات الداخلية، والوجبات اليومية، وسط أجواء اتسمت بحفاوة الاستقبال وثراء المحتوى.
وتضمّن البرنامج اليومي جولات صباحية إلى القرى والمزارع والمطلات التاريخية في تنومة، التي يفوق عمر بعضها ثلاثة قرون، ما منح الفنانين فرصة نادرة للتفاعل الحي مع الطبيعة والموروث المحلي. فيما انطلقت ورش العمل الفنية من الرابعة عصرًا حتى المساء، وتخللتها ندوات فكرية وحوارات ثقافية أثرت التجربة البصرية.
وأوضحت أمل فلمبان لـ«عكاظ» أنها أنجزت عملها المشارك بكل حب وحماس، بأسلوب دمج بين تقنيات اللون الحديثة والزخارف الشعبية الجنوبية، وعلى رأسها القط العسيري، مستلهمة تفاصيل التكوين من روح المكان وجمالياته.
وأعربت عن إعجابها بمستوى التفاعل، مشيرة إلى أن الملتقى نال رضا جميع المشاركين، وترك أثرًا فنيًا وإنسانيًا لا يُنسى. كما دعت إلى تسليط ضوء إعلامي واعٍ على مثل هذه المبادرات الجادة، ليصل صداها لأبعد من النطاق المحلي. وتمنت أن تتبنى مثل هذه الملتقيات جهات رسمية كوزارة الثقافة، لأنها نشاط ثقافي يخدم فئة كبيرة ومهمة من الفنانين والفنانات، مؤكدة أن الفنون البصرية لغة تخاطب عالمية، وتتقاطع بقوة مع مستهدفات رؤية السعودية 2030.
أمل فلمبان، فنانة تشكيلية سعودية، حجازية المنشأ والهوى، تتنفس ألوانها من عبق أزقة جدة القديمة وحاراتها التراثية. عُرفت بأسلوبها الذي يمزج بين الموروث والحداثة، وحازت على جوائز مرموقة، واقتنيت أعمالها محليًا ودوليًا.
رسمت البيوت الحجازية القديمة بتناغم لوني معاصر، واشتغلت على توثيق الحياة الاجتماعية في جدة عبر مشاهد بانورامية لبحرها وشواطئها وقواربها، وتعد من أوائل الفنانات اللاتي نفّذن جداريات كبرى قرب الحرم المكي الشريف، كما وقّعت أكبر جدارياتها في صالة الحجاج بمطار الملك عبدالعزيز الدولي بجدة.
أخبار ذات صلة

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


عكاظ
منذ 43 دقائق
- عكاظ
العريفة بكُبره يندهن سيره
عاد (المَدرِّج) من الحجاز إلى قريته، بروحٍ نجرتها الغُربة، وملامح هدّها عناء الترحال؛ عامان مضيا منذ غادرها، لقي فيها من الأهوال والقسوة ما لقي؛ لكنه ما حُرم المرزق، واقتنع بأن مقولة جدّه (اللي يخرج من داره يقلّ مقداره) خاطئة، ولكن أكثر ما ضاعف حزنه أن مسقط رأسه لم تبتهج بعودته كالعادة مع المغتربين القادمين؛ فلا أحدّ بشّر بقدوم الغائب، ولا رحّب بعودة اللافي، مشى من الربوة التي تقف عليها الشاحنات، وشنطته الحديد فوق رأسه؛ والبقشة المحشور بها كثير من الهدايا في يده؛ وصعد درجة بيتهم المتهالكة، وكأنها فمّ شايب تنود أسنانه؛ وكادت زوجته تحاحي، حطت عنه الشنطة، وأدخلتها العُليّة، ووضعت البقشة على مدماك المواعين. ما أمداه يتواسى، حتى تبدّل لون وجهها، ولم تنجح في مداراة وجعها، ولا التحكم في دموعها، فانفرطت تشهق وتروي له ما جا وما جرى؛ ولم يقطع سالفتها إلا بكاء الرضيع، فأندرت الميزب، وأخرجته ومدّت به لأبيه؛ وقالت: ولدته بعد سفرك بستة شهور، وسميناه (كاسب). فنسي وهو يتمقّل فيه كل تعبه وشقا غربته؛ وانفرجت أسارير وجهه؛ فسمّى عليه؛ وحسّ الرضيع بالأمان وغفا، فقام وأعاده وهو يمشي على طرف أصابع قدميه إلى ميزبه، وعلّق الميزب في حبل متدلّي من كُلّاب الزافر. قعدت قبالته، وحطت المخاضه فوق ركبتها، وبدأت ترجها بيدها اليمنى، وباليسرى تهز ميزب رضيعها؛ ولفتت انتباهه لمعة دماغه من الشقّ؛ فقال: ما شاء الله حلّقتيه. فقالت: البارحة. فأضاف: بسمة الرضا بادية عليه. فقالت: درى أنك جاي. فتناول الميزب بكلتا يديه؛ وطبع قُبلة طويلة على جبينه؛ وهي تردد: لا هنت عساك تسلم. أحزنه أن اللي ما يحللون ولا يحرمون استغلوا غيابه؛ وموت عمّه؛ فقلعوا الحُدّان؛ واعتدوا على الشفيان، وقطعوا الخيطان؛ واحتشّوا الخُليان؛ فنشدها: هوّه ما كتبتي لي جواب تعلميني بوفاة عمّي وتعدّي الفجرة على حقّنا؟ فحلفت باللي ما ينحلف إلا به إنها راحت للفقيه؛ وكتب لها الخطّ؛ وسلّمته (المشتّر) سواق اللوري، وكلما عاد من سفر يقول: رجالك يسلم عليك؛ وترى نفسه طابت من الديرة. تيقّن (المدرّج) أنّ عيال الثلوث والربوع تآمروا عليه؛ ونشدها عن المسراح والمراح، فأخبرته أن الفقيه يزرع ويقلع، ويكيل لها من كل زرعة ما يقسم ربي، وقالت: بقرتنا طرح ربي فيها البركة، وأنا أتشقّى مع الجماعة ونهضت، فأزاحت الجمر عن الصلاة، ومسحتها من الرماد، وطرحت عجينتها البايتة، وغطّت عليها بالمكبّ، ورددت عليها الجمر من الأطراف، وقرّبت منه براد الشاهي؛ فرشف جغمة؛ وخرجت منه (آااح) وعلّق: عبلتيه سُكّر يا العريبه؛ والله لو كان نغترفه من جُريبه. فردّت ضاحكة: الحلا يدفع البلا. اكتسب (المدرّج) من سفرته حنكة، وبُعد نظر، وقرر يبدأ بالمذّن؛ فأخرج من البُقشة شماغ كورشيه؛ وكيلة قهوة؛ وما راح من الوادي إلا والكسوة قدامه؛ ولكنّه مراوغ؛ ما أعطاه العلم الناجح؛ فقرصه في فخذه؛ وحندر فيه؛ فطاح المسواك من ايده؛ وقال: يا (ديكان) لا تلجّغ الهروج، وابشر بعشرة ريال فرانسي، فقام يلمح للمرة حولهم وإلا ما هيب حولهم؛ ولاح الباب؛ ثم سرد عليه العلوم؛ وكل ما تنسّم قال: يا رفيقي رفاقتنا ضعاف نفس، والفقيه معه طمعه؛ وما معك إلا تُبلص الشاعر والتاجر عشان يشهدون معك، وتدهن سيرهم، فنفر فيه: أرشي الناس عشان يشهدون لي بأملاكي وورثي من عمي الفاني خبت ولا طبت؟ فقال: لا ترشي، ادهن سيرهم، ردّ عليه: خذلك ربي يا ديكان ما تمزى تطق في جماعتنا العفاف النظام. فضحك وردّ عليه: العريفة بكُبره يندهن سيره. التقط الشماغ وكيلة القهوة، وقال: ما تستاهل إلا رمادة في وجهك يا الرخيص، وعاد للبيت؛ قلعت الحُرّة خبزتها؛ وصبّت لبنها؛ أكل لين صرّت إذنه؛ ثم فتح البقشة وأخرج قطعة قماش صوف كشميري، وضمها مع القهوة والشماغ، وأضاف عليها دحوة حوايج، وقيسه على بيت العريفة؛ ومن ساعة ما سمع صوته عرفه؛ فخرج يرحّب وقلّطه، وعينه على الهدايا، وأخذ علم واعطى علم، ولما سمع منه قول ديكان؛ العريفة بكُبره يندهن سيره، انقلب وجهه؛ وقال: يخسى ولد أم الشكوة المقلوبة، لكن كل شيء بحسابه، تقهوى، وكثّر بالخير، وهو قايم، مدّ بكيس صغير فيه عشرة جنيهات ذهبية وارد (جورج) وبغى يقوم العريفة يودّعه؛ فحلف ما يتحرك من مكانه. بعد صلاة الجمعة؛ قام العريفة وقال: يا جماعة لا تروحون؛ اللي يسنن ينتظرنا في الظّلة؛ وأوّل من خرج الشاعر، الذي اختار زاوية في الظلّ، فولّع مكيّف رأسه، دون أن يحسب حساب أحد؛ وطوّل الفقيه في التسنّان؛ فقرب منه العريفة وقال: تمغّطْها وإلا ما تمغط، والله لترد الطاق مطبوق، والا لاخرج الأوّلة والتالية؛ فسلّم وضمّ رأس العريفة بكفيه؛ وهو يردد: قُلْ وطُلْ يا كبيرنا، والكبار على يدك تغدي صغار، وبدأ بطنه يقرقر؛ فقال: صُرّها لا تفضحنا ببيت ربّي. أسند العريفة ظهره إلى حماطة المسيد، وقعد القرفصاء، فصمت الجميع، وكأن على رؤوسهم الطير، وشرع بديباجته المعهودة؛ فيكم من صلّى على محمّد؛ فصلّوا وسلّموا عليه؛ وأضاف: اذكروا الله. فردّوا بصوت واحد: لا إله إلا الله. وأخرج كيس الجنيهات؛ ومدّ به؛ قائلاً: ألزم (يا المدرِّج) وأقسم يمين ما يقبل منه إلا كساويه؛ وأن يرجع إليه كل حقه من البيت والوادي؛ ورفع الصوت وعينه على ديكان؛ وأضاف: اللي يقول ادهن سير العريفة مدهون سيره وسير أبوه وجده، ويأكل من الدمنة، وأنا ذمتي ما هي رخيصة، والحقّ يمضي على رقبتي قبل رقابكم، وشيمتي تسبق قيمتي؛ واللي ما يرفع قدره إلا الفلوس، بوس به ومية بوس. رددت الظُّلة: بيّض الله وجهك. وتعالى صوت الإطراء، وقام الفقيه وبراطمه متلاصقة؛ وحلف ما يتغدون إلا عنده؛ فقال الشاعر: قِبلتْ، وأضاف: من يوم عاد المدرِّج ما عاد تعرف تتهرج، اسبقنا والله الله في الدسمة، فشاعت البسمات والغمزات والضحكات، وانطلق الفقيه قدامهم؛ نصّ المشلح فوق ذراعه والباقي يسحب. قلّطهم على الميسور، وقال: بالحرام يا غداكم إنه عقال عشاكم، وبعد العصر؛ دقّ الزير وتوالمت الصفوف، ودرج المعراض، والفقيه مشغول ينصب الريحان والكادي في عقال المدرّج، ويحتلج قدامه بالجنبيّة، ونص العراضة يرددون (لابةٍ ما تعطي الحق يترب بابها)، والنص الباقي يردون (خرعة الطماع لا بد يتربى بها). أخبار ذات صلة


عكاظ
منذ ساعة واحدة
- عكاظ
جمعية الأدب ترشّح 40 موهبة شابّة لـ«أديب»
رشحت جمعية الأدب المهنية 40 موهبةً سعودية، ضمن القائمة القصيرة لـ«مشروع أديب» بمساراته الأربعة في نسخته الأولى، وضمت القائمة 40 موهبة شابة، بواقع 10 مواهب لكل مسار من مسارات: (الشعر الفصيح - الشعر الشعبي - القصة القصيرة – الرواية). وترشح لمسار الشعر الفصيح: سهام سليمان محمد السويكت - الزلفي، موفق موسم عتيق السلمي - الرياض، محمد عوض كديم السفياني - الرياض، ضحى حسن علي الهاشمي - الرياض، عادل بن عمر بن عويد العتيبي - مكة المكرمة، وصال فؤاد شرهان الشرهان - الخبر، محمد بن عبدالعزيز بن محمد العاصم - الرياض، علي باقر معتوق الحسن - الأحساء، محمد أحمد معتوق البدي - الأحساء، مالك غازي موسى الحكمي - الرياض. ولمسار الشعر الشعبي: ياسين أحمد عمر حسن - فرسان، أمل محمد مبارك العوفي - المدينة المنورة، محمد سعد محمد كامل الكبكبي - رابغ، سلطان محمد عويض القنيدي الجهني- العلا، رزان عبدالله المخلفي- المدينة المنورة، عبدالله بن مجحود بن عبدالله العجمي - الأحساء، محمد بن عبد الله بن عايض السفياني - الطائف، محمد بن أحمد بن محمد الجحلي - أبها، عبدالإله بن سعيد بن راجح آل محزوم الشهري - تبوك، عيد فهيد عيد الشمري – حائل. ولمسار القصة القصيرة: أحمد محمد علي الغامدي - الباحة، ريحانة سعدان عبدالله السعدان - الرياض، تغريد سالم عيد الحويطي - تبوك، سديم صالح الراجحي - الرياض، فارس بن عبد الرحمن بن سعد الغامدي - مكة المكرمة، أنس عمر جمال بدوي - مكة المكرمة، الدانة ناصر سعود الرشيدي - ينبع، أمل طه عبدالعزيز آل هلال - الرياض، ندى ظاهر أحمد العمراني - تبوك، ضحى أحمد محمد الخليفة – الرياض. ولمسار الرواية: شيرين شرف الدين عبدالرشيد الإمام - مكة المكرمة، نسيبة وليد سلمو صعب - الخبر، ريما عبدالرحمن الحافظ - الأحساء، سعد بن عبدالله سعيد الكودري - بيشة، سطام سعود عبدالعزيز الحقباني - الرياض، نوف مناحي عيد السليمي - البكيرية، طارق عبدالله محمد الغشيان - الرياض، عبدالرحمن خالد النمازي - جازان، أمل طه عبدالعزيز آل هلال - الرياض، بشائر حلواني - مكة المكرمة. وأعرب الرئيس التنفيذي لجمعية الأدب المهنية عبد الله مفتاح عن سعادته البالغة بالمواهب الأدبية الشابة التي تبرز ما تزخر به المملكة من مبدعين، موضحاً أنه تقدّم للمشروع ـ عبر منصة الجمعية - أكثر من 400 موهبة في جميع المجالات الأدبية، تتراوح أعمارهم بين 15 - 35 عاماً، مؤكداً أن اللجان عملت على فرز المواهب بناء على معايير المشروع، لاستخلاص قائمة قصيرة، لافتاً إلى أنه سيتم تقديم الرعاية والدعم من خلال الورش التدريبية مع مدربين محترفين في مجالات المشروع لصقل مواهبهم، وتبني و طباعة النتاج الأدبي الأول لكل موهبة، فيما يُعد لهم تكريم في مدينة الرياض لتقديم المواهب للفضاء الأدبي، ودمجها في القطاع من خلال توفير الفرص الأدبية لهم عبر المشاركات الداخلية والخارجية. أخبار ذات صلة


الرياض
منذ ساعة واحدة
- الرياض
مرشدات سعوديات.. ثقة ومعرفة وقدرة على التواصلالمرأة في قلب المشهد السياحي
شهدت المملكة العربية السعودية خلال السنوات الأخيرة تحولات استراتيجية كبرى ضمن رؤية 2030، كان من أبرزها التوجه نحو تنويع مصادر الدخل الوطني وتقليل الاعتماد على النفط، وبرز قطاع السياحة كأحد المحركات الأساسية لهذا التحول. وقد اتجهت الدولة بخطى واثقة نحو تطوير السياحة الداخلية، ليس فقط كقطاع اقتصادي واعد، بل كرافد لتعزيز الهوية الوطنية، وإبراز غنى المملكة الثقافي والجغرافي، وفتح آفاق جديدة للمواطنين والمواطنات على حد سواء، وتأتي المرأة السعودية في قلب هذه الرؤية، إذ حظيت بدعم غير مسبوق مكّنها من دخول مجالات جديدة كانت مغلقة سابقًا، ومن بينها القطاع السياحي الذي يوفر فرصًا متنوعة في مجالات متعددة مثل الإرشاد السياحي، الفندقة، تنظيم الفعاليات، الفنون التراثية، وحتى ريادة الأعمال، وقد انعكس هذا التمكين على صورة المرأة في المجتمع، وعلى مساهمتها الفعالة في الاقتصاد الوطني، وعلى جودة الخدمات السياحية المقدمة داخل المملكة، في الوقت ذاته، أصبحت السياحة الداخلية خيارًا مفضلاً للعديد من المواطنين والمقيمين، في ظل ما تشهده مناطق المملكة من تطوير هائل للبنية التحتية، وإحياء للمواقع التراثية، وتنظيم لمواسم وفعاليات سياحية كبرى تجذب الزوار من الداخل والخارج. ومن خلال هذا النمو المتسارع، بات من الضروري استثمار الكوادر الوطنية المؤهلة، وخاصة من النساء، في سد احتياجات السوق، وخلق تجارب سياحية فريدة تحمل بصمة محلية، هذا التقرير يسلط الضوء على العلاقة المتداخلة بين السياحة الداخلية وتمكين المرأة السعودية، من خلال استعراض واقع السياحة في المملكة، وتحليل دور المرأة في هذا القطاع، مع التطرق للتحديات التي تواجهها، والفرص التي أتيحت لها، والجهود المبذولة من الجهات الحكومية والخاصة لتهيئة بيئة عمل محفزة وآمنة للنساء. كما يتناول التقرير الأثر الاجتماعي والاقتصادي لمشاركة المرأة في السياحة، باعتبارها شريكًا رئيسيًا في صناعة المستقبل، وركيزة من ركائز التنمية المستدامة في المملكة. واقع وطموح تعد السياحة الداخلية أحد أبرز المحاور التي ركزت عليها المملكة ضمن رؤيتها المستقبلية حيث تسعى الدولة إلى تحويل المملكة إلى وجهة سياحية عالمية مع الحفاظ على خصوصية المجتمع وتعزيز الثقافة المحلية وتأتي السياحة الداخلية في مقدمة هذه الجهود لما لها من دور في تحريك الاقتصاد المحلي وتنشيط الخدمات وزيادة الوعي بثقافة الوطن ومناطقه المتنوعة، وتشهد المملكة تنوعًا جغرافيًا ومناخيًا فريدًا يجعل من كل منطقة وجهة مميزة بحد ذاتها من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب توجد مناطق تمتاز بجمال طبيعي وتراث حضاري مثل العلا والطائف وأبها ونيوم وجدة والدرعية وغيرها وتحرص الدولة على تطوير هذه الوجهات بما يشمل البنية التحتية والمرافق والخدمات السياحية والفندقية، وقد أطلقت وزارة السياحة عدة مبادرات لتشجيع المواطنين والمقيمين على اكتشاف المملكة من الداخل من خلال مواسم السعودية والفعاليات الثقافية والترفيهية والرياضية التي تسهم في جذب الزوار على مدار العام كما تدعم الدولة الشراكة مع القطاع الخاص لخلق فرص استثمارية في المجالات السياحية بما يعزز من جودة التجربة المقدمة للسائح، ارتفع عدد السياح المحليين في السنوات الأخيرة بشكل ملحوظ ما يدل على تزايد الوعي بأهمية السياحة الداخلية وتطور الخيارات المتاحة وتنوعها كما ساهمت الحملات الإعلامية والمبادرات الترويجية في تغيير الصورة النمطية عن السياحة داخل المملكة وتحفيز الناس على استكشاف الكنوز الطبيعية والتاريخية التي تزخر بها البلاد، وفي ظل هذا التطور بات من المهم الاستثمار في الكفاءات الوطنية للعمل في القطاع السياحي وخاصة من فئة الشباب والنساء حيث يشكلون عنصرًا أساسيًا في تحقيق أهداف هذا القطاع الحيوي ويعد تمكين المرأة في هذا السياق جزءًا لا يتجزأ من تطوير السياحة الداخلية كونه يعزز من استدامتها وارتباطها بالهوية المحلية والمجتمع. المرأة والسياحة رغم ما تحقق من خطوات متقدمة في تمكين المرأة السعودية داخل قطاع السياحة إلا أن الطريق لا يخلو من التحديات التي ما زالت تؤثر على مشاركتها الكاملة والفعالة في هذا المجال الحيوي وتتنوع هذه التحديات بين اجتماعية ومهنية وتنظيمية وهي تحديات لا تعكس ضعف المرأة بل تكشف الحاجة إلى مواصلة التطوير والدعم، من أبرز التحديات التي تواجه المرأة العاملة في القطاع السياحي هي محدودية الفرص في بعض المناطق والمحافظات خاصة تلك التي لم تصلها بعد برامج التدريب والتأهيل بالإضافة إلى طبيعة بعض الوظائف السياحية التي تتطلب تنقلًا ميدانيًا مستمرًا أو العمل في أوقات غير اعتيادية وهو ما قد يشكل عائقًا اجتماعيًا أو أسريًا لدى البعض، كما أن بعض التخصصات السياحية لا تزال تفتقر إلى كوادر نسائية مؤهلة نتيجة قلة البرامج الأكاديمية أو التدريبية المخصصة للنساء في هذا المجال في الماضي وهو ما أدى إلى فجوة بين الطموح والواقع على مستوى المهارات الفنية والقيادية واللغوية المطلوبة في قطاع يتعامل مع جمهور واسع ومتنوع، تواجه المرأة أيضًا تحديات نفسية واجتماعية تتعلق بنظرة المجتمع لمجالات معينة في السياحة كأن تعمل في استقبال الفنادق أو تنظيم الرحلات أو الإرشاد السياحي في مواقع تاريخية وهو ما بدأ يتغير تدريجيًا مع كثرة النماذج الناجحة وازدياد الوعي المجتمعي بأهمية هذا الدور، وقد لا تكون الأنظمة واللوائح واضحة دائمًا بشأن خصوصية بيئة العمل المناسبة للنساء خاصة في الفعاليات المفتوحة أو المناطق السياحية الريفية وهو ما يتطلب من الجهات المعنية العمل على تطوير أنظمة تراعي احتياجات المرأة وتوفر بيئة آمنة وعادلة ومحفزة للنمو والتقدم المهني، وعلى الرغم من هذه التحديات إلا أن الإرادة السياسية والدعم المؤسسي والرغبة الحقيقية لدى النساء أنفسهن في اقتحام هذا المجال كفيلة بإحداث تغيير عميق ومستدام يعزز من مكانة المرأة السعودية ويؤهلها لتكون عنصرًا رائدًا في المشهد السياحي المحلي والدولي. أثر المشاركة لم تعد مشاركة المرأة في القطاع السياحي مجرد خطوة رمزية بل أصبحت ذات أثر حقيقي وملموس على المستويين الاجتماعي والاقتصادي حيث تسهم المرأة من خلال وجودها في هذا المجال في خلق نماذج جديدة تلهم الأجيال وتكسر الصور النمطية وتفتح آفاقًا أوسع للتمكين والابتكار، من الناحية الاقتصادية ساهمت مشاركة المرأة في رفع نسبة التوطين داخل منشآت السياحة والفندقة كما زادت من عدد المشاريع الصغيرة والمتوسطة المملوكة من قبل نساء والتي تقدم منتجات وخدمات ذات طابع محلي أصيل يعكس الهوية والثقافة السعودية وقد أدى ذلك إلى تحفيز الاقتصاد المحلي في كثير من المناطق وإيجاد فرص دخل جديدة للعائلات، أما اجتماعيًا فقد أدى دخول المرأة لهذا القطاع إلى تعزيز حضورها في الفضاء العام والمجال المهني بصورة إيجابية حيث أصبحت شريكة في تشكيل الصورة الحديثة للمجتمع السعودي وساهمت في دعم توجه المملكة نحو الانفتاح الثقافي والانخراط في التجربة السياحية العالمية دون التخلي عن قيم المجتمع وتقاليده، كما أن وجود المرأة في أماكن عمل سياحية جعل من بيئة العمل أكثر تنوعًا وتفاهمًا وساعد على تحسين تجربة الزوار من مختلف الخلفيات خاصة السياح القادمين من مجتمعات تقدر المشاركة النسائية ويرون فيها عنصرًا للثقة والاحترافية، هذا التأثير لا يقتصر على المرأة وحدها بل يمتد إلى أسرتها ومحيطها حيث تشكل المرأة العاملة في السياحة قدوة لبنات جيلها وتساهم في تغيير نظرة المجتمع نحو طبيعة العمل وفرص النجاح وتؤكد أن التنمية لا تكتمل إلا بشراكة الجميع رجالًا ونساء. قصص نجاح برزت في السنوات الأخيرة نماذج نسائية سعودية حققت نجاحًا لافتًا في قطاع السياحة وقدمن صورة مشرّفة عن قدرة المرأة على الإبداع والتميز في هذا المجال حيث استطاعت كثير من السيدات أن يتجاوزن التحديات ويثبتن أنفسهن في مهن لم تكن متاحة لهن من قبل، من بين هذه النماذج مرشدات سياحيات حاصلات على رخص رسمية يقمن بجولات تعريفية للمواقع التاريخية والأثرية بثقة ومعرفة وقدرة على التواصل مع الزوار من مختلف الجنسيات وكذلك سيدات أطلقن مشاريع صغيرة مثل نُزل تراثية في القرى الجبلية أو مطاعم عائلية تقدم الأكلات الشعبية بروح الضيافة السعودية، كما برزت رائدات أعمال أسسن وكالات سفر إلكترونية أو نظمن رحلات وتجارب سياحية محلية تركز على الثقافة والهوية والتراث ومنهن من حصلت على جوائز أو تكريمات داخل المملكة وخارجها تقديرًا لدورهن في تعزيز السياحة المستدامة وتمثيل المرأة السعودية بصورة ملهمة، هذه القصص الواقعية لا تعكس فقط النجاح الفردي بل تؤكد أن الفرصة متاحة لكل امرأة تملك الطموح والإرادة والرغبة في خوض تجربة العمل السياحي بكل ما فيه من تحديات ومتعة. التمكين الرقمي ساهم التحول الرقمي في فتح آفاق واسعة للمرأة السعودية في القطاع السياحي حيث لم يعد التمكين مرتبطًا بالحضور الميداني فقط بل أصبح متاحًا عبر الإنترنت والتطبيقات والمنصات الإلكترونية التي سهلت الوصول إلى الوظائف والخدمات والفرص، أصبح بإمكان المرأة أن تدير أعمالها السياحية من المنزل سواء عبر إدارة حجوزات لنُزل أو تنظيم رحلات إلكترونية أو بيع منتجات تراثية أو حتى إنشاء محتوى ترويجي عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقات الفيديو مما يمنحها مرونة في العمل وتحكمًا في وقتها، كما سهلت الدورات التدريبية الإلكترونية المعتمدة على منصات مثل دروب ومنشآت وغيرها الوصول إلى المعرفة المهنية السياحية دون الحاجة إلى التنقل أو مغادرة المدينة وهو ما ساعد في تأهيل النساء من مختلف مناطق المملكة وليس فقط في المدن الكبرى، التمكين الرقمي أتاح للمرأة السعودية أن تكون جزءًا من السياحة الحديثة التي تعتمد على التقنية والابتكار مما عزز من قدرتها على المنافسة وتقديم خدمات بجودة عالمي. السياحة والثقافة تُعد السياحة الثقافية من أهم أنواع السياحة التي تعكس هوية المجتمع وقد برز دور المرأة السعودية بشكل لافت في حفظ التراث والموروث المحلي من خلال المشاركة في الفعاليات التي تعنى بالحرف اليدوية والأزياء التقليدية والفنون الشعبية، في كثير من المهرجانات والمواسم الثقافية نشاهد نساء سعوديات يعرضن منتجاتهن من الخوص والسدو والنقش والرسم والأزياء التراثية ويقدمن هذه العناصر بأسلوب عصري يجذب الزوار ويحافظ في الوقت نفسه على أصل الحرفة وروحها، المرأة أيضًا تلعب دورًا مهمًا في نقل القصص المحلية والعادات والتقاليد من خلال الفعاليات والعروض والبرامج المخصصة للأطفال والعائلات مما يجعلها عنصرًا محوريًا في التجربة السياحية التي تهدف إلى إيصال الثقافة المحلية للسائح بطريقة مباشرة وإنسانية، يعتبر الحفاظ على الثقافة من خلال السياحة ليس مجرد عمل بل هو رسالة تؤديها المرأة السعودية بكل فخر واعتزاز. الإعلام وصورة المرأة أسهم الإعلام السعودي بمختلف وسائله التقليدية والرقمية في دعم صورة المرأة العاملة في السياحة وتعزيز حضورها كمثال للمرأة الطموحة والمبدعة التي تشارك في بناء وطنها وتخدم مجتمعها من خلال العمل، ظهرت العديد من القصص والتقارير التي سلطت الضوء على سيدات سعوديات يعملن في الإرشاد السياحي أو تنظيم الفعاليات أو تشغيل المنشآت السياحية وهو ما ساهم في تغيير نظرة المجتمع إلى طبيعة هذه الوظائف وإبرازها كمجالات راقية ومؤثرة، وسائل التواصل الاجتماعي بدورها ساعدت النساء على تقديم أنفسهن للجمهور مباشرة من خلال نشر تجاربهن أو عرض مشاريعهن أو تقديم محتوى سياحي تعريفي يثري المتابعين ويحفزهم على زيارة وجهات جديدة داخل المملكة، هذا الدور الإعلامي له أثر كبير في بناء الثقة لدى الفتيات الصغيرات وتشجيعهن على دخول هذا المجال كما يسهم في تعزيز مكانة المرأة السعودية في الوعي الجمعي المحلي والدولي. توصيات مستقبلية رغم ما تحقق من إنجازات إلا أن مواصلة تمكين المرأة في السياحة يتطلب خطوات إضافية تضمن استدامة هذه المشاركة وتوسع نطاقها لتشمل جميع فئات المجتمع ومناطق المملكة، من أبرز التوصيات ضرورة زيادة عدد البرامج التدريبية المتخصصة في المناطق النائية والصغيرة لتأهيل نساء هذه المناطق للعمل في الوجهات السياحية المحلية وكذلك توفير منصات دعم مالي ومشورة للمشاريع النسائية الناشئة، من المهم أيضًا توفير أنظمة حماية وتنظيم واضحة تضمن بيئة عمل آمنة ومحفزة للمرأة في جميع مجالات السياحة بما فيها الفعاليات المفتوحة والعمل الميداني والسفر الداخلي، كما يُستحسن إطلاق حملات توعوية لتشجيع المجتمع على دعم المرأة العاملة في السياحة وتقدير جهودها بالإضافة إلى تعزيز الشراكات مع المؤسسات التعليمية لفتح تخصصات سياحية جامعية وفنية موجهة للنساء، بمثل هذه التوصيات تستمر رحلة التمكين بثبات ويُبنى جيل جديد من السعوديات يصنعن الفرق في قلب التجربة السياحية الوطني، و لضمان استمرارية نمو وتمكين المرأة في القطاع السياحي ينبغي أيضًا التركيز على تطوير مهارات القيادة والإدارة بين النساء عبر برامج متخصصة تمكنهن من شغل مناصب إشرافية واستراتيجية داخل المؤسسات السياحية كما يجب تعزيز دور الكفاءات النسائية في الابتكار والتسويق السياحي باستخدام أدوات حديثة وتقنيات رقمية متطورة، من المهم كذلك تشجيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص لتوفير فرص تدريب عملية وميدانية تتيح للنساء اكتساب خبرات واقعية تُعدهن لمتطلبات سوق العمل المتغيرة بسرعة إلى جانب خلق شبكة دعم نسائية تعمل على تبادل الخبرات والتوجيه المهني مما يزيد من فرص النجاح والاستدامة، توسيع دائرة التمكين لتشمل المرأة في القطاعات المرتبطة بالسياحة مثل النقل والضيافة والفنون التشكيلية والتصميم الداخلي يعزز من التكامل ويخلق فرص عمل متنوعة تناسب مختلف المهارات والاهتمامات، الاهتمام أيضًا بتوفير بيئة عمل مرنة تراعي ظروف النساء خاصة المتزوجات والأمهات سيؤدي إلى زيادة الرضا الوظيفي وتحسين الإنتاجية وهذا يتطلب سياسات واضحة في المؤسسات تنظم ساعات العمل وتوفير تسهيلات مثل الحضانة داخل أماكن العمل أو دعم التنقل، بهذه الخطوات المتكاملة يمكن تحقيق نهضة حقيقية ومستدامة تمكّن المرأة السعودية في قطاع السياحة وتفتح آفاقًا أوسع لتطوير الاقتصاد الوطني وتعزيز مكانة المملكة كوجهة سياحية رائدة في المنطقة. تمثل مشاركة المرأة السعودية في قطاع السياحة أكثر من مجرد انخراط مهني بل هي قصة تحول اجتماعي وثقافي واقتصادي يعكس ما تسعى إليه المملكة من خلال رؤيتها الطموحة لمستقبل مزدهر وشامل إذ أصبحت المرأة عنصرًا فاعلًا في صناعة السياحة بما تملكه من قدرات وخبرات وطموح متجدد، لقد أثبتت التجربة أن تمكين المرأة داخل هذا القطاع يسهم بشكل مباشر في تحسين جودة الخدمات السياحية وتعزيز الطابع المحلي للتجربة المقدمة وإثراء محتوى السياحة الوطنية بعناصر إنسانية وثقافية تنبع من قلب المجتمع السعودي، ومع استمرار الدعم المؤسسي وتزايد الفرص أمام النساء في مختلف مناطق المملكة تتعزز ثقة المرأة بنفسها وتزداد قدرتها على الإبداع والمنافسة والمساهمة في بناء اقتصاد متنوع ومستدام، إن تطوير السياحة الداخلية وتمكين المرأة ليسا مسارين منفصلين بل طريق واحد تتقدم فيه المملكة بثقة نحو مستقبل يشارك فيه الجميع ويحتفي بالهوية ويحتضن التغيير.