logo
عن مناعة الحصون وانكشافها

عن مناعة الحصون وانكشافها

فلسطين أون لاينمنذ 12 ساعات

لا نحتاج للتدليل على حرص كيان الاحتلال على اختراق حصون أعدائه وتجنيد العملاء داخلها، فنشاطه المحموم على هذا الصعيد يتحدث عن نفسه في ساحات العالم كلها، عبر أذرع أجهزة مخابراته الداخلية والخارجية، والعمليات الأمنية الناجحة التي تم تنفيذها منذ نشأة الكيان داخل فلسطين وخارجها، ومن المهم أن نتذكر هنا أن نواة أول تشكيل لمخابرات الدولة الصهيونية نشأ عام 2019 كما تشير بعض الوثائق، على يد وايزمان، أي قبل القيام الفعلي لكيان الاحتلال بنحو ثلاثين عاما، وكان بهدف جمع المعلومات عن الأراضي في فلسطين وسكانها وخصائص المجتمع.
ومن نافلة القول التذكير بكون أي نظام أو تنظيم يعادي كيان الاحتلال سيظل مستهدفاً بالاختراق الأمني الصهيوني، على جميع المستويات، بالتجسس عليه ومراقبته تقنياً وبزراعة العملاء في صفوفه وفي محيطه، بل إن هوس الكيان بالاختراقات لا يتعلق بأعدائه فقط بل بكل كيان آخر حتى لو كان من أشد حلفائه، كأمريكا التي يقرّ كثير من ساستها بوجود نشاط تجسسي للموساد داخلها، وتلك عموماً طبيعة الكيان الدخيل الذي يبقى متلازما مع عقدة الخوف من الزوال، ويجابه تحديات الاندماج في وسط رافض له.
على نطاق الكيانات المعادية للصهيونية، فمما يزيد من فداحة آثار الاختراقات عدم وجود فرصة عملية للنظام أو التنظيم لاختبار مدى متانة الصفوف ونقائها من العملاء أو مناعتها ضد مختلف أشكال الاختراقات، والتحدي الأكبر هنا أن مثل هذه الفرصة لا تُتاح إلى عند حدوث المواجهة أو المعركة المباشرة مع العدو.
بالنسبة لإيران، ظهر في ضربة الكيان الصهيوني لها مدى اعتماده على وفرة المعلومات الاستخبارية وعملائه على الأرض، إلى درجة أنه كان يراهن على مقدرة مجاميع العملاء داخل إيران على التعجيل في إسقاط النظام بإثارة الفوضى خلال الهجمات الصهيونية وتشتيت جهود الجيش الإيراني تحت وقع الصدمة وهول الانكشاف الداخلي أمام العدو، وهنا من المهم أن نستحضر كون هذه هي المواجهة المباشرة الأولى لإيران مع الكيان منذ الثورة، فعلى مدى العقود الماضية، وخصوصاً بعد تعاظم قدراتها العسكرية وتبنيها دعم المقاومة في فلسطين ولبنان، كان طبيعياً أن يكثف الموساد من جهود استهدافها داخلياً لكي يحصد ثمرة تلك الجهود في لحظة الصفر، كما حدث صباح يوم العدوان، وكما حصل قبله باغتيال مجموعة من العلماء الإيرانيين، في أوقات متفرقة، وبالحصول على وثائق خاصة بالمشروع النووي الإيراني، ولم يكتف جهاز الموساد بالاعتماد على بنك المعلومات الأمريكي حول إيران، وهو كبير أيضاً بطبيعة الحال، إنما ظهرت جيداً حصيلة نشاطه الخاص داخلها.
الأمر ذاته حصل ولكن بدرجة أقل مع حزب الله، حيث كانت آخر مواجهة للحزب مع الكيان قبل نحو عشرين عاماً من الآن، ثم حين دخل جبهة الإسناد إلى جانب المقاومة الفلسطينية لم تكن لديه فكرة محدثة عن حجم استهدافه أمنياً من الموساد، ولا مقدار انكشافه، فكانت ضربة أجهزة البيجر وما تلاها تشير إلى وجود ثغرات أمنية كبيرة لم يكن الحزب قد تنبه لها أو توقعها.
ما حصل مع حماس في غزة قبل معركة الطوفان كان مختلفا، ذلك أنها بلغت لحظة السابع من أكتوبر وصفوفها نقية من شوائب الاختراق، وذلك لا يعود فقط لجهودها الكبيرة وتركيزها المستمر على محاربة العملاء وإغلاق الثغرات الأمنية في بنيانها، إنما يُضاف إليه أن خوضها حروباً وجولات مواجهة عديدة مع الكيان منذ انسحابه من غزة منحها الفرصة لكي تتوقف بعد كل جولة فتراجع أداءها ومكامن الضعف والقوة لديها، وفي قلب ذلك فحص مصدر القصور الأمني، تقنياً واستخباريا، والعمل على معالجته.
أي أن حماس ظلت طوال تاريخها في أعلى درجة من التزام خط المقاومة والجهاد عملياً وميدانيا، بالتزامن مع الإعداد، وهو ما أعانها على تحسين البنيان وتحصينه والبحث عن الثغرات وفحص مدى مناعة الصف، حتى بلغت تلك اللحظة الفاصلة التي بدت أسطورية بكل المقاييس.
في المقابل، لا يمكن إنكار أن كلاً من حزب الله وإيران أبديا تماسكاً كبيراً وصموداً عالياً أمام الضربات المباغتة الكبيرة التي خلفت خسائر هائلة في ظرف زمني قصير على صعيد العناصر البشرية والعتاد، لكن معالجة التهتك الأمني في ظل المعركة شاق جدا، ويفرض تحديات وأعباء إضافية على النظام الذي يفترض أن ينحصر تركيزه وقتَ المعركة في رد العدوان ومجابهة عدوه وإيلامه.
المجال العربي بدوره ليس بعيداً عما حصل مع إيران على الصعيد الأمني، بل إن الخرق والعطب في بنيانه أشدّ وأعمق، ولنا أن نتصور حجمه ومداه، وأن نتوقع حال أنظمة العرب وشكل أدائها لو وضعت ولو بالصدفة أمام لحظة اختبار فعلية أو عرضية، لا سيما مع انتفاء خيار المواجهة من قاموسها العسكري.
البناء الأمني الحصين، ومتانة الصفوف ومناعتها، من أهم وأوْلى الضرورات على المستويات الصغرى والكبرى قبل ومع أي خطوة للمواجهة، وإن كان اختبارها الحقيقي لا يتاح إلا في ظل المعارك، فإن الغفلة عنها تُراكم اتساعاً مطّرداً في خروقات البناء الداخلي، قد تصل إلى مرحلة الانهيار، إن لم تُتدارك الصفوف على الدوام بالتطهير وحيازة أدوات التحصين.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

تحت سمع العالم وبصره.. الاحتلال يصطاد الجوعى عند نقاط المساعدات
تحت سمع العالم وبصره.. الاحتلال يصطاد الجوعى عند نقاط المساعدات

فلسطين أون لاين

timeمنذ 21 دقائق

  • فلسطين أون لاين

تحت سمع العالم وبصره.. الاحتلال يصطاد الجوعى عند نقاط المساعدات

غزة/ عبد الرحمن يونس في قطاع غزة، لم تعد الطرق المؤدية إلى الحياة آمنة، ولا حتى تلك التي يسلكها الجوعى طلبًا لكيس طحين أو علبة طعام. ومع دخول المجاعة شهرها الخامس، واستمرار حرب الإبادة الإسرائيلية للشهر العشرين على التوالي، يخرج الآلاف يوميًا، رجالًا ونساءً وشيوخًا، إلى مناطق خطرة على أطراف غزة الشمالية والوسطى، علّهم يحصلون على ما يسدّ رمقهم ورمق أطفالهم. لكن كثيرين لا يعودون أحياء. في مشهد بات يتكرر بوحشية كل يوم، يتزايد عدد الشهداء والمصابين عند نقاط توزيع المساعدات، حيث تقف قوات الاحتلال على مقربة، تراقب ثم تطلق النار أو تقصف، فتتحول ساحة الانتظار إلى مذبحة. وقد اتهمت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان الاحتلال الإسرائيلي بارتكاب "انتهاكات جسيمة للقانون الدولي"، مؤكدةً أن أكثر من 500 فلسطيني قُتلوا حتى الآن أثناء محاولاتهم الحصول على المساعدات، إضافة إلى آلاف الجرحى. وفي السياق نفسه، قالت حركة حماس إن الاحتلال يستدرج المدنيين إلى مناطق القتل، ويطلق النار عليهم بدم بارد، في واحدة من "أبشع جرائم العصر الحديث". الخبز ثمنه دم بالقرب من منطقة زيكيم شمالي غزة، حيث يحتشد الآلاف حول شاحنات مساعدات محدودة، وقف أبو محمد الهسي، خمسيني من سكان القطاع، يروي تفاصيل المشهد المروّع: "الشهداء ملقون في الشارع الذي نسلكه كل يوم. لا أحد يقدر أن يقترب منهم، فالاحتلال يطلق النار على كل من يتحرك. أمس فقط، انتشلنا جثمان شاب قُتل لأنه أراد كيس طحين. التهمة وحدها كانت كفيلة بإعدامه ميدانيًا. لم نتمكن من إخراجه إلا بعد ساعات من التوسّل والاختباء خلف الحطام". ويتابع: "اعتدنا على الرعب، لكن ما يحدث اليوم يفوق كل وصف. المساعدات تحوّلت إلى مصيدة، والطرقات إلى فخاخ موت". أما محمود غراب، شاب في الثلاثين من عمره، فيقول: "أنا وإخوتي خاطرنا بحياتنا مرارًا لنؤمّن طعامًا لعائلاتنا. أمس، كنّا قرب نقطة التوزيع حين دوّى إطلاق النار. رأينا القذائف تنفجر وسط الجموع. تركنا كل شيء، وركضت لأنقذ ابن عمي الذي أصيب بشظية. سحبته بصعوبة، ونجونا بأعجوبة". ويضيف، بعينين غارقتين بالحزن: "لم أعد أبحث عن المساعدات، بل عن النجاة. الطعام لم يعد أولوية أمام الموت المجاني". الموت المجاني الحكاية تتكرّر، وإن اختلفت الأسماء والمآسي. أنس الخطيب، أب لأربعة أطفال، يقول إنه توجّه أكثر من ست مرات إلى نقاط توزيع المساعدات، لكنه عاد في كل مرة خالي الوفاض. "كنت أظن أنني قادر على جلب شيء لأطفالي الذين لم يذوقوا الخبز منذ أيام. لكنني في كل مرة أعود مكسورًا. رأيت بأم عيني الجرحى والمقطّعين بفعل رصاص الاحتلال وقذائفه. من كنت أراه حيًّا، فجأة يسقط على الأرض جثة هامدة. بعد ما رأيته... لن أعود إلى هناك أبدًا. سأصبر، وأدعو الله أن يُفرّج عنا". تفيد تقارير الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بأن الاحتلال يقيد إدخال المساعدات الإنسانية بشكل منهجي، ويمنع وصول الغذاء والوقود والدواء، في محاولة واضحة لإطالة أمد المجاعة. ومنذ مارس/ آذار الماضي، لم يُسمح سوى لعدد محدود جدًا من الشاحنات بالدخول، عبر آلية تُشرف عليها "الشركة الأميركية" بالتنسيق مع قوات الاحتلال. وقد وُجهت انتقادات واسعة للآلية العسكرية الإسرائيلية في إدارة المساعدات، التي فاقمت الفوضى، وعرّضت المدنيين للخطر، وسط غياب الرقابة أو أي ضمانات للحماية. وبحسب مفوضية حقوق الإنسان، فإن تسليح الغذاء وتحويله إلى وسيلة قتل يرقى إلى جريمة حرب، وقد يشكّل في بعض السياقات جريمة إبادة جماعية. الطوابير.. جبهات موت وسط هذا الجحيم، يواصل أهالي غزة صمودهم، في واحد من أقسى مشاهد القرن. مئات الآلاف من العائلات باتت بلا مأوى، بلا طعام، بلا دواء، وبلا أمل. ومع تفاقم المجاعة وانقطاع المواد الأساسية، أصبح الوقوف في طوابير المساعدات مهمة انتحارية لا تقل خطرًا عن القتال في جبهة حرب. لكن، رغم هذا الموت الجماعي، لا تزال في غزة أرواح ترفض أن تُهزم، وأجساد تصّر على الحياة، ولو على بقايا الحنطة الملطخة بالدم. المصدر / فلسطين أون لاين

جيش الاحتلال يعترف بمقتل 7 جنود بينهم ضابط في كمين للمقاومة بخان يونس
جيش الاحتلال يعترف بمقتل 7 جنود بينهم ضابط في كمين للمقاومة بخان يونس

معا الاخبارية

timeمنذ 2 ساعات

  • معا الاخبارية

جيش الاحتلال يعترف بمقتل 7 جنود بينهم ضابط في كمين للمقاومة بخان يونس

غزة- معا- أعلن جيش الاحتلال صباح اليوم الأربعاء بأن ضابطا وستة جنود قتلوا أمس في انفجار عبوة استهدف ناقلة جند مدرعة للهندسة في خان يونس في جنوب قطاع غزة. وقع الحادث الخطير أمس حوالي الساعة 5:20 مساءً. وتشير التحقيقات الأولية إلى أن مقاومين لصقوا عبوة ناسفة على ناقلة جند مدرعة تابعة لسلاح الهندسة القتالية، ثم لاذوا بالفرار. وتعد الناقلة من طراز "بوما" واحدة من المدرعات الهندسية القديمة في الخدمة، ولا تتمتع بنفس مستوى الحماية الذي توفره ناقلات الجنود الأحدث مثل "نمر" أو "إيتان"، على ما أفادت صحيفة "يديعوت أحرونوت. تفاصيل الكمين خان يونس: في تمام الساعة 5:30 من مساء يوم أمس، ورد بلاغ أولي عن احتراق ناقلة جند مدرعة تابعة لقوات الهندسة. وتشير التحقيقات الأولية إلى أن مسلحًا من حماس اقترب من الناقلة ولصق بها عبوة ناسفة وتم تفجيرها بها مما أدى إلى اشتعال الناقلة بأكملها. وهرعت قوات الإطفاء العسكرية إلى موقع الحادث وبذلت جهودا لإخماد النيران في ناقلة الجنود المدرعة. كما تم استقدام جرافة من طراز D-9 إلى موقع الحادث وسكبت الرمل على الناقلة في محاولة لإخمادها إلا أن جميع جهود الإطفاء باءت بالفشل. بعد ذلك تقرر سحب ناقلة الجند المدرعة ومواصلة جهود إخماد الحرائق هناك. حيث سُحبت الناقلة أولًا إلى طريق صلاح الدين في خان يونس ومن هناك إلى خارج قطاع غزة بينما كان الجنود السبعة لا يزالون بداخلها. ولم يتمكن الجنود من إخماد الحريق إلا بعد وصولهم إلى داخل الأراضي الإسرائيلية، كما أُرسلت قوات الإنقاذ والمروحيات إلى موقع الحادث لكن لم ينجو أحد من الجنود وقتلوا جميعًا بفعل التفجير والحريق. واستغرقت عملية التعرف على هوية القتلى ساعات طويلة، وبعد عملية التعرف تم تسليم رسائل إلى جميع عائلاتهم الليلة. في حادثة أخرى، أُصيب جندي من كتيبة الهندسة القتالية 605، وحدة "باراك" (188)، بجروح بالغة الليلة الماضية الثلاثاء في معركة جنوب قطاع غزة. نُقل الجندي إلى المستشفى لتلقي العلاج، وأُبلغت عائلته.

انتهت الحرب: راحت الشعارات وبقي الاستعمار
انتهت الحرب: راحت الشعارات وبقي الاستعمار

جريدة الايام

timeمنذ 9 ساعات

  • جريدة الايام

انتهت الحرب: راحت الشعارات وبقي الاستعمار

أعلن الرئيس الأميركي عن التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب بين إسرائيل وإيران، والذي بدأ أمس صباحاً وظهراً على التوالي. ويمكن للطرفين ادعاء الانتصار. إيران ستقول إن الاستهداف الإسرائيلي والضربات الأميركية لم تدمر بشكل كامل معداتها ومنشآتها النووية، كما أنها لم تتخل عن قدراتها الصاروخية من جانب، ومن جانب آخر استطاعت توجيه ضربات شديدة للعمق الإسرائيلي أدت إلى إحداث دمار كبير وقتل عدد من المواطنين الإسرائيليين. أما إسرائيل فتستطيع أن تقول إن ضرباتها في العمق الإيراني أدت إلى تدمير المنشآت النووية وقتل عدد كبير من علماء الذرة الإيرانيين، وعدد من القادة العسكريين الكبار في الجيش والحرس الثوري، بمن فيهم رئيسا أركان الجيش الأول والثاني، ودمرت منظومات الدفاع الجوي وسيطرت على الأجواء الإيرانية. ونجحت في إقناع الرئيس ترامب للمشاركة في الهجوم على إيران لتدمير المفاعلات تحت الأرض باستخدام الطيران والقذائف الاستراتيجية. وأن الحرب التي شنتها ستقضي على المشروع النووي الإيراني أو تؤخره لفترة طويلة قادمة. في الواقع، إيران هي الخاسر الأكبر من هذه الحرب لأنه لا توجد مقارنة بين حجم الدمار والخسائر في إسرائيل وفي إيران. كما أن إسرائيل في حربها ضد إيران، وبرغم أنه عدوان وخرق لقواعد القانون الدولي حظيت بدعم أميركي مباشر من خلال المشاركة الفعلية في الحرب، وبدعم غربي عبّر عن نفسه بتأييد استهداف المنشآت النووية الإيرانية التي اعتبرته فرنسا على سبيل المثال مشروعاً. وعملياً اصطف العالم الغربي مع إسرائيل وهذا يثبت أن العقلية والمشروع الاستعماريين لا يزالان يهيمنان على السلوك الدولي للدول المتنفذة في هذا الكون. وأنه لا وزن ولا اعتبار للقانون والمواثيق والمعايير الدولية طالما أن الأمر يتعلق بمصالح الدول الغربية أو حلفائها كإسرائيل. وما تحظى به إسرائيل لا يحصل عليه أي مخالف أو معتدٍ آخر. فالقانون الدولي خلق لمعاقبة الضعفاء أو المنافسين لمصالح الغرب بحق أو بدون حق، والمعايير المزدوجة هي سيدة الموقف في كل ما يتعلق بالمصالح الغربية. يبدو أن إيران وحلفاءها في المنطقة كانوا أسرى أوهام ورفعوا شعارات كبيرة، ليس فقط أنهم لم يكونوا قادرين على تنفيذها كالقدرة على تدمير إسرائيل أو حرقها أو القضاء عليها أو حتى جعلها تدفع ثمناً باهظاً. وظهر «محور المقاومة» كنمر من ورق ومخترق بشكل كبير. بل وكذلك لم يفهموا طبيعة النظام الدولي القائم ودور إسرائيل فيه كركيزة مهمة للاستعمار الغربي، وللسيطرة على مقدرات المنطقة والتحكم بها، وهذا أضر بشكل كبير بمصالح دول المنطقة التي كان لإيران دور في التأثير عليها سواء من خلال الأنظمة أو المليشيات المسلحة. وفي ساحتنا الفلسطينية وقعنا تحت تأثير المحور الإيراني الفاشل من خلال استخدام تنظيمات كحركتي «حماس» و»الجهاد الإسلامي» كأدوات في مشروع لا يتعلق أساساً بمصلحتنا ولا بإطارنا العربي المحيط. فدخلت الساحة الفلسطينية في انقسام بين تيارين واحد وطني مرتبط بالعلاقة مع الدول العربية المركزية، وآخر مرتبط بإيران وعلى خلاف مع الأنظمة العربية. ودفعنا ثمناً باهظاً من وراء تنفيذ المشروع الإيراني والركض خلف شعارات فارغة وفاشلة تحت مسمى وفكرة «المقاومة». استطاعت إسرائيل توظيف شعارات «محور إيران» بل وساهمت في تعزيز قوة هذا المحور على الساحة الفلسطينية، عبر أشكال الدعم المختلفة للاستفادة منه لتقويض فكرة حل الدولتين، ومنع قيام دولة فلسطينية مستقلة، فالانقسام الذي غذته إسرائيل وحافظت عليه حتى السابع من أكتوبر ساعد اليمين الإسرائيلي في الوصول للحكم وفي تحقيق إنجازات كبيرة على حساب مصالح وحقوق الشعب الفلسطيني الذي دفع ثمناً باهظاً لشعارات «المقاومة» والسلاح المقدس، وفي النهاية بقيت مصالح بعض الفئات هي المقدسة والدم الفلسطيني والمصالح الوطنية ليست مقدسة. الآن انتهى المحور الإيراني وتلاشت شعاراته تحت ضربات إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية، وبقينا مع الاحتلال والاستعمار ليس فقط القائم في المناطق الفلسطينية المحتلة، بل والذي يسيطر على السلوك الأميركي والغربي تجاه المنطقة والعالم. وبقيت الحرب في غزة وتركنا لوحدنا. ولكن هذا لا يعني نهاية المطاف بل يستوجب نظرة واقعية للتعامل مع هذا الواقع لجهة تغييره من خلال دراسة عميقة لموازين القوى، ومعرفة كيف يمكن تعديلها بذكاء دون الوقوع في حسابات خاطئة ومدمرة، كما حصل معنا خلال العقود الماضية وآخرها هجوم السابع من أكتوبر. فالتفكير بهزيمة إسرائيل عسكرياً أو القضاء على وجودها هو ضرب من الخيال ولا علاقة له بالواقع، ولكن يمكن هزيمة إسرائيل سياسياً ودبلوماسياً في الحلبة الدولية وفي مجال حقوق الإنسان والقانون الدولي، ويمكن أيضاً اللعب على الوضع الداخلي في إسرائيل لجهة تعزيز القوى التي تؤيد التسوية السياسية، فالعالم الغربي يمكنه أن يستوعب معادلات سياسية تقوم على ما يؤمن به ويقره المجتمع الدولي الذي يعترف عملياً بدولة فلسطين. فالنضال السلمي والشعبي مقبول ومدعوم دولياً والنضال العنيف غير مقبول ويؤدي إلى خسائر أكبر بكثير من أية إنجازات ممكنة، فهل تعتبر الحركات الفلسطينية مما حدث في المنطقة وتعيد حساباتها؟

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store