انتهت الحرب: راحت الشعارات وبقي الاستعمار
أعلن الرئيس الأميركي عن التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب بين إسرائيل وإيران، والذي بدأ أمس صباحاً وظهراً على التوالي. ويمكن للطرفين ادعاء الانتصار. إيران ستقول إن الاستهداف الإسرائيلي والضربات الأميركية لم تدمر بشكل كامل معداتها ومنشآتها النووية، كما أنها لم تتخل عن قدراتها الصاروخية من جانب، ومن جانب آخر استطاعت توجيه ضربات شديدة للعمق الإسرائيلي أدت إلى إحداث دمار كبير وقتل عدد من المواطنين الإسرائيليين. أما إسرائيل فتستطيع أن تقول إن ضرباتها في العمق الإيراني أدت إلى تدمير المنشآت النووية وقتل عدد كبير من علماء الذرة الإيرانيين، وعدد من القادة العسكريين الكبار في الجيش والحرس الثوري، بمن فيهم رئيسا أركان الجيش الأول والثاني، ودمرت منظومات الدفاع الجوي وسيطرت على الأجواء الإيرانية. ونجحت في إقناع الرئيس ترامب للمشاركة في الهجوم على إيران لتدمير المفاعلات تحت الأرض باستخدام الطيران والقذائف الاستراتيجية. وأن الحرب التي شنتها ستقضي على المشروع النووي الإيراني أو تؤخره لفترة طويلة قادمة.
في الواقع، إيران هي الخاسر الأكبر من هذه الحرب لأنه لا توجد مقارنة بين حجم الدمار والخسائر في إسرائيل وفي إيران. كما أن إسرائيل في حربها ضد إيران، وبرغم أنه عدوان وخرق لقواعد القانون الدولي حظيت بدعم أميركي مباشر من خلال المشاركة الفعلية في الحرب، وبدعم غربي عبّر عن نفسه بتأييد استهداف المنشآت النووية الإيرانية التي اعتبرته فرنسا على سبيل المثال مشروعاً. وعملياً اصطف العالم الغربي مع إسرائيل وهذا يثبت أن العقلية والمشروع الاستعماريين لا يزالان يهيمنان على السلوك الدولي للدول المتنفذة في هذا الكون. وأنه لا وزن ولا اعتبار للقانون والمواثيق والمعايير الدولية طالما أن الأمر يتعلق بمصالح الدول الغربية أو حلفائها كإسرائيل. وما تحظى به إسرائيل لا يحصل عليه أي مخالف أو معتدٍ آخر. فالقانون الدولي خلق لمعاقبة الضعفاء أو المنافسين لمصالح الغرب بحق أو بدون حق، والمعايير المزدوجة هي سيدة الموقف في كل ما يتعلق بالمصالح الغربية.
يبدو أن إيران وحلفاءها في المنطقة كانوا أسرى أوهام ورفعوا شعارات كبيرة، ليس فقط أنهم لم يكونوا قادرين على تنفيذها كالقدرة على تدمير إسرائيل أو حرقها أو القضاء عليها أو حتى جعلها تدفع ثمناً باهظاً. وظهر «محور المقاومة» كنمر من ورق ومخترق بشكل كبير. بل وكذلك لم يفهموا طبيعة النظام الدولي القائم ودور إسرائيل فيه كركيزة مهمة للاستعمار الغربي، وللسيطرة على مقدرات المنطقة والتحكم بها، وهذا أضر بشكل كبير بمصالح دول المنطقة التي كان لإيران دور في التأثير عليها سواء من خلال الأنظمة أو المليشيات المسلحة. وفي ساحتنا الفلسطينية وقعنا تحت تأثير المحور الإيراني الفاشل من خلال استخدام تنظيمات كحركتي «حماس» و»الجهاد الإسلامي» كأدوات في مشروع لا يتعلق أساساً بمصلحتنا ولا بإطارنا العربي المحيط. فدخلت الساحة الفلسطينية في انقسام بين تيارين واحد وطني مرتبط بالعلاقة مع الدول العربية المركزية، وآخر مرتبط بإيران وعلى خلاف مع الأنظمة العربية. ودفعنا ثمناً باهظاً من وراء تنفيذ المشروع الإيراني والركض خلف شعارات فارغة وفاشلة تحت مسمى وفكرة «المقاومة».
استطاعت إسرائيل توظيف شعارات «محور إيران» بل وساهمت في تعزيز قوة هذا المحور على الساحة الفلسطينية، عبر أشكال الدعم المختلفة للاستفادة منه لتقويض فكرة حل الدولتين، ومنع قيام دولة فلسطينية مستقلة، فالانقسام الذي غذته إسرائيل وحافظت عليه حتى السابع من أكتوبر ساعد اليمين الإسرائيلي في الوصول للحكم وفي تحقيق إنجازات كبيرة على حساب مصالح وحقوق الشعب الفلسطيني الذي دفع ثمناً باهظاً لشعارات «المقاومة» والسلاح المقدس، وفي النهاية بقيت مصالح بعض الفئات هي المقدسة والدم الفلسطيني والمصالح الوطنية ليست مقدسة.
الآن انتهى المحور الإيراني وتلاشت شعاراته تحت ضربات إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية، وبقينا مع الاحتلال والاستعمار ليس فقط القائم في المناطق الفلسطينية المحتلة، بل والذي يسيطر على السلوك الأميركي والغربي تجاه المنطقة والعالم. وبقيت الحرب في غزة وتركنا لوحدنا. ولكن هذا لا يعني نهاية المطاف بل يستوجب نظرة واقعية للتعامل مع هذا الواقع لجهة تغييره من خلال دراسة عميقة لموازين القوى، ومعرفة كيف يمكن تعديلها بذكاء دون الوقوع في حسابات خاطئة ومدمرة، كما حصل معنا خلال العقود الماضية وآخرها هجوم السابع من أكتوبر. فالتفكير بهزيمة إسرائيل عسكرياً أو القضاء على وجودها هو ضرب من الخيال ولا علاقة له بالواقع، ولكن يمكن هزيمة إسرائيل سياسياً ودبلوماسياً في الحلبة الدولية وفي مجال حقوق الإنسان والقانون الدولي، ويمكن أيضاً اللعب على الوضع الداخلي في إسرائيل لجهة تعزيز القوى التي تؤيد التسوية السياسية، فالعالم الغربي يمكنه أن يستوعب معادلات سياسية تقوم على ما يؤمن به ويقره المجتمع الدولي الذي يعترف عملياً بدولة فلسطين. فالنضال السلمي والشعبي مقبول ومدعوم دولياً والنضال العنيف غير مقبول ويؤدي إلى خسائر أكبر بكثير من أية إنجازات ممكنة، فهل تعتبر الحركات الفلسطينية مما حدث في المنطقة وتعيد حساباتها؟

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


جريدة الايام
منذ 42 دقائق
- جريدة الايام
تساؤلات كبيرة تحيط بإعلان وقف الحرب
واشنطن - رويترز: عندما أرسل الرئيس الأميركي دونالد ترامب قاذفات قنابل لقصف مواقع نووية إيرانية، مطلع الأسبوع، كان يراهن على أنه يستطيع مساعدة إسرائيل حليفة بلاده في شل برنامج طهران النووي مع عدم الإخلال بتعهده منذ فترة طويلة بتجنب التورط في حرب طويلة الأمد. وبعد أيام قليلة فحسب، يوحي إعلان ترامب المفاجئ بشأن اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران بأنه ربما يكون قد هاجم إيران من أجل إعادتها إلى طاولة المفاوضات. لكن لا تزال هناك قائمة طويلة من التساؤلات الكبيرة التي لم تجد لها إجابة، منها إذا ما كان أي وقف لإطلاق النار يمكن أن يسري بالفعل ويصمد بين خصمين لدودين تحول صراع "الظل" بينهما على مدى سنوات إلى حرب جوية تبادلا فيها الغارات على مدار 12 يوما. وتأكدت هذه المخاوف، اليوم، عندما اتهم ترامب كلا من إسرائيل وإيران بانتهاك الهدنة الهشة خلال ساعات من بدء سريانها. ولا يزال من غير المعروف أيضا الشروط التي اتفق عليها الطرفان وغير مذكورة في منشور ترامب الحماسي على وسائل التواصل الاجتماعي الذي أعلن فيه "وقف إطلاق النار الكامل والشامل" الوشيك، وإذا ما كانت الولايات المتحدة وإيران ستعيدان إحياء المحادثات النووية الفاشلة، ومصير مخزون إيران من اليورانيوم المخصب الذي يعتقد عدد من الخبراء أنه ربما نجا من حملة القصف التي شنتها الولايات المتحدة وإسرائيل. وقال جوناثان بانيكوف نائب مسؤول المخابرات الوطنية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط سابقا، "حقق الإسرائيليون الكثير من أهدافهم... وإيران تبحث عن مخرج... تأمل الولايات المتحدة أن تكون هذه بداية النهاية. يكمن التحدي في وجود استراتيجية لما سيأتي لاحقا". ولا تزال هناك تساؤلات أيضا بشأن ما تم الاتفاق عليه بالفعل، حتى في الوقت الذي عزز فيه إعلان ترامب الآمال في نهاية الصراع الذي أثار مخاوف من اندلاع حرب إقليمية أوسع نطاقا. ومما يشير إلى صعوبة الأيام المقبلة، استغرق الأمر ساعات قبل أن تعلن إسرائيل وإيران قبولهما بوقف إطلاق النار الذي قال ترامب إنه توسط فيه. ومع تبادل الاتهامات بين الجانبين بشأن الهجمات الجديدة، كان ترامب حادا على وجه الخصوص في انتقاده النادر لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمس، حين قال للصحافيين، "يجب أن أجعل إسرائيل تهدأ الآن". ورغم هشاشة وقف إطلاق النار فإن ذلك لم يمنع ترامب وأنصاره من الاحتفاء بما يعتبرونه إنجازا كبيرا لنهج السياسة الخارجية الذي يسمونه "السلام من خلال القوة". وكان ترامب قد أيد ما خلصت إليه إسرائيل عن أن إيران تقترب من تطوير سلاح نووي، وهو ما تنفيه طهران منذ فترة طويلة. وقالت أجهزة المخابرات الأميركية في وقت سابق من العام الجاري، إن تقييمها هو أن إيران لا تصنع سلاحا نوويا، وقال مصدر مطلع على تقارير مخابراتية أميركية لرويترز الأسبوع الماضي، إن هذا الرأي لم يتغير. رد إيران المحسوب جاء إعلان ترامب بعد ساعات فقط من إطلاق إيران صواريخ على قاعدة جوية أميركية في قطر لم تتمخض عن وقوع إصابات، وذلك ردا على إسقاط الولايات المتحدة قنابل خارقة للتحصينات زنة 30 ألف رطل على منشآت نووية إيرانية تحت الأرض مطلع الأسبوع. وقالت مصادر مطلعة، إن مسؤولي إدارة ترامب اعتبروا أن رد إيران كان محسوبا لتجنب زيادة التصعيد مع الولايات المتحدة. ودعا ترامب إلى إجراء محادثات مع إسرائيل وإيران. وقال مسؤول كبير في البيت الأبيض، إن إسرائيل وافقت على وقف إطلاق النار طالما لا تشن إيران هجمات جديدة. وذكر المسؤول، الذي طلب عدم نشر اسمه، أن إيران أشارت إلى أنها لن تشن ضربات أخرى. وأضاف المسؤول، إن ترامب تحدث مباشرة إلى نتنياهو، وكان نائب الرئيس الأميركي جيه.دي فانس ووزير الخارجية ماركو روبيو والمبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف على اتصال مباشر وغير مباشر مع إيران. وتوسطت قطر وساعدت في التواصل مع الإيرانيين. وقال المسؤول في البيت الأبيض، إن إيران أبدت أيضا تقبلها لوقف إطلاق النار لأنها في "حالة ضعف شديد". وعاش الإيرانيون أياما شهدوا فيها قصفا إسرائيليا لمواقع نووية وعسكرية بالإضافة إلى عمليات اغتيال استهدفت عددا من كبار العلماء النوويين والقادة الأمنيين. وتحدث ترامب علنا أيضا في الأيام القليلة الماضية عن احتمالات "تغيير النظام" في إيران. وقال محللون، إن استعداد طهران لإنهاء العمليات القتالية يظهر رغبة في الحفاظ على حكمها الديني. وقالت لورا بلومنفيلد الخبيرة في شؤون الشرق الأوسط بكلية جونز هوبكنز للدراسات الدولية المتقدمة في واشنطن، "أما وقد أعلن ترامب (السلام العالمي) سيكون من الصعب على نتنياهو معارضته علنا". مقامرة ترامب الكبرى يمثل قرار ترامب غير المسبوق بقصف مواقع نووية إيرانية خطوة طالما تعهد بتجنبها، وهي التدخل عسكريا في حرب خارجية كبرى. ولم يراهن ترامب، في أكبر وربما أخطر تحرك في سياسته الخارجية منذ بدء ولايته الرئاسية، على قدرته على إخراج الموقع النووي الإيراني الرئيسي في فوردو من الخدمة فحسب، وإنما لا يستتبع سوى رد محسوب على الولايات المتحدة. وكانت هناك مخاوف من أن ترد طهران بإغلاق مضيق هرمز، أهم شريان نفطي في العالم، ومهاجمة قواعد عسكرية أميركية متعددة في الشرق الأوسط وتفعيل نشاط وكلاء لها ضد المصالح الأميركية والإسرائيلية في مناطق مختلفة من العالم. وإذا استطاع ترامب نزع فتيل الصراع الإسرائيلي الإيراني، فقد يتمكن من تهدئة عاصفة انتقادات الديمقراطيين في الكونغرس وتهدئة الجناح المناهض للتدخل في قاعدته الجمهورية التي ترفع شعار "لنجعل أميركا عظيمة مجددا" بشأن القصف الذي خالف تعهداته الانتخابية. لكن ترامب ومساعديه لن يتمكنوا من تجاهل الشأن الإيراني والتساؤلات العالقة الخاصة به. وتساءل دنيس روس وهو مفاوض سابق لشؤون الشرق الأوسط في إدارات جمهورية وديمقراطية، "هل يصمد وقف إطلاق النار؟... نعم، يحتاجه الإيرانيون، وقد هاجم الإسرائيليون أغلب قائمة الأهداف" التي وضعها الجيش الإسرائيلي. لكن لا تزال العقبات قائمة، إذ يقول روس، "ضعفت إيران بشدة، لكن ما هو مستقبل برامجها النووية والصاروخية الباليستية؟ ماذا سيحدث لمخزونها من اليورانيوم عالي التخصيب؟ ستكون هناك حاجة للمفاوضات، ولن يكون حل هذه المسائل سهلا".


فلسطين أون لاين
منذ ساعة واحدة
- فلسطين أون لاين
تحت سمع العالم وبصره.. الاحتلال يصطاد الجوعى عند نقاط المساعدات
غزة/ عبد الرحمن يونس في قطاع غزة، لم تعد الطرق المؤدية إلى الحياة آمنة، ولا حتى تلك التي يسلكها الجوعى طلبًا لكيس طحين أو علبة طعام. ومع دخول المجاعة شهرها الخامس، واستمرار حرب الإبادة الإسرائيلية للشهر العشرين على التوالي، يخرج الآلاف يوميًا، رجالًا ونساءً وشيوخًا، إلى مناطق خطرة على أطراف غزة الشمالية والوسطى، علّهم يحصلون على ما يسدّ رمقهم ورمق أطفالهم. لكن كثيرين لا يعودون أحياء. في مشهد بات يتكرر بوحشية كل يوم، يتزايد عدد الشهداء والمصابين عند نقاط توزيع المساعدات، حيث تقف قوات الاحتلال على مقربة، تراقب ثم تطلق النار أو تقصف، فتتحول ساحة الانتظار إلى مذبحة. وقد اتهمت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان الاحتلال الإسرائيلي بارتكاب "انتهاكات جسيمة للقانون الدولي"، مؤكدةً أن أكثر من 500 فلسطيني قُتلوا حتى الآن أثناء محاولاتهم الحصول على المساعدات، إضافة إلى آلاف الجرحى. وفي السياق نفسه، قالت حركة حماس إن الاحتلال يستدرج المدنيين إلى مناطق القتل، ويطلق النار عليهم بدم بارد، في واحدة من "أبشع جرائم العصر الحديث". الخبز ثمنه دم بالقرب من منطقة زيكيم شمالي غزة، حيث يحتشد الآلاف حول شاحنات مساعدات محدودة، وقف أبو محمد الهسي، خمسيني من سكان القطاع، يروي تفاصيل المشهد المروّع: "الشهداء ملقون في الشارع الذي نسلكه كل يوم. لا أحد يقدر أن يقترب منهم، فالاحتلال يطلق النار على كل من يتحرك. أمس فقط، انتشلنا جثمان شاب قُتل لأنه أراد كيس طحين. التهمة وحدها كانت كفيلة بإعدامه ميدانيًا. لم نتمكن من إخراجه إلا بعد ساعات من التوسّل والاختباء خلف الحطام". ويتابع: "اعتدنا على الرعب، لكن ما يحدث اليوم يفوق كل وصف. المساعدات تحوّلت إلى مصيدة، والطرقات إلى فخاخ موت". أما محمود غراب، شاب في الثلاثين من عمره، فيقول: "أنا وإخوتي خاطرنا بحياتنا مرارًا لنؤمّن طعامًا لعائلاتنا. أمس، كنّا قرب نقطة التوزيع حين دوّى إطلاق النار. رأينا القذائف تنفجر وسط الجموع. تركنا كل شيء، وركضت لأنقذ ابن عمي الذي أصيب بشظية. سحبته بصعوبة، ونجونا بأعجوبة". ويضيف، بعينين غارقتين بالحزن: "لم أعد أبحث عن المساعدات، بل عن النجاة. الطعام لم يعد أولوية أمام الموت المجاني". الموت المجاني الحكاية تتكرّر، وإن اختلفت الأسماء والمآسي. أنس الخطيب، أب لأربعة أطفال، يقول إنه توجّه أكثر من ست مرات إلى نقاط توزيع المساعدات، لكنه عاد في كل مرة خالي الوفاض. "كنت أظن أنني قادر على جلب شيء لأطفالي الذين لم يذوقوا الخبز منذ أيام. لكنني في كل مرة أعود مكسورًا. رأيت بأم عيني الجرحى والمقطّعين بفعل رصاص الاحتلال وقذائفه. من كنت أراه حيًّا، فجأة يسقط على الأرض جثة هامدة. بعد ما رأيته... لن أعود إلى هناك أبدًا. سأصبر، وأدعو الله أن يُفرّج عنا". تفيد تقارير الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بأن الاحتلال يقيد إدخال المساعدات الإنسانية بشكل منهجي، ويمنع وصول الغذاء والوقود والدواء، في محاولة واضحة لإطالة أمد المجاعة. ومنذ مارس/ آذار الماضي، لم يُسمح سوى لعدد محدود جدًا من الشاحنات بالدخول، عبر آلية تُشرف عليها "الشركة الأميركية" بالتنسيق مع قوات الاحتلال. وقد وُجهت انتقادات واسعة للآلية العسكرية الإسرائيلية في إدارة المساعدات، التي فاقمت الفوضى، وعرّضت المدنيين للخطر، وسط غياب الرقابة أو أي ضمانات للحماية. وبحسب مفوضية حقوق الإنسان، فإن تسليح الغذاء وتحويله إلى وسيلة قتل يرقى إلى جريمة حرب، وقد يشكّل في بعض السياقات جريمة إبادة جماعية. الطوابير.. جبهات موت وسط هذا الجحيم، يواصل أهالي غزة صمودهم، في واحد من أقسى مشاهد القرن. مئات الآلاف من العائلات باتت بلا مأوى، بلا طعام، بلا دواء، وبلا أمل. ومع تفاقم المجاعة وانقطاع المواد الأساسية، أصبح الوقوف في طوابير المساعدات مهمة انتحارية لا تقل خطرًا عن القتال في جبهة حرب. لكن، رغم هذا الموت الجماعي، لا تزال في غزة أرواح ترفض أن تُهزم، وأجساد تصّر على الحياة، ولو على بقايا الحنطة الملطخة بالدم. المصدر / فلسطين أون لاين


جريدة الايام
منذ ساعة واحدة
- جريدة الايام
ترامب يطالب ورئيس المركزي يستبعد خفض أسعار الفائدة
واشنطن - أ ف ب: وجه الرئيس الأميركي دونالد ترامب مجدداً انتقادات حادة لرئيس الاحتياطي الفدرالي (البنك المركزي) الأميركي جيرم باول، أمس، ودعاه إلى خفض معدلات الفائدة، فيما رد باول بأن المركزي غير مستعد لخفض الفائدة. وكتب ترامب "بعد أن تأخر كثيراً. سيحضر جيروم باول من الاحتياطي الفدرالي إلى الكونغرس اليوم (أمس)، ليوضح سبب رفضه خفض معدلات الفائدة من بين أمور أخرى". وأكد الرئيس الأميركي "قامت أوروبا بالتخفيض عشر مرات، ونحن البتة. لا يوجد تضخم، واقتصادنا رائع. يجب أن نخفض معدلات الفائدة بمقدار نقطتين أو ثلاث نقاط مئوية على الأقل"، مؤكداً أن هذا سيوفر للولايات المتحدة "أكثر من 800 مليار دولار سنوياً". وانتقد ترامب باول مرات عدة خلال الأشهر الأخيرة. ووصفه الثلاثاء بـ"الغبي" و"العنيد"، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة ستدفع "ثمن عدم كفاءته لسنوات عديدة مقبلة"، داعياً "مجلس محافظي" الاحتياطي الفدرالي إلى "التحرك"، دون أن يحدد ماهيته. وكان ترامب كتب الجمعة على منصته تروث سوشال، أنه لا يفهم "لماذا لا يطيح مجلس محافظي الاحتياطي الفدرالي بهذا الأحمق. ربما سأضطر لتغيير رأيي بشأن إقالته". وعيّن ترامب خلال ولايته الأولى في العام 2018، باول رئيساً للاحتياطي الفدرالي، في ولاية تنتهي خلال أقل من عام. من جهته، قال باول إن المجلس سيواصل الانتظار ومراقبة كيفية تطور الاقتصاد قبل اتخاذ قرار بشأن خفض سعر الفائدة الرئيس. ويتناقض هذا الموقف بصورة مباشرة مع دعوات ترامب لتخفيضات فورية. وأوضح باول، في تصريحات معدة مسبقاً لإلقائها أمام لجنة الخدمات المالية بمجلس النواب الأميركي: "في الوقت الراهن، نحن في موقف جيد يسمح لنا بالانتظار لمعرفة المزيد بشأن المسار المحتمل للاقتصاد قبل النظر في أي تعديلات على سياستنا". ويواجه باول يومين من الاستجواب القاسي المحتمل أمام الكونغرس، في ظل الدعوات المتكررة له من ترامب لخض أسعار الفائدة. في الوقت الذي دعا فيه الرئيس ترامب مجلس الاحتياطي الفيدرالي، مرارا، إلى خفض أسعار الفائدة. وقرر المركزي بالإجماع، الأسبوع الماضي، الإبقاء على معدّلات الفائدة ضمن هامش يتراوح بين 4.25 في المئة و4.50 في المئة، للمرة الرابعة على التوالي. وكان باول ألمح إلى أن المؤسسة النقدية لا يجب أن تحيد بسرعة عن موقفها المتأني أمام خطر عودة ارتفاع التضخم مع الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب. وبالتالي، خفّض الاحتياطي الفدرالي تقديراته للاقتصاد الأميركي، متوقعاً تباطؤ النمو وارتفاع معدل البطالة والتضخم. ويتوقع محافظو المصارف المركزية في الولايات الأميركية تسارع التضخم إلى 3%، مقابل 2.1% على أساس سنوي سجل في نيسان.