logo
قطر الخيرية تحيي الأنقاض في قرى سوريا المدمرة

قطر الخيرية تحيي الأنقاض في قرى سوريا المدمرة

الجزيرةمنذ 6 ساعات

دمشق – أطلقت مؤسسة قطر الخيرية برنامجا لترميم 1500 منزل في سوريا ، وبدأت المرحلة الأولى بالتعاون مع فريق الاستجابة الطارئة السوري، لترميم 300 منزل في منطقة سهل الغاب بريف حماة الغربي.
ويأتي ذلك في إطار حملة شاملة لترميم المنازل المتضررة أعلن عنها خلال يوم "تحدي ليلة 27" من شهر رمضان الماضي لجمع التبرعات، حيث شهدت تفاعلا شعبيا قطريا واسعا، وتم جمع 220 مليون ريال قطري (الدولار=3.65 ريالات).
ويأتي هذا المشروع امتدادا لجهود قطر الخيرية في دعم الأسر المتضررة في شمال سوريا، عبر إعادة تأهيل المساكن المتضررة وتحسين ظروف المعيشة، بما يُسهم في بسط الاستقرار والأمل للأهالي، لا سيما للنازحين العائدين إلى ديارهم.
إنهاء للمعاناة
وأعلن المسؤول في منظمة الاستجابة الطارئة فراس منصور انطلاق مشروع "بالخير نعمرها" بالتعاون مع مؤسسة قطر الخيرية، لإعادة تأهيل المنازل المتضررة جراء الحرب في شمال سوريا، خاصة بعد التحرير وعودة بعض الأهالي إلى قراهم ومناطقهم.
وقال منصور للجزيرة نت "بعد التحرير، لا تزال معاناة أهلنا مستمرة، ويسعى فريق الاستجابة الطارئة الموجود بينهم لمعالجة أسباب معاناتهم، وأهمها قصف النظام لمنازلهم وتدميرها، ولم تعد صالحة للسكن إلا بعد إعادة ترميم شاملة".
وأوضح أن الفريق بدأ بمسح احتياجات ميداني ودراسات هندسية، وتم عرض النتائج على الشركاء في قطر الخيرية الذين وافقوا على دعم المبادرة، وتم إطلاق الحملة ليلة 27 من رمضان، وحظيت بتفاعل خيري قطري كبير.
وبدأت الحملة -حسب منصور- مرحلتها الأولى بترميم 300 منزل، آملا استمرار الدعم لتوسيع نطاق المشروع وإنهاء معاناة سكان المخيمات، وأضاف "نحن إلى جانب أهلنا دائما، وسنعمل ما بوسعنا لإنهاء واقع المخيمات المأساوي، بدعم من شركائنا ومن أهل الخير".
رسالة دعم
وفي رسالة إلى سكان المخيمات، قال منصور "نعلم أن البعض يفرح بعودة الأهالي إلى مناطقهم، لكن هناك من يقول نحن أيضا نريد العودة. وجعنا واحد، وجرحنا واحد، ولن يلتئم هذا الجرح إلا بعودة الجميع إلى بيوتهم. نعدكم بأن نبقى سندا لكم، وبذل كل الجهود لإنهاء هذه المأساة سريعا، رغم ضخامة الاحتياج الذي يتطلب تضافر الجهود".
ويتم تنفيذ المشروع بالتنسيق مع الجهات المحلية لضمان استهداف الأسر الأشد احتياجا، وتطبيق معايير السلامة والجودة في الترميم، بما يضمن استدامة الأثر الإنساني لهذا التدخل.
من جهته، أعرب مدير إدارة العمليات في قطر الخيرية عبد العزيز جاسم حجي عن فرحته الكبيرة بانطلاق المرحلة الأولى من مشروع ترميم المنازل والمرافق، ووصف ذلك بأنه خطوة واعدة نحو عودة الحياة إلى القرى المدمرة.
وقال حجي للجزيرة نت "تم تدشين المرحلة الأولى من المشروع، الذي يتضمن إعادة ترميم 1500 منزل، إضافة إلى عدة مرافق حيوية مثل المدارس في جميع مراحلها (الابتدائية، الإعدادية، الثانوية)، ورياض الأطفال، وكذلك المحلات التجارية".
وأضاف أن الفكرة تتجاوز مجرد ترميم المنازل، وأن الهدف هو توفير بيئة متكاملة تُمكّن العائدين من الاستقرار مجددا، وقال "نريد للناس، حينما تعود إلى مناطقها، أن تجد خدمات متوفرة، ليس منزلا فقط، بل تجد بقالة، ومدرسة، ومسجدا، ومركزا صحيا، هذا ما نعمل عليه بإذن الله".
وأكد حجي فخرهم بالمشاركة في هذا المشروع، الذي وصفه بأنه "يعيد إحياء القرية"، متوقعا أن يُسهم في عودة آلاف الأُسر إلى أماكنها بعد سنوات من المعاناة والتشريد.
بانتظار القادم
وأشار حجي إلى أن المشروع لا يزال في بدايته، قائلا "هذه فقط المرحلة الأولى، وأمامنا مشوار طويل، ولدينا برامج ومبادرات قادمة بإذن الله، وكل شيء سيأتي في وقته المناسب".
وكشف عن خطط لإنشاء مدينة متكاملة ضمن الزيارات التنسيقية الحالية مع الجهات المختصة، مؤكدا أن "المشاريع ستُنفذ على مراحل متعددة"، وأنهم "ملتزمون بالاستمرار حتى تحقيق أهدافهم".
واختتم حديثه موجها رسالة إلى المهجَّرين "نحن معكم قلبا وقالبا، وشعارنا هو (حياة كريمة للجميع)، وهو ما نسعى لتحقيقه من خلال عملنا".
بدوره، أكد المواطن عمار العمور أن المساعدات القطرية بدأت منذ بداية الأزمة الإنسانية، وأنها وصلت كل خيمة ومنزل منكوب في سوريا، وساهمت في رفع معاناة أبناء الشعب السوري خلال سنوات الثورة.
وأضاف للجزيرة نت "هذا التصرف ليس غريبا على قطر وأهلها تجاه الشعب السوري، التي وقفت معه حتى النهاية، ونحن أهل وفاء، لن ننسى ذلك أبدا".

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

كيف تبدو أولى رحلات الحج من دمشق هذا العام؟
كيف تبدو أولى رحلات الحج من دمشق هذا العام؟

الجزيرة

timeمنذ 3 ساعات

  • الجزيرة

كيف تبدو أولى رحلات الحج من دمشق هذا العام؟

دمشق-"أشعر بسعادة غامرة لأنها المرة الأولى التي أخرج فيها من مطار دمشق مباشرة لأداء فريضة الحج، الأمر الذي سهل عليَّ كل شيء، وخفف من مشقة التنقل على كبار السن." بهذه الكلمات عبّر الحاج ماهر السقا (61 عاما) عن سروره بوجوده في أُولى رحلات الحج التي تنطلق من دمشق مباشرة إلى المملكة العربية السعودية بعد سقوط نظام بشار الأسد المخلوع في الثامن من ديسمبر/كانون الأول الماضي. وأضاف الحاج ماهر في حديث للجزيرة نت: "هذه هي المرة الأولى أيضا التي أشعر فيها بأن الإنسان المؤمن في سوريا أصبح بإمكانه التصرف بما يشاء وكما يشاء دون عوائق أو تضييقات." وكانت أولى قوافل الحجاج قد انطلقت من العاصمة دمشق ، أول أمس الأحد، متجهة إلى مطار جدة السعودي، وضمت القافلة سوريين من جميع المحافظات لأول مرة منذ 12 عاما؛ إذ كان يلجأ الحجاج في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام إلى السفر عبر دول الجوار طيلة تلك السنوات. حضور الشباب وقال محمد منصور، الموجه الديني والمسؤول التنظيمي في مجموعة حجاج "حرة الشام"، إن رحلة الحج هذه المرة تبدو مختلفة تماما، مشيرا إلى "التغييرات الكثيرة" التي طرأت على أسلوب تنظيم الحج لهذه السنة. وكان من أبرز التغييرات عملية التحضير المسبق لرحلات الحجاج، والتي بدأت قبل ثلاثة أشهر داخل سوريا وفي المملكة العربية السعودية، وأصبح بفضلها هناك فرق متخصصة من المشرفين تتولى استقبال الحجاج في مطار جدة، وتأمين انتقالهم إلى مكة المكرمة، ثم إلى الفنادق، ومرافقتهم في أداء المناسك، وصولا إلى المدينة المنورة، قبل العودة إلى دمشق أخيرا. وأكد المسؤول التنظيمي أن هذه الترتيبات لم تكن متوفرة في عهد النظام السابق، إذ كانت تُلقى أعباء تأمينها على عاتق فوج الحجاج وحده، وفقا لما يمكنه تأمينه منها. أما اليوم، فقد تم تأسيس "اللجنة العليا للحج" لتتولى مهمة التنظيم وتوفير مختلف الخدمات، ما شكّل نقلة نوعية في مستوى الرعاية المقدمة للحجاج. ذلك بالإضافة إلى التعديلات التي طرأت على معايير القبول، فبعد أن كان اختيار الحجاج يعتمد في المقام الأول على أولوية السن، أصبح اليوم ما نسبته 65% من المقاعد تُمنح عبر نظام القرعة، فيما خُصصت 35% من المقاعد فقط لكبار السن، ويشير محمد منصور إلى أن هذه المعايير الجديدة أسهمت في زيادة نسبة الشباب ضمن وفود الحجاج "فأعطوا بهمتهم وحيويتهم طابعا خاصا للموسم هذه السنة." وعن إقبال السوريين على الحج، قال منصور إنه عالٍ رغم الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد. واختتم بقوله: "نأمل مع تحسن الأوضاع الاقتصادية بعد رفع العقوبات أن تصبح رحلة الحج أكثر سهولة ويسرا في السنوات المقبلة". فرحة كبيرة وشارك حجاج في مطار دمشق الدولي، ممن قابلتهم الجزيرة نت، مشاعرهم بالفرح والراحة والأمان مع بداية رحلتهم إلى مدينة جدة اليوم الثلاثاء. وقالت الحاجة فاطمة عطية خضر، إنها تشعر بفرح مضاعف؛ لأنها ستؤدي مناسك الحج من جهة، ولأنها تغادر اليوم عبر مطار دمشق الدولي من جهة أخرى، الأمر الذي يجعلها تشعر بأنها متساوية مع الآخرين وفخورة بـ"تحرير سوريا". ومن جهته، يصف الحاج محمد علي رمضان (67 عاما) شعوره في هذا الحج بأنه "يكاد لا يصدق"، مضيفا في حديث للجزيرة نت: "سقوط النظام البائد غيّر كل شيء، فإلى الآن نشعر بداخلنا بالفرح العميق، فالتغيير طال الحج والعبادة وجميع مناحي الحياة." وعن التغيير الذي لمسه في رحلة الحج لهذه السنة، يتابع الحاج محمد: "اليوم بفضل الله صار هناك نظام وتنظيم وأصبح كل الحج مندمجا ضمن تكتلات واحدة، وكل مجموعة حجاج لها مشرف ومعاون وموجه، وهذا الشيء لم يكن متوفرا على عهد النظام المخلوع." مختتما الحاج حديثه بالقول: "وفي نهاية المطاف، فإن حال من يسافر من بلده يختلف كثيرا عن حال من يسافر من دول الجوار." استعدادات استثنائية وحول الاستعدادات في مطار دمشق الدولي لموسم الحج، يقول مصطفى كاج، المسؤول الإعلامي في الهيئة العامة للطيران المدني والنقل الجوي في سوريا، إنها كانت تحضيرات استثنائية هذا العام، خاصة وأنها تمثّل أول انطلاقة حقيقية لموسم الحج بعد التحرير. ويشير الكاج في حديث للجزيرة نت إلى أنه جرى تجهيز صالات جديدة في مطار دمشق الدولي بمساحات واسعة ومزودة بكافة المتطلبات، من أجهزة تكييف مخصصة لتناسب كبار السن إلى غيرها من البنى التحتية الحديثة كأنظمة المراقبة والتفتيش المتطورة لضمان راحة وسلامة الحجاج. ووفقا للمسؤول، فقد تم تشكيل فريق خدمي مكوّن من أكثر من 100 شخص من الذكور والإناث، مهمتهم تسهيل إجراءات الحجاج، ومساعدتهم في التنقل، ونقل أمتعتهم، وتقديم الإرشادات اللازمة منذ لحظة وصولهم وحتى مغادرتهم. ومن جهته، أوضح وزير الأوقاف السوري محمد أبو الخير شكري، أول أمس الأحد خلال جولة تفقدية في مطار دمشق الدولي، أن عدد الحجاج السوريين لهذا العام بلغ 22,500 حاج؛ سيغادرون من سوريا وعدد من الدول الأخرى، في أول موسم حج يُنظَّم بعد "التحرر من النظام البائد". وأشار الوزير إلى أن بعثات الحج السورية تنقسم هذا العام إلى ثلاث بعثات رئيسية: بعثة دينية تشرف على أداء المناسك وتقديم المحاضرات التوعوية، وبعثة إدارية تتولى شؤون السكن والنقل والإعاشة، وبعثة صحية تضم أطباء تابعين لوزارة الصحة، مهمتهم متابعة الحالة الصحية للحجاج طوال فترة الرحلة. وأكد شكري أن جميع الجهات الرسمية من وزارات ومديريات وموظفين، عملوا بروح الفريق الواحد لإنجاح موسم الحج، مشددا على أن تعاملهم مع هذه المهمة كان باعتبارها "عبادة قبل أن تكون وظيفة"، وأنهم على استعداد لتقديم كل ما يلزم لخدمة الحجاج وتيسير رحلتهم.

قطر الخيرية تحيي الأنقاض في قرى سوريا المدمرة
قطر الخيرية تحيي الأنقاض في قرى سوريا المدمرة

الجزيرة

timeمنذ 6 ساعات

  • الجزيرة

قطر الخيرية تحيي الأنقاض في قرى سوريا المدمرة

دمشق – أطلقت مؤسسة قطر الخيرية برنامجا لترميم 1500 منزل في سوريا ، وبدأت المرحلة الأولى بالتعاون مع فريق الاستجابة الطارئة السوري، لترميم 300 منزل في منطقة سهل الغاب بريف حماة الغربي. ويأتي ذلك في إطار حملة شاملة لترميم المنازل المتضررة أعلن عنها خلال يوم "تحدي ليلة 27" من شهر رمضان الماضي لجمع التبرعات، حيث شهدت تفاعلا شعبيا قطريا واسعا، وتم جمع 220 مليون ريال قطري (الدولار=3.65 ريالات). ويأتي هذا المشروع امتدادا لجهود قطر الخيرية في دعم الأسر المتضررة في شمال سوريا، عبر إعادة تأهيل المساكن المتضررة وتحسين ظروف المعيشة، بما يُسهم في بسط الاستقرار والأمل للأهالي، لا سيما للنازحين العائدين إلى ديارهم. إنهاء للمعاناة وأعلن المسؤول في منظمة الاستجابة الطارئة فراس منصور انطلاق مشروع "بالخير نعمرها" بالتعاون مع مؤسسة قطر الخيرية، لإعادة تأهيل المنازل المتضررة جراء الحرب في شمال سوريا، خاصة بعد التحرير وعودة بعض الأهالي إلى قراهم ومناطقهم. وقال منصور للجزيرة نت "بعد التحرير، لا تزال معاناة أهلنا مستمرة، ويسعى فريق الاستجابة الطارئة الموجود بينهم لمعالجة أسباب معاناتهم، وأهمها قصف النظام لمنازلهم وتدميرها، ولم تعد صالحة للسكن إلا بعد إعادة ترميم شاملة". وأوضح أن الفريق بدأ بمسح احتياجات ميداني ودراسات هندسية، وتم عرض النتائج على الشركاء في قطر الخيرية الذين وافقوا على دعم المبادرة، وتم إطلاق الحملة ليلة 27 من رمضان، وحظيت بتفاعل خيري قطري كبير. وبدأت الحملة -حسب منصور- مرحلتها الأولى بترميم 300 منزل، آملا استمرار الدعم لتوسيع نطاق المشروع وإنهاء معاناة سكان المخيمات، وأضاف "نحن إلى جانب أهلنا دائما، وسنعمل ما بوسعنا لإنهاء واقع المخيمات المأساوي، بدعم من شركائنا ومن أهل الخير". رسالة دعم وفي رسالة إلى سكان المخيمات، قال منصور "نعلم أن البعض يفرح بعودة الأهالي إلى مناطقهم، لكن هناك من يقول نحن أيضا نريد العودة. وجعنا واحد، وجرحنا واحد، ولن يلتئم هذا الجرح إلا بعودة الجميع إلى بيوتهم. نعدكم بأن نبقى سندا لكم، وبذل كل الجهود لإنهاء هذه المأساة سريعا، رغم ضخامة الاحتياج الذي يتطلب تضافر الجهود". ويتم تنفيذ المشروع بالتنسيق مع الجهات المحلية لضمان استهداف الأسر الأشد احتياجا، وتطبيق معايير السلامة والجودة في الترميم، بما يضمن استدامة الأثر الإنساني لهذا التدخل. من جهته، أعرب مدير إدارة العمليات في قطر الخيرية عبد العزيز جاسم حجي عن فرحته الكبيرة بانطلاق المرحلة الأولى من مشروع ترميم المنازل والمرافق، ووصف ذلك بأنه خطوة واعدة نحو عودة الحياة إلى القرى المدمرة. وقال حجي للجزيرة نت "تم تدشين المرحلة الأولى من المشروع، الذي يتضمن إعادة ترميم 1500 منزل، إضافة إلى عدة مرافق حيوية مثل المدارس في جميع مراحلها (الابتدائية، الإعدادية، الثانوية)، ورياض الأطفال، وكذلك المحلات التجارية". وأضاف أن الفكرة تتجاوز مجرد ترميم المنازل، وأن الهدف هو توفير بيئة متكاملة تُمكّن العائدين من الاستقرار مجددا، وقال "نريد للناس، حينما تعود إلى مناطقها، أن تجد خدمات متوفرة، ليس منزلا فقط، بل تجد بقالة، ومدرسة، ومسجدا، ومركزا صحيا، هذا ما نعمل عليه بإذن الله". وأكد حجي فخرهم بالمشاركة في هذا المشروع، الذي وصفه بأنه "يعيد إحياء القرية"، متوقعا أن يُسهم في عودة آلاف الأُسر إلى أماكنها بعد سنوات من المعاناة والتشريد. بانتظار القادم وأشار حجي إلى أن المشروع لا يزال في بدايته، قائلا "هذه فقط المرحلة الأولى، وأمامنا مشوار طويل، ولدينا برامج ومبادرات قادمة بإذن الله، وكل شيء سيأتي في وقته المناسب". وكشف عن خطط لإنشاء مدينة متكاملة ضمن الزيارات التنسيقية الحالية مع الجهات المختصة، مؤكدا أن "المشاريع ستُنفذ على مراحل متعددة"، وأنهم "ملتزمون بالاستمرار حتى تحقيق أهدافهم". واختتم حديثه موجها رسالة إلى المهجَّرين "نحن معكم قلبا وقالبا، وشعارنا هو (حياة كريمة للجميع)، وهو ما نسعى لتحقيقه من خلال عملنا". بدوره، أكد المواطن عمار العمور أن المساعدات القطرية بدأت منذ بداية الأزمة الإنسانية، وأنها وصلت كل خيمة ومنزل منكوب في سوريا، وساهمت في رفع معاناة أبناء الشعب السوري خلال سنوات الثورة. وأضاف للجزيرة نت "هذا التصرف ليس غريبا على قطر وأهلها تجاه الشعب السوري، التي وقفت معه حتى النهاية، ونحن أهل وفاء، لن ننسى ذلك أبدا".

مرايا معطوبة.. تعكس المظهر وتخفي الجوهر
مرايا معطوبة.. تعكس المظهر وتخفي الجوهر

الجزيرة

timeمنذ 6 ساعات

  • الجزيرة

مرايا معطوبة.. تعكس المظهر وتخفي الجوهر

في زمنٍ تتسارع فيه وتيرة الحياة وتتداخل فيه القيم مع المغريات، باتت ثقافة الاستهلاك سيدًا متوَّجًا يوجّه سلوك الأفراد والمجتمعات، ويعيد تشكيل ضمائرهم ووعيهم، وحتى مشاعرهم. فلم تعد الحاجة أمّ الاختراع، بل أصبحت الرغبة سيّدة القرار، ولم يعد الإنسان يقيس نفسه بما يملك من فضائل أو مبادئ، بل بما يملك من أشياء. لقد غزت ثقافة الاستهلاك كل زاوية في حياة الناس، وفرضت منطقها الجديد: "كن كما تملك، لا كما تكون"، وهذا المنطق -وإن بدا في ظاهره عصريًّا ومبهرًا، فإنه يحمل في جوهره تحوّلًا خطيرًا في طبيعة الإنسان، وفي علاقته بذاته والآخرين. فلم يعد المظهر وسيلة للتعبير عن النّفس، بل أصبح غاية في حد ذاته، وتحوّل السعي خلف الموضة والرفاهية من خيار إلى واجب، ومن ترف إلى ضرورة. المظهر أولًا.. والجوهر إلى النسيان في ظل هيمنة ثقافة الاستهلاك، أصبح الاهتمام بالمظهر عبادة العصر، وتحوّلت المقاييس من عمق الفكر إلى ماركة الحذاء، ومن دفء القلب إلى بريق الهاتف المحمول! لم يعد الإنسان يُقاس بما يحمل من حكمة أو عطف، بل بساعة يضعها على معصمه، أو سيارة يركبها.. هذه التحولات لم تأتِ من فراغ، بل هي نتاج آلة دعائية جبارة، تُقنِع الناس ليل نهار بأن السعادة تُشترى، وبأن القيمة تُكتسب من الخارج لا من الداخل. تحت هذا التأثير، تبلدت المشاعر، وانكمشت إنسانية الناس، وصرنا إلى زمن تُرى فيه المأساة على شاشة الهاتف، ثم يُمر عليها كما يمر المرء على إعلان ترويجي؛ صار الحزن شعورًا ثقيلًا لا يناسب جدولَ أعمال مزدحمًا بالصورة والتسوق والظهور. لقد أثرت ثقافة الاستهلاك على قدرة الإنسان على الإحساس بالآخر، والتفاعل مع ألمه، لأنه بات يعتبر المأساة استهلاكًا عاطفيًّا لا فائدة منه. المعيشة كحلبة سباق واحدة من أكثر الظواهر خطورة، التي كرّستها ثقافة الاستهلاك، هي نمط الحياة التنافسي المتسارع؛ فلم يعد كافيًا للمرء أن يعيش ضمن إمكاناته، بل بات ملزمًا بمجاراة من حوله في نمط حياتهم، حتى وإن كان ذلك يفوق قدرته المالية. وهنا تبدأ المعركة الأخلاقية بين الرضا بالقليل، أو اللجوء إلى الوسائل الملتوية لتحقيق المزيد. كثيرون اليوم لا يرضون بدخلهم، ليس لأنه لا يكفي حاجاتهم، بل لأنه لا يفي بمتطلبات الصورة التي رسموها لأنفسهم. ولأجل تلك الصورة، يبرر البعض الكذب والغش والاحتيال، ويُسوّغ السرقة، بل ويُجمّل الخيانة! كل ذلك من أجل الحفاظ على وهم النجاح الذي تبيعه ثقافة الاستهلاك تحت اسم "المظهر الاجتماعي". في السابق، كان المنطق يُبنى على أسس أخلاقية وإنسانية، أما اليوم، فتُعاد برمجته وفق معادلة استهلاكية: "إن كان يُباع، فهو جيد؛ وإن لم يكن، فهو لا يستحق النظر"! معايير السوق لا الضمير إن أخطر ما تفعله ثقافة الاستهلاك هو إعادة تشكيل منطق الناس، وتوجيه بوصلتهم الأخلاقية؛ فالأمر لم يعد متعلقًا فقط بما نشتريه أو نلبسه، بل بكيفية فهمنا لما هو صواب وما هو خطأ. في ظل هذه الثقافة، أصبح الحق مرتبطًا بالقوة الشرائية، والباطل هو العجز عن المواكبة.. بات الناس يقيسون الأمور بمعايير السوق لا بمعايير الضمير. في السابق، كان المنطق يُبنى على أسس أخلاقية وإنسانية، أما اليوم، فتُعاد برمجته وفق معادلة استهلاكية: "إن كان يُباع، فهو جيد؛ وإن لم يكن، فهو لا يستحق النظر"! بهذه البساطة، يُختزل التعقيد الإنساني، وتُطمس الفطرة، ويُستبدل العقل بالبطاقة الائتمانية. الأثرياء الحقيقيون لا يكترثون والمفارقة العجيبة أنّ هذا اللهاث وراء المظاهر لا يحدث غالبًا في الطبقات الثرية فعلًا، بل في الطبقات المتوسطة التي تمثّل العمود الفقري للمجتمعات. إعلان هؤلاء الناس الذين يُشقون أنفسهم ليلًا ونهارًا، ويستهلكهم التعب، لا لشيء إلا لمواكبة نمط حياة مصطنع.. قد يستدين أحدهم ليشتري ساعة فاخرة، أو هاتفًا حديثًا، أو حتى سيارة لا تتناسب مع دخله وغير اقتصادية، فقط لمواكبة نمط الحياة الذي يسعى إليه. إنه نزيف خفي للكرامة والطمأنينة، سببه وهم الجماعة وضغط المجتمع، حيث لا يُقاس الإنسان بما يُنجز أو بما يشعر، بل بما يُظهر. والأسوأ أن هذه المحاكاة تنصبّ على صورة نمطية مشوّهة، بينما الواقع يُظهر أن الأغنياء الحقيقيين لا يكترثون لمثل هذه المظاهر الزائفة، فتراهم يرتدون ملابس عادية، ويعيشون ببساطة محسوبة، لأنهم لا يحتاجون لإثبات شيء لأحد. أما المنهكون في دروب الاستهلاك، فهم الذين يقعون في فخ "الاستعراض"، فيغرقون في الديون لا لشيء إلا ليبدو عليهم الثراء، دون أن يملكوه حقًّا.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store