
تحليل معمق- الريال اليمني ينتعش والمجلس الانتقالي يناور.. هل تنهار مصالح حيتان النفط والكهرباء؟
يشهد الريال اليمني تحسنًا سريعًا أمام العملات الأجنبية، وذلك بصورة مفاجئة لم تصاحبها أي استعادة للإيرادات الحكومية من النفط والغاز أو أي دعم مالي خارجي مثل المِنَح والودائع. وقد ارتفع سعر الريال مقابل السعودي إلى 425 ريالًا بعد أن كان 760 ريالًا، ووصل مقابل الدولار إلى 1600 ريال بعد أن كان 2900 ريال.
تزامنت هذه التطورات مع تحركات حكومية منسقة، وإن كانت بسيطة، وشملت خفضًا في أسعار الوقود بنسبة أقل من تحسن سعر الصرف، وتخفيضات في أسعار بعض السلع الأساسية، بالإضافة إلى حملات تفتيش ومداهمات، بعضها كان غير قانوني. هذه الإجراءات تختلف عن التحسنات المفاجئة السابقة.
اتخذت الحكومة والبنك المركزي إجراءات عدة، كان أبرزها إنشاء لجنة لتنظيم الاستيراد وحصر بعض المواد المستوردة، مثل المشتقات النفطية والسلع الأساسية، عبر البنوك فقط. كما تم تشكيل وحدة فنية لتحديد السلع التي سيتم تمويلها، بالإضافة إلى إيقاف عشرات من شركات الصرافة التي لا تتبع للمجلس الانتقالي الجنوبي ومراكزه المالية.
لكن هذه الإجراءات لم تتطرق إلى موارد اللجنة الاقتصادية العليا التابعة للمجلس الانتقالي ولا الجبايات التي تفرضها تشكيلاته العسكرية وحيتان الفساد الذين يبتلعون المحافظات المحررة من الحوثيين. وقد أدان محافظ البنك المركزي علنًا رفض أكثر من 147 مؤسسة حكومية توريد إيراداتها إلى حسابات البنك المركزي، مما يعد إدانة واضحة للمجلس الانتقالي المهيمن فعليًا على القرارين السياسي والاقتصادي.
في خضم التحسن الأخير للريال، سارع المجلس الانتقالي الجنوبي إلى تبني رواية خاصة به، زاعمًا الفضل في هذا الإنجاز الاقتصادي. ومع ذلك، فإن هذه الرواية تتعارض مع العديد من الحقائق على الأرض، مما يثير الشكوك حول مدى جديتها وفعاليتها.
السياسة 'تخطف' الفضل!
أعلن المجلس الانتقالي الجنوبي في السابع من أغسطس/آب، أي بعد أسبوع كامل من بدء تحسن العملة في سوق الصرف، أن هذا التحسن يعود إلى لجنة الموارد السيادية والمحلية برئاسة عيدروس الزبيدي، رغم أن اللجنة التي تأسست في 2022 لم تجتمع سوى أربع مرات خلال ثلاث سنوات. وقد أشاد المجلس بجهود مشتركة مع الحكومة والبنك المركزي، وأكد على أهمية استغلال هذه الفرصة لتوسيع الإصلاحات وضمان استدامتها. وشددت هيئة الرئاسة على ضرورة استثمار هذه الفرصة بتوسيع دائرة الإصلاحات وتحصينها بإجراءات تضمن استدامتها وتعزز ثقة المواطنين.
وتؤكد المصادر أن اللجنة عقدت اجتماعها الثالث في 10 مارس/آذار 2024 واجتماعًا آخر في 5 أغسطس/آب 2025، مما يتماشى مع طبيعة اجتماعاتها النادرة.
وعلى الرغم من أن البيان يكشف عن تقديم المجلس الانتقالي لنفسه كمؤسسة موازية وفاعلة أمام المؤسسات الشرعية، وهو ما يضعف الحكومة المعترف بها دوليًا داخليًا وخارجيًا، إلا أنه يبرز أيضًا البحث عن أي فرصة لتحسين صورته في شارع غاضب في معظم المحافظات الجنوبية يهتف ضد المجلس وقيادته.
في ذات البيان الذي نسب فيه الفضل لنفسه، اعترف المجلس الانتقالي أيضًا بـ'جهود قوية' بجانبه من الحكومة والبنك المركزي. هذا يشير إلى محاولة لتقاسم الفضل مع إبقاء المجلس في موقع القيادة، وكأنه الجهة السيادية الأعلى من مجلس القيادة الرئاسي ومن الحكومة ومن البنك المركزي!
إن توقيت بيان المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي جاء بعد أسبوع من بدء تحسن العملة، ونسبه الفضل إلى لجنة لا تجتمع إلا نادرًا، يوحي بأن هذا الإعلان كان خطوة سياسية تكتيكية تهدف إلى استغلال تطور إيجابي لم يكن المجلس هو المحرك الأساسي له. إنها محاولة واضحة لتعزيز الصورة العامة للمجلس وشرعيته في ظل بيئة سياسية مجزأة، تخشى فيها قيادة المجلس الانتقالي من التراجع للوراء لصالح الحكومة المعترف بها دوليًا. هذا السلوك يشير إلى أن السياسة الاقتصادية في اليمن لا تزال تتأثر بشكل كبير بالسرديات السياسية والصراع على السلطة، مما قد يقوض أي جهود إصلاحية حقيقية تتطلب تعاونًا وتنسيقًا مؤسسيًا.
ولتعزيز سردية القيادة الأعلى، تحدث موقع المجلس الانتقالي في خبر لاحق عن اجتماع بين الزبيدي ووزير النفط لمناقشة إعادة تشغيل مصافي عدن، بطاقة إنتاجية مبدئية تبلغ 6000 برميل يوميًا. ومع ذلك، فقد تكرر هذا الحديث منذ تشكيل مجلس القيادة الرئاسي قبل أكثر من ثلاث سنوات، واعتراض حيتان المجلس الانتقالي الذين منعوا إعادة تشغيلها لصالح شركات استيراد النفط التابعة لقادة المجلس، وشركات الكهرباء المشتراة التي يملكونها.
علاوة على ذلك، فإن الوعود المتكررة وغير المحققة بشأن تشغيل مصفاة عدن، وهي أصل اقتصادي حيوي، تكشف عن فجوة كبيرة بين ما يمكن تسميته 'الخطاب الإصلاحي' للمجلس الانتقالي وقدرته أو رغبته الفعلية في تنفيذ تغييرات اقتصادية جوهرية ووقف الفساد الذي يقوده قياداته. هذا النمط من الوعود غير المنجزة يقلل من ثقة الجمهور في قيادة المجلس الانتقالي والحكومة المعترف بها دوليًا وفي قدرتهما على تحقيق تنمية طويلة الأجل. بل يشير إلى أن تركيز المجلس الانتقالي قد يكون أكثر على الحفاظ على السيطرة السياسية واستخلاص المنافع قصيرة الأجل، وهو ما يتضح من تورطه في ممارسات فساد أخرى سيتم تفصيلها لاحقًا. محطة الحسوة
الكهرباء والنفط.. ثقب أسود يديره الانتقالي
يُعرف قطاع الكهرباء في عدن بأنه مستنزف هائل للموارد العامة للحكومة، حيث يستحوذ على حصة غير متناسبة من الموازنة العامة للدولة. تشير التقديرات إلى أن هذه النسبة تتراوح بين 40% من إجمالي الإنفاق العام الحكومي، وفقًا لما صرح به رئيس الوزراء سالم بن بريك الشهر الماضي، وتصل إلى 80% وفقًا لتقارير سابقة. وعلى الرغم من هذا الإنفاق الهائل، يعاني القطاع من مشكلات حادة، بما في ذلك تدمير البنية التحتية وتراجع القدرة الإنتاجية ليس بسبب الحرب وحدها، بل بسبب الفساد المتفشي في السلطة السياسية والاقتصادية والتجارية التي يقودها بشكل رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي.
كشف تحقيق برلماني أن ميزانية الكهرباء لعام 2023 بلغت 569 مليار ريال، وهي أعلى ميزانية دعم مخصصة للكهرباء، وأن 557 مليار ريال (98% من الميزانية) خُصصت لمستحقات موردي الوقود وقطع الغيار، دون تخصيص أي مبلغ للمشاريع المعتمدة أو المقترحة لمعالجة أزمة الكهرباء. وأكدت اللجنة أن أزمة الكهرباء في عدن ليست بسبب نقص الموارد، بل بسبب سوء إدارتها، وأن الحل يكمن في المساءلة ومواجهة الفساد.
تنفق الحكومة اليمنية 55 مليون دولار شهريًا على كهرباء عدن، ومليار دولار سنويًا على كهرباء المحافظات الجنوبية الخاضعة اسميًا لسيطرتها عبر سبع شركات خاصة لشراء الوقود. لكنها تعجز عن السداد خاصة مع تراجع إيرادات الدولة. كما تعتمد الحكومة على الطاقة المشتراة من شركات قطاع خاص وهي مملوكة لأعضاء وقياديين عسكريين وسياسيين في المجلس الانتقالي.
ومع ذلك يقول مسؤول كبير في الحكومة إن المجلس الانتقالي الجنوبي رفض أي إجراءات لتقويض رجاله التجاريين ومراكزه المالية الجديدة التي نشأت بعد الحرب. وعد المجلس الانتقالي بإجراء إصلاحات عديدة في هذا المسار الخطير قبل الصيف، وهي وعود تستمر كل عام منذ 2019م لكن لم يحدث شيء وكل عام تزداد الأمور سوءًا.
ويشير التقرير البرلماني إلى عدم استغلال قدرات توليدية كبيرة (حوالي 250 ميجاوات)، مثل محطة الرئيس الغازية ومحطة الحسوة، بسبب عدم توفر الوقود أو نقص الصيانة، مما أدى إلى خسائر إنتاجية فادحة. كما تعاني شبكة التوزيع من نسبة فاقد كهربائي مرتفعة بلغت 44% في عام 2023، مقارنة بـ 20% قبل عام 2015، مما أدى إلى خسائر مالية تجاوزت 100 مليون دولار في عام واحد.
وقود الكهرباء هو الموضوع المروع الآخر والذي أصبح بؤرة الكسب غير المشروع. تشير التقديرات الرسمية إلى أن 70% من العملة الأجنبية في اليمن يذهب إلى شراء الوقود. وذهب معظمه في السنوات السابقة، وفقًا لتقرير لجنة مجلس النواب لعام 2023، إلى وقود الكهرباء للمحطات الحكومية والمشتراة، وتظهر الأرقام أن تجارًا جددًا ظهروا بدعم من المجلس الانتقالي سيطروا بطريقة غير مشروعة ولا تشمل المناقصات، وبأسعار تفوق أسعار السوق بمئات الملايين من الدولارات، على سوق توريد الوقود. ولم تتأثر المراكز المالية لتلك الشركات والمجموعات التجارية بأي إجراءات جديدة، كما لم تُفَعَّل أي لجان للمناقصة. وتشير أخبار المجلس الانتقالي إلى أوامر جديدة مباشرة من الزبيدي وهو عضو مجلس القيادة الرئاسي بتوفير شحنة عاجلة للكهرباء بنفس الآلية السابقة دون مناقصات، بل عبر الأصدقاء والمقربين. كيف تعاقب شبكة فساد المجلس الانتقالي الحكومة اليمنية بوقود الكهرباء؟!
وتقول التقارير إن الحكومة تشتري الوقود من الشركات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي لفارق سعر يصل في معظم عقوده لأكثر من 100% عن السعر الحقيقي. حيث العقود لشراء طن متري من الوقود ب1255دولار في وقت كانت قيمة الطن المتري 400 دولار فقط. بينها عقود وقعت في 2022 لصالح شركة إماراتية.
ليس ذلك فقط بل إنه يجري بيع الوقود الخاص بالكهرباء في السوق السوداء. وقال محافظ البنك المركزي أحمد غالب المعقبي في مقابلة في يونيو/حزيران 2023 إن 'الكهرباء ثقب أسود يلتهم جميع موارد الدولة'، مشيراً إلى فساد كبير للغاية حيث يتم تحويل الديزل الخاص بمحطات الكهرباء إلى السوق السوداء لبيعه. والتي تبدو تهمة تنحصر في المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يملك السيطرة الأمنية والتنفيذية في معظم المحافظات الجنوبية الخاضعة لسيطرته.
وقال المسؤول في رئاسة الجمهورية في وقت سابق لـ'يمن مونيتور': إن وجود ميليشيات تدير مدينة عدن والمحافظات الجنوبية تعيق تقديم أي خدمات، فلا توجد سلطة بإمكانها وقفهم. ارتفاع مفاجئ للريال اليمني بعد إجراءات البنك المركزي
فساد بمليارات الدولارات للخارج
وفقًا لرئيس الحكومة السابق أحمد عوض بن مبارك، فإن الحكومة لم تعتمد المناقصات لشراء الوقود منذ تحرير شرائه نهاية عام 2018، مما أدى إلى ظهور شركات وقود كبرى تحتكر القطاع وتورد وقودًا مغشوشًا. وذكر أن حكومته وفرت أكثر من 130 مليون دولار من شراء الوقود بتفعيل لجنة المناقصة فقط خلال ستة أشهر.
وتواجه الحكومة انتقادات بسبب شبهات الفساد في قطاع النفط والطاقة، حيث أعلنت عن وفورات مالية كبيرة في تكاليف نقل وقود الكهرباء، رغم عدم توريد وقود جديد، مما يثير تساؤلات حول دقة الأرقام وشفافيتها. وكشف تقرير برلماني أعدته لجنة تقصي الحقائق عن فساد وتواطؤ بين وزارتي النفط والكهرباء في عدن (التي يديرها المجلس الانتقالي)، مشيرًا إلى تأخير متعمد في تنفيذ عقد شراء الطاقة بوقود المازوت منخفض التكلفة، مما تسبب في خسائر للدولة بلغت 575 مليون دولار وفقًا لوزارة الكهرباء، و107 مليون دولار وفقًا لتقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة.
كما كشف تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة عن فساد مالي وإداري كبير في شركة بترومسيلة لاستخراج وصناعة النفط. ويشير التقرير إلى أن الشركة تصرفت وبددت أموالًا تقدر بمليارات الدولارات دون مسوغ قانوني. كما يزعم أن الشركة غير مؤسسة بشكل صحيح، ولم تستكمل بنيانها، وأن مصيرها وعائداتها غير معروف. ويُتهم رئيسها، المدعوم من المجلس الانتقالي، بفتح شركة باسمه في سلطنة عمان برأس مال قدره 2 مليار دولار.
كما أن شركة بترومسيلة تحجب معلوماتها المالية عن وزارة النفط والهيئة العامة لاستكشاف وإنتاج النفط. وتُتهم الشركة بتجاوز نطاق عملياتها المحدد في قرار إنشائها ليشمل قطاعات نفطية أخرى دون موافقة البرلمان. وقد قامت بحفر آبار فاشلة دون الموافقات اللازمة، مما أدى إلى خسائر مالية تقدر بعشرات الملايين من الدولارات. علاوة على ذلك، يُزعم أن بترومسيلة حولت نحو 1.2 مليار دولار من مبيعات النفط إلى حساباتها في الخارج دون إذن من الحكومة أو وزارة النفط.
إجراءات بعيدة عن إيرادات المجلس الانتقالي
لا تشمل الإجراءات الإصلاحية الاقتصادية التي اتخذتها الحكومة من قريب أو بعيد موارد اللجنة الاقتصادية العليا للمجلس الانتقالي الجنوبي والجبايات الباهظة لتشكيلاته العسكرية. وتشير سندات ظاهرة في قطاع النقل إلى أموال ضخمة يجبيها المجلس الانتقالي لنفسه مباشرة دون توضيح مصيرها، وكذلك الحال بالنسبة للقوى العسكرية والأمنية التابعة له.
كما وقف المجلس الانتقالي الجنوبي حجر عثرة أمام إعادة هيكلة وتنظيم لشركة بترومسيلة -حسب ما يقول مسؤول حكومي مطلع- ورفضت مرارًا الكشف عن محتويات تقارير الرقابة الحكومية التي تتهم قيادة شركة بترومسيلة بنهب مليارات الدولارات في الأشهر الماضية.
منع المجلس الانتقالي لجانًا من مجلس النواب للتحقيق في أداء السلطات المحلية بالمحافظات المحررة. ويهيمن المجلس الانتقالي الجنوبي على جميع المحافظات الجنوبية، ولديه القدرة على إعاقة أي تحركات لمؤسسات حكومية في ظل تماهٍ كامل بين أعضاء المؤسسات الحكومية والمجلس الانتقالي نفسه، مما يعيق أي مسار حقيقي للإصلاح الاقتصادي المستمر.
الاقتصاد الخفي
إن هذه الممارسات لا تمثل حوادث فساد معزولة، بل هي مشكلة منهجية حيث يستغل المجلس الانتقالي الجنوبي بصفته جهة سياسية وعسكرية قوية موارد الدولة لتحقيق مكاسب شخصية أو فئوية. يعمل هذا 'الاقتصاد الخفي' بالتوازي مع الهياكل الرسمية للدولة، وغالبًا ما يقوضها. فحقيقة أن 70% من العملة الأجنبية تذهب للوقود، وأن جزءًا كبيرًا منها يتم اختلاسه، يؤثر بشكل مباشر على استقرار الريال. وبالتالي، فإن أي مكاسب قصيرة الأجل في قيمة العملة، تتحقق من خلال الضوابط الإدارية التي جرى الإعلان عنها، ستظل غير مستدامة طالما استمرت هذه التسربات الهائلة للأموال العامة والعملة الأجنبية، مما يديم حالة عدم الاستقرار الاقتصادي ويعيق التنمية الحقيقية.
علاوة على ذلك، فإن الإجراءات التي يتخذها المجلس الانتقالي، مثل الحفاظ على مؤسسات اقتصادية موازية، ورفضه توريد الإيرادات إلى البنك المركزي، وعرقلة آليات الرقابة البرلمانية، تدل على تآكل خطير في مؤسسات الدولة وتعميق لتجزئة الحكم. فالمجلس الانتقالي، على الرغم من كونه جزءًا اسميًا من الحكومة، يعمل كسلطة موازية، ويضع مصالحه المالية والسياسية فوق استقرار الاقتصاد الوطني ونزاهة المؤسسات. هذا التماهي الكامل بين المجلس وبعض أعضاء المؤسسات الحكومية والسلطات المحلية يعزز سيطرته الفعلية، ويجعل آليات الرقابة الرسمية غير فعالة.
هذه الطريقة من إدارة السلطة تخلق بيئة خصبة للفساد وتجعل الإصلاح الاقتصادي الشامل والمستدام أمرًا مستحيلًا، مما يديم اقتصاد الصراع ويلحق الضرر بالسكان المدنيين من خلال تحويل الموارد بعيدًا عن الخدمات العامة والتنمية.
'حيتان الانتقالي' وعدم الاستقرار الاقتصادي
من جانبها شددت الولايات المتحدة على أن الوقت قد حان لاحترام استقلالية قرار البنك المركزي اليمني في عدن. هذا التأكيد يسلط الضوء على سياق أوسع من التدخلات السياسية في عمليات صنع القرار بالبنك المركزي، مما يقوض سلطته وقدرته على تطبيق سياسات نقدية سليمة. وقد أشادت السفارة الأمريكية بإجراءات محافظ البنك المركزي خلال الأسبوعين الماضيين التي أسهمت في تعزيز قيمة الريال اليمني والحد من المضاربة الجامحة في سوق العملات، مؤكدة على أهمية الحفاظ على استقلالية البنك بعيدًا عن التدخلات السياسية.
واعترف الناطق الرسمي الجديد باسم الانتقالي الجنوبي أنور التميمي بأن الاحتجاجات الشعبية في حضرموت وعدن أدت إلى استشعار خطر من قبل المجلس، وأنه تدخل استجابة لها واستطاع مواجهة مراكز تعمل على تعطيل الإصلاح. ولأول مرة يشير المجلس بطريقة غير مباشرة إلى تباينات واسعة في داخله بشأن مواجهة الفساد مما يؤثر بشكل مباشر على قدرة البنك المركزي على فرض لوائحه والحفاظ على استقرار السوق.
يدرك المجتمع الدولي أن التحسن الأخير في العملة، وإن كان مرحبًا به، إلا أنه هش ويعتمد على قدرة البنك المركزي على العمل بحرية من أي تدخل سياسي. هذا التأكيد على الاستقلالية يشير ضمنًا إلى وجود ضغوط أو تدخلات سياسية قائمة قد تعرقل الإصلاح الحقيقي. وبالتالي، فإن الاستقرار الاقتصادي الحقيقي لا يمكن تحقيقه من خلال تدابير إدارية مؤقتة أو توجيهات سياسية، بل يتطلب مؤسسات قوية ومستقلة قادرة على تطبيق سياسات نقدية ومالية متسقة وشفافة. إن التجزئة السياسية المستمرة والانقسامات الداخلية داخل مجلس القيادة الرئاسي وسلوك المجلس الانتقالي الجنوبي يمثلان تهديدًا مباشرًا لهذه الاستقلالية، مما يديم دورة من الحلول قصيرة الأجل تليها فترات جديدة من عدم الاستقرار.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


اليمن الآن
منذ 32 دقائق
- اليمن الآن
ثلاث كتل نافذة تتصارع.. حرب سيطرة حوثية على مناصب الضرائب والجمارك
يتفاقم صراع الأجنحة داخل جماعة الحوثي حول السيطرة على مصلحة الضرائب والجمارك، بعد دمج المؤسستين في كيان واحد، في وقت تستعد فيه قيادة الجماعة لرفع قيمة الدولار الجمركي من 250 إلى 350 ريالًا، وهي خطوة ستدر مليارات إضافية وتضاعف أهمية هذه المناصب كمصدر نفوذ سياسي ومالي. مصادر مطلعة تؤكد أن ثلاث كتل نافذة تتنافس لفرض وكلائها على رأس المصلحة، في ظل معركة مفتوحة على التحكم بواحدة من أكبر أوعية الإيرادات غير النفطية في مناطق سيطرة الحوثيين. التنافس وصل حد الضغط المباشر من مكتب زعيم الجماعة، الذي سبق أن عيّن رئيس المصلحة إبراهيم علي مهدي بقرار شخصي. وبحسب المعلومات، فإن مكتب الرئاسة الحوثي رشح وكيلين جديدين للجمارك والضرائب، بينما دفع المكتب التنفيذي للجماعة، الذي يقوده عبد الكريم الحوثي، بمرشح لمنصب وكيل الضرائب مع الإبقاء على وكيل الجمارك السابق. وفي المقابل، حاول جهاز الأمن والمخابرات فرض أحد عناصره كوكيل للجمارك، ما فتح جبهة صراع ثلاثية داخل الجماعة. هذا التنازع دفع مكتب زعيم الحوثيين لطرح إعادة هيكلة شاملة للمصلحة، غير أن وزير المالية عبد الجبار الجرموزي تصدى للمقترح، متمسكًا بقرار المجلس السياسي الأعلى في أكتوبر 2024 الذي ألحَق المصلحة بمكتبه، مانحًا إياه سلطة ترشيح الوكيلين. ويخشى الوزير أن تؤدي إعادة الهيكلة إلى إحكام مكتب زعيم الجماعة قبضته الكاملة على المؤسسة، ويفضل بدلًا من ذلك تعيين نائبين لرئيس المصلحة لتقاسم النفوذ. الصراع لا يقف عند حدود التعيينات، بل يمتد إلى خلاف علني مع الغرفة التجارية في صنعاء التي رفضت الزيادات الضريبية والجمركية، وكشفت عن مساعٍ لرفع الدولار الجمركي. في المقابل، حاولت المصلحة امتصاص الغضب بنفي أي زيادة على السلع الأساسية، زاعمة أن التعديلات طالت سلعًا لها بدائل محلية لحماية الإنتاج الوطني. لكن خلف الكواليس، يرى مراقبون أن هذه التبريرات لا تخفي حقيقة أن رفع الدولار الجمركي سيعزز خزائن الجماعة بمليارات إضافية، وأن الصراع الدائر هو في جوهره معركة على من يتحكم بمفتاح هذه الإيرادات، في ظل نظام مغلق يمنح القرار المالي بيد قلة من القيادات المقربة من عبد الملك الحوثي. المصدر: منصة النقار


اليمن الآن
منذ 32 دقائق
- اليمن الآن
الحكومة اليمنية تبدأ معركة جديدة لضبط الاستيراد وإنقاذ الريال اليمني
في تحول مفصلي في ضبط الاستيراد ومحاربة السوق السوداء للعملة، بدأت اللجنة الوطنية اليمنية لتنظيم وتمويل الواردات، الأحد، استقبال طلبات المصارفة والتحويل من رجال الأعمال والشركات والمؤسسات التجارية عبر البنوك وشركات الصرافة، في خطوة وُصفت بأنها تمثل بداية مرحلة جديدة للرقابة على حركة الاستيراد وحماية استقرار العملة الوطنية. محافظ البنك المركزي اليمني، أحمد غالب المعبقي، أكد أن الآلية التنفيذية الجديدة تعمل وفق ضوابط واضحة تضمن الاستقرار المالي وتحد من المضاربة بالعملة، التي كانت أحد أبرز أسباب الانهيار الحاد في سعر الريال خلال العامين الماضيين. وقال إن استقبال الطلبات جاء بعد استكمال الترتيبات، بما في ذلك تحديد السلع التي سيُحصر استيرادها عبر البنوك، لضمان شفافية أكبر وانضباط في حركة التجارة الخارجية. آلية دقيقة وخطوات محددة وفق النظام الجديد، يبدأ التاجر المستورد بتقديم طلب رسمي للبنك أو شركة الصرافة مرفقاً بالوثائق المطلوبة، للموافقة على المصارفة وتحويل قيمة البضاعة. وتتحمل البنوك وشركات الصرافة مسؤولية التحقق من صحة البيانات قبل رفعها إلى اللجنة عبر نموذج معتمد، وخلال أيام العمل الرسمية فقط. وبعد ذلك، تقوم اللجنة بدراسة الطلبات وفحصها، ثم إبلاغ الجهة الوسيطة بالموافقة أو الرفض. ويشدد البنك المركزي على أنه لن يُسمح بدخول أي بضائع عبر المنافذ الجمركية ما لم تستوفِ إجراءات هذه الآلية. التزام صارم وضوابط مشددة المعبقي أوضح أن الالتزام بالضوابط شرط أساسي لنجاح الخطة، بهدف ضبط عمليات الاستيراد وتسهيل تمويلها بما يضمن تدفق السلع للأسواق دون إحداث ضغوط على سعر الصرف. وأضاف أن هذه الخطوة تأتي في سياق مواجهة المخاطر التي تهدد القطاع المالي والتجاري، خاصة بعد تصنيف جماعة الحوثيين 'منظمة إرهابية أجنبية'، وما تبعه من تحديات جديدة أمام حركة الأموال والتحويلات. وأشار إلى أن الآلية الجديدة تمنع استخدام السوق السوداء لشراء العملة الصعبة، الأمر الذي سيقلص من المضاربات التي أفقدت الريال أكثر من نصف قيمته خلال فترات قصيرة. إطار حكومي موحد ورقابة مؤسسية تشكّلت اللجنة الوطنية لتنظيم وتمويل الواردات بموجب قرار رئيس الوزراء بناءً على عرض من محافظ البنك المركزي، وتضم 11 عضواً من الجهات الحكومية المعنية، إضافة إلى ممثلين عن قطاع البنوك وشركات الصرافة والغرف التجارية. ويُنظر إليها كأداة مركزية لفرض رقابة مؤسسية على الاستيراد، وضمان تمويل السلع الأساسية فقط، في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة الناتجة عن الحرب والانقلاب الحوثي. تحسن في سعر الصرف… وتحذيرات من هشاشته على مدى أسبوعين، قادت الحكومة اليمنية، بدعم من مجلس القيادة الرئاسي، حراكاً مكثفاً لضبط السوق المصرفية ومراقبة أسعار السلع. وأسهمت إجراءات البنك المركزي في تحسن سعر صرف الريال من نحو 2900 ريال للدولار إلى 1600 ريال في مناطق الحكومة، فيما يفرض الحوثيون سعراً ثابتاً عند 535 ريالاً في مناطق سيطرتهم. ويعتبر خبراء هذا التحسن مؤشراً إيجابياً لكنه هش، ما لم يتعزز بإجراءات مستدامة مثل ضبط الاستيراد عبر النظام المصرفي وتوفير العملة الأجنبية من مصادر ثابتة، وليس من تدخلات مؤقتة. تحديات واقعية أمام التنفيذ رغم التفاؤل الرسمي، تواجه الآلية الجديدة تحديات، أبرزها التهريب، الاعتمادات الوهمية، وضغوط التضخم العالمي التي ترفع أسعار السلع المستوردة. ويرى اقتصاديون أن نجاح التجربة يتوقف على قدرة اللجنة على فرض رقابة صارمة، ومنع الاستثناءات، والتزام التجار بعدم اللجوء لأسواق موازية. وتحذر تقارير اقتصادية من أن استمرار الصراع وتعدد السلطات النقدية قد يحدّ من أثر الخطوة، خاصة مع إدارة الحوثيين لاقتصاد موازٍ بعيداً عن البنك المركزي في عدن. بداية مسار إصلاحي؟ مع ذلك، يرى محللون أن هذه الخطوة قد تمثل بداية مسار إصلاحي يعيد الاعتبار للنظام المصرفي كقناة رسمية لتمويل التجارة، ويحسن بيئة الاستثمار، ويخفف الضغط على الأسر اليمنية التي أنهكها الغلاء. وفي ظل توقف تصدير النفط، تُعتبر الآلية الجديدة اختباراً لقدرة الحكومة على الموازنة بين تلبية احتياجات السوق الداخلية والحفاظ على الاستقرار المالي، وبين تسهيل حركة التجارة ومنع استغلالها للإضرار بالعملة الوطنية.


يمن مونيتور
منذ ساعة واحدة
- يمن مونيتور
البنك المركزي اليمني يعلن بدأ عمل الفريق التنفيذي للجنة الوطنية لتنظيم وتمويل الاستيراد
يمن مونيتور/ عدن/ خاص: أعلن البنك المركزي اليمني في عدن، يوم الأحد، أن الفريق التنفيذي التابع للجنة الوطنية لتنظيم وتمويل الاستيراد بدأ في ممارسة مهامه بشكل رسمي، وذلك بمباشرة صرف وتغطية طلبات البنوك وشركات الصرافة. ويتم التعامل مع هذه الطلبات وفقاً للأسعار التي حددتها اللجنة، حيث بلغ سعر صرف الدولار الأمريكي 1632.80 ريال يمني، فيما تم تحديد سعر صرف الريال السعودي بـ 428 ريال يمني. ودعت اللجنة الوطنية التجار والمستوردين إلى تقديم طلباتهم الخاصة بالاستيراد عبر البنوك وشركات الصرافة المعتمدة، لضمان مراجعتها والبت فيها وفقاً للآلية التي أقرتها اللجنة. ونهاية الأسبوع الماضي أقرت اللجنة الوطنية لتنظيم وتمويل الواردات المعينة من الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، حصر استيراد 25 سلعة أساسية على البنوك التجارية، في خطوة تهدف إلى تنظيم عمليات الاستيراد، وضبط تمويل التجارة الخارجية، وتوجيهها عبر النظام المصرفي الرسمي. والسلع التي حصر البنك تنويل استيرادها 'المشتقات النفطية، القمح، الأرز، البلاستيك ومشتقاته، الزيوت النباتية، الأدوية، محضرات غذائية، حديد البناء، الدجاج المجمد، السكر، الألبان، الأوراق والكراتين، الجبن، حديد المصانع، البلاط والرخام، فحم، الاسمنت، أخشاب، مكيفات غسالات ثلاجات، ألواح الطاقة الشمسية، الأسمدة، الدقيق، الذرة، الأبلكاش، زيوت نباتية صناعية'. وأشار محافظ البنك المركزي أحمد غالب رئيس اللجنة لتنظيم وتمويل الاستيراد إلى أن بقية السلع من خارج القائمة المحددة والمتوافق عليها من قبل اللجنة الخاصة بتنظيم وتمويل الواردات بالإمكان تمويلها عبر مصادر أخرى بمعرفة وإشراف تام للجنة تنظيم وتمويل الواردات. مقالات ذات صلة