
اليونان في مواجهة انتقادات حقوقية عقب قرارها صدّ طالبي اللجوء
البحر الأبيض المتوسط
، يثير جدالاً وكذلك انتقادات، لا سيّما في أوساط المدافعين عن حقوق الإنسان، فقد صدّق البرلمان اليوناني، يوم الخميس الماضي، على قرار
تجميد طلبات اللجوء
مؤقتاً، لمدّة ثلاثة أشهر، الأمر الذي يتيح إعادة فورية للوافدين في رحلات هجرة غير نظامية من دون دراسة حالات طالبي اللجوء.
وأثار قرار اليونان حفيظة الأمم المتحدة ومنظمات دولية عدّة، إذ وُصف بأنّه انتهاك للقانون الدولي ولاتفاقية جنيف الخاصة بوضع اللاجئين لعام 1951، في حين شدّد رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس على أنّ بلاده سوف تتّخذ كلّ الإجراءات اللازمة من أجل منع إنشاء مسار جديد للهجرة عبر البحر الأبيض المتوسط.
ووصفت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين الإجراء اليوناني المتّخَذ بأنّه انتهاك لالتزامات أثينا الدولية، وشدّدت على أنّ طلب اللجوء حقّ مكفول بموجب القانون الدولي، في كلّ الظروف. وعبّرت عن قلق بليغ إزاء سياسات اليونان الجديدة والمتشدّدة في وجه طالبي اللجوء.
UNHCR expresses serious concern over Greece's legislative amendment suspending for 3 months asylum applications from those arriving by boat from N. Africa.
Greece has a long tradition of offering protection to people fleeing war & persecution. That tradition must be upheld.
pic.twitter.com/KwckH9Gi90
— UNHCR Greece (@UNHCRGreece)
July 10, 2025
من جهتها، وصفت منظمة العفو الدولية قرار اليونان بأنّه "مشين" ويمثّل "خرقاً واضحاً للقانون الدولي"، وأكدت الباحثة لدى المنظمة أدريانا تيدونا أنّه لا يجوز طرد أيّ شخص من دون تقييم لحالته الفردية على حدة. في الإطار نفسه، عبّرت كبيرة المحللين لدى منظمة العفو الدولية ليزا بلينكينبرغ عن قلقها من "تطبيع النموذج اليوناني"، لجهة احتمال استخدامه ذريعة أوروبية لتسريع عمليات الإبعاد الجماعي من دون فحص. وهذا الأمر يعني تعطّل العمل باتفاقية عام 1951 الخاصة بوضع اللاجئين، إذ إنّ عدم دراسة اليونان المخاطر التي قد يتعرّض لها المبعدون إلى بلدانهم الأصلية أو بلدان أخرى تُعَدّ غير آمنة لهم تجعل هؤلاء المبعدين قسراً مهدّدين بالاعتقال والملاحقات القانونية.
وكان وزير الهجرة اليوناني ثانوس بليفريس قد أعلن أنّ بلاده لن تسمح للوافدين من شمال أفريقيا، انطلاقاً من سواحل ليبيا خصوصاً، بتقديم طلبات لجوء عند وصولهم إلى الأراضي اليونانية بطريقة غير نظامية، الأمر الذي من شأنه أن يسرّع عمليات الإعادة من دون إخضاع هؤلاء المهاجرين للإجراءات القانونية المعتادة. يُذكر أنّ نواب اليونان صوّتوا على القرار بغالبية 177 نائباً في مقابل 47 معارضاً.
وعلى الرغم من أنّ حكومة أثينا تعدّ القرار استجابةً لضغوط داخلية، خصوصاً من سكان جزيرة كريت التي تشهد أخيراً تدفّقاً للمهاجرين، فإنّ الأرقام لا تقترب من ذروة تدفّق عام 2015. فعدد الوافدين في يونيو/ حزيران الماضي لم يتجاوز 4.100 مهاجر طالبٍ للجوء، فيما شهد شهر مايو/ أيار الذي سبقه وصول نحو 3.200 طالب لجوء بحسب بيانات مفوضية شؤون اللاجئين. يُذكر أنّ المهاجرين من مصر حلّوا في المرتبة الثانية بعد الوافدين من أفغانستان.
لجوء واغتراب
التحديثات الحية
رئيس وزراء اليونان: بلادنا ليست بوابة بلا حماية إلى أوروبا
اليونان.. من بوابة أوروبا إلى جدار صدّ؟
ومنذ عام 2019، تتبنّى حكومة ميتسوتاكيس سياسات متشدّدة تجاه المهاجرين، بدعم أوروبي متزايد، خصوصاً بعد الاتفاق الأوروبي الجديد حول سياسة اللجوء الذي يمنح الدول حرية أكبر في تطبيق "كوابح الطوارئ" عند زيادة ضغط الهجرة، وتُستخدَم هذه الصلاحيات اليوم من اليونان وألمانيا وإيطاليا بهدف ضبط حدودها.
ونصّت الاتفاقية الأوروبية، بحسب موقعَي البرلمان الأوروبي والمفوضية الأوروبية، على تعديل "لائحة دبلن" التي تضمن الوصول السريع إلى إجراءات اللجوء وفحص طلبات الأشخاص الذين يسعون إلى الحصول على الحماية الدولية بموجب اتفاقية جنيف، فلا يقتصر التعامل مع طلبات اللجوء على الدولة المستقبلة فحسب. كذلك نصّت على تشديد إجراءات فحص المهاجرين عند الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي، مع اختصار مدّة هذه العملية، بالإضافة إلى حفظ بصمات الوافدين الجدد.
ويعني ذلك أنّ الإجراء الجديد الذي سوف تتّبعه اليونان عند حدودها، من بين أمور أخرى، يُبقي المهاجرين عند الحدود التي عبروها. وهو ما تذرّعت به أخيراً ألمانيا، بدورها، لتشديد قبضتها على حدودها ومنع دخول أيّ طالب لجوء، بل دراسة ترحيله قبل أن يصير من ضمن نظام قانونية اللجوء.
ويسعى وزير الهجرة بليفريس إلى تصدير النموذج اليوناني بوصفه مرجعية أوروبية جديدة، مشيراً إلى أنّ "المهاجرين غير النظاميين لن يجدوا ملاذاً آمناً في أوروبا بعد الآن"، وأنّ الهدف هو إيصال رسالة واضحة لشبكات التهريب مفادها "لن يُسمَح لأحد بالدخول ثمّ المطالبة باللجوء". وكانت اليونان قد شرعت في بناء مجمّعات مغلقة، تحت مراقبة إلكترونية مشدّدة ومسيّجة بأسلاك شائكة، الهدف منها ليس دراسة ملفات اللجوء بل تسهيل إعادة الأشخاص من حيث أتوا. ويُروَّج لهذا التحوّل بوصفه وسيلة للحدّ من "جاذبية" اليونان وجهةً للمهاجرين.
ويحظى ما تنتهجه اليونان بدعم اليمين المتشدّد في أوروبا، إذ عبّرت شخصيات مثل وزيرة الهجرة السابقة في الدنمارك إنغا ستويبرغ عن تأييدها له، ودعت إلى "حملات توعية مدفوعة" من خلال إعلانات في صحف الدول الأصلية لثني المهاجرين عن "الحلم الأوروبي". وفي الإجمال، تشير سياسات اليونان المستجدّة إلى تحوّل جذري من بلد عبور واستقبال في خلال أزمة اللجوء عام 2015 إلى دولة حاجز تتصدّر الجبهة الأوروبية في صدّ طالبي اللجوء.
لكنّ هذا التحوّل، وإن كان يحظى بدعم سياسي داخلي وأوروبي، يضع اليونان أمام اختبار أخلاقي وقانوني دولي، خصوصاً مع تزايد المخاوف من أن تتحوّل "حماية الحدود" إلى تجاهل للحقوق الأساسية لطالبي اللجوء. فهل يمكن للاتحاد الأوروبي أن يحقّق "توازناً مستحيلاً" ما بين ضبط الحدود وحماية حقوق الإنسان؟ هذا ما سوف يحدّده المقبل من السياسات... وربّما القوارب.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 4 ساعات
- العربي الجديد
أكثر من ازدواجية معايير... إنّها عنصرية واحتقار
في حوار معه، قال والد سيف الله مصلط، الشاب الأميركي البالغ 20 عاماً، الذي سقط ضحية إرهاب المستوطنين الإسرائيليين، إنه لم يتلقَّ أيّ اتصال من الإدارة الأميركية، سواء البيت الأبيض أو الكونغرس، ولا حتّى من سلطات ولاية فلوريدا، مسقط رأس ابنه. وأضاف الوالد المكلوم لموقع زيتيو المستقلّ، الذي يديره الصحافي البريطاني مهدي حسن: "لو كان الضحية أميركياً إسرائيلياً، لكان التعاطي مختلفاً تماماً، لكنْ لأنه فلسطيني أميركي، أشعر أن معاييرنا مختلفة، ثمّة عالمان مختلفان تماماً". ذكّرنا هذا الحادث بردّة الفعل الأميركية لمّا كان مواطن آخر إسرائيلي يحمل الجنسية الأميركية أسيراً لدى المقاومة الفلسطينية في غزّة، وكيف هدّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بتحويل المنطقة كلّها جحيماً إذا لم يُطلَق سراحه، وقد كان جندياً يقاتل في صفوف جيش محتلّ. لكن عندما تعلّق الأمر بمقتل أميركي من أصل فلسطيني، لم يُدلِ الرئيس أو نائبه، جي دي فانس، بأيّ تصريح علني بشأن هذه الجريمة. ليس هذا التواطؤ الرسمي الأميركي جديداً، فقد تكرّر الموقف نفسه في حالات سابقة كان فيها الضحايا أميركيون من أصول فلسطينية، والشاهد الأكبر عندنا الموقف المتخاذل للإدارة الأميركية عندما قتل قنّاص إسرائيلي الصحافية الأميركية، من أصول فلسطينية، شيرين أبو عاقلة. التواطؤ الرسمي الأميركي تكرّر في حالات سابقة كان فيها الضحايا أميركيون من أصول فلسطينية، كما في الموقف المتخاذل من مقتل الصحافية الأميركية، من أصول فلسطينية، شيرين أبو عاقلة، برصاص قنّاص إسرائيلي لم يعد الأمر يتعلّق بازدواجية المعايير في التعاطي مع الضحايا الأميركيين من أصول فلسطينية مقارنة بنظرائهم من أصول إسرائيلية، وإنما تجاوزه إلى نوع من التغاضي المتعمّد إلى درجة الاحتقار والعنصرية المقيتة، ليس في أميركا فحسب، وإنما في كلّ عواصم الدول الغربية التي تستنكر وتدين وتهدّد وتتوعّد، عندما يتعلّق الأمر بإسرائيلي يحمل جنسيتها، حتى لو كان مرتزقاً في صفوف جيش الاحتلال، وتصمت (وتغضّ الطرف) عندما يُهان ويسجن ويعذّب ويجوّع ويقتل مواطنوها من أصول فلسطينية يومياً في غزّة، وكلّهم مدنيون، بينهم أطباء ومهندسون وطلّاب جامعات ومواطنون عاديون يذبحون يومياً، وسط صمت (وتواطؤ) حكومات الدول الغربية التي يحملون جنسياتها. وقع الأسبوع الماضي حدث أكبر، تعلّق الأمر بقصف طائرات الاحتلال "كنيسة العائلة المقدّسة" شرقي مدينة غزّة، ما أدّى إلى استشهاد ثلاثة أشخاص وإصابة تسعة آخرين. بالنسبة إلى من يتابع حرب الإبادة التي تشنّها إسرائيل في غزّة، منذ نحو 22 شهراً، هذا حدث عادي، روتيني، لأن أهالي غزّة يستيقظون، في كلّ يوم، على قصف أحيائهم وتدمير بيوتهم وحرق مخيّماتهم وهدم مستشفياتهم ومحو معالم مدنهم. ووسط هذا الدمار الهائل كلّه يسقط الشهداء كلّ يوم بالعشرات، بل بالمئات، أغلبهم من المُجوَّعين والعطشى والمرضى والمصابين الذين يُعدَمون داخل المستشفيات. يحدث هذا كلّه وسط صمت وتواطؤ العالم. لكن مع قصف آخر كنيسة ظلّت صامدةً في غزّة، والكنيسة الكاثوليكية الوحيدة في القطاع، سنشهد تحولاً كبيراً في ردّة الفعل الدولية، خاصّة الغربية، فجأة استيقظ ضمير حكومات الغرب وتتالت الإدانات والشجب، والمطالب بفتح التحقيقات ووقف الحرب، وصدرت التصريحات المعبرة عن الغضب والحزن قويةً من الأمم المتحدة، ومن بابا الفاتيكان، وتكرّرت الدعوات إلى احترام أماكن العبادة وضمان سلامة المدنيين من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي تذكّر فجأةً وجود مسيحيين فلسطينيين يعيشون الجحيم في غزّة. وحمّلت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني إسرائيلَ مسؤوليةَ الهجوم على الكنيسة، مستنكرةً مثل هذا "السلوك العسكري غير المقبول"، كما لو كان تدمير باقي مدن القطاع وأحيائه وحرب الإبادة التي تشنّها إسرائيل منذ زهاء عامَين "سلوكاً عسكرياً مقبولاً"، لأنه لم يسبق لرئيسة وزراء إيطاليا (اليمينية) أن استنكرت ما يحدث في غزّة من خراب وتقتيل، وغالباً بسلاح وذخيرة إيطاليَّين. أمّا الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الشريك الفعلي في جرائم حرب الإبادة في غزّة، فقد اعتبر استهداف كنيسة غزّة مجرّد "خطأ،" وأعرب عن "ردّة فعل غير إيجابية" لدى علمه بما وقع. هذه الضجة المفتعلة، والغيرة المنافقة على أماكن العبادة، والحرص الكاذب على سلامة المدنيين الغزّيين، لم نجد لها أيَّ أثر عندما قصفت إسرائيل المصلّين داخل المساجد وحوّلتهم أشلاءً، ولا حين هدمت أكثر من 1100 مسجد في غزّة وسوّتها بالأرض، منها المسجد العمري الكبير، الذي يُعَدّ من أقدم مساجد غزّة وأعرقها، ويعود بناؤه إلى ما قبل الإسلام، عندما كان كنيسةً بيزنطيةً، وهو بالتالي إرث حضاري بشري، وأثَرٌ إنساني عريق، ومع ذلك دمّر من دون أن يثير ذلك أيّ ردّات فعل دولية. ما نشهده ليس ازدواجية معايير، بل يتعلّق الأمر بانحدار نحو حروب دينية يحاول متطرّفون صهاينة إذكاءها وفقاً للقانون الإنساني الدولي، فالاستهداف المتعمّد للمباني الدينية في أثناء النزاع جريمة حرب. لكن، علينا في حرب غزّة، والحروب التي تقودها إسرائيل كلّها في المنطقة، أن نسجّل وجود استثناء يجب إضافته إلى نصوص "القانون الدولي الجديد"، في حالة ما إذا كانت المواقع الدينية المُستهدَفة "إسلاميةً" أو"مسيحيةً" أو"يهوديةً"، فإنّ ردّات الفعل الدولية لن تكون هي نفسها. في مطلع شهر يوليو/ تموز الجاري، أضرم المستوطنون في الضفة الغربية النار في الموقع الأثري التابع لكنيسة القديس جاورجيوس، العائدة إلى الحقبة البيزنطية في القرن الخامس للميلاد، زار السفير الأميركي مايك هاكابي، وهو مسيحي إنجيلي صهيوني من أشدّ مناصري إسرائيل، الموقع لإظهار تضامنه مع سكّان المنطقة المتضرّرة، واستنكار ما وصفه بـ"العمل غير المقبول"، و"الإساءة لمكان من المفترض أن يكون مكان عبادة"، قبل أن يضيف "يجب أن يدفع الناس ثمناً إذا دمّروا ما هو مقدّس ويخصّ الله"، لكنّ المفارقة أن السفير نفسه يصمت عن كلّ الانتهاكات والتدنيس الممنهج للأماكن المقدّسة الإسلامية في الضفة الغربية وفي غزّة، وفي القدس بالقرب من مقرّ سفارته، إذ يدنّس وزراء ونوابٌ إسرائيليون، ومستوطنون محميون من عناصر الشرطة الإسرائيلية، المسجدَ الأقصى، ويعتدون على المصلّين، كلّ أسبوع تقريباً من دون مبالغات. أليس المسجد الأقصى هو ثالث أقدس مكان بالنسبة لمليارَي مسلم، أي ربع سكّان العالم؟ ألا يتعلّق الأمر ببيت من بيوت الله، أو "مكان يخصّ الله"، على حدّ تعبير السفير هاكابي؟ لماذا يريدون إقناعنا أنّ الفلسطيني المسيحي أكثر أهمية من الفلسطيني غير المسيحي؟ وأنّ الجنسية الأميركية درجات حسب دم ودين وأصل الذي يحملها؟ وأنّ الأماكن المقدّسة هي بيوت الله عندما يُرفع فوقها الصليب والشمعدان، وهي مجرّد خراب عندما تكون صوامعَ وقبباً فوقها الهلال الإسلامي؟... ما نشهده ليس ازدواجية معايير، لأن هذه أصبحت إحدى معايير القانون الدولي في نسخته الغربية الجديدة ما بعد حرب أوكرانيا وحرب الإبادة في غزّة، يتعلّق الأمر بانحدار خطير نحو حروب دينية يحاول متطرّفون صهاينة في إسرائيل إذكاءها، يساعدهم الغرب المسيحي بنفاقه وازدواجية معاييره بالنفخ في رمادها. إنهم يقرّبون النار من الحطب.


العربي الجديد
منذ 4 ساعات
- العربي الجديد
أكثر من 100 منظمة إغاثية وحقوقية تدعو لتحرك مع انتشار الجوع في غزة
دعت أكثر من 100 منظمة إغاثية وحقوقية اليوم الأربعاء الحكومات إلى اتخاذ إجراءات مع انتشار الجوع في غزة بما في ذلك المطالبة بوقف فوري ودائم لإطلاق النار ورفع جميع القيود المفروضة على تدفق المساعدات الإنسانية. وحذرت المنظمات في بيان وقعته 111 منظمة، بما في ذلك "ميرسي كور" و"المجلس النرويجي للاجئين" ومنظمة "ريفوجيز إنترناشونال"، من انتشار المجاعة الجماعية في جميع أنحاء القطاع في الوقت الذي تتكدس فيه أطنان من المواد الغذائية والمياه النظيفة والإمدادات الطبية وغيرها من المواد خارج غزة مع منع المنظمات الإنسانية من الدخول أو إيصال المساعدات. وقالت المنظمات في بيانها "في الوقت الذي يُجوع فيه الحصار الذي تفرضه الحكومة الإسرائيلية سكان غزة، ينضم عمال الإغاثة الآن إلى طوابير الغذاء نفسها، ويخاطرون بالتعرض لإطلاق النار لمجرد إطعام عائلاتهم. ومع نفاد الإمدادات الآن بالكامل، ترى المنظمات الإنسانية زملاءها وشركاءها وهم يذبلون أمام أعينهم". وأضاف البيان "لقد تسببت القيود التي تفرضها حكومة إسرائيل والتأخير والتجزئة التي تمارسها في ظل الحصار الشامل في خلق حالة من الفوضى والمجاعة والموت". ودعت المنظمات الحكومات إلى المطالبة برفع جميع القيود البيروقراطية والإدارية، وفتح جميع المعابر البرية، وضمان وصول الجميع إلى كل أنحاء غزة، ورفض التوزيع الذي يتحكم به جيش الاحتلال الإسرائيلي واستعادة "استجابة إنسانية مبدئية بقيادة الأمم المتحدة". وجاء في البيان "يجب أن تسعى الدول إلى اتخاذ تدابير ملموسة لإنهاء الحصار، مثل وقف نقل الأسلحة والذخيرة". واستشهد أكثر من 800 شخص في الأسابيع الأخيرة أثناء محاولتهم الوصول إلى الغذاء معظمهم في عمليات إطلاق نار جماعي نفذها جنود إسرائيليون بالقرب من مراكز التوزيع التابعة لـ" مؤسسة غزة الإنسانية "، المدعومة أميركياً وإسرائيلياً. ووجهت منظمات إنسانية بما فيها الأمم المتحدة انتقادات شديدة للمؤسسة غزة بسبب افتقارها للحيادية. قضايا وناس التحديثات الحية أبو حسنة: مساعدات "أونروا" المكدسة تكفي غزة 3 أشهر ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 تشن إسرائيل حرب إبادة جماعية بغزة، تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها. وخلفت الإبادة، بدعم أميركي مطلق، أكثر من 201 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم عشرات الأطفال. وللمرة الأولى منذ بدء الحرب، يقول مسؤولون فلسطينيون إن عشرات يموتون الآن أيضا من الجوع. (رويترز، العربي الجديد)


العربي الجديد
منذ 4 ساعات
- العربي الجديد
لماذا يعجز حمزاوي أن يكون مثل هذا الصهيوني؟
من جديد، يأتي الفحيح ضدّ المقاومة، يدخلون هذه المرّة من بوابة المجاعة القاتلة التي تعصف بالشعب الفلسطيني في غزّة، المجاعة التي يتّخذها العدوان الصهيوني خطّة حربٍ في مشروعه الذي يستهدف، أولاً وأخيراً، إخلاء قطاع غزّة من الفلسطينيين، في ظلّ صمتٍ وتواطؤٍ عربيَّين يبلغان حدّ المشاركة الفعلية في هذا المشروع الشرّير الهادف إلى إخلاء الشرق الأوسط كلّه من أيّ مشاريع لمقاومة الاحتلال، الذي لم يعد يسمّى "احتلالاً" عند معظم جيرانه العرب، أشقاء فلسطين سابقاً. لم يعد المصدر الوحيد للفحيح مثقّفون ومتثاقفون عرب من المشتغلين في سوق "ثقافة السلام"، موزّعين رئيسيين وباعةً صغاراً يسرحون ببضاعة فكرية فاسدة في مواسم ومناسبات بعينها، بل صار يأتي كذلك من حفنةٍ من أهل القضية أنفسهم، لديهم من الأساس أزمةً نفسيةً مع الفصيل الأكبر للمقاومة في غزّة، لا يحملون أدوات الخيانة الوطنية ويشتغلون بها على الأرض مثل مليشيا أبو شباب، التي تعمل لمصلحة العدو الصهيوني ورجله المخلص في رام الله، لكنّهم يحملون ألسنة بذيئةً وقلوباً مريضة تحمّل المقاومة، فكرةً ومشروعاً، المسؤولية عما يتعرّض له الشعب الفلسطيني في غزّة ومدن الضفة، منطلقين من إدانة مسبقة لمبدأ المقاومة المسلّحة، من قبل "طوفان الأقصى" وبعده، أو بالحد الأدنى اعتبارها انتحاراً بالنظر إلى الفجوة الهائلة بين قوتها وقوة جيش الاحتلال. أمثال عمرو حمزاوي وإبراهيم عيسى وعيّنات منهما تجدها في عواصم عربية أخرى، يصدرون من مقاربة شديدة الضحالة من الصراع مع الكيان الصهيوني، إذ تنحصر المسألة بالنسبة لهم في مجرّد نزاع بين طرفَين أصيلين على أرض واحدة، جارَين أو متنافسَين، وهي نظرة لا تعدو المقدمة المنطقية الفاسدة التي تؤدّي حتماً إلى خلاصاتٍ ونتائج فاسدة، تتعارض مع القانون الأخلاقي ومع الفطرة الإنسانية السليمة. لذا ليس غريباً أن يستأنف المواطن الشرق أوسطي عمرو حمزاوي نشر هرائه السياسي والمعرفي، فيذهب إلى أن ما حدث في" 7 أكتوبر" (2023) لم يخدم القضية الفلسطينية، بوصفه نوعاً من "المغامرات العسكرية غير المحسوبة تُهدد حقوق الفلسطينيين"، ثمّ لا ينسى أن يغمز بدلال للأنظمة العربية المتواطئة بالصمت زاعماً: "ولولا الحاضنة العربية والدولية لكانت الأوضاع أسوأ بكثير ممّا هي عليه الآن". ليس هذا الغنج السياسي جديداً عليه، فهو الشخص نفسه الذي سبق أن دان انتفاضة السكاكين الفلسطينية في مدن الضفة الغربية ضدّ اعتداءات الصهاينة على مدن الضفة الغربية وبلداتها عام 2015، حين هدموا البيوت وأهانوا النساء والشيوخ وحرقوا الطفل الرضيع في مهده، فذهب حمزاوي إلى إدانة انتفاضة السكاكين، منطلقاً من المساواة بين اللصّ وصاحب البيت المُعتدى عليه، بالقول "إذا كنا ندين الاعتداءات المتكرّرة للمستوطنين المجرمين، وهم جميعاً كذلك، وبغض النظر عن مدى تورّطهم في ممارسة العنف اليومي ضدّ الفلسطينيين، لأن فعل الاستيطان يمثّل في ذاته جريمةً وعنفاً، فإننا لا نملك ترف الصمت على انجرار بعض الفلسطينيين إلى العنف المضاد". كما قلت مراراً، القضية في نظر الحمزاويين العرب هي عنف وعنف مضاد، وكأنّ الطرفَين شريكان يتنازعان على قطعة أرض، أو أسهم شركة، للأول فيها مثل ما للثاني، أو جارن يتنازعان على أسبقية الريّ، وليست قضية مقاومة احتلال وتحرير أرض، يحقّ لأصحابها (بل يجب عليهم) استخدام كلّ ما تصل إليه أيديهم من سلاح، حجراً كان، أم سكّيناً، أم عبوات حارقة، أو صواريخ. هذا الحقّ لا تكفله المواثيق الدولية وقرارات الأمم المتحدة والأخلاق والفطرة الإنسانية فقط، بل يعترف به صهاينة أقحاح مثل عامي أيالون، الرئيس الأسبق لجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك) بين عامي 1996 و2000، الذي قال في مقابلة مع قناة ABC الأميركية (مارس /أذار 2024): "لو كنت فلسطينياً أعيش تحت الاحتلال، لقاتلت إسرائيل من أجل الحرية"، ثمّ فصّل المسألة في حوار مع صحيفة معاريف الإسرائيلية في سبتمبر 2024، بالقول: "إذا جاء شخص وسرق أرضي، سأحاربه بلا حدود"، مشيراً إلى أن الفلسطينيين يروْن أنفسهم شعباً يطالب بالاستقلال، وليس مجرّد أفراد يبحثون عن احتياجات أساسية مثل الطعام". يبقى أن اشتراط التكافؤ في موازين القوة بين شعب يبحث عن الاستقلال واحتلال مسلّح بترسانة عسكرية هائلة هو قياس أقرب للدياثة الفكرية، لا يصمد أمام تجارب الأمم المناضلة من أجل حريتها عبر التاريخ، فلم تكن موازين القوى متقاربةً حين هبّت الثورات الشعبية المصرية منذ الاستعمار الفرنسي والاحتلال البريطاني بعد ذلك، وعمليات الفدائيين في مدن القناة، وصولاً إلى ملحمة الشعب في السويس، كما لم تكن قوة ثوار الجزائر مكافئةً لغطرسة قوة الاستعمار الفرنسي، والأمر نفسه في فيتنام ضدّ الامبراطورية الأميركية، ما يعني أن الشعوب تقاوم وتحارب من أجل التحرير في كلّ وقت، بما استطاعت إليه سبيلاً من سلاح، صواريخ كانت أم سكاكين أو حتى بأظافرها، ودون ذلك هو العار.