
مصر وأزمة شرق الكونغو
بهجوم شنّه متمردون تقودهم عرقية «التوتسى» المدعومة من رواندا تجدّدت فى يناير الماضى أزمة منطقة شرق الكونغو الديمقراطية، التى تعود إلى حوالى ثلاثة عقود، والتى تتناحر فيها أكثر من مائة مجموعة مسلحة مع جيش الدولة الإفريقية الشقيقة، للسيطرة على مناجم هذه المنطقة القريبة من الحدود الرواندية، والغنية بالكوبالت والليثيوم واليورانيوم والمعادن والثروات الطبيعية الأخرى.
هذه الأزمة ناقشها الرئيس عبدالفتاح السيسى فى مكالمتين تليفونيتين أجراهما، الخميس الماضى وأمس الأول السبت، مع الرئيس الرواندى بول كاجامى، وفيليكس تشيسيكيدى، رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية. وفى المكالمتين، أكد الرئيس حرص مصر على تقديم الدعم الكامل لكل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى تهدئة الأوضاع فى تلك المنطقة، والتوصل إلى حل سياسى سلمى يستعيد السلم والأمن الإقليميين، ويعود بالنفع على الشعبين الكونغولى والرواندى، ويحقق تطلعاتهما، وتطلعات كل شعوب القارة السمراء إجمالًا إلى الرخاء والازدهار.
السبب الرئيسى لهذه الأزمة، أو للصراعات المسلحة فى جمهورية الكونغو الديمقراطية، كما أشرنا، هو السيطرة على المناجم التى تزوّد كبرى الشركات العالمية بالمعادن اللازمة للصناعات التكنولوجية المتطورة، إذ تنتج الدولة الشقيقة، مثلًا، حوالى ٧٠٪ من الكوبالت، وتشير التقديرات، بشكل عام، إلى أن لديها ما قيمته ٢٤ تريليون دولار من الثروات المعدنية غير المستغلة. وهنا، قد تكون الإشارة مهمة إلى أن البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، حين زار الدولة الشقيقة، فى فبراير ٢٠٢٣، أدان «الاستغلال» الذى تتعرّض له إفريقيا بسبب «الاستعمار الاقتصادى الذى حلّ مكان الاستعمار السياسى»، وأكد أن القارة الإفريقية «ليست منجمًا معروضًا للاستغلال، ولا أرضًا مستباحة للنهب»، وقال مخاطبًا لصوص ثروات القارة السمراء، ومصاصى دماء شعوبها: ارفعوا أيديكم عن جمهورية الكونغو الديمقراطية، ارفعوا أيديكم عن إفريقيا.
المهم هو أن الرئيس السيسى أكد فى مكالمته التليفونية مع الرئيس تشيسيكيدى عُمق العلاقات التاريخية الراسخة التى تجمع بين مصر وجمهورية الكونغو الديمقراطية الشقيقة، وحرص الجانبين على تعزيز هذه الروابط عبر استكشاف آفاق أوسع للتعاون، خاصة فى المجالات الاقتصادية والتنموية، كما أعرب الرئيس عن خالص تعازيه للرئيس الكونغولى، ولشعب الكونغو الديمقراطية، فى ضحايا حادث غرق أحد المراكب مؤخرًا فى نهر الكونغو. كما تناول الاتصال سبل تعزيز التعاون بين دول حوض النيل، بما يحقق مصالحها المشتركة، وأكد الرئيسان أهمية الالتزام بالتوافق بين دول الحوض، بما يسهم فى تعزيز أطر التعاون واستغلال الفرص المتاحة لتحقيق التنمية المشتركة. ولدى تبادل الزعيمين الآراء بشأن الأوضاع فى شرق الكونغو، أكد الرئيس السيسى حرص مصر على دعم كل المبادرات الإقليمية والدولية التى تهدف إلى التوصل إلى تسوية سياسية لهذه الأزمة، بما يعيد الاستقرار للمنطقة والإقليم.
تناول الرئيس السيسى، أيضًا، مع الرئيس الرواندى سبل تعزيز التعاون الثنائى، خاصة فى المجالات الاقتصادية والتنموية، والمشروعات المشتركة فى مختلف القطاعات، بما يعكس عمق العلاقات التاريخية بين البلدين ويحقق المصالح المشتركة لشعبيهما. كما ناقش الرئيسان سبل تعزيز التعاون بين دول حوض النيل، بما يحقق المصالح المشتركة لجميع دول الحوض، من خلال تعزيز التعاون والالتزام بالتوافق بين كل الأطراف. وجرى كذلك التطرق إلى الأوضاع فى وسط إفريقيا، مع التركيز على سبل استعادة الهدوء فى شرق الكونغو، وفى هذا السياق أكد الرئيس مجددًا حرص مصر على تقديم الدعم الكامل لكل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى تهدئة الأوضاع فى تلك المنطقة، والتوصل إلى حل سياسى سلمى للصراعات التى باءت كلّ المحاولات الدبلوماسية لإنهائها بالفشل.
.. وتبقى الإشارة إلى أن قادة دول القارة السمراء كانوا قد تعهدوا منذ ١٢ سنة تقريبًا بمناسبة الذكرى الخمسين لتأسيس منظمة الوحدة الإفريقية، التى تغير اسمها، لاحقًا، إلى الاتحاد الإفريقى، بـ«إنهاء جميع الحروب فى إفريقيا بحلول سنة ٢٠٢٠»، وأطلقوا مبادرة «إسكات البنادق»، غير أن دول القارة لم تتمكن من الالتزام بالإطار الزمنى المحدد للمبادرة، أو بخارطة الطريق التى وضعها الاتحاد، بسبب ممارسات لصوص ثروات الدول، أو مصاصى دماء شعوبها، الذين يعرفهم القاصى والدانى.. والواقف بينهما.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


بوابة الفجر
منذ 33 دقائق
- بوابة الفجر
"بوليتيكو": ترامب سيخصص 25 مليار دولار لتنفيذ مشروع القبة الذهبية
أفاد موقع "بوليتيكو" نقلا عن مصادر بأن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، سيعلن عن تخصيص 25 مليار دولار لتنفيذ مشروع نظام الدفاع الصاروخي "القبة الذهبية". وذكر موقع "بوليتيكو" نقلا عن مصدر مطلع في البيت الأبيض، أن "المبلغ يتوافق مع الطلب المضمن في مشروع قانون الميزانية الضخم للإدارة، والذي لم يوافق عليه الكونغرس بعد". وأضاف: "تقدر التكلفة الإجمالية للمشروع، وفقا لتقديرات مكتب الميزانية بالكونغرس، بنحو 500 مليار دولار على مدى عشرين عاما". ومن المتوقع أن يعلن ترامب قراره في وقت لاحق بالبيت الأبيض، برفقة وزير الدفاع بيت هيغسيث، فيما أشارت التقارير إلى أنه سيتم تعيين الجنرال مايكل جيتلين من قوة الفضاء الأمريكية رئيسا للبرنامج. واقترح المشرعون الجمهوريون "استثمارا أوليا بقيمة 25 مليار دولار للقبة الذهبية كجزء من حزمة دفاعية أوسع نطاقا، لكن هذا التمويل مرتبط بمشروع قانون مثير للجدل يواجه عقبات كبيرة في الكونغرس". كما أعرب الديمقراطيون عن قلقهم بشأن "فعالية الدرع الدفاعية الباهظة التكلفة". وذكرت وسائل إعلام أمريكية في وقت سابق، أن وزارة الدفاع "البنتاغون" قدمت خيارات إلى البيت الأبيض لتطوير نظام "القبة الذهبية" الدفاعي الصاروخي، الذي يريد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن يكون قادرا على حماية الولايات المتحدة من الضربات بعيدة المدى


الدستور
منذ 44 دقائق
- الدستور
القاهرة الإخبارية: ترامب ووزير الدفاع الأمريكي سيعلنان اليوم عن خطة القبة الذهبية الدفاعية
أفاد موقع فوكس نيوز نقلًا عن مسؤول أمريكي، أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ووزير الدفاع الأمريكي بيت هيجسيث، سيعلنان اليوم عن خطة القبة الذهبية الدفاعية، وفقًا لنبأ عاجل بقناة القاهرة الإخبارية، اليوم الثلاثاء. وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في تصريحات سابقة، إن الضرائب التي فرضها الديمقراطيون خلال إداراتهم كانت الأعلى في تاريخ البلاد، مؤكدًا أن إدارته حققت انتصارًا رائعًا في ولاية ميشيجان. وأضاف ترامب، خلال كلمته أمام الحرس الوطني في ميشيجان، أن وزير الدفاع الأمريكي بيت هيجسيث يقوم بعمل رائع، مشيرًا إلى أنه تم توفير آلاف فرص العمل المدنية وغيرها داخل المؤسسة العسكرية، بحسب قناة القاهرة الإخبارية. وأكد أن الولايات المتحدة ستحصل على "القبة الذهبية" لحماية حدودها، موضحًا أن السيادة الجوية للقوات المسلحة الأمريكية يتم الحفاظ عليها من خلال دعمها بأحدث أنواع الطائرات، مشيرًا إلى أن سياساته أسهمت في زيادة فرص العمل والتصنيع داخل الولايات المتحدة، معلنًا في الوقت نفسه أنه سيقدم دعمًا بقيمة تريليون دولار للدفاع الوطني.


يمني برس
منذ ساعة واحدة
- يمني برس
جولة ترامب الأخيرة في المنطقة.. جباية أموال ودعم مسار العدوان الاسرائيلي على غزة
كشفت الزيارة الأخيرة للرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، للمنطقة، وتحديدا السعودية وقطر والإمارات النزوع الشديد للبيت الأبيض نحو تحقق مكاسب مالية كعادتها في نهب ثروات الشعوب تحت تأثير القوة من ناحية، ومن ناحية أخرى إمعان ترامب في تجاهل الوعي العربي في علاقته بالأرض وتحديدا فلسطين وغزة؛ واصراره على اطلاق تصريحات تتعامل مع غزة، وكأنها مشروع استثماري تجاري، مؤكدًا ، غير مرة، ما معناه أن غزة بحاجة إلى مستثمر؛ غير مبال بمشاعر العرب والمسلمين في تجاهله لمعاناة غزة، حتى وهو يحل ضيفا عليهم. غادر ترامب المنطقة محملا بغنائم تتجاوز ترليون دولار بينما يستمر العدو الاسرائيلي في ارتكاب أبشع المجازر في قطاع غزة مراكما ارقاما من الشهداء والجرحى والجوعى والنازحين في مأساة لم يسبق أن شهدها العالم الحديث. وبدلا عن ذلك ركز، خلال زيارته، على جباية أموال الخليج، وبالموازاة طرح أفكاره الاستعمارية لغزة، وهو بذلك إنما يعطي الضوء الأخضر للكيان الإسرائيلي لتوسيع عدوانه الوحشي وعملياته البرية على قطاع غزة، أو ما يعرف بـ ' عربات جدعون'. عين ترامب على غزة أبدى ترامب، الخميس الماضي، رغبته في الانخراط الأمريكي إلى جانب دول عربية في إدارة قطاع غزة بعد الحرب. وقال إنه يريد أن 'تمتلك' الولايات المتحدة قطاع غزة وتحويله إلى ما دعاها بـ 'منطقة حرية'، مضيفًا أن لديه تصورات جيدة جداً لغزة؛ وهي جعلها منطقة حرية. تجاوز ترامب في تصوره طرح الفكرة إلى التعبير عن شعوره حيال تنفيذها مضيفاً 'سأكون فخوراً لو امتلكت الولايات المتحدة قطاع غزة وجعلتها منطقة الحرية'. يقول ترامب هذه الترهات بينما غزة تنزف خيرة أبناءها، وتعيش واقعا مأساويا لم يعد العالم يتحمل صم أذنيه عنه؛ وها هو الغرب الأوروبي بدأ يتفاعل ويرفض السلوك الصهيوني ويدينه بعد شهور طويلة من النزف، بينما واشنطن مازالت تتعامى وتفكر كتاجر حرب قذر في استثمار قطاع غزة، متجاوزُة ما عليه من بشر؛ وهكذا هي الرؤية الأمريكية تتجاوز الانسان ، وتؤمن بالمال ومصالح العصابات. لم تكن التصريحات مجرد تمنيات، بل كشفت عن أفكار مطروحة في مفاوضات لوسطاء في الدوحة، إذ بدا ترامب مؤيداً لفكرة انخراط عربي أمريكي في إدارة القطاع بعد الحرب، وسط تسريبات تقول إن هذه الإدارة المشتركة قد تستمر لمدة عشر سنوات. وجاءت تصريحات الرئيس الأمريكي وسط عدوان إسرائيلي غير مسبوق على كامل قطاع غزة، أوقع أكثر من 400 شهيد بالتزامن مع جولته التي استمرت ثلاثة أيام. هكذا هي أمريكا تكشف عن وجهها القبيح في استغلال ونهب ثروات الشعوب وتدمير قواها الحية؛ ودعم الخراب وسفك الدماء والقتل المتواصل، كما تدعم واشنطن الكيان الاسرائيلي؛ وهي في نفس الوقت تصر على إغلاق عينيها عن رؤية جثث الموتى وركام الخراب وسماع أنين الجرحي والجوعي في قطاع غزة؛ لكن التاريخ لن يرحم مصاصي الدماء وناهبي أموال الشعوب وثرواتهم! بدعم أمريكي مطلق يرتكب العدو الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر 2023، جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة، والتي خلفت نحو 173 ألف مواطن بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.