
الحوار لبحث 'الهواجس والضمانات'
كتب شارل جبور في 'نداء الوطن':
ما يجب تأكيده بداية أن ازدواجية السلاح التي بدأت منذ منتصف ستينات القرن الماضي خربت لبنان، ولا حلّ سوى في إنهاء هذه الازدواجية واحتكار الدولة وحدها للسلاح، والوضع الذي نشأ بعد اتفاق الطائف كان شاذاً وسببه تقاسم النفوذ السوري والإيراني الذي حال دون تطبيق هذا الاتفاق وإبقاء لبنان ساحة لمشاريعهما الإقليمية، وبالتالي كل ما نتج عنه من مقاومة وغيره شكل انقلاباً على 'وثيقة الوفاق الوطني' ولا علاقة للبنان واللبنانيين به.
وما يجب تأكيده أيضاً أن إنهاء ازدواجية السلاح لا يكون بالحوار، إنما من خلال تنفيذ الدستور الذي تمّ الانقلاب عليه وتجميده وعدم تطبيق شقه السيادي، وخيراً فعل رئيس الجمهورية بأنه أخذ على عاتقه هذه المهمة بالتواصل مع 'حزب الله' من أجل وضع جدول زمني قصير لتفكيك بنية 'الحزب' العسكرية.
فالحوار لا يكون على قضايا غير مشروعة ومخالفة للانتظام العام نشأت في ظروف احتلالية، ومجرّد الحوار حول هذه القضايا يمنحها المشروعية من جهة، والمبرِّر لاستمرارها في ظل الخلاف حولها من جهة أخرى، فيما المطلوب على هذا المستوى تنفيذ الدستور ببسط سيادة الدولة على جميع أراضيها، وهذا ما يجعل الحوار حول السلاح خطيئة لا خطأ فقط.
وعندما قيل للموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس أن الجيش يتسلّم تباعاً مواقع 'حزب الله' العسكرية، سألت لماذا لا يعلن عن ذلك صراحة بما يُطمئن اللبنانيين ويعزِّز صورة الدولة، فقيل لها حرصاً على معنويات 'الحزب' الذي من الصعوبة عليه أن يتقبّل أمام بيئته أولاً إنهاء مشروعه المسلّح، وبمعزل عن جوابها، فإن 'الحزب' بنى صورته كلها حول ما اصطلح على تسميته بالمقاومة وما يتفرّع عنها من حروب وخطاب قائم على الحرب حصراً، فلم يقدِّم نفسه كحالة تغييرية وتطويرية وتحديثية، ومع انتزاع هذا المصطلح منه، والذي أخذه بقوة الأمر الواقع، يفقد صورته وهيبته ويُصبح بلا دور ولا وظيفة، وهذا ما يصعِّب الأمور عليه، ويدفع البعض إلى البحث في كيفية حفظ ماء وجهه، ولكن من دون المساومة على احتكار الدولة للسلاح.
وانطلاقاًّ من مقولة 'ما بني على باطل فهو باطل'، فإن كل ما بني منذ العام 1991 تحت مسمى المقاومة كان باطلاً، وما يجب أن يكون موضع تقدير لدى 'حزب الله' أن القوى السياسية المعارضة له تكتفي بإنهاء مشروعه المسلّح تحقيقاً للمساواة وإفساحاً في المجال أمام مشروع الدولة ليشق طريقه ومن دون المطالبة بمحاسبته على هدره 34 عاماً من حياة اللبنانيين، ولا مطالبته بالتعويض على الشعب اللبناني جراء كل ما أصابه من موت ودمار وخراب، وعدم المطالبة لا تنم عن ضعف ولا عن عدم قدرة، إنما انطلاقاً من فهمها العميق للتركيبة المجتمعية ورغبتها الحقيقية في طي صفحة الانقلاب على الطائف وفتح صفحة جديدة.
ولكن هذا الفهم العميق يستغله 'حزب الله' بمواصلة التحريض ضد الدولة وتمنينه اللبنانيين بدوره وما يدعي أنه قدمه، فيما المعادلة يجب أن تكون معكوسة لجهة شكر 'الحزب' للبنانيين بسبب تعاملهم معه على قاعدة 'عفا الله عما مضى' بدلاً من محاسبته ومطالبته بالتعويض.
وهناك من يعتبر أن المطالبة بالمحاسبة والمساءلة والمحاكمة والتعويض تؤدي إلى مزيد من الشرخ والانقسام والتوتر، فيما العكس هو الصحيح كونها تسهِّل على 'الحزب' إنهاء مشروعه المسلّح، وتجعل جمهوره يتأقلم بسرعة مع مشروع الدولة، وهذا ما يستدعي نقل النقاش من جدوى سلاح 'الحزب' وعدم جدواه، إلى تخييره بين محاسبته وبين العفو عنه، لأنه خلافاً للحرب اللبنانية التي فرضت على الجميع واستدعت العفو عما مضى، فإن 'الحزب' تعمّد قهر اللبنانيين وإذلالهم وإخضاعهم في سياق المشروع الإيراني التوسعي.
ويدرك 'حزب الله' تمام الإدراك أنه مع النتائج العسكرية لـ 'حرب الإسناد' وسقوط نظام الأسد وجلوس طهران حول طاولة المفاوضات مع واشنطن، أصبح ملزماً بإنهاء مشروعه المسلّح، وبالتالي، لم يعد التذاكي والتشاطر وشراء الوقت تنفع، ولذلك، فإنه بالتوازي مع المسار التنفيذي الذي بدأه رئيس الجمهورية مع 'حزب الله' من أجل احتكار الدولة وحدها للسلاح ضمن مهلة زمنية قصيرة، من المفيد أن يدرس الرئيس جوزاف عون جدياً فكرة الدعوة إلى حوار في مقر الرئاسة الأولى بالعنوان الذي كان وضعه النائب علي فياض: 'تبادل الهواجس والضمانات من أجل إعادة بناء التفاهمات الوطنية'، وبذلك تكون الرسالة لـ 'الحزب' واضحة: لا حوار حول السلاح الذي تحتكره الدولة وحدها، والحوار مفتوح ما دون سقف الدولة بما يبدِّد هواجس الجماعات ويحصِّن الواقع اللبناني ويرسِّخ الاستقرار وفقاً لقواعد المساواة والشراكة ونبذ العنف وإسقاط كل مشاريع الغلبة وتغيير هوية لبنان التعددية ودوره الحيادي.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


ليبانون ديبايت
منذ 38 دقائق
- ليبانون ديبايت
إعادة إعمار الجنوب: فضل الله يعلن اقتراب نهاية المرحلة الأولى
قال النائب حسن فضل الله إن المرحلة الاولى من اعادة الاعمار والتي قام بها حزب الله شملت "400 ألف اسرة بين إيواء أي تأمين ايجار لمدة سنة وتأمين بدل أثاث المنزل للذين تهدمت منازلهم بشكل كامل واصلاح الأضرار من خلال دفع قيمة بدل ترميم المنازل المتضررة مهما كان مستوى الضرر". وفي تصريح لوكالة "رويتر"، أوضح فضل الله أنَّ "المرحلة الأولى من إعادة الأعمار أصبحت تشارف على نهايتها رغم محاولات العرقلة من جهات خارجية وأيضا أحيانا من خلال بعض الإجراءات الداخلية، وهذه العرقلة هي لمنع وصول الأموال إلى المتضررين لأن هذا المال الذي سيصل إلى لبنان هو للناس والذين يحاولون تعطيل وصول هذا المال انما هم يمنعونه عن مواطنين لبنانيين تضررت منازلهم بسبب العدوان الإسرائيلي". وأشار إلى أن "ملف إعادة الاعمار هو بالأساس من مسؤولية الحكومة اللبنانية وعليها تأمين الأموال اللازمة لتدفع إلى المتضررين، ولكن الحكومة الحالية لم تجر أي تحركات فعالة في هذا السياق". وقال: "لا يمكن للدولة أن تبنى وأن تنجح وأن تستقر في الوقت الذي تترك مئات الآلاف من الشعب اللبناني يعانون جراء استمرار الاحتلال الإسرائيلي والاعتداءات الإسرائيلية وعدم إعادة الإعمار، نحن نتحدث عن عشرات آلاف البيوت المهدمة يسكنها مئات آلاف اللبنانيين، هؤلاء إذا بقوا خارج بيوتهم وإذا شعروا أن الدولة تخلت عنهم فلا يمكن لهذه الدولة حينها أن تستقر، هل يمكن أن يستقر جزء من الوطن وجزء آخر يتألم؟ هذا لا يستقيم".


صوت لبنان
منذ 38 دقائق
- صوت لبنان
قبلان: مقياس الوطنية سيادة لبنان لا العراضات السخيفة
ألقى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان خطبة الجمعة في مسجد الإمام الحسين في برج البراجنة، توجه فيها الى أهل الجنوب الأوفياء :"أنتم مدعوون لتأكيد اللحظة الانتخابية في الاستحقاق البلدي كإستفتاء وطني، وأنتم أهل الخيارات الوطنية، ورمز التضحيات السيادية، والثنائي الوطني خشبة الخلاص الوطني، وقوة التصويت رسالة حاسمة على أننا أهل الأرض وحراس القرى الامامية التي شهدت أكبر ملاحم القتال السيادي على أرض الجنوب الضامن لسيادة وطننا العزيز لبنان". وذكر المفتي قبلان، "انطلاقا من الضرورة الوطنية الماسة، "أن السيادة المستعارة لا قيمة لها، وتذكروا دائما أن الإسرائيلي وحش، ونحن لن نكون فريسة لهذا الوحش أبدا إن شاء الله، ولعبة بدائل القوة السيادية هي لعبة فارغة وخطيرة، وهي حتما لا تخدم لبنان". ولفت الى أنه "لا نريد قوة سيادية مشلولة، أو قوة بحكم "غير الموجودة"، وما يقوم به الإسرائيلي من غارات واستباحة وقتل في الجنوب والبقاع والضاحية يدوس كرامة هذا البلد، بل يدفعنا لمراكمة القوة لا التخلي عنها، وجماعة السيادية الجوفاء خونة للدماء اللبنانية والتضحيات الوطنية التاريخية". وتوجه للدولة بالقول:" مقياس الوطنية سيادة لبنان لا العراضات السخيفة، وهنا يجب أن نذكر البعض بأن ضمانات المبعوث الأمريكي "فيليب حبيب" الشهيرة للبنان انتهت باحتلال إسرائيل للعاصمة بيروت وليس العكس، فالأميركي منحاز في المطلق لإسرائيل، والقضية عندنا هي قضية بلد وشعب وتضحيات كبيرة وهائلة ما زال شاهد ركامها واشلائها على الأرض، ومع ذلك للأسف هناك الى الآن من يتعامل مع الجنوب والضاحية والبقاع بنزعة انتقام وبنزعة الترك والتخلي والخنق". وتوجه المفتي قبلان الى أهل الجنوب والبقاع والضاحية:" دولتكم تعاقبكم بسبب تضحياتكم الوطنية، وهذا الشكل من أدائها خطير للغاية، ولا ضمانة فيه أبدا، والخطورة الأشد هي في السياسات المستعارة، ومنها سياسة ترك كوارث هذا البلد ومشاريعه الإنقاذية لصالح أولويات خارجية تريد رأس لبنان، والغريب أن بعض الخارج يتعامل مع لبنان وكأنه بلده، فيما بعض أهل هذا البلد يتعاملون مع لبنان وكأنه بلد الآخرين، فالمواقف الرمادية عار، واللحظة لإنقاذ لبنان، وسياسات الهدف الأخير تدور مدار المصالح الوطنية للعائلة اللبنانية فقط، وإلا البلد سيقع في كارثة أكبر ليس لها نهاية". أما بخصوص مذبحة غزة وحرائق المنطقة ومخاطرها، توجه المفتي قبلان للدول العربية والإسلامية :"الغرق في التبعية الأميركية كَشَفَ المنطقة عن إبادة وخراب هائل، والخراب الأسوأ بطريقه لكل الشرق الأوسط، وهذه غزة تلفظ أنفاسها، وبقية أهل غزة تُذبح من الوريد الى الوريد، وما يجري فيها إبادة وجرائم لا سابق لها في التاريخ، على يد جزّار تل أبيب نتنياهو. وتوجه للعرب والمسلمين :ألا تخافون الله؟ ألا تخجلون من رسول الله؟ ألا يجب أن تبادروا؟ أو تكونوا أحرارا في دنياكم كما تزعمون". ولعواصم العالم، عواصم الحضارة والإنسانية والديموقراطية وحقوق الانسان، قال: أين ضميركم؟ وأين وجدانكم؟ وأين وجع الإنسانية فيكم؟ أما تخشون لعنة السماء؟ أما والله لا تنقضي هذه الدنيا إلا عن لعنة تصيبكم كما أصابت قوم عاد وثمود، أين محافل الإنسانية التي تخفي وراءها ألف ألف ترسانة قتل وإبادة؟ كلها تتشارك ذبح أطفال ونساء وعجائز ومواطني قطاع غزة وبقية مظلومي العالم، فبئس العالم أنتم، وبئس الأمم المتحدة، وبئس الاتحاد الأوروبي، وبئس محافل واشنطن ومواثيقها، وبئس مؤسسات حقوق الانسان الغارقة في بحر مذابح غزة والشرق الأوسط، وجواب الله على هذا الطغيان ليس ببعيد إن شاء الله".


IM Lebanon
منذ 41 دقائق
- IM Lebanon
انتخاب رؤساء بلديات ونوابهم في سرايا حلبا
تواصلت عملية الانتخاب على موقع رئيس للبلدية ونائب له في مكتب امينة سر المحافظة رولا البايع في سرايا حلبا الحكومية. وقد انتخب اليوم : – احمد سليمان الحاج رئيسا لبلدية عيات وعلي حسن باكيش نائبا للرئيس. – علاء الدين الاحمد عثمان المرعبي رئيسا لبلدية عيون الغزلان وفضل الله احمد عبد اللطيف نائبا للرئييس. – حمزات يوسف سليمان رئيسا لبلدية عين الزيت وجوزف محمد المحمد نائبا للرئيس. – وليد مالك قاسم رئيسا لبلدية عمار البايكات وعاطف أسعد محمود برهان نائبا للرئيس. – ربيع الياس المكاري رئيسا لبلدية ضهر الليسينة وميلاد نقولا ابراهيم نائبا للرئيس. – غسان ابراهيم تامر رئيسا لبلدية سيسوق وميلاد يوسف الراعي نائبا للرئيس. – جوزيف بطرس عيد الله رئيسا لبلدية سفينة الدريب واميل رزق الله عيس نائبا للرئيس. – علاء فايز الخليل رئيسا لبلدية شدرة ومايز عفيف طعمة نائبا للرئيس.