logo
لحظة تأمل في مرايا الضوء الأزرق: لم نُخلق لنُقلب في الريلز

لحظة تأمل في مرايا الضوء الأزرق: لم نُخلق لنُقلب في الريلز

عمونمنذ 3 أيام

في وقتٍ لم يعد فيه الصمت خيارًا متاحًا، ولم تعد الوحدة انعزالًا بل رفاهية، نجد أنفسنا نُلاحق ما يُعرض أمامنا عبر الشاشات كما لو أننا نسعى للهروب من شيءٍ لا نعرف اسمه. "الريلز" هذه المقاطع القصيرة، المتكررة، المتقلبة بسرعة الضوء، أصبحت رفيقة تفاصيلنا اليومية: في الصباح وقبل النوم، أثناء الأكل، بل وحتى في منتصف الأحاديث، وننتقل من ضحكة عابرة إلى دمعة خاطفة، من خبرٍ مفجع إلى تحدٍّ سخيف، ومن سطحٍ إلى آخر… دون أن ندرك أننا نُقايض وعينا بما لا يدوم، ونُفرّط في لحظات من عمرنا مقابل ومضات إلكترونية لا تُغني ولا تُثري.
ولكن، دعنا نتوقف قليلًا… لنسأل أنفسنا بصدق: هل خُلقنا لنعيش بهذه الطريقة؟ هل الإنسان، الذي كرّمه الله بالعقل، وزوّده بالإحساس، وميّزه بالبحث عن المعنى، خُلق ليكون مجرد مستهلك؟ مجرد إصبع يُمرر، وعين تتابع، وذهنٍ يتشتت بلا وجهة؟ هل هذا هو شكل الحياة الذي يليق بمن خُلق ليسجد ويفكر ويتأمل؟
الدراسات تقول الكثير، لكنها لا تُقارن بالصوت الموجود داخلنا لكننا نحاول إسكاته، ففي بحث نُشر في مجلة Addictive Behaviors كشف أن الاستخدام القهري لوسائل التواصل الاجتماعي يرتبط بانخفاض تقدير الذات، وارتفاع مستويات النرجسية، وتراجع في الصحة النفسية عمومًا (Andreassen et al., 2017) . مما يجعل الأمر أكثر خطورة أن هذا النوع من الإدمان لا يُشبه الأنواع الأخرى، لأننا لا نُحاسب عليه، لا نخجل منه، بل نحصل خلاله على مكافآت عصبية فورية تُشبع نظام الدوبامين في الدماغ، وتدفعنا للعودة مرارًا وتكرارًا… بلا وعي.
نحن لا نُشاهد فقط… بل نفقد جزءًا من وعينا مع كل تمريرة، فلا نشعر بالخطر، لأنّه مقنّع، ولا نشعر بالفراغ، لأنّه مشغول. لكن الحقيقة المرّة هي أننا، شيئًا فشيئًا، نفقد القدرة على التوقف، على التمعّن، على الاستقلال الداخلي.
قال الفيلسوف مارتن هايدغر إن التكنولوجيا ليست شرًّا في ذاتها، بل في كونها تجعل الإنسان "يعيش دون أن يتأمل"، وهذا ما يحدث: نحن لا نعيش اللحظة بل نمرّرها، ولا نتأمل الغروب، بل نُصوره ونُرفقه بموسيقى قبل أن ننشره، وكأن القيمة تكمن في المشاركة لا في الشعور، في الإعجاب لا في التجربة.
إن ما نخسره ليس فقط الوقت، بل شيئًا أعمق… نخسر الجوهر الإنساني ذاته، ولقد خُلقنا بعقول تبتكر، وبقلوب تتذوق الجمال، وبأرواح تشتاق إلى السكون والتأمل، فكيف سمحنا لأنفسنا بأن نتحول إلى أدوات استهلاك فارغة؟
والمفارقة القاسية في هذا العصر أن العالم بات "أقرب" رقميًا… لكنه صار "أبعد" عاطفيًا، فالإشعارات لا تنقطع، الاتصالات لا تهدأ، ومع ذلك نحن نشعر بالوحدة أكثر من أي وقت مضى، ففي دراسة من جامعة هارفارد أثبتت أن الاستخدام المكثف لوسائل التواصل يرتبط بارتفاع الشعور بالعزلة، خاصة لدى الشباب (Primack et al., 2017) ، لأن هذه الوسائل تُشبع الحاجة الظاهرة للتواصل، لكنها لا تلمس الحاجة الحقيقية للارتباط، للدفء، للحضور الإنساني.
لقد أصبحت علاقاتنا مختصرة في 'إيموجي'، وردود سريعة، وتعليقات مجاملة، ولم نعد نصغي لبعضنا البعض، لم نعد نشارك حقًا، نحن نعيش حياة الآخرين أكثر مما نعيش حياتنا، نتابع تفاصيل يومهم، وننسى يومنا نحن.
وفي خضم كل هذا، ضاعت القدرة على التأمل، ولم نعد نقدر على الجلوس في هدوء مع أنفسنا، فكثيرون لا يستطيعون قراءة كتابٍ لـ30 دقيقة متواصلة، أو كتابة فكرة متماسكة، أو الاستماع لمحاضرة كاملة دون أن يقطعهم تنبيه أو إشعار.
الكاتب نيكولاس كار، في كتابه The Shallows، حذّر من أن الإنترنت، وخصوصًا المحتوى القصير، يُعيد تشكيل أدمغتنا، فيقلّص مدى انتباهنا، ويُضعف قدرتنا على التفكير العميق (Carr, 2010) ، وما كان يُفترض أن يكون أداةً للمعرفة، تحوّل إلى مصدر تشتت يستهلك أعمارنا.
لكن رغم كل هذا، يبقى الأمل موجودًا… فقط حين نفيق.
الوعي بما نمرّ به هو أول خطوة نحو التحرّر. لسنا مضطرين لرفض التكنولوجيا، بل علينا أن نُعيد ضبط علاقتنا بها، وأن نستخدمها بوعي، لا أن تُستخدم أرواحنا كوقود لها، وأن نعود لأوقات السكينة… أن نقرأ، نكتب، نمشي، نتحدث مع من نحب، نُصغي إلى أنفسنا.
وهنا خطوات بسيطة، لكنها تنقذنا:
– ساعة واحدة يوميًا دون هاتف.
– لا تفتح الهاتف أول ما تستيقظ ولا قبل النوم.
– احذف التطبيقات التي تسرق وقتك ولا تُعطيك شيئًا حقيقيًا.
– استبدل الريلز بجلسة تأمل، أو بضع صفحات من كتاب، أو حديث مع من تحب.
هذه ليست ترفًا… بل ضرورة روحية.
وفي النهاية، تذكّر…
نحن لم نُخلق لنكون مجرد عيون تحدّق في الشاشات، ولا أصابع تُمضي وقتها في التمرير، بل خُلقنا لنفكر، ونحب، ونتأمل، ونسعى نحو الله.
﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات: 56]
لم نُخلق لنُقلب في 'الريلز'…
بل لنُبعث من جديد في لحظة تأمل، ولنعيش وعيًا يستحق أن يُنير هذا الظلام الرقمي.
المراجع
* Andreassen, C. S., Pallesen, S., & Griffiths, M. D. (2017). The relationship between addictive use of social media, narcissism, and self-esteem: Findings from a large national survey. Addictive Behaviors, 64, 287–293. https://doi.org/10.1016/j.addbeh.2016.03.006
* Carr, N. (2010). The Shallows: What the Internet is Doing to Our Brains. W. W. Norton & Company.
* Primack, B. A., Shensa, A., Sidani, J. E., Whaite, E. O., Lin, L. Y., Rosen, D., Colditz, J. B., Radovic, A., & Miller, E. (2017). Social Media Use and Perceived Social Isolation Among Young Adults in the U.S. American Journal of Preventive Medicine, 53(1), 1–8. https://doi.org/10.1016/j.amepre.2017.01.010
* Statista. (2024). Daily time spent on social media worldwide 2012–2023. https://www.statista.com/statistics/433871/daily-social-media-usage-worldwide/
* نائب رئيس جامعة ميدأوشن

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الحاج إبراهيم الفاعوري في ذمة الله
الحاج إبراهيم الفاعوري في ذمة الله

عمون

timeمنذ 3 ساعات

  • عمون

الحاج إبراهيم الفاعوري في ذمة الله

عمون - انتقل إلى رحمة الله تعالى الحاج إبراهيم الفاعوري (أبو خالد) والد رئيسة التمريض حنان الفاعوري (أم عبد الله ). سيشيع جثمانه الطاهر بمشيئة الله تعالى ظهر الأربعاء من مسجد حمدي الأنيس في مدينة السلط إلى مقبرة الخندق. تقبل التعازي للرجال في ديوان عشيرة الفواعير يومي الأربعاء والخميس، بعد صلاة العصر وللنساء في منزل نجل المرحوم خالد إبراهيم الفاعوري أبوليث الكائن في مدينة السلط - الصوانيه إنا لله وإنا إليه راجعون

العيد مناسبة دينية ويوم للفرح والسرور وفرصة للتواصل الاجتماعي
العيد مناسبة دينية ويوم للفرح والسرور وفرصة للتواصل الاجتماعي

الدستور

timeمنذ 3 ساعات

  • الدستور

العيد مناسبة دينية ويوم للفرح والسرور وفرصة للتواصل الاجتماعي

حسام عطيةيعتبر العيد هو يوم الاحتفال بإتمام عبادة، سواء كانت صيام شهر رمضان أو أداء مناسك الحج، والعيد هو مناسبة دينية يحتفل بها المسلمون بعد انتهاء شهر رمضان (عيد الفطر) أو بعد أداء فريضة الحج (عيد الأضحى)، ويعتبر العيد يوم فرح وسرور، وهو فرصة للتواصل الاجتماعي والاجتماع مع الأهل والأصدقاء، كما يمثل العيد مناسبة دينية واجتماعية تتجلى فيها قيم التراحم والتواصل بين الأقارب، حيث يحرص المواطنون على صلة أرحامهم تجسيدا لمعاني المحبة وتعزيزا للروابط الأسرية، التي تعد جزءا أصيلا من القيم المجتمعية، فالعيد ليس مجرد احتفال، بل هو فرصة ذهبية لتجديد العلاقات، وطي صفحة الخلافات، ومد جسور الألفة والتسامح بين أفراد المجتمع، وفي كل الأحوال علينا أن لا نجعل هذه المناسبات عبئاً يضاف إلى أعبائنا ومناسبة نتمنى أن تنقضي أيامها بسرعة.وينتظر المجتمع المسلم حلول أيام العيد سواء عيد الفطر أو عيد الأضحى المبارك بلهفة شديدة، لكونه فرصة لتوطيد أواصر العلاقات الاجتماعية وصلة الأرحام وما فيها من خير وبركة تعم على أبناء المجتمع وتنشر الألفة والمحبة والوئام في أرجائه، وأن «العيد تتويج لعبادة وجائزة للمسلم العابد وموسم فرح وسرور»، كما ان «العيد تتويج لعبادة وجائزة للمسلم العابد وموسم فرح وسرور» ، كما ان ن العيد فرصة للتواصل الاجتماعي بين الناس وصلة الأرحام والتزاور، خصوصاً بعد تغير الظروف حيث ضعف التواصل المباشر بين الناس في ظل الانشغال الدائم بتأمين متطلبات الحياة واكتفاء البعض بالتواصل من خلال وسائل الاتصال الحديثة.مناسبة دينيةبدوره يقول الاختصاصي الاجتماعي مدير جمعية العفاف الخيرية مفيد سرحان: يستعد المسلمون في كافة ارجاء العالم لاستقبال عيد الاضحى المبارك. وعيد الأضحى من أهم المناسبات الدينية لدى المسلمين، فالعيد مناسبة دينية يحتفل بها المسلمون مرتين في العام، عيد الفطر وعيد الأضحى وهي تأتي بعد عبادة، فعيد الفطر يأتي بعد شهر رمضان المبارك وعيد الأضحى في موسم الحج، والعيد تتويج لعبادة وجائزة للمسلم العابد وهو موسم للفرح.ويضيف سرحان، إلى جانب فرصة التواصل الاجتماعي، فإن العيد أيضاً فرحة لكي يخرج الجميع عن روتين الحياة اليومي وبرنامج العمل الذي اعتادوا عليه خلال أيام السنة الأخرى، فهو فرصة لكسر الروتين والترفيه عن النفس، فالموظف الذي اعتاد أن يذهب في الصباح إلى عمله ويعود في المساء، وهكذا خلال أيام السنة، أمامه فرصة لكي يعيش بضعة أيام خلاف هذا الروتين، فالإنسان بحاجة إلى التغيير في كل شيء لأن الرتابة تولد الملل وتقلل من الإنتاجية وتفقد الإنسان المتعة والدافعية.ونوه سرحان: يوم العيد يوم فرح وسرور يدخل فيه رب الأسرة الفرح على قلوب ابنائه واسرته، ومن السنة إظهار الفرح والسرور في أيام العيد والترويح عن النفس والتوسعة على الأهل بالترفيه المباح، مع الحرص على زيارة الأقارب وصلة الرحم وتبادل التهاني، مثل أن يقول المرء لأخيه المسلم: «تقبل الله طاعتكم.ويضيف سرحان: يتكافل المسلمون لإدخال الفرح على قلوب المحتاجين من الفقراء والمساكين ويصلون به الأرحام ويقدمون الأضحية لله تعالى حيث يأكلون منها ويدخرون ويوزعون على الأرحام والفقراء. ليتحقق في هذا اليوم معنى التكافل الحقيقي.وحول اعمال العيد يوضح سرحان قائلا: يبدأ الناس يومهم بصلاة العيد التي يخرج إليها الرجال والنساء والأطفال يلتقون في تظاهرة إسلامية كبيرة، ثم بعد الانتهاء من الصلاة يشرعون في الأضحية، وبعد ذلك يبدأون بزيارة الارحام والجيران والأصدقاء. ويسن التكبير خلال أيام العيدويقول سرحان: العيدية عادة اجتماعية تدخل الفرح على قلوب الكبار والصغار، حيث ينتظرها الأطفال بفارغ الصبر، وكذلك الكثير من الأرحام، والمهم في كل ذلك أن لا تكون الأمور المادية وضعفها عند البعض سببا في عدم صلة الأرحام أو التزاور مع الآخرين، فالهدية أو العيدية على قدر المستطاع وإن لم يكن من المستطاع عليها فلا بأس من التواصل مع الناس بدون الهدية أو العيدية، فالمطلوب هو التواصل والصلة مع الآخرين.ويستدرك سرحان بالقول: فخروج الأسرة في نزهة مثلاً، أو قضاء بعض الوقت مع الأقارب والأصدقاء أو في سهرة عائلية، هي نوع من الترفيه. ففي ظل الظروف الاقتصادية الصعبة لا بد من البحث عن وسائل غير مكلفة وضمن إمكانيات الأسرة، مؤكدا سرحان أن العيد فرصة للتواصل الاجتماعي بين الناس وصلة الأرحام والتزاور. لأن التواصل الشخصي افضل وسائل التواصل وأكثرها اثرا على النفوس والقلوب، وإضافة الى أن العيد فرصة للتواصل الاجتماعي، فإن العيد أيضاً فرحة لكي يخرج الجميع عن روتين الحياة اليومي وبرنامج العمل الذي اعتادوا عليه خلال أيام السنة. فهو فرصة لكسر الروتين والترفيه عن النفس، والإنسان بحاجة إلى التغيير في كل شيء لأن الرتابة تولد الملل وتقلل من الإنتاجية وتفقد الإنسان المتعة والدافعية، والزيارات الاجتماعية التي تقوم بها الأسرة هي نوع من التغيير وكسر الروتين، وكما أن الصغار بحاجة إلى الترفيه كذلك الكبار فهم بحاجة إليه.فرح الأطفالوحول فرح الاطفال في العيد يقول سرحان: الأطفال ينتظرون العيد بفارغ الصبر، ويعني العيد بالنسبة للأطفال، مجموعة من الأشياء الجميلة، فالعيد مرتبط لديهم باللباس الجديد والحلوى والألعاب والترفيه والفرح والمرح والزيارات والعيدية واجتماع الأسرة ولمة العائلة الكبيرة، وحول أهميه إغتنام مناسبة العيد في تربية الابناء يقول سرحان: العيد مناسبة للتربية يجب أن يغتنمها الوالدان والكبار، وهي فرصة لغرس الكثير من القيم الدينية والاجتماعية وقيم التماسك الأسري والتكافل والود وصلة الرحم واحترام الكبير، وهو مناسبة لتدريب الأبناء وتعويدهم على التواصل مع الآخرين، وذلك بالقدوة الحسنة، وهي أفضل وسائل التربية وأكثرها تأثيرا، وإصطحاب الأبناء في زيارات العيد يعزز لديهم الشعور بأهمية التواصل مع الآخرين، وخصوصا الأرحام والأقارب، وما يمارسه الكبار في العيد يعني أنه شيء مهم، لأن العيد مناسبة يحتفي بها الكبار والصغار. والطفل بطبعه يحب أن يقلد الكبار، فمشاركته في الزيارات تعني أنه سيكتسب هذا السلوك ويستمر عليه عند الكبر، وهو مطلب شرعي واجتماعي وخلق رفيع يجب أن يحرص الأبناء على تربية أبنائهم عليه، ويعني أيضا انتقال هذه العادات الحميدة للأجيال القادمة، وهو ما يجب على الأهل الحرص عليه، والسعادة الحقيقية للآباء هي إسعاد الأبناء وأن يروا الفرح في عيونهم، ومدرسة الحياة هي التي تصقل شخصية الأبناء. ويقول سرحان ان عيد الأضحى يأتي للعام الثاني على التوالي، والاهل والاخوة في قطاع غزة يتعرضون لحرب إبادة شرسة يشنها الاحتلال الصهيوني المجرم منذ اكثر من ستماية يوم. مدعوما بالسلاح والمال والموقف من دول كثيرة، وقد كان الاردنيون خلالها الاكثر تفاعلا بالموقف والكلمة وتقديم واجب الدعم المادي والمساعدات من دواء وغذاء ودم ومستشفيات ميدانية ومخابز متنقلة وغيرها من احتياجات، وما زالوا مستمرين في موقف يجسد قيم الاردنيين ومناصرتهم لاخوانهم في غزة.وقال في ايام العيد وهي أيام مباركة يجب ان لا تغيب غزة وأهلها عن دعاء المسلمين وهو سلاح الغني والفقير، القريب والبعيد. وإننا نتوجه الى الله تعالى بالدعاء لهم بالفرج القريب ورفع الظلم عنهم وأن يتقبل شهدائهم في عليين ويشفي جرحاهم ويثبتهم في أرضهم وينصر مجاهديهم ويسدد رميهم، وأن الإنسان بحاجة إلى أن يتجاوز هموم الحياة ومشكلاتها ولو لبضعة أيام، لأن في ذلك فوائد صحية ونفسية وتجديد للحيوية وعاملا مساعدا في زيادة إنتاجية الفرد وحافزاً له على مزيد من العطاء.

أعياد  ودماء وخبز
أعياد  ودماء وخبز

الدستور

timeمنذ 3 ساعات

  • الدستور

أعياد ودماء وخبز

أعاده الله علينا وعلى الأمتين والعالم بالخير والبركة، آمين.. دعاء نقوله بكل الصيغ الممكنة، وهي أمنية، فالشخص الطبيعي من أية ملة أو على أي دين كان، يتمنى الخير لنفسه وللدنيا من حوله.. لكن هل حقا يشعر بالسعادة والاستقرار، والرضى عن نفسه؟ أعني أي شخص طبيعي وعنده ضمير، حول العالم، هل يشعر بسعادة على الصعيد الشخصي، ويشعر بالرضى النفسي، وهو يسمع ويعلم ويشاهد المأساة البشرية، او أي شكل من أشكالها؟!..يمكنني ان أجيب عن الجميع، أعني الأشخاص وليس الدول والجهات والقوى، أستطيع أن أجيب مندوبا عن أي إنسان طبيعي، بأنه لا يشعر بالسعادة، ولا بالاستقرار النفسي، ويؤنبه ضميره، بسبب ما يجري في فلسطين، وفي غزة المعذّبة وعلى رؤوس الأشهاد.لا يمكن حصر صور وفصول المأساة الإنسانية، ومأزقها في غزة، فكل أنواع العذاب والتنكيل بالبشر، تحدث هناك، وأصبح خبر إبادة الأبرياء، الظامئين الجياع العراة المرضى المنكوبين، الهاربين من التعذيب.. أصبح خبرا مألوفا في عالمنا البشع، وكلما شاهدنا او سمعنا او تم إخبارنا على ألسنة الناس، عن صور الموت والتعذيب التي تحدث هناك، كلما أبيدت فينا المشاعر، فكيف يحتمل الشخص الطبيعي معرفة كل هذا التوحش، ثم تستمر حياته ونفسيته وقناعاته.. طبيعية؟!.كلنا نؤمن ان الأعياد مناسبات أغلبها عقائدية، توارثها الناس، وأصبحت مواسم وضروبا من طقوسيات، ينتهزها الأطفال لاقتناص حالة من سعادة، لكن كل الكبار يتألمون، فهم ينظرون لأطفالهم ويتذكرون تلك الوجوه المعذبة لمن بقي وسلم من أطفال غزة، ووجوه وأشلاء من ماتوا أو أصيبوا، او يطويهم الخوف والجوع والعطش والحرمان، وفقدان الأمل بمجرد العيش للحظة التالية.. فالموت البشع يسكن الزمان والمكان والسماء والأرض والهواء.. حتى لقمة الخبز المغموسة بمذلة الإنسانية كلها، أصبحت فخا للموت الغادر البشع.أمس قرأت خبرا بأن رب عاىلة مات تاركا خلفه عائلة تشبهه في جوعه، بعد ان تم قتله وهو ينتظر لقمة الخبز التي يقدمها القتلة السجانون في لعبة موت محتوم.. فهل يشعر براحة ضمير من يسمع مثل هكذا مواقف وأخبار، ومتأكد بأنها تجري مستمرة فوق تراب غزة وتحت سمائها ويشاهدها الناس متقولة على الهواء والفضاء والماء والسماء والذكاء والغباء... وحتى أصعب غصة في همزية الفناء البشري.حتى دعاؤنا لهؤلاء البشر او دعاؤنا على قاتليهم، أصبح متكلفا بالنسبة لضمير معذّب وغير مستقر.نسأل الله أولاً أن يرحم البشر المظلومين في غزة وغيرها، وأن يعينهم على هذا التوحش، ويعوضهم صبرا وخيرا وحرية وكرامة فوق كرامتهم وحريتهم وصبرهم، وأن يحمد الله كل من لا يعيش حياتهم وظروفهم ومأساتهم.. لا حول ولا قوة إلا بالله.فلا أحد ينقذ البشر وضمائرنا سواه.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store