
«هدنة غزة» عالقة بين عراقيل الشروط وآمال الانفراجة
ذلك المشهد التفاوضي المعقد، يفك خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» طلاسمه، مؤكدين أنه رغم التعتيم الجاري حالياً عن مستقبل المحادثات؛ فإن الأقرب حدوث «انفراجة» بضغوط أميركية صريحة ومباشرة وتجاوز أي «شروط معرقلة»، مع تقديم ضمانات لـ«حماس» في ظل توافقات أميركية إسرائيلية على تهدئة جبهة غزة لاحتمال توجيه ضربة ثانية لإيران حال فشلت المسار الحالي لمحادثات واشنطن طهران.
ووسط مفاوضات دائرة بالدوحة منذ الأحد الماضي، اشترط نتنياهو في مقطع مصور، الخميس، نزع سلاح «حماس» وألا تملك قدرات عسكرية وألا تحكم القطاع، مستبعداً إمكانية صفقة واحدة بغزة دون ذلك، ولوّح بالعودة للحرب، قائلاً: «إذا أمكن الحصول على ذلك عبر التفاوض، فسيكون ذلك جيداً، وإلا فسنحصل عليه بوسائل أخرى، بقوة جيشنا البطل».
وطرح وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، الخميس، في مقابلة مع صحيفة «داي برس» النمساوية، شرطاً آخر لمستقبل المفاوضات، قائلاً إن نفي قادة «حماس» يمكن «أن يكون جزءاً من الحل لوضع حد للحرب».
بالمقابل، انتقدت «حماس» في بيان «النيات الخبيثة والسيئة» الإسرائيلية، مؤكدة أنها عرضت سابقاً التوصل إلى «صفقة تبادل شاملة، يتم خلالها الإفراج عن جميع الأسرى دفعة واحدة، مقابل اتفاق يحقق وقفاً دائماً للعدوان، وانسحاباً شاملاً لجيش الاحتلال، وتدفّقاً حراً للمساعدات، لكنّ نتنياهو رفض هذا العرض في حينه، ولا يزال يراوغ ويضع المزيد من العراقيل».
غير أن «حماس» شددت على أنها مستمرة في تعاملها «الإيجابي والمسؤول» في المفاوضات نحو اتفاق يفضي لوقف الحرب مقابل إطلاق سراح أسرى من الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وذلك بعد يوم من بيان للحركة، أفاد بأن «هناك العديد من النقاط الجوهرية قيد التفاوض في محادثات وقف إطلاق النار الجارية، بما في ذلك تدفق المساعدات، وانسحاب القوات الإسرائيلية من أراضي القطاع، وتوفير ضمانات حقيقية لوقف دائم لإطلاق النار».
امرأة تنظر إلى الفلسطينيين وهم يتفقدون الخيام المدمرة في مخيم مؤقت للنازحين في خان يونس (أ.ف.ب)
وتزامن ذلك مع تصريحات صحافية من القيادي في «حماس»، باسم نعيم، أكد خلالها أن «ما فشل فيه نتنياهو على مدار 22 شهراً في الحرب والمجاعة لن يأخذه على طاولة المفاوضات».
وعادت إسرائيل للحديث عن تهديد ضرب إيران بعد زيارة نتنياهو لواشنطن التي تطرقت لملفي غزة وإيران، وقال وزير الدفاع، يسرائيل كاتس، في تصريحات الخميس، إن إسرائيل ستضرب إيران مجدداً «بقوة أشد» إذا تعرضت لتهديد منها.
وشنّت إسرائيل حرباً جوية استمرت 12 يوماً على إيران في يونيو (حزيران) الماضي، ما أثار مخاوف من اتساع رقعة الصراع في المنطقة. واتفق الجانبان على وقف إطلاق نار بوساطة أميركية، أعلنه الرئيس الأميركي دونالد ترمب في 23 يونيو الماضي.
أستاذ العلوم السياسية بمصر المتخصص في الشؤون الإسرائيلية والفلسطينية، الدكتور طارق فهمي، يتوقع أن تتحرك مفاوضات الهدنة من العراقيل والتعتيم المفروض على تفاصيلها إلى قبول الطرفين بانفراجة بضغوط أميركية، لافتاً إلى أن زيارة نتنياهو لواشنطن ناقشت ملفي غزة وإيران بشكل تباينت فيه الرؤى؛ لكن ترمب مُصرّ على إتمام الصفقة بغزة مع السماح لإسرائيل بتوجيه ضربة لإيران حال اضطرت الظروف لذلك.
وفرص الانفراجة، بحسب فهمي، ستتضمن قبول إسرائيل انسحابات تدريجية، خصوصاً من ممر موارغ قرب الحدود مع مصر، وقد تقبل «حماس» بذلك مع استمرار قناة الاتصال المباشر بينها وبين الإدارة الأميركية، ما يعزز مواقفها على حلبة المفاوضات وعدم دخول نتنياهو في تصادم مع ترمب وقبوله بتنفيذ صفقة غزة مقابل تقبل تطلعاته في استهداف إيران مجدداً.
المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور سهيل دياب، يرى أن «الحركة الفلسطينية قدمت أكثر ما يمكن تقديمه؛ لكن المفاوضات عالقة بسبب أزمات نتنياهو والإدارة الأميركية والداخل الإسرائيلي خاصة، ولا يزال لديه تردد كبير في اختيار السيناريوهات المطروحة له خاصة وكل محاولات تلاعبه بالجميع من أجل مصالحه الشخصية انتهت».
ولم يستبعد دياب أن يكون ملف التهدئة في غزة مرتبطاً بتفاصيل الملف الإيراني خاصة، وتفاصيل لقاءات نتنياهو وترمب لم تصدر بشكل تفصيلي بعد. ويبدو الترويج لحدوث انفراجة واتفاق خيار تدفع له إسرائيل وواشنطن مجدداً بشكل لافت في هذا التوقيت الذي يترقب العالم خلاله مسار اتفاق أو اختلاف أميركا وإيران.
قتلى فلسطينيون جراء الغارات الإسرائيلية على جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
وأعرب نتنياهو، الخميس، في مقابلة متلفزة، عن أمله في إبرام اتفاق خلال أيام قليلة، قائلاً: «50 رهينة لا يزالون محتجزين (لدى حماس)، ويُعتقد أن 20 منهم فقط على قيد الحياة، ولدينا الآن اتفاق من المفترض أن يخرج نصف الأحياء ونصف الأموات، وبهذا سيكون لدينا 10 أحياء متبقون، ونحو 12 رهينة متوفين، لكنني سأخرجهم أيضاً. آمل أن نتمكن من إبرامه في غضون أيام قليلة».
وعقب لقاء نتنياهو في البيت الأبيض مرتين، الأسبوع الماضي، كرر ترمب الحديث عن هدنة قريبة، وحدد الأسبوع الحالي (أي بعد أيام) موعداً محتملاً، وقال وزير خارجتيه، ماركو روبيو، الخميس، إن لديه «أملاً كبيراً» بالتوصل إلى اتفاق.
ووسط ذلك الترقب بين العراقيل والانفراجة، أطلع وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي خلال اتصال هاتفي نظيره الألماني، يوهان فاديفول، على مستجدات الأوضاع في قطاع غزة وتطورات المفاوضات الخاصة باستئناف وقف إطلاق النار وإطلاق سراح عدد من الرهائن والأسرى، مؤكداً «ضرورة حقن دماء الشعب الفلسطيني وضمان تدفق المساعدات الإنسانية إلى القطاع في ظل ما يعانيه من أوضاع إنسانية مأساوية»، وفق بيان لـ«الخارجية المصرية»، الجمعة.
ويرى فهمي أن «اتفاق غزة قادم قادم، والاتفاق سيدخل مراحله الأخيرة والنهائية، والأمر مسألة أيام. وقد نرى زيارة الأحد أو الاثنين من المبعوث الأميركي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف للمنطقة لوضع اللمسات الأخيرة»، مؤكداً أنه «لن تسمح واشنطن بإفشال الاتفاق حرصاً على مصالحها بالمنطقة وعدم إحراج ترمب أمام جمهوره خاصة وهو وعد أكثر من مرة بإتمامه».
ويعتقد دياب أن نتنياهو يريد صفقة بعد زيارة لواشنطن، ولا يستطيع أن يقول لا لترمب، ولذا هو أمام انفراجة قد تتيح له مزيداً من الوقت في إطار مصالحه السياسية أو تعثر وانفجار يطيح به، خاصة مع الخلافات والموقف الأميركي الضاغط.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الوئام
منذ ساعة واحدة
- الوئام
نتنياهو: حققنا نصرًا كبيرًا على إيران ونعمل مع ترمب على هدنة في غزة
قال رئيس وزراء حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إن إيران تمرّ بما وصفها بـ'ورطة كبيرة' عقب الضربات التي استهدفت منشآتها النووية، مشددًا على ضرورة استمرار الرقابة على البرنامج النووي الإيراني. وفي مقابلة مع شبكة 'فوكس نيوز' الأمريكية، اعتبر نتنياهو أن حكومته حققت 'نصرًا عظيمًا' ضد إيران، لافتًا إلى أن هذا الإنجاز 'يمكن أن يفتح الباب أمام نمو استثنائي'. اقرأ أيضًا: قانون ترامب الضريبي يمنح خصمًا على قروض السيارات: من المستفيد؟ وأشار إلى أن إسرائيل كانت قد اغتالت علماء نوويين إيرانيين في وقت سابق، مضيفًا أن من جرى قتلهم مؤخرًا في الحرب الأخيرة 'أكثر أهمية وتأثيرًا' على حد تعبيره. وفيما يخص الحرب المستمرة على قطاع غزة، كشف نتنياهو عن مباحثات أجراها خلال زيارته الأخيرة إلى الولايات المتحدة مع الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، بشأن اتفاق جديد في غزة، مشيرًا إلى أن الجانبين يعملان على بلورة اتفاق لوقف إطلاق النار يستمر لمدة 60 يومًا، معربًا عن أمله في التوصل إليه قريبًا. وأكد نتنياهو أن تل أبيب ماضية في تحقيق أهدافها في غزة، وعلى رأسها 'تدمير حركة حماس'، مشيرًا في الوقت ذاته إلى أن التنسيق مستمر مع إدارة ترمب بشأن تطبيع محتمل مع دول عربية، دون أن يذكر تفاصيل إضافية.

العربية
منذ ساعة واحدة
- العربية
موقع "واللا" نقل عن المصادر قولهم إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يتجه لاتخاذ قرار بزيادة الضغط العسكري على حماس
أفادت مصادر سياسية إسرائيلية أن القيادة السياسية قد تصدر أوامر للجيش بعودة المناورات البرية في وسط غزة إذا انهارت المفاوضات الجارية في الدوحة، الأحد. وأضافت المصادر لموقع "واللا" الإسرائيلي أن رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، يتجه لاتخاذ قرار بزيادة الضغط العسكري على حماس من خلال نقل العمليات العسكرية من شمال القطاع لوسطه، تزامناً مع دفع السكان جنوباً ومحاصرة مخيمات الوسط إلى جانب دير البلح وسط غزة. العرب والعالم الشرق الأوسط "الوضع تخطى مرحلة الخطر".. ارتفاع معدلات سوء التغذية الحاد بغزة كما أردفت أن إسرائيل وحماس تريدان التوصل إلى اتفاق لوقف النار، لكن لا تزال هناك خلافات يمكن حلها تحت ضغط الوسطاء خلال الساعات القادمة. "تعثر وصعوبات معقدة" يأتي ذلك فيما تبادلت حماس وإسرائيل، السبت، الاتهامات بتعطيل المفاوضات غير المباشرة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة. وقال مصدر فلسطيني لفرانس برس إن مفاوضات الدوحة التي بدأت الأحد الماضي "تواجه تعثراً وصعوبات معقدة نتيجة إصرار إسرائيل على خريطة للانسحاب قدمتها الجمعة، لإعادة انتشار وإعادة تموضع للجيش الإسرائيلي وليس انسحاباً، وتتضمن إبقاء القوات العسكرية على أكثر من 40% من مساحة قطاع غزة، وهو ما ترفضه حماس". كما حذر المصدر من أن خريطة الانسحاب "تهدف إلى حشر مئات آلاف النازحين في جزء من منطقة غرب رفح، تمهيداً لتنفيذ تهجير المواطنين إلى مصر أو بلدان أخرى، وهذا ما ترفضه حماس". كذلك شدد على أن وفد حماس المفاوض "لن يقبل الخرائط الإسرائيلية المقدمة لأنها تمثل منح الشرعية لإعادة احتلال حوالي نصف مساحة القطاع وجعل قطاع غزة مناطق معزولة بدون معابر ولا حرية التنقل". ولفت المصدر إلى أن الوسطاء القطريين والمصريين "طلبوا من الطرفين تأجيل التفاوض حول الانسحاب إلى حين وصول المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف للدوحة". اتهام حماس برفض "تقديم تنازلات" من جهته شدد مصدر فلسطيني ثانٍ وهو مسؤول مطلع على أن "حماس طالبت بانسحاب القوات الإسرائيلية من كافة المناطق التي تمت إعادة السيطرة الإسرائيلية عليها بعد 2 مارس الماضي"، أي بعد انهيار هدنة استمرت لشهرين، متهماً إسرائيل بـ"مواصلة سياسة المماطلة وتعطيل الاتفاق لمواصلة حرب الإبادة". لكنه أشار إلى "تقدم" أحرز بشأن "مسألة المساعدات وملف تبادل الأسرى" الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية ورهائن إسرائيليين محتجزين في غزة. غير أن مسؤولاً سياسياً إسرائيلياً رد متهماً حماس برفض "تقديم تنازلات" وبشن "حرب نفسية تهدف لتقويض المفاوضات". كما أضاف المسؤول أن إسرائيل "بيّنت استعدادها لإظهار مرونة في المفاوضات"، فيما نقلت وسائل إعلام إسرائيلية أن خطة جديدة لانسحاب الجيش الإسرائيلي يمكن أن تعرض في الدوحة. ومنذ الأحد الفائت يوجد وفدان من إسرائيل وحماس في قطر ضمن مساعٍ جديدة لإبرام اتفاق ينطوي على إطلاق سراح الرهائن على مراحل وانسحاب القوات الإسرائيلية ومناقشات حول إنهاء الحرب بالكامل، وفق رويترز.

العربية
منذ 3 ساعات
- العربية
نتنياهو: إيران سرّعت تخصيب اليورانيوم بعد سقوط حزب الله وأذرعها
أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أن إيران سرّعت تخصيب اليورانيوم بعد سقوط حزب الله وأذرعها. وقال نتنياهو في مقابلة مع "فوكس نيوز"، السبت: "نجحنا في تأخير البرنامج النووي الإيراني لسنوات".