logo
حرب السماء.. صراع التفوق بين نظامي S-400 وHQ-9 في سماء الهند وباكستان

حرب السماء.. صراع التفوق بين نظامي S-400 وHQ-9 في سماء الهند وباكستان

البوابة٣٠-٠٤-٢٠٢٥

تشهد منطقة جنوب آسيا واحدة من أكثر حالات التوتر الاستراتيجي تعقيدًا، حيث تقف الهند وباكستان على حافة صراع دائم تغذيه الموروثات التاريخية، وتغذيه ترسانات عسكرية متطورة تتصاعد وتيرة تحديثها باستمرار.
وفي حال اندلاع مواجهة عسكرية بين الدولتين النوويتين، ستكون معركة التفوق الجوي العامل الحاسم في ترجيح كفة أحد الطرفين. وبشكل خاص، فإن أنظمة الدفاع الجوي المتطورة، مثل S-400 الروسية وHQ-9 الصينية، تُمثل عنصرًا فارقًا في معادلة السيطرة الجوية.
خلفية الصراع الجوي:
المواجهة الجوية القصيرة بين الهند وباكستان في فبراير 2019 كانت بمثابة جرس إنذار للطرفين بشأن ثغراتهما في الدفاع الجوي. فقد خسرت الهند مقاتلة ميغ-21 وأسرت باكستان طيّارها، وهو ما شكّل إحراجًا لنيودلهي رغم تفوقها العددي والتكنولوجي العام. ومنذ ذلك الحين، اندفعت الدولتان لتحديث قدراتهما الدفاعية والجوية.
الأنظمة الدفاعية المتقدمة: S-400 vs HQ-9
1. نظام HQ-9 الباكستاني:
استلمته باكستان من الصين عام 2021، وهو مشتق تقنيًا من النظام الروسي S-300، ويشمل نسخًا متعددة، أبرزها HQ-9B وHQ-9P.
رغم تطوره، لا يتجاوز مدى النسخة P نحو 125 كم، بينما يمكن لبعض النسخ المتقدمة الاشتباك مع أهداف على مسافة 250 كم. ومع ذلك، فإن مدى الاشتباك العملي ضد الأهداف المناورة كصواريخ كروز والطائرات الشبحية يُعتقد أنه أقل بكثير، مما يحدّ من فعاليته في مواجهة هجمات دقيقة أو مركّبة.
2. نظام S-400 الهندي:
استلمت الهند أولى وحداته في ديسمبر 2021 بعد صفقة ضخمة بقيمة 5.43 مليار دولار مع روسيا. النظام يتمتع بقدرات رصد تصل إلى 600 كم، ونطاق اشتباك يتراوح بين 40 و400 كم بفضل صواريخه الأربعة المتعددة المهام، ومنها 40N6 بعيد المدى و9M96E المخصص للأهداف المناورة.
في أول اختبار حقيقي له خلال مناورات عام 2024، حقق النظام نسبة نجاح بلغت 80% في إسقاط الأهداف المحاكاة، مما يشير إلى مستوى دمج متقدم في العقيدة العسكرية الهندية.
المقارنة التقنية:
التحديات والخفايا:
رغم تفوق نظام S-400، إلا أن وجود دول كالصين وتركيا ضمن مشغليه يضعف ميزته الاستراتيجية المطلقة، إذ من المحتمل أن تمتلك هذه الدول معلومات دقيقة عن نقاط ضعف النظام قد تتقاسمها مع باكستان.
من جانب آخر، فقد كشفت الحرب الروسية الأوكرانية أن S-400 ليس منيعًا، حيث تمكنت أوكرانيا من اختراقه وتدمير بعض وحداته، مما يكشف عن ثغرات في كشف الأهداف منخفضة البصمة مثل المسيّرات والصواريخ المتقدمة.
ترافق أنظمة الدفاع الجوي أنظمة هجومية متقدمة، فالهند أدخلت مقاتلات رافال الفرنسية المجهزة بصواريخ ميتيور بعيدة المدى، ما منحها تفوقًا هجوميًا يتكامل مع قدرة دفاعها الجوي. في المقابل، لا تزال باكستان تعتمد على مقاتلات JF-17 وصواريخ PL-15 الصينية، وهي أقل قدرة نسبيًا.
رغم وجود نظامي دفاع جوي قويين لدى الطرفين، إلا أن الميزان يميل بوضوح نحو الهند من حيث المدى، المرونة، والتكامل العملياتي بين الدفاع والهجوم. إلا أن فعالية أي نظام تظل رهينة لطبيعة المعركة، وتوقيت الضربة، والمفاجأة التكتيكية. كما أن الدعم الخارجي، كالتنسيق الاستخباراتي أو الإلكتروني، سيشكل العامل الخفي الذي قد يقلب المعادلة في أي وقت.
التفوق الجوي بين الهند وباكستان لا تحسمه الأنظمة وحدها، بل القدرة على دمجها ضمن استراتيجية دفاعية وهجومية متكاملة، والاستفادة من حلفاء يمتلكون أسرار العدو أكثر من الأسلحة نفسها.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مظلة نووية فرنسية لأوروبا.. هل ينجح ماكرون في إزاحة أمريكا؟
مظلة نووية فرنسية لأوروبا.. هل ينجح ماكرون في إزاحة أمريكا؟

العين الإخبارية

time١٥-٠٥-٢٠٢٥

  • العين الإخبارية

مظلة نووية فرنسية لأوروبا.. هل ينجح ماكرون في إزاحة أمريكا؟

فكرة الانتقال من المظلة النووية الأمريكية إلى المظلة النووية الفرنسية مطروحة، لكن هل يمكن واقعيا تنفيذها بكل ما يحمله ذلك من تعقيدات؟ ففي ظل تزايد المخاوف الأوروبية من تراجع الضمانات الأمنية الأمريكية في أوروبا، يعيد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون طرح سؤال جوهري: هل يمكن لباريس أن تمد مظلتها النووية إلى جيرانها الأوروبيين؟ وأعاد إعلان ماكرون الأخير بشأن استعداده لفتح نقاش مع الشركاء الأوروبيين حول "الردع النووي المشترك" تسليط الضوء على العقيدة النووية الفرنسية. كما فتح الباب أمام جدل واسع النطاق حول فعالية هذا التوجه، وحدوده السياسية والعسكرية، ومدى تقبله أوروبياً. فهل هي بداية نحو سياسة ردع نووية أوروبية مستقلة؟ أم مجرد تحرك رمزي لا يغير قواعد اللعبة؟ بين الفكرة والواقع في كلماته القليلة التي جاءت خلال مقابلته التلفزيونية مساء الثلاثاء، أثار ماكرون جدلاً واسعًا حين تطرق إلى فكرة توسيع الردع النووي الفرنسي ليشمل "المصالح الحيوية" للأوروبيين. وقال: "منذ أن وُضعت عقيدة نووية في فرنسا، منذ عهد الجنرال ديغول، كان هناك دائمًا بعد أوروبي في حسابات المصالح الحيوية. نحن لا نفصل ذلك، لأن الغموض يتماشى مع الردع". وأضاف أنه مستعد لمواصلة المناقشات الاستراتيجية مع "الشركاء الراغبين". ورغم أنه لم يخض في التفاصيل، إلا أن مجرد طرح الفكرة فتح الباب لتساؤلات كثيرة، خاصة أن كل كلمة في ملف النووي لها وزنها. كما تزامن حديثه مع تنفيذ "عملية بوكر"، وهي مناورة دورية تحاكي هجومًا نوويًا فرنسيًا، تُجرى كل ثلاثة أشهر. ومنذ اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا، بدأ الغرب في إعادة التفكير بالمفاهيم النووية، خصوصا أن العديد من دول أوروبا كانت تعتمد كليًا على "المظلة النووية الأمريكية". لكن في ظل احتمال عودة دونالد ترامب إلى السلطة، وما يرافق ذلك من مؤشرات على تراجع الانخراط الأمريكي في الشؤون الأوروبية، بات بعض الأوروبيين يرون ضرورة البحث عن مظلة نووية بديلة أو موازية. وفي هذا السياق، أعلن ماكرون مجددًا استعداده لتوسيع المظلة النووية الفرنسية لتشمل حلفاء آخرين في أوروبا، وهي تصريحات استقبلها الكرملين بفتور وسخرية، بحسب محطة "بي.إف.إم" التلفزيونية الفرنسية. وصرح دميتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين، بأن "نشر الأسلحة النووية في القارة الأوروبية لن يجلب الأمن ولا الاستقرار"، مشددًا على الحاجة إلى "جهود كبيرة من موسكو وواشنطن والدول النووية الأوروبية لبناء هيكل أمني استراتيجي في أوروبا". القرار النهائي من جهته، أوضح ماكرون أنه لا يعرض "دفع ثمن أمن الآخرين"، وأن أي مشاركة نووية فرنسية يجب ألا تكون على حساب القدرات الوطنية، مؤكدا أن القرار النهائي سيظل بيد فرنسا وحدها. وأبدى انفتاحه على مناقشة إمكانية نشر طائرات رافال محمّلة بأسلحة نووية في دول أوروبية أخرى، وهي خطوة ستكون رمزية بالدرجة الأولى أكثر منها عملية. والعقيدة الفرنسية لا توفر حاليًا سوى سبل محدودة للتعاون النووي، مثل إشراك طائرات أوروبية في المناورات الفرنسية كطائرات مرافقة فقط. بينما تظل فرنسا وبريطانيا الدولتان النوويتان الوحيدتان في أوروبا الغربية، فيما تبقى الدول الأخرى تحت المظلة الأمريكية. لكن الملف بدأ يكتسب زخمًا سياسيًا، إذ عبّر بعض قادة الدول الاسكندنافية، المعروفة بتحفظها التقليدي تجاه الأسلحة النووية، عن انفتاح على النقاش. كذلك، فإن الرئيس الفرنسي لم يطرح هذا الموضوع من فراغ، ففي مارس/آذار الماضي، ردّ على دعوة وجهها فريدريخ ميرتس، الزعيم المحافظ الألماني، الذي دعا إلى التحضير لـ"السيناريو الأسوأ"، وهو انسحاب الضمانات النووية الأمريكية. وفي لقائه الأخير مع رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك في مدينة نانسي الفرنسية، أعلن ماكرون أن "المصالح الحيوية لفرنسا تشمل أيضًا مصالح شركائها الرئيسيين"، في إشارة واضحة إلى توسيع مظلة الردع الفرنسية لتشمل دولًا أوروبية شرقًا وغربًا. تحول استراتيجي في قراءته للتطورات، قال الباحث السياسي الفرنسي ومدير معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية الفرنسي، باسكال بونيفاس، إن "تصريحات ماكرون تمثل تحولًا استراتيجيًا في التفكير الفرنسي التقليدي حول الردع النووي". وأوضح بونيفاس، في حديث لـ"العين الإخبارية"، أنه "لأول مرة منذ نهاية الحرب الباردة، تتحدث فرنسا صراحة عن دور أوروبي محتمل لسلاحها النووي، ولكنها تفعل ذلك بحذر بالغ. الغموض المتعمد في تصريحات ماكرون ليس فقط تكتيكًا نوويًا، بل أيضًا وسيلة للقيادة دون فرض". وأضاف: "فرنسا تدرك أن فرض مظلتها النووية على الأوروبيين أمر غير واقعي بدون موافقتهم، لكنها تعرض نفسها كخيار بديل في حال تراجع الدعم الأمريكي. هذا لا يعني تأسيس 'ناتو نووي أوروبي'، بل شبكة ردع مرنة تحت سيادة فرنسية". سد فراغ محتمل من جانبه، قال لوران لونسون – الباحث في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، لـ"العين الإخبارية"، إن باريس لا تسعى إلى تقويض المظلة الأمريكية، بل تحاول شغل فراغ محتمل إذا انسحبت واشنطن. ورأى أن "المعضلة الحقيقية تكمن في أن الردع النووي لا يُقاس فقط بعدد الرؤوس النووية، بل أيضًا بإرادة استخدامها. الأوروبيون لم يحسموا موقفهم من هذا الأمر، وهنالك تردد ألماني عميق، خاصة في ظل تاريخهم". بدوره، اعتبر دومينيك ترياني، أستاذ الاستراتيجية والدراسات الدفاعية في جامعة باريس الثانية، لـ"العين الإخبارية"، أن "القول إن الردع النووي الفرنسي يشمل الأوروبيين دون تحديد آليات الرد المشترك أو حتى قواعد الاشتباك يطرح تحديًا حقيقيًا على المستوى الاستراتيجي". وتابع: "هل ستقبل بولندا أو ألمانيا بتواجد طائرات فرنسية نووية على أراضيها دون أن يكون لهما صوت في قرار استخدامها؟ هذا سؤال يجب طرحه". وتبدو مبادرة ماكرون بشأن توسيع المظلة النووية الفرنسية خطوة طموحة في لحظة جيوسياسية مضطربة. لكنها في الوقت نفسه تطرح تساؤلات استراتيجية وأخلاقية لا يمكن تجاوزها بسهولة. فبين رغبة فرنسا في لعب دور الضامن الأمني لأوروبا، وتردد بعض الشركاء في المشاركة بمشروع ردع تهيمن عليه باريس، تبقى فكرة "الردع النووي الأوروبي" محل جدل مفتوح. ومع تصاعد التهديدات على حدود أوروبا الشرقية، قد لا يملك القادة الأوروبيون رفاهية تأجيل هذا النقاش طويلاً. aXA6IDM4LjIyNS40LjE0OCA= جزيرة ام اند امز SE

الصين تراقب باهتمام أداء أنظمة أسلحتها في القتال بين الهند وباكستان
الصين تراقب باهتمام أداء أنظمة أسلحتها في القتال بين الهند وباكستان

الإمارات اليوم

time١١-٠٥-٢٠٢٥

  • الإمارات اليوم

الصين تراقب باهتمام أداء أنظمة أسلحتها في القتال بين الهند وباكستان

يُتيح الصراع المتصاعد بين الهند وباكستان للعالم لمحة حقيقية أولى عن أداء التكنولوجيا العسكرية الصينية المتقدمة في مواجهة المعدات الغربية المُجرّبة. وبدأت أسهم الدفاع الصينية بالارتفاع بالفعل، فقد ارتفعت أسهم شركة «أفيك تشنغدو إيركرافت» الصينية بنسبة 40% هذا الأسبوع، بعد أن زعمت باكستان أنها استخدمت طائرات «جي-10 سي» المقاتلة التي تنتجها شركة «إيه في آي سي» لإسقاط طائرات مقاتلة هندية، بما في ذلك طائرة «رافال» الفرنسية المتطورة، خلال معركة جوية يوم الأربعاء الماضي. ولم تُعلّق الهند على مزاعم باكستان ولم تُقرّ بأي خسائر في الطائرات. وعندما سُئل عن مشاركة الطائرات الصينية الصنع قال متحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، يوم الخميس الماضي، إنه ليس على دراية بالوضع. ومع ذلك، وبصفتها المورد الرئيس للأسلحة لباكستان، فمن المرجح أن تُراقب الصين باهتمام أداء أنظمة أسلحتها في القتال الحقيقي، وكيف يُمكن أن يكون. وكونها قوة عسكرية عظمى صاعدة، لم تخض الصين حرباً كبرى منذ أكثر من أربعة عقود، لكن في عهد الزعيم شي جينبينغ، سارعت الصين لتحديث قواتها المسلحة، مكرّسة مواردها لتطوير أسلحة وتقنيات متطورة. كما وسّعت نطاق حملة التحديث هذه لتشمل باكستان، التي لطالما أشادت بها بكين ووصفتها بـ«الأخ القوي». وعلى مدى السنوات الخمس الماضية، زوّدت الصين باكستان بـ81% من الأسلحة المستوردة، وفقاً لبيانات معهد استوكهولم الدولي لأبحاث السلام. وتشمل هذه الصادرات طائرات مقاتلة متطورة، وصواريخ، ورادارات، وأنظمة دفاع جوي. ويقول الخبراء إنها ستلعب دوراً محورياً في أي صراع عسكري بين باكستان والهند. كما تم تطوير بعض الأسلحة المصنعة في باكستان، بالاشتراك مع شركات صينية، أو تم تصنيعها بتقنيات وخبرات صينية. التوازن التكتيكي ويقول مدير الأمن الدولي في مؤسسة آسيا والمحيط الهادئ، ساجان غوهيل، وهي مؤسسة بحثية مقرها لندن: «هذا يجعل أي تفاعل بين الهند وباكستان بيئة اختبار فعلية للصادرات العسكرية الصينية». كما انخرط الجيشان الصيني والباكستاني في مناورات جوية وبحرية وبرية مشتركة متطورة بشكل متزايد، شملت محاكاة قتالية وحتى تدريبات على تبادل الطواقم. وصرح الزميل البارز في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات ومقرها الولايات المتحدة، كريغ سينغلتون، قائلاً: «إن دعم بكين طويل الأمد لإسلام آباد من خلال المعدات والتدريب، والآن الاستهداف المدعوم بالذكاء الاصطناعي بشكل متزايد، قد غيّر التوازن التكتيكي بهدوء». وتابع: «لم يعد هذا مجرد صدام ثنائي، بل هو لمحة عن كيفية إعادة تشكيل صادرات الدفاع الصينية لقوة الردع الإقليمية». هذا التحول الذي برز بوضوح شديد نتيجة تصاعد التوترات بين الهند وباكستان في أعقاب مقتل مجموعة سياحية في كشمير، يُبرز إعادة تنظيم جيوسياسي أوسع نطاقاً في المنطقة، حيث برزت الصين كمتحدٍ رئيس للنفوذ الأميركي. وخاضت الهند وباكستان حرباً على كشمير ثلاث مرات منذ استقلالهما عن بريطانيا عام 1947. وخلال ذروة الحرب الباردة دعم الاتحاد السوفييتي الهند، بينما دعمت الولايات المتحدة والصين باكستان، والآن تلوح في الأفق حقبة جديدة من التنافس بين القوى العظمى على الصراع الطويل الأمد بين الجارتين النوويتين في جنوب آسيا. وعلى الرغم من سياستها التقليدية المتمثلة في عدم الانحياز فقد اقتربت الهند من الولايات المتحدة أكثر فأكثر، حيث توددت الإدارات الأميركية المتعاقبة إلى العملاق الصاعد في جنوب آسيا كثقل استراتيجي موازن للصين. وكثفت الهند مشترياتها من الأسلحة من أميركا وحلفائها، بما في ذلك فرنسا وإسرائيل، مع تقليل اعتمادها على الأسلحة الروسية بشكل مطرد. وفي غضون ذلك، عمقت باكستان علاقاتها مع الصين، لتصبح «شريكها الاستراتيجي الدائم» ومشاركاً رئيساً في مشروع البنية التحتية العالمي الأبرز، للرئيس شي جينبينغ (مبادرة الحزام والطريق). ووفقاً لبيانات معهد استوكهولم الدولي لأبحاث السلام، زودت كل من الولايات المتحدة والصين نحو ثلث الأسلحة التي استوردتها باكستان في أواخر العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، لكن باكستان توقفت عن شراء الأسلحة الأميركية في السنوات الأخيرة، وزادت وارداتها من الأسلحة الصينية. ويشير الباحث البارز في برنامج نقل الأسلحة التابع لمعهد استوكهولم الدولي لأبحاث السلام، سيمون ويزمان، إلى أنه في حين أن الصين كانت مورّداً مهماً للأسلحة لباكستان منذ منتصف الستينات، إلا أن هيمنتها الحالية تنبع إلى حد كبير من سد الفراغ الذي خلفته الولايات المتحدة. أعنف اشتباك ومع حصول باكستان على معظم تسليحها من الصين، وحصول الهند على أكثر من نصف أسلحتها من الولايات المتحدة وحلفائها، فإن أي صراع بين الجارتين قد يتحول فعلياً إلى مواجهة بين التقنيات العسكرية الصينية والغربية، فبعد أسابيع من تصاعد الأعمال العدائية عقب مقتل 26 سائحاً، معظمهم من الهنود، على أيدي مسلحين في منطقة جبلية في الشطر الهندي من كشمير، شنت الهند ضربات صاروخية في ساعة مبكرة من صباح الأربعاء الماضي، مستهدفة ما وصفته بـ«البنية التحتية للإرهاب» في كل من باكستان والشطر الباكستاني من كشمير. ويعتقد محللون أن الصواريخ والذخائر أطلقتها طائرات «رافال» الهندية، الفرنسية الصنع، وطائرات «سو-30» المقاتلة الروسية الصنع. وفي غضون ذلك، روجت باكستان لنصر عظيم حققته قواتها الجوية، مدّعية أن خمس مقاتلات هندية، ثلاث طائرات «رافال»، وطائرة «ميغ-29»، وطائرة «سو-30» أسقطتها مقاتلاتها من طراز «جي-10 سي» خلال معركة استمرت ساعة. وقال الباحث في العلاقات الدولية في جامعة «قائد أعظم» في إسلام آباد، سلمان علي بيتاني: «تُوصف هذه المعركة الآن بأنها أعنف اشتباك (جو-جو) بين دولتين مسلحتين نووياً». وأضاف: «مثّلت هذه المعركة علامة فارقة في الاستخدام العملي للأنظمة الصينية المتقدمة». ولم تعترف الهند بأي خسائر في الطائرات، ولم تُقدّم باكستان بعد أدلة تدعم مزاعمها، لكن مصدراً في وزارة الدفاع الفرنسية قال إن طائرة هندية واحدة على الأقل من أحدث الطائرات الحربية وأكثرها تطوراً، وهي طائرة «رافال»، مقاتلة فرنسية الصنع، فُقدت في المعركة. وقال مؤسس شركة تحليلات الدفاع «كوا غروب»، بلال خان، ومقرها تورنتو: «إذا تأكد ذلك فهذا يشير إلى أن أنظمة الأسلحة المتاحة لباكستان، على أقل تقدير، حديثة مقارنة بما تقدمه أوروبا الغربية (وخاصة فرنسا)». ورغم غياب التأكيد الرسمي والأدلة القاطعة، لجأ القوميون الصينيون والمتحمسون للعسكرية إلى وسائل التواصل الاجتماعي للاحتفال بما يعتبرونه انتصاراً لأنظمة الأسلحة الصينية الصنع. وأغلقت أسهم شركة «أفيك تشنغدو إيركرافت»، وهي الشركة المصنعة للطائرات المقاتلة الباكستانية «جي-10 سي»، على ارتفاع بنسبة 17% في بورصة «شنتشن»، يوم الأربعاء الماضي، حتى قبل أن تزعم باكستان أن هذه الطائرات استخدمت لإسقاط طائرات هندية. وارتفعت أسهم الشركة بنسبة 20% إضافية يوم الخميس الماضي. وطائرة «جي-10 سي» هي أحدث نسخة من مقاتلة «جي-10» الصينية أحادية المحرك ومتعددة المهام، والتي دخلت الخدمة مع القوات الجوية الصينية في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. وهذه الطائرة مزودة بأنظمة تسليح وإلكترونيات طيران متطورة، وتُصنف كمقاتلة من الجيل الرابع والنصف في فئة «رافال»، لكنها أدنى من طائرات الشبح من الجيل الخامس، مثل «جي 20» الصينية أو «إف 35» الأميركية. دفعة هائلة للثقة وسلمت الصين الدفعة الأولى من طائرة «جي- 10 سي»، النسخة المخصصة للتصدير إلى باكستان في عام 2022، وفقاً لما ذكرته هيئة الإذاعة والتلفزيون الصينية آنذاك. وهي الآن أكثر الطائرات المقاتلة تطوراً في ترسانة باكستان، إلى جانب «جي اف-17 بلوك III»، وهي مقاتلة خفيفة الوزن من الجيل الرابع والنصف، طورتها باكستان والصين بشكل مشترك. كما تُشغّل القوات الجوية الباكستانية أسطولاً أكبر من طائرات «إف-16» أميركية الصنع، استُخدمت إحداها لإسقاط مقاتلة هندية سوفييتية التصميم خلال مواجهة عسكرية عام 2019. وقال العقيد المتقاعد، تشو بو، الزميل البارز في مركز الأمن الدولي والاستراتيجية بجامعة «تسينغهوا» في بكين، إنه إذا استُخدمت طائرات «جي- 10 سي» الصينية الصنع لإسقاط طائرات «رافال» الفرنسية الصنع، فسيكون ذلك «دفعة هائلة للثقة في أنظمة الأسلحة الصينية». وأضاف تشو أن «ذلك سيثير استغراب الناس حقاً، لاسيما وأن الصين لم تخض حرباً منذ أكثر من أربعة عقود». وتابع: «من المحتمل أن يُمثل ذلك دفعة قوية لمبيعات الأسلحة الصينية في السوق الدولية». وقبل أكثر من عقد من الزمان اتهمت الولايات المتحدة باكستان بعدم بذل جهود كافية لمحاربة «الإرهابيين»، بمن فيهم مقاتلو طالبان، الذين زعمت أنهم يعملون انطلاقاً من باكستان أو يتلقون الإمدادات منها. وأضاف: «وجدت (الولايات المتحدة) أخيراً الهند شريكاً بديلاً في المنطقة. ونتيجة لذلك، قطعت (الولايات المتحدة) بشكل أو بآخر إمدادات الأسلحة الأميركية عن باكستان، ومن ناحية أخرى، زادت إمدادات الصين من الأسلحة بشكل ملحوظ». ولاتزال الولايات المتحدة أكبر مُصدّر للأسلحة في العالم، حيث تُمثّل 43% من صادرات الأسلحة العالمية بين عامي 2020 و2024، وفقاً لبيانات معهد استوكهولم الدولي لأبحاث السلام. وهذا يُمثّل أكثر من أربعة أضعاف حصة فرنسا، التي تحتل المرتبة الثانية، تليها روسيا. وتحتل الصين المرتبة الرابعة، حيث يذهب ما يقرب من ثلثي صادراتها من الأسلحة إلى دولة واحدة هي باكستان. ويتفق خان على أن إسقاط الطائرة في حال تأكيده، سيُسهم بشكل كبير في تعزيز صناعة الدفاع الصينية، مُشيراً إلى أنه من المُرجّح أن يكون هناك اهتمام من «قوى في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا» للحصول على الأسلحة الصينية والتي عادة لا تستطيع الوصول إلى «أحدث التقنيات الغربية». عن «سي إن إن» . الولايات المتحدة لاتزال أكبر مُصدّر للأسلحة في العالم، حيث تمثل 43% من صادرات الأسلحة العالمية بين عامي 2020 و2024.

الشرارة التي قد تُسقط أحجار الشطرنج الدولية
الشرارة التي قد تُسقط أحجار الشطرنج الدولية

صدى مصر

time١٠-٠٥-٢٠٢٥

  • صدى مصر

الشرارة التي قد تُسقط أحجار الشطرنج الدولية

الشرارة التي قد تُسقط أحجار الشطرنج الدولية كتبت | هويده عبد العزيز – مصر ما بين ضجيج مضيق تايوان وصمت جبال كشمير، وبينما يترقب العالم، بعين قلقة، التوتر المتصاعد بين الصين وتايوان، انفجر بركان أشد خطرًا وأسرع اشتعالًا بين الهند وباكستان. بركان يفتح بابًا جديدًا للفوضى في نظام عالمي لم يلتقط أنفاسه بعد؛ لامن صدمة حرب أوكرانيا، ولا من مأساة غزة، ولا حتى من الارتجاجات السياسية والاقتصادية التي عصفت بالشرق الأوسط منذ ثورات الربيع العربي، مرورًا بجائحة كورونا، وصولًا إلى زلازل التطبيع وتبدّل خرائط التحالفات الجيوسياسية. الحرب بين نيودلهي وإسلام آباد ليست مجرد جولة عسكرية جديدة في نزاع كشمير الدامي، بل أزمة شاملة تنذر بإعادة تشكيل ميزان الردع في آسيا، وإعادة ترتيب الأوراق على رقعة الشطرنج الدولية. رغم أن الاشتباك بدأ في سفوح الهيمالايا، إلا أن ارتداداته تهزُّ شواطئ الخليج وتهدد استقرار طهران ودمشق وبغداد، بل تُعيد طرح الأسئلة الكبرى حول مصير المنطقة العربية في المعادلات المقبلة. بداية الأزمة: في الثاني والعشرين من أبريل الماضي، وقعت مجزرة مروّعة في منطقة باهالغام الكشميرية، حيث قُتل 26 سائحًا هنديًا، معظمهم من الهندوس. وجهت نيودلهي أصابع الاتهام مباشرة إلى 'جبهة المقاومة' المدعومة، حسب زعمها، من باكستان. وقد نفت ' إسلام آباد ' الاتهامات بشدة، مطالبة بتحقيق دولي مستقل، لكن الهند قررت الرد بعملية عسكرية استباقية واسعة، حملت اسم 'سيندور' التي بدأت فجر السابع من مايو\ أيار، حيث شنت الهند ضربات جوية مكثفة على تسعة مواقع في كشمير الباكستانية، باستخدام طائرات رافال وطائرات كاميكازي بدون طيار، وقالت إنها استهدفت معسكرات تابعة لـ'جيش محمد' و'لشكر طيبة'، وأسفرت الضربات، حسب الرواية الهندية، عن مقتل أكثر من 70 عنصرًا مسلحًا. لم تنتظر باكستان طويلاً ! في اليوم التالي، أعلنت إسقاط 25 طائرة مسيّرة إسرائيلية الصنع أطلقتها الهند، وقالت إن إحداها استهدفت منشأة عسكرية قرب مدينة لاهور. وسرعان ما ردّت إسلام آباد بهجمات عبر مسيّرات وصواريخ استهدفت مدنًا هندية مثل جامو وأمريتسار، لكن الهند أعلنت اعتراض معظم الهجمات باستخدام المنظومة الروسية إس400. ما بدأ بضربات محدودة تطوّر سريعًا إلى حرب مسيّرات وصواريخ مفتوحة، تسببت في سقوط قتلى من المدنيين والعسكريين على الجانبين. المشهد بات مرعبًا للعالم أجمع مع اشتعال حدود كشمير، اشتباك متبادل، وتصعيد قد يفلت من عقاله في أي لحظة. ومع استمرار التصعيد في أيار/مايو 2025، و تذوق باكستان نشوة تحطيم الغرور الهندي والتفوق الاستراتيجي واسقاط عدد من مقاتلاتها، تقترب آسيا من شفا هاوية حرب نووية محتملة. فالخطر اليوم لا يكمن فقط في الصراع المسلح بين خصمين تقليديين، بل في كون كلٍّ منهما قوة نووية معلنة. وأي خطأ في الحسابات قد يُشعل أول مواجهة نووية منذ الحرب العالمية الثانية، إن لم يتم العثور على آلية دبلوماسية فعّالة لتهدئة الوضع، فإن العالم، لا سيما آسيا، سيكون على حافة هاوية يصعب التنبؤ بتداعياتها.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store