الأردن موقف ثابت ورسالة إنسانية
في ظل سقف توقعات مرتفع وظروف دقيقة، وتسارع المتغيرات السياسية على الصعيدين الإقليمي والدولي، وما يشهده الشرق الأوسط من تصعيدا مستمرًا، في غزة، تزداد الحاجة إلى التمييز بين التحليل السياسي الموضوعي وبين حملات التضليل والتشويه، خصوصًا في ظل تحوّل منصات التواصل الاجتماعي إلى بيئة خصبة للمندسين وأصحاب الأجندات، ممن يحاولون استغلال مقاطع فيديو وصور قديمة خارج سياقها، لخلق حالة من الإرباك وإثارة القلق بين الناس، في محاولة لتشويش الوعي العام.
لتلك الفئة نقول: الشعب الأردني متماسك ومثقف، ولديه الوعي الحقيقي ، ولا يمكن اختراق صفوفه، بالتفاهات المغرضة.
الأردن تاريخيًا كان له موقف داعم للقضية الفلسطينية، ومرتبط بها جغرافيًا وسياسيًا واجتماعيًا.
جهود الأردن الإنسانية تجاه غزة لم تتوقف أبدا، من خلال إرسال مساعدات إنسانية وطبية عبر جسر الملك حسين، وتسير القوافل بالتنسيق الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية، والقوات المسلحة، وبالتعاون مع عدد من الجهات الرسمية والمنظمات الإنسانية، ضمن سلسلة من المبادرات الأردنية الرامية إلى التخفيف من معاناة المدنيين في غزة.
لقد كان الأردن سباق في تشغيل مستشفى ميداني عسكري في غزة منذ سنوات، ولا يزال يقدم الخدمات والتسهيلات والمساعدات الإنسانية .
كما عمل منذ بداية الأزمة على إرسال طائرات مساعدات، وإنزالات جوية بالتنسيق مع جهات دولية.
منذ اندلاع حرب عام 2023 وحتى عام 2025، ما فتئ الأردن يطالب الأمم المتحدة، والدول الإقليمية، باتخاذ خطوات جدية لوقف العدوان ووضع حد لانتهاكات حقوق الإنسان، ورفع الحصار الكامل عن غزة. ومنع تهجير السكان، والالتزام بالعمل الإنساني الجاد بناءً على التقييمات للاحتياجات والظروف المستجدة على أرض الواقع، وذلك كله بهدف ضمان وصول المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة إلى أهل غزه.
إضافه إلى ذلك لم تتوقف تصريحات قوية رسمية من الملك عبد الله الثاني ترفض تهجير الفلسطينيين أو تجويع غزة والضفة، مزامنة مع نشاط دبلوماسي مكثف في الأمم المتحدة وأمام الدول الكبرى لدعم وقف إطلاق النار.
رغم كل الظروف الصعبة، يظل الموقف الأردني ثابتًا ومتوازنًا، قائمًا على تحمل المسؤولية الوطنية والإنسانية في دعم الأشقاء في غزة.
وبالتالي من المهم جدا التأكيد على ضرورة تحكيم العقل ورفض الانجراف خلف حملات التشكيك والإشاعات التي لا تخدم سوى أجندات الفتنة والتفرقة، بعيدًا عن المصلحة الوطنية والقيم الأخلاقية.
حمى الله الأردن ..
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العرب اليوم
منذ 26 دقائق
- العرب اليوم
العقلانية السياسية في منطقة أرهقتها الآيديولوجيات
تتوسَّع في منطقتنا رقعة مناخ سياسي يقوم على فكرة بسيطة مفادها بأنَّ الاستقرار يبدأ من الداخل، وبأنَّ التنمية هي أساس الشرعية. لا يرفع هذا التيارُ السياسي شعاراتٍ آيديولوجية كبرى، ولا يَعِدُ بتحولات جذرية في موازين القوى عبر المواجهات الدائمة، بل يعيد تعريف السياسة بوصفها أداة للإدارة والمنفعة المشتركة. الخطاب الأخير للعاهل المغربي الملك محمد السادس، بمناسبة عيد العرش، جزء واضح من هذا السياق. فسياسة اليد الممدودة، التي جدَّد الملك الالتزام بها حيال الجزائر، تلاقي خطوات مماثلة، مثل «مصالحةِ العُلا» في يناير (كانون الثاني) 2021، التي أنهت الأزمة الخليجية مع قطر، والاتفاقِ السعودي - الإيراني، برعاية الصين، في مارس (آذار) 2023. وهو موقف تتأكد مصداقيته واستراتيجيته في ضوء أنَّ المغرب، على الرغم من بعض الحساسيات السيادية مع جيران آخرين مثل إسبانيا، يمضي في مشروعات تعاون إقليمي طموحة، مثل تنظيم «كأس العالم 2030» إلى جانب إسبانيا والبرتغال، مقدماً مصلحته في تثبيت موقعه داخل جنوب المتوسط على سياسات التعبئة والهوية. ولا ينفصل تركيز خطاب العرش على تنمية البنية التحتية الوطنية وتنويع الاقتصاد ومشروعات التكامل الإقليمي، ومواجهة قضايا البيئة والمناخ والطاقة المتجددة، عن توجه دول العقلانية السياسية العربية بهذا الخصوص، في منطقة أرهقتها الآيديولوجيات الكبرى، والعناوين العقائدية الوهمية المفصولة عن حقيقة التحديات التي يعيشها الإنسان العربي. ثمة، إذن، تيار عربي يتجذّر، في لحظة صراعية عربية محتدمة، وهو يسعى بوضوح لإعادة تعريف السياسة، من حيث أدواتها ومشروعها الإنساني ومجالها الحيوي، لا من حيث بنيتها السلطوية فقط. تكمن أهمية هذه التوجهات، التي يكتسب قادتها ثقة متنامية، في أنَّها تخلف عقدين مريرين: الأول؛ هيمنت عليه الحرب الأميركية على الإرهاب ومساعي الدمقرطة بالقوة. والثاني؛ هيمنت عليه سنوات «الربيع العربي» بكل ما أنتجته من انهيار مريع في مرتكزات الدول الوطنية. في المقابل، تَعِدُ الموجة السياسية الراهنة بإنتاج «استقرار عملي»، تحلّ فيه سياسات المنفعة العامة وتجسير المصالح والتفاوض البراغماتي، محل شعارات التغيير الديمقراطي الفوضوي. إلى ذلك، تفرض دول التيار العقلاني العربي فاعليتها الإقليمية والدولية عبر الأداء المتزن والموثوق، من دون الحاجة إلى اصطفافات آيديولوجية أو شعاراتية مفرطة. من المغرب، بوصفه حلقة وصل طاقِيّ وتجاريّ بين أوروبا وأفريقيا، إلى أدوار وساطة سعودية وإماراتية وقطرية متنامية في ملفات دولية معقدة، مثل الحرب في أوكرانيا، وتسوية الصراع الأرميني - الأذربيجاني، وموقعها الحيوي في الحرب الباردة الصينية - الأميركية... برزت هذه الدول بوصفها قوى عقلانية قادرة على لعب دور الوسيط النزيه، لا الطرف المنحاز. وما لبث أن أخذ هذا الدور الوسيط أبعاداً جديدة بعد «طوفان الأقصى» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، والحرب متعددة الجبهات التي أنتجها، وانتهت بمواجهة إيرانية - إسرائيلية غير مسبوقة. فقد تحركت عواصم عربية عدة لاحتواء الانفجار ومنع الانزلاق إلى حرب شاملة، مستفيدة من علاقاتها المتوازنة بأطراف النزاع. والأهم أنَّها، بقيادة السعودية، أعادت، من خلال المؤتمر الدولي لتنفيذ حل الدولتين في الأمم المتحدة بنيويورك، إدخال المسألة الفلسطينية في دائرة البحث العقلاني بوصفها قضية تحتاج إلى تسوية سياسية براغماتية، ومهدت لتحريرها من أسر الشعارات والمزايدات. تمارس هذه «العقلانية الجديدة» حضورها عبر 3 آليات: إنجازات مادية قابلة للقياس (بنية تحتية، وطاقة، وسياحة...)، وانفتاح دبلوماسي مرن يقدم أولوية إدارة الخلافات على مفاقمتها، وخطاب رسمي يبتعد كثيراً عن النبرة الآيديولوجية. ولأنَّها لا تتحدَّث عن نفسها كثيراً؛ فإنَّه تبرز أهمية الإضاءة على خطاب العرش المغربي الأخير، وغيره من الخطابات العربية المماثلة؛ بغية تعديل الأجندة السياسية والإعلامية التي لا تزال مختطَفة بعناوين مكررة تغطي على هذه التحولات المهمة في المنطقة. فهو لم يتحدَّث فقط إلى الداخل المغربي، بل خاطب بيئة عربية تبحث عن أفق «ما بعد الصراع»، من دون أن ينكر القضايا التاريخية أو يتنكّر لها. ليس خافياً أنَّ المنطقة تشهد تحوّلاً متسارعاً في توقعات الجمهور العربي، خصوصاً الشباب. فثمة تراجع ملحوظ في الاهتمام بالشعارات وصراعات الهوية، مقابل ازدياد الطلب على الخدمات والفرص وكفاءة الإدارة والخدمات، وهو تحول يعيد تعريف العلاقة بين الدولة والمجتمع خارج ثنائية «الولاء أو القطيعة». كما أنَّ الجاذبية السياسية لنماذج «الراديكالية الآيديولوجية»، سواء الدينية والقومية، باتت محدودة حتى لدى جماهيرها التقليديين، بفعل الفشل المتراكم لهذه المشروعات في إدارة المجتمعات أو تقديم حلول واقعية. من المغرب إلى الإمارات، ومن السعودية إلى مصر والأردن، تلوح خريطة عقل سياسي عربي أكبر ثقة، ينطوي على أعلى درجات التقارب في الأولويات من دون إلغاء خصوصيات كل دولة، ويجمعه وعي حاد بأهمية الأداء بوصفه أداة للشرعية السياسية والاستقرار الاجتماعي.


العرب اليوم
منذ 26 دقائق
- العرب اليوم
الكمون الاستراتيجى مرة أخرى
للتذكرة فقط.. فإن مصر الآن تعيش فى منتصف العام 2025؛ أى بعد عشرة أعوام من انطلاق «رؤية مصر 2030»؛ وبقى خمس سنوات أخرى ليس إلى خط النهاية وإنما الوقوف عند نتائج التأسيس الثالث للدولة المصرية بعد الأول مع قيام المملكة المصرية، والثانى بعد قيام الجمهورية، والثالث بعد ثورة يونيو 2013 التى عندها بعد الإطاحة بحكم الإخوان هو أن تسير مصر قدما لكى تلحق بالعالم المعاصر. منذ بداية القرن الحالى أصبحت الغالبية من دول العالم تسعى إلى التقدم والتنمية، وحدث ذلك من خلال حشد وتعبئة الاستثمارات الداخلية والخارجية وراء تحقيق تراكم رأسمالى يسمح للدولة بتحقيق معدلات عالية للنمو تنقلها من صفوف الدول النامية إلى تلك المتقدمة. ولكن واحدا من أهم شروط هذه النقلة الكيفية هو السير فى طريق «الكمون الاستراتيجى» بمعنى أن تتجنب الدولة الدخول فى صراعات خارجية، وأن تجعل سياستها فى الخارج أداة فى الحصول على الاستثمارات. الدرس كان قديما عندما استغرقت الولايات المتحدة ما يقرب من قرن تسوى فيه أمورها الداخلية قبل أن تخرج إلى العالم فتشترى ألاسكا وتدخل الحرب العالمية الأولى. وحديثا فإن أنصع التجارب تقع فى الكفة الصينية وبقية دول جنوب شرق آسيا؛ وأذكر فى مقال نشرته تحت عنوان «الكمون الإستراتيجى» فى الأهرام الغراء بتاريخ 21 نوفمبر 2018 أننى أشرت إلى زيارتين شاركت فيهما فى بعثتين صحفيتين للصين فى عامى 1998 و2002 قامت بهما مؤسسة الأهرام؛ أن الزعماء فى الدولة الصينية كانوا يقاومون بشدة أمرين، أولهما أن الصين دولة متقدمة، فكان الإصرار على أنها دولة من دول العالم الثالث الفقيرة التى ينبغى معاملتها فى المحافل الاقتصادية الدولية على هذا الأساس؛ وثانيهما أن الصين لا تسعى إلى أن تكون قوة عظمى، ورغم مشاكلها الإقليمية الكثيرة فإنها تسعى، وبكرم، لحلها بالطرق السلمية كما فعلت مع قضايا هونج كونج وتايوان ومشكلات الحدود والنزاعات على الجزر. وقتها لم يكن أحد فى الصين يتحدث لا عن الدور الإقليمى للصين، ولا عن الدور العالمى. ما حدث فى مصر أن المفهوم لم يكن مرحبا به، أحيانا برفض كامل لمنافاته التراث التاريخى المعاصر للدولة المصرية؛ وأحيانا أخرى لأن كلمة «الكمون» لم تكن مستساغة ويفضل عليها «الصبر» أو «التوازن» الاستراتيجى. مناسبة الحديث النظرى الآن هى ما جرى من حملة عالمية من جانب جماعة الإخوان المسلمين على مصر بأنها تغلق الأبواب على إغاثة الفلسطينيين فى غزة. كان واضحا أن هناك محاولة لرفع المسؤولية عن إسرائيل وحصارها للقطاع، خاصة أن مظاهرة جرت، ويالا الوقاحة، أمام السفارة المصرية فى تل أبيب تطالب مصر بفتح معبر رفح وكأنها هى التى تغلقه. الظاهرة كانت ممتدة إلى العديد من العواصم العالمية تلقى ذلك الاتهام وترفع ذلك الطلب. كان الأمر امتدادا لمحاولات سبقت مع بداية حرب غزة الخامسة؛ وكان أقربها تلك القافلة التى بدأت من تونس متدافعة إلى الحدود المصرية الليبية تحت اسم «الصمود» ساعية للوصول إلى غزة. المحاولة أيضا كانت لرفع مسؤولية الحرب والمجاعة عن كاهل حماس وبقية جماعة «المقاومة والممانعة» التى انتهت إلى خسران مبين. السيد «خليل الحية» بعد أن وصلت الكارثة إلى منتهاها من جوع وتدمير أخذ يطلب من مصر حكومة وشعبا وجيشا وكنيسة وأزهرا ومثقفين وجماهير فتح أبواب الإغاثة. الرجل كان يعرف بالتأكيد ما الذى فعلته مصر للإغاثة خلال الشهور الماضية؛ ومحاولات الإنقاذ بعقد هدنة تسمح للفلسطينيين بالتنفس من خلال الوساطة، بينما حماس تبذل قصارى جهدها لإغلاق كل الأبواب كلما جرى تحسن فى المفاوضات. لم يكن هناك لغز فى أن معبر رفح له جانبان أحدهما مصرى يمثل طريق الغوث، والآخر إسرائيلى يمثل حاجزا عسكريا يمنع الإغاثة بالقوة المسلحة. الحملة الإعلامية فى معظمها كانت محاولة لاستدراج مصر إلى مواجهة عسكرية والضغط من أجل إشعال المشاعر المصرية لخوض حرب جديدة بينما القاصى والدانى يشهد أن الإرادة المصرية تركز على تنمية سيناء. ضعف المعرفة فى المشرق العربى عامة وبين الجماعة الفلسطينية فى العموم بحقيقة الدولة الوطنية الساعية إلى تطوير النسيج الوطنى من خلال مشروع تنموى متقدم، يخلق حالة من العمى الفكرى والاستراتيجى عن حقيقة التجربة المصرية خلال السنوات العشر الماضية. ما يجب على مصر فعله خلال المرحلة المقبلة هو الاستمرار قدما فى استكمال المشروع الوطنى الحالى فى مشارقه ومغاربه، خاصة فى سيناء فتدخل تجربة النصف مليون فدان مرحلة الإنتاج؛ ويمضى القطار السريع بين طابا والعريش، والسويس وبورسعيد؛ ويصبح شمال سيناء مثل جنوبها عامرا بالبشر والسياحة؛ وباختصار تمتد تنافسية قناة السويس بحيث تتفوق على جميع المشروعات الأخرى سواء جاءت من الهند أو من إسرائيل.


العرب اليوم
منذ 26 دقائق
- العرب اليوم
تليفون ترامب
تحوّل هاتف دونالد ترامب الشخصى إلى إحدى أكثر أدواته الدبلوماسية إثارة للجدل، بعد أن أصبح وسيلته المفضلة لإجراء مكالمات مباشرة مع قادة العالم، متجاوزًا القنوات الرسمية والبروتوكولات التقليدية التى طالما التزمت بها الإدارات الأمريكية المتعاقبة. هذا النهج غير المسبوق، الذى يجمع بين الجرأة الشخصية والتخلى عن الطابع الرسمى، يقدّم نموذجًا مغايرًا للدبلوماسية الأمريكية، ويطرح تساؤلات جوهرية حول فعاليته. منذ توليه منصبه المرة الأولى فى 2017، فضّل ترامب التواصل المباشر مع الزعماء عبر مكالمات هاتفية يجريها من هاتفه الشخصى، دون إعداد مسبق من وزارة الخارجية أو فريق الأمن القومى. فى بعض الحالات، كان يفاجئ مستشاريه باتصالات جرت فعلاً دون علمهم، كما حدث مع الرئيس التركى رجب طيب أردوجان، والرئيس الروسى فلاديمير بوتين، بل حتى زعيم كوريا الشمالية كيم يونج أون. تلك المكالمات، التى عادة ما كانت تُدار بروح ودية وبنبرة تفاوضية حادة فى آنٍ، كشفت عن أسلوب ترامب الخاص: اختزال السياسة الخارجية فى علاقة شخصية، وتحويل التعقيدات الدبلوماسية إلى مفاوضات مباشرة بين «رجال أقوياء» كما يقول. ترامب لم يكن يخفى إعجابه بهذه الطريقة.. بل على العكس، كان يراها دليلاً على قوته الشخصية وقدرته على «إبرام الصفقات» مع قادة العالم. وقد أشار فى أكثر من مناسبة إلى أن تلك العلاقات الشخصية أنقذت العالم من أزمات، أو جنّبته صدامات، أو ساهمت فى خلق فرص جديدة، كما فى حالة كوريا الشمالية.. فهو يرى أن كيم «احترمه ولم يكن ليتجرأ على تصعيد نووى بوجود رئيس أمريكى لا يمزح». من وجهة نظره، هذا النوع من التواصل يحلّ محل المؤسسات، ويمنح القيادة الأمريكية مرونة وفعالية أكبر. لكن هذا الأسلوب لا يخلو من المخاطر. فقد أثار قلقًا متزايدًا داخل المؤسسة الأمنية والدبلوماسية الأمريكية، التى رأت فى تجاوز القنوات الرسمية تهديدًا للأمن القومى. تجاوز المؤسسات يضعفها، ويُهمّش دور الخبراء، ويحوّل السياسات العامة إلى قرارات فردية مبنية على مزاج شخصى أو علاقة عابرة. رغم الانتقادات، فإن هذا النمط من الدبلوماسية الشخصية أثبت، فى بعض الحالات، فاعلية لا يمكن إنكارها. فترامب استطاع من خلال اتصالاته أن يفرض نفسه كطرف مباشر فى ملفات حساسة، ويدفع خصومه إلى التفاوض وفق شروطه أو على الأقل إلى الحذر من رد فعله غير المتوقع. كان يرسل الرسائل قبل أن يستشير، ويتخذ المواقف قبل أن يُجمِع عليها فريقه. وبهذا خلق حالة من «الصدمة الاستراتيجية» جعلت خصومه يعيدون حساباتهم. وبينما ينظر البعض إلى هذا الأسلوب كخطر على مؤسسات الحكم الرشيدة، يراه آخرون تعبيرًا عن عصر جديد فى السياسة الدولية، حيث تقلّ أهمية البروتوكول، وتتصاعد قيمة «الزعيم الفرد» القادر على فرض إرادته عبر الهاتف.