logo
أبو عماد الجميلي "والي الصحراء".. وتفجير كنيسة مار إلياس بدمشق

أبو عماد الجميلي "والي الصحراء".. وتفجير كنيسة مار إلياس بدمشق

شكّل تفجير كنيسة مار إلياس للروم الأرثوذكس بحي الدويلعة بدمشق، يوم 22 يونيو 2025، نقطة تحول مروّعة على ساحة الأمن السوري، حيث أودى بحياة 25 مدنياً وخلف عشرات الجرحى، محدثًا دمارًا ماديًا كبيرًا ومخاوف واسعة لدى مكونات المجتمع، ولا سيما لدى المسيحيين. فهذا الهجوم، الذي يعد أول اعتداء على كنيسة سورية منذ عام 2011، وأول عملية انتحارية تشهدها العاصمة منذ سقوط نظام الأسد، يشير إلى عودة ظهور داعش وتنظيمات مشابهة، ساعية لاستغلال المرحلة الانتقالية لتهديد السلم الأهلي وضرب مكونات المجتمع.
وقد كشفت التحقيقات عن خلية تابعة لتنظيم داعش، يقودها "والي الصحراء" أبو عماد الجميلي، وتضم عناصر محلية وأجنبية تسلل أفرادها من مخيم الهول عبر البادية السورية، مستغلين هشاشة الوضع الأمني. ورغم نجاح الأجهزة السورية في تفكيك الشبكة قبل تنفيذ مخططها الثاني على مقام السيدة زينب، تبقى هذه الحادثة جرس إنذار للحكومة الانتقالية والمجتمع الدولي، بأن خطر الإرهاب ما يزال ماثلاً، ومواجهة جذوره تتطلب تضافر الجهود على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية.
العملية
وقع تفجير كنيسة مار إلياس للروم الأرثوذكس بحي الدويلعة بدمشق مساء يوم الأحد 22 يونيو 2025، أثناء قداس مسائي، حيث اقتحم انتحاري الكنيسة وأطلق النار عشوائيًا قبل أن يُفجّر نفسه بحزام ناسف، موديًا بحياة 25 مدنيًا، بينهم نساء وأطفال، وإصابة نحو 63 آخرين، محدثًا دمارًا ماديًا كبيرًا.
هذا الهجوم يعد أول اعتداء مباشر على كنيسة في سوريا منذ عام 2011، وكذلك أول عملية انتحارية تشهدها العاصمة دمشق منذ سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024، مما أثار مخاوف جدية لدى مكونات المجتمع، وخاصة لدى المسيحيين.
أبو عماد الجميلي وتنظيم داعش
كشفت التحقيقات عن أن العقل المدبر للهجوم على كنيسة مار إلياس هو محمد عبد الإله الجميلي، المعروف بلقب "أبو عماد الجميلي"، وهو سوري من سكان حي الحجر الأسود جنوب دمشق. يُعد الجميلي من أبرز القادة الميدانيين لدى تنظيم داعش، حيث شغل منصب "والي الصحراء"، وهو لقب مخصص لقادة التنظيم الذين يشرفون على العمليات وتنظيم الخلايا المسلحة المنتشرة في مناطق البادية السورية.
خضع أبو عماد الجميلي لبرنامج تدريبي مكثف على يد التنظيم، وذلك في معسكراته بمدينة الرقة بين عامي 2015 و2017، حيث تلقى تدريبات عسكرية متقدمة على استخدام الأسلحة وتنفيذ عمليات التفجير وتنظيم الخلايا العنقودية. وخلال هذه المرحلة، تبلور دوره كحلقة وصل محورية ضمن شبكة تهريب المقاتلين والسلاح عبر البادية السورية، حيث ساهم بفعالية في دعم وتنظيم خلايا داعش التي عملت على محيط العاصمة قبل سقوط النظام.
بعد سقوط نظام الأسد، برز دور الجميلي بشكل أكبر، إذ عمل على إعادة تفعيل وتنظيم خلايا التنظيم من أجل شن عمليات تستهدف العاصمة ومحيطها، مستغلًا حالة الفراغ الأمني وتعقيدات المرحلة الانتقالية. ومن هذا الموقع، خطط وأشرف على عدة عمليات، من بينها تفجير كنيسة مار إلياس، قبل أن يتم اعتقاله على يد الأجهزة الأمنية السورية، مما أدى إلى تفكيك خلية واسعة كانت تهدف إلى زعزعة الأمن وضرب مكونات المجتمع السوري.
مكونات الخلية وتنفيذ الهجوم
أظهرت التحقيقات التي أجرتها الأجهزة الأمنية السورية أن الخلية التي خططت لهجوم كنيسة مار إلياس تتبع تنظيم داعش، وضمت مزيجًا من العناصر المحلية ومقاتلين أجانب، تسلل بعضهم عبر البادية السورية من مخيم الهول. استفادت هذه المجموعة من الفراغ الأمني الذي تلا سقوط النظام، حيث مكنت طبيعة المرحلة الانتقالية من تحركاتها وتنظيم عملياتها داخل محيط العاصمة دمشق وضواحيها، مستندة إلى شبكة تهريب محكمة ومسالك صحراوية نائية.
تمكنت الأجهزة المختصة من مداهمة عدة أوكار تابعة للخلية، وضبطت خلالها كميات ضخمة من الأسلحة، شملت أحزمة ناسفة، وعبوات متفجرة، ودراجة نارية مفخخة كانت معدة لاستهداف مقام السيدة زينب. هذه المضبوطات كشفت عن حجم التهديد ومستوى التخطيط الذي تبنته الخلية، حيث كانت تعد لسلسلة من الهجمات المتتالية على مواقع دينية ومراكز أمنية، مستهدفة إشعال الفتنة وضرب الاستقرار الهش.
بحسب النتائج الأولية للتحقيق، كان أبو عماد الجميلي المحور الرئيسي الذي نسق دخول الانتحاريين وتنظيم تحركاتهم، وأشرف على تخطيط وتنفيذ الهجوم على كنيسة مار إلياس، قبل مداهمة الأجهزة الأمنية لأوكار الخلية وتفكيكها. كما تبين أن الجميلي كان على تواصل مباشر مع قيادة داعش، حيث عمل على توجيه عناصرها وتنظيم عملياتها ضمن العاصمة وضواحيها، مما يشير إلى محاولات جدية لإعادة تنشيط خلايا التنظيم وتنفيذ عمليات واسعة على الأرض السورية.
جهود الأجهزة الأمنية السورية
نفذت وزارة الداخلية السورية، بالتعاون مع جهاز الاستخبارات العامة، عملية أمنية واسعة يوم 23 يونيو 2025، تمكنت خلالها من اعتقال أبو عماد الجميلي وخمسة أعضاء آخرين من الخلية المسؤولة عن تفجير كنيسة مار إلياس. وقد شكّل هذا النجاح ضربة نوعية لتنظيم داعش، الذي سعى لاستعادة موطئ قدم له داخل العاصمة ومحيطها، مستغلًا المرحلة الانتقالية وحالة الفراغ الأمني.
خلال هذه العملية، جرى تحييد عنصرين من أفراد الخلية، وضبط كميات كبيرة من الأسلحة، شملت أحزمة ناسفة، وعبوات معدة للتفجير، إلى جانب وثائق واتصالات إلكترونية تكشف عن مخططات واسعة لاستهداف مواقع مزدحمة ومراكز حكومية، مما يشير إلى سعي التنظيم لاستعادة نفوذه وضرب الأمن الوطني، وتنفيذ عمليات تهدد حياة المدنيين وتستهدف مؤسسات الدولة.
وقد أكد المتحدث باسم وزارة الداخلية السورية، نور الدين البابا، أن هذه العملية جاءت تتويجًا لجهود استخباراتية متقدمة، مكنت الأجهزة المختصة من تتبع الشبكة الإرهابية، وتفكيكها قبل تنفيذ مخططها التالي على مقام السيدة زينب. وأضاف البابا أن اعترافات الجميلي التي سيتم الإعلان عنها لاحقًا، ستكشف تفاصيل إضافية حول شبكة داعش وخططها، مما يعد مؤشراً على جدية المرحلة القادمة في ملاحقة بقايا التنظيم وضرب مراكز نفوذه قبل أن يتمكن من تهديد السلم الأهلي مجددًا.
السياق السياسي والاجتماعي للهجوم
أحدث تفجير كنيسة مار إلياس صدمة واسعة على الساحة السورية، حيث سارع سوريون من مختلف الأطياف والمكونات إلى التعبير عن رفضهم للحادث، على منصات التواصل الاجتماعي، معتبرينه محاولة مفضوحة لاستهداف المدنيين وزرع الفتنة الطائفية وضرب التعايش الوطني. وتداول ناشطون على منصات التواصل عبارات التضامن، مؤكدين أن هذه الأعمال لن تؤثر على روابط الوحدة التي نسجها الشعب السوري على مدار عقود من التفاعل والتآخي.
على الصعيد الدولي، لقي الهجوم تنديدًا واسعًا من قبل الأمم المتحدة وعدد من الدول العربية والغربية، التي وصفت الحادث بالعمل الجبان، محذرة من محاولات إعادة زعزعة الأمن والسلم الأهلي. كما طالبت بتكثيف جهود محاربة الفكر المتطرف وتنظيم داعش، مبدية دعمها للحكومة السورية الانتقالية للحيلولة دون تكرار هذه الأعمال.
من جهته، تعهد الرئيس الانتقالي أحمد الشرع بمحاسبة المتورطين وضرب بؤر التنظيمات الإرهابية التي تحاول العبث بمستقبل الوطن، مؤكدًا على ضرورة تعزيز الوحدة الوطنية وحماية دور العبادة، وعدم السماح لقوى الظلام بتهديد مكونات الشعب السوري أو عرقلة المرحلة الانتقالية. ودعا الشرع جميع الأطياف إلى الاصطفاف الوطني، والعمل على ترسيخ قيم الحوار والتسامح، وضمان الأمن والسلام لجميع المواطنين على اختلاف انتماءاتهم الدينية.
الدلالات والدوافع
يرى عدد من المحللين، من بينهم الباحث عبد الرحمن الحاج، أن تفجير كنيسة مار إلياس يحمل جميع ملامح عمليات تنظيم داعش، حيث اعتاد التنظيم على استهداف دور العبادة بغية تأجيج التوترات الطائفية وضرب مكونات المجتمع السوري. فهذا النهج، الذي طال كنائس ومساجد على امتداد سنوات الحرب، يشكل جزءًا أصيلًا من استراتيجية داعش الهادفة لاستثمار الخلافات الدينية وتحويلها إلى وقود لاستعادة حضوره وتنشيط خلاياه.
على الرغم من تبني جماعة مغمورة تدعى "سرايا أنصار السنة" للهجوم عبر منصات التواصل، فإن السلطات السورية شكّكت بمصداقيتها، معتبرةً إياها واجهة إعلامية تتستر على دور داعش الحقيقي وتنفيذها للعملية. وتشير عدة مصادر أمنية إلى أن هذه الجماعة، التي تبنت قبل أشهر اعتداءً على بلدة أرزة ذات الأغلبية الشيعية، قد تكون مجرد ذراع إعلامي موازٍ للتنظيم، يُستخدم لإرباك التحقيقات وإخفاء هوية الجهات المسؤولة.
هذا التخطيط المحكم، وتنفيذ الهجوم على كنيسة مار إلياس، يكشف عن محاولات داعش المحمومة لاستعادة نفوذه وضرب الأمن الوطني، مستغلًا المرحلة الانتقالية وحالة الاضطراب الأمني، وفي الوقت ذاته محاولًا تعزيز روايته حول "الصراع الديني" لاستقطاب مؤيدين جدد وتنشيط خلاياه المتوارية. ويؤكد هذا الهجوم على ضرورة الحذر وتعزيز التعاون الاستخباراتي لقطع الطريق على محاولات التنظيم التغلغل من جديد في المشهد السوري.
التحديات المستقبلية
كشف الهجوم على كنيسة مار إلياس عن خطر عودة تنظيم داعش لاستثمار الفراغ الأمني، حيث يمثل مخيم الهول شمال شرق سوريا بؤرة توالد للعناصر المتطرفة، وممراً لتهريب السلاح وتنفيذ عمليات التسلل إلى مناطق سورية عدة. هذا الوضع يشير إلى إمكانية إعادة تشكل خلايا التنظيم وتنشيط عناصرها على الأرض، مما يشكل تحدياً بالغ الحساسية للحكومة السورية الانتقالية ومؤسساتها الأمنية.
لمواجهة هذا التحدي، تبرز الحاجة الملحة إلى تعزيز التنسيق محليًا ودوليًا على المستويات الاستخباراتية، وتنظيم عمليات مشتركة لاستهداف شبكات تهريب المقاتلين والسلاح، وكذلك ملاحقة القيادات التنظيمية قبل أن تتمكن من تثبيت مواقعها وتنفيذ عمليات واسعة. إذ إن محاربة التنظيم تتطلب مقاربة شاملة تتجاوز الحل الأمني التقليدي، وتشمل متابعة مسارات التمويل، وضرب مراكز التجنيد، وتعزيز السيطرة على المعابر الصحراوية التي يعتمد عليها التنظيم.
وبالتوازي، ينبغي على الأطراف المعنية العمل على تطوير وتنفيذ برامج واسعة لإعادة تأهيل القاطنين بمخيم الهول، وضبط مخرجات هذه البؤرة التي تشكل أرضًا خصبة لاستعادة الفكر المتشدد وتنشيط خلاياه. فمن دون معالجة هذه القضية على المستويات الفكرية والاجتماعية، سيبقى خطر داعش ماثلاً، مهددًا المرحلة الانتقالية ومستقبل الأمن الوطني، مما يحتم تضافر جهود محلية وإقليمية ودولية للحيلولة دون عودة التنظيم إلى ساحة الفعل من جديد.
الخلاصة
إن تفجير كنيسة مار إلياس يحمل دلالات تتجاوز الحدث بحد ذاته، إذ يمثل مؤشراً على محاولات داعش وغيرها من التنظيمات الإرهابية لاستعادة موطئ قدمها وضرب نسيج التعايش الوطني في سوريا. وفي هذا السياق، تفرض المرحلة المقبلة على القوى السورية، الرسمية والمجتمعية، العمل على تعزيز وحدتها وتطوير قدراتها الاستخباراتية، وضبط المنافذ التي يتسلل عبرها المقاتلون، ولا سيما عبر البادية ومخيم الهول.
ويبقى الحل الجذري متمثلاً في معالجة أسباب الفكر المتطرف، وتنفيذ برامج لإعادة تأهيل القاطنين بمخيم الهول، وتكثيف التنسيق الأمني على المستويات الوطنية والدولية، للحيلولة دون تكرار هذه المأساة وحماية دور العبادة ومكونات الوطن من خطر التنظيمات المتشددة، وضمان عودة الأمن والاستقرار إلى ربوع العاصمة السورية.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

أبو عماد الجميلي "والي الصحراء".. وتفجير كنيسة مار إلياس بدمشق
أبو عماد الجميلي "والي الصحراء".. وتفجير كنيسة مار إلياس بدمشق

الحركات الإسلامية

timeمنذ 4 ساعات

  • الحركات الإسلامية

أبو عماد الجميلي "والي الصحراء".. وتفجير كنيسة مار إلياس بدمشق

شكّل تفجير كنيسة مار إلياس للروم الأرثوذكس بحي الدويلعة بدمشق، يوم 22 يونيو 2025، نقطة تحول مروّعة على ساحة الأمن السوري، حيث أودى بحياة 25 مدنياً وخلف عشرات الجرحى، محدثًا دمارًا ماديًا كبيرًا ومخاوف واسعة لدى مكونات المجتمع، ولا سيما لدى المسيحيين. فهذا الهجوم، الذي يعد أول اعتداء على كنيسة سورية منذ عام 2011، وأول عملية انتحارية تشهدها العاصمة منذ سقوط نظام الأسد، يشير إلى عودة ظهور داعش وتنظيمات مشابهة، ساعية لاستغلال المرحلة الانتقالية لتهديد السلم الأهلي وضرب مكونات المجتمع. وقد كشفت التحقيقات عن خلية تابعة لتنظيم داعش، يقودها "والي الصحراء" أبو عماد الجميلي، وتضم عناصر محلية وأجنبية تسلل أفرادها من مخيم الهول عبر البادية السورية، مستغلين هشاشة الوضع الأمني. ورغم نجاح الأجهزة السورية في تفكيك الشبكة قبل تنفيذ مخططها الثاني على مقام السيدة زينب، تبقى هذه الحادثة جرس إنذار للحكومة الانتقالية والمجتمع الدولي، بأن خطر الإرهاب ما يزال ماثلاً، ومواجهة جذوره تتطلب تضافر الجهود على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية. العملية وقع تفجير كنيسة مار إلياس للروم الأرثوذكس بحي الدويلعة بدمشق مساء يوم الأحد 22 يونيو 2025، أثناء قداس مسائي، حيث اقتحم انتحاري الكنيسة وأطلق النار عشوائيًا قبل أن يُفجّر نفسه بحزام ناسف، موديًا بحياة 25 مدنيًا، بينهم نساء وأطفال، وإصابة نحو 63 آخرين، محدثًا دمارًا ماديًا كبيرًا. هذا الهجوم يعد أول اعتداء مباشر على كنيسة في سوريا منذ عام 2011، وكذلك أول عملية انتحارية تشهدها العاصمة دمشق منذ سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024، مما أثار مخاوف جدية لدى مكونات المجتمع، وخاصة لدى المسيحيين. أبو عماد الجميلي وتنظيم داعش كشفت التحقيقات عن أن العقل المدبر للهجوم على كنيسة مار إلياس هو محمد عبد الإله الجميلي، المعروف بلقب "أبو عماد الجميلي"، وهو سوري من سكان حي الحجر الأسود جنوب دمشق. يُعد الجميلي من أبرز القادة الميدانيين لدى تنظيم داعش، حيث شغل منصب "والي الصحراء"، وهو لقب مخصص لقادة التنظيم الذين يشرفون على العمليات وتنظيم الخلايا المسلحة المنتشرة في مناطق البادية السورية. خضع أبو عماد الجميلي لبرنامج تدريبي مكثف على يد التنظيم، وذلك في معسكراته بمدينة الرقة بين عامي 2015 و2017، حيث تلقى تدريبات عسكرية متقدمة على استخدام الأسلحة وتنفيذ عمليات التفجير وتنظيم الخلايا العنقودية. وخلال هذه المرحلة، تبلور دوره كحلقة وصل محورية ضمن شبكة تهريب المقاتلين والسلاح عبر البادية السورية، حيث ساهم بفعالية في دعم وتنظيم خلايا داعش التي عملت على محيط العاصمة قبل سقوط النظام. بعد سقوط نظام الأسد، برز دور الجميلي بشكل أكبر، إذ عمل على إعادة تفعيل وتنظيم خلايا التنظيم من أجل شن عمليات تستهدف العاصمة ومحيطها، مستغلًا حالة الفراغ الأمني وتعقيدات المرحلة الانتقالية. ومن هذا الموقع، خطط وأشرف على عدة عمليات، من بينها تفجير كنيسة مار إلياس، قبل أن يتم اعتقاله على يد الأجهزة الأمنية السورية، مما أدى إلى تفكيك خلية واسعة كانت تهدف إلى زعزعة الأمن وضرب مكونات المجتمع السوري. مكونات الخلية وتنفيذ الهجوم أظهرت التحقيقات التي أجرتها الأجهزة الأمنية السورية أن الخلية التي خططت لهجوم كنيسة مار إلياس تتبع تنظيم داعش، وضمت مزيجًا من العناصر المحلية ومقاتلين أجانب، تسلل بعضهم عبر البادية السورية من مخيم الهول. استفادت هذه المجموعة من الفراغ الأمني الذي تلا سقوط النظام، حيث مكنت طبيعة المرحلة الانتقالية من تحركاتها وتنظيم عملياتها داخل محيط العاصمة دمشق وضواحيها، مستندة إلى شبكة تهريب محكمة ومسالك صحراوية نائية. تمكنت الأجهزة المختصة من مداهمة عدة أوكار تابعة للخلية، وضبطت خلالها كميات ضخمة من الأسلحة، شملت أحزمة ناسفة، وعبوات متفجرة، ودراجة نارية مفخخة كانت معدة لاستهداف مقام السيدة زينب. هذه المضبوطات كشفت عن حجم التهديد ومستوى التخطيط الذي تبنته الخلية، حيث كانت تعد لسلسلة من الهجمات المتتالية على مواقع دينية ومراكز أمنية، مستهدفة إشعال الفتنة وضرب الاستقرار الهش. بحسب النتائج الأولية للتحقيق، كان أبو عماد الجميلي المحور الرئيسي الذي نسق دخول الانتحاريين وتنظيم تحركاتهم، وأشرف على تخطيط وتنفيذ الهجوم على كنيسة مار إلياس، قبل مداهمة الأجهزة الأمنية لأوكار الخلية وتفكيكها. كما تبين أن الجميلي كان على تواصل مباشر مع قيادة داعش، حيث عمل على توجيه عناصرها وتنظيم عملياتها ضمن العاصمة وضواحيها، مما يشير إلى محاولات جدية لإعادة تنشيط خلايا التنظيم وتنفيذ عمليات واسعة على الأرض السورية. جهود الأجهزة الأمنية السورية نفذت وزارة الداخلية السورية، بالتعاون مع جهاز الاستخبارات العامة، عملية أمنية واسعة يوم 23 يونيو 2025، تمكنت خلالها من اعتقال أبو عماد الجميلي وخمسة أعضاء آخرين من الخلية المسؤولة عن تفجير كنيسة مار إلياس. وقد شكّل هذا النجاح ضربة نوعية لتنظيم داعش، الذي سعى لاستعادة موطئ قدم له داخل العاصمة ومحيطها، مستغلًا المرحلة الانتقالية وحالة الفراغ الأمني. خلال هذه العملية، جرى تحييد عنصرين من أفراد الخلية، وضبط كميات كبيرة من الأسلحة، شملت أحزمة ناسفة، وعبوات معدة للتفجير، إلى جانب وثائق واتصالات إلكترونية تكشف عن مخططات واسعة لاستهداف مواقع مزدحمة ومراكز حكومية، مما يشير إلى سعي التنظيم لاستعادة نفوذه وضرب الأمن الوطني، وتنفيذ عمليات تهدد حياة المدنيين وتستهدف مؤسسات الدولة. وقد أكد المتحدث باسم وزارة الداخلية السورية، نور الدين البابا، أن هذه العملية جاءت تتويجًا لجهود استخباراتية متقدمة، مكنت الأجهزة المختصة من تتبع الشبكة الإرهابية، وتفكيكها قبل تنفيذ مخططها التالي على مقام السيدة زينب. وأضاف البابا أن اعترافات الجميلي التي سيتم الإعلان عنها لاحقًا، ستكشف تفاصيل إضافية حول شبكة داعش وخططها، مما يعد مؤشراً على جدية المرحلة القادمة في ملاحقة بقايا التنظيم وضرب مراكز نفوذه قبل أن يتمكن من تهديد السلم الأهلي مجددًا. السياق السياسي والاجتماعي للهجوم أحدث تفجير كنيسة مار إلياس صدمة واسعة على الساحة السورية، حيث سارع سوريون من مختلف الأطياف والمكونات إلى التعبير عن رفضهم للحادث، على منصات التواصل الاجتماعي، معتبرينه محاولة مفضوحة لاستهداف المدنيين وزرع الفتنة الطائفية وضرب التعايش الوطني. وتداول ناشطون على منصات التواصل عبارات التضامن، مؤكدين أن هذه الأعمال لن تؤثر على روابط الوحدة التي نسجها الشعب السوري على مدار عقود من التفاعل والتآخي. على الصعيد الدولي، لقي الهجوم تنديدًا واسعًا من قبل الأمم المتحدة وعدد من الدول العربية والغربية، التي وصفت الحادث بالعمل الجبان، محذرة من محاولات إعادة زعزعة الأمن والسلم الأهلي. كما طالبت بتكثيف جهود محاربة الفكر المتطرف وتنظيم داعش، مبدية دعمها للحكومة السورية الانتقالية للحيلولة دون تكرار هذه الأعمال. من جهته، تعهد الرئيس الانتقالي أحمد الشرع بمحاسبة المتورطين وضرب بؤر التنظيمات الإرهابية التي تحاول العبث بمستقبل الوطن، مؤكدًا على ضرورة تعزيز الوحدة الوطنية وحماية دور العبادة، وعدم السماح لقوى الظلام بتهديد مكونات الشعب السوري أو عرقلة المرحلة الانتقالية. ودعا الشرع جميع الأطياف إلى الاصطفاف الوطني، والعمل على ترسيخ قيم الحوار والتسامح، وضمان الأمن والسلام لجميع المواطنين على اختلاف انتماءاتهم الدينية. الدلالات والدوافع يرى عدد من المحللين، من بينهم الباحث عبد الرحمن الحاج، أن تفجير كنيسة مار إلياس يحمل جميع ملامح عمليات تنظيم داعش، حيث اعتاد التنظيم على استهداف دور العبادة بغية تأجيج التوترات الطائفية وضرب مكونات المجتمع السوري. فهذا النهج، الذي طال كنائس ومساجد على امتداد سنوات الحرب، يشكل جزءًا أصيلًا من استراتيجية داعش الهادفة لاستثمار الخلافات الدينية وتحويلها إلى وقود لاستعادة حضوره وتنشيط خلاياه. على الرغم من تبني جماعة مغمورة تدعى "سرايا أنصار السنة" للهجوم عبر منصات التواصل، فإن السلطات السورية شكّكت بمصداقيتها، معتبرةً إياها واجهة إعلامية تتستر على دور داعش الحقيقي وتنفيذها للعملية. وتشير عدة مصادر أمنية إلى أن هذه الجماعة، التي تبنت قبل أشهر اعتداءً على بلدة أرزة ذات الأغلبية الشيعية، قد تكون مجرد ذراع إعلامي موازٍ للتنظيم، يُستخدم لإرباك التحقيقات وإخفاء هوية الجهات المسؤولة. هذا التخطيط المحكم، وتنفيذ الهجوم على كنيسة مار إلياس، يكشف عن محاولات داعش المحمومة لاستعادة نفوذه وضرب الأمن الوطني، مستغلًا المرحلة الانتقالية وحالة الاضطراب الأمني، وفي الوقت ذاته محاولًا تعزيز روايته حول "الصراع الديني" لاستقطاب مؤيدين جدد وتنشيط خلاياه المتوارية. ويؤكد هذا الهجوم على ضرورة الحذر وتعزيز التعاون الاستخباراتي لقطع الطريق على محاولات التنظيم التغلغل من جديد في المشهد السوري. التحديات المستقبلية كشف الهجوم على كنيسة مار إلياس عن خطر عودة تنظيم داعش لاستثمار الفراغ الأمني، حيث يمثل مخيم الهول شمال شرق سوريا بؤرة توالد للعناصر المتطرفة، وممراً لتهريب السلاح وتنفيذ عمليات التسلل إلى مناطق سورية عدة. هذا الوضع يشير إلى إمكانية إعادة تشكل خلايا التنظيم وتنشيط عناصرها على الأرض، مما يشكل تحدياً بالغ الحساسية للحكومة السورية الانتقالية ومؤسساتها الأمنية. لمواجهة هذا التحدي، تبرز الحاجة الملحة إلى تعزيز التنسيق محليًا ودوليًا على المستويات الاستخباراتية، وتنظيم عمليات مشتركة لاستهداف شبكات تهريب المقاتلين والسلاح، وكذلك ملاحقة القيادات التنظيمية قبل أن تتمكن من تثبيت مواقعها وتنفيذ عمليات واسعة. إذ إن محاربة التنظيم تتطلب مقاربة شاملة تتجاوز الحل الأمني التقليدي، وتشمل متابعة مسارات التمويل، وضرب مراكز التجنيد، وتعزيز السيطرة على المعابر الصحراوية التي يعتمد عليها التنظيم. وبالتوازي، ينبغي على الأطراف المعنية العمل على تطوير وتنفيذ برامج واسعة لإعادة تأهيل القاطنين بمخيم الهول، وضبط مخرجات هذه البؤرة التي تشكل أرضًا خصبة لاستعادة الفكر المتشدد وتنشيط خلاياه. فمن دون معالجة هذه القضية على المستويات الفكرية والاجتماعية، سيبقى خطر داعش ماثلاً، مهددًا المرحلة الانتقالية ومستقبل الأمن الوطني، مما يحتم تضافر جهود محلية وإقليمية ودولية للحيلولة دون عودة التنظيم إلى ساحة الفعل من جديد. الخلاصة إن تفجير كنيسة مار إلياس يحمل دلالات تتجاوز الحدث بحد ذاته، إذ يمثل مؤشراً على محاولات داعش وغيرها من التنظيمات الإرهابية لاستعادة موطئ قدمها وضرب نسيج التعايش الوطني في سوريا. وفي هذا السياق، تفرض المرحلة المقبلة على القوى السورية، الرسمية والمجتمعية، العمل على تعزيز وحدتها وتطوير قدراتها الاستخباراتية، وضبط المنافذ التي يتسلل عبرها المقاتلون، ولا سيما عبر البادية ومخيم الهول. ويبقى الحل الجذري متمثلاً في معالجة أسباب الفكر المتطرف، وتنفيذ برامج لإعادة تأهيل القاطنين بمخيم الهول، وتكثيف التنسيق الأمني على المستويات الوطنية والدولية، للحيلولة دون تكرار هذه المأساة وحماية دور العبادة ومكونات الوطن من خطر التنظيمات المتشددة، وضمان عودة الأمن والاستقرار إلى ربوع العاصمة السورية.

"الصليب لن ينكسر".. مسيحيو القامشلي يردّون على مجزرة مار إلياس
"الصليب لن ينكسر".. مسيحيو القامشلي يردّون على مجزرة مار إلياس

شفق نيوز

timeمنذ 8 ساعات

  • شفق نيوز

"الصليب لن ينكسر".. مسيحيو القامشلي يردّون على مجزرة مار إلياس

شفق نيوز- دمشق/ القامشلي تظاهر عشرات المسيحيين وأبناء مدينة القامشلي، يوم الأربعاء، تنديداً بالتفجير الدموي الذي استهدف كنيسة مار إلياس في العاصمة دمشق، والذي أسفر عن مقتل 26 شخصاً وإصابة 62 آخرين، في هجوم تبنته خلية تابعة لتنظيم داعش، بحسب السلطات السورية. ورفع المتظاهرون صور ضحايا الهجوم، ورددوا شعارات تحيي الدين المسيحي وتمجد الصليب، وتندد بما وصفوه بـ"الاعتداء الإرهابي" على دور العبادة والمسيحيين في سوريا. وقال جورج يونان، أحد المشاركين في التظاهرة، لوكالة شفق نيوز، إن "استهداف كنيسة خلال قداس مسائي جريمة بحق الكرامة الإنسانية والروحية"، مضيفاً: "نصلي من أجل الضحايا، ونطالب بوضع حد لحالة التراخي الأمني التي تسمح بتكرار مثل هذه الجرائم والانتهاكات بحق المسيحيين وسائر الأقليات". وانتقد يونان ما وصفه بـ"هشاشة البنية الأمنية" في العاصمة دمشق، قائلاً: "المجزرة التي ارتُكبت في كنيسة مار إلياس تُظهر أن المناطق التي يُفترض أن تكون محصنة، باتت مكشوفة ومعرضة للهجمات. لا بد من فتح حوار وطني يعيد الثقة بين الدولة والمجتمع ويمنع تغلغل التطرف". من جانبه، قال عيسى عيسى إن "ما جرى في كنيسة مار إلياس ليس حدثاً معزولاً، بل نتيجة مباشرة للفوضى والفراغ الأمني، الذي فاقمته الحكومة عبر تسليح مجموعات وفصائل خارجة عن القانون تحت ذرائع متعددة"، مشيراً إلى أن "جرائم مشابهة سبق أن ارتُكبت في ريف اللاذقية والسويداء وجرمانا". وشدد على أن "الاستمرار في تجاهل هذه الظواهر هو تواطؤ بالصمت، ويهدد ما تبقى من النسيج الوطني السوري. الدولة مسؤولة عن حماية مواطنيها، لا عن خلق بيئة خصبة للطائفية والانتقام". في السياق ذاته، عبّرت عبير عيسى، وهي ناشطة شاركت في التظاهرة، عن حزنها لما وصفته بـ"الفشل المزدوج"، قائلة: "ما حدث يعكس فشلاً أمنياً في الردع، وفشلاً سياسياً في بناء دولة المواطنة. أشعر بالغضب والحزن. يجب أن تدفعنا هذه الجريمة إلى نبذ الكراهية، وتوحيد الصفوف لحماية النسيج الاجتماعي السوري". وكان حي الدويلعة الدمشقي قد شهد، مساء الإثنين، تفجيراً دموياً داخل كنيسة مار إلياس أثناء قداس حضره عشرات المصلين. وبحسب وزارة الداخلية السورية، أقدم مهاجم على إطلاق النار ثم فجّر نفسه بحزام ناسف، ما تسبب في دمار واسع وسقوط عدد كبير من الضحايا. وأكدت السلطات الأمنية اعتقال عدد من عناصر الخلية المنفذة في عملية نُفذت لاحقاً في ريف دمشق، مشيرة إلى أن تنظيم داعش يقف خلف الهجوم.

"قسد" ترفض رواية دمشق: لا علاقة لمخيم الهول بتفجير كنيسة مار إلياس
"قسد" ترفض رواية دمشق: لا علاقة لمخيم الهول بتفجير كنيسة مار إلياس

شفق نيوز

timeمنذ 9 ساعات

  • شفق نيوز

"قسد" ترفض رواية دمشق: لا علاقة لمخيم الهول بتفجير كنيسة مار إلياس

شفق نيوز – دمشق/ القامشلي نفت قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، يوم الأربعاء، الاتهامات التي وجهها المتحدث باسم وزارة الداخلية في حكومة دمشق، بشأن وقوف عناصر قدموا من مخيم الهول في شمال شرقي سوريا وراء الهجوم الانتحاري الذي استهدف كنيسة مار إلياس في حي الدويلعة بالعاصمة السورية، وأدى إلى سقوط ضحايا من المدنيين. وقالت "قسد" في بيان اطلعت عليه وكالة شفق نيوز، إن "المعلومات التي صرّح بها المتحدث باسم وزارة الداخلية حول قدوم الانتحاريين من مخيم الهول غير صحيحة ولا تستند إلى وقائع حقيقية". وأضاف البيان، أن "التحقيقات التي أجرتها الأجهزة المختصة التابعة لقواتنا، أكدت عدم وجود أي حالة مغادرة من المخيم خلال الفترة المذكورة، باستثناء سوريين تم نقلهم بطلب من حكومة دمشق، وعراقيين أعيدوا إلى بلادهم وفق ترتيبات رسمية مع الحكومة العراقية". وشددت "قسد" على أن مخيم الهول يضم في معظمه نساءً وأطفالاً من عائلات تنظيم داعش، ولا يأوي في داخله مقاتلين أجانب، الأمر الذي "ينفي فرضية تسلل انتحاريين غير سوريين من داخله"، وفق البيان. وأكدت "قسد" على التزامها بمحاربة الإرهاب، لافتة إلى أنها "القوة السورية الوحيدة التي هزمت داعش في معركة الباغوز عام 2019، وتواصل عملها في هذا المجال ضمن إطار التنسيق مع قوات التحالف الدولي". كما دعت في ختام بيانها حكومة دمشق إلى "إجراء تحقيقات شفافة ونشر نتائجها للرأي العام منعاً لتكرار الهجمات الإرهابية". وكانت وزارة الداخلية السورية أعلنت خلال مؤتمر صحفي عقده المتحدث باسمها نور الدين البابا، أمس الثلاثاء، عن تفكيك خلية تابعة لتنظيم داعش، تقف وراء التفجير الانتحاري في كنيسة مار إلياس، وإفشالها محاولة تفجير فاشلة أخرى كانت تستهدف مقام السيدة زينب في ريف دمشق. وكشفت التحقيقات، بحسب الداخلية السورية، أن الخلية يقودها شخص يُدعى محمد عبد الإله الجميلي، المُلقب بـ"أبو عماد الجميلي"، ويُعرف داخل التنظيم بلقب "والي الصحراء"، وهو من سكان الحجر الأسود جنوب دمشق. وأفاد المتحدث، بأن الجميلي ساعد الانتحاريين – وهما "غير سوريين" – في التسلل من مخيم الهول عبر البادية السورية إلى دمشق، مستغلاً "الثغرات الأمنية التي خلفها تراجع التغطية الأمنية في بعض المناطق"، حسب بيانها.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store