
"الزاوية" للتهامي الوزاني.. أول رواية مغربية بالعربية
مدة القراءة: 3'
تُعدّ رواية الزاوية للكاتب التهامي الوزاني، التي صدرت عام 1942 عن "مطبعة الريف" في تطوان، أول رواية مغربية مكتوبة باللغة العربية. وهي عمل أدبي يجمع بين السيرة الذاتية والتأريخ الاجتماعي، حيث تناول فيها الكاتب مراحل من حياته، مسلطًا الضوء على الأوضاع في شمال المغرب خلال فترة الاحتلال الإسباني.
التهامي الوزاني كان فقيهًا صوفيًا ومؤرخًا وصحفيًا وأديبًا مغربيًا، وُلد عام 1903 وتوفي عام 1972 في تطوان. لم يتلق تعليمًا نظاميًا، لكنه اعتمد على نفسه في تكوين معرفته، إذ كان شغوفًا بقراءة الكتب في مختلف المجالات، ما جعله شخصية متعددة المواهب ذات أسلوب متفرد في الكتابة والتعبير.
دفعه ولعه بالثقافة والكتابة إلى تأسيس صحيفة مستقلة في شمال المغرب استمرت في الصدور 19 عامًا، كما كان مناهضًا للاستعمار الإسباني، وأسّس عددًا من المدارس انطلاقًا من وعيه بأهمية التعليم في بناء الأمة. ومن بين المناصب التي تقلّدها، عُيّن عميدًا لكلية أصول الدين في تطوان منذ تأسيسها عام 1963 حتى تقاعده.
تتناول الزاوية طفولة الكاتب وشبابه، وتصور حياة المجتمع التطواني في تلك الفترة، كما تعكس آراء الناس وأفكارهم. ويستعرض الوزاني في روايته علاقته بأسرته، متحدثًا عن جدته وأمه وتأثيرهما العميق في حياته، إضافةً إلى والده الذي لم يعرفه إلا من خلال الحكايات التي كانت ترويها له والدته وجدته.
كما تتطرق الرواية إلى أحداث تاريخية مهمة، مثل احتلال تطوان من قِبل الإسبان سنة 1913، بالإضافة إلى وصف بعض العادات الاجتماعية، كعادة الاستجمام على شاطئ مرتيل خلال فصل الخريف، حيث كانت الخيام تُنصب بعناية على الساحل.
ويتناول الكاتب أيضًا انغماسه في عالم التصوف، مشيرًا إلى "الزاوية" وقراءاته لكتب التصوف، مثل الفتوحات المكية لابن عربي والفهرس لابن عجيبة، وغيرهما من الكتب الصوفية.
وفي سياق آخر، تطرّق التهامي الوزاني إلى حالة العالم العربي خلال الحرب العالمية الأولى، متحدثًا عن موقف العرب من الخلافة العثمانية، والأوضاع التي سادت تلك المرحلة وما بعدها، كما أشار إلى شخصية لورانس العرب، وتأثيره على أمراء البلاد العربية بدهائه وذهبِه.
أشارت مجلة دعوة الحق التابعة لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية إلى أن الرواية "طُبعت على ورق رديء بسبب ظروف التقشف التي سادت خلال الحرب العالمية الثانية. وقد صدرت عن مطبعة الريف بتطوان سنة 1361هـ/1942م، وكانت مليئة بالأخطاء المطبعية، لم يُخفّف من حدّتها جدول "الخطأ والصواب" الذي لم يُغطِّ سوى جزء بسيط منها". وأكدت المجلة أن الرواية جديرة بإعادة الطباعة، نظرًا لأهميتها.
إلى جانب الزاوية، ألّف التهامي الوزاني عدة كتب، منها: تاريخ المغرب (1940)، فوق الصهوات (1943)، سليل الثقلين (1950)، الباقة النضرة (1952)، والرحلة الخاطفة (1958).
وفي عام 2024، أعلنت جائزة كتارا للرواية العربية في قطر عن اختيار التهامي الوزاني شخصية العام في دورتها العاشرة، ووصفه بيان لمؤسسة كتارا بأنه "تجلٍّ متميز للمثقف الشامل". كما تم خلال الدورة تنظيم معرض صور يوثق لأبرز محطات حياته، إلى جانب ندوة تناولت تطور الرواية المغربية ودور الوزاني في تأسيسها.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


مراكش الآن
منذ 3 أيام
- مراكش الآن
قصة التنافس بين شركتَي 'أديداس' و'بوما' في مسلسل أمريكي
يشكّل التنافس بين شركتَي 'أديداس' و'بوما' للأدوات الرياضية اللتين أسسهما شقيقان في بلدة صغيرة بمقاطعة بافاريا الألمانية محور مسلسل تلفزيوني يرتكز إلى محفوظات العائلة، على ما أعلن منتجوه. وينقل المسلسل إلى الشاشة أحد أبرز الصراعات العائلية في تاريخ الأعمال بين رودولف 'رودي' داسلر، الذي أسس شركة 'بوما' في عام 1948، وأدولف 'آدي' داسلر، الذي أسس شركة 'أديداس' في عام 1949. وكان الشقيقان في البداية يشتركان في إدارة الشركة العائلية التي تأسست عام 1924، قبل أن يختلفا في ثلاثينات القرن العشرين ويؤسس كل منهما شركته الخاصة بعد الحرب العالمية الثانية. ووافقت عائلة داسلر على المشروع الذي يديره شركة الإنتاج الهوليوودية 'نو فات إيغو'. ووقع الاختيار على كاتب السيناريو مارك ويليامز، الذي كتب المسلسل الناجح 'أوزارك' على منصة 'نتفليكس'، لكتابة القصة، استنادا إلى مقاطع فيديو وذكريات العائلة. وقال كاتب السيناريو لوكالة فرانس برس على هامش مهرجان كان السينمائي 'الجميع يعرف العلامات التجارية، لكن القصة وراءها هي شيء لا نعرفه حقا'. ويتطرق المسلسل إلى سلوك الأخوين خلال الحرب العالمية الثانية، وهو موضوع حساس بالنسبة لكلا المجموعتين اللتين تقدّر قيمتهما راهنا بمليارات الدولارات. وأصبح آدي ورودي داسلر عضوين في الحزب النازي في ثلاثينات القرن العشرين، كمعظم نخبة من رجال الأعمال. وحارب رودي واعتقلته قبل قوات الحلفاء عند عودته إلى ألمانيا المهزومة. أما آدي 'فبقي في المنزل وحاول إبقاء العمل على قيد الحياة'، بحسب مارك ويليامز. ووضعت السلطات يدها على مصنع العائلة وحولته مصنعا للذخيرة في إطار المجهود الحربي. وأشار ويليامز إلى أن المسلسل سيكون شبيها بمسلسل 'ساكسيشن' Succession الأميركي عن عائلة تملك مجموعة إعلامية في الولايات المتحدة.


المغرب اليوم
منذ 5 أيام
- المغرب اليوم
الأميركي الذي حدَّث القصيدة: «كن حديثاً»
ذهب عزرا باوند إلى البندقية يكتب الشعر بين قنواتها كما فعل اللورد بايرون من قبل. وأعطت حركة «شعر» فكرة غير دقيقة عن حياته ومكانته، ربما لنقص في الاطلاع على أعماله. في ثلاثينات القرن الماضي، أمسك عزرا باوند بمطرقة خشبية وضرب بها على الطاولة مخاطباً جميع أقرانه: كن حديثاً!. «نحن بحاجة إلى أشكال فنية جديدة»، يصرح أنطون تشيخوف في مسرحيته «النورس»: «الأشكال الجديدة مطلوبة، وإذا لم تكن متوفرة، فقد لا يكون لدينا شيء على الإطلاق». كانت المهمة إبداعية وتدميرية في الوقت نفسه، كما اقترح فريدريك نيتشه. كانت مهمة جعل الأمر حديثاً تعني المضي قدماً، وإيجاد طريق جديد. كان لا بد من تغيير كل شيء. الفلسفة التي تقوم عليها الفنون، والرؤية الأساسية التي تعبر عنها، والعلاقة بين الشكل والمضمون، والفنان والجمهور، والفرد المبدع والمجتمع. وكما أعلن نيتشه، كان لهذه الرحلة في المعرفة الفنية الحديثة مخاطرها العميقة. ينوي راسكولنيكوف، تلميذ دوستويفسكي، في رواية «الجريمة والعقاب»، أن يتحرر من حدود الفكر: «يبدو لي أن أكثر ما يخشاه المرء هو أن يخطو خطوة جديدة أو ينطق بكلمة جديدة». يخطو راسكولنيكوف الخطوة، وينطق بالكلمة، ويرتكب جريمة حديثة، ويجد عقاباً حديثاً. كانت أخطار الطريقة الحديثة ستصبح واضحة حتى بالنسبة لباوند. فقد كان باوند مغترباً في إيطاليا خلال الحرب العالمية الثانية، وخاب أمله لأن الرئيس روزفلت لم يطلب استشارته في المسائل الاقتصادية، والثقافية، والسياسية. انحاز إلى بينيتو موسوليني، الذي كانت له بالفعل بعض الآراء المستقبلية. أنهى باوند الحرب محتجزاً في قفص في بيزا من قبل الجيش الأميركي في انتظار توجيه تهمة الخيانة إليه في الولايات المتحدة. حتى إن هذا كان له منطق معين، إذ اعتبر باوند أن مهمة الفنان هي أن يكون ملهب العصر، وأن يخلق الثقافة من خلال التمرد على الثقافة. وبحلول نهاية حياته، كان باوند مستعداً للاعتراف بأن طموحه في تحويل سياسة الثقافة كان خطأً خطيراً، وهو خطأ يشكك في إنجازه الفني وفي الهدف من «صنع الجديد». مثل كثيرين غيره، ثار باوند ضد الحداثة، لكنه آمن بها. والاسم الذي صار يطلق على ذلك التحول الكبير في أشكال الفنون وروحها، وطبيعتها، الذي حدث في الفترة ما بين سبعينات القرن التاسع عشر، واندلاع الحرب العالمية الثانية. لقد كانت ثورة فنية عميقة حركت أوروبا بأكملها. ويرجع الفضل في ذلك جزئياً إلى باوند نفسه. لقد كانت أزمة في تاريخ الإنسانية الغربية، ومحاولة عميقة لفهم وإدراك طبيعة الوجود الحديث.


اليوم 24
منذ 6 أيام
- اليوم 24
بروكسيل... عرض فيلم "الهروب 1944" تكريما للجنود المغاربة في الحرب العالمية الثانية
احتضنت القنصلية العامة للمغرب في بروكسيل، أمس الجمعة، العرض ما قبل الأول للفيلم القصير « الهروب 1944 » للمخرج المغربي سعيد حسبي، تكريما لجنود مغاربة تميزوا بشجاعتهم خلال المعارك ضد النازية في أوربا إبان الحرب العالمية الثانية. والفيلم مستلهم من أحداث واقعية، ويسلط الضوء على شجاعة الجنود المغاربة، مع التأكيد على ضرورة صون ذاكرتهم الحية، كما يعكس قيما إنسانية نبيلة تظل ثابتة حتى في أكثر اللحظات قتامة من التاريخ. وقد تم تصوير الفيلم في بلجيكا، ويشارك في بطولته بوجمعة البطيوي، وريك تيرموت، وعبدو غفاري إنوسا، وفيليب سيدوف، وفانسون لامبريكس. ويستند السيناريو إلى القصة الحقيقية لوالد المخرج سعيد حسبي، وهو أحد قدماء المحاربين المغاربة الذين شاركوا في تلك الحرب. وفي كلمة بالمناسبة، قال القنصل العام للمغرب في بروكسيل، حسن التوري، إن هذا العرض يشكل مناسبة لإماطة اللثام عن « موضوع ظل مجهولا لدى الكثيرين، وفصل من التاريخ طاله التهميش لفترة طويلة، ومغامرة إنسانية نبيلة وشجاعة لم تنل ما تستحقه من تمجيد »، مشددا على أن الأمر يتعلق بالدور البطولي الذي اضطلع به الجنود المغاربة في محاربة النازية والدفاع عن الحرية. وأضاف التوري أن هذا الفيلم يكتسي أهمية خاصة لما يحمله من دلالات رمزية وعمق تاريخي، ولكونه يجسد واجب الذاكرة، مشيرا إلى أن هذا الحدث يبرز الالتزام التاريخي للمغرب بقيم كونية، ويؤكد على ضرورة نقل هذه الحقائق التاريخية إلى الأجيال الصاعدة وفاء لذكرى الجنود المغاربة الذين ضحوا من أجل الحرية. من جهته، أبرز المخرج سعيد حسبي أن إنجازه لهذا العمل الفني يندرج في إطار الوفاء لواجب التوثيق لهذه الذاكرة وسردها بهدف إحيائها ونقلها، لاسيما إلى الأجيال الشابة، مبرزا أن هذا المشروع يكتسي بالنسبة إليه طابعا شخصيا، لكونه يتعلق بتاريخ والده. وقال: « إن الجنود المغاربة في الحرب العالمية الثانية هم أبطال التاريخ، وذاكرتهم تستحق أن تخلد بمختلف الأشكال الفنية ». وأعقب عرض الفيلم نقاش مع الجمهور شارك فيه كتاب وفنانون ومؤرخون، تناول مختلف الجوانب المرتبطة بهذا الموضوع. يذكر أن سعيد حسبي، المزداد بمدينة مراكش سنة 1966 والمقيم في بلجيكا منذ سنة 1996، هو مخرج وكاتب سيناريو وملحن موسيقى للأفلام. ويعد فيلم « الهروب 1944 » ثالث أعماله السينمائية القصيرة، بعد فيلم « أحلام » (2017) و »I Wanna Fly » (2020).