logo
الاهتمام بحماية أشجار القرم

الاهتمام بحماية أشجار القرم

جريدة الوطنمنذ 3 أيام
أعلنت وزارة البيئة والتغير المناخي في قطر عن استمرار الجهود الوطنية للحفاظ على غابات المانغروف وما تحتويه من أشجار القرم، وهي عنصر حيوي في مكافحة التغير المناخي بفضل قدرتها على امتصاص الكربون.
وأبرزت الوزارة الاهتمام الكبير الذي توليه الدولة لهذه الأشجار، وخاصة نوع «أفيسنيا مارينا»، الذي يدعم الاستدامة البيئية.المنشور، وأكدت الوزارة أن دولة قطر تنفذ برامج ومشاريع لتطوير وحماية المانغروف، بهدف تعزيز دورها في تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة.
وتشمل هذه الجهود إنشاء مناطق محمية وتشريعات بيئية، وفقًا لدراسات حديثة في «ساينس دايركت» 2024، التي أشارت إلى زيادة التغطية النباتية للمانغروف رغم التحديات العالمية. وتواجه هذه الغابات تحديات مثل التناقض بين التنمية الحضرية، كما في حالة اقتلاع بحيرة الوكرة، والحفاظ البيئي. ومع ذلك، تتميز الأشجار بتكيفات جينية تمكنها من النمو في الظروف الصحراوية المالحة، حسب تقارير «إيكو مينا» 2024، مما يجعلها موردًا استراتيجيًا على المستوى العالمي.
ويتماشى ذلك مع استراتيجية الدولة للتنمية المستدامة، التي تركز على التوازن بين الاقتصاد والبيئة. وتدعو الوزارة، ضمنيًا، إلى تعزيز الشراكات لتطوير أسواق الكربون الأزرق، مؤكدة التزام قطر بتحقيق أهداف اتفاقية باريس. بهذا، تؤسس قطر لنموذج بيئي إقليمي يركز على حماية الموارد الطبيعية لأجيال المستقبل.
وغابات المانجروف تمثل مواقع طبيعية نادرة ومدهشة وزاخرة بالأحياء البرية والبحرية، كما أنها تعمل على إنتاج الأكسجين وامتصاص غاز ثاني أكسيد الكربون والغازات السامة، وهذا ما يساعد بشكل كبير في تقليص الاحتباس الحراري. وتُعد شجرة القرم إحدى أشجار المانجروف وهي شجرة استوائية مدارية، حيث يوجد نوع واحد من أشجار القرم في قطر وهو «الشورى» أو القرم، تنمو أشجاره على امتداد الشاطئ (منطقة المد والجزر) وقد اشتق اسم (منطقة راس القرمة) شرق مدينة الخور من شجرة القرم ومفرده يسمى قرمة.
والنظم البيئية بغابات المانجروف عبارة عن أحواض كربون فعالة للغاية تعمل على عزل كميات هائلة من الكربون داخل التربة والأوراق والفروع، حيث يمكن لهكتار واحد من أشجار المانجروف تخزين 3.754 طناً من الكربون.
وتوجد معظم غابات المانغروف في دولة قطر، على طول الساحل الشرقي - وأكبر تلك الغابات توجد في منطقة الذخيرة شمال مدينة الخور، وتتكون من أنواع مختلفة مثل مارينا ابن سينا، المعروفة أيضًا باسم المانغروف الرمادي. وتنتمي أشجار المانغروف إلى 2 ٪ من النباتات الموجودة على الأرض والقادرة على العيش في المياه المالحة، ويعود ذلك إلى وجود جذور هوائية متخصصة ترتفع من الطين مما يسمح لها بالتنفس على الرغم من الرواسب الكثيفة المشبعة للمياه حيث تنمو، ولذلك فإنها تصنف من النباتات الملحية (الهالوفايت).
وتدل مقاومة أشجار المانغروف للظروف البيئية القاسية على أهميتها وضرورة حمايتها، لكن بالإضافة إلى ذلك، فإن هذه الأشجار ذات فائدة كبيرة للإنسان، حيث تخزن كميات كبيرة من ثاني أوكسيد الكربون في جذورها، وأغصانها وأوراقها وكذلك في ركائز الأنزيمات التي تنمو عليها. وعلى الجانب الآخر من هذه الميزات التي تملكها أشجار المانغروف، فإنها وفي حال تدميرها، تطلق كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون إلى الغلاف الجوي مجددًا.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

‫ مشاريع الطاقة الشمسية في قطر.. طاقة خضراء في أعماق الصحراء
‫ مشاريع الطاقة الشمسية في قطر.. طاقة خضراء في أعماق الصحراء

العرب القطرية

timeمنذ 2 أيام

  • العرب القطرية

‫ مشاريع الطاقة الشمسية في قطر.. طاقة خضراء في أعماق الصحراء

قنا في ظل العديد من التحديات العالمية المتصلة بالتغيرات المناخية، يبقى البحث عن مصادر جديدة لطاقة نظيفة ومستدامة مسعى لكل الدول، وقد تبنت دولة قطر في هذا الاتجاه استراتيجية طموحة في مسيرة التحول نحو الطاقات الجديدة والمتجددة، وعلى رأسها الطاقة الشمسية، كمورد طبيعي متوفر بلا عوائق، وقد شرعت الدولة في تنفيذ عدد من المشاريع العملاقة، مما يعكس توجها وطنيا نحو اقتصاد أخضر ولتقليل الاعتماد على الوقود العضوي، وهو التوجه الذي يجسد الخطوات الفعلية نحو تحقيق أهداف رؤية قطر الوطنية 2030 في مجال البيئة والطاقة. وكانت دولة قطر قد وضعت أهدافا ضمن إطار الاستراتيجية الوطنية الثانية للتنمية في (2018 - 2022) والاستراتيجية الوطنية للبيئة والتغير المناخي (2021 - 2030)، ومن بينها إنتاج 20% من الكهرباء من مصادر متجددة بحلول عام 2030، وتخفيض انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة 25%، والاستثمار في مشاريع أبحاث وتقنيات تخزين الطاقة الشمسية والربط بالشبكة الوطنية. ومن أبرز مشاريع الطاقة المتجددة التي أقامتها دولة قطر محطة الخرسعة للطاقة الشمسية غرب الدوحة، والتي تتمتع بقدرة إنتاجية 800 ميغاواط، في مساحة 10 كيلومترات، بأكثر من 1.8 مليون لوح شمسي، ويوفر مشروع محطة الخرسعة كهرباء تكفي لحوالي 60 ألف منزل، وينتج الكهرباء بسعر تنافسي، حيث إنها تولد ما يعادل 10 بالمئة من الطاقة الكهربائية للدولة في وقت الذروة، كما أنها تساهم في تقليل الانبعاثات الكربونية بحوالي 26 مليون طن. ويعكس دخول محطتي رأس لفان ومسيعيد للطاقة الشمسية دائرة الإنتاج في أبريل الماضي، بإضافة قدرة إنتاجية من الكهرباء تبلغ 875 ميغاواط، وبطاقة تبلغ 800 ميغاواط، بعد تدشين محطة الخرسعة في العام 2022، حجم التحول الاقتصادي والالتزام البيئي الصارم لدولة قطر، والذي يعزز مكانتها عالميا، خاصة مع استمرارها في تطوير مشاريع ضخمة، وتبني سياسات داعمة وابتكارات تكنولوجية في مجال الطاقة المتجددة تضعها على مسار تحقيق أهدافها الطموحة في الاستدامة وتنويع الاقتصاد الوطني. وتوضح البيانات أن محطتي رأس لفان ومسيعيد للطاقة الشمسية أضافتا للسعة الإنتاجية لمحطات الطاقة الشمسية في دولة قطر 1,675 ميغاواط من الطاقة الكهربائية المتجددة، وهو ما شكّل خطوة أساسية نحو تحقيق الركيزة الرابعة من رؤية قطر الوطنية 2030، وهي إدارة البيئة بشكل يضمن الانسجام والتناسق بين التنمية الاقتصادية والاجتماعية وحماية البيئة، ويحقق أيضا أحد أهداف استراتيجية قطر للطاقة للاستدامة، المتمثل في توليد أكثر من 4,000 ميغاواط من الطاقة المتجددة بحلول العام 2030. ومن المتوقع أن تعمل (الخرسعة ومسيعيد ورأس لفان) على خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بحوالي 4,7 مليون طن سنويا، وستلعب محطتا مسيعيد ورأس لفان، إلى جانب محطة الخرسعة، دورا مهما في تلبية الطلب على الكهرباء داخل الدولة، حيث تساهم المحطات الثلاث بحوالي 15 بالمئة من إجمالي الطلب المحلي على الكهرباء في أوقات الذروة، بينما سترتفع هذه النسبة إلى 30 بالمئة بعد تشغيل محطة دخان العملاقة للطاقة الشمسية بحلول العام 2029، والتي تبلغ قدرتها الإنتاجية حوالي 2,000 ميغاواط". وفي الإطار ذاته، تواصل قطر تطوير مشروع ضخم في منطقة دخان بقدرة إنتاجية تصل إلى 2000 ميغاواط، ليصبح من أكبر محطات الطاقة الشمسية في العالم، ومن المتوقع أن يدخل الخدمة قبل نهاية العقد الجاري، وهو مشروع سيضاف إلى محطات الخرسعة، ومسيعيد، ورأس لفان، ما يرفع إجمالي القدرة الإنتاجية للطاقة الشمسية في قطر إلى 4000 ميغاواط بحلول عام 2030. وكان لافتا أن اعتمدت قطر على خبرات الكوادر الوطنية في كل ما يتعلق باستخدامات الطاقة الشمسية كمورد نظيف لإنتاج الطاقة، حيث أشار سعادة المهندس سعد بن شريدة الكعبي وزير الدولة لشؤون الطاقة العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لقطر للطاقة، إلى أن قطر للطاقة تجاوزت مرحلة الاعتماد على خبرات الآخرين في بناء وتشغيل وصيانة محطات الطاقة الشمسية، وأضاف سعادته، خلال افتتاح محطتي رأس لفان ومسيعيد للطاقة الشمسية في أبريل الماضي: "بدأنا بتنفيذ هذه المشاريع بخبراتنا الوطنية التي نعتز بها وبإنجازاتها، وللـتأكيد على الالتزام بالاعتماد على الطاقات الجديدة، فإن دولة قطر عملت على إيلاء استثماراتها في مجال إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية أهمية قصوى، بمضاعفة القيمة الإجمالية لمشاريعها في هذا القطاع من 1.7 مليار ريال في مرحلته الأولى إلى نحو 4 مليارات ريال، بضخ ما قيمته 2.3 مليار ريال في محطتي "مسيعيد" و"رأس لفان" في العام 2022، وذلك ما يعكس توجه السياسات والخطط الحكومية لتنويع مصادر الطاقة، من خلال التشجيع على الاستثمار في الطاقة المتجددة، بالنظر إلى المعطيات المناخية والإمكانات المادية والتقنية المتاحة في قطر. ولاستخدامات الطاقة الشمسية العديد من المشكلات التي تحول دون استخدامها على نطاق واسع، ومنها كلفة الإنشاء الأولية العالية، وضعف الإنتاج لأغراض الاستخدام الليلي، مثلما أن عملية تركيب الألواح الشمسية تحتاج إلى مساحات كبيرة، فكلما كانت هناك رغبة في زيادة التوليد، ازدادت كميات الألواح المركبة لإنتاج الكهرباء. وللتغلب على التحديات البيئية والتقنية التي تواجه مشاريع الطاقة الشمسية، عملت الشركات القطرية، بالتعاون مع مؤسسات بحثية مثل معهد قطر لبحوث البيئة والطاقة على تطوير نوع من الألواح الشمسية المقاومة للغبار وارتفاع درجات الحرارة، كما أن الدولة تخطط لتوسيع مشاريع الطاقة الشمسية في مناطق أخرى مثل: الوكير، والشحانية، وسيلين وغيرها من المناطق، فضلا عن تشجيع القطاع الخاص والمؤسسات المختلفة على تركيب أنظمة الطاقة الشمسية. وفي السياق، فإن استخدام الطاقة الناتجة عن الإشعاع الشمسي في توليد الكهرباء يعد من أهم مصادر الطاقة النظيفة والمهمة، والتي يمكن استغلالها في العديد من القطاعات الزراعية، والصناعية، وعمليات تحلية وتسخين وتبريد المياه، مما يجعلها الحل الأمثل لأزمة الطاقة التي يواجهها العالم، وحسب الخبراء، فإن للطاقة الشمسية فوائد جمة لمستخدميها على المستوى الفردي، حيث تعتبر الطاقة الشمسية من مصادر الطاقة المتجددة غير الناضبة، التي تساعد المستهلكين على التوفير في استخدامات الطاقة، كما أنها تتميز بانخفاض تكاليف الصيانة، فأنظمة الطاقة الشمسية لا تحتاج إلى كثير من الصيانة، ويكفي تنظيفها عدة مرات في السنة لتستمر في عملية الإنتاج لسنوات، ومن فوائد الطاقة الشمسية التي تعود على البيئة، تقليل تلوث الهواء، وإبطاء تغير المناخ، فضلا عن إنهاء أثر انبعاثات الكربون لعدم اعتمادها على الوقود التقليدي في عملية التشغيل وفي مختلف مراحل الإنتاج. وفي الاتجاه ذاته، فإن التوجه العالمي للطاقات المتجددة بات يمثل السمة الأبرز لأغلب الدول، فبحسب بيانات الأمم المتحدة فإن العام الماضي شهد إنفاق تريليوني دولار للطاقة النظيفة، أي بزيادة قدرها 800 مليار دولار عما أنفق على الوقود الأحفوري، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 70% تقريبا في عشر سنوات. وفي تصريحات له الأسبوع الماضي، قال أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة: "إن عصر الوقود الأحفوري "يتداعى وينهار" وأننا نعيش الآن في فجر عصر الطاقة الجديد، وهو "عصر تغذي فيه الطاقة النظيفة الوفيرة الرخيصة عالما غنيا بالفرص الاقتصادية". وأضاف الأمين العام للأمم المتحدة أن بيانات أصدرتها الوكالة الدولية للطاقة المتجددة، تظهر أن أكثر من 90% من المصادر الجديدة للطاقة المتجددة في جميع أنحاء العالم تنتج الكهرباء بتكلفة أقل من أرخص البدائل للوقود الأحفوري، وأضاف قائلا: "هذا ليس مجرد تحول في التأثير، إنه تحول في الإمكانية، وفي جهود إصلاح علاقتنا بالمناخ". وبالمحصلة فإن النمو المتسارع لاستخدامات الطاقة النظيفة على مستوى العالم سيظل يمثل الخيار الأمثل، خاصة توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية الذي قفز إلى مراحل متقدمة، فقد جسدت استثمارات الطاقة الشمسية في قطر توجها استراتيجيا ونموذجا متكاملا للتحول الاقتصادي والالتزام البيئي، وهو ما يعزز مكانة الدولة كرائد إقليمي ودولي في مجالات إنتاج الطاقات المتجددة، مع الاستمرار في تطوير المشاريع المماثلة، والعمل على تبني السياسات الداعمة للابتكارات الرقمية لتحقيق أهداف الاستدامة وتنويع الاقتصاد الوطني بحلول عام 2030 عبر استخدام الطاقات النظيفة.

الاهتمام بحماية أشجار القرم
الاهتمام بحماية أشجار القرم

جريدة الوطن

timeمنذ 3 أيام

  • جريدة الوطن

الاهتمام بحماية أشجار القرم

أعلنت وزارة البيئة والتغير المناخي في قطر عن استمرار الجهود الوطنية للحفاظ على غابات المانغروف وما تحتويه من أشجار القرم، وهي عنصر حيوي في مكافحة التغير المناخي بفضل قدرتها على امتصاص الكربون. وأبرزت الوزارة الاهتمام الكبير الذي توليه الدولة لهذه الأشجار، وخاصة نوع «أفيسنيا مارينا»، الذي يدعم الاستدامة البيئية.المنشور، وأكدت الوزارة أن دولة قطر تنفذ برامج ومشاريع لتطوير وحماية المانغروف، بهدف تعزيز دورها في تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة. وتشمل هذه الجهود إنشاء مناطق محمية وتشريعات بيئية، وفقًا لدراسات حديثة في «ساينس دايركت» 2024، التي أشارت إلى زيادة التغطية النباتية للمانغروف رغم التحديات العالمية. وتواجه هذه الغابات تحديات مثل التناقض بين التنمية الحضرية، كما في حالة اقتلاع بحيرة الوكرة، والحفاظ البيئي. ومع ذلك، تتميز الأشجار بتكيفات جينية تمكنها من النمو في الظروف الصحراوية المالحة، حسب تقارير «إيكو مينا» 2024، مما يجعلها موردًا استراتيجيًا على المستوى العالمي. ويتماشى ذلك مع استراتيجية الدولة للتنمية المستدامة، التي تركز على التوازن بين الاقتصاد والبيئة. وتدعو الوزارة، ضمنيًا، إلى تعزيز الشراكات لتطوير أسواق الكربون الأزرق، مؤكدة التزام قطر بتحقيق أهداف اتفاقية باريس. بهذا، تؤسس قطر لنموذج بيئي إقليمي يركز على حماية الموارد الطبيعية لأجيال المستقبل. وغابات المانجروف تمثل مواقع طبيعية نادرة ومدهشة وزاخرة بالأحياء البرية والبحرية، كما أنها تعمل على إنتاج الأكسجين وامتصاص غاز ثاني أكسيد الكربون والغازات السامة، وهذا ما يساعد بشكل كبير في تقليص الاحتباس الحراري. وتُعد شجرة القرم إحدى أشجار المانجروف وهي شجرة استوائية مدارية، حيث يوجد نوع واحد من أشجار القرم في قطر وهو «الشورى» أو القرم، تنمو أشجاره على امتداد الشاطئ (منطقة المد والجزر) وقد اشتق اسم (منطقة راس القرمة) شرق مدينة الخور من شجرة القرم ومفرده يسمى قرمة. والنظم البيئية بغابات المانجروف عبارة عن أحواض كربون فعالة للغاية تعمل على عزل كميات هائلة من الكربون داخل التربة والأوراق والفروع، حيث يمكن لهكتار واحد من أشجار المانجروف تخزين 3.754 طناً من الكربون. وتوجد معظم غابات المانغروف في دولة قطر، على طول الساحل الشرقي - وأكبر تلك الغابات توجد في منطقة الذخيرة شمال مدينة الخور، وتتكون من أنواع مختلفة مثل مارينا ابن سينا، المعروفة أيضًا باسم المانغروف الرمادي. وتنتمي أشجار المانغروف إلى 2 ٪ من النباتات الموجودة على الأرض والقادرة على العيش في المياه المالحة، ويعود ذلك إلى وجود جذور هوائية متخصصة ترتفع من الطين مما يسمح لها بالتنفس على الرغم من الرواسب الكثيفة المشبعة للمياه حيث تنمو، ولذلك فإنها تصنف من النباتات الملحية (الهالوفايت). وتدل مقاومة أشجار المانغروف للظروف البيئية القاسية على أهميتها وضرورة حمايتها، لكن بالإضافة إلى ذلك، فإن هذه الأشجار ذات فائدة كبيرة للإنسان، حيث تخزن كميات كبيرة من ثاني أوكسيد الكربون في جذورها، وأغصانها وأوراقها وكذلك في ركائز الأنزيمات التي تنمو عليها. وعلى الجانب الآخر من هذه الميزات التي تملكها أشجار المانغروف، فإنها وفي حال تدميرها، تطلق كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون إلى الغلاف الجوي مجددًا.

مـهنـــدس المـعـــجزات
مـهنـــدس المـعـــجزات

جريدة الوطن

timeمنذ 3 أيام

  • جريدة الوطن

مـهنـــدس المـعـــجزات

قد لا يتجاوز حجم النملة البيضاء الواحدة حجم ظفر الإصبع، وهي مخلوق هش، شفاف الهيكل، وشديد الحساسية لأشعة الشمس، بل يكفي أن يطأها شخص بقدمه دون أن يشعر لينهي وجودها. ومع ذلك، حين تجتمع ملايين من هذه الكائنات الدقيقة فإنها تتحول إلى مهندس معماري بارع، قادر على بناء تلال طينية شاهقة. وبعض هذه التلال يرتفع حتى 5-8 أمتار، أي ما يعادل بالنسبة لحجم النمل الأبيض بناء ناطحات سحاب أو مدن تمتد لكيلومترات، إذا ما قورنت بجسم الإنسان. إنها ليست مجرد كتل ترابية ضخمة، بل هي مدن بمعنى الكلمة، تحتوي على شبكة معقدة من الغرف والأنفاق والقنوات التي تعمل على تنظيم درجة الحرارة والرطوبة وتدفق الهواء، بما يضمن بقاء المستعمرة والفطريات التي تزرعها لتقتات عليها. لكن ما يثير الذهول حقًا أن كل هذا يُبنى دون مخطط هندسي أو قائد مركزي. ولا توجد «نملة معمارية» ترسم التصاميم أو توزّع الأوامر على العمال، بل تُبنى هذه التلال عبر قواعد بسيطة مطبقة محليًا من كل فرد، وتترابط تلك التصرُّفات الفردية الصغيرة لتشكل في النهاية أنماطًا معمارية مذهلة. هندسة بلا عقول مركزية تبدأ العملية بمزيج من التربة واللعاب والروث، حيث تبني النملة الواحدة كرة صغيرة من الطين، وتضعها في مكان مناسب. وقاعدة البناء هنا بسيطة «إذا رأيت نملة قد وضعت كرة طينية، ضع أنت الأخرى فوقها أو بجانبها» ومن هذه التكرارات الصغيرة ينشأ مع مرور الوقت برج شاهق ومعقد. ولكن النمل الأبيض لا يكتفي بتكرار أعمى، فهو حساس للغاية لتغيرات بيئته، ويستجيب لها لحظة بلحظة. فالرطوبة، مثلًا، تلعب دورًا رئيسيًا في توجيه عمليات البناء، ففي دراسات حديثة أجريت على النمل الأبيض، اكتشف الباحثون أن عاملات البناء في النمل الأبيض تستشعرن الفقاعات الرطبة المتسربة من شقوق العش، فإذا شعرن بفقاعة رطوبة، تضعن كرات طينية عند حافتها، مما يدفع الفقاعة إلى الامتداد تدريجيًا، فيواصلن البناء للأعلى. أما إذا تسرب هواء جاف أو هبت رياح قوية فجأة، تتلاشى الفقاعة الرطبة ويتوقف البناء فورًا. وإذا ارتفع مستوى ثاني أكسيد الكربون داخل التل بشكل خطير على الفطريات (التي تتغذى عليها قطعان النمل الأبيض) تهرع العاملات لفتح فتحات تهوية جديدة أو توسيع الأنفاق لتجديد الهواء. وإذا ارتفعت درجة الحرارة، بنى النمل الأبيض أبراجًا تعمل مثل المداخن لتسريب الهواء الساخن للخارج. وإذا كان الجو باردًا، أغلق الفتحات وعزل الجدران بالطين للحفاظ على الدفء. وتمثل تيارات الهواء أيضًا إشارات، فإذا شعر الأفراد بتدفق قوي مفاجئ، تعاملوا معه كإشارة خطر وسدوا الفتحة على الفور. أما التيار اللطيف فيستغلونه لإنشاء نظام تهوية طبيعي أشبه بمكيف هواء ذاتي التشغيل، بحسب دراسة نشرت عام 2024 بدورية «إي-لايف». المستعمرة ككائن حي فائق يظهر ما سبق أنه حينما نراقب سلوكيات النمل الأبيض، يبدو كما لو أننا أمام كائن واحد ضخم وليس ملايين الكائنات الصغيرة. ولا تعرف أي نملة بشكل فردي التصميم النهائي للتلة، تمامًا كما لا تعرف أي خلية عصبية في دماغك أنك تفكر الآن. لكن عبر شبكة معقدة من التفاعلات المحلية، يظهر ذكاء جماعي يسمح للمستعمرة بحل مشاكل معقدة مثل تنظيم التهوية والدفاع عن النفس وبناء الهياكل. ويطلق علماء الأحياء على هذا النوع من الكائنات اسم «الكائنات الفائقة» فالمستعمرة، بكل أفرادها، تعمل كأنها جسد واحد، والتلة هي «جلدها ورئتها». والفطريات المزروعة بداخلها تمثل جهازها الهضمي، أما النمل الفردي فهو مثل خلايا متناثرة داخل هذا الكائن الأكبر. وبحسب هانتر كينغ الباحث من مختبرات ل. ماهاديفان بجامعة هارفارد، يمكننا تخيل التل ككائن حي ضخم، يتكون من ملايين النمل، لكل فرد وظيفة مثل عضلة أو خلية دم. ويعد ذلك، في علوم التعقد، نموذجا مثاليا على ظاهرة الانبثاق، فنحن أمام أفراد يعملون بقوانين بسيطة وبشكل مستقل، لكن هذه القوانين تجعلهم يتفاعلون مع الجيران، بشكل يؤدي لنشوء نظام معقد يحمل صفات أكبر من مجموع أفراده، ويطور ذلك ما نسميه سلوكا أو ذكاء جمعيا. سؤال البشر إن ما يفعله النمل الأبيض لم يعد يثير إعجاب علماء الأحياء فقط، بل أصبح مصدر إلهام للهندسة والروبوتات. فقد طوّر مهندسون معماريون مباني ذكية بنظام تبريد سلبي مستوحى من تلال النمل الأبيض، وتبنى خبراء الروبوتات خوارزميات بناء جماعي مستوحاة من هذه الحشرات لبناء منشآت بلا حاجة لتوجيه مركزي. وعلى سبيل المثال، يمكن أن تتأمل مشروع «ترمس» وهي روبوتات صغيرة صممتها مجموعة بحثية من جامعة هارفارد لتقليد الطريقة التي يبني بها النمل الأبيض مساكنه. والفكرة الأساسية بسيطة، فكما أن النمل الأبيض يبني أعشاشًا ضخمة دون قائد أو خطة مركزية، كذلك تتم برمجة هذه الروبوتات لتعمل بشكل جماعي وتبني هياكل معقدة دون الحاجة إلى التحكم عن بُعد أو أوامر مباشرة من البشر. ولا يعرف كل روبوت بسيط جدًا شكل البناء النهائي لكنه يعتمد على قواعد محلية بسيطة مثل «إذا وجدت حجارة في مكان معين، ضع فوقها لبنة جديدة، وإذا كان المكان مزدحمًا، انتظر حتى يفرغ الطريق، وإذا لاحظت فراغًا في مستوى معين، ابدأ بتعبئته». وإلى جانب ذلك، فكل روبوت يحتوي على حساسات لرؤية البيئة القريبة جدًا منه (مثل مستشعرات الحركة) وذراع ميكانيكي لحمل ووضع الطوب، إلى جانب برنامج يتحكم بخطواته وفق القواعد البسيطة السابقة. وقد لاحظ الباحثون أنه عندما يعمل عشرات الروبوتات معًا، يظهر شكل معقد تدريجيًا مثل أقواس أو جدران أو أبراج. وقد صمم العلماء هذه التجارب لفهم كيف يبني النمل الأبيض مجتمعاته بشكل ذاتي التنظيم، ولاستخدام الفكرة في مشاريع حقيقية مثل بناء هياكل في أماكن يصعب وصول البشر إليها (مثلا على القمر أو المريخ) وعمليات الإنقاذ بعد الكوارث (بناء ممرات أو جسور بسرعة) وطبعا تطوير تقنيات الذكاء الجماعي في الروبوتات. وإلى جانب التطبيق العملي لهذه الهندسة المدهشة، يبقى سؤال فلسفي يلوح في الأفق: هل النمل الأبيض «ذكي» لأنه يبني تلالًا متقنة ؟ أم أنه مجرد منفذ لقواعد غريزية بسيطة؟ ربما تكمن الإجابة في أن الذكاء لا يحتاج إلى وعي بالضرورة، بل قد يكون خاصية ناشئة عن تفاعل مكونات بسيطة جدًا، كما يتصور بعض الباحثين إنه ما يحدث في عقولنا البشرية. وفي النهاية فإن هذه التلال ليست مجرد أكوام طين، بل هي كتب مفتوحة تخبرنا عن عالم لم نكن لنتصور وجوده في حياتنا، وعن إمكانية ظهور أنماط معقدة من أبسط القواعد، وعن قوة التعاون التي تتجاوز حدود الأفراد لتصنع عقولًا جماعية تفكر وتخطط وتبني.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store