
.. «كجلمود صخر.. حطه السيل من علِ»!
العنوان أعلاه، لشطر البيت الشهير لامرئ القيس، والذي قصد به مدح جواده في دلالة على قوته. لكنني هنا سأستخدم وصف «الجلمود» والمعني به الصخر الصلد لأسقطه على السطور أدناه، ناصحاً من خلالها القياديين وأصحاب المسؤوليات بألا يكونوا «جلاميد» كالصخور، لكن في جانب معين.
اليوم لم يعد تقييم المسؤولين محصوراً في قدرتهم على اتخاذ القرارات أو تحقيق المؤشرات الرقمية، بل اتسعت دائرة التقييم لتشمل بُعداً أكثر حساسية، وأعني قدرتهم على بناء علاقات صحية ومستقرة مع فرقهم. وفي هذا الإطار، يظهر التعامل بالفوقية كواحد من أكثر السلوكيات التي تُضعف الثقة وتعرقل الأداء الجماعي. وعلى الرغم من أن بعض القادة قد يمارسون هذا السلوك بدافع الثقة الزائدة أو دون وعي كامل بتأثيره، إلا أن نتائجه غالباً ما تكون مدمرة.
الفوقية في محيط العمل لا تُقرأ على أنها حزم أو قوة شخصية، بل تُفهم في الغالب على أنها استخفاف بالآخرين وتقليل من شأن مساهماتهم. هذه الديناميكية تؤدي إلى فتور العلاقات وتآكل الثقة داخل الفريق، كما تقوّض الحافز، وتُضعف الروح المعنوية. الموظف الذي يشعر أن رأيه غير مقدّر، أو أن تفاعله يُقابل بالتجاهل، لن يستمر في بذل الجهد أو المشاركة الفعالة. وبمرور الوقت، يتحول مكان العمل إلى بيئة طاردة للمبادرة والإبداع، ما ينعكس سلباً على جودة القرارات ومستوى الأداء العام.
السلوك المتعالي يعزل القائد تدريجياً عن الواقع. وعندما لا يشعر أعضاء الفريق بالأمان للتعبير عن ملاحظاتهم أو اعتراضاتهم، يصبح القائد محاطاً بصدى صوته فقط. ويؤدي هذا إلى بناء تصورات غير دقيقة واتخاذ قرارات غير مدروسة، قائمة على معلومات منقوصة أو مجاملة مفرطة.
التواضع اليوم من أهم السمات القيادية في المؤسسات التي تسعى لبناء ثقافة صحية ومستدامة. القائد المتواضع لا يُقلل من مكانته، بل يُدرك حجمها، دون أن ينكر أدوار الآخرين. هذا النمط من القيادة يخلق مساحة للعمل المشترك، حيث يشعر كل فرد بقيمته، ويُدرك أن صوته مسموع. كما أن الإصغاء الحقيقي لملاحظات الفريق، خصوصاً تلك التي تتعارض مع رأي القائد، يُعبر عن نضج مهني وذكاء عاطفي أكثر من كونه ضعفاً أو تردداً.
الأمر لا يتوقف عند أسلوب التواصل، بل يمتد إلى التفاصيل اليومية التي تصنع الفارق في الثقافة المؤسسية. كلمة شكر في وقتها، أو اعتراف بالخطأ دون تبرير، قد تكون أقوى أثراً من أي حافز مادي. والقائد الذي يعترف بأخطائه لا يفقد سلطته، بل يعزز مصداقيته، ويُظهر لفريقه أن المساءلة تبدأ من الأعلى.
الرهان على الهيبة المصطنعة والتمايز الشكلي لم يعد مجدياً في بيئة العمل الحديثة. وفي زمن أصبحت فيه الشفافية والتمكين قيماً أساسية، يفقد القائد المتعالي قدرته على التأثير الفعلي.
لنتذكر، النجاح لم يعد يُقاس بمن يعلو على فريقه، بل بمن يستطيع أن يرتقي بفريقه بأكمله.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الوطن
منذ 29 دقائق
- الوطن
الملك يؤدي صلاة عيد الاضحى المبارك
أدى حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم، حفظه الله ورعاه، بحضور صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، حفظه الله، صلاة عيد الأضحى المبارك وذلك في جامع قصر الصخير، كما أدى الصلاة بمعية جلالته، أصحاب السمو أبناء جلالة الملك المعظم، وكبار أفراد العائلة المالكة الكريمة، وعدد من أصحاب المعالي والسعادة الوزراء، وعدد من كبار ضباط قوة دفاع البحرين ووزارة الداخلية والحرس الوطني وسعادة السيد رامي صالح وريكات العدوان سفير المملكة الأردنية الهاشمية الشقيقة لدى مملكة البحرين عميد السلك الدبلوماسي وعدد من أصحاب السعادة السفراء. واستمع جلالة الملك المعظم والحضور إلى خطبة صلاة العيد، التي ألقاها فضيلة الشيخ الدكتور راشد بن محمد الهاجري رئيس مجلس الأوقاف السنية، والذي استهلها بالحمد والشكر لله سبحانه وتعالى على نعمه وفضله، ثم الصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وتناول فضيلته في خطبته شعائر العيد وأهميتها وعظم شأنها عند المولى عز وجل، متوجهًا بالدعاء إلى الله جل جلاله في هذا اليوم المبارك بأن يحفظ جلالة ملك البلاد المعظم ويرعاه ويوفقه لما فيه الخير والصلاح لهذه البلاد الغالية، وأن يعيد هذه المناسبة المباركة على جلالته بوافر الصحة والعافية وطول العمر، وعلى شعب البحرين الوفي بالخير والمسرات، وأن يحفظ البحرين ويجعلها بلدًا آمنًا مطمئنًا ويديم عليها نعم الأمن والأمان والرخاء تحت قيادة جلالته الحكيمة، وأن يتقبل من الجميع صالح الأعمال. وبعد انتهاء الصلاة، تبادل حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم حفظه الله ورعاه مع الحضور، التهاني والتبريكات بعيد الأضحى المبارك، شاكراً تهانيهم وتمنياتهم الطيبة، وهنأ جلالته شعب البحرين العزيز بعيد الأضحى المبارك، سائلاً الباري جلت قدرته أن يعيد هذه المناسبة الجليلة على مملكة البحرين وأهلها الكرام باليمن والخير والبركات وعلى الأمتين العربية والإسلامية بالعزة والرفعة والسلام. ورفع الحضور أصدق التهاني وأطيب التبريكات الى جلالة الملك المعظم بهذه المناسبة الكريمة، ضارعين الى الله العلي القدير أن يعيدها على جلالته أعوامًا عديدة بدوام الصحة والسعادة وموفور العافية والعمر المديد، وأن يحفظ جلالته ويوفقه لمواصلة قيادة مسيرة الخير والتنمية المباركة لتعزيز مكتسبات الوطن وريادته وتحقيق تطلعات أبنائه، وأن يديم عز المملكة وأمنها وازدهارها بقيادة جلالته الحكيمة.


مرآة البحرين
منذ 42 دقائق
- مرآة البحرين
دراسة للباحث عباس المرشد: 'هندسة سياسية ممنهجة لتصفية الهوية الشيعية في البحرين'
مرآة البحرين: أصدر منتدى البحرين لحقوق الإنسان بالتعاون مع الباحث عباس المرشد دراسة حقوقية تحت عنوان "الهندسات السياسية لتصفية الهوية الشيعية في البحرين"، تناولت ما وصفته بتحوّل الاضطهاد الطائفي ضد أبناء الطائفة الشيعية إلى "حرب تصفية هوية الشعب البحراني". وأوضحت الدراسة، في مقدّمتها، المنهجية التي اعتمدتها السلطات البحرينية لنزع الثقافة الأصلية للبلاد، عبر تهميش الهوية الشعبية لصالح هوية مرتبطة ببيت الحكم، مع توظيف مؤسسات الدولة لتعزيز هذا النهج، لا سيما في فترتي الاستعمار البريطاني وما بعده. وتطرّقت الدراسة إلى ثلاثة محاور رئيسية، أبرزها: التقسيم الانتخابي غير العادل الذي تجاهل الكتل السكانية الفعلية، وسياسات التجنيس ذات البعد الطائفي، وإسقاط الجنسية عن مئات المواطنين الشيعة، في مقابل تجنيس أجانب من خلفيات طائفية مختارة. كما استعرضت الدراسة التمييز في التوظيف الرسمي، والتضييق على حرية المعتقد، واستهداف العلماء والمناسبات الدينية الشيعية، وفي مقدمتها مراسم عاشوراء. كما أشار الباحث إلى استخدام الدولة للأدوات الأمنية والإعلامية لتأجيج الكراهية، وتقويض استقلال الطائفة الشيعية ماليّاً عبر محاربة مشاريع التكافل، وتجفيف الموارد الاقتصادية، ورفع معدّلات البطالة في أوساط الشيعة، إلى جانب التمييز في الخدمات التعليمية ومنح البعثات. وختمت الدراسة بالإضاءة على محاولات طمس الهوية الاجتماعية والتاريخية للطائفة، من خلال حذف أسماء العائلات من الوثائق الرسمية وتغيير أسماء المناطق، في محاولة لإعادة تشكيل الذاكرة الوطنية البحرينية بصورة انتقائية.


مرآة البحرين
منذ 43 دقائق
- مرآة البحرين
وزير الداخلية يُجمّل نظامه العقابي: على الطُلقاء أن يتحسّروا على هذه النعمة!
مرآة البحرين: تقدّم الدولة في البحرين العقوبات البديلة على أنها اختراع لم يسبقها إليه أحد، وعلى من هو حرّ طليق أن يتحسّر، لأنه لم يفُزْ بفرصة أن يكون محكومًا بهذا النظام العقابي. خلال افتتاحه أعمال المؤتمر الدولي الأول للعقوبات البديلة بحضور عدد من الوزراء ومشاركة من المسؤولين والخبراء والمختصين في مجالات العدالة الإصلاحية والجنائية وحقوق الإنسان، قال وزير الداخلية راشد بن عبد الله إن "العقوبة البديلة ليست مكافأة لمن يُخالف القانون، وليست لمن قد يشكّل خطرًا على الناس والسلم الأهلي". كلام رئيس آلة القمع الأمني في البحرين الذي نظّم أول مؤتمر للعقوبات البديلة لا يحمل سوى نبرة تهديد ووعيد بحرمان السجناء ولاسيّما السياسيين من هذه "النعمة". يريد تصوير الأمر كذلك، وبأن عليهم أن يسعوا ليفوزوا بهذه الجائزة. لم يشبع الوزير من سجن النشطاء وأصحاب الرأي والمدافعين عن الحقوق. شهيّته ما تزال مفتوحة لمزيد من التضييق. يقول إن "العقوبة البديلة بمثابة حبل النجاة، لمن أدرك خطأه واختار مسار الصواب واقتنع بحياة المشاركة وتحمل مسؤوليته الوطنية". عندما يستخدم الوزير كلمة "لمن يخالف القانون" في حديثه، ثمّ يتبعها بـ"من قد يشكّل خطرًا على الناس والسلم الأهلي"، فهو يفرض تمييزًا بين السجناء، ويُصنّفهم بين من هو مسالم ومن هو خطر. ليس هذا فحسب، فكلامه هذا قد يُفسّر أيضًا على أنه استمرار لاعتقال من يراه خطرًا على صورة النظام وهيبته كرموز المعارضة ربّما. في الأصل، لا يستوي الحديث عن العدالة الجنائية مع قضية المعتقلين السياسيين، الذين لم يقترفوا جُرمًا أو جناية، بل خالفت السلطة المواثيق الدولية التي تكفل حرية تعبيرهم، وانقلبت على ما ينصّ عليه الدستور البحريني في مادته الـ23. بالعودة إلى تصوير العقوبات البديلة على أنها إنجاز غير مسبوق، أكثر من انتقاد يوجه إلى النظام العقابي هذا ويمكن إدراجه كالآتي: * الانتقائية في التطبيق، إذ أنه في الغالب يُمنح لعدد محدود من السجناء، ويُقال إن الاختيار يتمّ بناءً على اعتبارات غير واضحة، ممّا يفتح الباب أمام التمييز أو الوساطة. * انخفاض نسبة المعتقلين السياسيين من مجمل أعداد المحكومين المستفيدين من هذا النظام، وهذا يُناقض المبادئ الحقوقية ويُفرغ فكرة العقوبات البديلة من بعدها الإصلاحي. * التقييد البارز، إذ أن بعض من نالوا عقوبات بديلة أفادوا بأنهم يخضعون لرقابة شديدة أو لقيود تعادل أو تقترب من ظروف السجن، كالتوقيع اليومي في مراكز الشرطة أو منع السفر. * غياب الشفافية حول آليات منح العقوبة البديلة، إذ لا توجد معلومات مُتاحة للرأي العام حول كيف تُقيّم الطلبات. * تجميل صورة السلطة وتثبيت فكرة أنها تتعامل بإنسانية مع ملفّ السجناء. * ضعف الدور الرقابي للمجتمع المدني أو منظمات حقوق الإنسان. وعليه، يتطلّب الإصلاح الحقيقي شفافية، وعدالة في التطبيق، وشمولية لا تستثني أحدًا على أساس الرأي أو الخلفية السياسية. والأهمّ أن نجاح هكذا نظام عقابي في البحرين يظل مرهونًا بالإرادة السياسية الجادّة التي تبتعد عن أدوات تجميل الواقع، ولا تلتفّ على مطالب الإصلاح الحقوقي، مع عدم إغفال حق المحكومين السياسيين بالحرية غير المشروطة، وبطلان احتجازهم على خلفية حراكهم المطلبي.