
تَعالوا ٱنظُروا إِنسانًا قالَ لي كُلَّ ما فَعَلت!"
في العلائق البشريّة يُمكن لنا ان نتعرَّف إلى انفُسِنا وإلى بعضنا بعضًا. وهذا ما ربحَتهُ المرأة السامريّة التي التقَت بيسوع على العَين. إذ يُمكن القَول إنّ العين البشريّة هيَ من أهمّ قنَوات التواصل حيثُ تلعب دورًا رئيسيًا في التَلاقي بين النساء والرجال، سواء في بناء العلاقات الشخصيّة، أو في تفسير لُغة الجسد والتواصل غير اللَّفظيّ. و يُعتبَر التواصل البصَريّ بين البشر عاملَ بناء ثقة في ما بينهُم، وتعبيرًا عن المشاعر التي يتبَادَلونها.
كذلك كانت العَين التي يَقصدها الناس لإرواء عطشِهم مطرحًا لتَتلاقى عُيونُهم وقلُوبُهم بآن، فيتَوحَّدون... وقد يتزوَّجون من بعد.
من هُنا، يُمكن الاستثمار في لقاء يسوع والمرأة السامريّة، لفَهم ما دار بينَهما وما نتَج عن ذلك اللِّقاء القويّ والحاسِم.
تقول رِواية يوحنّا للإنجيل إن "كانَت هُناكَ عينُ يَعقوب[ في مَدينَةٍ مِنَ ٱلسّامِرَةِ تُسَمّى سيخارُ، بِقُربِ ٱلقَريَةِ ٱلَّتي أَعطاها يَعقوبُ لِيوسُفَ ٱبنِه.]. وَكانَ يَسوعُ قَد تَعِبَ مِنَ ٱلمَسيرِ، فَجَلَسَ عَلى ٱلعَينِ، وَكانَ نَحوُ ٱلسّاعَةِ[ اي ظُهرًا بتَوقيت ذلك الزمان.] ٱلسّادِسَة. َفَجاءَتِ ٱمرَأَةٌ مِنَ ٱلسّامِرَةِ تَستَقي ماءً، فَقالَ لَها يَسوع: *أَعطيني لِأَشرَب*". الرجُلُ كان عطشانًا بعد مسيرٍ طويل، والمرأةُ الحاملةُ جرّة جاءت، بدَورِها، لتَستَقي كعادتها، بالطبع. ومن البديهيّ أن يدور بينهما حديث، انطلق من حاجةِ الاثنين إلى الماء. غير أنّ الحديث أخذ منحى مختلفًا، حيثُ أثارت معه مسألة الحُكم[ سالتهُ :"كَيفَ تَطلُبُ أَن تَشرَبَ مِنّي وَأَنتَ يَهودِيٌّ وَأَنا ٱمرَأَةٌ سامِرِيَّةٌ؟ وَٱليَهودُ لا يُخالِطونَ ٱلسّامِريّين".(يوحنّا 4: 9).] اليَهوديّ العُنصُريّ القاضي بعدَم مُخالَطة السامريّين. ليَتجاوز يسوع موضوع شُرب المياه إلى وهْبها عطيّة[ "لَو كُنتِ تَعرِفينَ عَطِيَّةَ ٱللهِ وَمَنِ ٱلَّذي قالَ لَكِ أَعطيني لِأَشرَبَ، لَكُنتِ تَسأَلينَهُ فَيُعطيكِ ماءً حَيًّا" (يوحنّا 4: 12).] لم تَخطُر على بال بشَر[ "مَا لَمْ تَرَهُ عَيْن، ولَمْ تَسْمَعْ بِهِ أُذُن، ولَمْ يَخْطُرْ عَلَى قَلْبِ بَشَر، هذا ما أَعَدَّهُ اللهُ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَه" (1 قورنتس 2: 9).
]:"ٱلماءُ ٱلَّذي أُعطيهِ .. يَصيرُ فيهِ يَنبوعَ ماءٍ يَنبُعُ إِلى ٱلحَياةِ ٱلأَبَدِيَّة". ما أثار حفيظة المرأة: "يا سَيِّدُ، إِنَّهُ لَيسَ مَعَكَ ما تَستَقي بِهِ وَٱلبِئرُ عَميقَةٌ، فَمِن أَينَ لَكَ ٱلماءُ ٱلحيّ؟" وتابعَت التحدّي، فذهبَ يسوع معها إلى أبعد حدود:
- "إِذهَبي وَٱدعي رَجُلَكِ، وَهَلُمّي إِلى هَهُنا".
- "إنّه لا رجُلَ لي".
- " قَد أَحسَنتِ حَيثُ قُلتِ: إِنَّهُ لا رَجُلَ لي. ... وَٱلَّذي مَعَكِ ٱلآنَ لَيسَ رَجُلَكِ. هَذا قُلتِهِ بِٱلصِّدق".
- "يا سَيِّدُ، أَرى أَنَّكَ نَبِيّ!" مُحاولِةً المُراوَغة بالسؤال عن الحقيقة في العبادة.
فأوضح لها:"أَيَّتُها ٱلمَرأَةُ آمِني بي. ... أَنتُم تَسجُدونَ لِما لا تَعلَمونَ، وَنَحنُ نَسجُدُ لِما نَعلَمُ، لِأَنَّ ٱلخَلاصَ هُوَ مِنَ ٱليَهود" كما هو معروف، أليسَ كذلك؟ لكنّه استلحق حاسِمًا بالحقّ: "سَتَأتي ساعَةٌ وَهِيَ ٱلآنَ حاضِرَةٌ، إِذِ ٱلسّاجِدونَ ٱلحَقيقِيّونَ يَسجُدونَ لِلآبِ بِٱلرّوحِ وَٱلحَقِّ، لِأَنَّ ٱلآبَ إِنَّما يُريدُ مِثلَ هَؤُلاءِ ٱلسّاجِدينَ لَه". غير أنّها لم تقبل بِما أَسَرَّ إليها، بل تابعَت بذكاءٍ حادّ: "قَد عَلِمتُ أَنَّ ماسِيّا ٱلَّذي يُقالُ لَهُ ٱلمَسيحُ يَأتي. فَإِذا جاءَ ذاكَ فَهُوَ يُخبِرُنا بِكُلِّ شَيء". وكان الإعلان الإلَهيّ للمرأة كما لمُوسى يومًا: "أَنا ٱلَّذي أُكَلِّمُكَ هُوَ"[ "أنا الكائن" - خروج 3: 14-17.]. وما إن حضر تلاميذ يسوع من المدينة، تركَت لِلتَوّ جرّتها وتوجّهت إلى المدينة مُعلِنةً لناسِها: "تَعالوا ٱنظُروا إِنسانًا قالَ لي كُلَّ ما فَعَلت! أَلَعَلَّ هَذا هُوَ ٱلمَسيح؟" لقد تعامَل يسوع معها بنَدِّيَّة وكان وراء قيامها هيَ،كامرأة، بتبشيرهم به مسيحًا على غرار مريم المجدليّة التي بشَّرت بطرس هي أوّلًا بقيامته. فيما تلاميذه (؟!) "تَعَجَّبوا أَنَّهُ يَتَكَلَّمُ مَعَ ٱمرَأَةٍ، وَمَعَ ذَلِكَ لَم يَقُل أَحَدٌ ماذا تُريدُ أَو لِماذا تُكَلِّمُها". مُفارَقة؟! يشكر الرجل اليهودي الله في صلواته اليوميّة الثلاث على أنه لم يخلقه إمراة: "شكراً يا الله لأنك لم تخلقني امرأة". ويعتبرها "مستضعَفة، وتأتي في المرتبة الثانية بعد الذكور ولا يحقّ لها إدارة الرجال في أي مجال من المجالات، كما انها تجلب الإثم للمتديّنين[ موقع: ضِيَا الوطن.]".
" ... لأنّ ٱلخَلاصَ هُوَ مِنَ ٱليَهود"
كان اليهود والسامريّون معًا ينتظرون مجيء الماسيَّا - المسيح. غير أنّ اليَهود كانوا يعتبرون أنّ المسيح يخرج من صُلْب داود[ متّى 1: 1؛ لوقا 1: 32 ...]، الأمر الذي لفَت يسوع المرأة السامريّة إليه: "إنّ الخلاص هو من اليهود". ويرَون في السامريّين[ ورَد في موسوعة"ويكيبيديا" حول تسميتهم ما يلي: "شامريم"(שַמֶרִים)، وتعني "الحراس/المحافظون/المراقبون"، وباللغة العربية "السامريون". يتشابه المصطلح مع المصطلح العبري التوراتي "شومريم"، وكلا المصطلحين مشتقّ من الجذر السامي (שמר)، ومعناه "يراقب، يحرس".] "كفّارًا [ الخلاف بين الفريقَين حول مكان العبادة والصلاة كان واضحًا في كلام المرأة السامريّة. فهُم لا يُصلّون في هيكل أورشليم، بل "لهم هيكلُهم الخاصّ على جبلٍ قرب مدينة نابلس"، كما جاء في عظة المطران كيرلُّس بسترُس يوم الأحد في 18 أيّار/مايو 2025.] ولا تجوز مُخالَطتهم". وكان هؤلاء "لا يؤمنون إلاّ بالأسفار الخمسة الأولى من التوراة"[ راجع عظة المطران بسترُس المُشار إليها أعلاه]".
لكن ما يعنينا هنا هو استقبال السامريّين ليسوع وإيمانُ "كثيرين" به "مُخلِّصًا للعالم"، بعد أن قبِلوا شهادة المرأة:"أَن قَد قالَ لي كُلَّ ما فَعَلت، وبعد أن أقام عندهم يومَين. بدَعوةٍ منهم. هذا، و"َآمَنَ أُناسٌ أَكثَرُ مِن أولَئِكَ جِدًّا مِن أَجلِ كَلامِه، وَكانوا يَقولونَ لِلمَرأَة: «لَسنا بَعدُ مِن أَجلِ كَلامِكِ نُؤمِنُ، وَلَكِن لِأَنّا قَد سَمِعنا وَعَلِمنا أَنَّ هَذا هُوَ بِٱلحَقيقَةِ ٱلمَسيحُ مُخَلِّصُ ٱلعالَم".
بقي اليهود إلى يومنا هذا ينتظرون مجيء الماسِيّا - المسيح، ومن منظارٍ قَوميّ يهوديّ يحصر الخلاص فيهم لأنّه منهم يَخرج. ويتعامَلون بفَوقيّة وعنجهيّة وعُنصُريّة مع "الأُمَم"، لا بل لا يرَون فيهم أـشباهًا لهُم بل "حيوانات" حقيرة في خدمتهم[ راجع: ايلي جورج قنبر، مقاوَمة استعمار التفاهة، 2025]. في وقت علَّمنا الماسيّا - يسوع أن نُحبّ جميع الناس (متّى فصل 5-7)، حتّى الأعداء منهم (متّى 5: 44)، وأن نُعامل الجميع كما نوَدّ أن يُعاملونا لأنّنا كلّنا بنات وابناء الآب[ راجخ الصلاة الرَبِّيَّة "ابانا"... متّى 6: 9-13]، أي أَخَوات وإخوة بعضنا للبعض الآخَر. آمين!

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


النهار
منذ يوم واحد
- النهار
تَعالوا ٱنظُروا إِنسانًا قالَ لي كُلَّ ما فَعَلت!"
في العلائق البشريّة يُمكن لنا ان نتعرَّف إلى انفُسِنا وإلى بعضنا بعضًا. وهذا ما ربحَتهُ المرأة السامريّة التي التقَت بيسوع على العَين. إذ يُمكن القَول إنّ العين البشريّة هيَ من أهمّ قنَوات التواصل حيثُ تلعب دورًا رئيسيًا في التَلاقي بين النساء والرجال، سواء في بناء العلاقات الشخصيّة، أو في تفسير لُغة الجسد والتواصل غير اللَّفظيّ. و يُعتبَر التواصل البصَريّ بين البشر عاملَ بناء ثقة في ما بينهُم، وتعبيرًا عن المشاعر التي يتبَادَلونها. كذلك كانت العَين التي يَقصدها الناس لإرواء عطشِهم مطرحًا لتَتلاقى عُيونُهم وقلُوبُهم بآن، فيتَوحَّدون... وقد يتزوَّجون من بعد. من هُنا، يُمكن الاستثمار في لقاء يسوع والمرأة السامريّة، لفَهم ما دار بينَهما وما نتَج عن ذلك اللِّقاء القويّ والحاسِم. تقول رِواية يوحنّا للإنجيل إن "كانَت هُناكَ عينُ يَعقوب[ في مَدينَةٍ مِنَ ٱلسّامِرَةِ تُسَمّى سيخارُ، بِقُربِ ٱلقَريَةِ ٱلَّتي أَعطاها يَعقوبُ لِيوسُفَ ٱبنِه.]. وَكانَ يَسوعُ قَد تَعِبَ مِنَ ٱلمَسيرِ، فَجَلَسَ عَلى ٱلعَينِ، وَكانَ نَحوُ ٱلسّاعَةِ[ اي ظُهرًا بتَوقيت ذلك الزمان.] ٱلسّادِسَة. َفَجاءَتِ ٱمرَأَةٌ مِنَ ٱلسّامِرَةِ تَستَقي ماءً، فَقالَ لَها يَسوع: *أَعطيني لِأَشرَب*". الرجُلُ كان عطشانًا بعد مسيرٍ طويل، والمرأةُ الحاملةُ جرّة جاءت، بدَورِها، لتَستَقي كعادتها، بالطبع. ومن البديهيّ أن يدور بينهما حديث، انطلق من حاجةِ الاثنين إلى الماء. غير أنّ الحديث أخذ منحى مختلفًا، حيثُ أثارت معه مسألة الحُكم[ سالتهُ :"كَيفَ تَطلُبُ أَن تَشرَبَ مِنّي وَأَنتَ يَهودِيٌّ وَأَنا ٱمرَأَةٌ سامِرِيَّةٌ؟ وَٱليَهودُ لا يُخالِطونَ ٱلسّامِريّين".(يوحنّا 4: 9).] اليَهوديّ العُنصُريّ القاضي بعدَم مُخالَطة السامريّين. ليَتجاوز يسوع موضوع شُرب المياه إلى وهْبها عطيّة[ "لَو كُنتِ تَعرِفينَ عَطِيَّةَ ٱللهِ وَمَنِ ٱلَّذي قالَ لَكِ أَعطيني لِأَشرَبَ، لَكُنتِ تَسأَلينَهُ فَيُعطيكِ ماءً حَيًّا" (يوحنّا 4: 12).] لم تَخطُر على بال بشَر[ "مَا لَمْ تَرَهُ عَيْن، ولَمْ تَسْمَعْ بِهِ أُذُن، ولَمْ يَخْطُرْ عَلَى قَلْبِ بَشَر، هذا ما أَعَدَّهُ اللهُ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَه" (1 قورنتس 2: 9). ]:"ٱلماءُ ٱلَّذي أُعطيهِ .. يَصيرُ فيهِ يَنبوعَ ماءٍ يَنبُعُ إِلى ٱلحَياةِ ٱلأَبَدِيَّة". ما أثار حفيظة المرأة: "يا سَيِّدُ، إِنَّهُ لَيسَ مَعَكَ ما تَستَقي بِهِ وَٱلبِئرُ عَميقَةٌ، فَمِن أَينَ لَكَ ٱلماءُ ٱلحيّ؟" وتابعَت التحدّي، فذهبَ يسوع معها إلى أبعد حدود: - "إِذهَبي وَٱدعي رَجُلَكِ، وَهَلُمّي إِلى هَهُنا". - "إنّه لا رجُلَ لي". - " قَد أَحسَنتِ حَيثُ قُلتِ: إِنَّهُ لا رَجُلَ لي. ... وَٱلَّذي مَعَكِ ٱلآنَ لَيسَ رَجُلَكِ. هَذا قُلتِهِ بِٱلصِّدق". - "يا سَيِّدُ، أَرى أَنَّكَ نَبِيّ!" مُحاولِةً المُراوَغة بالسؤال عن الحقيقة في العبادة. فأوضح لها:"أَيَّتُها ٱلمَرأَةُ آمِني بي. ... أَنتُم تَسجُدونَ لِما لا تَعلَمونَ، وَنَحنُ نَسجُدُ لِما نَعلَمُ، لِأَنَّ ٱلخَلاصَ هُوَ مِنَ ٱليَهود" كما هو معروف، أليسَ كذلك؟ لكنّه استلحق حاسِمًا بالحقّ: "سَتَأتي ساعَةٌ وَهِيَ ٱلآنَ حاضِرَةٌ، إِذِ ٱلسّاجِدونَ ٱلحَقيقِيّونَ يَسجُدونَ لِلآبِ بِٱلرّوحِ وَٱلحَقِّ، لِأَنَّ ٱلآبَ إِنَّما يُريدُ مِثلَ هَؤُلاءِ ٱلسّاجِدينَ لَه". غير أنّها لم تقبل بِما أَسَرَّ إليها، بل تابعَت بذكاءٍ حادّ: "قَد عَلِمتُ أَنَّ ماسِيّا ٱلَّذي يُقالُ لَهُ ٱلمَسيحُ يَأتي. فَإِذا جاءَ ذاكَ فَهُوَ يُخبِرُنا بِكُلِّ شَيء". وكان الإعلان الإلَهيّ للمرأة كما لمُوسى يومًا: "أَنا ٱلَّذي أُكَلِّمُكَ هُوَ"[ "أنا الكائن" - خروج 3: 14-17.]. وما إن حضر تلاميذ يسوع من المدينة، تركَت لِلتَوّ جرّتها وتوجّهت إلى المدينة مُعلِنةً لناسِها: "تَعالوا ٱنظُروا إِنسانًا قالَ لي كُلَّ ما فَعَلت! أَلَعَلَّ هَذا هُوَ ٱلمَسيح؟" لقد تعامَل يسوع معها بنَدِّيَّة وكان وراء قيامها هيَ،كامرأة، بتبشيرهم به مسيحًا على غرار مريم المجدليّة التي بشَّرت بطرس هي أوّلًا بقيامته. فيما تلاميذه (؟!) "تَعَجَّبوا أَنَّهُ يَتَكَلَّمُ مَعَ ٱمرَأَةٍ، وَمَعَ ذَلِكَ لَم يَقُل أَحَدٌ ماذا تُريدُ أَو لِماذا تُكَلِّمُها". مُفارَقة؟! يشكر الرجل اليهودي الله في صلواته اليوميّة الثلاث على أنه لم يخلقه إمراة: "شكراً يا الله لأنك لم تخلقني امرأة". ويعتبرها "مستضعَفة، وتأتي في المرتبة الثانية بعد الذكور ولا يحقّ لها إدارة الرجال في أي مجال من المجالات، كما انها تجلب الإثم للمتديّنين[ موقع: ضِيَا الوطن.]". " ... لأنّ ٱلخَلاصَ هُوَ مِنَ ٱليَهود" كان اليهود والسامريّون معًا ينتظرون مجيء الماسيَّا - المسيح. غير أنّ اليَهود كانوا يعتبرون أنّ المسيح يخرج من صُلْب داود[ متّى 1: 1؛ لوقا 1: 32 ...]، الأمر الذي لفَت يسوع المرأة السامريّة إليه: "إنّ الخلاص هو من اليهود". ويرَون في السامريّين[ ورَد في موسوعة"ويكيبيديا" حول تسميتهم ما يلي: "شامريم"(שַמֶרִים)، وتعني "الحراس/المحافظون/المراقبون"، وباللغة العربية "السامريون". يتشابه المصطلح مع المصطلح العبري التوراتي "شومريم"، وكلا المصطلحين مشتقّ من الجذر السامي (שמר)، ومعناه "يراقب، يحرس".] "كفّارًا [ الخلاف بين الفريقَين حول مكان العبادة والصلاة كان واضحًا في كلام المرأة السامريّة. فهُم لا يُصلّون في هيكل أورشليم، بل "لهم هيكلُهم الخاصّ على جبلٍ قرب مدينة نابلس"، كما جاء في عظة المطران كيرلُّس بسترُس يوم الأحد في 18 أيّار/مايو 2025.] ولا تجوز مُخالَطتهم". وكان هؤلاء "لا يؤمنون إلاّ بالأسفار الخمسة الأولى من التوراة"[ راجع عظة المطران بسترُس المُشار إليها أعلاه]". لكن ما يعنينا هنا هو استقبال السامريّين ليسوع وإيمانُ "كثيرين" به "مُخلِّصًا للعالم"، بعد أن قبِلوا شهادة المرأة:"أَن قَد قالَ لي كُلَّ ما فَعَلت، وبعد أن أقام عندهم يومَين. بدَعوةٍ منهم. هذا، و"َآمَنَ أُناسٌ أَكثَرُ مِن أولَئِكَ جِدًّا مِن أَجلِ كَلامِه، وَكانوا يَقولونَ لِلمَرأَة: «لَسنا بَعدُ مِن أَجلِ كَلامِكِ نُؤمِنُ، وَلَكِن لِأَنّا قَد سَمِعنا وَعَلِمنا أَنَّ هَذا هُوَ بِٱلحَقيقَةِ ٱلمَسيحُ مُخَلِّصُ ٱلعالَم". بقي اليهود إلى يومنا هذا ينتظرون مجيء الماسِيّا - المسيح، ومن منظارٍ قَوميّ يهوديّ يحصر الخلاص فيهم لأنّه منهم يَخرج. ويتعامَلون بفَوقيّة وعنجهيّة وعُنصُريّة مع "الأُمَم"، لا بل لا يرَون فيهم أـشباهًا لهُم بل "حيوانات" حقيرة في خدمتهم[ راجع: ايلي جورج قنبر، مقاوَمة استعمار التفاهة، 2025]. في وقت علَّمنا الماسيّا - يسوع أن نُحبّ جميع الناس (متّى فصل 5-7)، حتّى الأعداء منهم (متّى 5: 44)، وأن نُعامل الجميع كما نوَدّ أن يُعاملونا لأنّنا كلّنا بنات وابناء الآب[ راجخ الصلاة الرَبِّيَّة "ابانا"... متّى 6: 9-13]، أي أَخَوات وإخوة بعضنا للبعض الآخَر. آمين!


النهار
١٦-٠٥-٢٠٢٥
- النهار
مرحبا... إتّفاقيّات ابراهام !
"بيت الرحمة" جاء في رواية يوحنّا للإنجيل أن "كانَ في أورَشَليمَ عِندَ بابِ ٱلغَنَمِ بِركَةٌ تُسَمّى بِٱلعِبرَانِيَّةِ "بَيتَ حِسدا"[ أي بيت الرحمة]... وَكانَ مُضَّجِعًا فيها جُمهورٌ كَثيرٌ مِنَ ٱلمَرضى، مِن عُميانٍ وَعُرجٍ وَيابِسي ٱلأَعضاءِ يَنتَظِرونَ تَحريكَ ٱلماءِ". تَوازيًا، شعوب منطقتنا العربيّة "المُستَعمَرَة" فيها "جمهورٌ كثيرٌ من المرضى، ينتَظرون تحريك الماء"، ماء السلام المَوعود منذ مئات السنين والازدهار، ولكن، ليس لها مَن يُنجِدها أو بالحَريّ هي لا تسعى لـ"الخروج"(فِصح) إلى الحُرِّيَّة و"الحياة بِوَفرة"للجميع[ (يوحنّا 10:10).]. نعم، "المُستعمَر غائبٌ عن الفلك الإنساني. المستعمَر "ملعون" لأنه صار كذلك، وقد صار "ملعوناً" بعدما أطلق الرجل الأبيض لعنته عليهِ. إنّ "الملعون"[ پول مخلوف، سارتر وفانون: في مديح العنف، الأخبار، السبت 03 ايّار 2025] هو إنسانٌ مهدور: يُنهَب، ويُستغَل، ويُقتَل، ولا يلتفت إلى جثّته أحد. إنه مكروهٌ ومنبوذ ويُعامَل بوَصفه "بشرياً أدنى"، يدنو إلى مرتبة الحيوان". ما يعني أنّ "هذا "الملعون" لا يمتلك نظرة، بل هو "فاقدٌ الكلمة" بوَصف جان پول سارتر. إنه مجبولٌ بالعدَم". ولأنّ إنساننا العربيّ "الملعون"[ لا الشرق أوسَطيّ] هو "كائنٌ ما قَبل طبَقيّ، بالتالي لا يتَماهى مع باقي عُمّال العالم المُعذَّبين لأنه "مقتولٌ رمزياً" و"مهدورٌ واقعياً" من قبل الرجل الأبيض وليس فقط مُستغلاً كما حال الپروليتاريَا". مُعاناة إنساننا العربيّ "مُستَدامة" لأنّه "إنسان محكوم بالتَوحُّش السياسيّ والأمنيّ لاغتيال المجتمع وتأديبه وتدريبه على الركوع"، على حَدّ تعبير نصري الصايغ[ في رحلة إلى الجحيم العربي، "على الطريق"، 06 ايّار 2025]. وهوَ محكومٌ بالتعذيب كـ"قرار سَماويّ، دينيّ، رأسماليّ" كما استَنتج الصايغ، الذي يُضيف: "المهمّ: ممنوع أن تموت. مسموح أن تتعذب. أن يكون إحساسك بالألم لذّة لدى المُخابرات المُصابة بالخَصاء الإنسانيّ". ليَصِل إلى حافّة الصُراخ: "أين أنت يا الله؟ ردّ علينا مرّة واحدة. أو، نُدمِن على اليأس، بلَذَّة النِهايات"[ المرجع السابق]. "الإبراهيميّة؟" بالعَودة إلى المُخلَّع[ يوحنّا 5: 1-15]، وتَوازيًا أيضًا وأيضًا، وكي لا نصِل إلى "لذّة النهايات"، يُفيدنا الأب يُواكيم مُبارَك[ جمع وتحقيق سركيس ابوزيد، الأب يواكيم مبارك- كتابات في المارونيّة والإسلام وفلسطين، (المجموعة الكاملة باللُّعة العربيّة)، دار أبعاد، 2025] أن "المنطقة التي ينتمي إليها لبنان تُعاني من داءَين عظيمَين: الاحتلال الصهيونيّ في فلسطين والتخلُّف الاقتصاديّ والاجتماعيّ". فكيف لنا أن نلِج إلى مرحلة الكَيّ؟ حان الوقت "للنخبة أو بالحَرِيّ للمسيحيّة أن تضع نفسها في خدمة الجماهير العربيّة المحرومة". جاء كلامه هذا في أواخر ستّينات القرن العشرين. ثُمّ أوصي مبارك اللبنانيين "بعد (إجراء) الاتفاق الإسلاميّ المسيحيّ في ما بينهم أن يُشركوا اليهود ليكتمل المشهد. وبهذا يعتبر "أنّ إزالة الصهيونيّة عن فلسطين واجب باسمِ الدين اليهوديّ والوصايا الإبراهيميّة". يُقابِل إعلان الأب مبارَك "بيان الاتفاقيات الإبراهيميّة" أو "اتِّفاقيّات أبراهام"[ أوThe Abraham Accords Declaration ] الذي أُعلِِن عنها في البيت الأبيَض بتاريخ 15 أيلول 2020[ بين الإمارات العربيّّة المتَّحدة والبحرَين والولايات المتّّحد الأميركيّة زالكَيان الغاصب، ولحِقت بها المملكة المغربيّة والسودان. ما المُراد منها، وماذا ترتَّب عنها؟]، التي يعتبرها مُوَقِّعوها بمثابة "معاهدة للسلام والتطبيع الكامل للعلاقات الدبلوماسيّة مع (الكَيان الغاصِب)"، وانخراط مع الولايات المتحدة في ما سمّاه الاتفاق "أجندة إستراتيجيّة لاستقرار الشرق الأوسط". والمُضحِك المُبكي أنّ الوارد في مَتن تلك الاتّفاقيّات يجري تحقيقه "هُنا والان: أي في غزّة ولبنان وسوريا والسودان وليبيا والعراق: "ندرك أهمية الحفاظ على السلام وتعزيزه في الشرق الأوسط والعالم...". وبالتمام كما أعدّت له وكالة [ سعيد محمد، هكذا «لغّمت» الـ CIA الثقافة، الأخبار، السبت 3 أيّار 2025]CIA لمنطقتنا العربيّة: "إذا كان ثمَّة خلاصةٍ لتاريخ سقوط الأنظمة في السنوات الـ 75 الأخيرة، فإنّ "وكالة الاستخبارات المركزيّة الأميركيّة" كانت دائماً هناك، في كل مرّة، من دون استثناء تقريبًا، في عمل ممَنهَج، صبور، طويل المدى، لا يَقتصر على أدوات السياسة والدِّين لتأليب المُواطنين على حكوماتهم الوطنيّة، بل يُوظِّف أيضاً الثقافة والأدب أسلحةً ناعمة لكَسب "العقول والقلوب" ومَنح الجماهير حلماً كاذباً بحياة أفضل". "أتُريد أن تَبرأ؟" هذا هو السؤال الذي طرحه يسوع على المُخلَّع يومًا. لا يستطيع مُسانَدته بدون موافَقته وبِلا فِعله التَغيِيريّ تُجاه نفسه: "ساعِد نفسك، تُساعدك السماء"، كما جاء في مثَلٍ فرنسيّ. أو بلُغة الفيلسوف الأميركيّ المُعاصِر فرانز فانون، "لقد صرنا إزاء مُستعمَرٍ ومستعمِر. نحن أمام ثورة تحرُّرية تَروم تهشيم الاستعمار والانفكاك من النخب "المحليّة" التابعة له". فَمع فانون، امتلكت الثورة الجديدة هُوِّيَّةً ثقافيّة، والحال أنّها صراعٌ للقَبض على هُوِّيّةٍ ضائعة؛ إنها هُوِّيّةٍ مسلوبة". ولَن يقوم بها المُثَقَّفون، إذ "لم يَعُد المثقَّف عند فانون هو من يقود الثورة، بل يقودها المُستعمَر. إنسان "العالم المتخلِّف"، الذي يَعلم أنّ لا مجال للتحرُّر من الاستعمار إلَّا بعُنفٍ مُضاد يُماثل العنف المُمارَس عليه". ويرى جان- پول سارتر أنّ "الممارسة السياسية العنيفة التي تحدث في المجال الواقعيّ هي الثورة الوحيدة والمُستعمَرون هم قادة الصراع الكونيّ". نحن أمام واقع جديد مختلِف تمامًا عن المالوف. لِمَ؟ لـ"أنّ السنن الكَونيّة أثبتَت أنّ جدليّة "السلطة – المقاومة"[ زينب عقيل، عصر «النيوإمبريالية الذكية»: عن الترامبية والأمركة والعولمة، الأخبار، 12 ايّار 2025 ] لا تَسقط طالما أنّّ هناك بشراً يتفاعلون. بل ثمَّة حتميّّة مُتَّّفق عليها تُفيد بأن كل مرحلة من الضغط لا بدّ ستَنتج منها مقاومة، وإن كان ضغطًا مقنّعًا بطيئاًً لا تنضج أهدافه ولا تتّضح أدوات مقاومته إلَّا بعد حين. وأنّ كلّ مرحلة من ثُنائيّة "الضغط والمقاومة"، ستُنتج شكلاً جديداً من التوازن أو النظام". هكذا نَبرأ ونُعيد إنسانيّتنا إلى ذواتنا.


النشرة
١٢-٠٥-٢٠٢٥
- النشرة
لبنان يوحنَّا الصليب
لِلبنانَ الشاعِرِ شاعِرٌ نَظَمَهُ أوَّلاً: اللهُ. وَلِلبنانَ الشِعرِ مُعَلِّمٌ لِلكَنيسَةِ خَطَّهُ، بالشِعرِ، طَريقاً لِلإتِّحادِ بالشاعِرِ الأوَّلِ: اللهِ. مُعَلِّمٌ لَم يَعرِفهُ إلَّا مِنَ الكِتابِ المُقَدَّسِ، فإعتَنَقَ أرزَهُ، في بَحثِهِ عَنِ الأعمَقِ مِنَ الأعماقِ. عَنِ الأعلى عُلوَّاً في الأعلى. عَنِ الحَقيقَةِ التي النَفسُ الظَمأى إلَيها تَتوقُ. في الوثوقِ بَينَ المَخلوقاتِ بَحَثَ عَنهُ. وَجَدَهُ. إقتَرَبَ مِنهُ. وَبِهِ إرتَقى. أأقولُ ذَهَبَ إليهِ؟ قَصَدَهُ؟ لَقِيَهُ؟ لَيسَ إلَّا بالذَهابِ قَصداُ، وَجَدَهُ في أُصولِهِ المُمتَحَنَةِ. قُلتُ: مُعَلِّمُ الكَنيسَةِ هو. وَهو القِدِّيسُ-الشاعِرُ-المُتَصَوِّفُ. لِذَلِكَ ما نَظَرَ إلَيهِ مِن خارِجٍ في كِفايَةِ مَن يَبقى في البُعدِ. بَل في الصُلبِ، قَصَدَهُ: في ما هو حَياةٌ، وَمِنَ الحَياةِ-الفِعلِ. بإنعامٍ تامٍّ. يوحَنَّا الصَليبُ هو. بَينَ العامَينِ 1542-1591، كانَ مُرورُهُ على أرضِ الفَناءِ. وَهو الإسبانِيُّ الذي ما أتى الى لبنانَ، كَتَبَ: "الصُعودَ إلى جَبَلِ الكَمالِ"، وَ"النَشيدَ الروحِيَّ"، وَالذُروَةَ "الَليلُ المُظلِمُ"، لِيَخُطَّ فيها طَريقَ التَطَهُّرِ الروحِيِّ purificación espiritual، لِعُبورِ المُعاناةِ وَغَلَبَةِ التَجرِبَةِ بِغايَةِ الإتِّحادِ باللهِ. والطَريقُ: ذَهابٌ، تِأمُّلٌ، خُشوعٌ. قُلّ: إنعِتاقٌ، شَجاعَةٌ، بُطولَةٌ. مُلاقاةُ الحَياةِ بالحَياةِ لِغَلَبَةِ المَوتِ: مَوتِ النَفسِ، وَمَوتِ الجَسَدِ بِمُلاقاةِ اللهِ ذاتِهِ لا غَيرَ. لا مُلاقاةَ عَقائِدَ وَلا نَظاماً فِكرِيَّاً، وَلا تَسَلُّطَ إدِّعاءاتٍ. والطَريقُ: عُبورٌ في الَليلِ المُظلِمِ La Noche Oscura. مَرحَلَةٌ تَطهيرِيَّةٌ ضَرورِيَّةٌ لِبُلوغِ الإتِّحادِ الإلَهيِّ، عَبرَ ظُلُماتِ الروحِ. في المُعاناةِ لِإزالَةِ الحَواجِزَ التي تُعيقُ وصولَ الروحِ إلى الحَقيقَةِ المُطلَقَةِ عَبرَ تَفكيكِ ال"أنا" بِحَيثُ لا يُعيقُ أيُّ أمرٍ تَحقيقَ نَقاءِ الروحِ التي تُختَبَرُ في عُزلَتِها مِن رَواسِبَ ال"أنا". تِلكَ التي تَشُدُّها الى أسفَلِ. مِن دَفقِ التَخلِّي هذا، يوَطِّدُ يوحنَّا الصَليبُ التَقَدُّمَ نَحوَ الإتِّحادِ الكامِلِ مَعَ اللهِ La union mística، وَلَيسَ فَقَط تَكريسَ عَلاقَةٍ شَخصِيَّةٍ مَعَهُ. عِناقُ الوَعيِّ المُتَجَدِّدِ هُناكَ، في بُلوغِ الإتِّحادِ مَعَ الحَقيقَةِ الإلَهِيَّةِ التي هي اللهُ، تَحقيقُ عِناقِ الوَعيِّ الإنسانِيِّ. أمُتَجَدِّدٌ هو؟ بَل العِناقُ المُتَجَدِّدُ هو، وَقَد غَلبَ الإنسانُ ما تَرَكَهُ خَلفَهُ على الطَريقِ، لِلطَريقِ: أوجُهَ الإغتِرابِ المُكَتَسَبَةِ مِنَ الظُلمَة-المَوتِ. ها يوحنَّا الصَليبُ يَتَهَلَّلُ: "في لَيلَةٍ ظَلماءَ مُشَوِّقَةٍ، بالحُبِّ مُضطَرِمَةٍ... في الخَفاءِ، وَلا أحَدَ يَراني، وَلا أرى أنا شَيئاً، دونَ نورٍ وَلا دَليلَ سِوى الَذي في قَلبِيَ يَستَعِرُ... على صَدرِيَ المُزهِرِ، مَحفوظاً لَهُ وَحدَهُ، كُلَّهُ، هُناكَ عَرَّاهُ الكَرى وَكُنتُ أنا... وَمِروَحَةُ الأرزِ تُهديهِ نَسيماً." هوَذا عِناقُ الوَعيِّ المُتَجَدِّدِ: عِناقُ الأرزِ، ألمِنَ اللهِ والى اللهِ، على ما يَشهَدُ الكِتابُ المُقَدَّسُ. لا إلَّاهُ، أرزُ لبنانَ، بَعدَ عَناءِ "الذَهابِ" الطَويلِ، مِنهُ كَشفُ حَقيقَةِ اللهِ وَحَقيقَةِ الإنسانِ، وَبِهِ تَمَكُّنُ شَجاعَةِ الإنسانِ وَشَجاعَةِ اللهِ، الأولى في بُلوغِ الإتِّحادِ والثانِيَةُ في تَكريسِهِ. لا إلَّاهُ، أرزُ لبنانَ، بَعدَ الإرهافِ الكامِلِ، بِهِ وَمِنهُ، "الرُجوعُ"، الى المَعرِفَةِ بالفِعلِ، حَيثُ الإنسانُ يَعقِلُ، وَيَتَكَلَّمُ. في اللهِ-الكَلِمَةِ، وَمِنَ اللهِ-الكَلِمَةِ. لا إلَّاهُ، أرزُ لبنانَ، يُحيي الإنسانَ مِن هَلوعِهِ، مِن مَوتِهِ-ظُلمَتِهِ. بالغَرفِ الكيانِيِّ الَذي يُهديهِ كالروحِ... كالنَسيمِ-الريحِ. ألَيسَ الكَلِمَةُ-اللهُ مَن سَيَقولُ لِعالِمِ دينٍ: "يَجِبُ عَلَيكُمُ أن تولَدوا مِن عَلُ. فالريحُ تَهُبُّ أينَما تَشاءُ فَتَسمَعُ صَوتَها وَلَكِنَّكَ لا تَدري مِن أينَ تأتي وَإلى أينَ تَذهَبُ. تِلكَ حالَةُ كُلِّ مَولودٍ لِلروحِ" (يوحنَّا 3/7-8)؟ لا إلَّا هَذا الطَريقُ! لبنانُ-الأرزُ.