logo
خبير بريطاني يتوقع حربا بين الناتو وروسيا في غضون عامين

خبير بريطاني يتوقع حربا بين الناتو وروسيا في غضون عامين

الجزيرة٢٠-٠٤-٢٠٢٥

كشفت تقديرات للخبير العسكري البريطاني إيد أرنولد من مركز الأبحاث البريطاني "رويال يونايتد سيرفيسز إنستيتيوت" (المعهد الملكي للخدمات) أن دول حلف شمال الأطلسي (ناتو) قد تدخل في صراع عسكري مع روسيا في غضون عامين.
وفي سياق الحديث عن الاستثمارات العسكرية الضخمة التي تخطط لها ألمانيا، حذر أرنولد من أن الحكومة الألمانية في ظل التهديد الروسي لا تملك ترف الوقت لتوزيع هذه الاستثمارات على مدى 10 سنوات، ورأى أنه بدلا من ذلك، يجب على الجيش الألماني أن يركز أولا على التوسيع السريع للمخزونات من أنظمة الأسلحة المجربة والذخيرة، وبشكل خاص ذخيرة المدفعية.
ووفقا للخبير تشمل الأنظمة الموصى بها صواريخ كروز طراز "تاوروس"، ودبابات القتال ليوبارد "2 إيه 8″، ومركبات النقل المدرعة طراز "بوكسر"، موضحا أن هاتين المدرعتين يجري استخدامهما أيضا من قبل دول أوروبية أخرى.
ولفت إلى أن الجيش الألماني يمكنه أن "يزيد من الإنتاج بشكل كبير"، وأن يجهز وحداته العسكرية بمعدات ثقيلة، وأن يدعم الحلفاء.
وأشار إلى أن أنظمة الدفاع الجوي الألمانية مثل "إيريس-تي"، ودبابات "غيبارد" المضادة للطائرات، التي خرجت عن الخدمة لدى الجيش الألماني، أثبتت "فعالية جديرة بالملاحظة" في الحرب الدائرة في أوكرانيا ، ولهذا السبب، أوصى الخبير البريطاني بإنتاجها بكميات كبيرة وتصديرها إلى الدول الحليفة.
وقال أرنولد إن على أوروبا أن تتخلى عن فكرة السعي دائما للحصول على الأسلحة ذات التقنية العليا، مضيفا أن ما تظهره حرب أوكرانيا هو أنه لا حاجة لامتلاك السلاح الأفضل ويكفي أن تكون أفضل قليلا من العدو، لذلك هو لا ينصح بإنفاق مبالغ كبيرة على معدات يمكن أن تفقد بمعدل 10 وحدات في اليوم في حالة الحرب.
وفيما يتعلق بالطائرات المسيرة، أكد أرنولد أن الأمر المهم لا يقتصر على مجرد امتلاك مخزونات خاصة منها عن طريق الشراء، بل إن الأمر يتمثل بالدرجة الأولى في بناء قدرات إنتاجية منها تتماشى مع وتيرة التطورات التكنولوجية السريعة.
ويعتقد أرنولد، أنه إن سعت روسيا بشكل متعمد إلى الدخول في صراع مع دول "الناتو"، فإن هذا الأمر سيحدث على الأرجح في منطقة البلطيق، لكنه حذر أيضا من أن كثافة الأنشطة العسكرية في أوروبا قد تؤدي إلى اندلاع صراع غير مقصود بين دول الناتو وروسيا في مكان آخر.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

هل يقدم حزب العمال الكردستاني حقًا على حلّ نفسه؟
هل يقدم حزب العمال الكردستاني حقًا على حلّ نفسه؟

الجزيرة

time٠٣-٠٥-٢٠٢٥

  • الجزيرة

هل يقدم حزب العمال الكردستاني حقًا على حلّ نفسه؟

منذ تأسيسها عام 1978، ارتكبت منظمة "بي كا كا" مجازر راح ضحيتها نحو 16 ألفًا من الموظّفين الرسميين في تركيا، من بينهم جنود ورجال شرطة ودرك وأطباء ومعلمون، إضافةً إلى عدد لا يُحصى من المدنيين من نساء وأطفال، وتكبّدت تركيا جرّاء هذه الحرب تكلفة اقتصادية تقدّر بنحو تريليونَي دولار. فهل وصلت المنظمة إلى نهاية الطريق؟ لطالما تلقت "بي كا كا" دعمًا ماديًا وبشريًا وتسليحيًا من قوى متعددة، من بينها روسيا، وإيران وعدد من دول حلف شمال الأطلسي التي تنتمي إليها تركيا، مثل ألمانيا، وفرنسا، وبلجيكا، وهولندا، والسويد، والولايات المتحدة الأميركية. وقد أُبيد نحو 60 ألفًا من عناصرها حتى الآن، فهل يعقل أن تعلن هذه المنظمة عن حلّ نفسها؟ هذا هو السؤال الذي يُطرح بإلحاح في تركيا وفي عموم منطقة الشرق الأوسط. وفي الأسبوع الماضي، ورغم أنّ وزير الخارجية التركي هاكان فيدان لم يُدلِ بإجابة قاطعة عن هذا السؤال خلال مشاركته في مؤتمر صحفي مشترك في العاصمة القطرية الدوحة مع رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، فإنّه أعاد تأكيد تطلعاته وعزمه الثابت أمام أعين العالم بأسره، قائلًا بلهجة واضحة فيما يتعلق بالقضية السورية: "أولًا، نحن لا نقبل بأي مبادرة تستهدف وحدة الأراضي السورية. وبناءً عليه، فإننا نرفض أي تحرك من شأنه أن يتيح استمرارية وجود التنظيمات الإرهابية في سوريا. ولا يمكن قبول تغيير الأسماء أو الهياكل أو الإدارة؛ بهدف تمويه وجود منظمة "بي كا كا " الإرهابية وإطالة عمرها". وأضاف: "نتوقع تفعيل الاتفاق الموقّع بين "واي بي جي" (وحدات حماية الشعب الكردية، الذراع السورية لـ"بي كا كا") والإدارة المحلية في سوريا خلال الأشهر الماضية. ونتوقع أيضًا من "بي كا كا" أن تردّ سريعًا وبشكل إيجابي على الدعوة الموجهة إليها، وأن تتخلى عن سلاحها، وتتوقف عن كونها عقبة أمام عودة الحياة إلى طبيعتها في منطقتنا. فكما أُخرج تنظيم الدولة من المنظومة، فإنّ "بي كا كا" أيضًا ستُستأصل. فإما أن ترحل طوعًا وبسلام، وإما أن ترحل بطريقة أخرى، لكنها سترحل لا محالة". واختتم قائلًا: "سيكون لذلك تداعيات في سوريا، وإيران، والعراق. وإذا ما واصلت جهةٌ ما، ارتضت أن تكون أداة في يد قوى خارجية، الوقوف في طريقنا كمحارب بالوكالة، فإنّنا بحول الله نمتلك الوسائل والقدرات اللازمة لمواجهتها". كلمات الوزير فيدان هذه تعكس استياءه من التأخّر في تنفيذ دعوة عبدالله أوجلان، زعيم منظمة "بي كا كا" الإرهابية والمعتقل منذ عام 1999 في سجن إيمرالي، التي أطلقها في 27 فبراير/ شباط 2024، ودعا فيها إلى حلّ التنظيم. وقد مرّ على تلك الدعوة شهران كاملان دون اتخاذ خطوات فعلية. جذور الانفصال تمتد إلى 51 عامًا ترجع جذور التنظيم الإرهابي الانفصالي الذي أسّسه عبدالله أوجلان إلى 51 عامًا مضت. ففي عام 1973، تشكّل في العاصمة أنقرة ما عُرف حينها بـ"مجموعة الأبوكيين" (نسبة إلى لقب أوجلان: أبو)، وبحلول عام 1976 بدأ هذا التيار في الانتشار شرقًا وجنوب شرق الأناضول تحت اسم "ثوار كردستان". وبحلول عام 1977، انتقلت هذه الجماعة إلى تنفيذ عمليات مسلحة في المناطق الريفية، لتبدأ لاحقًا، اعتبارًا من عام 1978، نشاطها داخل المدن. وفي اجتماع سري عقده أوجلان مع 18 عضوًا في منطقة ليجه التابعة لمحافظة ديار بكر يوم 27 نوفمبر/ تشرين الثاني 1978، أُعلن رسميًا تأسيس ما يُعرف اليوم بـ"حزب العمال الكردستاني – PKK" كتنظيم غير شرعي. في بداياته، استهدف "بي كا كا" الجماعات السياسية الكردية التي رآها خصمًا له في مناطق الشرق والجنوب الشرقي ذات الأغلبية الكردية، فنفّذ ضدها اغتيالات وهجمات دامية. وفي المؤتمر التأسيسي الأول للتنظيم، تقرر تسريع عمليات التنظيم الداخلي، وإعداد البرنامج السياسي والبيان التأسيسي. لكن اعتقال أحد المشاركين في الاجتماع، ويدعى شاهين دونميز، في مايو/ أيار 1979، واعترافه بالتفاصيل الداخلية للتنظيم، تسبب بحالة من الذعر داخله. وبالتوازي مع استمرار الهجمات على الجماعات الكردية الأخرى، بدأت سلسلة من التصفيات الداخلية بذريعة "العمالة" و"الخيانة". وفي خضم هذه الفوضى، بقي أوجلان القائد الأوحد للتنظيم، واستفاد من دعم استخبارات النظام السوري لعبور الحدود في يونيو/ حزيران 1979، حيث أصدر تعليماته بإعلان تأسيس التنظيم عبر "عملية ضخمة تلفت الأنظار". في ظل حماية الاستخبارات السورية، استقرّ أوجلان في بلدة عين العرب (كوباني حاليًا)، والتي باتت اليوم مركزًا لما يُعرف بـ"بي كا كا/بي واي دي"، ثم انتقل إلى دمشق. وفي 29 يوليو/ تموز 1979، نفّذ أنصاره هجومًا مسلحًا على النائب البرلماني عن حزب العدالة وزعيم عشيرة البوجاق، محمد جلال بوجاق، ما أدى إلى إصابته، ومقتل صهره وطفل في التاسعة من عمره. وترك الإرهابيون في موقع الهجوم البيان التأسيسي لـ"بي كا كا"، الذي أعلن فيه هدفه بوضوح: "تأسيس دكتاتورية شعبية في كردستان المستقلة والموحّدة". لاحقًا، بدأ أوجلان يعدّل من طرحه السياسي، فانتقل من شعار "كردستان المستقلة والموحّدة" إلى شعارات مثل "الفدرالية" و"الحكم الذاتي الإقليمي". وخلال قرابة نصف قرن من العمل المسلح، لم تحقق المنظمة الإرهابية أيًّا من أهدافها المعلنة، باستثناء زراعة بذور القومية العرقية في أذهان فئة محدودة. ويُعزى ذلك إلى النضال المتواصل وغير المنقطع الذي خاضته ضد الدولة التركية بكل مؤسساتها. لقد بدأ أوجلان مسيرته عام 1979 بشعار: "تأسيس دكتاتورية شعبية في كردستان المستقلة والموحّدة"، ثم ختمها في 27 فبراير/ شباط 2025 بهذه الكلمات، التي تعكس بوضوح اعترافًا بفشل المشروع: "الانزلاق نحو قومية مفرطة، وما تبعها من أطروحات كالدولة القومية المستقلة، والفدرالية، والحكم الذاتي الإداري، والحلول الثقافوية، لم تعد تُلبّي متطلبات علم الاجتماع التاريخي للمجتمع". أي أن أوجلان نفسه أقرّ، بعد 45 عامًا من التمرّد المسلح، بأن لا الدولة الكردية المستقلة، ولا الفدرالية، ولا الحكم الذاتي، تشكّل حلولًا واقعية. بيان أوجلان حمل البيان الذي أصدره عبدالله أوجلان بتاريخ 27 فبراير/ شباط 2025 عنوان: "دعوة إلى السلام والمجتمع الديمقراطي"، وقد ورد فيه: "لقد نشأت منظمة بي كا كا في القرن العشرين، الذي يُعدّ أكثر القرون عنفًا في التاريخ، والذي شهد حربين عالميتين، وتجارب الاشتراكية الواقعية، وأجواء الحرب الباردة التي عمّت العالم، ووسط إنكارٍ تامٍ للواقع الكردي، وقمعٍ للحريات، وفي مقدمتها حرية التعبير. وقد تأثرت المنظمة من حيث النظرية والبرنامج والإستراتيجية والتكتيك، بتجربة الاشتراكية الواقعية آنذاك تأثرًا بالغًا. ومع انهيار الاشتراكية الواقعية في تسعينيات القرن الماضي لأسباب داخلية، ومع انحسار سياسة إنكار الهوية داخل البلاد، والتقدم الذي أُحرز في مجال حرية التعبير، دخلت منظمة بي كا كا في مرحلة من الفراغ المعنوي والتكرار المفرط، مما جعل نهايتها، كغيرها من التنظيمات المشابهة، أمرًا ضروريًا. لقد ظلت العلاقة الكردية التركية على مدى أكثر من ألف عام قائمة على تحالف طوعي، كانت فيه الغاية المشتركة هي الحفاظ على الكيان في مواجهة القوى المهيمنة. لكن الحداثة الرأسمالية، على مدى القرنين الماضيين، سعت إلى تفكيك هذا التحالف، ووجدت من يخدمها في إطار الصراع الطبقي والاجتماعي. وقد تسارعت هذه الوتيرة بفعل التفسيرات الأحادية للجمهورية. واليوم، ومع ازدياد هشاشة هذه العلاقة التاريخية، فإن إعادة تنظيمها على أساس روح الأخوّة، دون إغفال البعد الإيماني، بات ضرورة ملحّة. فحاجة المجتمع إلى الديمقراطية أمر لا مفر منه. إن صعود منظمة بي كا كا كأكبر حركة تمرد وعنف في تاريخ الجمهورية، جاء نتيجة انسداد قنوات السياسة الديمقراطية. وإن الحلول القائمة على الدولة القومية المنفصلة، أو الفدرالية، أو الحكم الذاتي الإداري، أو الأطروحات الثقافوية، الناتجة عن الانجراف القومي المفرط، لم تعد تقدم جوابًا مقنعًا لعلم الاجتماع التاريخي للمجتمع. إن احترام الهويات، وضمان حرية التعبير والتنظيم الديمقراطي، وحق كل فئة في أن تكون لها بنيتها السوسيو-اقتصادية والسياسية، لا يمكن أن يتحقق إلا بوجود مجتمع ديمقراطي وساحة سياسية حقيقية". ويتابع أوجلان: "إن قرن الجمهورية الثاني لن يكون مستقرًا ومستدامًا إلا إذا تُوّج بالديمقراطية. ولا سبيل لتحقيق الأنظمة المنشودة إلا من خلال الديمقراطية، فالاتفاق الديمقراطي هو الأساس. كما يجب تطوير لغة تناسب الواقع لمرحلة السلام والمجتمع الديمقراطي. وفي هذا السياق، ومع دعوة السيد دولت بهتشلي، والموقف الذي أبداه السيد رئيس الجمهورية، والمواقف الإيجابية التي أبدتها بعض الأحزاب السياسية تجاه هذه الدعوة المعروفة، فإنني أوجه دعوة لوقف إطلاق النار وأتحمل المسؤولية التاريخية لهذه الدعوة. وكما تفعل أي جماعة أو حزب عصري لم يُجبر على إنهاء وجوده قسرًا، فإنني أطلب منكم عقد مؤتمركم واتخاذ قرار: يجب أن تضع جميع المجموعات السلاح، وأن يتم حلّ منظمة بي كا كا. أبعث بتحياتي لجميع الجهات التي تؤمن بالعيش المشترك وتصغي إلى ندائي". كان البيان المكتوب بخط يد أوجلان والمكوّن من ثلاث صفحات ونصف، بمثابة لحظة انهيار النموذج الفكري ليس فقط لتنظيم "بي كا كا/ك ج ك"، بل أيضًا لذراعه السورية "بي واي دي"، وامتداده الأوروبي، وجناحه السياسي داخل تركيا، حزب "ديم". فبهذه الدعوة، أعلن مؤسس التنظيم بنفسه انتهاء "الإستراتيجية الأساسية" المزعومة، وأقرّ بأن منظمة بي كا كا أصبحت "فاقدة للمعنى"، لأنها فقدت الهدف الذي أُسست من أجله. فبعدما حُلّت قضية الهوية في تركيا، ولم تعد هناك أهداف من قبيل الدولة المستقلة، أو الفدرالية، أو الحكم الذاتي، لم يعد للمنظمة ما تبرّر به استمرارها. وقد لخّص أوجلان ذلك بقوله: "مع انهيار الاشتراكية الواقعية في التسعينيات لأسباب داخلية، وانحسار سياسة إنكار الهوية داخل البلاد، والتقدم في حرية التعبير، فقدت بي كا كا معناها ودخلت مرحلة من التكرار، ومن ثم بات حلها ضرورة كما هو الحال مع التنظيمات المشابهة" . وأخيرًا، ختم أوجلان دعوته الحاسمة بقوله: "أتحمّل المسؤولية التاريخية لهذه الدعوة. وأدعو كل المجموعات التابعة لبي كا كا لعقد مؤتمر واتخاذ قرار نهائي: على الجميع ترك السلاح، ويجب أن تُحلّ منظمة بي كا كا". قرارات لم تلتزم بها "بي كا كا" حين تحدّث أوجلان عن "جميع المجموعات"، فقد كان يقصد كامل هيكل "بي كا كا/ ك ج ك"، سواء في تركيا، أو في سوريا، أو إيران، أو العراق، أو في الشتات الأوروبي. ومع ذلك، وبناءً على تجارب سابقة، كان يدرك أن دعوته لن تلقى الاستجابة المرجوّة، ولهذا أنهى بيانه المكتوب بخط يده بجملة ذات دلالة: "أبعث بتحياتي لجميع الجهات التي تصغي إلى ندائي". المراقبون المقربون من ملف "بي كا كا"، والذين يدركون تمامًا أنّ هذه المنظمة لم تعد تسعى بأي شكل لـ"حقوق الأكراد"، وإنما تحوّلت إلى أداة خاضعة تمامًا للولايات المتحدة، وذراع يُستخدم لصالح إسرائيل الصهيونية المنغمسة في جرائم الإبادة، يرون أنّ التنظيم لن يُقدم بسهولة على حلّ نفسه أو على تسليم سلاحه، ولن يلتزم بوقف إطلاق النار. ذلك أن "بي كا كا" سبق لها أن أعلنت عن قرارات "وقف إطلاق نار/تسليم سلاح/ حل التنظيم" ست مرات، وذلك في الأعوام: 1993، 1995، 1998، 2006، 2009، و2013، لكنها في كل مرة ما لبثت أن نكثت عهودها، واستأنفت عملياتها الإرهابية. وفي الأول من أكتوبر/ تشرين الأول 2024، وهو اليوم الذي افتُتحت فيه الدورة الجديدة للبرلمان التركي، توجّه رئيس حزب الحركة القومية دولت بهتشلي إلى مقاعد نواب حزب "ديم"، الذراع السياسية لـ"بي كا كا"، وصافحهم في خطوة رمزية؛ فُسّرت بأنها البداية لمبادرة سياسية جديدة. وإن قُدّر لهذه المبادرة أن تكتمل، فستكون هذه المرة السابعة التي يُتخذ فيها قرار بحل التنظيم. لكن، وعلى الرغم من الآمال المعقودة على بناء "تركيا خالية من الإرهاب"، فإنّ التجارب المريرة السابقة تستدعي الحذر. ولهذا يتردد كثيرًا في الأوساط السياسية والإعلامية مصطلح "تفاؤل حذر". مؤشرات غير مبشّرة غير أنّ الأخبار الواردة من خلف الكواليس لا تدعو حتى لهذا القدر من التفاؤل؛ بل على العكس، فإن ما يُنقل عن اللجنة التنفيذية لـ"بي كا كا" يفيد بأنها تطرح شروطًا لقبول حلّ نفسها. ومن أكثر الشروط غرابة أنها تطلب أن يترأس عبدالله أوجلان بنفسه مؤتمر التنظيم، رغم أنه لم يُبدِ هذا الطلب أصلًا، وهو يقضي حكمًا بالسجن المؤبد! وفي بيان نُشر خلال عطلة نهاية الأسبوع، قالت اللجنة: "لا نريد أن نكون الطرف الذي يخرق العملية"، لكنها بذلك ألمحت ضمنيًا إلى احتمال عودتها إلى العمل الإرهابي مجددًا. يريدون أن يُشعلوا فتيل القتال، ولكن دون أن تُنسب إليهم المسؤولية، تمامًا كما اعتادوا، عبر سياسة كسب الوقت والمماطلة. أما تغيير الأسماء والقيادات، فهو من التكتيكات المتكررة لديهم، وإظهار العداء للعنف ما هو إلا نفاق سياسي يتقنونه جيدًا. كما يُتوقّع أن يُقدِم التنظيم على تنفيذ عمليات استفزازية في الداخل التركي، أو في الأراضي السورية، والعراقية، مع الحرص على أن تُنسب هذه العمليات زيفًا إلى الأتراك، بغرض إثارة الفتنة. وقد تكون بعض هذه الهجمات موجّهة ضد الأكراد أنفسهم، أو ضد أهداف أميركية سبق أن أعلنت نيتها الانسحاب من المنطقة، وهو ما قد يدخل في إطار التصعيد الاستفزازي. السلاح: مصدر القوة الوحيد تاريخ منظمة "بي كا كا"، الممتد لنصف قرن، يجعل جميع السيناريوهات ممكنة، غير أن أضعفها احتمالًا هو تخليها عن العنف والسلاح، وهما مصدر قوتها الوحيد. لقد استمرت "بي كا كا" طوال خمسين عامًا لسببين رئيسيين: الدعم الخارجي الذي تلقّته من دول مثل إسرائيل، إيران، الولايات المتحدة، ودول أوروبية وروسيا. الامتداد السياسي داخل تركيا، ممثلًا بحزب "ديم". ما دام هذا الدعم الدولي مستمرًا، وما دام جناحها السياسي في تركيا لم يُقطع نهائيًا، فلن يكون بمقدور أمثالنا أن نكون متفائلين. لا نملك إلا "التحفظ"، لا التفاؤل. أملي الوحيد هو أن يتمكّن حزب "ديم"، الذراع السياسية لـ"بي كا كا"، من النأي بنفسه بصدق عن التنظيم الإرهابي. غير أن المواقف الصادرة عنه حتى الآن تشير إلى غموض كبير، وعدم وضوح الرؤية. بكلمات أخرى، لا يوجد تغيير فعلي في الظروف التي أوجدت "بي كا كا". والدولة التركية على دراية تامة بذلك. وقد عبّر الرئيس رجب طيب أردوغان عن هذا الإدراك بقوله: "إذا لم تُنفَّذ الوعود، وإذا تحوّلت العملية إلى مراوغة وتسويف، أو محاولات لخداعنا بتغيير الأسماء دون تغيير الجوهر، فسيُرفع القلم عنا. وسنواصل عملياتنا الجارية بلا هوادة، حتى لا يبقى حجرٌ فوق حجر، ولا رأسٌ فوق كتف، حتى القضاء على آخر إرهابي".

أوروبا تخوض سباق حواجز لإعادة التسلح
أوروبا تخوض سباق حواجز لإعادة التسلح

الجزيرة

time٠٣-٠٥-٢٠٢٥

  • الجزيرة

أوروبا تخوض سباق حواجز لإعادة التسلح

تشير بيانات جمعها "معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام" إلى أن واردات الأسلحة من قبل الدول الأوروبية بين عامي 2020 و2024، زادت بنسبة 155% مقارنة بالسنوات الخمس السابقة. وينظر إلى هذه الزيادات على أنها رد فعل على الحرب الروسية الأوكرانية التي بدأت في فبراير/شباط 2022. ولكن من جهة أخرى، تكشف البيانات أيضا عن زيادة مطردة في اعتماد الأوروبيين من بين أعضاء حلف شمال الأطلسي (الناتو) على الشركات الأميركية في تأمين واردات السلاح، إذ زودتهم هذه الأخيرة بنحو 64% من المعدات العسكرية المستوردة، مقارنة بنحو 52% بين عامي 2015 و2019. ومع وصول الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض وما تبعه من تحول في سياسة الإدارة الأميركية وفي تحديد أولوياتها، بما في ذلك زيادة الضغوط المشككة في سياسات الدفاع المشترك لحلف الأطلسي، أصبح لزاما على الأوروبيين الاعتماد على أنفسهم أكثر فأكثر في تعزيز دفاعاتهم العسكرية. لكن السباق الأوروبي نحو إعادة التسلح يصطدم بالكثير من الحواجز، أبرزها أزمة الإنفاق المشترك والمقدر بأكثر من 500 مليار يورو، وتأهيل البنية العسكرية، وتباين حجم المخاطر بين الدول. مطبات أمام محور باريس برلين لندن تعتقد المفوضية الأوروبية أن صفقات السلاح المشتركة ستكون أفضل رد لبناء الدفاع الأوروبي. وقد وضع " الكتاب الأبيض" لسياسة الدفاع الصادر عن المفوضية في مارس/آذار الماضي مقاربة لذلك، إذ يرى أنه من أجل إعادة بناء النظام الصناعي الحربي فإنه يتعين على الاتحاد الأوروبي أن يعتمد أولا على السوق الأوروبية في الشراءات العامة التي تشمل القطاعات والتقنيات التكنولوجية ذات الأهمية الإستراتيجية. وتدفع دول أوروبية مؤثرة داخل التكتل الأوروبي مثل فرنسا وألمانيا ومن خارجه بريطانيا نحو هذا الحل. وتقول صحيفة "الغارديان البريطانية" إن أوروبا تغيرت وهي تمر بمرحلة محورية، مما يفسر المشاورات المكثفة بين باريس ولندن وبرلين مع المفوضية الأوروبية من أجل مضاعفة جهودها لتحديد أمنها الجماعي. لكن مطبات كثيرة تعترض جهود هذا المحور. تعتمد فرنسا على "مظلتها النووية" كرادع أولي في خط الدفاع، وهي مظلة يمكن أن تلعب دورا أبعد من التراب الفرنسي. لكن مع ذلك تواجه خطة الدخول في اقتصاد الحرب خطر الصدام مع المدافعين عن دولة الرفاه الاجتماعي. بدأ الجدل منذ أن أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون رغبته في زيادة الإنفاق العسكري إلى ما نسبته 3% إلى 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي. ويعني ذلك في تقديرات "بوليتيكو أوروبا" ضخ تمويلات إضافية تقدر بنحو 30 مليار يورو سنويا. لم يطرح ماكرون كيفية توفير هذه التمويلات في ظل استبعاد أي خطط للزيادات الضريبية، وهو ما دفع خبراء إلى إعلان مخاوفهم بشأن إمكانية التضحية بالإنفاق الاجتماعي والدخول في تدابير تقشفية غير شعبية، وتتصاعد التحذيرات من خروج احتجاجات في الشوارع على شاكلة السترات الملونة. ورغم وجود إجماع داخل البرلمان الفرنسي على ضرورة الرفع من الإنفاق الحربي، فإن الخلاف حول تحديد مصادر تلك السيولة يخاطر بالوصول إلى طريق مسدود. بعيدا عن الجدل السياسي، تشير تقارير إلى زيادة فعلية في الصناعة العسكرية الفرنسية على الأرض، وهو ما لوحظ خاصة لدى شركة "تاليس". فخلال 3 سنوات، ضاعفت الشركة قدرتها الإنتاجية 3 مرات وأرسلت شحنات من الطائرات المسيرة والرادارات إلى أوكرانيا. ويشير إريك مورسو المسؤول عن "إستراتيجية الرادار السطحي" في المؤسسة إلى أن دورة تصنيع الرادار، التي كانت تستغرق 60 يوما قبل عامين، انخفضت إلى 20 يوما. على عكس فرنسا، تظهر مسألة الأمن في ألمانيا أكثر إثارة للشكوك. اذ يفتقد العملاق الاقتصادي لمظلة نووية ظلت طيلة عقود طويلة من المحرمات السياسية. وفي تقدير الخبراء يجعل هذا الأمر برلين أكثر عرضة إلى الابتزاز الروسي. تشير خلاصة التقرير السنوي عن حالة القوات المسلحة في البلاد إلى "حالة كارثية" للجيش الألماني المصنف في المرتبة الـ14 عالميا، فرغم ضخ الحكومة ما يقارب مليار يورو في صندوق لتحديث القوات المسلحة منذ الغزو الروسي لأوكرانيا، فإن التقرير السنوي أشار إلى نقص كبير في المعدات الثقيلة وقطع الغيار والأقمار الاصطناعية والدفاع الجوي واهتراء عدد كبير من الثكنات. بالإضافة إلى ذلك، تحدثت إيفا هوغل، مفوضة البرلمان للقوات المسلحة، لصحيفة "فيرتشافتس فوخه" الأسبوعية عن نقص كبير في المدربين وعدد الجنود، ومن زيادة معدل السن في صفوف الجيش إلى 34 عاما. ولا يتعدى عدد الجيش حاليا 181 ألف جندي مقارنة مع 203 آلاف كهدف محدد، ورغم أن عدد المتقدمين زاد في 2024 بسبب إعلانات التجنيد التطوعي فإن الجيش يعاني من زيادة أيضا في عدد المنسحبين. وطرح للنقاش إمكانية فرض إلزامية التجنيد التي تم التخلي عنها عام 2011. ولكن أكثر المراقبين في ألمانيا يعتبرون هذا الخيار خاطئا من حيث الاستعداد اللوجستي على الأقل، إذ تفتقد الثكنات للمعدات والمدربين لاستقبال أعداد كبيرة من المجندين الشباب على الأمد القريب والمتوسط. والأهم من ذلك، تأمل الحكومة الألمانية أن يمهد الاستثناء من متطلبات كبح الديون إلى تأمين تمويل الإنفاق الدفاعي في المستقبل. كان قرارا مفاجئا وفق صحيفة "التايمز" البريطانية، عندما تعهد رئيس الحكومة كير ستارمر في نهاية فبراير/شباط الماضي بزيادة الإنفاق العسكري إلى 2.5% من الناتج المحلي إجمالي بحلول عام 2027، مما يعني إنفاقا إضافيا يقدر بأكثر من 7 مليارات يورو سنويا توجه للقوات المسلحة وتقتطع من "صندوق مساعدات التنمية". وفق صحيفة "أونهارد" الإلكترونية، بلغ حجم الإنفاق البريطاني لتمويل المساعدات العسكرية الموجهة لأوكرانيا 12 مليار يورو، مما أدى بالنتيجة إلى تراجع في مخزوناتها العسكرية، ومن ثم فإن الأولوية الآن هي لتوريد الذخائر، وتصميم الطائرات المسيرة ، التي يمكن تحريكها بسرعة عند اندلاع نزاع. وأشارت الصحيفة إلى خطط لزيادة عدد جنود الاحتياط، ولكن من دون توسيع الجيش النشط، الذي انخفض إلى 70 ألف عضو، وهو الأدنى منذ القرن الـ19. وتعتقد "أونهارد" بأن الاستقلال العسكري التام سيكون مكلفا للغاية بالنسبة لبريطانيا التي تعتمد إلى حد كبير على الولايات المتحدة، وخاصةً في الردع النووي، حيث تستأجر البلاد صواريخها من واشنطن، مما يمنعها من القيام بالدور الذي ترغب به. وبحسب بيانات "معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام"، هناك بالفعل ما يربو على 10 آلاف جندي أميركي في بريطانيا مقابل قرابة 35 ألفا في ألمانيا وأكثر من 12 ألفا في ايطاليا، من بين حوالي 65 ألفا منتشرين في أوروبا. هواجس الماضي في شرق أوروبا عادت هواجس الماضي تهب على شرق أوروبا من جديد، حيث تتشارك دول البلطيق مع بولندا ودول إسكندنافية مثل السويد وفنلندا المخاوف ذاتها من عودة المارد الروسي. تدرك هذه الدول أن أي تحرك عسكري ضدها قد يضعها مجددا مواقف مشابهة لما حدث في الماضي في دانزينغ في عام 1939، أو بودابست في عام 1956، أو براغ في عام 1968، حيث تركت تواجه مصيرها بمفردها. تعمل هذه الدول وغيرها في شرق القارة على تعزيز مواردها العسكرية بسرعة. قدمت الرئاسة البولندية مشروع قانون لرفع الإنفاق العسكري إلى نسبة 4% من الناتج المحلي الإجمالي في الدستور، وتأمل الحكومة الوصول إلى نسبة 4.7% بنهاية العام الجاري. ومن جهة أخرى، تملك بولندا جيشا قوامه 200 ألف جندي محترف، وهو الأول على مستوى الاتحاد الأوربي مع فرنسا والثالث بين دول حلف شمال الأطلسي. ويأمل رئيس الوزراء دونالد توسك أن يبلغ العدد الإجمالي نصف مليون جندي باحتساب جيش الاحتياط. إعلان بالإضافة إلى ذلك، تريد وارسو الاستفادة من المظلة النووية الفرنسية لضمان الردع ضد أي هجوم محتمل، لكن بوضع أكثر أريحية مقارنة بالترسانة النووية البريطانية المرتبطة بالولايات المتحدة. إلى جانب ذلك، اقترح رئيس الوزراء البولندي أن تنسحب وارسو من اتفاقية دبلن بشأن الذخائر العنقودية واتفاقية أوتاوا بشأن الألغام المضادة للأفراد. دول البلطيق هناك اقتناع كامل في دول بحر البلطيق وهي لاتفيا وليتوانيا وإستونيا، أنها المعنية الأولى داخل حلف شمال الأطلسي باختبار المادة الخامسة لمعاهدة الحلف، التي تضمن الدفاع الجماعي في حالة وقوع هجوم، على خلفية التهديد العسكري المتنامي من جانب روسيا بجانب أقليات ناطقة بالروسية مقيمة على أراضيها. وحتى الآن، تعتمد ليتوانيا بشكل أساسي على وجود القوات الأميركية من أجل الردع عند أي هجوم عسكري. غير أن هذا الوجود في ظل الإدارة الأميركية الحالية لا يعد ضمانة مطلقة. كانت ليتوانيا ضاعفت بالفعل ميزانية الدفاع لتصل إلى 2.3 مليار يورو، مما يعني 3% من الناتج المحلي الإجمالي. تتطلع الدولة السوفياتية السابقة إلى أن يصل عدد قواتها المسلحة إلى 20 ألفا مع تزويدها بدبابات ليوبارد الألمانية (سيتم تسليمها بحلول نهاية العقد) وأنظمة الصواريخ الأميركية "اتاكامز" و"هيمارس". وترى صحيفة "دزينيك" البولندية أن الخطر الأكثر ترجيحا ليس التخلي عن القوات الغربية المنتشرة في دول البلطيق بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، بل زعزعة ترامب للوحدة عبر الأطلسي، وقد يدفع هذا روسيا إلى اختبار المادة الخامسة. دول مترددة تنطبق هذه الصفة على دول مثل هولندا وإسبانيا. بالنسبة لهولندا، فقد أبدت موافقتها خلال مشاركة رئيس الوزراء ديك شوف في قمة دول الاتحاد في السادس من مارس/آذار الماضي على خطط زيادة الإنفاق العسكري المشترك من أجل إعادة تسليح أوروبا بتمويل يصل إلى 800 مليار يورو. لكن البرلمان الهولندي أبدى لاحقا تحفظات على تلك الخطط، بما في ذلك 3 أحزاب من بين 4 تشكل الائتلاف الحاكم. وسبب التحفظ هو تجنب الالتزام بقروض مشتركة مع دول الجنوب واحتمالية زيادة الدين الوطني. ودعا البرلمان إلى تبني موقف وسط، وهو الموافقة على خطة التمويل ولكن بشروط صارمة. أما إسبانيا، فقد تعهدت الحكومة الاشتراكية بزيادة الإنفاق الذي يعد الأضعف بين دول الاتحاد الأوروبي، من 1.28% إلى 2% من الناتج المحلي الإجمالي، لكن هذا التعهد يصطدم بنقاش داخل الطبقة السياسية، كونه يتعارض مع "السياسة السلمية" التي أرساها رئيس الوزراء السابق خوسيه لويس رودريغاز ثاباتيرو الذي شغل المنصب بين عامي 2004 و2011. وتقول صحيفة "إلباييس" القريبة من المعسكر الاشتراكي إنه يتعين على رئيس الوزراء بيدرو سانشيز الآن "إيجاد توازن دقيق بين الالتزامات الأوروبية وحلف شمال الأطلسي، الذي هو مصمم على احترامها، والواقع السياسي" في البلاد.

ترامب يقلب نظام الاقتصاد العالمي في أول 100 يوم من حكمه
ترامب يقلب نظام الاقتصاد العالمي في أول 100 يوم من حكمه

الجزيرة

time٢٩-٠٤-٢٠٢٥

  • الجزيرة

ترامب يقلب نظام الاقتصاد العالمي في أول 100 يوم من حكمه

شن الرئيس الأميركي دونالد ترامب حربا جمركية عالمية غير مسبوقة في أول 100 يوم من حكمه وخفض المساعدات الخارجية الأميركية واستخف بالدول الأخرى في حلف شمال الأطلسي (ناتو) وتبنى الرواية الروسية حول الحرب في أوكرانيا وتحدث عن ضم غرينلاند واستعادة قناة بنما وجعل كندا الولاية الأميركية رقم 51. وفي الأيام 100 الأولى منذ عودة ترامب إلى منصبه، شن الرئيس الأميركي حملة غير متوقعة في كثير من الأحيان أدت إلى قلب أجزاء من النظام العالمي القائم على قواعد، والذي ساعدت واشنطن في بنائه من أنقاض الحرب العالمية الثانية. وأدى جدول أعمال ترامب القائم على سياسة (أميركا أولا) في ولايته الثانية إلى نفور الأصدقاء واكتساب الخصوم للجرأة، وأثار أيضا تساؤلات عن المدى الذي هو مستعد للذهاب إليه، وأثارت أفعاله، إلى جانب هذا الغموض، قلق بعض الحكومات لدرجة أنها ترد بطرق ربما يصعب التراجع عنها. يأتي هذا في ظل ما يراه منتقدو الرئيس الجمهوري مؤشرات على تراجع الديمقراطية في الداخل، مما أثار مخاوف في الخارج، وتشمل هذه المؤشرات هجمات لفظية على القضاة وحملة ضغط على الجامعات ونقل المهاجرين إلى سجن سيئ السمعة في السلفادور في إطار حملة ترحيل أوسع نطاقا. وقال دينيس روس المفاوض السابق في شؤون الشرق الأوسط في إدارات ديمقراطية وجمهورية "ما نشهده هو اضطراب هائل في الشؤون العالمية. لا أحد يعلم في هذه المرحلة كيف يكوّن رأيا حيال ما يحدث أو ما سيأتي لاحقا". يأتي هذا التقييم للتغييرات التي أحدثها ترامب في النظام العالمي من مقابلات مع أكثر من 12 مسؤولا حكوميا حاليا وسابقا ودبلوماسيين أجانب ومحللين مستقلين في واشنطن وعواصم حول العالم. ويقول كثيرون إنه على الرغم من أن بعض الأضرار التي وقعت بالفعل ربما تكون طويلة الأمد، فإن الوضع قد لا يكون مستحيلا إصلاحه إذا خفف ترامب من سياسته، وتراجع عن قضايا منها توقيت الرسوم الجمركية وحجمها. لكنهم لا يرون فرصة كبيرة لحدوث تحول جذري من قبل ترامب، ويتوقعون بدلا من ذلك أن تقوم دول عديدة بإجراء تغييرات دائمة في علاقاتها مع الولايات المتحدة لحماية نفسها من سياساته المرتبكة. وبدأت التداعيات بالفعل. مصداقية أميركا على سبيل المثال، يسعى بعض الحلفاء الأوروبيين إلى تعزيز صناعاتهم الدفاعية لتقليل الاعتماد على الأسلحة الأميركية، واحتدم الجدل في كوريا الجنوبية بخصوص تطوير ترسانتها النووية، وتزايدت التكهنات بأن تدهور العلاقات قد يدفع شركاء الولايات المتحدة إلى التقارب مع الصين، اقتصاديا على الأقل. ويرفض البيت الأبيض فكرة أن ترامب أضر بمصداقية الولايات المتحدة، مشيرا بدلا من ذلك إلى الحاجة إلى إزالة آثار ما وصفه بعبارة "القيادة المتهورة" للرئيس السابق جو بايدن على الساحة العالمية. وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض رايان هيوز في بيان "يتخذ الرئيس ترامب إجراءات سريعة لمعالجة التحديات من خلال جلب كل من أوكرانيا وروسيا إلى طاولة المفاوضات لإنهاء حربهما، ووقف تدفق الفنتانيل وحماية العاملين الأميركيين من خلال محاسبة الصين، ودفع إيران إلى طاولة المفاوضات من خلال إعادة العمل بسياسة أقصى الضغوط". وأضاف أن ترامب "يجعل الحوثيين يدفعون ثمن إرهابهم.. ويؤمن حدودنا الجنوبية التي كانت مفتوحة للغزو لمدة 4 سنوات". وأظهر استطلاع رأي أجرته رويترز/إبسوس ونشر في 21 أبريل/ نيسان، أن أكثر من نصف الأميركيين، بما في ذلك واحد من كل 5 جمهوريين، يعتقدون أن ترامب "متحالف بشكل وثيق بشدة" مع روسيا ، كما أن الجمهور الأميركي ليس لديه رغبة كبيرة في البرنامج التوسعي الذي وضعه. النظام العالمي على المحك يقول خبراء إن مستقبل النظام العالمي الذي تبلور على مدى العقود الثمانية الماضية في ظل هيمنة الولايات المتحدة إلى حد بعيد أصبح على المحك. وكان هذا النظام قائما على التجارة الحرة وسيادة القانون واحترام السلامة الإقليمية. لكن في عهد ترامب، الذي يحتقر المنظمات متعددة الأطراف وينظر في كثير من الأحيان إلى الشؤون العالمية من خلال منظور المطور العقاري السابق، فإن النظام العالمي يتعرض لاهتزازات قوية. واتهم ترامب شركاءه التجاريين "بنهب" الولايات المتحدة على مدى عقود من الزمن، وبدأ في تطبيق سياسة رسوم جمركية شاملة أدت إلى اضطراب الأسواق المالية وإضعاف الدولار وإثارة تحذيرات من تباطؤ الناتج الاقتصادي العالمي وزيادة خطر الركود. ويصف ترامب الرسوم الجمركية بأنها "دواء" ضروري، لكن أهدافه لا تزال غير واضحة حتى مع عمل إدارته على التفاوض على اتفاقات منفصلة مع عشرات الدول. في الوقت نفسه، خالف ترامب السياسة الأميركية تجاه الحرب الروسية المستمرة منذ ثلاث سنوات في أوكرانيا، ودخل في جدال حاد في المكتب البيضاوي مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أواخر فبراير/ شباط. وتقارب مع موسكو ، وأثار مخاوف من أنه سيجبر كييف، المدعومة من الناتو، على قبول خسارة أراضيها، بينما يُعطي الأولوية لتحسين العلاقات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وأثار استخفاف الإدارة بأوروبا والناتو قلقا بالغا، بعدما كانا لفترة طويلة الركيزة الأساسية للأمن عبر الأطلسي لكن ترامب ومساعديه يتهمونهما باستغلال الولايات المتحدة. وعبر المستشار الألماني المنتظر فريدريش ميرتس، بعد فوزه في الانتخابات التي جرت في فبراير/ شباط، عن قلقه إزاء العلاقات الأوروبية مع الولايات المتحدة، وقال إن الوضع سيصبح صعبا إذا حول الذين وضعوا شعار "أميركا أولا" شعارهم إلى "أميركا وحدها"، مضيفا "هذا يمثل في الواقع فترة ما قبل وقوع الكارثة بالنسبة لأوروبا". وفي ضربة أخرى لصورة واشنطن العالمية، يستخدم ترامب خطابا توسعيا تجنبه الرؤساء المعاصرون لفترة طويلة، وهو ما يقول محللون إن الصين ربما تستخدمه مبررا إذا قررت غزو تايوان التي تتمتع بالحكم الذاتي. التعامل مع ترامب في ولايته الثانية وبدأت حكومات الدول الأخرى إعادة صياغة سياستها. ومن أبرزها: أعد الاتحاد الأوروبي ، مجموعة من الرسوم الجمركية المضادة لفرضها إذا فشلت المفاوضات. وتبحث دول مثل ألمانيا وفرنسا إنفاق المزيد على جيوشها، وهو ما طالب به ترامب، ولكن هذا ربما يعني أيضا الاستثمار بشكل أكبر في صناعاتها الدفاعية وشراء أسلحة أقل من الولايات المتحدة. في ظل توتر علاقة الصداقة التاريخية مع الولايات المتحدة، تسعى كندا إلى تعزيز روابطها الاقتصادية والأمنية مع أوروبا. أبدت كوريا الجنوبية انزعاجها أيضا من سياسات ترامب، بما في ذلك تهديداته بسحب القوات الأميركية، لكن سول تعهدت بمحاولة العمل مع ترامب للحفاظ على التحالف في مواجهة تهديد كوريا الشمالية المسلحة نوويا. تشعر اليابان بالقلق؛ فقد فوجئت بحجم رسوم ترامب الجمركية، وقال مسؤول حكومي ياباني كبير مقرب من رئيس الوزراء شيجيرو إيشيبا إن طوكيو "تسعى جاهدة للرد". البحث عن علاقة مع الصين وفي ظل السياسات الجديدة للإدارة الأميركية بقيادة ترامب لجأت العديد من الدول إلى الصين ، وخاصة لمجابهة الرسوم الجمركية ، وفيما يلي أبرز تلك التوجهات: ففي أوائل أبريل/ نيسان الجاري، التقى رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانتشيث بالرئيس الصيني شي جين بينغ في بكين، وقالت الصين إنها تبادلت وجهات النظر مع الاتحاد الأوروبي بشأن تعزيز التعاون الاقتصادي. وطرحت بكين نفسها حلا للدول التي تشعر بالتهديد من نهج ترامب التجاري، وتحاول أيضا ملء الفراغ الذي خلفته قراراته بتخفيض حجم المساعدات الإنسانية. إعلان وقال آرون ديفيد ميلر، الدبلوماسي الأميركي المخضرم، إن الأوان لم يفت بعد بالنسبة لترامب لتغيير مساره في السياسة الخارجية، خاصة إذا بدأ يشعر بالضغط من رفاقه الجمهوريين الذين يشعرون بالقلق إزاء المخاطر الاقتصادية بينما يسعون للاحتفاظ بالسيطرة على الكونغرس في انتخابات التجديد النصفي العام المقبل.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store