
ثلث اللاجئين السوريين في الأردن يتطلعون للعودة
عمّان- يشكل الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي عوامل حاسمة في تحديد خيارات اللاجئين السوريين في العودة إلى ديارهم بعد سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول 2024. وبالرغم من التحديات الجمة التي تنتظرهم، فإن نتائج تقرير استطلاعي أردني أظهرت أن 35% من المقيمين منهم في الأردن يرغبون في الرجوع.
وأشار التقرير الصادر عن مرصد الحماية الاجتماعية التابع لجمعية "تمكين" للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان (مستقلة) -أمس الأحد- إلى أن الأردن استقبل منذ بداية الأزمة السورية عام 2011 حوالي 1.3 مليون لاجئ سوري، منهم 557 ألفا و783 مسجلون رسميا لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين حتى مارس/آذار 2025.
ومع سقوط نظام بشار، قامت أعداد من اللاجئين بالعودة الطوعية، حيث سجلت المفوضية عودة 55 ألفا و732 لاجئا بين يناير/كانون الثاني وأبريل/نيسان 2025، منهم 84% كانوا يقيمون في المناطق الحضرية.
وبينما يُنظر إلى سقوط نظام بشار باعتبار ذلك أحد أبرز العوامل المحفزة لعودة اللاجئين السوريين، إلا أن دوافع اللجوء لم تكن محصورة فقط بوجوده حيث تنقسم إلى سياسية أو عسكرية أمنية، أو نتيجة لانهيار الأوضاع الاقتصادية.
وبخصوص موعد العودة المتوقع لمن يرغب منهم، فقد أظهر التقرير ذاته أن 54% يفضلون العودة خلال 6 أشهر، وينتظر بعضهم انتهاء العام الدراسي أو الحصول على تصريح عمل. وفي المقابل، يفضل 22.3% العودة خلال السنوات الثلاث المقبلة، لضمان استقرار الأوضاع في سوريا أو لترتيب أمورهم المالية والقانونية قبل العودة، بينما يخطط 2.6% فقط للعودة خلال السنوات الخمس القادمة.
أما بالنسبة إلى أسباب الرجوع، فقد أشار 15.7% من المشاركين في الاستطلاع إلى أن عودة الأقارب هي الدافع الرئيسي، بينما اعتبر 13.61% أن ارتفاع كلفة تصاريح العمل في الأردن هو السبب، في حين أدى نقص فرص العمل في المملكة إلى تفكير 8.78% في العودة، بينما رأى 8.37% أن امتلاكهم منازل في سوريا يشجعهم على ذلك.
ومن بين الأسباب الأخرى، اعتبر 7.57% من المستطلعة آراؤهم أن التهديدات الأمنية قد انتهت، بينما رأى 6.76% أن توقف المساعدات دفعهم إلى هذا القرار، وأشار 3.86% إلى أن وجود عمل في سوريا يجعل العودة أسهل، بينما تأثر 2.9% بالوضع القانوني غير المستقر في الأردن، كما رأى 2.74% أن الوضع الأمني في سوريا قد تحسن، بينما اعتبر 1.77% أن الظروف الاقتصادية والاجتماعية أفضل مما هي عليه في عمّان.
وتعددت أسباب تأخير العودة بحسب جمعية "تمكين" حيث أشار 18% من المشاركين إلى الحاجة لتوفير مبلغ مالي كافٍ لبدء حياة جديدة في سوريا. بينما ذكر 15% أن انتهاء الالتزامات المالية شرط أساسي للعودة، كذلك اعتبر 13% أن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في دمشق تشكل عائقا، بينما رأى 10% أن استقرار الأوضاع الأمنية عامل حاسم.
تفاوت
تكشف البيانات عن تفاوت في رغبة العودة بين الجنسين، ويظهر الذكور ميلا أكبر نحو العودة مقارنة بالإناث. فبينما تشكل الإناث 30.5% من العينة (379 أنثى) فإن 80% منهن (303 إناث) لا يرغبن في العودة مقابل 20% (76 أنثى) أعربن عن رغبتهن في ذلك.
أما لدى الذكور الذين يمثلون 69.5% من العينة (863 فردا) فإن 68.7% (593 فردا) لا يرغبون في العودة، بينما عبر 31.3% منهم (270 فردا) عن رغبتهم في الرجوع.
ووفقا للتقرير نفسه، فإن المقيمين خارج المخيمات أكثر ميلا للرغبة في العودة بنسبة 28.5% مقارنة بالمقيمين فيها بنسبة 23.2%، ويشير إلى أن 97% من اللاجئين يمتلكون بطاقة مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (1207 أفراد) بينما لا يمتلكها 3% فقط.
وتكشف البيانات أن 70% من اللاجئين لا يتلقون أية مساعدات، بينما يحصل 30% على مساعدات معظمها نقدية، كما يعاني 69% من عجز في تلبية الاحتياجات الأساسية مثل الغذاء والسكن والصحة، وأظهر الاستطلاع أن 88% من اللاجئين السوريين بالأردن لا يقيمون في مخيمات.
وأوصى التقرير بتقديم حوافز مالية ودعم لوجستي للاجئين السوريين الراغبين في العودة إلى وطنهم، وتوفير مساعدات مخصصة للأسر التي تعاني عجزا في الدخل، وحث المجتمع الدولي على الوفاء بالتزاماته المالية لدعم اللاجئين والدول المضيفة.
كما طالب بإنشاء برامج مشتركة بين الأردن والمنظمات الدولية لتسهيل العودة الطوعية عند استقرار الأوضاع في سوريا، وإجراء دراسات دورية لرصد تغير آراء اللاجئين حول العودة، خصوصا مع تطور الأوضاع في دمشق.
عامل الاستقرار
من جانبه، علق الخبير الاقتصادي زيان زوانة على تقرير جمعية "تمكين" بالتأكيد على أن كلمة السر في عودة اللاجئين السوريين بالأردن إلى ديارهم هي "الاستقرار بمفهومه الشامل" موضحا للجزيرة نت أن إعادة الإعمار في سوريا ستجذب العمالة السورية في المملكة ولبنان وتركيا، لكن إذا تأخر الإعمار فلن تكون هناك عودة بالصورة التي يتوقعها الجميع.
وأضاف أن الغالبيّة العظمى من اللاجئين السوريين لن يعودوا قريبا وبشكل دائم، مشيرا إلى أنه على الأغلب سيكون هناك دخول مؤقت من قبل بعضهم للتأكد من الأوضاع ببلادهم، ومن استقرار الأمور الأمنية.
وبيّن أن الأردن كان قد التزم دائما بأن عودة السوريين لأراضيهم لن تكون إلا طوعية، مما يعني أن على الحكومة أن تقدم لمن يرغب بذلك كافة التسهيلات الممكنة التي تضمن لهم ذلك.
من ناحيته، أكد لاجئ سوري يقيم بمدينة الزرقاء الأردنية -فضل عدم الكشف عن اسمه- أنهم في السنوات الأخيرة، شهدوا تراجعا في المساعدات الإنسانية الدولية المقدمة من المفوضية الأممية للاجئين السوريين بالأردن، إما بانخفاض قيمتها أو تقليص أعداد المستفيدين منها و"مع ذلك يعيش السوريون في الأردن ظروفا معيشية واجتماعية أفضل من أقرانهم في دول الجوار الأخرى".
وأشار في حديثه للجزيرة نت إلى أن هناك خشية حقيقية من نسبة كبيرة من اللاجئين السوريين المقيمين بالأردن من اتخاذ قرار العودة إلى الوطن في ظل أوضاع اقتصادية وسياسية غير مستقرة بعد، بالإضافة لحجم الدمار الكبير بالمدن والقرى السورية. وقال "هذا يعني أن العودة بمثابة مغامرة لا تحمد عقباها".
ويُعتبر الأردن ملاذا آمنا للاجئين السوريين منذ اندلاع الحرب في بلادهم عام 2011، حتى بات يُعد ثالث دولة على مستوى العالم من حيث عدد اللاجئين السوريين لديها، والثاني عالميا من حيث عدد اللاجئين مقارنة بعدد السكان الكلي.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 17 دقائق
- الجزيرة
لماذا تتحرك واشنطن نحو السودان عبر مجموعة الرباعية؟
الخرطوم- بعد مرور نحو 5 أشهر على تسلم إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب مهامها، أطلقت واشنطن مساعيَ جديدة لوقف الحرب في السودان، التي تدخل عامها الثالث، بإعادة إحياء "المجموعة الرباعية" التي تشكلت لدعم التحول المدني عقب الإطاحة بنظام الرئيس السابق عمر البشير ، مع ملاحظة غياب بريطانيا وحلول مصر مكانها. وعقدت الخارجية الأميركية اجتماعًا أمس الأول الثلاثاء، ضم نائب وزير الخارجية كريستوفر لاندو، والمستشار الأول لشؤون أفريقيا مسعد بولس ، وسفراء السعودية ريما بنت بندر، ومصر معتز زهران، والإمارات يوسف العتيبة ، ضمن ما يُعرف بـ"المجموعة الرباعية". وقد برز غياب بريطانيا، التي كانت فاعلة في الشأن السوداني قبل اندلاع الحرب، ما اعتبره محللون مؤشرا على تراجع التوافق الأميركي البريطاني في الملف. تداعيات الصراع وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية تامي بروس، في تصريح له، إن اللقاء يندرج ضمن الجهود الدولية لاحتواء تداعيات الصراع السوداني، وأوضح أن لاندو شدد على أن النزاع يشكل تهديدا للمصالح الإقليمية المشتركة، متسببا بأزمة إنسانية متفاقمة، مؤكدا رفض بلاده الحل العسكري ودعوتها إلى التركيز على المسار التفاوضي. كما دعا دول الرباعية إلى تكثيف جهودها لحث الأطراف المتحاربة على وقف القتال، والتوصل إلى تسوية سياسية تؤمن الاستقرار في السودان. تأتي هذه التحركات عقب تعثر "منبر جدة"، الذي رعته واشنطن والرياض، حيث فشلت الأطراف في الالتزام ببنود الوثيقتين الموقعتين، خصوصا من قوات الدعم السريع التي لم تخل المواقع المدنية، مما أدى إلى تعليق المفاوضات منذ أواخر 2023. وكانت الولايات المتحدة قد طرحت مبادرة لعقد محادثات في سويسرا بين الحكومة السودانية والدعم السريع، في أغسطس/آب الماضي، لكن الخرطوم رفضت نقل المفاوضات من جدة، وأصرت على تنفيذ الاتفاق السابق قبل أي حوار جديد. وفي فبراير/شباط، سلمت الخارجية السودانية للأمم المتحدة خارطة طريق لحل الأزمة، تتضمن مقترحات للمرحلة الانتقالية وشروط وقف إطلاق النار. وشهدت الأسابيع الأخيرة تحركات من المبعوث الأممي رمطان لعمامرة، ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي محمود علي يوسف ، ومنظمة " إيغاد"، أو ما يُعرف بـ"الآلية الثلاثية"، حيث رحب هؤلاء بشكل منفصل بتعيين كامل إدريس رئيسا للوزراء، في خطوة نحو جهود مشتركة لوقف الحرب وتقريب مواقف الأطراف. موقف الحكومة وفي تعليقها على تحرك الرباعية، قالت مصادر دبلوماسية سودانية للجزيرة نت، إن الحكومة لم تتلقَ دعوة رسمية من واشنطن، لكنها تُبدي تحفظها على مشاركة أي دولة تدعم "مليشيا الدعم السريع". وأكدت المصادر، التي فضلت عدم الكشف عن هويتها، أن الحكومة السودانية حريصة على السلام، وقد شاركت في مفاوضات جدة، إلا أن قوات الدعم السريع استغلت الهدن للتوسع العسكري، كما صرح قائدها محمد حمدان دقلو"حميدتي" أخيرًا برفضه العودة لطاولة التفاوض. من جهته، رحب تحالف "صمود" بنتائج اجتماع الرباعية، واعتبره خطوة مهمة في سبيل إنهاء الحرب، خاصة في ما يتعلق بوقف إطلاق النار، وتسهيل إيصال المساعدات، وحماية المدنيين. وفي حديث للجزيرة نت، قال المتحدث باسم التحالف، جعفر حسن، إن إنهاء الحرب يتطلب ضغوطا متواصلة على الأطراف، للتوصل إلى وقف شامل لإطلاق النار، والشروع في عملية سياسية تفضي إلى سلام دائم ونظام ديمقراطي مدني. انخراط أميركي حذر ويعتقد الباحث السياسي محمد علاء الدين، أن إدارة ترامب لم تولِ أفريقيا اهتمامًا يُذكر، ومنشغلة بملفات أخرى، كما أنها لم تُكمل بعد تشكيل فرقها المعنية بالشأن الأفريقي في مجلس الأمن القومي ووزارة الخارجية، ما حال دون بلورة سياسة واضحة تجاه السودان. وقال علاء الدين للجزيرة نت، إن إحياء الرباعية يعكس رغبة واشنطن بالتفاعل مع الملف السوداني عبر شركائها، لا منفردة، لتخفيف ضغوط داخلية من الكونغرس ، وأخرى من منظمات حقوقية تتهمها بالتقصير تجاه دعم بعض الدول لقوات الدعم السريع، المتهمة بارتكاب جرائم حرب في دارفور. ويرى أن نجاح الرباعية مشروط بتسوية الخلافات وضرورة تفعيل دور الجامعة العربية ، وصياغة مقاربة تُراعي تطلعات الشعب السوداني للسلام، دون إعادة قوات الدعم السريع إلى المشهد. أما المتحدث السابق باسم الخارجية السودانية، العبيد مروح، فيرى أن الرباعية ستظل عاجزة لأسباب منها تبني المجتمع الدولي -وفي مقدمته واشنطن- لمقاربة تعتبر الحرب "نزاعا بين الجيش والدعم السريع" فقط، ما يقصي الحكومة من التفاوض، وأدى إلى فشل محادثات سويسرا قبل انطلاقها. لكنه في المقابل أكد أن التحرك الأميركي لا يتعارض مع جهود الأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقي، و"إيغاد"، بل يندرج ضمن سقف الرباعية ومظلتها الأميركية.


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
الجيش الإسرائيلي: رصدنا إطلاق صاروخ من اليمن والمنظومات الدفاعية تتعامل معه
عاجل | الجيش الإسرائيلي: رصدنا إطلاق صاروخ من اليمن والمنظومات الدفاعية تتعامل معه التفاصيل بعد قليل..


الجزيرة
منذ 2 ساعات
- الجزيرة
محللون: صمود الحوثيين يربك إسرائيل والهجمات باليمن بلا جدوى
القدس المحتلة- رغم الفشل المتكرر في حسم المواجهة مع جماعة الحوثيين في اليمن ، تواصل إسرائيل استهداف مواقع الجماعة بشكل متكرر، مدفوعة بهواجس أمنية وإستراتيجية تتجاوز الاعتبارات العسكرية البحتة. فالتحدي الحقيقي أمام صناع القرار في تل أبيب ، لا يكمن فقط في التصدي للهجمات الصاروخية و الطائرات المسيرة ، بل في التعامل مع حركة مسلحة تمتلك شرعية محلية، وبنية أيديولوجية متماسكة، وتحالفات إقليمية متشابكة. ومنذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، دخل الحوثيون على خط المواجهة علناً بإطلاق صواريخ وطائرات مسيرة باتجاه إسرائيل، دعماً لغزة، غير أن التهديد الحوثي لم يُؤخذ على محمل الجد في بداية الأمر من المؤسسة الأمنية الإسرائيلية. لكن مع تكرار الضربات الحوثية وتوسع آثارها على الملاحة الجوية وصورة الجيش الإسرائيلي، بدأت تل أبيب تعيد حساباتها، كما أورد تقرير موسع في صحيفة "هآرتس" للصحفي المتخصص في شؤون الشرق الأوسط يشاي هالبر، الذي أشار إلى إدراك متزايد بأن الحل العسكري في اليمن محفوف بالمخاطر. مزايا ميدانية وأيديولوجية تتمركز جماعة الحوثيين في مناطق جبلية وعرة شمالي اليمن، وتتمتع بخبرة قتالية طويلة، وتمنحهم عقيدتهم الدينية حافزاً قوياً للمواجهة، بحسب الخبيرة البريطانية في الشأن اليمني إليزابيث كيندال. وأوضحت كيندال، أن الجماعة تستند إلى ثلاث ركائز قوية: التضاريس المحصنة، والتجربة الميدانية، والعقيدة الراسخة، مما يمنحهم قدرة على الصمود تتجاوز إمكانياتهم العسكرية، وتضيف أن الحوثيين يظهرون مرونة كبيرة في التعامل مع الخسائر، ما يفسر استمرارهم رغم التكلفة البشرية العالية. في السياق نفسه، ترى عنبال نسيم-لوفتون، الباحثة في مركز "موشيه ديان" وجامعة تل أبيب، أن الجماعة قادرة على توظيف هويات متعددة، من الزيدية الدينية، إلى الخطاب الوطني المناهض للاستعمار، وصولاً إلى التحالف الإقليمي مع إيران ، "وهذه التركيبة تمنح الحوثيين زخما داخلياً وتفتح لهم أبواب تحالفات خارجية، رغم كونهم أقلية عددية". الحوثيون مشروع سياسي وتشير نسيم-لوفتون إلى أن الحوثيين ليسوا مجرد جماعة مسلحة، بل يشكلون مشروعا سياسيا واجتماعيا معقدا يستمد شرعيته من سرديات تاريخية تعود إلى الدولة الزيدية، ويقدم نفسه مدافعا عن الزيديين، وعن فلسطين، ومناهضا للغرب. وتعتقد الباحثة أن قدرة الجماعة على التنقل بين الخطابات تمنحها جاذبية لدى قطاعات واسعة من اليمنيين، بما فيها بعض المكونات السنية، مما يعزز شرعيتها ويصعّب محاصرتها. وترى أن الجماعة تحقق مكاسب داخلية على حساب خصومها المحليين، في الوقت الذي تفرض فيه حضورا إقليمياً في مواجهة الولايات المتحدة وإسرائيل. ومن الناحية العسكرية، يؤكد المحلل ألون بن ديفيد، أن الغارات الإسرائيلية على اليمن مكلفة، إذ لا تمتلك إسرائيل قواعد قريبة أو حاملات طائرات في المنطقة. ويقدّر تكلفة كل غارة بملايين الدولارات، بالنظر إلى المسافات الطويلة وتكاليف التشغيل والتسليح. ورغم ذلك، لا تحقق هذه العمليات الأثر الرادع المطلوب، حسب بن ديفيد، الذي يشير إلى أن الجماعة تعمل بتنظيم لا مركزي، ما يقلل من فعالية ضربات تستهدف القادة فقط. إعلان كما أن قدرة الحوثيين على التكيف كبيرة، إذ لجؤوا بعد استهداف ميناء الحديدة إلى وسائل بديلة، مثل استخدام قوارب صيد لتفريغ شحنات النفط، ما يعكس مرونة عملياتية واضحة. حسابات ما بعد غزة ورغم أن الحوثيين يربطون هجماتهم على إسرائيل بالحرب على غزة، فإن محللين يستبعدون توقف تلك الهجمات حتى لو انسحبت إسرائيل من القطاع. وترى نسيم-لوفتون، أن الجماعة تتبنى موقفاً معاديا لأي دولة تسعى للتطبيع مع إسرائيل، وقد تواصل تصعيدها في مرحلة ما بعد غزة لترسيخ صورتها مدافعة عن فلسطين. وتقترح الباحثة مساراً سياسياً داخلياً يمنح الجماعة مخرجاً مشرفاً، خصوصاً مصالحَها في البحر الأحمر و مضيق باب المندب ، وهي ملفات محورية في أي مفاوضات مستقبلية. كذلك تؤكد كيندال، أن الجماعة ستواصل عملياتها ما دامت ترى فيها وسيلة لتعزيز شرعيتها، محذرة من أن الهجمات العشوائية التي تطال المدنيين قد تأتي بنتائج عكسية، وتزيد من تعاطف اليمنيين مع الحوثيين. تهديد طويل الأمد وبحسب ليؤور بن أري، مراسلة الشؤون العربية في موقع "واي نت"، فإن القصف الإسرائيلي المكثف لم يمنع الحوثيين من مواصلة إطلاق الصواريخ. وتتساءل: ما الذي يمنح هذه الجماعة القدرة على الصمود في ظل أزمة إنسانية خانقة؟. تجيب إن الحوثيين يرفعون مطالب واضحة وغير قابلة للمساومة: وقف الحرب. فتح المعابر. إدخال المساعدات. إنهاء الحصار. وترى أن الخطر الحوثي لم يعد هامشيا بالنسبة لإسرائيل، بل يمثل تحديا أمنيا طويل الأمد، فالهجمات المستقبلية قد تكون أكثر دقة وفتكا، مما يفرض على تل أبيب إعادة التفكير في خياراتها، بعيدا عن الرهان على القوة العسكرية وحدها.