
وشم (كافر) على ذراع وزير الدفاع الأميركي يثير الجدل
خبرني - أثار وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسيث جدلًا واسعًا بعد أن كشف عن وشم جديد على ساعده الأيمن، كان مكتوبًا عليه كلمة 'كافر' باللغة العربية، التي تستخدم تاريخيًا للإشارة إلى شخص لا يؤمن بالإسلام أو يرفضه.
وقد تم الكشف عن هذا الوشم لأول مرة يوم الأربعاء خلال زيارة لقاعدة بيرل هاربر-هيكام المشتركة في هاواي، حيث نشر الحساب الرسمي لوزارة الدفاع صورًا لهيغسيث وهو يتفاعل مع الجنود.
ولفت الوشم انتباه العديد من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، ما أدى إلى اتهامات بوجود موقف عدائي تجاه الإسلام.
ويُعرّف هيغسيث نفسه كمسيحي متدين وقد عبّر عن إيمانه علنًا في العديد من المناسبات. ويُعتبر إيمانه جزءًا أساسيًا من هويته الشخصية والمهنية، وهو ما يظهر بوضوح في مجموعته من الوشوم التي يراها امتدادًا لإيمانه. ومن بين هذه الوشوم، يظهر شعار 'Deus Vult' (الذي يعني ' يشاء الله') على عضلة ذراعه، وهو شعار مرتبط بالحملة الصليبية الأولى. كما يملك وشمًا آخر يحتوي على صليب وسيف مع اقتباس من إنجيل متى (10.44)، الذي يفسره على أنه دعوة لصراع ديني.
و يقع وشم 'كافر' أسفل إحدى العبارات التي تحمل طابعًا دينيًا آخر على عضلة ذراعه.
وأثار الوشم انتقادات واسعة من بعض جماعات المناصرة ومنظمات حقوق الإنسان الأمريكية المسلمة، حيث انتقدوا استخدام كلمة 'كافر' في هذا السياق، معتبرين أن ذلك يشير إلى موقف عدائي تجاه الإسلام.
وقال نهاد عوض، المدير التنفيذي لمجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (كير)، أكبر منظمة للدفاع عن حقوق المسلمين في الولايات المتحدة، في بيان لمجلة 'نيوزويك' إن الوشم يمثل 'عداء ضد المسلمين وانعدامًا للأمن الشخصي'.
وفي حديثه في بودكاست مع شون راين في وقت سابق من العام الماضي، كشف أن أحد زملائه الجنود قد أبلغ عنه بشبهة أنه قومي أبيض محتمل بسبب أوشامه.
وأوضح أن الأمر يتعلق بوشم 'صليب القدس' الذي يعود إلى العصور الوسطى، ولكنه أيضا يملك وشما كتب عليه 'ديوس فولت' أي 'الله يشاء'- وهي عبارة استخدمها الصليبيون في العصور الوسطى.
وقالت الناشطة الفلسطينية ناردين كسواني إن هذا الوشم لا يمكن أن يكون مجرد خيار شخصي. 'حصل هيغسيث للتو على وشم كافر (أمريكي) تحت وشم 'ديوس فولت'، الشعار الصليبيّ. وهذا ليس مجرد خيار شخصي، إنه رمز واضح للإسلاموفوبيا من الرجل الذي يُشرف على حروب الولايات المتحدة.'
وأضافت 'لقد استُخدمت كلمة 'كافر' من قِبل اليمين المتطرف المعادي للإسلام للسخرية من المسلمين وتشويه سمعتهم. الأمر لا يتعلق بمعتقداته الشخصية، بل بكيفية ترجمة هذه المعتقدات إلى سياسات، كيف تُؤثر على القرارات العسكرية، وبرامج المراقبة، والتدخلات الأجنبية التي تستهدف الدول الإسلامية'.
وكتبت كسواني. 'قصفت الولايات المتحدة اليمن مؤخرًا. هذا هو التأثير الحقيقي للمسؤولين الذين يُمجدون العنف الإمبريالي. هذه الوشوم ليست بريئة، إنها تعكس السياسات التي لا تزال تقتل وتضطهد المسلمين في جميع أنحاء العالم. هذا تطبيع للإسلاموفوبيا في أعلى مستويات السلطة. ماذا يُفترض أن يعني هذا سوى أن السياسة الخارجية الأمريكية هي حربٌ صليبيةٌ ضد المسلمين'.
وقد تبنى المنادون بتفوق العرق البيض والنازيون الجدد على نطاق واسع في السنوات الأخيرة صور العصور الوسطى الأوروبية وشعاراتها، لكن هيغسيث يقول إن وشومه تعكس إيمانه ببساطة.
وقال هيغسيث، مؤلف كتاب صدر عام 2020 بعنوان 'الحملة الصليبية الأمريكية' عن صليب القدس 'إنه رمز مسيحي'.
وزير الدفاع الأميركي يثير غضب المسلمين بوشوم متطرفة pic.twitter.com/CocgxM6Uk9
— خبرني - khaberni (@khaberni) March 27, 2025
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صراحة نيوز
منذ 2 ساعات
- صراحة نيوز
الويسكي يطرق أبواب مكة والمدينة ..الخمور تدخل الحرمين بترخيص رسمي
صراحة نيوز ـ متابعة ملك سويدان في مشهد لم يكن ليخطر على بال أكثر المتفائلين بالتغييرات المتسارعة في المملكة، أعلنت السلطات السعودية عن ترخيص بيع واستهلاك المشروبات الكحولية في نحو 600 موقع مخصص، اعتبارًا من عام 2026، في خطوة وُصفت بأنها 'زلزال ثقافي' في قلب الدولة الأكثر محافظة في العالم الإسلامي. القرار، الذي تزامن مع تصاعد وتيرة الانفتاح الاجتماعي ضمن رؤية 2030، أثار حالة من الذهول والصدمة لدى قطاعات واسعة من السعوديين والعالم الإسلامي، حيث كان الحديث عن الكحول في السعودية يُقابل بالصمت أو القمع، فما بالك بترخيصها في مئات المواقع؟ وبحسب المعلومات الرسمية، فإن المواقع المخصصة ستكون 'محكومة بضوابط دقيقة' ولن تكون متاحة للعامة، بل تستهدف 'شريحة محددة من غير المسلمين' في مناطق استراتيجية، يُعتقد أنها تشمل بعض المجمعات الدبلوماسية والفنادق الفاخرة. رغم ذلك، فإن حجم الخطوة تجاوز حدود النقاش التقني. ناشطون على مواقع التواصل عبّروا عن غضبهم ودهشتهم باستخدام عبارات مثل 'هدم الهوية' و'تحويل قبلة الإسلام إلى منتجع سياحي'. وفي المقابل، رحب البعض بما وصفوه بـ'التحرر من الوصاية الدينية'، معتبرين أن السعودية 'تدخل القرن الحادي والعشرين متأخرة… ولكن بثقة'. المفارقة أن هذه التحولات تأتي من نفس الدولة التي كانت حتى وقت قريب تفرض الجلد عقوبةً لتناول الكحول، ما يطرح تساؤلات واسعة عن مستقبل العلاقة بين الدين والدولة في الخليج، وعن طبيعة 'الخط الأحمر' الجديد في بلد كانت الحمراء فيه تُرمز للخطر… لا للنبيذ. هل هي رؤية اقتصادية جريئة، أم قفزة في المجهول؟ الأكيد أن الكؤوس سترتفع في 2026، ولكن الصدى سيبقى أعلى من الرنين.


أخبارنا
منذ 4 ساعات
- أخبارنا
د. خالد الشقران يكتب : الاستقلال.. إرادة يتوجها الإنجاز
أخبارنا : تحل اليوم الذكرى المجيدة لاستقلال الأردن، لترسم بألوان الفخر ملحمة وطن رفض الانكسار، وحفر بالتضحيات طريقا نحو الحرية.. إنه اليوم الذي تحول فيه الأردن من أرض تحت الانتداب إلى دولة ذات سيادة، تحمل راية الاستقلال عاليا، وتنحت بمطرقة الإصرار مستقبلاً يليق بأبناء البلد الواحد، فالاستقلال ليس مجرد ذكرى تحكى، بل هو روح تسري في شرايين الأمة، ودليل على أن الإرادة تصنع المستحيل. الاستقلال معنى يتجاوز التاريخ ليروي قصة مجد سطرها أبطال آمنوا بالله وبالوطن، فعندما أعلن المغفور له الملك عبدالله الأول استقلال المملكة عام ١٩٤٦، لم يكن يعلن تحررا من مستعمر فحسب، بل كان يؤسس لعقد اجتماعي قائم على الحرية والمسؤولية، فالاستقلال هو انتصار للإرادة الوطنية على التبعية، وتأكيد على حق الأردنيين في تقرير مصيرهم وبناء مؤسساتهم التي تجسد هوية الأردن العربية والإسلامية.. والاستقلال كذلك رمز للكرامة الإنسانية التي رفضت الخنوع، وشعلة تضيء على الدوام درب الأجيال نحو المستقبل. لقد استند الملك المؤسس عبدالله الأول بن الحسين وهو يرفع راية الاستقلال في عمان، إلى شرعيتين: تاريخية يجذرها نسبه الذي يمتد إلى بيت النبوة، وسياسية صنعتها بطولات الثوار من أبناء القبائل العربية التي حاربت تحت قيادة والده الشريف الحسين بن علي، ولهذا كان الاستقلال تتويجا لعهد هاشمي بدأ بمحاولة إحياء «الخلافة العربية» من الحجاز، ثم تحوّل إلى تأسيس كيان سياسي في شرق الأردن، حافظ على الإسلام هوية، وعلى العروبة رسالة، وعلى الإنسان قيمة. سياسيا، أعطى الاستقلال للأردن صوتا في المحافل الدولية، فكانت قراراته تعكس مصالح شعبه، ولا ترضخ لإملاءات الخارج. ومنذ عهد المغفور له الملك المؤسس عبد الله الأول بن الحسين، شكل الأردن نموذجاً للدبلوماسية المتوازنة والحكيمة التي تجمع بين الثوابت الوطنية والانفتاح على العالم، فالأردن - بقيادة الهاشميين - حافظ على مواقف متزنة جعلته جسراً للتواصل بين الشرق والغرب، وساهم بدور محوري في تعزيز الأمن الإقليمي والدولي، وفي عهد المغفور له الملك الحسين بن طلال، طبعت هذه السياسة ببصمة استثنائية عبر الحفاظ على الحياد الإيجابي في خضم تحديات الحرب الباردة والنزاعات العربية، مع التأكيد على الحقوق الفلسطينية ودعم قضايا الأمة، مما أكسب ?لأردن مكانة مرموقة كصوت عقلاني ووسيط موثوق. وفي العهد الزاهر لجلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين، تواصلت هذه الإستراتيجية بدعم قضايا الامة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، إضافة إلى تعزيز الشراكات الدولية في مجالات مكافحة الإرهاب وبناء السلام، والريادة في الحوار بين الأديان، والنهوض بدور المملكة كقاعدة للاستقرار في منطقة مضطربة، مدعوماً بعلاقات متينة مع الدول الكبرى والمنظمات الدولية، وبمتابعة ولي العهد الأمير الحسين بن عبد الله الثاني، الذي يضفي ديناميكية جديدة لتعزيز إرث الأردن الدبلوماسي الممتد بعمق ?لتاريخ وبرؤية مستقبلية واعدة. اقتصاديا، استطاعت المملكة تحويل التحديات إلى فرص؛ فمن دولة تعتمد على المساعدات إلى نموذجٍ في الابتكار الزراعي والتكنولوجي. اما اجتماعيا، فقد حافظ الأردن على نسيجه الوطني، وكان الملاذ الآمن لكثير من الشعوب التي عانت من ويلات الحروب والصراعات؛ فاستقبل العديد من موجات اللجوء، وكان مثالا للتضامن العربي. في الجانب الثقافي، صانت المملكة تراثها كحصن للعروبة، وبالوقت نفسه شكلت أنموذجا يحتذى في الانفتاح على الحداثة مع المحافظة على القيم الأصيلة. لم يكن طريق الاستقلال مفروشا بالورود، فقد واجه الأردن تحديات جساما من حروب إقليمية إلى أزمات لاجئين، وصولاً إلى شح الموارد، لكن الأردن، بسواعد أبنائه، حوّل التحديات إلى منصات للعطاء، فالاستقلال لم يكن حدثاً عابراً، بل كان عهدا دائما بالتجدد والتزاما من القيادة والشعب مسنودا بالجيش العربي الذي شكل درع الوطن، فيما كان الشباب محركا للتقدم. اليوم، والأردن يحيي ذكرى استقلاله التاسعة والسبعين، يتجدد السؤال: كيف نحافظ على مكاسب الاستقلال؟ الجواب يكمن في الاستمرار في تنفيذ مسيرة التحديث الشاملة، وتعزيز التنمية المستدامة، وتمكين الشباب، والمضي قدما في مسيرة العدالة الاجتماعية، وخلق اقتصاد قوي، وتوفير تعليم نوعي، وكل ذلك سيقود بالتأكيد إلى تعزيز الاستقلال السياسي باستقلال تنموي، يجعل الأردن منصة للإبداع في المنطقة. إن عيد الاستقلال لم يكن يوما في وجدان الأردنيين احتفالاً بالماضي، بل إعادة إحياء لقيم التضحية والعمل، وتذكير بأن حرية الأردن لم تُنَل بالمجان، بل كانت ثمرةَ كفاح متواصل، زرع كل أردني في تربته بذور الأمل، فأصبح الاستقلال شعارا لكل يوم لا ذكرى سنوية، فليكن المستقبل امتدادا لمجد الماضي، وليكن شعارنا: «الاستقلال أمانة، والبناء مسؤولية». تاريخيا لم يكن الهاشميون يوما مجرد حكام، بل ظلوا حاملي أمانة ورسالة تاريخية انعكست بوضوح في جعل الأردن نموذجا لدولة العرب الحديثة، التي تجمع بين الأصالة والمعاصرة. فكل عام وقيادتنا وشعبنا بألف خير والأردن حر عزيز أبي شامخ، رايته خفاقة كأنها قطعة من سماء الوطن.

السوسنة
منذ 8 ساعات
- السوسنة
2030: كأس العالم… كأس العِلم
لا تخفى أهمية تنظيم كأس العالم في المغرب. لقد عجل بإنجاز مشاريع كبرى وحيوية ظلت مؤجلة منذ الاستقلال، لكن إذا لم يواز تنظيم كأس العالم في 2030 تفكير في تطوير «كأس العِلم» ستكون العلاقة غير متكافئة ولا عادلة، وأي خلل تكون له نتائج غير متلائمة، لأن أولهما عابر، أما الآخر فدائم. إن كأس العلم أساسه التعليم الذي به خرجت الأمم المتطورة من تخلفها. ولعل أكبر المشاكل استعصاء على الحل في المغرب والوطن العربي هي مشكلة التعليم. مشكلة التعليم لا تحل بقرارات وزارية. منذ الاستقلال والسياسة التعليمية مبنية على الارتجال والتجريب والتسرع. فكل وزير يأتي ليلغي ما بدأه من سبقه، ويبدأ تجربة جديدة قابلة للتجاوز بحلول وزير جديد، وكأن التعليم المغربي بلا تاريخ قابل للتطوير. يدفعنا هذا الوضع الملتبس والقائم على التخبط إلى طرح أسئلة من قبيل: ماذا نريد من التعليم؟ ومن هو المواطن الذي نسعى إلى تكوينه؟ وما هي مردودية التعليم على واقعنا ومستقبلنا؟ عندما لا نطرح هذه الأسئلة ونعمل على الإجابة عليها بناء على بحوث ميدانية تقوم بها فرق بحثية متخصصة، في ضوء ما يفرضه واقعنا وخصوصيتنا التاريخية والثقافية، سنظل ننسخ التجارب الأخرى، وعندما نفشل في تطبيقها نجرب غيرها، وهكذا دواليك.إن سؤال المواطن الذي نريد، هو السؤال الذي لم نفكر فيه بالصرامة المطلوبة. لا يتعلق الأمر بمحو الأمية، ولا بالتوظيف، ولا بالكفاءة، فهذه متطلبات لا تعلو على الضرورات المتعلقة بجوهر الإنسان الأخلاقي، لأن من دونها تكون تلك المتطلبات غير ذات جدوى. فلا معنى لمحو الأمية الأبجدية، ولا لتوظيف ولا كفاءة دون إنسان يعرف أن له واجبات عليه الاضطلاع بها على الوجه الأمثل، وأن له حقوقا عليه أن يعيها ويعمل على تحقيقها بوعي ومسؤولية. لا يتعلق الأمر بالمواد أو باللغات التي نُدرِّسها. لقد تم إحلال التربية الإسلامية محل الفلسفة بدعوى أن الأخيرة أخرجت اليسار. ولما تراجع اليسار وبرز الإسلاميون تم استدعاء الفلسفة لتواجههم. تم تعريب الرياضيات وعدنا إلى فرنستها. كانت الفرنسية مهيمنة، وبدأنا ندرس الأمازيغية، وها نحن نريد ولوج الإنكليزية، فإلى أين المسير، وقد بدأت الصينية تفرض وجودها؟لا يتعلق الأمر بالفلسفة ولا بالإنسانيات، أو اللغات، أو العلوم عامة، ولكن بكيفية جعلها مؤهلة لتنشئة أجيال قادرة على رفع التحدي الأكبر: الارتقاء بالإنسان ليكون جاهزا لخدمة الوطن ومستوعبا روح العصر الذي يعيش فيه. هذا هو الجوهر الذي يُمكنه خدمة غيره من القضايا الدائمة أو الطارئة.فكيف يمكننا مواجهة الوضع الذي يعرفه واقعنا التعليمي؟ أبتطويره ليخلق لنا المواطن الصالح؟ أم بالإبقاء على واقع التعليم مجالا للتجريب والارتجال والتسرع؟ في الحالة الأولى نكون نخطط لمستقبل أحسن. أما في الحالة الثانية فإننا نبقي على واقع غير قادرين على توقع ما يمكن أن يخلق لنا. إن التخوف من المدرسة لأنها تخلق «المواطن» لم يبق ما يبرر بقاءه في التصور السياسي العربي في الألفية الجديدة. أليس العدو العاقل خير من الصديق الجاهل؟ إن كل التصورات التي هيمنت في الستينيات والسبعينيات مع اليسار، لم يبق لها أي مبرر للاستمرار. ويمكن قول الشيء نفسه لما وقع في التسعينيات وبداية الألفية مع الإسلام السياسي. تفرض تطورات الذكاء الاصطناعي والعلوم المعرفية والصراع على الهيمنة والقدرة على المنافسة تصورات جديدة ومدروسة لممارسة مختلفة للسياسة والتعليم.لقد جربنا كثيرا من الروض إلى العالي. خلقنا المدارس الخاصة لمواجهة العمومية، وكليات متعددة الاختصاصات، وها نحن نطرح الآن مدرسة الريادة. لماذا تتعدد مدارسنا، ونميز بينها؟ ما الفرق بين التعليم العام والخاص والأخص؟ بين الكليات ذات الاستقطاب المفتوح والمغلق؟ لماذا نكوِّن نخبة من خيرة تلامذتنا وطلبتنا في معاهدنا العمومية والخاصة، ليعملوا في فرنسا وكندا وأمريكا؟ بينما نترك غيرهم دون التكوين المناسب الذي يؤهلهم للتطور ويوفر لهم العمل الملائم؟هل نكوِّن مواطنين أكفاء ليستفيد منهم وطنهم بلا تمييز؟ أم بذريعة التكوين الأفضل نُعِدّهم ليكونوا أدمغة مهاجرة؟ بينما نبقي مواطنينا الآخرين نهبا لمدرسة عمومية، دون المطلوب سواء على مستوى بنياتها التحتية أو أطرها التي لم تبق تحظى بالتقدير والإجلال، حتى صرنا نراها تتعرض للسخرية والضرب من التلاميذ، وبتنا نرى بعضها الآخر موضوعا لا يشرّف الأسرة التعليمية في وسائل التواصل الاجتماعي؟ الكل يتحمل مسؤولية ما آل إليه واقعنا التعليمي. فهل ما نقوم به لتنظيم «كأس العالم» في الكرة لا يستحق أن نضطلع به للتفكير الجاد في «كأس العلم»؟منذ الاستقلال ونحن نتحدث عن إصلاح التعليم، لكننا كلما مرّ الزمن وجدنا أن ما كان في الماضي يتطلب الإصلاح ظل أحسن مما يتحقق كلما طرح بديل جديد لما كان سابقا. تهدر أموال طائلة جدا في سبيل تطوير التعليم، لكن غياب المحاسبة والمتابعة جعل تلك الأموال تروح إلى غير سبيلها. لقد تم تدمير المدرسة العمومية، في المدينة والبادية. ولم يؤتِ التعليم الخاص ما كان يرجى منه. ماذا ننتظر من الكليات متعددة الاختصاصات؟ ومن مدرسة الريادة؟ ألم تقم المدرسة العمومية منذ الاستقلال، وحتى الثمانينيات بدورها في تكوين الأطر التي ظل يفخر بها المغرب في كل الاختصاصات؟ بل إنها ما تزال تضطلع بدورها، إلى الآن، رغم كل ما لحق بها من تهميش وتيئيس وتبئيس؟إنه دون تحديد جديد للمنظومة التربوية والتعليمية، ودون رؤية جديدة لسؤال ماذا نريد من التلميذ والطالب والمعلم والأستاذ؟ ودون تدقيق الرؤية الاستراتيجية التي نريد لتعليمنا، وما السبيل لتحقيقها سنظل ندور في حلقة مفرغة. لا أريد مقارنة تعليمنا بالصين أو أي دولة كانت في مثل واقعنا، إلى وقت قريب، ونجحت في أن تصبح دولة تفرض لغتها ونفسها عالميا.نتحدث دائما عن كون التعليم قاطرة التنمية، ونؤمن جميعا بأنه أساس التقدم. فما الذي يجعلنا عاجزين عن ترجمة هذا واقعيا. إن ما بدأت به الدولة الإسلامية إبان البعثة هي بناء المسجد ليس فقط لأداء الشعائر، ولكن أيضا لتكوين الإنسان المتعلم. ومنذ الفتح الإسلامي للمغرب كان المسجد أولا، والزاوية ثانيا منطلق تشكيل إنسان جديد كوَّن الإمبراطوريات، وحافظ على وحدته واستقلاله. وحين نقارن التعليم في تاريخ المغرب بالأندلس، نرى ابن خلدون يقف على الفرق بينهما: «فأمّا أهل المغرب فمذهبهم في الولدان الاقتصار على تعليم القرآن فقط، وأخذهم أثناء المدارسة بالرّسم ومسائله، واختلاف حملة القرآن فيه لا يخلطون ذلك بسواه في شيء من مجالس تعليمهم لا من حديث، ولا من شعر ولا من كلام العرب، فهم لذلك أقْومُ على رسم القرآن وحفظه من سواهم. وأمّا أهل الأندلس فمذهبهم تعليم القرآن والكتاب من حيث هو، إلّا أنّهم لا يقتصرون عليه فقط، بل يخلطون في تعليمهم للولدان رواية الشّعر في الغالب والتّرسل، وأخذهم بقوانين العربيّة وحفظها وتجويد الخطّ والكتاب. ويستشهد بما ذهب إليه أبو بكر بن العربي، «حيث قدم تعليم العربيّة والشّعر على سائر العلوم كما هو مذهب أهل الأندلس».تحكمت شروط في التمايز بين التجربتين على مستوى الفنون والعلوم والآداب. لكننا في العصر الحديث، وبالاستفادة من التعليم العربي والفرنسي، من خلال المدرسة العمومية العتيقة أو الأصيلة أو العصرية بتنا أمام تكوين أجيال قادرة على التحدي مغربيا وعربيا وعالميا. فهل التعليم الخاص المغربي الذي لا يعترف بالعلوم الإنسانية والاجتماعية، قادر على أن يكون بديلا عن العمومي؟أنعمْ بالمشاريع الكبرى لكأس العالم! وما أروعَ مصاحبتها بما يتصل بكأس العلم!