
القيادة الفلسطينية في مواجهة أزماتها الداخلية والتحديات الخارجية
السياسة كما هو متعارف عليها علم أو فن إدارة الدولة والسلطة وتدبير أمور الشعب أو هي القدرة على المفاضلة بين عدة خيارات وتحديات بما يخدم مصلحة الشعب أو هي القدرة على الاستجابة السريعة لمتطلبات الشعب وتوفير الأمن والأمان له داخلياً وفي مواجهة التهديدات الخارجية، وقاموس لسان العرب يعرفها بأنها (القيام على الشيء بما يُصلحه)، وهناك عشرات التعريفات الأخرى.
هذه السياسة شبه غائبة عن الحالة الفلسطينية الراهنة سواء تعلق الأمر بإدارة السلطة أو بإدارة المقاومة ومواجهة الاحتلال، وكأن الحياة السياسية عندنا تسير بقدرة قادر (على الله أو على البركة) أو تُسيرها أطراف خارجية والطبقة السياسية مجرد أدوات تنفيذ.
الخلل ليس فقط بسبب الاحتلال أو حتى الانقسام بالرغم من خطورته، وليس بسبب تعدد الأحزاب والأيديولوجيات بل أيضاً بسبب ضعف مؤسسة القيادة الجامعة الشاملة.
فبالرغم من كل الحديث عن منظمة التحرير كممثل شرعي وحيد للشعب، إلا أن هناك بونا شاسعا بين هذا التوصيف لها والواقع وفعلها الميداني حيث هناك ضعفاً وترهلاً في مؤسسة القيادة والتباساً في العلاقة بين القيادة وعموم الشعب وتردداً في اتخاذ القرارات الحاسمة في الوقت المناسب وفي المنعطفات المصيرية.
الطبقة السياسية الراهنة تشتغل بلا سياسة وتعيش حالة انتظاريه قاتلة وأضاعت فرصاَ كثيرة كان من الممكن انتهازها وعدم إضاعتها، والأمر لا يقتصر على أخطاء حركة حماس وتوابعها من الفصائل وهي أخطاء تعبر عن جهل عميق بممارسة السياسة والمقاومة، ولكن أيضاً عند منظمة التحرير والسلطة حيث تم قبل حرب الإبادة وبعدها إضاعة كثيراً من الفرص منها:
١- إجراء انتخابات عامة.
٢-اجتماع المجلس الوطني والمجلس المركزي والمؤتمر الثامن لحركة فتح.
٣-تجديد واستنهاض مؤسسات منظمة التحرير دون انتظار انضمام حركتي حماس والجهاد.
٤- حسم طبيعة العلاقة بين المنظمة والدولة والسلطة.
٥-تعزيز العلاقة بين فلسطينيي الشتات والداخل.
٦- فرصة الحفاظ على القاعدة الشعبية والتنظيمية للمنظمة وحركة فتح في قطاع غزة والضفة والشتات.
٧- التردد في مواجهة حالات الفساد والمفسدين في مؤسسات السلطة ومؤسسات المجتمع المدني، حتى وإن كانت حالات محدودة.
٨- التردد والتساهل في التعامل مع حركة حماس بعد انقلابها على السلطة ٢٠٠٧، وما زالت المنظمة مترددة في حسم الأمور مع حماس والجهاد الإسلامي حتى بعد انضمامهم لمحور المقاومة الإيراني الفارسي والجهر بموقفهم المعادي للمنظمة والسلطة.
لكل ذلك ولأن السياسة لا تعرف الفراغ فإن ضعف الفعل الفلسطيني الرسمي يسمح للآخرين التصرف بقضيتنا الوطنية سواء كانوا اليهود أو الأمريكان أو عرب، ومن هنا سمعنا عن مخطط ترامب لشراء قطاع غزة وتهجير سكانه ومخطط إسرائيل لضم الضفة الغربية ودعوات لقمة عربية بدون الفلسطينيين ومؤتمرا في الدوحة لخلق بديل عن القيادة الفلسطينية الحالية، وقد كنبنا عن كل هذه التجديدات.
وبالنسبة لمؤتمر الدوحة والدعوات لإعادة بناء وتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية وتشكيل قيادة جديدة، كتبت معارضاً لمؤتمر الدوحة المنعقد في ١٧ من هذا الشهر تحت عنوان (المجلس الوطني الفلسطيني) وهدفه المُعلن إعادة بناء واستنهاض منظمة التحرير الفلسطينية، ولم تكن معارضتنا للفكرة بحد ذاتها بل كانت المعارضة أو التحفظ على مكان الانعقاد ومصداقية بعض من تصدروا المؤتمر أو خططوا له بدون حضور.
إن انتقادنا لمؤتمر الدوحة لا يعني أن حال المنظمة بخير والقيادات الراهنة في المنظمة وحركة فتح مُبرأين من الأخطاء أو يمكنهم مواجهة التحديات المصيرية التي تهدد وجودنا الوطني برمته. وبصراحة، حال المنظمة وحركة فتح طوال العقدين الماضيين وكيفية تعاملهم مع حرب الإبادة والتطهير العرقي في القطاع والضفة لم يكن في المستوى المطلوب، مما ترك فراغاً كبيراً في ميدان العمل الوطني سمح لكل من هب ودب بالتطاول على المنظمة والتدخل بشؤوننا الداخلية.
إن كان مؤتمر الدوحة فاشل أو سيفشل في تحقيق أهدافه كما فشلت كل المحاولات السابقة كما يقول منتقدوه إلا أنه حرك مياهاً راكدة وطرح تساؤلات كبيرة حول المصير الوطني وقد تساعد مخرجاته على تشجيع مزيد من الحراك الشعبي، وقد لا يتوقف منظموه عند البيان الختامي وتشكيل لجان بل سيكون له ما بعده من مفاعيل محليا وربما أبعد من ذلك، مما يزيد من ارباك الوضع الداخلي وتشرذمه.
وعليه على القيادة الرسمية والشرعية للمنظمة التحرك لعقد مؤتمر أو مجلس وطني بأعداد تفوق عدد المؤتمرين بالدوحة، وأن تخرج من مربع التخوين أو التشكيك بكل من يطالب بالإصلاح أو ينتقد النهج السياسي للقيادة، وأن تًعيد النظر بسياسة الفصل والإحالة للتقاعد لكل من ينتقد قراراتها.
نؤكد مرة أخرى على التزامنا بمنظمة التحرير كممثل شرعي وحيد لشعبنا وأن حركة فتح تمثل الوطنية الفلسطينية ورأس حربة في مواجهة أعداء المشروع الوطني وما زال عليها الرهان في استنهاض المنظمة وكل الحالة الوطنية، ولكن الشعب يريد أن يرى أفعالاً ذات مصداقية وليس مجرد خطاب جامد ومكرر يؤكد على التمسك بالثوابت والمرجعيات، التي لم يعد غالبية الشعب وخصوصاً الجيل الجديد يعرفون ما هي.
ما جرى ويجري في قطاع غزة وفي الضفة من حرب إبادة وتطهير عرقي صهيونية أمريكية أكبر من قدرة منظمة التحرير لوحدها على مواجهتها أيضا من قدرة فصائل المقاومة المسلحة بعدما رأينا ما آل إليه محور المقاومة، والأمر يحتاج لتكاثف كل الجهود الوطنية وحتى العربية والدولية لمواجهتها.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


قدس نت
منذ 11 ساعات
- قدس نت
الاحتلال يصادر أموال الفلسطينيين في غزة: كيف تدير إسرائيل أكبر عملية نهب مالي منذ بدء الحرب؟
كتبت صحيفة هآرتس العبرية تحت عنوان:' 100 مليون شيكل نقداً، و5600 قطعة سلاح، هذه غنائم الجيش الإسرائيلي في الحرب على غزة'، وفي بيان نشره الجيش الإسرائيلي جاء فيه، 2600 قطعة سلاح خفيف، وحسب التقديرات الجيش الإسرائيلي قتل 20 ألف مسلح خلال الحرب، بيانات نشرت بعد دعوى تقدمت بها جمعية إسرائيلية تحمل اسم 'جمعية النجاح'. المعطيات الرقمية التي نشرها الجيش الإسرائيلي الأربعاء 21-5-2025 حول ما سماه الغنائم من قطاع غزة خلال الحرب ستثير الكثير من التساؤلات قياساً بالأرقام المُعلن عنها عن عدد قتلى حماس منذ بداية الحرب، التقديرات بأن عدد القتلى من حركة حماس وصل ل 20 ألف، وعدد الأسرى الأمنيين وصل ل 7000 أسير، بالإضافة إلى 2600 قطعة سلاح خفيف، ما يؤشر على أن عدد قليل من سلاح عناصر حماس الذين قتلوا أو أسروا أخذ كغنائم من قبل الجيش الإسرائيلي. وتابعت هآرتس العبرية: من تتبع مليارات الدولارات القطرية التي دخلت لقطاع غزة في العشر سنوات التي سبقت حرب السيوف الحديدية وتوقع أن يعثر عليها خاب ظنه بعد تقرير الجيش الإسرائيلي الذي تم الكشف عنه بعد الاستئناف الذي تقدمت به 'جمعية النجاح لتعزيز المجتمع العادل'. حسب تقرير الجيش الإسرائيلي، منذ أيلول 2023 وحتى نهاية العام 2024 عثر الجيش الإسرائيلي على 100 مليون شيكل في قطاع غزة، منها 15 مليون ضبطت في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام 2023، و87 مليون شيكل في الأشهر الثلاثة الأولى من العام 2024، والتي كان فيها العملية البرية الأولى في قطاع غزة، وهذه المبالغ تثير أسئلة، إن تبقت أموال في غزة، وأين مخبأة هذه الأموال. إلى جانب الغنائم النقدية، تضاف 2600 قطعة سلاح خفيف تم ضبطها على يد الجيش الإسرائيلي، غالبيتها في الأشهر الثلاثة الأولى من الحرب، و130 سلاح على علاقة بالصواريخ وقذائف الهاون، و105 مركبات، وهنا أيضاً، غالبية الغنائم ضبطت في الأشهر الأولى من الحرب. وعن تكلفة الأسلحة التي ضبطت في قطاع غزة كتبت هآرتس، ثمن قطعة السلاح الخفيف يتراوح ما بين 10 إلى 20 ألف شيكل، التقديرات بأن تكلفة السلاح الذي ضبط في قطاع غزة حوالي 40 مليون شيكل، تكلفة قذيفة إنتاج ذاتي لحركة حماس 1000 دولار، ما يعني تكلفة الغنائم في هذا القطاع مئات آلاف الشواقل. وحسب المعطيات التي قدمها الجيش الإسرائيلي ل 'جمعية النجاح'، حتى الآن لم تعيد إسرائيل أيٍ من الغنائم لأي طرف، الأموال النقدية التي يتم ضبطها، يتم عدها وتحويلها لقسم المالية في وزارة الحرب الإسرائيلية، أما الأسلحة التي يتم ضبطها يتم تسجيلها في مخزون الجيش الإسرائيلي، ومنها ما ينقل لقسم الأبحاث الأمنية في الجيش الإسرائيلي. وعن لبنان كتبت الصحيفة العبرية: في لبنان لم يصل الجيش الإسرائيلي للمؤسسات المالية لحزب الله، وعليه لم يتم ضبط أموال نقداً، ولكن كميات الأسلحة التي وقعت في يد الجيش الإسرائيلي خاصة في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام 2024خلال العملية العسكرية البرية في لبنان أكبر بكثير من تلك التي ضبطت في قطاع غزة، ضبط في لبنان 3000 قطعة سلاح خفيف، و4400 سلاح بعيد المدى، و22 مركبة، والتقديرات أن 4000 عنصر من حزب الله قتلوا على يد الجيش الإسرائيلي. الساحة السورية كانت أقل الساحات من حيث حجم الغنائم، 172 قطعة سلاح خفيف وقعت في يد الجيش الإسرائيلي، و569 سلاح بعيد المدى، وفي الضفة الغربية لم يكن للجيش الإسرائيلي أية غنائم. وبعيداً عما ذكرته صحيفة هآرتس العبرية والذي جاء فيه أن الجيش الإسرائيلي لم يأخذ غنائم من الضفة الغربية، كانت صحيفة يديعوت أحرنوت قد ذكرت قبل عدة أيام في تقرير لها عن الحالة الأمنية في الضفة الغربية، أن الجيش الإسرائيلي صادر منذ بداية الحرب على غزة من الضفة الغربية 46 مليون شيكل كانت مخصصة لجماعات المقاومة الفلسطينية، وتلك المصادرات كانت من 23 محل صرافة في الضفة الغربية، ولكن لم يصنفها الجيش الإسرائيلي كغنائم كما هو الحال في قطاع غزة. المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - قطاع غزة


فلسطين أون لاين
منذ 14 ساعات
- فلسطين أون لاين
حماس: الدعوات الاستيطانية لاقتحامات المسجد الأقصى تستوجب النفير لحمايته
أكد القيادي في حركة حماس هارون ناصر الدين، أن نشر ما يسمى "اتحاد منظمات الهيكل" مقطعاً تحريضياً يضم 13 حاخاماً من أبرز قادة الصهيونية الدينية، وهم يدعون إلى اقتحام المسجد الأقصى بكثافة بعد غد الإثنين، يأتي في إطار حرب الاحتلال الدينية المستمرة لتهويد مدينة القدس. وشدد ناصر الدين على أن الدعم اللامحدود الذي توفره حكومة الاحتلال المتطرفة وحمايتها للمستوطنين، هو ما يحفزهم على تصعيد هجماتهم على المسجد الأقصى المبارك، في ظل حالة العجز واللامبالاة التي تحياها أمتنا العربية والإسلامية تجاه ما يحدث لأولى القبلتين وثالث الحرمين. وأشار إلى أن هذا العدوان المتصاعد وهذه المخططات التهويدية الخبيثة يجب أن تواجه بكل الوسائل وعلى كافة المستويات، فهذا هو التحدي الحقيقي والمسؤولية الدينية والتاريخية والأخلاقية لكل مسلم حر في هذا العالم. وأوضح ناصر الدين أن ما يحدث من مجازر وجرائم صهيونية في غزة والضفة والقدس تستوجب التحرك والنفير شعبياً ورسمياً، لصد العدوان ولجم الاحتلال عن قتله وتنكيله وتدنيسه للمقدسات ومحاولاته لفرض وقائع جديدة في المسجد الأقصى. وأهاب القيادي في حماس ببجماهير شعبنا في الضفة الغربية والداخل المحتل إلى استمرار الحشد والرباط في باحات المسجد الأقصى، كما دعا جماهير الأمة العربية والإسلامية إلى بذل كل جهد في سبيل نصرة قضيتنا العادلة. المصدر / فلسطين أون لاين


معا الاخبارية
منذ 20 ساعات
- معا الاخبارية
"مختطفون يصرخون على وقع القصف".. الإسرائيليون يتلقون مكالمات من أرقام مجهولة
بيت لحم- معا- اشتكى الإسرائيليون من مكالمات هاتفية تلقوها من أرقام مجهولة، بما في ذلك تسجيلات لاسرى يصرخون على وقع أصوات القصف في غزة. واكدت قيادة عائلات المخطوفين أن "هذه المحادثات والتسجيلات ليست لصالحنا. خلال ساعات الليل بين الجمعة والسبت، أفاد عدد من المستخدمين بتلقيهم مكالمات من أرقام مجهولة، سمعوا خلالها أصواتًا توحي بعمليات اختطاف، إنذارات، وانفجارات. وذكر أحد المتصفحين أنه سمع خلال المكالمة صوتًا يقول: "هناك رهائن في غزة، ماذا تنتظرون؟" من جهتها، باشرت وحدة الأمن السيبراني التحقيق لتحديد مصدر هذه المكالمات. وبحسب صحيفة يديعوت احرنوت فقد تضمنت المكالمات تسجيلات يُعتقد أنها لمختطفين يصرخون رعباً على وقع أصوات القصف الإسرائيلي، بالإضافة إلى مقاطع مأخوذة من تسجيلات مصورة سبق أن نشرتها حركة حماس. وقال أحد مستخدمي الإنترنت: "خلال الليل، تلقى العديد من الإسرائيليين مكالمات هاتفية، ومن رد على المكالمات سمع اصوات الرهائن". كتب آخر: "في الساعة 9:56 صباحًا، تلقيت اتصالًا من رقم مجهول، كان هناك صوت إنذار، وصراخ، وشخص يتحدث عن الرهائن الموجودين في غزة، بلهجة غير عربية.