سيدنا: صوت الأردن وضميره المسموع في أوروبا
في زمنٍ تتنازع فيه الأصوات، وتضيع الحقيقة بين ضجيج السياسة وتطرف الفكر، ارتفع صوت من قلب الشرق، صوت يحمل الصدق والاتزان، هو صوت الأردن.
لقد وقف جلالة الملك عبدالله الثاني، سيد البلاد وضميرها، بعد خمس سنوات بنفس المكان في قلب أوروبا، أمام البرلمان الأوروبي في مدينة ستراسبورغ، ليخاطب العالم بلغة العقل والحكمة، حاملاً همّ أمته، وناطقاً بإسم الإنسانية جمعاء.
في ذلك الخطاب التاريخي، لم يكن الملك عبدالله مجرد زعيمٍ يتحدث إلى برلمان، بل كان صوت الاعتدال في وجه التشويه ، ليمثل أمةً بكاملها؛ أمةٌ أرهقها العنف، وأثقل كاهلها اللجوء، لكنها لم تفقد إيمانها بالحوار والتعايش.
تحدث جلالته عن الإسلام، لا كدين فحسب، بل كحضارة إنسانية عظيمة، شوهها المتطرفون وضلل بها الجهلة. أكّد أن من يرتكب الجرائم بإسم الدين لا يمثل إلا نفسه، وأن على العالم أن يميز بين حقيقة الإسلام وبين من يحاولون تزييفه.
ولأن الأردن وطن صغير بحجمه، كبير برسالته..
جاء صوت جلالة الملك قوياً، لكنه مفعم بالتواضع، حين وصف الأردن بأنه بلد محدود الموارد، لكنه غني بقيَمه، فهو وطن احتضن ملايين اللاجئين، وصمد في وجه الأزمات، ورفض الانزلاق إلى الفوضى، لأنه مؤمن بأن الأمن لا يأتي بالقوة وحدها، بل بالعدل، وبفتح أبواب الأمل أمام الشعوب.
ما ميّز خطاب جلالة الملك في أوروبا، هو أنه لم يكن خطاباً رسمياً جامداً ، بل كان رسالة إنسانية قبل أن تكون سياسية بقلبٍ نابضٍ بالحكمة والرحمة حيث تحدّث عن مسؤولية العالم تجاه المستضعفين، وعن ضرورة أن تقف الدول الكبرى مع الدول التي تحمل عبء الأزمات، لا أن تتركها تواجه مصيرها وحيدة.
كان خطابه صدى لصوت الأردنيين، الذين آمنوا دومًا بأن وطنهم، رغم صغره الجغرافي، يحمل رسالة إنسانية عظيمة، حيث تميز الخطاب الملكي بضمير ناطق بإسم الحق في قاعةٍ تمثل شعوب أوروبا، كان صوت جلالة الملك عبدالله الثاني ضمير عربي ناطق بالحق، هذا الضمير لم يساوم يوماً ، ولم يهادن، بل قال الحقيقة كما هي، بكل شجاعة واتزان، تحدّث عن ضرورة بناء تحالفات إنسانية، وعن دور القادة في توجيه الشعوب نحو السلام، لا الكراهية.
عندما يُسمع صوت سيدنا في أوروبا، فذلك لم يكن مجرد خطاب سياسي عابر فحسب ، بل لحظة فارقة أكدت أن الأردن له صوت، وله سيد، يسمعه العالم ويحترمه، لقد عبّر الملك عبدالله الثاني عن ضمير الوطن، عن أمله، عن صبره، وعن رسالته، فكان بحق سيدنا، صوت الأردن وضميره المسموع في أوروبا، ورمزاً للقيادة التي تؤمن بأن الكلمة الصادقة أقوى من كل سلاح.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

عمون
منذ 33 دقائق
- عمون
فصل الخطاب
في ظل تراجع دور المؤسسات الدولية التي تصون حزمة القيم العالمية التي اتفقت البشرية على قدسيتها بعد مئات السنين من الصراعات العبثية والحروب والاحتكاك الانساني، جاءت كلمة جلالة الملك عبدالله الثاني أمام البرلمان الأوروبي. "هذا التراجع الحضاري والإنساني والقيمي الذي يدفع بتسارع مضطرد نحو تصدع منظومة التفاعل الإنساني التي تربط الشعوب، وقبل وقوع الكارثة العالمية لا قدر الله وقف جلالة الملك عبد الله الثاني أمام البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ ليس للدفاع عن الأردن والمنطقة العربية فحسب، بل ليوقظ الضمير العالمي ليصحو من سباته قبل أن يسقط القانون الدولي الجامع للأمم الحرة وقبل أن تنهار منظومة السلم العالمي. فجاء الخطاب بتوقيته الحرج ليضع الدول القادرة على صنع القرار الدولي امام مسؤولياتها الاخلاقية والقانونية، فالجميع مسؤول عن حالة الفوضى والدمار التي تعيشها منطقتنا،وان الجميع مسؤول عن انهاء هذه الفوضى. قبل أن تتسع دوائر النار لتلتهم كل شيء، فهذا الصمت المريب هو ما يحول المجتمع الدولي الى شريك بالجريمة كما أشار جلالته عندما قال: "إذا فشل مجتمعنا العالمي في التصرف بشكل حاسم، فإننا نصبح متواطئين في إعادة تعريف معنى أن تكون إنساناً". لقد جاء هذا الخطاب المفصلي في ظل ظروف اقليمية ودولية عاصفة جعلت الدول المؤثرة تنكفيء على ذاتها وتنعزل عن المحيط العالمي. لذلك شاهدنا جميعاً كيف أن صوت جلالة الملك عبدالله الثاني كان ينطق باسم جميع الشعوب التي غاب صوت من يمثلها ، وهو ذات السبب الذي دفع المجتمع الغربي للبحث صوت الحكمة في إقليم ملتهب وفي ظرف استثنائي كان الجميع يبحث فيه عن منارة وسط الأمواج المتلاطمة من الأزمات، فالجميع كان يبحث بين كلمات جلالة الملك عن خارطة طريق لتجاوز الحالة المستعصية التي نعيشها جميعاً. حيث أعاد جلالته للوعي العالمي الأسس التي تجمعنا في ظل انتشار خطاب الموت والكراهية والاقصاء والجشع، مذكراً أن السلام هو أساس البناء الإنساني : 'أن الحضارات لم تُبنَ بالحروب، بل بالقيم والمبادئ". والسلام لا يُفرض بالقوة، بل يجب أن يقوم على العدالة واحترام القانون الدولي وهنا ذكر اصحاب الدار كيف عادت أوربا للحياة بعد الحرب العالمية الثانية التي ابتعلت عشرات ملايين الضحايا وبنائها للسلام على أسس التعاون والكرامة الإنسانية، وهنا بين للجميع أن الخيار السهل هو الحرب وأن السلام الذي اختاره الأردن هو الطريق الوعر والاصعب ويحتاج الى الشجاعة 'لقد سلكنا طريق السلام من قبل، ويمكننا أن نسلكه مجددًا إذا تحلّينا بالشجاعة". لقد كان حديث جلالة الملك عبدالله الثاني أكبر من خطاب فقد ارتقى ليكون مرافعة تاريخية شملت كل قضايا المرحلة وشخصت الحالة بدقة وقدمت دعوة صريحة لكل الأطراف لتضطلع بدورها الحقيقي والتحرك الجاد نحو إيقاف الفوضى قبل أن تبتلع الجميع.


جفرا نيوز
منذ 42 دقائق
- جفرا نيوز
الحرب "التاريخية" مع إسرائيل، حرب دين أم إنسان؟
جفرا نيوز - بسمة الفارس الحرب التاريخية بين إسرائيل، وبدايةً إلى العالم كافة، حتى أصبحت محصورة بين إسرائيل و فلسطين، ما طبيعة الخلافات التاريخية بين اليهود، وكل من المسلمين والمسيحيين ؟ هل الخلاف مع إسرائيل ديني ؟ وهل تمثل إسرائيل في العهد الحديث الديانة اليهودية ؟ تقول الرواية التاريخية الإسلامية إن الدولة الغسلامية كانت في حالة نزاع دائمة مع اليهود (يهود الديانة)، في محاربتهم ليهود الجزيرة العربية، مثل بني قريظة، وبني قينقاع، وبني النضير وغيرهم. ورغم محاولات الإسلام لإحلال السلام مع اليهود من خلال المعاهدات التي فرضت الجزية على القبائل اليهودية مقابل المعيشة تحت الحكم الإسلامي، أو أنهم كانوا مخيرين بين المعاهدات ومغادرة البلاد. أما الرواية التاريخية المسيحية بشأن النزاع مع اليهود فتقول الرواية المسيحية إن معاداة اليهود بدأت منذ نشأة الديانة المسيحية وانتشارها بين يهود الديانة، كانت فتيل اشتعال هذه العلاقة مع صلب اليهود للمسيح، واستمرت هذه العلاقة المشحونة مروراً بحقبات تاريخية عدة، مثل قيام ذو نواس اليهودي بقتل آلاف المسيحيين الذين عاشوا في اليمن، إلى أ، انقلبت الموازين بدايةً من القرن الرابع ، حيث أخذت المسيحية باضطهاد اليهودية، ما برز من خلال طرد اليهود من الاسكندرية، وعاشوا خلال فترة الامبراطورية البيزنطية خارج المدن الكبرى، وصولاً إلى الفترة الحاسمة بين المسيحيين واليهود، استمراراً حتى منتصف القرن العشرين حتى "الهولوكوست" أو المحرقة التي منهجهها أدولف هتلر في ألمانيا لحرق اليهود، ولم تخلُ االمجتمعات المسيحية، وخصوصاً في أوروبا من اضطهاد وتهميش اليهود. في الحقيقة، قبل أن تنشأ دولة إسرائيل في الثامن والأربعين من القرن العشرين، نشات الصهيونية، بعد تخطيط طويل المدى، بدايةً من مؤتمر بازل، سويسرا ، المؤتمر الذي ضم عدداً من كبار اليهود في أوروبا، وتم في سبيعنات القرن التاسع عشر، اقترح هرتزل المقترح الصهيوني للمرة الأولى، المقترح الذي ضم وطناُ بديلاُ ليهود أوروبا، بعد شعورهم بالظلم والاضطهاد بين المسيحيين في أوروبا، وكانت الخطة دقيقة، لتشمل حجة مقنعة لليهود ليترحلوا إلى هذا الوطن البديل، وكانت تنفيذ هذه الذريعة بإقحام الدين اليهودي في خطة الرحيل، للتحايل على عاطفة هذا المجتمع المتدين، بإقناعهم بأن هذا نضال ديني، وأن قتل أي شخص يدين بديانة غير اليهودية يستحق القتل، حتى وإن كان طفلاً، بحسب المزاعم الصهيونية، ونجحت هذه الخطة لإقناع المجتمع اليهودي، وتم اختيار الوطن البديل بعد وضع عدة احتمالات، ووقع الاختيار على فلسطين التاريخية، استنادً بشكل رئيسي إلى عامل الموقع الجغرافي، الذي سيساعد في النمو الاقتصادي لهذا الوطن البديل. في الشؤون الدولية، ليس الدين من عوامل قيام الدول، إنما ما يحدث في دولة إسرائيل هو على العكس تماماً، تُعطى الجنسية الإسرائيلية لأي مواطن في العالم إذا كانت ديانته الديانة اليهودية، وهو الأمر الذي يثبت أن هذه الدولة تعتمد بشكل محوري على الدين لاستقطاب المواطنين، استعطافهم، واستمالتهم لتشجعهم على معاداة غير الديانة اليهودية، ومع الأسف استطاع هذا النظام أن يخدع العقول، ويوهم الناس بأن هذه حرب دينية، وأن الفلسطينيين يحاربون بسبب الدين، ما يجعل هذه الحرب الإنسانية حصراً على المسلمين، وفي بعض الأوقات المسيحيين، ويمنع "الإنسان" من أي عرق أو أي دين آخر بالتضامن مع هذه القضية الإنسانية.


عمون
منذ ساعة واحدة
- عمون
الصدى الدبلوماسي العالمي لخطاب الملك امام البرلمان الاروبي
كان خطاب الملك عبد الله الثاني خطابًا شاملاً استهلّه بالتعريف بأزمة فقدان القيم، ثم نبه إلى خطورة تمدد الصراع إلى إيران، ومضى ليؤكد على شرعية الشعب الفلسطيني ودور الأردن التاريخي، جاءت الخطوة محسوبة بدبلوماسية راقية، موسومة بالواقعية والقيم، وكانت بمثابة إنذار لبروكسل كي تلعب دورًا أكثر فاعلية، التأثير ظهر فورًا، دوليًا وإقليميًا: تحذير للمتشددين، وتحفيز لأوروبا على اللعب برؤية سياسية لا أمنية فقط، ومن ابرز ماجاء بالخطابات التاريخية مايلي : فقدان البوصلة الأخلاقية العالمية وصف جلالة الملك العالم بأنه «ضائع بلا جاذبية أخلاقية»، مستشهداً بتسلسل الأزمات المستعصية، بدءًا من الحرب على غزة، وتعاظم التدخلات بين إسرائيل وإيران، إلى انتشار المعلومات المضللة وهذه دعوة صريحة لأوروبا لاعتماد نهج يرتكز على القيم الدولية العليا وليس على المصالح المؤقتة. التحذير من التوسع في الحرب لفت جلالة الملك إلى تصاعد العمليات الإسرائيلية إلى إيران، مشيرا إلى أنه لا يمكن تحديد نطاق هذه المواجهة «الآن ذلك ، سينال من الجميع»، مما يزيد خطر التصعيد الإقليمي وهذا بمثابة إنذار لمستقبل مجهول ما لم تُعالج الأزمة بنظرة ضابطة ومسؤولة. التأكيد على الدولة الفلسطينية المستقلة كما شدّد جلالة الملك على حق الشعب الفلسطيني في الحرية والسيادة وإقامة دولة مستقلة ، مشيراً إلى أن ما يجري «ينافي القانون الدولي» . و هذه رسائل واضحة بأن الشرعية الدولية هي الأساس لأي حل دائم. النهج القيمي كحل دائم شدّد جلالة على أن «الأمن لا يَكمن في القوة العسكرية ، بل في القيم المشتركة»، وبيّن أن أوروبا بعد الحرب العالمية أعادت البناء على قيم من اهمها: كرامة الإنسان، القانون، والتعاون ، ودعوة لاستلهام تجربة الاتحاد الأوروبي في بناء سلام مستدام. الدور التاريخي للأردن كما سلّط الضوء على دور الأردن كحافظ لتنوّع الديني في القدس الشريف ومكانتها، بوصفه حارسًا للمقدسات المسيحية والإسلامية ، وترسيخ موقع الأردن كطرف معتدل وموثوق في المنطقة. ما الصدى الدبلوماسي العالمي لخطاب جلالة : ففي أوروبا: ردود فعل دبلوماسية لافتة، إذ وصفت صحف ومحللون الخطاب بالواقعي والصريح، مطالبين باتخاذ موقف أوروبي أقوى تجاه الأزمات. •اماعربيا: أعيد تسليط الضوء على الأردن كفاعل محوري بين الغرب والعرب، مساندة للقانون الدولي والناطق باسم القضية الفلسطينية. •ودوليا: بدا الخطاب وكأنه محاولة لتغليب العقل على العنف في ظل مخاوف من اتساع رقعة الحرب لتشمل إيران ودول أخرى. اما أثر خطاب جلالة الملك على الصراع الإسرائيلي– الإيراني بلورة هشّة للتحذير الدولي: التوسع قد يبدأ بإسرائيل وإيران لكنه «سيطال الجميع»، يعيد الملك جرس الإنذار إلى الساحة الدولية ومسؤولي رعاية الاستقرار، دعوة اقتصادية وسياسية لأوروبا : وهذه رسائل مؤثرة للتعجيل بالتدخل السياسي مقابل النموذج الأوروبي، خصوصًا في ظل احتمالات ضخّ السلاح أو الدعم ليس فقط دبلوماسيا بل أيضاً عسكريا ، تعزيز مكانة الاردن كوسيط :تعزز الأردن بموقعه المتوازن كمنصة لحوار لا عسكري، يمكن أن يكون له دور فعّال في كبح التصعيد، وبخاصة قبل أي ضربة محتملة لإيران مثل منشآت فردو. وهكذا يعيد الاردن بقيادة جلالة الملك دوره كلاعب مهم في المنطقة بخطوات محسوبة بدبلوماسية راقية، موسومة بالواقعية والقيم، وكانت بمثابة إنذار لبروكسل كي تلعب دورًا أكثر فاعلية و التأثير ظهر فورًا، دوليًا وإقليميًا: تحذير للمتشددين، وتحفيز لأوروبا على اللعب برؤية سياسية لا أمنية فقط .