فصل الخطاب
في ظل تراجع دور المؤسسات الدولية التي تصون حزمة القيم العالمية التي اتفقت البشرية على قدسيتها بعد مئات السنين من الصراعات العبثية والحروب والاحتكاك الانساني، جاءت كلمة جلالة الملك عبدالله الثاني أمام البرلمان الأوروبي.
"هذا التراجع الحضاري والإنساني والقيمي الذي يدفع بتسارع مضطرد نحو تصدع منظومة التفاعل الإنساني التي تربط الشعوب، وقبل وقوع الكارثة العالمية لا قدر الله وقف جلالة الملك عبد الله الثاني أمام البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ ليس للدفاع عن الأردن والمنطقة العربية فحسب، بل ليوقظ الضمير العالمي ليصحو من سباته قبل أن يسقط القانون الدولي الجامع للأمم الحرة وقبل أن تنهار منظومة السلم العالمي.
فجاء الخطاب بتوقيته الحرج ليضع الدول القادرة على صنع القرار الدولي امام مسؤولياتها الاخلاقية والقانونية، فالجميع مسؤول عن حالة الفوضى والدمار التي تعيشها منطقتنا،وان الجميع مسؤول عن انهاء هذه الفوضى.
قبل أن تتسع دوائر النار لتلتهم كل شيء، فهذا الصمت المريب هو ما يحول المجتمع الدولي الى شريك بالجريمة كما أشار جلالته عندما قال: "إذا فشل مجتمعنا العالمي في التصرف بشكل حاسم، فإننا نصبح متواطئين في إعادة تعريف معنى أن تكون إنساناً".
لقد جاء هذا الخطاب المفصلي في ظل ظروف اقليمية ودولية عاصفة جعلت الدول المؤثرة تنكفيء على ذاتها وتنعزل عن المحيط العالمي.
لذلك شاهدنا جميعاً كيف أن صوت جلالة الملك عبدالله الثاني كان ينطق باسم جميع الشعوب التي غاب صوت من يمثلها ، وهو ذات السبب الذي دفع المجتمع الغربي للبحث صوت الحكمة في إقليم ملتهب وفي ظرف استثنائي كان الجميع يبحث فيه عن منارة وسط الأمواج المتلاطمة من الأزمات، فالجميع كان يبحث بين كلمات جلالة الملك عن خارطة طريق لتجاوز الحالة المستعصية التي نعيشها جميعاً.
حيث أعاد جلالته للوعي العالمي الأسس التي تجمعنا في ظل انتشار خطاب الموت والكراهية والاقصاء والجشع، مذكراً أن السلام هو أساس البناء الإنساني : 'أن الحضارات لم تُبنَ بالحروب، بل بالقيم والمبادئ".
والسلام لا يُفرض بالقوة، بل يجب أن يقوم على العدالة واحترام القانون الدولي وهنا ذكر اصحاب الدار كيف عادت أوربا للحياة بعد الحرب العالمية الثانية التي ابتعلت عشرات ملايين الضحايا وبنائها للسلام على أسس التعاون والكرامة الإنسانية، وهنا بين للجميع أن الخيار السهل هو الحرب وأن السلام الذي اختاره الأردن هو الطريق الوعر والاصعب ويحتاج الى الشجاعة 'لقد سلكنا طريق السلام من قبل، ويمكننا أن نسلكه مجددًا إذا تحلّينا بالشجاعة".
لقد كان حديث جلالة الملك عبدالله الثاني أكبر من خطاب فقد ارتقى ليكون مرافعة تاريخية شملت كل قضايا المرحلة وشخصت الحالة بدقة وقدمت دعوة صريحة لكل الأطراف لتضطلع بدورها الحقيقي والتحرك الجاد نحو إيقاف الفوضى قبل أن تبتلع الجميع.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

عمون
منذ 43 دقائق
- عمون
جلالة الملك في أوروبا: حين يكون السلام موقفًا
قبل خمس سنوات، وقف جلالة الملك في ذات القاعة، يطلب من العالم أن يتذكّر أن العدالة لا تُؤجَّل، وأن السلام لا يكون إلا حين تُصان الكرامة الإنسانية، وأن المنطقة لم تعد تحتمل انتهاكًا لحقوق الإنسان. واليوم، يعود الملك إلى أوروبا ليُعيد التذكير بأن ما تم تجاهله آنذاك، كلّف العالم أثمانًا مضاعفة على الصعيدين الإنساني والسياسي. خطاب جلالة الملك أمام البرلمان الأوروبي كان تتويجًا لموقف طويل، يُقال فيه ما يلزم قوله في زمن يتقدّم فيه العالم نحو مستقبل غامض: تكنولوجيا تنفلت من التنظيم، شباب يواجهون انسداد الأفق، وقضايا عادلة تتآكل تحت وطأة الانحيازات. في هذه اللحظة السياسية الحرجة، استدعى الملك المغطس، ليس كموقع أثري فقط، بل كأثر حيّ على ما يمكن لدولة ذات مضمون روحي تحترم التعددية أن تقدّمه للعالم. من العهدة العمرية إلى رعاية المقدسات، ومن المغطس إلى ستراسبورغ، روى الأردن سيرة دولة تحفظ التنوع، تحمي الآخر، وتبني السلام كأسلوب حياة. وحين تحدث جلالة الملك عن القيم المشتركة بين الأديان، كان يؤكد على ما التزمه الأردن في أصعب المراحل: ثبات الرؤية، ووحدة النبرة. أوروبا التي اختارت طريق السلام بعد الحرب العالمية الثانية، كانت حاضرة في الخطاب كموقع له دور أساسي في الحفاظ على توازن عالمي مستقر. ولهذا شدد جلالة الملك على أن الأردن جاهز ليقدم شراكة استراتيجية في الرؤية، وفي تحديد معايير التعامل مع الأزمات. الشراكة، كما قدمها الخطاب، هي تقاطع استراتيجي في فهم أعمق لشكل العالم المنشود. وفي الترحيب الأوروبي بالملك، إشارات واضحة لثقة دولية بدور الأردن في استضافة اللاجئين، ومواجهة أزمات معقدة دون التخلي عن المبادئ. أما الحديث عن فلسطين، فقد كان ترسيخًا لمسؤولية عالمية لا يجوز التهرب منها. أوروبا تملك من التجربة ما يُمكّنها أن تكون مرجعية للتوازن، والأردن أكد استعداده ليكون شريكًا حقيقيًا في هذه المهمة. وفي لحظة غياب القانون الدولي تحت ركام الأحداث، جاءت لغة الخطاب حاسمة في وصف المجاعات، والاحتلال، والاستهداف المنهجي. فالمعركة لم تعد جيوسياسية فقط، بل أخلاقية في جوهرها. ووسط الحروب، تبقى تلك الأرض راسخة تحرس القيم، لا تقبل أن يكون جوّها معبرًا لحرب. جلالة الملك ثبّت هذا النهج في مواقف متعددة، مؤكدًا في أكثر من مناسبة أن المجال الجوي الأردني هو امتداد لسيادة تنطلق من الأخلاق، لا الحسابات فقط. انتهت الكلمة، ولكن بقيت كل كلمة حاضرة لكل من سمعها. لأن كل من تابعها، شعر أن جلالة الملك لم يكن فقط يقدّم موقفًا أردنيًا، بل يُعيد طرح السؤال الجوهري: ماذا تبقّى من ضمير العالم؟ وكيف يمكن لدولة ذات إرث ورسالة أن تحافظ على بوصلتها الأخلاقية وسط كل هذه التحديات؟ والجواب كان في الخطاب ذاته: حين تختار دولة أن تدفع كلفة السلام، وأن تقول ما تؤمن به بثبات وكرامة، فإن حضورها يُقاس بثقة العالم في مبادئها التي ظلّت صامدة وسط أزمة المصالح. وهذا ما قاله الملك في ستراسبورغ. وهو ما يفعله الأردن… في كل مرة.

عمون
منذ 43 دقائق
- عمون
نفخر ونعتز بخطاب جلالة الملك في البرلمان الأوروبي
كلنا فخر واعتزاز بالترحاب الحار اثناء استقبال رئيسه الاتحاد البرلماني الاروبي واعضاء البرلمان لجلاله الملك والذي يجسد الاحترام الكبير لجلالته بما يحمله من سداد الرأي وصدق المواقف والقيم العاليه والنبيله التي تهدف الى اعلاء قيم الحريه والعداله ومحاربه الظلم والتطرف وبناء فكر جمعي عالمي يستند على المحبه والتسامح والاحترام. فقد أكد جلاله الملك في خطابه الشهير امام النواب الاروبيين على الكثير من المعاني والقيم العاليه على المجتمع الدولي ان يتحلى بها لانها المنطلق الرئيسي لحياه الشعوب والعيش بسلام واستقرار، كما شدد جلالته على بند الحروب والصراعات التي انهكت العالم. حيث شكل خطاب جلالته نداءاً عالمياً بتذكير المجتمع الدولي وقاده العالم بأن الأنسانيه والبناء والتقدم لا تقام ألا بالعداله والابتعاد عن العنف والتسلط. وذّكر جلالته قبل هذا التاريخ كان قد تحدث في هذا المكان عن الحاجه الملحه لايجاد حلول للصراعات، واستعاده الثقه بالعداله الدوليه وان الامن للعالم لايستقيم بقوه الجيوش بل بقوه القيم المشتركه وأن السلام الذي تفرضه القوه لا يدوم، ولما كانت القضيه الفلسطينيه حاضره في فكر جلالته يحملها في كل المحافل الدوليه اذ ان السلام لايمكن ان يتحقق بدون قيام دوله فلسطينيه لشعب مضى على معاناته عقوداً طويله وكما ذّكر جلالته بمعاناه اهل غزه والتي خذلها العالم ومضى عليها اكثر من عشرين شهراً. وتساءل جلالته كيف يعقل ان نسمح بان يصبح ما لم يكن يتصوره امراً اعتيادياً باُن تستخدم المجاعه كسلاح ضد الاطفال والمدنيين او استهداف العاملين بالقطاع الصحي والصحفي وان ما يحدث في غزه اليوم يتنافى مع القوانين الدوليه والمعايير الاخلاقيه. كما أكد جلالته في خطابه التاريخي بأن إيمان الاردن بالقيم المشتركه بين جميع الديانات السماويه متجذر في تاريخنا وتراثنا وهو ما تؤكد عليه مبادئنا المبنيه على التسامح والاحترام المتبادل وهذه القيم تترجم في الوصايه الهاشميه على المقدسات الاسلاميه والمسيحيه والتي تعهدنا بحمايه هويتها التاريخيه متعدده الاديان من اي اعتداء مستنداً جلالته في خطابه الى عمق ديني وتاريخي واخلاقي مذكراً العالم بالعهده العمريه للخليفه العادل عمر بن الخطاب والتي امر بها اهل القدس المسلمون احترام اماكن العباده المسيحيه وعدم ايذاء كاهن او طفل او شيخ وكيف ان المبادئ الاسلاميه التي وثقتها العهده العمريه قبل الف عام هي نفسها التي اعتمدتها اتفاقيه جنيف لحمايه المدنيين في زمن الحروب. ان خطاب جلاله الملك لم يكن موجهاً الى اوروبا بل الى جميع دول العالم لتقوم بواجباتها في العمل على احترام حقوق الانسان والاًستناد الى قيم العداله ورفض الظلم والتطرف ، وان خطاب جلالته سيسجل بأنه افضل ما كتب وما قيل عن خارطه طريق يعيش فيه العالم في امن وسلام ومحبه وتسامح وحياه بعيده عن الحروب والنزاعات يحكمها ميزان العداله لا ميزان القوه. حفظ الله جلاله مليكنا قائداً ملهماً وهو يرفع رؤوسنا عالياً في جميع انحاء العالم ، حاملاً رسائل الخير والمحبه والسلام لبني البشر جميعا.

عمون
منذ ساعة واحدة
- عمون
نفاخر بك الدنيا ..
في لحظة تختزل معاني الكرامة والمسؤولية التاريخية، وقف جلالة الملك عبدالله الثاني في قاعة البرلمان الأوروبي في مدينة ستراسبورغ، مخاطبًا العالم بلغة الحكمة والحق. لم يكن الخطاب مجرد موقف سياسي أو دبلوماسي، بل كان نداءً إنسانيًا من قلب قائدٍ يحمل همّ أمته، وينطق بلسان شعبه، ويعبّر عن ضمير أمة ما زالت تنشد العدل في زمن التنازلات. كلمات جلالته كانت واضحة، صادقة، وحازمة. حملت في طياتها رسالة أخلاقية قبل أن تكون سياسية، وأكد فيها أن السلام لا يمكن أن يُبنى على الخوف، ولا أن يُفرض بالقوة، وأن العدالة هي الأساس لأي استقرار دائم. الملك عبدالله الثاني، الذي لطالما عبّر عن مواقف ثابتة تجاه القضية الفلسطينية، أعاد أمام أوروبا التأكيد على حق الفلسطينيين في نيل حريتهم وإقامة دولتهم المستقلة. تحدث عن معاناة غزة، والانتهاكات المستمرة في الضفة الغربية، وذكّر العالم بأن الإنسانية لا يمكن أن تتجزأ، ولا أن تخضع لمعايير مزدوجة. كما شدد جلالته على أهمية حماية القدس ومقدساتها، مجددًا دور الأردن التاريخي كوصي على الأماكن المقدسة، وكمصدر للتوازن والاعتدال في محيط مضطرب. خطاب الملك لم يكن دفاعًا عن قضية واحدة، بل دفاعًا عن القيم التي يجب أن توحد الشعوب: الحرية، الكرامة، والعدل. كانت كلماته بمثابة مرآة تعكس واقعًا مؤلمًا، لكنها أيضًا تزرع الأمل بأن صوت العقل لا يزال حاضرًا، وأن المبادئ لا تموت مهما اشتدت العواصف. لقد عبّر جلالته عن الأردنيين جميعًا، وعن كل عربي حر، وعن كل إنسان يؤمن بالحق والعدالة. ولأننا نعرف من هو مليكنا ، نرفع رؤوسنا فخرًا ونقول: نحن نفاخر بك الدنيا يا سيدي، لأنك صوت من لا صوت له، وضمير من سكت عنهم العالم. حمى الله الأردن، وحمى مليكه المفدى.