
عبد السلام فزازي باريس... حين تنطق المآثر حضارة وتاريخاً..! الخميس 08 ماي 2025
من قال حين نحل بمدينة باريس نكون فقط وضعنا أقدامنا على أرضها كما نضعها على باقي أرض الله؟ ولا حتى حين ندخلها فلا ندخل مدينة فحسب، إنها مدينة الانوار بحق، فكم تأسرنا الجمالية الاستثنائية ونحن نعبر بوابة إلى تاريخ مفعم ودال على حضارة، وفن، وفكر. هذه المدينة التي لا يمكن وصفها بضربة لازب، ولهذا فباريس نالت عن جدارة واستحقاق لقب 'عاصمة النور'، لأنها يا عالم، الجمال الذي يأسرك ويستهويك ويمتلكك، بعيدا عن تصور تافه وساذج، واستعراض لجمال عابر عبور من يخترق شوارعها واساحاتها، بل وما هم أن تكلمنا عن مآثرها دون الوقوف الحقيقي عمن كان وراء بناء تفاصيل هذه المدينة الساحرة؛ وهذا يتطلب فعلا أسلوبا ساحرا، وذكاء خارق، وبلاغات غير متداولة، بل بلاغات خرجت من قمقم الحضارة والتاريخ حقا وحقيقة.. ولعنا نفضل من الرائع لهذه العاشقة والمعشوقة أن يكون فعلا قد استأنس بتاريخها وحرارتها قبل أن يراها؛ ويكون مدججا بمعرفة العمران، والمآثر، والتاريخ والغنى البشري الذي ترك بصماته كتابة، ونحتا، وفنا وعشقا.. ألم نقل إنها مدينة من المدن التي تركت في صفحات تاريخها ما يمكن اعتباره ذخيرة إنسانية لا تبلى؟ كما تركت في حواسه ما لا يمكن وصفه وصفا سياحيا عابرا، ولا أخذ صور توثق لهذه المآثر الربانية، فجلنا يأخذ الصور، لكنها تبقى صورا تشبه الصور التذكارية ليس إلا.. وكثيرا ما تسائلنا الذاكرة في استفزاز مؤثر يدعونا إلى طرح مثل هذه الأسئلة:
كيف لهذه الزوايا الباريسية لا تعكس لنا معالم شامخة أي نعم، لكن من منا يستطيع الغوص في أعماقها ويدلنا على ماغما هذا الشموخ؟ ومن يستطيع بحواسه الخمس أن يحكي لنا عن ميتا- روايات الزمن الجميل، زمن تشييد معلمة، كمعلمة برج إيفل الذي لا يجعلنا نملّ من النظر إليه؟ أكيد نحن حقا أمام المعجزات السبع التي ركبت صهوة الخلود بامتياز.. ومن يستطيع أن يستفزنا أكثر ونحن نحملق في 'كاتدرائية نوتردام' التي تشبه مآذن خالدة، منها نسترجع بشكل تليباثي تلاوة صلوات العصور الوسطى. وكيف لبنائها وبهذه الفنية الاستثنائية، استوى فيها الذي لا يستوي في غيرها..!، وما حكاية هندستها وقد قدت من أحجار تداخلت فيما بينها بإحكام،؟ هي الأخرى تستطيع أن تسافر بنا عبر الزمن، للكشف صنع المخلوق وما خلق، وبقدرة قادر، قفزت بنا من الشكل والتكلفة إلى صفحات مفتوحة لقراءة التاريخ الأوروبي والعالمي لا تاريخ ما تعكسه وحدها مدينة الأنوار التي نراها بالعين الواحدة..
وهكذا كلمنا الكثيرون، بل قرأنا عن المعلمة الإنسانية الفرنسية ' اللوفر' إلى حد التخمة وما تحتفي به من كنوز وغنى جمعت طبعا من بقاع العالم، فكانت بذلك عبارة عن بنك إنساني لا يكفي بما يعرضه من لوحات، وما يقدمه للزائر من رؤى إنسانية عبر العصور والازمنة التي مرت من هنا، وقد تركت بصماتها هي الأخرى من تماثيل ومنحوتات، كالموناليزا التي غالبا ما تتكلم بعينيها لا كما رأينا لا سمعنا، هي التي تحدق فينا بعينيها الناعستين والمكسورتين، وكأننا بها حية تسعى، تحاورنا وتستفز من ينظر إليها وهو لم يساهم البتة في بناء حضارة مدينة الأنوار.. ناهيك عن سلسلة من الحدائق الممتدة من وإلى حدود انتهاء حدود باريس العجيبة الغريبة؛ كل هذه المعالم الإنسانية، تجعلك فنانا ومبدعا صامتا، منبهرا، تعيش في دهشة تعانق دهشة، وكأنك بغتة تحولت من الإنسان العادي الى مبدع لا يمكن لك إلا وأنت تشعر أن ثمة أشياء تهزك هزة وترفعك رفعا، وتعبرك ميتا- قصائد ربانية خالدة ، فتتوحد مع الطبيعة وما تحمل من مآثر ومعالم وبشكل صوفي تنقلك من إنسان عادي إلى آخر ذاب في كل هذه الأشياء كما ذابت هي الأخرى فيك… فباريس هذه العاشقة المدللة نكاد نجزم أنها ليست فقط عاصمة، بقدر ما هي اختزال للزمن الفكري والفني وعالم الحرية بامتياز.. فمن منا ينكر اليوم، أنها كانت يوما ما موطنا لكبار الفلاسفة والأدباء والفنانين..! في باريس هذه لا يمكنك أن تزورها وتعيش فيها وأنت عبارة عن صخر حطه السيل من عل، مطلقا بشكل من الأشكال التأمل المطلق، فيها شئت أم أبيت تتعلم كلما زرتها لمرات عديدة؛ أو حتى وأنت تقيم فيها لتستوقفك حضارة ليست كباقي الحضارات، لأنها بنيت حجرا حجرا، وبعقول ربما تفوق بكثير عقول باقي الأنام؛ وهذا ما يجعلنا نتيقن أن تاريخها ليس تاريخ مؤرخ موجه بقدر ما هو تاريخ عباقرة من البشر في خدمة الإنسانية…

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


لكم
٠٨-٠٥-٢٠٢٥
- لكم
عبد السلام فزازي باريس... حين تنطق المآثر حضارة وتاريخاً..! الخميس 08 ماي 2025
من قال حين نحل بمدينة باريس نكون فقط وضعنا أقدامنا على أرضها كما نضعها على باقي أرض الله؟ ولا حتى حين ندخلها فلا ندخل مدينة فحسب، إنها مدينة الانوار بحق، فكم تأسرنا الجمالية الاستثنائية ونحن نعبر بوابة إلى تاريخ مفعم ودال على حضارة، وفن، وفكر. هذه المدينة التي لا يمكن وصفها بضربة لازب، ولهذا فباريس نالت عن جدارة واستحقاق لقب 'عاصمة النور'، لأنها يا عالم، الجمال الذي يأسرك ويستهويك ويمتلكك، بعيدا عن تصور تافه وساذج، واستعراض لجمال عابر عبور من يخترق شوارعها واساحاتها، بل وما هم أن تكلمنا عن مآثرها دون الوقوف الحقيقي عمن كان وراء بناء تفاصيل هذه المدينة الساحرة؛ وهذا يتطلب فعلا أسلوبا ساحرا، وذكاء خارق، وبلاغات غير متداولة، بل بلاغات خرجت من قمقم الحضارة والتاريخ حقا وحقيقة.. ولعنا نفضل من الرائع لهذه العاشقة والمعشوقة أن يكون فعلا قد استأنس بتاريخها وحرارتها قبل أن يراها؛ ويكون مدججا بمعرفة العمران، والمآثر، والتاريخ والغنى البشري الذي ترك بصماته كتابة، ونحتا، وفنا وعشقا.. ألم نقل إنها مدينة من المدن التي تركت في صفحات تاريخها ما يمكن اعتباره ذخيرة إنسانية لا تبلى؟ كما تركت في حواسه ما لا يمكن وصفه وصفا سياحيا عابرا، ولا أخذ صور توثق لهذه المآثر الربانية، فجلنا يأخذ الصور، لكنها تبقى صورا تشبه الصور التذكارية ليس إلا.. وكثيرا ما تسائلنا الذاكرة في استفزاز مؤثر يدعونا إلى طرح مثل هذه الأسئلة: كيف لهذه الزوايا الباريسية لا تعكس لنا معالم شامخة أي نعم، لكن من منا يستطيع الغوص في أعماقها ويدلنا على ماغما هذا الشموخ؟ ومن يستطيع بحواسه الخمس أن يحكي لنا عن ميتا- روايات الزمن الجميل، زمن تشييد معلمة، كمعلمة برج إيفل الذي لا يجعلنا نملّ من النظر إليه؟ أكيد نحن حقا أمام المعجزات السبع التي ركبت صهوة الخلود بامتياز.. ومن يستطيع أن يستفزنا أكثر ونحن نحملق في 'كاتدرائية نوتردام' التي تشبه مآذن خالدة، منها نسترجع بشكل تليباثي تلاوة صلوات العصور الوسطى. وكيف لبنائها وبهذه الفنية الاستثنائية، استوى فيها الذي لا يستوي في غيرها..!، وما حكاية هندستها وقد قدت من أحجار تداخلت فيما بينها بإحكام،؟ هي الأخرى تستطيع أن تسافر بنا عبر الزمن، للكشف صنع المخلوق وما خلق، وبقدرة قادر، قفزت بنا من الشكل والتكلفة إلى صفحات مفتوحة لقراءة التاريخ الأوروبي والعالمي لا تاريخ ما تعكسه وحدها مدينة الأنوار التي نراها بالعين الواحدة.. وهكذا كلمنا الكثيرون، بل قرأنا عن المعلمة الإنسانية الفرنسية ' اللوفر' إلى حد التخمة وما تحتفي به من كنوز وغنى جمعت طبعا من بقاع العالم، فكانت بذلك عبارة عن بنك إنساني لا يكفي بما يعرضه من لوحات، وما يقدمه للزائر من رؤى إنسانية عبر العصور والازمنة التي مرت من هنا، وقد تركت بصماتها هي الأخرى من تماثيل ومنحوتات، كالموناليزا التي غالبا ما تتكلم بعينيها لا كما رأينا لا سمعنا، هي التي تحدق فينا بعينيها الناعستين والمكسورتين، وكأننا بها حية تسعى، تحاورنا وتستفز من ينظر إليها وهو لم يساهم البتة في بناء حضارة مدينة الأنوار.. ناهيك عن سلسلة من الحدائق الممتدة من وإلى حدود انتهاء حدود باريس العجيبة الغريبة؛ كل هذه المعالم الإنسانية، تجعلك فنانا ومبدعا صامتا، منبهرا، تعيش في دهشة تعانق دهشة، وكأنك بغتة تحولت من الإنسان العادي الى مبدع لا يمكن لك إلا وأنت تشعر أن ثمة أشياء تهزك هزة وترفعك رفعا، وتعبرك ميتا- قصائد ربانية خالدة ، فتتوحد مع الطبيعة وما تحمل من مآثر ومعالم وبشكل صوفي تنقلك من إنسان عادي إلى آخر ذاب في كل هذه الأشياء كما ذابت هي الأخرى فيك… فباريس هذه العاشقة المدللة نكاد نجزم أنها ليست فقط عاصمة، بقدر ما هي اختزال للزمن الفكري والفني وعالم الحرية بامتياز.. فمن منا ينكر اليوم، أنها كانت يوما ما موطنا لكبار الفلاسفة والأدباء والفنانين..! في باريس هذه لا يمكنك أن تزورها وتعيش فيها وأنت عبارة عن صخر حطه السيل من عل، مطلقا بشكل من الأشكال التأمل المطلق، فيها شئت أم أبيت تتعلم كلما زرتها لمرات عديدة؛ أو حتى وأنت تقيم فيها لتستوقفك حضارة ليست كباقي الحضارات، لأنها بنيت حجرا حجرا، وبعقول ربما تفوق بكثير عقول باقي الأنام؛ وهذا ما يجعلنا نتيقن أن تاريخها ليس تاريخ مؤرخ موجه بقدر ما هو تاريخ عباقرة من البشر في خدمة الإنسانية…


مراكش الآن
٢١-٠٤-٢٠٢٥
- مراكش الآن
حفلات 'كاندل لايت' العالمية تصل إلى مراكش وتضيء 'ميدان' M-Avenue بالشموع
تستعد مدينة مراكش لاستقبال سلسلة الحفلات الموسيقية العالمية 'كاندل لايت' (Candlelight)، والتي ستضيء فضاء 'ميدان' في قلب شارع 'ام-أفوني' (M-Avenue) بآلاف الشموع، ابتداءً من يوم الخميس 25 أبريل الجاري. تُعرف حفلات 'كاندل لايت' بتقديم تجربة موسيقية فريدة، حيث جابت أكثر من 150 مدينة حول العالم، ونظمت عروضاً في معالم شهيرة مثل برج إيفل بباريس وبرج العرب بدبي، بالإضافة إلى محطات سابقة لها في مدن مغربية كالدار البيضاء والرباط وطنجة. وتختار السلسلة مواقع استثنائية ذات قيمة ثقافية ومعمارية لتقديم عروضها، متجاوزة بذلك قاعات الحفلات الموسيقية التقليدية. اختيار مراكش، التي تعتبر مفترق طرق فني وسياحي حقيقي يجمع بين التاريخ والحرفية والإبداع المعاصر، لاحتضان هذه السلسلة من الحفلات للمرة الأولى، يؤكد مكانتها كوجهة ثقافية وفنية رائدة. وستقدم العروض الأولى لـ'كاندل لايت' في المدينة الحمراء برامج متنوعة ترضي مختلف الأذواق. فسيتم تقديم عروض تكريمية لأعمال فرقتي الروك الشهيرتين Queen وABBA، بالإضافة إلى عزف لموسيقى الفصول الأربعة للمؤلف الكلاسيكي الشهير فيفالدي، وأجمل مقطوعات الموسيقى التصويرية لأفلام الملحن العالمي هانز زيمر. وتمزج هذه الحفلات ببراعة بين المؤلفات الكلاسيكية الخالدة والأغاني المعاصرة الناجحة، ويؤديها موسيقيون محليون موهوبون يساهمون في إضفاء لمسة خاصة على العروض. وتحظى حفلات 'كاندل لايت' بتقدير كبير لقدرتها على إعادة ابتكار تجربة الحفلات الموسيقية من خلال أجواء الشموع الساحرة، وتقديم مجموعة متنوعة من المواضيع والأنواع الموسيقية، مثل الموسيقى الكلاسيكية، والجاز، والبوب، والموسيقى التصويرية للأفلام، وعروض الباليه، وغيرها، مما يوفر تجربة غامرة للجمهور في مواقع استثنائية.


مراكش الإخبارية
٢٠-٠٤-٢٠٢٥
- مراكش الإخبارية
إحياء حفلات « كاندل لايت » العالمية لأول مرة في مراكش
ابتداء من 25 أبريل الجاري، سيتم تحويل مساحة « ميدان » في قلب شارع « ام-أفوني » بمراكش، إلى فضاء مضيء بالشموع، استعدادا لأمسيات موسيقية من حفلات « كاندل لايت » (Candlelight) العالمية. وبعدما جابت أكثر من 150 مدينة حول العالم، بما في ذلك الدار البيضاء والرباط وطنجة، وأضاءت المعالم الشهيرة مثل برج إيفل في باريس، وأتوميوم في بروكسل، وبرج العرب في دبي، تصل سلسلة الحفلات الموسيقية « كاندل لايت » لأول مرة إلى مدينة مراكش التي تعد مفترق طرق فني وسياحي حقيقي حيث يلتقي التاريخ والحرفية والإبداع المعاصر، بعدما وستقدم العروض الأولى في المدينة الحمراء تكريما لفرقتي Queen وABBA، بالإضافة إلى موسيقى Four Seasons لفيفالدي وأفضل موسيقى أفلام هانز زيمر، حيث تمزج المؤلفات الكلاسيكية الخالدة مع الأغاني المعاصرة الناجحة، والتي يؤديها موسيقيون محليون موهوبون. وتحظى حفلات Candlelight بتقدير خاص لإعادة ابتكار تجربة الحفلات الموسيقية من خلال تقديم عروض تحت ضوء الشموع في مواقع استثنائية ذات قيمة ثقافية كبيرة، تتجاوز قاعات الحفلات الموسيقية التقليدية، للاستمتاع بمجموعة متنوعة من مواضيع وأنواع الموسيقى، مثل الموسيقى الكلاسيكية، والجاز، والبوب، والموسيقى التصويرية للأفلام، والباليه، وغيرها.