
د. مهند مبيضين : مقهى حمدان وطريق الاستقلال الوطني
أخبارنا :
بدأت المقاهي في الأردن أواخر العهد العثماني، ويشير أرشيف الصور العالمية، إلى وجود مقهى المنشية في مدينة الكرك، عام 1909 في أعلى سوق الكرك القديم مقابل السراي العثماني، ولاحقاً مع تأسيس الإمارة ظهرت مقاهٍ في السلط وعمان، أنشأها مهاجرون شوام ونوابلسية، ومن هذه المقاهي في عمان مقهى حمدان.
كانت المقاهي مناسبة للحكي والحوار وتداول الأفكار، وغالباً ما كانت السياسية عنواناً للحديث، ولم يكن هناك مقاهٍ تخصّ الحرفيين كما هو الحال في مدن مثل حلب ودمشق وتونس، حيث كان لكل حرفة مقهى، مثل: مقهى الشواشين ومقهى الصفارين في سوق تونس القديم، وفي المدن الساحلية كان هناك مقاهٍ خاصة بالصيادين في الأسكندرية وصور وحيفا وغيرها.
وللأدباء لاحقا مقاهٍ عُرفت واشتهرت، كما هو الحال في مقهى ريش بالقاهرة ومقهى الفيشاوي ومقهى أم كلثوم، وهناك مقاهٍ للساسة ورجال الفكر والأحزاب مثل مقهى النوفرة خلف الجامع الأموي في دمشق، ومقهى الروضة مقابل مبنى البرلمان السوري، ومقهى حمدان في عمان، الذي يبدو أنه كان لبعض الاجتماعات التي كانت تعقد فيه صبغة سياسية في غاية الأهمية. ذكر أحدها المهندس خليل قنصل في الكتاب الذي جمع فيه مذكرّات أبيه وأشعاره؛ المرحوم الشاعر سالم القنصل، الذي نقل خليل قنصل عن مقدمة كتاب مادبا أيام زمان، لمؤلفه د. صالح حمارنة ما يلي:
«... وحين تنادى الوطنيّون الأردنيّون إلى عقد مؤتمر لهم في مقهى حمدان في عمان في عام 1928، هذا المؤتمر الذي حضره 150 مندوبًا من الزعماء والشيوخ والمفكّرين، الذين انتخبوا حسين باشا الطراونة رئيسًا لمؤتمرهم، وضع المؤتمر ميثاقًا وطنيًّا متضمنًا مطالب البلاد المشروعة، اشترك في المؤتمر عن مادبا السادة سالم سليمان أبو الغنم ويوسف طنوس، كما اشترك سالم سليمان أبو الغنم في الوفد الذي رفع مذكرة المعارضة إلى الأمير عبد الله بن الحسين ...».
لاحقاً، تطورت الحركة الوطينة من خلال منتديات المقاهي، ومنها مقهى الجامعة العربية والسنترال والأوبرج في عمان ومقهى المنشية التحتا، ومقهى الكمال في إربد، ومقهى المغربي في السلط، وساعدت تلك المقاهي على نمو الأفكار السياسية في الأردن، وتطوير النقاش السياسي، الذي طالبت فيه النخبة الأردنية بالاستقلال وتطوير العلمية السياسية والديمقراطية.
كان نواب المجلس التشريعي في الثلاثينيات ينهون نقاشاتهم في مقهى حمدان، الذي انعقدت فيه أهم الملتقيات السياسية والثقافية، وكذلك الحال في فندق فيلادليفا. وهذا ما أكد أهمية المقهى في الحياة السياسية الأردنية ومسيرة الاستقلال. ــ الدستور

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


جفرا نيوز
منذ 38 دقائق
- جفرا نيوز
قمة بغداد
جفرا نيوز - حمادة فراعنة شكلت قمة بغداد، رصيدا تراكميا للوضع العربي امتدادا للقمم السابقة، ولمؤسسة الجامعة العربية، بل للأمة العربية كمجموعة بشرية يجمعها المصالح والتاريخ واللغة والتراث المشترك. المشهد السياسي، الحضور السياسي، التجانس السياسي للنظام العربي، غير متوفر لأسباب موضوعية لها علاقة بالنفوذ والتأثير الأجنبي أميركياً وأوروبياً وإقليمياً: تركيا، إيران، أثيوبيا، البلدان المنافسة المجاورة المحيطة بالعالم العربي، إضافة إلى تأثير المستعمرة الإسرائيلية التخريبي في زعزعة الاستقرار والتماسك وضرب الوحدة العربية ومنعها. كما تلعب الأسباب المرضية الذاتية الداخلية، الشق الآخر من التأثير باتجاه تغييب التجانس والوحدة والوئام بين أطراف ومكونات النظام العربي. هل ننسى أن العديد من البلدان العربية تُعاني من الحروب البينية والانقسام والانشقاق بين مكوناتها، ولذلك تخوض الشعوب العربية نضالات متعبة تستنزف قدراتها وإمكاناتها، ويتم تغذيتها من قبل: 1- الأميركيين، 2- الأوروبيين، 3- المستعمرة الإسرائيلية، 4- ومن بلدان إقليمية: إيران وأثيوبيا. ولهذا أن يصمد النظام العربي، وأن يبقى قانونياً وسياسياً عبر الجامعة العربية، وتتم الاستجابة الإجرائية للمشاركة والحضور والمساهمة في الاجتماعات: القمة، وزراء الخارجية، على مستوى السفراء المندوبين، ولدى المؤسسات المهنية المختصة التابعة للجامعة العربية، فهذا مكسب من الضرورة الحفاظ عليه واستمراريته. فلسطين باعتبارها قضية مركزية، كانت ولا تزال تكسب من بقاء النظام العربي، وتماسكه واستمراريته، لأن الشعب الفلسطيني يخوض صراعاً وطنياً، قومياً، دينياً، إنسانياً، غير متكافئ مع قدرات المستعمرة الإسرائيلية المتفوقة، ولهذا لو بقي الدعم مقتصراً على الدعم السياسي، وقليلاً المالي، فهذا مكسب يدعم: 1- بقاء وصمود الشعب الفلسطيني في وطنه ويسانده، 2- نضاله من أجل استعادة حقوقه. البيان السياسي الصادر عن ختام اجتماع القمة العربية في بغداد، سلاح سياسي كما كانت بيانات القمم التي سبقتها، وهي مؤشر إيجابي في دعم قضية الشعب الفلسطيني، وهي أفضل كثيراً من غياب القمة وغياب بيانها السياسي، أمام العالم، وفي اجتماعات دولية، حيث تشكل بيانات القمة العربية، مرجعية للسياسيين أمام العالم. لندقق في حجم المظاهرات التضامنية التي اجتاحت عواصم الأوروبية، وكبرى مدنها، بمناسبة مرور 77 عاماً على نكبة الشعب الفلسطيني، واحتلال أرضه من قبل مشروع المستعمرة الإسرائيلية، وتضامناً مع معاناة الفلسطينيين وأوجاعهم وعذاباتهم في قطاع غزة، من قبل قوات المستعمرة التي لا ترحم، وتمارس كل الموبقات المتطرفة في عدوانية مكشوفة ضد المدنيين الفلسطينيين. بيان قمة بغداد إضافة سياسية مهمة وإيجابية، إضافة إلى قرار حكومة السوداني برصد 20 مليون دولار للمساهمة في إعمار غزة، رافعة داعمة للنضال الفلسطيني الذي يشكل العمل الوحيد المطلوب لدحر الاحتلال وهزيمة مشروعه وحرية فلسطين، فالأرض لا يحرثها إلا عجولها، هكذا كانت الجزائر واليمن، وكل شعوب العالم التي تحررت من مستعمريها، وهذا هو شأن شعب فلسطين ومهمته ووظيفته.


أخبارنا
منذ 10 ساعات
- أخبارنا
حمادة فراعنة يكتب : قمة بغداد
أخبارنا : شكلت قمة بغداد، رصيدا تراكميا للوضع العربي امتدادا للقمم السابقة، ولمؤسسة الجامعة العربية، بل للأمة العربية كمجموعة بشرية يجمعها المصالح والتاريخ واللغة والتراث المشترك. المشهد السياسي، الحضور السياسي، التجانس السياسي للنظام العربي، غير متوفر لأسباب موضوعية لها علاقة بالنفوذ والتأثير الأجنبي أميركياً وأوروبياً وإقليمياً: تركيا، إيران، أثيوبيا، البلدان المنافسة المجاورة المحيطة بالعالم العربي، إضافة إلى تأثير المستعمرة الإسرائيلية التخريبي في زعزعة الاستقرار والتماسك وضرب الوحدة العربية ومنعها. كما تلعب الأسباب المرضية الذاتية الداخلية، الشق الآخر من التأثير باتجاه تغييب التجانس والوحدة والوئام بين أطراف ومكونات النظام العربي. هل ننسى أن العديد من البلدان العربية تُعاني من الحروب البينية والانقسام والانشقاق بين مكوناتها، ولذلك تخوض الشعوب العربية نضالات متعبة تستنزف قدراتها وإمكاناتها، ويتم تغذيتها من قبل: 1- الأميركيين، 2- الأوروبيين، 3- المستعمرة الإسرائيلية، 4- ومن بلدان إقليمية: إيران وأثيوبيا. ولهذا أن يصمد النظام العربي، وأن يبقى قانونياً وسياسياً عبر الجامعة العربية، وتتم الاستجابة الإجرائية للمشاركة والحضور والمساهمة في الاجتماعات: القمة، وزراء الخارجية، على مستوى السفراء المندوبين، ولدى المؤسسات المهنية المختصة التابعة للجامعة العربية، فهذا مكسب من الضرورة الحفاظ عليه واستمراريته. فلسطين باعتبارها قضية مركزية، كانت ولا تزال تكسب من بقاء النظام العربي، وتماسكه واستمراريته، لأن الشعب الفلسطيني يخوض صراعاً وطنياً، قومياً، دينياً، إنسانياً، غير متكافئ مع قدرات المستعمرة الإسرائيلية المتفوقة، ولهذا لو بقي الدعم مقتصراً على الدعم السياسي، وقليلاً المالي، فهذا مكسب يدعم: 1- بقاء وصمود الشعب الفلسطيني في وطنه ويسانده، 2- نضاله من أجل استعادة حقوقه. البيان السياسي الصادر عن ختام اجتماع القمة العربية في بغداد، سلاح سياسي كما كانت بيانات القمم التي سبقتها، وهي مؤشر إيجابي في دعم قضية الشعب الفلسطيني، وهي أفضل كثيراً من غياب القمة وغياب بيانها السياسي، أمام العالم، وفي اجتماعات دولية، حيث تشكل بيانات القمة العربية، مرجعية للسياسيين أمام العالم. لندقق في حجم المظاهرات التضامنية التي اجتاحت عواصم الأوروبية، وكبرى مدنها، بمناسبة مرور 77 عاماً على نكبة الشعب الفلسطيني، واحتلال أرضه من قبل مشروع المستعمرة الإسرائيلية، وتضامناً مع معاناة الفلسطينيين وأوجاعهم وعذاباتهم في قطاع غزة، من قبل قوات المستعمرة التي لا ترحم، وتمارس كل الموبقات المتطرفة في عدوانية مكشوفة ضد المدنيين الفلسطينيين. بيان قمة بغداد إضافة سياسية مهمة وإيجابية، إضافة إلى قرار حكومة السوداني برصد 20 مليون دولار للمساهمة في إعمار غزة، رافعة داعمة للنضال الفلسطيني الذي يشكل العمل الوحيد المطلوب لدحر الاحتلال وهزيمة مشروعه وحرية فلسطين، فالأرض لا يحرثها إلا عجولها، هكذا كانت الجزائر واليمن، وكل شعوب العالم التي تحررت من مستعمريها، وهذا هو شأن شعب فلسطين ومهمته ووظيفته. ــ الدستور


أخبارنا
منذ 10 ساعات
- أخبارنا
د. مهند مبيضين : مقهى حمدان وطريق الاستقلال الوطني
أخبارنا : بدأت المقاهي في الأردن أواخر العهد العثماني، ويشير أرشيف الصور العالمية، إلى وجود مقهى المنشية في مدينة الكرك، عام 1909 في أعلى سوق الكرك القديم مقابل السراي العثماني، ولاحقاً مع تأسيس الإمارة ظهرت مقاهٍ في السلط وعمان، أنشأها مهاجرون شوام ونوابلسية، ومن هذه المقاهي في عمان مقهى حمدان. كانت المقاهي مناسبة للحكي والحوار وتداول الأفكار، وغالباً ما كانت السياسية عنواناً للحديث، ولم يكن هناك مقاهٍ تخصّ الحرفيين كما هو الحال في مدن مثل حلب ودمشق وتونس، حيث كان لكل حرفة مقهى، مثل: مقهى الشواشين ومقهى الصفارين في سوق تونس القديم، وفي المدن الساحلية كان هناك مقاهٍ خاصة بالصيادين في الأسكندرية وصور وحيفا وغيرها. وللأدباء لاحقا مقاهٍ عُرفت واشتهرت، كما هو الحال في مقهى ريش بالقاهرة ومقهى الفيشاوي ومقهى أم كلثوم، وهناك مقاهٍ للساسة ورجال الفكر والأحزاب مثل مقهى النوفرة خلف الجامع الأموي في دمشق، ومقهى الروضة مقابل مبنى البرلمان السوري، ومقهى حمدان في عمان، الذي يبدو أنه كان لبعض الاجتماعات التي كانت تعقد فيه صبغة سياسية في غاية الأهمية. ذكر أحدها المهندس خليل قنصل في الكتاب الذي جمع فيه مذكرّات أبيه وأشعاره؛ المرحوم الشاعر سالم القنصل، الذي نقل خليل قنصل عن مقدمة كتاب مادبا أيام زمان، لمؤلفه د. صالح حمارنة ما يلي: «... وحين تنادى الوطنيّون الأردنيّون إلى عقد مؤتمر لهم في مقهى حمدان في عمان في عام 1928، هذا المؤتمر الذي حضره 150 مندوبًا من الزعماء والشيوخ والمفكّرين، الذين انتخبوا حسين باشا الطراونة رئيسًا لمؤتمرهم، وضع المؤتمر ميثاقًا وطنيًّا متضمنًا مطالب البلاد المشروعة، اشترك في المؤتمر عن مادبا السادة سالم سليمان أبو الغنم ويوسف طنوس، كما اشترك سالم سليمان أبو الغنم في الوفد الذي رفع مذكرة المعارضة إلى الأمير عبد الله بن الحسين ...». لاحقاً، تطورت الحركة الوطينة من خلال منتديات المقاهي، ومنها مقهى الجامعة العربية والسنترال والأوبرج في عمان ومقهى المنشية التحتا، ومقهى الكمال في إربد، ومقهى المغربي في السلط، وساعدت تلك المقاهي على نمو الأفكار السياسية في الأردن، وتطوير النقاش السياسي، الذي طالبت فيه النخبة الأردنية بالاستقلال وتطوير العلمية السياسية والديمقراطية. كان نواب المجلس التشريعي في الثلاثينيات ينهون نقاشاتهم في مقهى حمدان، الذي انعقدت فيه أهم الملتقيات السياسية والثقافية، وكذلك الحال في فندق فيلادليفا. وهذا ما أكد أهمية المقهى في الحياة السياسية الأردنية ومسيرة الاستقلال. ــ الدستور