
مصدر مصري: تعليمات لأمن الحدود بعدم السماح بدخول «قافلة الصمود»
على الرغم من قيام سلطات شرق ليبيا بتوقيف «قافلة الصمود» المغاربية قبيل دخول مدينة سرت، فإن مصدراً مصرياً مسؤولاً قال لـ«الشرق الأوسط» إنه «صدرت تعليمات واضحة لسلطات الحدود المصرية بعدم دخول القافلة لعدم اتباع المشاركين فيها الضوابط اللازمة».
وبحسب المصدر، فإنه «حتى لو سمحت سلطات شرق ليبيا بمرور تلك القافلة ووصولها للحدود المصرية فلن تدخل»، موضحاً أن «ما عقد الموقف قيام بعض الأشخاص المحسوبين على تلك القافلة بتصرفات مريبة تضمنت حصول العشرات منهم على تأشيرات سياحية؛ لكن سلطات مطار القاهرة اكتشفت حضورهم للمشاركة في تلك القافلة، وتنظيم مسيرات إلى رفح، وهذا مخالف لطبيعة التأشيرات التي حصلوا عليها، فتم ترحيلهم لبلادهم مرة أخرى، وعدم السماح لهم بدخول البلاد».
وكانت تقارير إعلامية تحدثت، الخميس، عن قيام سلطات الأمن في مطار القاهرة بترحيل عشرات النشطاء الذين حضروا للبلاد بغرض المشاركة في «قافلة الصمود».
وشدد المصدر المصري على أن «بلاده لن تسمح بأي شيء يهدد أمنها القومي، أو يؤجج المواقف على حدودها من أشخاص لا تعلم خلفياتهم وأغراضهم وفي ظل أوضاع ملتهبة بالمنطقة».
تونسيون يحملون لافتات مؤيدة للفلسطينيين يرحبون بـ«قافلة الصمود» المتجهة براً نحو غزة (أ.ف.ب)
وقالت «تنسيقية العمل المشترك من أجل غزة» المشرفة على تنظيم القافلة - في بيان منتصف ليل الخميس - إن «قوات الأمن والجيش بسلطات شرق ليبيا أوقفت القافلة عند مدخل مدينة سرت»، وعلل المسؤولون الأمنيون بـ«ضرورة انتظار الحصول على تعليمات بالموافقة من بنغازي من أجل المرور».
وأكد الفريق الإعلامي لقافلة «الصمود لكسر الحصار على غزة»، ظهر الجمعة، أنه حتى الآن لم يتم تلقي أي رد رسمي من سلطات شرق ليبيا بشأن السماح بمرور القافلة نحو الحدود المصرية.
وأضاف الفريق الإعلامي في بيان أن جميع المشاركين بخير، ويتمركزون حول قيادة القافلة، ومصرون على الاستمرار في مواقعهم حتى يتم السماح لهم بالتحرك.
المتحدث باسم «قافلة الصمود»، مراد بن جدو قال لـ«الشرق الأوسط» إن «ما حدث، هو أن النقطة الأمنية التي تبعد عن سرت 30 كلم أوقفت القافلة، وأبلغت القائمين عليها بأنه لا توجد تعليمات بالسماح لهم بالمرور تجاه الحدود المصرية»، مشيراً إلى أن «هذا لا يتسق مع موقف وزارة الخارجية في شرق ليبيا التي رحبت بالقافلة»، وأعرب عن أمله في أن «تتم حلحلة الموقف قريباً والسماح بمرور القافلة حتى تصل إلى رفح، بعد تنفيذ كل ما تطلبه السلطات في ليبيا ومصر».
وأعربت وزارة الخارجية في حكومة «الاستقرار» الليبية برئاسة أسامة حمّاد، في بيان مساء الخميس عن ترحيبها بـ«المبادرة المغربية» للتضامن مع الشعب الفلسطيني، ممثلة في «قافلة الصمود»، لكنها أكدت «أهمية احترام الضوابط التنظيمية الخاصة بزيارة المنطقة الحدودية المحاذية لقطاع غزة، التي حددتها وزارة الخارجية المصرية؛ وضرورة التنسيق الكامل مع الجهات المختصة لضمان سلامة المشاركين ونجاح أهداف القافلة».
تونسيون خلال الاستعداد لانطلاق القافلة من وسط العاصمة (أ.ف.ب)
وتضمن بيان صدر، مساء الأربعاء، عن «الخارجية المصرية» أنه «في ظل الطلبات والاستفسارات المتعلقة بزيارة وفود أجنبية للمنطقة الحدودية المحاذية لغزة (مدينة العريش ومعبر رفح) خلال الفترة الأخيرة، وذلك للتعبير عن دعم الحقوق الفلسطينية، تؤكد مصر على ضرورة الحصول على موافقات وتأشيرات دخول مسبقة لإتمام تلك الزيارات، وأن السبيل الوحيد لمواصلة السلطات المصرية النظر في تلك الطلبات، هو من خلال اتباع الضوابط التنظيمية والآلية المتبعة منذ بدء الحرب على غزة».
من جانبه، أكد المصدر المصري المسؤول أن «القاهرة بالطبع أبلغت السلطات في ليبيا بأنها لن تسمح بمرور أي شخص لا يتبع التعليمات والاشتراطات اللازمة التي أعلنتها في بيانها بشأن زيارة المنطقة الحدودية المحاذية لقطاع غزة»، مشيراً إلى أن «مصر ليست لها علاقة بقرار سلطات شرق ليبيا وقف القافلة، هي فقط أخطرتها بضوابط الدخول من الحدود المصرية».
وفي وقت سابق، مساء الخميس، قال المخرج المصري، خالد يوسف، عبر حسابه على «فيسبوك»، إنه وبناءً على طلب من القائمين على القافلة وقبل انطلاقها، تواصل مع الجهات المعنية في مصر، وبعد دراسة الموقف، أكدت تلك الجهات «رفضها استقبال القافلة»، موضحاً أنه «أبلغ هذا الرفض للقائمين على القافلة قبل انطلاقها، ولا يعلم سبب إصرارهم على تسييرها، رغم علمهم المسبق بعدم سماح مصر بدخولها لأراضيها».
وسبق أن استقبلت مدينة مصراتة، الخميس، «قافلة الصمود»، ونظمت البلدية احتفالات شعبية على مدخل المدينة احتفاءً بها، بعدما مرت بمدن ليبية خلال اليومين الماضيين، حظيت خلالها بحفاوة بالغة من المواطنين والجهات الرسمية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربية
منذ ساعة واحدة
- العربية
صحيفة أميركية: واشنطن تدرس تقييد دخول مواطني 36 دولة بينها مصر
تدرس الولايات المتحدة تقييد دخول مواطني 36 دولة إضافية إلى أراضيها، في ما قد يُمثل توسعاً كبيراً في حظر السفر الذي أعلنته إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب مطلع هذا الشهر، وفقاً لمذكرة صادرة عن وزارة الخارجية الأميركية اطلعت عليها صحيفة "واشنطن بوست". وبحسب الصحيفة، من بين الدول الجديدة التي قد تواجه حظراً على التأشيرات أو قيوداً أخرى، 25 دولة أفريقية، بما في ذلك شركاء مهمون للولايات المتحدة مثل مصر وجيبوتي، بالإضافة إلى دول في منطقة بحر الكاريبي وآسيا الوسطى والعديد من دول جزر المحيط الهادي. ولم يعلّق البيت الأبيض أو وزارة الخارجية الأميركية على هذه الأنباء. ووفقاً للصحيفة، "من شأن هذه الخطوة أن تشكل تصعيداً آخر في الحملة التي تشنها إدارة ترامب على الهجرة" غير الشرعية. وجاء في المذكرة، التي وقّعها وزير الخارجية ماركو روبيو وأرسلها يوم السبت إلى الدبلوماسيين الأميركيين العاملين في الدول المعنية، أن حكومات الدول المدرجة على القائمة مُنحت مهلة 60 يوماً "للوفاء بالمعايير والمتطلبات الجديدة" التي وضعتها وزارة الخارجية. وطالبت المذكرة الدول المعنية بتقديم خطة عمل أولية لتلبية هذه المتطلبات وذلك بحلول صباح يوم الأربعاء المقبل. وحددت المذكرة معايير متنوعة فشلت هذه الدول في استيفائها، مؤكدةً أن بعض هذه البلدان "ليس لديها سلطة حكومية مركزية كفؤة أو متعاونة لإصدار وثائق هوية موثوقة أو وثائق مدنية أخرى"، ومضيفةً أن بعض الدول المعنية عانت من "احتيال حكومي واسع النطاق". وقالت المذكرة إن دولاً أخرى لديها أعداد كبيرة من المواطنين الذين انتهت مدد تأشيراتهم في الولايات المتحدة ولم يغادروها. وشملت الأسباب الأخرى مزاعم عن قيام أجانب منتمين لبعض هذه الدول بـ"نشاط معادي للسامية ومعادي لأميركا داخل الولايات المتحدة". من جهة أخرى، لحظت المذكرة أنه يمكن التخفيف من القيود على التأشيرات إذا أعربت أي من هذه الدول عن استعدادها لقبول رعايا دول ثالثة يتم ترحيلهم من الولايات المتحدة. يذكر أنه لم يتضح على الفور متى سيتم تطبيق قيود السفر المقترحة إذا لم يتم تلبية مطالب واشنطن.


الشرق الأوسط
منذ 2 ساعات
- الشرق الأوسط
الشرق الأوسط الجديد: إنَّه الاقتصاد...
منذ عقودٍ لم يمرّ الشرق الأوسط باضطراباتٍ وإعادة ترتيبٍ مكثفٍ لمراكز القوى فيه كما يجري في هذه الفترة، محاور سياسية تتهاوى، فروعاً ومراكز، وأنظمة سياسية تختفي بعد عقودٍ كانت فيها ثابتاً لا يطوله التغيير، سوريا نموذجاً، ودولٌ تسودها الفوضى المستحكمة كما في اليمن وليبيا والسودان. من جهةٍ أخرى فنحن نعلم أنها مرحلة تاريخية في منطقتنا تشير إلى أننا على وشك الالتحاق بالعالم الأول، وأوروبا الجديدة، بحيث يكون الاقتصاد هو أقوى الفاعلين في السياسة، وتدور صراعاتٌ جديدةٌ حول قوة الآيديولوجيات وقوة الاقتصاد، حول قيمة الآيديولوجيا وآيديولوجيا القيمة، كما جرى سابقاً في أوروبا في الصراع التاريخي إبان الحرب العالمية الباردة بين النموذجين الشيوعي الاشتراكي والغربي الرأسمالي. الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الأب خرج من حرب الخليج الثانية وتحرير الكويت منتصراً، وأنهى الحرب العالمية الباردة بتفكك الاتحاد السوفياتي، وحين جاءت الانتخابات الرئاسية الأميركية سقط أمام شابٍّ ديمقراطيٍّ اسمه بيل كلينتون كان يرفع شعاراً يقول: «إنه الاقتصاد يا غبي». ضربت إسرائيل بقوةٍ مواقع وشخصيات تتعلق بالبرنامج النووي الإيراني، وهو الهجوم الذي رفضته السعودية ودول الخليج العربي بشكل قويٍّ وغير مسبوقٍ، وهو موقفٌ ثابتٌ ومستمرٌ للسعودية في دعم استقرار الدول في المنطقة والعالم. في هذه اللحظة العصيبة على الدولة والنظام الإيراني فإن خبرة النظام الطويلة قد تخدعه، وتجاربه السابقة قد تضلله؛ إذ لا بدَّ في هذه الظروف الحرجة من التبصر والتجدد، وقد كتب كاتب هذه السطور قبل أسبوعين فقط، أن «إيران أمام لحظة حاسمة من تاريخها المعاصر، وهي بحاجة لاعتصار كل حكمة التاريخ وإرث العقل، حتى تستطيع إنقاذ نفسها وإنقاذ المنطقة من تحدٍّ تاريخي غير مسبوق، ولا يتمنى أحدٌ في المنطقة أن يصل هذا التحدي الخطير إلى أمدٍ لا يمكن بعده معرفة المصير»، وللأسف فقد وقع ما كنا نخشاه. ردة الفعل الإيرانية على الهجمات الإسرائيلية بصواريخ ومسيراتٍ هي ردة فعلٍ تصعيدية وليست مسرحيةً كما جرى من قبل، هو في الحقيقة دليلٌ على أن أحداً ما لا يريد اعتصار حكمة التاريخ، والتهديد بتوسيع الرد باتجاه أميركا لا يعني شيئاً غير أن الشعارات الآيديولوجية حين يتم ترويجها قد تقنع البعض بأن يجعلها استراتيجية ويرتكب أخطاء على أساسها. هجوم السابع من أكتوبر قبل عامين في قطاع غزة لم يزل يحرق كل من كان وراء سياسة ارتكاب الأخطاء في المنطقة، والسيناريو نفسه يتكرر، في غزة و«حماس» ثم بعد ذلك باتجاه «حزب الله» اللبناني، بضربة البيجر التي قضت على كثير من قيادات «حزب الله» في لبنان، ومن ثم استهداف مئاتٍ من قيادات الحزب في لبنان وفي سوريا، ثم جاء القضاء على الأمين العام للحزب حسن نصر الله. في نهاية حرب الخليج الأولى اضطر المرشد الإيراني الأول الخميني إلى «تجرع السم» كما سماه بالموافقة على إنهاء الحرب. لعقودٍ طويلةٍ مضت، كانت الدول الغربية داعمةً لحركات الإسلام السياسي في العالم الإسلامي والعربي وعلى رأسها بريطانيا، ولعقودٍ أقل من تلك كانت داعمةً للثورة الإسلامية في إيران التي جاء مرشدها من فرنسا، ولعقود كانت تدعم هذه الحركات لمشاغبة الأنظمة العربية والإسلامية، وهذه حقائق تاريخية يدرك تفاصيلها الباحث المختص والمؤرخ الواعي، والسؤال هو ما الذي غيّرته الدول الغربية من سياساتها تجاه توازنات القوى في الشرق الأوسط في هذه المرحلة؟ ما الذي جدّ ولم يكن موجوداً من قبل؟ ومع الاعتراف بأن هذه أسئلة كبرى لا يدرك أبعادها الكثيرون، ولكنها يجب أن تطرح، عربياً وكذلك غربياً وشرقياً في الدول العظمى في العالم؟ هل ذهبت أميركا بعيداً مع أوباما واليسار الليبرالي فيما كان يعرف بالربيع العربي واكتشفت أن الدول العربية قوية ومؤثرة؟ أتحدث تحديداً عن السعودية ودول الخليج العربي؟ ثم العودة الترمبية القوية في أميركا، هل هي مجرد رد على توجهات اجتماعية تطرف فيها اليسار الليبرالي أم أنها قراءة استراتيجية حقيقية تفيد بأن إذلال أميركا ليس طريقاً للقوة، وأن الخضوع لخصوم أميركا والتخلي عن حلفائها كانا سياسة أوبامية شديدة الغباء؟ أخيراً، فالأهم من هذا كله، هل أثبتت دول المنطقة في السعودية ودول الخليج أنها قادرة بالرؤية الصائبة والمتقدمة وقوة الاقتصاد، أن تؤثر بشكل غير مسبوق في توازنات القوى الدولية فضلاً عن الإقليمية؟


الشرق الأوسط
منذ 2 ساعات
- الشرق الأوسط
لضرورة بريدية ظهر اسم محمد رشاد سالم
في أثناء نشر «لجنة الشباب المسلم» بالقاهرة لمطبوعاتها التي كانت معظمها كتيبات لأبي الأعلى المودودي المعرّبة من لغة الأوردو، لم يُعرف اسم من أسماء أعضائها سوى اسم محمد رشاد رفيق سالم، المذكور في مطبوعاتها بأن توجه الرسائل إلى اللجنة إليه وإلى عنوانه البريدي المرفق باسمه. ولقد حرص شباب هذه اللجنة في مطبوعاتهم في تلك الأثناء على كتمان أنهم ينتمون إلى «الإخوان المسلمين»؛ فقد خلت هذه المطبوعات من الإشارة إلى الانتماء إلى هذه الجماعة الدينية السياسية التي كانت في مطلع الخمسينات الميلادية من القوى السياسية والاجتماعية الفاعلة والوازنة بتنظيمها المسلح (النظام الخاص أو التنظيم السري) وبأتباعها الكثر في المجتمع المصري! كما أن اللجنة تجنَّبت الإشارة إلى هذا الأمر، حين عرفت بنفسها في بعض مطبوعاتها! ونلمس هذا الحرص أيضاً في تعريف محب الدين الخطيب بها في تقديمه لكتاب مسعود الندوي «نظرة إجمالية في تاريخ الدعوة الإسلامية في الهند وباكستان»، الذي هو من مطبوعاتها؛ فلقد اقتصر في تعريفه بها على القول إنها «تألفت في مصر من متخرجي الجامعات المصرية»! اقتصاره على القول بهذا في التعريف بأعضاء اللجنة، وسكوته عن ذكر أنهم شباب ينتمون إلى «الإخوان المسلمين» كان استجابة لرغبتهم في التكتم على هذه المعلومة. مجلة «الأزهر» التي تضمنت في بعض أعدادها الصادرة في تلك الآونة عروضاً مختصرة لبعض مطبوعات أو منشورات «لجنة الشباب المسلم» حين صدورها، أشارت إلى تلك المعلومة في عرضها المختصر لكتيب «رسالة الصلاة للإمام أحمد»، الذي راجعه أو حققه الأديب محمود محمد شاكر، الصادر عن «لجنة الشباب المسلم» عام 1952، فلقد قالت معرِّفةً بهم: هم طائفة من خريجي الجامعات المصرية المنتسبين إلى «الإخوان المسلمين». مصدر هذه المعلومة قد يكون محمود محمد شاكر أو محمد فريد وجدي رئيس تحرير المجلة في ذلك الوقت. إن السطور السابقة تثير قضيتين في تاريخ نشأة «لجنة الشباب المسلم» في مطلع الخمسينات الميلادية، التي كانت نشأتها الأولى - بوصفها فكرة وكياناً مستقلاً داخل جماعة الإخوان المسلمين - عام 1947، قبل أن تحمل اسم «مكتبة الشباب المسلم». القضية الأولى أنه، في أثناء نشر «لجنة الشباب المسلم» لمطبوعاتها لم يظهر اسم عضو من أعضائها. وظهور اسم العضو محمد رشاد رفيق سالم لا يجوز استثناؤه من هذا الحكم، لأن ظهور اسمه كان لسبب اضطراري حتَّمته ضرورة بريدية. أقصد: لم يظهر اسم من أسماء أعضائها بالتناوب - مثلاً - على كتابة مقدمات لكتب المودودي التي تنشرها لجنتهم: «لجنة الشباب المسلم»، مع أن بعضهم - كما بان بعد سنوات لاحقة - يحسنون الكتابة ويتقنون كتابة البحوث. القضية الثانية: هي تكتم اللجنة الشديد على أنها تنتمي لـ«الإخوان المسلمين». فالقارئ لمطبوعاتها في ذلك التاريخ المشار إليه، سيحسب أن «لجنة الشباب المسلم» فرع مصري للجماعة الإسلامية في الباكستان والهند! تفسير هذه القضية في المتناول من الفهم، فتجنب اللجنة للنص على أن أعضاءها من الإخوان المسلمين هو للتأكيد على أن نشاطهم في نشر كتب المودودي المعرَّبة، وفي نشر كتب دينية قليلة أخرى، أنهم يقومون به بمعزل عن سياسة النشر المتَّبَعة في الجماعة الأم، جماعة الإخوان المسلمين في منشوراتها، سواء أكانت صحفاً أم مجلات أم كتباً. وهذا الحيز المستقل في العمل الثقافي الفكري حق كان قد منحهم إياه حسن البنا حين بدأوا نشاطهم بمجموعة مكونة من تسعة شباب في مستهل دراستهم الجامعية عام 1947. وقد كان قد أذن لهم باختيار مَن يرونه من شباب «الإخوان المسلمين» للانضمام إلى مجموعتهم الصغيرة، التي كانت تحمل اسم «المشروع»، فاختاروا مِن هؤلاء الشباب سبعين شاباً. وكان نشاطهم في هذه المرحلة منصبّاً على التزود من الثقافة الدينية والثقافة العربية والثقافة الحديثة عبر القراءة، ومن خلال الاتصال الشخصي ببعض الأدباء والأكاديميين من ذوي الميول الإسلامية، للاستفادة منهم في التثقف بتلك المجالات، لكي يكونوا مثقفين دينيين معاصرين. فطموح كهذا أدرك مؤسسو مجموعة «المشروع» أن شروطه الأساسية لا تتوفر في التربية السياسية والحزبية والعقائدية لجماعة الإخوان المسلمين. حسن البنا كان اتفق مع مؤسسي هذه المجموعة على أن يفرغهم لهذه المهمة التي انتدبوا أنفسهم إليها، مقابل ألا تتولى الجماعة الصرف المالي على نشاطهم، كاستئجار مقر لهم لتجمعهم واستئجار محل للمكتبة وشراء كتب يعرضونها في المكتبة لبيعها. لكن سرعان ما توقف نشاطها مع قرار حل جماعة الإخوان المسلمين في 8 ديسمبر (كانون الأول) 1948، ثم بعد فترة استأنفوا نشاطها. أما تفسير القضية الأولى، فأعزوه إلى أن مؤسسي مجموعة «المشروع» أو كما تسموا فيما بعد بـ«لجنة الشباب المسلم» في الأصل هم قادمون من «التنظيم السري» في جماعة الإخوان المسلمين، فألقت هذه التجربة - التي من طبيعتها الغموض والتخفي والتستر والتكتم - بظلالها على طريقة تفكير تلك المجموعة، رغم أنها في مرحلة «لجنة الشباب المسلم»، مرحلة نشر كتب المودودي، كانت منفصلة عن «التنظيم السري» في جماعة الإخوان المسلمين. مرحلة النشر هذه بدأ التفكير بها عندما تعرف أعضاء تلك المجموعة على كتب المودودي عن طريق عبد العزيز عقيل العقيل، الذي قدم من العراق إلى مصر في أواخر عام 1949، للدراسة في جامع الأزهر. ففي كتب المودودي وجدت هذه المجموعة ضالتها الفكرية التي كانت تبحث عنها طويلاً خارج أسوار فكر «الإخوان المسلمين» الضعيف في تنظيره الديني والضحل في ثقافته الحديثة. وضالتها الفكرية التي تمثلت بفكر المودودي، وهو ما كان يرى المؤسسون التسعة للمجموعة أن فكر «الإخوان المسلمين» يفتقر إليه، وبتبنيهم نشر فكر المودودي عبر «لجنة الشباب المسلم»، أرادوا خلق بنية دينية، سياسية وفكرية محددة، عوضاً عن ترديد مقولة «الإسلام: دين ودولة»، وهي المقولة التي يعتقد - خطأ - الكثير من الدارسين والمثقفين أن من سكّها هم «الإخوان المسلمون»، لكثرة ما يكررونها أو اعتماداً على خطاب حسن البنا في المؤتمر الخامس لـ«الإخوان المسلمين»، عام 1938، الذي قال فيه: «أحكام الإسلام تنتظم شؤون الناس في الدنيا والآخرة. فالإسلام عقيدة وعبادة، ووطن وجنسية و(دين ودولة)، وروحانية وعمل، ومصحف وسيف». ومع اطلاع سيد قطب على كتب للمودودي نشرتها «لجنة الشباب المسلم» إلى عام 1953، وكتب أخرى له نشرتها «دار الفكر» الدمشقية التي كان يُنظِّر من خلالها، تحقق لـ«الإخوان المسلمين» ما أرادته تلك المجموعة لهم، وهو أن يكون لديهم فكر ذو قوام أو ذو جسم محدد. هذا الجسم المحدد هو «الأطروحة القطبية» التي هي إعادة صياغة لـ«الأطروحة المودودية» ببيان عربي مشرق. وللحديث بقية.