logo
رسامني يفتتح مزاد البيع: المرافق الجوية والبحرية أولاً

رسامني يفتتح مزاد البيع: المرافق الجوية والبحرية أولاً

وكالة نيوزمنذ 15 ساعات

وطنية – كتبت صحيفة 'الأخبار': يتوقع أن يدرس مجلس الوزراء اقتراحاً من وزير الأشغال العامة والنقل فايز رسامني، يهدف إلى تنفيذ عمليات خصخصة واسعة في بنية قطاع النقل الجوي والبحري، عبر عقود التشييد والتشغيل ونقل الملكية (B.O.T) التي ستنفّذ بواسطة وزارة الأشغال مباشرة. دوافع اللجوء إلى هذه الخطوة هو 'إفلاس' الدولة، ما يعني أن بيع أملاكها صار يروّج كوسيلة وحيدة للتعامل مع نتائج الإفلاس. هذا النهج سبق أن اختبر نتائجه لبنان وتبيّن أنه ليس مجدياً كما يسوّق، بل العكس، إن تخلّي الدولة عن أملاكها في قطاع النقل الجوي والبحري سيكون مقدمة للتخلّي عن المزيد، بعدما تخلّت عما تبقى من أدوار في الرعاية الاجتماعية مثل إعادة الإعمار، موظفي القطاع العام، والضمان الاجتماعي، وتعويضات نهاية الخدمة والتسويات المترتبة على أصحاب العمل… اللائحة التي تستعدّ السلطة للتخلّي عنها طويلة، وقد يكون على رأسها الذهب الذي سيتم تبديده من أجل إعادة إنتاج مصارف تسرق الودائع وتقدّمها للدولة كأنها هبة، ولكن الأمر لا يقتصر على ذلك، إذ إن خطوة كهذه لبيع المرافق الجوية والبحرية بالجملة، ستُطلق يد العهد وحكوماته في الخصخصة بخطوات متلاحقة، وفقاً لمنطق يقضي بأن ضرورات الإفلاس تبيح التخلّي عن الملكية العامة.
صفحة وأربع مواد
في 12 أيار، رفع رسامني ملفاً إلى مجلس الوزراء هو عبارة عن مشروع قانون 'يرمي إلى الإجازة للحكومة بواسطة وزارة الأشغال العامة والنقل، تصميم وإنشاء وتأهيل وتطوير المطارات الجوية والمرافئ البحرية، وبشكل عام مرافق النقل الجوي والبحري على اختلاف أنواعها وطبيعتها ونطاق عملها، وذلك بنظام عقود التشييد والتشغيل ونقل الملكية أو عقود التصميم والتشييد والتشغيل ونقل الملكية'.
يتألف الملف، من ثلاث صفحات، تشير بوضوح إلى أن 'الإمكانات لدى الخزينة العامة غير متوافرة حالياً لقيام الدولة بتأمين التمويل اللازم'، فيما تتبدى هناك ضرورة لتطوير وتحديث مرافق النقل الجوي والبحري في لبنان، وهذا يشمل مطار بيروت الذي تجاوز قدراته الاستيعابية في 2019 'ما يوجب جدياً البحث في مشاريع توسيعية وتأهيلية له'. وأيضاً هناك مشروع 'إطلاق مطار رنيه معوض في القليعات الذي يحتاج إلى ورشة عمل كبرى'. كما يجب 'تأهيل وتطوير وتوسعة مرفأ بيروت وإعادته إلى خارطة المنافسة العالمية'، والأمر نفسه ينطبق على 'مرفأي طرابلس وصيدا نظراً إلى أهميتهما الحيوية في قطاع النقل البحري'.
إذاً، الدولة مفلسة وليس لديها الأموال اللازمة، ما يعني أن القطاع الخاص هو 'الملجأ'. لذا، يشير رسامني في اقتراحه إلى أن 'القطاع الخاص يبدي اهتماماً متواصلاً لتأمين أعمال الإنشاءات والتطوير والتشغيل للمطارات الجوية والمرافئ البحرية في لبنان، كما لديه الإمكانات المالية والتقنية والخبرات الدولية المطلوبة'.
أيضاً يلفت الوزير إلى ضرورة البتّ بالملف سريعاً 'نظراً إلى ما ينجم من أضرار بسبب تأخير تنفيذ مشاريع البنية الأساسية لضخامة تمويلها وعدم توافر التمويل اللازم في موازنات الدولة بصفة عامة…'.
أما البنية القانونية للمشروع، فهي عبارة عن مشروع قانون يفترض أن تقرّه الحكومة، يتألف من صفحة واحدة وأربع مواد؛ الأولى تشير إلى أنه يجوز للحكومة بواسطة وزارة الأشغال العامة والنقل القيام بأعمال تصميم وإنشاء وتأهيل وتطوير وتشغيل المطارات الجوية والمرافئ البحرية، وبشكل عام مرافق النقل الجوي والبحري على اختلاف أنواعها وطبيعتها على أساس التمويل الذاتي بنظام (B.O.T) أو (D.B.O.T). والمادة الثانية، تنص على أن الوزارة ستقوم بهذه الخطوة عبر قانون الشراء العام. وتنصّ المادة الثالثة على أن مدّة العقود تمتدّ لـ 25 سنة بنهايتها تعود المنشآت والتجهيزات والموجودات إلى وزارة الأشغال.
لا تمويل ذاتياً؟
يثير هذا الاقتراح الكثير من التساؤلات بمعزل عن أي نقاش في تعريف الخصخصة والنتائج المترتبة على اللجوء إليها كأداة تدميرية لاقتصاد منهار يعتمد بشكل مفرط على تدفقات المغتربين بشكل أساسي لتمويل استهلاك مستورد، ولمجتمع باتت خياراته محصورة بالهجرة أو الفقر؛ فمن جهة لماذا ستعمد السلطة إلى الخصخصة بمشروع قانون منفصل عن الإطار الذي جرى الترويج له على مدى السنوات الماضية في المجلس الأعلى للخصخصة وقانون الشراكة مع القطاع الخاص؟
ومن جهة ثانية لماذا يكون الأمر شاملاً لكل المرافق الجوية والبحرية القائمة أو التي ستُنشأ؟ وما هي دوافع الإسراع الظاهر في مشروع القانون الذي رفعه رسامني إلى مجلس الوزراء والمؤلف من بضعة أسطر، ما دامت مشاريع توسعة مطار بيروت ومرفأ بيروت تعود إلى سنوات ما قبل الانهيار، ويمكن دراستها بشكل أكثر عمقاً للوصول إلى جدوى أكبر؟
فقد بدا من المشروع المطروح، أن هناك رغبة في تسليم المرافق الجوية والبحرية لجهات أخرى غير الدولة على وجه السرعة بذريعة أن الدولة ليست كفؤة، عدا عن أنها غير قادرة مالياً. فالأبعاد التنموية ليست واضحة في هذا المشروع الذي قد يختبئ وراءه ما يمكن تسميته مكاسب اقتصادية لدول ترغب في الاستحواذ على حصّة، وما يمكن اعتباره دواعي أمنية.
الدوافع الأمنية صارت معروفة، سواء في مطار بيروت أو مطار القليعات، أو في مرفأ بيروت أيضاً، لأنها لا تخدم سوى جهات خارجية. لكن المسألة المتعلقة بتسليم المرافق الجوية والبحرية لجهات خارجية هي أيضاً تندرج في إطار الصفقات التي واظبت السلطة على محاولة تنفيذها في السنوات الماضية. في عام 2009 حاول وزير الأشغال العامة في حينه غازي العريضي تلزيم توسعة المرفأ بصفقة قيمتها 120 مليون دولار لشركة دانماركية مع شركة حورية (مقرّبة من وليد جنبلاط).
يومها كان تمويل الصفقة 'ذاتياً' من إيرادات المرفأ، وهو أمر متاح تكراره اليوم لو أرادت السلطة. لكن ما 'خربط' الصفقة أنه تشابكت مصالح المستوردين مع الاستقطاب الطائفي بين المسيحيين والمسلمين لتوقف هذه الصفقة وكل الصفقات اللاحقة التي كان آخرها في عهد الوزير علي حمية الذي استند إلى قانون رسوم المطارات لإجراء توسعة بقيمة 147 مليون دولار، أي إن التمويل كان ذاتياً أيضاً. طبعاً في هذه المدة حصل الانفجار وما تلاه من محاولات ألمانية وفرنسية وسواها للسيطرة على المطار عبر مخططات ومشاريع عرضت على الملأ. في كل الفترات كان المحفّز كلاماً قاله وليد جنبلاط عن فساد المرفأ وتهريب السلاح عبره.
أما مشروع توسعة مطار بيروت، فقد أتى في السياق نفسه، إذ إن مشروع التوسعة معروض منذ سنوات عدّة سبقت الانهيار، ولكن لم تتخذ أي خطوات في اتجاه إطلاق هذا المشروع لأنه لم يكن يشكّل أي توازن طائفي. المسألة الطائفية كانت عاملاً أساسياً في أي مشروع للمرافق الجوية والبحرية، بعيداً من كل التخطيط الاقتصادي والإنمائي. فهذه المرافق لها جدوى مرتبطة بالاقتصاد العالمي والمحلّي لم يتم تقديم أي منها كمبرّر لأي صفقة، وهو ما يحصل اليوم أيضاً، سواء أكان الدافع الأمني يتحكّم في هذه الصفقات أم الدافع الطائفي.
تحويل الملكيّة العامة إلى ريوع
لم تكن الخصخصة خياراً مُستحدثاً في هذه الحكومة، إنما بات يتم التّرويج لها بعد الانهيار من باب بيع أصول الدولة لتغطية خسائر القطاع المصرفي، لأن الدولة مفلسة. الهدف يكمن في الاستحواذ على القطاعات الأكثر إدراراً للعائدات المالية للانتفاع منها على شكل ريوع. فالدولة في لبنان لم تعمد إلى تطوير قطاع الكهرباء، على سبيل المثال، رغم توافر التمويل لديها في سنوات ما قبل الانهيار، لأن اللاعبين السياسيّين لم يتّفقوا على تحديد شكل الريع المتأتّي عن ذلك وحصّتهم منه.
والأمر نفسه ينطبق على كثير من القطاعات الأخرى، لا سيما تلك التي تندرج في إطار ما يسمّى بـ'اقتصاد الشبكات'، مثل المرفأ والمطار، والنّقل، والكهرباء وسواها. فالتّطوير في هذه القطاعات بتمويل من الخزينة العامة وبإدارة وإشراف القطاع العام، يسهم في تعزيز جوهر الملكية العامة ويضيف إلى إيرادات الدولة التي تسعى الطبقة الحاكمة إلى تحويلها إلى ريوع والاقتطاع منها.
عقود من نوع الـBOT قد تسهم في هذا الريع، أو على الأقل هي محاولة للتّرويج بأنه يمكن تحويل هذه الإيرادات المستقبلية في هذه القطاعات إلى ريوع قابلة للتوزيع. فالريوع لا تحتاج إلى إدارة، بل إلى قنوات سالكة يمكن تأمينها ما دام الإطار العام والقانوني والسياسي متوافراً.
وفي هذا السّياق، إن إقرار قوانين، يفترض من يسمّيها، أنها لا تندرج في إطار الخصخصة لكنها تلبّي رغبته في تحويلها إلى ريوع، هو قمة الفساد. هذه الحكومة، تروّج لهذا الهدف القابل للتّحقيق بأدوات مثل عقود الـBOT أو الشراكة مع القطاع الخاص، أو حتى الخصخصة، ولكنها تركّز على التّسمية كي تحرف الأنظار عن كل المساوئ التي قِيلت عن الخصخصة أو عن التّجارب الفاشلة في لبنان، مثل خصخصة التشغيل والصيانة والجباية في كهرباء لبنان على يد مقدّمي الخدمات. في فرنسا قبل مدّة، قرّرت الحكومة تأميم قطاع الكهرباء وإعادة الاستحواذ على 16% من ملكية المؤسّسة هناك، بسبب اتّساع فجوة إعادة توزيع الثّروة ربطاً بنتائج الخصخصة.
النقاش الغائب
ثمة نقاش غائب عن أي مرافق جوية وبحرية تتناسب مع الاقتصاد اللبناني. فما هو الدور الإقليمي الذي يفترض أن يلعبه مرفأ بيروت أو مطار بيروت؟ للبنان موقع في منطقة تغلي 'على جمر'، لذا يبدو أن التسليم بأن القناعات المسبقة مثل الإفلاس وانعدام قدرة الدولة على التمويل، هي التي ستفرض هذا النقاش، تبدو مسطّحة وتافهة إلى حدّ ما.
فعلى سبيل المثال، لم يشهد مرفأ بيروت أي أزمة فعلية في انتقال البضائع منه وإليه بعد الانفجار في آب 2020، والمرفأ قد يكون خطاً أساسياً بين بيروت ودمشق إذا قدّر لهذه الأخيرة الاستقرار وبدء إعادة الإعمار.
ومرفأ بيروت هو المنافس لمرفأ حيفا منذ أن أنشئ الأخير على يدي البريطانيين في مواجهة الفرنسيين. وينافسه أيضاً مرفآ طرطوس واللاذقية المربوطان بشبكة مواصلات تربطهما بحلب… ورغم كل ما يقال ويتردد عن السيطرة الأمنية لحزب الله على مطار بيروت، ثمة واقع أساسي هناك وهو أن شركة ميدل إيست هي من يسيطر على المطار بكل تفاصيله، ومن أبرزها احتكار تحوزه بوصفها شركة نقل وطنية في لبنان.
هي من يحدّد الأدوار للشركات الأخرى ومواقيت الإقلاع والهبوط، وهي من يقدّم الأولويات، وهي التي تسيطر على الهنغارات، وهي من كان يدفع رواتب إضافية لكل من يعمل في المطار إثر تدهور الأجور، ولا سيما أجور القطاع العام. هذا الاحتكار أتاح لهذه الشركة أن تحقق الأرباح في أوقات كانت فيه شركات الطيران العالمية تعاني من إفلاسات وخسائر ضخمة. مطار بيروت كان مطار دمشق وكل سوريا أثناء العقوبات، واليوم ما سيكون عليه بعد رفع العقوبات عن سوريا؟
أي سوريا ستكون عليه؟ طبعاً، في مشروع القانون المعروض على مجلس الوزراء يختزل كل هذا النقاش بضرورة توقيع عقود (B.O.T) وسيتمحور النقاش حول ما إذا كانت خصخصة أم لا!

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

رسامني يفتتح مزاد البيع: المرافق الجوية والبحرية أولاً
رسامني يفتتح مزاد البيع: المرافق الجوية والبحرية أولاً

وكالة نيوز

timeمنذ 15 ساعات

  • وكالة نيوز

رسامني يفتتح مزاد البيع: المرافق الجوية والبحرية أولاً

وطنية – كتبت صحيفة 'الأخبار': يتوقع أن يدرس مجلس الوزراء اقتراحاً من وزير الأشغال العامة والنقل فايز رسامني، يهدف إلى تنفيذ عمليات خصخصة واسعة في بنية قطاع النقل الجوي والبحري، عبر عقود التشييد والتشغيل ونقل الملكية (B.O.T) التي ستنفّذ بواسطة وزارة الأشغال مباشرة. دوافع اللجوء إلى هذه الخطوة هو 'إفلاس' الدولة، ما يعني أن بيع أملاكها صار يروّج كوسيلة وحيدة للتعامل مع نتائج الإفلاس. هذا النهج سبق أن اختبر نتائجه لبنان وتبيّن أنه ليس مجدياً كما يسوّق، بل العكس، إن تخلّي الدولة عن أملاكها في قطاع النقل الجوي والبحري سيكون مقدمة للتخلّي عن المزيد، بعدما تخلّت عما تبقى من أدوار في الرعاية الاجتماعية مثل إعادة الإعمار، موظفي القطاع العام، والضمان الاجتماعي، وتعويضات نهاية الخدمة والتسويات المترتبة على أصحاب العمل… اللائحة التي تستعدّ السلطة للتخلّي عنها طويلة، وقد يكون على رأسها الذهب الذي سيتم تبديده من أجل إعادة إنتاج مصارف تسرق الودائع وتقدّمها للدولة كأنها هبة، ولكن الأمر لا يقتصر على ذلك، إذ إن خطوة كهذه لبيع المرافق الجوية والبحرية بالجملة، ستُطلق يد العهد وحكوماته في الخصخصة بخطوات متلاحقة، وفقاً لمنطق يقضي بأن ضرورات الإفلاس تبيح التخلّي عن الملكية العامة. صفحة وأربع مواد في 12 أيار، رفع رسامني ملفاً إلى مجلس الوزراء هو عبارة عن مشروع قانون 'يرمي إلى الإجازة للحكومة بواسطة وزارة الأشغال العامة والنقل، تصميم وإنشاء وتأهيل وتطوير المطارات الجوية والمرافئ البحرية، وبشكل عام مرافق النقل الجوي والبحري على اختلاف أنواعها وطبيعتها ونطاق عملها، وذلك بنظام عقود التشييد والتشغيل ونقل الملكية أو عقود التصميم والتشييد والتشغيل ونقل الملكية'. يتألف الملف، من ثلاث صفحات، تشير بوضوح إلى أن 'الإمكانات لدى الخزينة العامة غير متوافرة حالياً لقيام الدولة بتأمين التمويل اللازم'، فيما تتبدى هناك ضرورة لتطوير وتحديث مرافق النقل الجوي والبحري في لبنان، وهذا يشمل مطار بيروت الذي تجاوز قدراته الاستيعابية في 2019 'ما يوجب جدياً البحث في مشاريع توسيعية وتأهيلية له'. وأيضاً هناك مشروع 'إطلاق مطار رنيه معوض في القليعات الذي يحتاج إلى ورشة عمل كبرى'. كما يجب 'تأهيل وتطوير وتوسعة مرفأ بيروت وإعادته إلى خارطة المنافسة العالمية'، والأمر نفسه ينطبق على 'مرفأي طرابلس وصيدا نظراً إلى أهميتهما الحيوية في قطاع النقل البحري'. إذاً، الدولة مفلسة وليس لديها الأموال اللازمة، ما يعني أن القطاع الخاص هو 'الملجأ'. لذا، يشير رسامني في اقتراحه إلى أن 'القطاع الخاص يبدي اهتماماً متواصلاً لتأمين أعمال الإنشاءات والتطوير والتشغيل للمطارات الجوية والمرافئ البحرية في لبنان، كما لديه الإمكانات المالية والتقنية والخبرات الدولية المطلوبة'. أيضاً يلفت الوزير إلى ضرورة البتّ بالملف سريعاً 'نظراً إلى ما ينجم من أضرار بسبب تأخير تنفيذ مشاريع البنية الأساسية لضخامة تمويلها وعدم توافر التمويل اللازم في موازنات الدولة بصفة عامة…'. أما البنية القانونية للمشروع، فهي عبارة عن مشروع قانون يفترض أن تقرّه الحكومة، يتألف من صفحة واحدة وأربع مواد؛ الأولى تشير إلى أنه يجوز للحكومة بواسطة وزارة الأشغال العامة والنقل القيام بأعمال تصميم وإنشاء وتأهيل وتطوير وتشغيل المطارات الجوية والمرافئ البحرية، وبشكل عام مرافق النقل الجوي والبحري على اختلاف أنواعها وطبيعتها على أساس التمويل الذاتي بنظام (B.O.T) أو (D.B.O.T). والمادة الثانية، تنص على أن الوزارة ستقوم بهذه الخطوة عبر قانون الشراء العام. وتنصّ المادة الثالثة على أن مدّة العقود تمتدّ لـ 25 سنة بنهايتها تعود المنشآت والتجهيزات والموجودات إلى وزارة الأشغال. لا تمويل ذاتياً؟ يثير هذا الاقتراح الكثير من التساؤلات بمعزل عن أي نقاش في تعريف الخصخصة والنتائج المترتبة على اللجوء إليها كأداة تدميرية لاقتصاد منهار يعتمد بشكل مفرط على تدفقات المغتربين بشكل أساسي لتمويل استهلاك مستورد، ولمجتمع باتت خياراته محصورة بالهجرة أو الفقر؛ فمن جهة لماذا ستعمد السلطة إلى الخصخصة بمشروع قانون منفصل عن الإطار الذي جرى الترويج له على مدى السنوات الماضية في المجلس الأعلى للخصخصة وقانون الشراكة مع القطاع الخاص؟ ومن جهة ثانية لماذا يكون الأمر شاملاً لكل المرافق الجوية والبحرية القائمة أو التي ستُنشأ؟ وما هي دوافع الإسراع الظاهر في مشروع القانون الذي رفعه رسامني إلى مجلس الوزراء والمؤلف من بضعة أسطر، ما دامت مشاريع توسعة مطار بيروت ومرفأ بيروت تعود إلى سنوات ما قبل الانهيار، ويمكن دراستها بشكل أكثر عمقاً للوصول إلى جدوى أكبر؟ فقد بدا من المشروع المطروح، أن هناك رغبة في تسليم المرافق الجوية والبحرية لجهات أخرى غير الدولة على وجه السرعة بذريعة أن الدولة ليست كفؤة، عدا عن أنها غير قادرة مالياً. فالأبعاد التنموية ليست واضحة في هذا المشروع الذي قد يختبئ وراءه ما يمكن تسميته مكاسب اقتصادية لدول ترغب في الاستحواذ على حصّة، وما يمكن اعتباره دواعي أمنية. الدوافع الأمنية صارت معروفة، سواء في مطار بيروت أو مطار القليعات، أو في مرفأ بيروت أيضاً، لأنها لا تخدم سوى جهات خارجية. لكن المسألة المتعلقة بتسليم المرافق الجوية والبحرية لجهات خارجية هي أيضاً تندرج في إطار الصفقات التي واظبت السلطة على محاولة تنفيذها في السنوات الماضية. في عام 2009 حاول وزير الأشغال العامة في حينه غازي العريضي تلزيم توسعة المرفأ بصفقة قيمتها 120 مليون دولار لشركة دانماركية مع شركة حورية (مقرّبة من وليد جنبلاط). يومها كان تمويل الصفقة 'ذاتياً' من إيرادات المرفأ، وهو أمر متاح تكراره اليوم لو أرادت السلطة. لكن ما 'خربط' الصفقة أنه تشابكت مصالح المستوردين مع الاستقطاب الطائفي بين المسيحيين والمسلمين لتوقف هذه الصفقة وكل الصفقات اللاحقة التي كان آخرها في عهد الوزير علي حمية الذي استند إلى قانون رسوم المطارات لإجراء توسعة بقيمة 147 مليون دولار، أي إن التمويل كان ذاتياً أيضاً. طبعاً في هذه المدة حصل الانفجار وما تلاه من محاولات ألمانية وفرنسية وسواها للسيطرة على المطار عبر مخططات ومشاريع عرضت على الملأ. في كل الفترات كان المحفّز كلاماً قاله وليد جنبلاط عن فساد المرفأ وتهريب السلاح عبره. أما مشروع توسعة مطار بيروت، فقد أتى في السياق نفسه، إذ إن مشروع التوسعة معروض منذ سنوات عدّة سبقت الانهيار، ولكن لم تتخذ أي خطوات في اتجاه إطلاق هذا المشروع لأنه لم يكن يشكّل أي توازن طائفي. المسألة الطائفية كانت عاملاً أساسياً في أي مشروع للمرافق الجوية والبحرية، بعيداً من كل التخطيط الاقتصادي والإنمائي. فهذه المرافق لها جدوى مرتبطة بالاقتصاد العالمي والمحلّي لم يتم تقديم أي منها كمبرّر لأي صفقة، وهو ما يحصل اليوم أيضاً، سواء أكان الدافع الأمني يتحكّم في هذه الصفقات أم الدافع الطائفي. تحويل الملكيّة العامة إلى ريوع لم تكن الخصخصة خياراً مُستحدثاً في هذه الحكومة، إنما بات يتم التّرويج لها بعد الانهيار من باب بيع أصول الدولة لتغطية خسائر القطاع المصرفي، لأن الدولة مفلسة. الهدف يكمن في الاستحواذ على القطاعات الأكثر إدراراً للعائدات المالية للانتفاع منها على شكل ريوع. فالدولة في لبنان لم تعمد إلى تطوير قطاع الكهرباء، على سبيل المثال، رغم توافر التمويل لديها في سنوات ما قبل الانهيار، لأن اللاعبين السياسيّين لم يتّفقوا على تحديد شكل الريع المتأتّي عن ذلك وحصّتهم منه. والأمر نفسه ينطبق على كثير من القطاعات الأخرى، لا سيما تلك التي تندرج في إطار ما يسمّى بـ'اقتصاد الشبكات'، مثل المرفأ والمطار، والنّقل، والكهرباء وسواها. فالتّطوير في هذه القطاعات بتمويل من الخزينة العامة وبإدارة وإشراف القطاع العام، يسهم في تعزيز جوهر الملكية العامة ويضيف إلى إيرادات الدولة التي تسعى الطبقة الحاكمة إلى تحويلها إلى ريوع والاقتطاع منها. عقود من نوع الـBOT قد تسهم في هذا الريع، أو على الأقل هي محاولة للتّرويج بأنه يمكن تحويل هذه الإيرادات المستقبلية في هذه القطاعات إلى ريوع قابلة للتوزيع. فالريوع لا تحتاج إلى إدارة، بل إلى قنوات سالكة يمكن تأمينها ما دام الإطار العام والقانوني والسياسي متوافراً. وفي هذا السّياق، إن إقرار قوانين، يفترض من يسمّيها، أنها لا تندرج في إطار الخصخصة لكنها تلبّي رغبته في تحويلها إلى ريوع، هو قمة الفساد. هذه الحكومة، تروّج لهذا الهدف القابل للتّحقيق بأدوات مثل عقود الـBOT أو الشراكة مع القطاع الخاص، أو حتى الخصخصة، ولكنها تركّز على التّسمية كي تحرف الأنظار عن كل المساوئ التي قِيلت عن الخصخصة أو عن التّجارب الفاشلة في لبنان، مثل خصخصة التشغيل والصيانة والجباية في كهرباء لبنان على يد مقدّمي الخدمات. في فرنسا قبل مدّة، قرّرت الحكومة تأميم قطاع الكهرباء وإعادة الاستحواذ على 16% من ملكية المؤسّسة هناك، بسبب اتّساع فجوة إعادة توزيع الثّروة ربطاً بنتائج الخصخصة. النقاش الغائب ثمة نقاش غائب عن أي مرافق جوية وبحرية تتناسب مع الاقتصاد اللبناني. فما هو الدور الإقليمي الذي يفترض أن يلعبه مرفأ بيروت أو مطار بيروت؟ للبنان موقع في منطقة تغلي 'على جمر'، لذا يبدو أن التسليم بأن القناعات المسبقة مثل الإفلاس وانعدام قدرة الدولة على التمويل، هي التي ستفرض هذا النقاش، تبدو مسطّحة وتافهة إلى حدّ ما. فعلى سبيل المثال، لم يشهد مرفأ بيروت أي أزمة فعلية في انتقال البضائع منه وإليه بعد الانفجار في آب 2020، والمرفأ قد يكون خطاً أساسياً بين بيروت ودمشق إذا قدّر لهذه الأخيرة الاستقرار وبدء إعادة الإعمار. ومرفأ بيروت هو المنافس لمرفأ حيفا منذ أن أنشئ الأخير على يدي البريطانيين في مواجهة الفرنسيين. وينافسه أيضاً مرفآ طرطوس واللاذقية المربوطان بشبكة مواصلات تربطهما بحلب… ورغم كل ما يقال ويتردد عن السيطرة الأمنية لحزب الله على مطار بيروت، ثمة واقع أساسي هناك وهو أن شركة ميدل إيست هي من يسيطر على المطار بكل تفاصيله، ومن أبرزها احتكار تحوزه بوصفها شركة نقل وطنية في لبنان. هي من يحدّد الأدوار للشركات الأخرى ومواقيت الإقلاع والهبوط، وهي من يقدّم الأولويات، وهي التي تسيطر على الهنغارات، وهي من كان يدفع رواتب إضافية لكل من يعمل في المطار إثر تدهور الأجور، ولا سيما أجور القطاع العام. هذا الاحتكار أتاح لهذه الشركة أن تحقق الأرباح في أوقات كانت فيه شركات الطيران العالمية تعاني من إفلاسات وخسائر ضخمة. مطار بيروت كان مطار دمشق وكل سوريا أثناء العقوبات، واليوم ما سيكون عليه بعد رفع العقوبات عن سوريا؟ أي سوريا ستكون عليه؟ طبعاً، في مشروع القانون المعروض على مجلس الوزراء يختزل كل هذا النقاش بضرورة توقيع عقود (B.O.T) وسيتمحور النقاش حول ما إذا كانت خصخصة أم لا!

الأخبار: الوصاية الأميركية – الخليجية: الأولوية لسوريا لا للبنان:…
الأخبار: الوصاية الأميركية – الخليجية: الأولوية لسوريا لا للبنان:…

وكالة نيوز

timeمنذ 4 أيام

  • وكالة نيوز

الأخبار: الوصاية الأميركية – الخليجية: الأولوية لسوريا لا للبنان:…

المصدر:الوكالة الوطنية للإعلام وطنية – كتبت صحيفة 'الأخبار': الاستعراض الكبير الذي نشهده منذ أيام عدة، لا يقتصر ضجيجه على دول الخليج العربي، ولا حتى بلاد الشام فقط. بل هو استعراض يعكس النمط المعتمد من قبل إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في إدارة ملفات الإقليم. وقد يكون مناسباً، فهم أنّ متغيراً كبيراً طرأ على العقل العربي، والخليجي منه على وجه الخصوص في التعامل مع الجانب الأميركي. فهم أيضاً أظهروا قدرة عالية على الاستعراض. ولعبة الأرقام التي تظهر في خطب ترامب وآخرين، لا يبدو أنها مطابقة لنتائج العلاقات بين هذه الدول وبين أميركا في العقد الأخير. وتكفي الإشارة إلى أن ترامب نفسه، كان قد أعلن خلال ولايته الأولى عن استثمارات خليجية في الولايات المتحدة بمبالغ تفوق الألف مليار دولار. لكن التدقيق في البيانات المالية الصادرة عن جهات رسمية في واشنطن وفي دول الخليج، تظهر أن الأرقام أقل بكثير مما أعلن عنه. وهو أمر مفهوم، خصوصاً أن الوضع المالي لدول الخليج، ليس في حالة نمو كما يفترض العالم. حتى إن السعودية تواجه أزمات مالية جدية، دفعتها إلى إلغاء عدد كبير من المشاريع الداخلية، بينما تواجه قطر نتائج سلبية لكل الاستثمارات التي رافقت برنامج العمل على كأس العالم، فيما تعمل أبو ظبي على زيادة الاستثمارات الأجنبية عندها، خصوصاً أنها عملت على تعزيز الموجودات المالية في مصارفها، نتيجة الأدوار الكبيرة التي تلعبها في الإقليم. لكن الاستثمارات الإماراتية في الولايات المتحدة ليست في المستوى الذي يتحدث عنه الإعلام. لكن ما هو بحاجة إلى تدقيق إضافي، يتعلق بكون الولايات المتحدة التي تعرف واقع هذه الدول، لا تريد لها أن تتجه إلى زيادة الاستثمارات في العلاقات مع الصين على وجه الخصوص، إضافة إلى وضع قيود سياسية على أي استثمارات في دول المنطقة. ويرد في هذا السياق المنطق القائل إن الإنفاق العربي في الدول العربية، لا سيما في بلاد الشام، لن يصل إلى نتائج كبيرة، ما لم يكن رهن وزمة سياسية كبيرة، تحصل بإشراف أميركي. وعلى هذا الأساس، يتوجب على المسؤولين في لبنان، كما على الرأي العام، متابعة ما يتعلق بلبنان وحاجاته. وكل المؤشرات لا تزال سلبية، بل ينقل زوار العواصم المانحة إشارات مقلقة، تبدأ بأن العرب والغربيين، لا يشعرون بأن لبنان يمثل مركزاً مهماً لأي حركة تجارية أو مالية، وأن دوره السياسي في مرحلة أفول، وأن القضاء على هذا الدور، يجب أن يتم عبر القضاء على قوة المقاومة فيه. وهو ما يدفع هذه الدول إلى التعامل مع لبنان على أنه دول تابعة لبرنامج لا يخص لبنان بالأساس، وفي هذه النقطة، يبرز موقع سوريا في أي محادثات أميركية مع دول المنطقة. علماً أن الصناديق العربية، تعرف أنها أمام تحديات كبيرة مرتبطة بإعادة إعمار سوريا وغزة بينما يقف لبنان في موقع متأخر، وكل ما يمكن أن يحصل عليه لا يتجاوز بضعة مليارات من الدولارات، والتي ستكون على شكل قروض أو على شكل مقايضة مع تنازلات سياسية. في هذا السياق أيضا،ً يجب النظر إلى ما يجري مع سوريا ومع السلطة الجديدة فيها. والله أعلم إذا كان في لبنان، من مسؤولين أو سياسيين، من يحتاج إلى أدلة إضافية على موقع لبنان الفعلي في خارطة اهتمامات الدول الخليجية أو الولايات المتحدة نفسها. وكل ما حصل خلال الأشهر الستة الماضية، يدل من يرغب أن يفهم على مركز الاهتمام الحقيقي، سواء عند السعودية وقطر والإمارات، أو عند الأميركيين والأوروبيين. وما حصل خلال الشهور الثلاثة الماضية، ظهرت الكثير من المؤشرات على أن سوريا تمثل مركز الاهتمام، وأن لبنان يتم تعويضه بلقاءات بروتوكولية من دون أي نتائج، لكن يراد للبنان أن يُظهر درجة عالية من «الانفحاط» لمجرد أن قررت دول الخليج السماح من جديد لمواطنيها بالعودة إلى لبنان. لكن لبنان الرسمي والسياسي لا يجرؤ على الكشف عن حجم الإنفاق الذي حصل في لبنان من قبل مواطنين من دول عربية أخرى لم يتوقفوا عن زيارة لبنان. هل تقول مستشفيات كبرى مثلاً، كم حصلت على أموال من العراقيين والأردنيين والسوريين الذين جاؤوا إلى لبنان للعلاج خلال السنوات الخمس الأخيرة؟ لكنّ الجانبين الأميركي والخليجي يعطيانا فكرة عما يريداه من لبنان، وما يريداه من بقية دول المنطقة، فقط من أجل رفع الحصار، وليس لفتح الباب أمام تنمية حقيقية في هذه الدول. وهذه الفكرة لها مسرح مفتوح اليوم، اسمه سوريا. ومع أنّ كثيرين لا يزالون يجمعون المعطيات حول حقيقة ما حصل يوم سقوط نظام بشار الأسد، وأدوار الأطراف الإقليمية والدولية فيه، فإن الإشارة الأولى التي يجب التقاطها من نشاط الأسبوع الماضي، تتعلق بالمعايير التي وضعتها الوصاية الأميركية – السعودية على سوريا من أجل فتح باب العلاقات، والتي يراد للبنان أن يراقبها، مع العلم، أن واشنطن والرياض ليستا بعيدتين عن فكرة أن استقرار النظام في سوريا، وحصول نمو في هذه البلاد، سوف يتيحان لها أن تعود إلى لعب دورها في إدارة جانب من الملفات اللبنانية. على خلفية فكرة موجودة في عقل حاكم السعودية، بأن لبنان لا يمكن حكمه إلا من قبل طرف قادر وقوي وغير ديموقراطي! وقد رصدت دول عربية عدة كل ما حصل مع الشرع منذ وصوله إلى قصر الشعب في دمشق، وقد تجمعت مجموعة من التقارير الديبلوماسية التي أعدّتها سفارات عربية في عدد من العواصم العربية والغربية وفي بعض المنظمات الدولية، والتي تعطي فكرة، عن مسار سلكه الشرع وفريقه منذ كانون الأول الماضي، حتى ذهابه إلى السعودية لنيل بركة ترامب. اجتماعات أميركية سورية من دمشق إلى نيويورك وأوروبا: نريد ضمانات بعدم وجود أسلحة كيميائية تؤكد الوثائق الدبلوماسية أن زيارة مساعدة وزير الخارجية الأميركي بربارة ليف إلى العاصمة السورية في نهاية السنة الماضية، فتحت الباب أمام مسار من شقين: رسمي مُعلن تعرض فيه واشنطن شروطها ورؤيتها لدور سوريا مُستقبلاً، وشق غير رسمي يقوم على لقاءات ثنائية بعيداً عن الأضواء بين ديبلوماسيين من الجانبين في عواصم عدة. وتبين أن الأميركيين يريدون من السلطة الجديدة أمرين رئيسيين: ضمان انتقال للسلطة في سوريا، وتوفير معلومات حول برنامج الأسلحة الكيميائية السورية. كما ان الاتصالات الرسمية عقدت في عواصم غربية رئيسية وفي مقر الأمم المتحدة في نيويورك. وللمرة الأولى منذ سنوات طويلة، قامت مندوبة الولايات المتحدة في المنظمة الدولية ليندا غرينفيلد في الأسبوع الثاني من كانون الأول الماضي، أي بعد أيام قليلة على سقوط النظام السابق، بعقد اجتماع مع مندوبين من بعثة سوريا في الأمم المتحدة برئاسة قصي الضحاك، وقد جرى اللقاء في مقر البعثة الأميركية، وحضره نائبها روبرت وود والسفيرة دوروثي شيا. وبادرت غرينفيلد للإشادة بالبيانات الرسمية الصادرة عن السلطة الجديدة في دمشق، لكنها قالت إن بلادها «تراقب الموقف وتتوقع أفعالاً تتناسب مع النوايا المُعلنة. وإنه لن يكون هناك في الوقت الحالي أي اعتراف أميركي بالحكومة السورية الجديدة أو الإعلان عن عودة العلاقات الديبلوماسية بين الجانبين في انتظار رؤية بعض النتائج». وتكشف الوثائق أن غرينفيلد شددت على «أهمية أن تكون الحكومة القادمة ذات صفة تمثيلية واسعة»، لكنها توقفت عند نقطتين رئيسيتين: الأولى وجوب أن «تُحدد الحكومة الجديدة مجال علاقاتها مع كُل من إيران وروسيا»، ملمحة إلى «أهمية تقييد هذه العلاقات»، والثانية «منع وقوع الأسلحة الكيميائية في الأيدي الخطأ» وقد طالبت السلطات الجديدة بـ«التعاون الكامل مع مُنظمة حظر الأسلحة الكيميائية». كما أكدت أن قوات الولايات المتحدة ستواصل القيام بمهمة مواجهة الإرهاب من جانب تنظيم «داعش» على الأراضي السورية، وطلبت من الحكومة السورية المُؤقتة عدم الاعتراض على ذلك. ومن جهته، أكد الوفد السوري «أن الحُكم الجديد في دمشق يريد علاقات ودية مع جميع دول العالم، ولا يسعى إلى الانضمام إلى أي محور في المنطقة». أما المسار الثاني للاتصالات، فقد أطلقه الأميركيون بغرض الحصول على معلومات مُحددة من الديبلوماسيين السوريين في الخارج، حول الأسلحة الكيميائية السورية. في هذا الإطار، حاول ديبلوماسيون أميركيون مطلع العام الجاري التواصل مع القائم بالأعمال السوري في لاهاي لؤي العوجي، وتم ترتيب لقاء «على فنجان قهوة» في مكان غير رسمي، وبرروا ذلك بأنهم «تلقوا الضوء الأخضر من واشطن بإقامة اتصالات «شخصية» مع ديبلوماسيين سوريين» وأن الإذن أعطي بعد زيارة مساعدة وزير الخارجية الأميركي بربارة ليف إلى دمشق التي جرت في آخر السنة الماضية. كما جرت مُحاولات اتصال لاحقة، وقد أفصح ديبلوماسيون أميركيون عن الهدف من اللقاءات «الشخصية» وهو «البحث أيضاً عن نقاط تتعلق بالأسلحة الكيميائية السورية، من دون أي تفاصيل». ويتضح من التقارير الديبلوماسية أن الولايات المتحدة «لديها شكوك بوجود بقايا لهذه الأسلحة، وأنها قد تكون ما تزال مخزنة ومخبأة، رغم التوصل إلى اتفاق على تفكيكها في السنوات الماضية، بعد تسوية رعتها روسيا لتجنب ضربة أميركية لسوريا في عام 2013». لكن الوثائق تكشف أيضاً أن الجانب الأميركي «يريد استجواب خبراء هذه الأسلحة السوريين وتحديد حركتهم، تحاشياً لاستخدام خبراتهم في إعادة إنتاجها لمصلحة النظام الجديد أو لحساب مجموعات إرهابية». ويشير ديبلوماسي في إحدى البرقيات أن «تقدير بأن يكون الأميركيون قد التقطوا لحظة انهيار النظام السابق لإقامة قنوات اتصال «شخصية» مع الديبلوماسيين السوريين بهدف شراء ولائهم، لا سيما أن الكثير من هؤلاء عاشوا مرحلة ضياع في المرحلة الانتقالية الفاصلة، والعديد منهم لم يكونوا قد تلقوا رواتب لشهور عدة. وأن الجانب الأميركي يتعامل مع الحاصل في سوريا على أساس ما جرى بعد سقوط الاتحاد السوفياتي، عندما جرى أكبر اختراق أميركي للنخبة السياسية والديبلوماسية الروسية واستقطاب خبراء الأسلحة الإستراتيجية». قطر والإمارات تسهّلان التواصل مع إسرائيل: أمن الكيان ومحاصرة المقاومة ورفات كوهين والجنود يقول ديبلوماسيون عرب، إن الاتصالات تطورت سريعاً بين فريق الشرع وبين عواصم غربية، لا سيما ألمانيا وبريطانيا وفرنسا إلى جانب الولايات المتحدة، وكذلك جرت وساطة أمنت فتح خط اتصال عملي بين الشرع وبين دولة الاإمارات العربية المتحدة. وقد تولى الجانب الأوروبي البحث عن شكل من العلاقات الخاصة بعيداً عن الولايات المتحدة الأميركية. لكن الجميع تحدث عن ضرورة أن تقدم الإدارة الجديدة الخطوات التي تدل على أنها تريد القطع نهائياً مع المناخ الإسلامي المعادي للغرب، والذي يخلق أرضية لعمل ضد المصالح الغربية بالإضافة إلى ملف العلاقات مع إسرائيل. وقد نقل مسؤول عربي عن ديبلوماسي غربي قوله إنه أبلغ القيادة السورية بأن التوغل الإسرائيلي في سوريا أمر مفهوم، لأن تل أبيب لا تريد أي مفاجآت، وهي تعتبر نفسها في حالة حرب، ولا تثق بقدرة السلطة الجديدة على ضبط الساحة السورية. وقد استغل هذا الكلام لتوجيه نصائح إلى الشرع بأن يبادر إلى خطوات عملانية تعكس رغبته في عدم خروج تهديد من سوريا ضد إسرائيل. لكن البحث الجدي في هذا الأمر حصل مع الجانب الإماراتي، وتبين أنه وقبل زيارة الشرع إلى أبو ظبي، كانت الاجتماعات قد انطلقت، وتولى الإماراتيون القيام بوساطة «هدفت إلى وقف التقدم الإسرائيلي في مناطق الجنوب السوري ووقف الغارات الجوية» وهي «هدنة حصلت فعلياً قبل سفر الشرع إلى الإمارات، ولم يعد القصف إلا بعد اندلاع المواجهات مع الدروز في ريف دمشق والسويداء». ويؤكد ديبلوماسيون عرب أن حصلت لقاءات بين شخصيات من إدارة الشرع ومسؤولين أميركيين وإسرائيليين في أبو ظبي، وأن البحث تناول أساس تفاهم غير معلن، يقود إلى إجراءات تحصل في سوريا من شأنها طمأنة إسرائيل. وقدم الأميركيون كل المغريات المطلوبة في حال أثبتت سلطة الشرع قدرتها على فعل ذلك، وقد انطلقت الاختبارات، عبر تعديلات في طريقة تعامل سلطة دمشق الجديدة مع الفصائل الفلسطينية في سوريا، وتذرعت بأن فصائل المقاومة ولا سيما الجهاد الإسلامي تريد استخدام الأراضي السورية لتنفيذ أعمال عسكرية ضد اسرائيل. علما ان الوساطات الامنية كانت قد انتقلت الى مستوى استعداد سلطة دمشق للمساعدة على كشف أماكن رفاة جنود إسرائيليين فقدوا خلال الحرب على لبنان في عام 1982. وبحسب المصادر الديبلوماسية، فإن إدارة دمشق لم تقفل الأبواب أمام «وساطة إنسانية» ليتبين أنها تعنى باحتمال موافقة السلطة الجديدة على تسليم إسرائيل رفات العميل الشهير إيلي كوهين الذي اعتقل وأعدم في سوريا في القرن الماضي. والذي تسعى إسرائيل إلى استعادته منذ عقود طويلة، كان الأسد الأب والابن يرفضان ذلك. ويبدو أنّ موضوع التواصل بين إسرائيل والشرع لا يقتصر على الإماراتيين، حيث نشرت صحافة إسرائيلية أمس أن الحكومة القطرية سهّلت عقد لقاءات «تعارفية» بين مسؤولين سوريين ومسؤولين إسرائيليين في العاصمة القطرية. ونقلت «هآرتس» عن مصدر لم تسمّه بأنّ الاجتماع حصل على «مستوى مسؤولين أمنيين، وأن الهدف منه إنشاء قناة نقل رسائل ومنع التصعيد». لكن الأهم في كل ما يحصل، هو أن الوسطاء الغربيين لا يجدون أنفسهم في حاجة إلى ممارسة أي ضغط لإفهام سلطة الشرع بأنه يجب ألا يضع أمامه مهمة إعادة بناء جيش قوي، وأنه لن يجد في المدى المنظور من يبعيه السلاح النوعي. مع إغراءات من أجل مساعدته في بناء أجهزة أمنية وشرطية تتولى الأمور الداخلية. أورتاغوس للبنانيين: تعلّموا من الشرع! صارحت المبعوثة الأميركية الخاصة بلبنان مورغان أورتاغوس، المسؤولين اللبنانيين بقولها عبر قناة «lbci» إن «الرئيس السوري أحمد الشرع كان لينًا كثيرًا وأعطيناه قائمة بالأشياء التي نريده أن يقوم بها، ونريد أن نتأكد من أنه قادر على حكم سوريا بطريقة تكون في صالح جميع الناس والأقليات» معتبرة أنه «يمكن للبنان أن يتعلم درسًا من الشرع وكيف عمل مع السعودية للتحدث مع الرئيس دونالد ترامب وفريقنا حول فوائد رفع العقوبات وخاصةً تلك المتعلقة بقانون قيصر من أجل السماح بالاستثمار». وكررت أورتاغوس أننا «سنعمل بشكل وثيق مع السعودية والإمارات وقطر في كل خطوة للتأكد من أننا سنصل إلى النتيجة الصحيحة، وكانت تلك الدول والولايات المتحدة واضحة مع لبنان بأن الطريق إلى السلام والازدهار واضح وهو عبر نزع سلاح الحزب ليس فقط جنوب الليطاني بل من البلد كله». وبحسب وثائق ديبلوماسية اطلعت عليها «الأخبار»، فإن الولايات المتحدة عمدت منذ الأيام الأولى لسقوط الأسد إلى فتح قنوات التواصل مع الإدارة الجديدة التي قادها أحمد الشرع، وانطلق الأميركيون من قاعدة أن مسار العلاقات بين الجانبين، يجب أن يكون محكوماً بقائمة شروط تريد واشنطن من الشرع وفريقه تلبيتها قبل رفع العقوبات المفروضة على سوريا أو التخفيف منها. وكانت وزارة الخزانة الأميركية قد أصدرت أمس مجموعة جديدة من العقوبات على شخصيات لبنانية. وقالت إنهم يعملون على توفير تمويل لحزب الله من خارج لبنان. قلق صيني ومصري وبيدرسون غير متفائل تظهر وثائق ديبلوماسية وجود قلق كبير لدى بعض العواصم الكبرى في الإقليم والعالم حيال المجموعات المصنفة إرهابية والتي تعمل مع الشرع. وهو ما انعكس تبايناً سريعاً بين مصر والإدارة الجديدة في دمشق بشأن طبيعة المرحلة الانتقالية في سوريا. وقد أعدت مصر مطلع العام الحالي مشروع بيان باسم المجموعة العربية أمام مجلس الأمن الدولي حول سوريا يؤكد «أهمية الشروع في عملية سياسية شاملة بملكية وطنية سورية خالصة تشمل جميع مكونات الشعب السوري وقواه الوطنية، بما يؤدي إلى مُشاركة جميع السوريين في صياغة مستقبل أفضل لوطنهم وبناء مؤسساتها الوطنية برعاية من الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية وفق مبادئ قرار مجلس الأمن 2254». وفي حين اعتبرت دمشق أن القرار يتحدث عن دعم مجلس الأمن لعملية سياسية بقيادة سورية تيسرّها الأمم المتحدة، مُتحفظة على رعاية دولية أو عربية لهكذا عملية. وأدان البيان المصري أنشطة الجماعات الإرهابية التي ترغب في استغلال الفراغ الحالي في سوريا، ودعا إلى تعزيز الجهود المُكافحة للإرهاب الذي يُمثل خطراً عالمياً. وفي السياق ذاته، أفاد تقرير ديبلوماسي بأن الصين أبلغت السلطة الجديدة في دمشق أن الاعتراف بها مُرتبط بقطع علاقاتها مع «الحزب الإسلامي التركستاني» الذي تصنّفه سلطات بكين تنظيماً إرهابياً. وعبرت الصين في رسالة بعثت بها عبر مندوبها في الأمم المتحدة «فوكونغ» عن رفضها منح الجنسية السورية لمُقاتلين من هذا الحزب، إضافة إلى منح قائده «عبد العزيز خدابردي» رتبة عميد في الجيش السوري. كما طالبت الصين بعدم السماح باستخدام الأراضي السورية منطلقاً لتهديد أمنها. وفي تقرير ديبلوماسي آخر، يظهر أنه خلال جلسة مشاورات مُغلقة في مجلس الأمن حول الوضع في سوريا في 27 كانون الأول الماضي، أعرب المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسون عن «هواجس حيال سلطات الأمر الواقع في سوريا، خاصة في ضوء تصنيف «هيئة تحرير الشام» حركة إرهابية من قبل الأمم المتحدة». لكن بيدرسون لفت إلى «أن أحمد الشرع لا يزال في طور التعلم». مضيفاً أنه فهم من الشرع خلال اللقاء معه في دمشق «أنه قادر على القيام بعملية سياسية شاملة لكن بعد توحيد الفصائل المُسلحة». لكن بيدرسون – الذي لا يحبه الشرع ولا فريقه – تحدث في الجلسة عن أن استقرار سوريا «يتطلب انتقالاً سياسياً يتصف بالشفافية. وهذا غير مُتوافر حالياً حيث تتخذ السلطات إجراءات من دون الاستناد إلى مُشاورات واسعة. وحيث يوجد قلق عميق حيال تجنيس المُقاتلين الأجانب». والريبة الموجودة عند فريق الشرع من بيدرسون، ظهرت أيضاً عند المبعوث الأممي، لا سيما لجهة أن الشرع يريد وقف التعامل مع القرارات الدولية التي كانت معدة لمرحلة انتقالية. وهو ما كشفته وثيقة ديبلوماسية بهذا الخصوص، وفيها «أن السلطة في دمشق أوعزت إلى وفد سوريا لدى الأمم المتحدة بالعمل مع الوفود الأخرى من أجل إلغاء أي إشارة إلى «عملية الانتقال السياسي» في سوريا، وتأكيد ضرورة «دعم المُؤسسات القائمة في الدولة السورية وجهودها لإعادة الاستقرار».

الأخبار: هل سلّمت واشنطن إدارة سوريا ولبنان للسعودية؟ بغداد تنتظر…
الأخبار: هل سلّمت واشنطن إدارة سوريا ولبنان للسعودية؟ بغداد تنتظر…

وكالة نيوز

timeمنذ 5 أيام

  • وكالة نيوز

الأخبار: هل سلّمت واشنطن إدارة سوريا ولبنان للسعودية؟ بغداد تنتظر…

المصدر:الوكالة الوطنية للإعلام وطنية – كتبت صحيفة 'الأخبار': ينتظر لبنان نتائج زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الخليج لكونها تنعكس على أوضاعه في عدة اتجاهات. ومع أن الواضح، أن بند تقديم العون للبنان اقتصادياً ومالياً لم يكن مُدرجاً على جدول أعمال لا الرئيس الأميركي ولا قادة الخليج، إلا أن ما خلصت إليه الاجتماعات في السعودية على وجه التحديد، جاء ليؤكد أن واشنطن في طريقها إلى ترك ملفات سوريا ولبنان لتدار من قبل السعودية. وهو ما جرى التعبير عنه في تعامل واشنطن مع الملف السوري لجهة رفع العقوبات 'تلبية لطلب' السعودية أو حتى اللقاء بين ترامب والرئيس السوري أحمد الشرع. لكن ما قاله ترامب عن لبنان ظلّ محور ترقّب داخلي، وسوف يراقب لبنان انعكاس هذا الموقف على اجتماعات القمة العربية في بغداد، والتي يترأس وفد لبنان إليها رئيس الحكومة نواف سلام، والسؤال يبقى حول الموقف من ورشة إعادة إعمار ما خلّفه العدوان الإسرائيلي المستمر على لبنان، خصوصاً أن الدول العربية المعنية، أو التي بعثت برسائل تعبّر فيها عن الاستعداد للمساعدة في الورشة، أكّدت أن العائق أمامها الآن، لا يتعلق بموقف الولايات المتحدة فقط، لكن بالأساس، كون الحكومة اللبنانية لم تبادر إلى إطلاق برنامج إعادة الإعمار بعد، ولم تعرض خطتها ولا برامجها الخاصة بهذه الخطوة. وحسب مصادر مطّلعة، فإن دولاً عربية منها العراق وقطر والكويت والجزائر، وحتى دولة الإمارات، أبدت رغبتها في المساهمة في ورشة إعادة الإعمار. ويبدو العرض العراقي هو الأكثر وضوحاً بين كل ما سبقت الإشارة إليه. وتقول مرجعية على تواصل مع القيادة العراقية، إن المسؤولين العراقيين أبدوا استغرابهم لعدم إقدام الحكومة في لبنان على إطلاق الورشة، وسألوا عما إذا كان ذلك ناجماً عن ضغوط خارجية أو عن رغبة أطراف محلية بعدم إطلاق ورشة الإعمار. وتضيف المرجعية أن الاتصالات التي جرت مع الحكومة العراقية، كشفت عن استعداد لصرف مبالغ ضخمة في ورشة الإعمار، من بينها صرف الأموال المستحقة للحكومة العراقية كثمن للفيول الذي يؤمّن بصورة مفتوحة لمصلحة شركة كهرباء لبنان. وكشفت المرجعية، أن المستحقات التي للعراق في ذمة الحكومة اللبنانية ارتفعت من 1.2 مليار دولار إلى 1.8 مليار دولار، وأن الحكومة العراقية تبدي استعدادها لاستخدام هذه الأموال في الورشة، وهي بصدد اتخاذ قرار بإنشاء مؤسسة عراقية رسمية لتولّي الإشراف على هذا المشروع. وكان مجلس الوزراء استمع أمس إلى رئيس الحكومة حول ملف إعادة الإعمار، وهو قال إن 'اللجنة المعنية بمتابعة قرض البنك الدولي البالغ 250 مليون دولار، يمكن أن يكون لديها دور تنسيقي على مستوى إعادة الإعمار'. وهذه اللجنة مؤلّفة من وزراء معنيين مباشرة بقطاعات محدّدة ستطاولها المشاريع المموّلة من قرض البنك الدولي، ولا تشمل إعادة إعمار المساكن ولا بلدات الحافة الأمامية. عندها طُرح اقتراح بأنه في حال تخطّت الهبات التي تأمل الحكومة استقطابها، أو القروض التي يمكن عقدها لصالح صندوق إعادة الإعمار، المليار دولار، يمكن تشكيل لجنة أوسع. حيث سيكون بوسع وزارات غير معنية مباشرة بمشاريع البنى التحتية الاستفادة من الأموال لصالح مشاريع أخرى. ولفتت المصادر إلى أن 'مجلس الوزراء أضاف على لجنة إعادة الإعمار التي هي برئاسة رئيس الحكومة ومؤلّفة من وزيرة البيئة تمارا الزين ووزير الطاقة جو الصدّي، وزير الاقتصاد عامر البساط ووزيري الاتصالات شارل الحاج والمالية ياسين جابر'. ترامب ولبنان بالعودة إلى زيارة الرئيس الأميركي، فهو كان قد قال إن 'حزب الله جلبَ البؤس إلى لبنان ونهب الدولة اللبنانيّة. ميليشيا حزب الله وضعت بيروت في المأساة، مستعدون لمساعدة لبنان في بناء مستقبل من التنمية الاقتصاديّة والسّلام مع جيرانه'. وقد كانت هذه الكلمات كافية لتحديد معالم المرحلة المقبلة التي تنبئ بمزيد من الضغوط على لبنان. ومن يعرف فحوى الرسائل العربية التي كانت تصل إلى لبنان ولا تزال حتى الآن، منذ وقف إطلاق النار في 27 تشرين الثاني الماضي، يفهم جيداً أن ترامب تحدّث بلسان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الذي وضعَ شرطاً أساسياً لمساعدة لبنان وهو التخلص من سلاح حزب الله. يقول مطّلعون، إن التوجيه واضح للسلطة الجديدة في ما يتعلق بهذا الأمر، فضلاً عن ربط المساعدات بالعلاقة مع الجيران، وهو تلميح إلى التطبيع مع العدو الإسرائيلي. وقد حملَ قرار رفع العقوبات عن سوريا، الذي اتّخذه الرئيس الأميركي 'تلبية لطلب ابن سلمان' رسالة أخرى إلى السلطة في لبنان، باعتبار أن الرياض تعتقد بأنها 'تتلكّأ في تنفيذ ما هو مطلوب'، وجاء التحذير بطريقة غير مباشرة، عبر لفت الانتباه إلى التعامل مع الرئيس السوري أحمد الشرع الذي يقدّم فروض الطاعة، وأكثر مما هو مطلوب منه وهو وافقَ على السير في خطوات تقوده بشكل أو بآخر إلى اتّفاقيات أبراهام وقبض ثمن ذلك وساطة سعودية لدى الأميركيين وفتح باب المساعدات، وبالتالي فإن الرسالة الأميركية – السعودية جاءت بوضوح، أنه على من يريد أن يحظى بما حظيَ به الشرع، أن يبادر إلى تلبية الشروط من دون تلكّؤ. ترامب قال أيضاً إن 'لبنان قادر على التحرر من قبضة حزب الله وإن الرئيس جوزيف عون يمكنه بناء دولة بعيداً عن الحزب'، وقد فسّر المطّلعون هذا الكلام على أنه 'ردّ على التعامل المرن والموضوعي لعون مع ملف السلاح وتأكيده الدائم على الحوار كسبيل للحل من دون دفع البلد إلى الانفجار وتخريب العهد'. وتوقّعت أن يزداد الضغط على لبنان في الفترة المقبلة، وقد ترسل واشنطن قريباً إلى لبنان موفدين لتكرار المطالب الأميركية وتذكير عون والحكومة بضرورة الإسراع بالبتّ في ملف السلاح. في هذا الوقت، يستمر الحوار غير المعلن بين الدولة والحزب، لكن بأشكال مختلفة عمّا يجري تظهيره في وسائل الإعلام. ويبدو أن البحث قد توسّع ليطاول أكثر من نقطة من بينها ملف مؤسسة 'القرض الحسن' التي يطالب الأميركيون بإقفالها. وعلمت 'الأخبار' أن المعنيين بالحوار نقلوا أخيراً إلى الحزب 'أجواء الضغط الأميركي في هذا الإطار، وبأنها ضغوط متزايدة، رغم أن مسؤولين في الدولة تحدّثوا إلى شخصيات في الإدارة الأميركية وشرحوا حساسية هذا الأمر'. وقد بادر مسؤولون في الحكومة إلى مطالبة الحزب بـ'التعاون لمعالجته والبحث عن صيغ مقبولة لا تؤدي إلى زعزعة الاستقرار'. وقد ردّ حزب الله على الرسائل بالقول: 'إن مؤسسة 'القرض الحسن' هي جمعية لا تبغي الرّبح، وإن توسّعها جاء نتيجة للعقوبات والضغوط التي تعرّضت لها بيئة الحزب واهتزاز الثقة بالمصارف اللبنانية'، كما أوضح الحزب أن ''القرض الحسن' له دور في تخفيف الأعباء عن الناس، حتى في موضوع الإيواء والترميم، واتّخاذ أي خطوة ضده قد يؤدي إلى انفجار في وجه الحكومة وزعزعة الاستقرار وهذا ما يجب أن يعرفه الأميركيون جيداً'. وفيما تمنّى الحزب أن 'ينسحب الجو الإيجابي المتصل بملف السلاح على ملف 'القرض الحسن'، وعدم اتّخاذ أي إجراء خارج إطار التفاهمات'، أكّد الحزب 'انفتاحه على مناقشة أي فكرة تعالج الموضوع وتساعد الدولة من دون استفزاز البيئة'.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store