
معرض أبوظبي الدولي للكتاب: تجسيد فلسفة الجمال في مجتمع المعرفة
في كل دورة من دورات معرض أبوظبي الدولي للكتاب، يتجدد مفهوم الجمال الخلاق، مع فكرة عميقة تتجاوز مجرّد عرض الكتب والمطبوعات. هذه الفعالية الثقافية ليست مجرّد حَدَث سنويّ، بل هي محطة أساسية لبناء مجتمع معرفي حقيقي، يستند إلى ثقافة التفاعل والمثاقَفة. يعكس المعرض، الذي يحظى بشرف رعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، وينظّمه مركز أبوظبي للغة العربية، التزاماً راسخاً بتعزيز المعرفة وتوسيع دائرة التفكير، ليس فقط في نطاق القارئ، بل في كل فرد في المجتمع العربي والعالمي.
إن شعار الدورة الرابعة والثلاثين التي انقضت قبل أيام، تحت عنوان 'مجتمع المعرفة.. معرفة المجتمع'، كان بمثابة دعوة واضحة لبناء علاقة متجدِّدة بين الأفراد والمعرفة. هذا الشعار لم يكن مجرّدَ كلمات، بل هو ترجمة فلسفية لمفهوم الثقافة في عصرنا المعاصر. المجتمع الذي نتطلّع إلى بنائه هو مجتمع ينطوي فيه كل فرد على قدرة فكرية وإبداعية، قادر على الإنتاج والمشاركة الفاعلة في صياغة الأفكار وتبادلها.
لقد كان المعرض في هذه الدورة أكثر من مجرد مزيج من الكلمات والطباعة على الورق؛ كان تجسيداً لفكرة عميقة حول الجمال، الذي يبقى ويتجدّد. إن الثقافة الجميلة، التي تميّز المجتمعات المتقدّمة، هي تلك التي تسعى لإثراء الفكر، وتدعو إلى التّجدّد المستمر، وتقدم المعلومة في قالب ينبض بالإيجابية والابتكار. 'الجمال في المحتوى'، كما يقول البعض، وهذا الجمال في معرض أبوظبي يتجسّد في كيف يقدّم المعرفة للناس وكيف يتفاعل معها الجميع، بعيداً عن كونه مجرد حدث ثقافي ضخم.
لكن من أين يبدأ الجمال؟ يبدأ من أن كل فكرة وكل كلمة وكل عمل ثقافي، مهما كان بسيطاً، يجب أن يحمل قوة من التّجدّد والابتكار. كما أن الجمال لا يقتصر على المظهر فقط، بل هو في المضمون، في العرض، وفي التأثير الذي تتركه المعرفة في حياة الأفراد. فما هو جوهر المعرض، إن لم يكن تجسيدا لهذا الجمال الذي يبقى؟ إن الجمال هو الذي يجعل من هذا الحدث أكثر من مجرد مكان لشراء الكتب، بل هو الفضاء الذي يعيد خلق العلاقة بين الإنسان والمجتمع، وبين المعرفة والواقع.
ولعلّ أروع تجسيد لهذا الجمال كان من خلال تسليط الضوء على شخصية المعرض هذا العام، ابن سينا. هذا الفيلسوف والطبيب الذي جسّد نموذجاً لفكر مستنير، استلهم من معرفته الإنسانية الأسس التي قامت عليها العديد من العلوم. ابن سينا، الذي كان له الفضل في نقل وتطوير الفلسفة اليونانية، يمثّل رمزا لإسهام الفكر العربي في صناعة حضارة عالمية. كذلك، فإن استحضار 'ألف ليلة وليلة' كان بمثابة العودة إلى الأدب العربي الذي يحمل في طيّاته جماليات إنسانية وثقافية تلامس وجدان الأفراد على مَرّ العصور.
إن الثقافة القبيحة لا تلبث أن تختفي وتزول، بينما تبقى الثقافة الجميلة، التي هي بمثابة طاقة إيجابية تمنح الحياة قِيَماً وأهدافاً أسمى. الجمال الذي تقدّمه أبوظبي عاصمة دولة الإمارات في كل مسارٍ من مساراتها الثقافية يبقى، وتستمر الإمارات في تأسيس هذا الجمال في كل مشروع، وكل مسعى. ومن خلال المعرض، نعود دائماً إلى هذه الفلسفة، التي تقول إن البقاء للجمال، وإن الثقافة الجميلة هي التي تملأ العالم بالطاقة والتطور المستمر.
وإذا كانت المعرفة، كما يقال، هي أساس المجتمع، فإن هذا المعرض يكرّس الفكرة عبر تعريف 'مجتمع المعرفة هو معرفة المجتمع'، في ضوء كون العام الحالي هو 'عام المجتمع' الذي أطلقه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد تحت شعار 'يداً بيد'. إن هذه الرؤية تأخذنا إلى مفهوم أوسع عن الثقافة، التي يجب أن تكون شاملة للجميع، لا تقتصر على نخبة أو مجموعة صغيرة؛ من هنا كان حرصنا على أن تكون الدورة الرابعة والثلاثون من المعرض فرصةً حقيقّةً للتفاعل بين الأجيال المختلفة، من خلال الأنشطة المتنوعة التي قُدِّمَت خلاله، سواء كانت ورشاً أو ندوات أو جلسات حوارية؛ تشجيعاً على التفكير النقدي والمشاركة الفاعلة في إنتاج المعرفة، منطلقين في هذا السياق، من إيماننا أن المعرض بمثابة جسر بين الأجيال، يتفاعل فيه الشباب مع كبار المفكرين والكُتّاب، ويمثّل نقطة انطلاق لتحفيز الإبداع والابتكار في مجالات متعددة، بما في ذلك التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي.
بجانب هذه الفعاليات، أتت دورة المعرض 34 لتُشكّل نقطة التقاء تفاعلية بين الجمهور وبين المعرفة، لا سيّما من خلال موضوعات ومواضيع تهمّ المجتمع العربي والعالمي، مثل التعايش والتسامح والانفتاح على الآخر. فالمعرض ليس مجرد تظاهرة ثقافية، بل هو جسر لتعارف وتبادل ثقافي يعكس قيم المحبة والاحترام بين الشعوب.
في الختام، كان معرض أبوظبي الدولي للكتاب هذا العام تجسيداً حقيقياً للفلسفة التي يقوم عليها مركز أبوظبي للغة العربية: أن المعرفة ثقافة، وأن الثقافة هي منبع الجمال المستمر.
وهو نهج مستقى من نبع المعرفة الذي خلفه لنا الأب المؤسس الشيخ زايد رحمه الله، الذي كان يرى أن جواهر الأشياء ومضامينها الراقية يجب أن تتزين بالتفاصيل الجميلة؛ وهي الفكرة التي لا يني يصوغها في أشكال مبتكرة في أشعاره، يقول -رحمه الله- في وصفه للوطن الذي اكتمل بناؤه حين اكتمل جماله وتزين وتزخرف:
ومعرض هذا العام كان دعوة للجميع للمشاركة الفاعلة في فهم هذا النهج الداعي للنظر للجمال باعتباره قيمة أصيلة تُكسب الأشياء بقاءً وخلوداً. كما كان المعرض خطوة مهمة في خدمة هذا المجتمع الثقافي الذي يطمح إلى بناء مجتمع معرفي متجدد، مجتمع يزرع بذور التفكير النقدي والإبداعي في أجياله القادمة. الثقافة العربية، بمكانتها الرفيعة، لا تزال تقدّم للجميع نموذجاً رائداً للحوار الحضاري، والتفاعل الثقافي، الذي يحمل في طياته الوعي والمعرفة والمثاقَفة، ويمهد الطريق لمستقبل أفضل للجميع.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البلاد البحرينية
منذ 3 ساعات
- البلاد البحرينية
معرض أبوظبي الدولي للكتاب: تجسيد فلسفة الجمال في مجتمع المعرفة
في كل دورة من دورات معرض أبوظبي الدولي للكتاب، يتجدد مفهوم الجمال الخلاق، مع فكرة عميقة تتجاوز مجرّد عرض الكتب والمطبوعات. هذه الفعالية الثقافية ليست مجرّد حَدَث سنويّ، بل هي محطة أساسية لبناء مجتمع معرفي حقيقي، يستند إلى ثقافة التفاعل والمثاقَفة. يعكس المعرض، الذي يحظى بشرف رعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، وينظّمه مركز أبوظبي للغة العربية، التزاماً راسخاً بتعزيز المعرفة وتوسيع دائرة التفكير، ليس فقط في نطاق القارئ، بل في كل فرد في المجتمع العربي والعالمي. إن شعار الدورة الرابعة والثلاثين التي انقضت قبل أيام، تحت عنوان 'مجتمع المعرفة.. معرفة المجتمع'، كان بمثابة دعوة واضحة لبناء علاقة متجدِّدة بين الأفراد والمعرفة. هذا الشعار لم يكن مجرّدَ كلمات، بل هو ترجمة فلسفية لمفهوم الثقافة في عصرنا المعاصر. المجتمع الذي نتطلّع إلى بنائه هو مجتمع ينطوي فيه كل فرد على قدرة فكرية وإبداعية، قادر على الإنتاج والمشاركة الفاعلة في صياغة الأفكار وتبادلها. لقد كان المعرض في هذه الدورة أكثر من مجرد مزيج من الكلمات والطباعة على الورق؛ كان تجسيداً لفكرة عميقة حول الجمال، الذي يبقى ويتجدّد. إن الثقافة الجميلة، التي تميّز المجتمعات المتقدّمة، هي تلك التي تسعى لإثراء الفكر، وتدعو إلى التّجدّد المستمر، وتقدم المعلومة في قالب ينبض بالإيجابية والابتكار. 'الجمال في المحتوى'، كما يقول البعض، وهذا الجمال في معرض أبوظبي يتجسّد في كيف يقدّم المعرفة للناس وكيف يتفاعل معها الجميع، بعيداً عن كونه مجرد حدث ثقافي ضخم. لكن من أين يبدأ الجمال؟ يبدأ من أن كل فكرة وكل كلمة وكل عمل ثقافي، مهما كان بسيطاً، يجب أن يحمل قوة من التّجدّد والابتكار. كما أن الجمال لا يقتصر على المظهر فقط، بل هو في المضمون، في العرض، وفي التأثير الذي تتركه المعرفة في حياة الأفراد. فما هو جوهر المعرض، إن لم يكن تجسيدا لهذا الجمال الذي يبقى؟ إن الجمال هو الذي يجعل من هذا الحدث أكثر من مجرد مكان لشراء الكتب، بل هو الفضاء الذي يعيد خلق العلاقة بين الإنسان والمجتمع، وبين المعرفة والواقع. ولعلّ أروع تجسيد لهذا الجمال كان من خلال تسليط الضوء على شخصية المعرض هذا العام، ابن سينا. هذا الفيلسوف والطبيب الذي جسّد نموذجاً لفكر مستنير، استلهم من معرفته الإنسانية الأسس التي قامت عليها العديد من العلوم. ابن سينا، الذي كان له الفضل في نقل وتطوير الفلسفة اليونانية، يمثّل رمزا لإسهام الفكر العربي في صناعة حضارة عالمية. كذلك، فإن استحضار 'ألف ليلة وليلة' كان بمثابة العودة إلى الأدب العربي الذي يحمل في طيّاته جماليات إنسانية وثقافية تلامس وجدان الأفراد على مَرّ العصور. إن الثقافة القبيحة لا تلبث أن تختفي وتزول، بينما تبقى الثقافة الجميلة، التي هي بمثابة طاقة إيجابية تمنح الحياة قِيَماً وأهدافاً أسمى. الجمال الذي تقدّمه أبوظبي عاصمة دولة الإمارات في كل مسارٍ من مساراتها الثقافية يبقى، وتستمر الإمارات في تأسيس هذا الجمال في كل مشروع، وكل مسعى. ومن خلال المعرض، نعود دائماً إلى هذه الفلسفة، التي تقول إن البقاء للجمال، وإن الثقافة الجميلة هي التي تملأ العالم بالطاقة والتطور المستمر. وإذا كانت المعرفة، كما يقال، هي أساس المجتمع، فإن هذا المعرض يكرّس الفكرة عبر تعريف 'مجتمع المعرفة هو معرفة المجتمع'، في ضوء كون العام الحالي هو 'عام المجتمع' الذي أطلقه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد تحت شعار 'يداً بيد'. إن هذه الرؤية تأخذنا إلى مفهوم أوسع عن الثقافة، التي يجب أن تكون شاملة للجميع، لا تقتصر على نخبة أو مجموعة صغيرة؛ من هنا كان حرصنا على أن تكون الدورة الرابعة والثلاثون من المعرض فرصةً حقيقّةً للتفاعل بين الأجيال المختلفة، من خلال الأنشطة المتنوعة التي قُدِّمَت خلاله، سواء كانت ورشاً أو ندوات أو جلسات حوارية؛ تشجيعاً على التفكير النقدي والمشاركة الفاعلة في إنتاج المعرفة، منطلقين في هذا السياق، من إيماننا أن المعرض بمثابة جسر بين الأجيال، يتفاعل فيه الشباب مع كبار المفكرين والكُتّاب، ويمثّل نقطة انطلاق لتحفيز الإبداع والابتكار في مجالات متعددة، بما في ذلك التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي. بجانب هذه الفعاليات، أتت دورة المعرض 34 لتُشكّل نقطة التقاء تفاعلية بين الجمهور وبين المعرفة، لا سيّما من خلال موضوعات ومواضيع تهمّ المجتمع العربي والعالمي، مثل التعايش والتسامح والانفتاح على الآخر. فالمعرض ليس مجرد تظاهرة ثقافية، بل هو جسر لتعارف وتبادل ثقافي يعكس قيم المحبة والاحترام بين الشعوب. في الختام، كان معرض أبوظبي الدولي للكتاب هذا العام تجسيداً حقيقياً للفلسفة التي يقوم عليها مركز أبوظبي للغة العربية: أن المعرفة ثقافة، وأن الثقافة هي منبع الجمال المستمر. وهو نهج مستقى من نبع المعرفة الذي خلفه لنا الأب المؤسس الشيخ زايد رحمه الله، الذي كان يرى أن جواهر الأشياء ومضامينها الراقية يجب أن تتزين بالتفاصيل الجميلة؛ وهي الفكرة التي لا يني يصوغها في أشكال مبتكرة في أشعاره، يقول -رحمه الله- في وصفه للوطن الذي اكتمل بناؤه حين اكتمل جماله وتزين وتزخرف: ومعرض هذا العام كان دعوة للجميع للمشاركة الفاعلة في فهم هذا النهج الداعي للنظر للجمال باعتباره قيمة أصيلة تُكسب الأشياء بقاءً وخلوداً. كما كان المعرض خطوة مهمة في خدمة هذا المجتمع الثقافي الذي يطمح إلى بناء مجتمع معرفي متجدد، مجتمع يزرع بذور التفكير النقدي والإبداعي في أجياله القادمة. الثقافة العربية، بمكانتها الرفيعة، لا تزال تقدّم للجميع نموذجاً رائداً للحوار الحضاري، والتفاعل الثقافي، الذي يحمل في طياته الوعي والمعرفة والمثاقَفة، ويمهد الطريق لمستقبل أفضل للجميع.


البلاد البحرينية
منذ 14 ساعات
- البلاد البحرينية
مستشار جلالة الملك المعظم للشئون الثقافية والعلمية تشارك في إكسبو اليابان
شاركت السيدة هالة محمد جابر الأنصاري، مستشار ملك مملكة البحرين للشئون الثقافية والعلمية، في فعاليات معرض إكسبو المقام في مدينة أوساكا باليابان. وخلال زيارتها لجناح مملكة البحرين في المعرض الدولي، اطّلعت على تفاصيل الموقع وفكرة إنشائه، وما يقدمه من معلومات ثقافية قيّمة توضح العلاقة الوثيقة بين الإنسان البحريني وتراثه البحري، وانعكاس ذلك على حياته الثقافية والاجتماعية والاقتصادية، التي أسهمت في تشكيل شخصيته الإنسانية الغنية والمنفتحة على العالم، مع الحفاظ على عناصر أصالتها وتمسكها بتاريخها الحضاري. وأشادت بما اشتمل عليه الجناح من أفكار مبتكرة ومضمون ثقافي متنوع، إلى جانب اهتمامه بتوضيح الفرص التجارية والاستثمارية المتاحة للمهتمين. كما عبّرت عن إعجابها بجهود الفريق الوطني الذي تفوّق على نفسه في إدارة وتنظيم العمليات اليومية تحت إشراف هيئة البحرين للثقافة والآثار، والمكوّن من نخبة من الكفاءات الوطنية الشابة، للتعريف بصورة المملكة ونموذجها الوطني بماضيه العريق وحاضره المشرق ومستقبله الحافل بطموحات التقدم والازدهار، تحت قيادة صاحب الجلالة عاهل البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، ومساندة صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله. هذا وقد شملت مشاركة الأنصاري زيارات لأجنحة المعرض التابعة لعدد من الدول الشقيقة والصديقة، التي أشاد منظموها بتميز الجناح البحريني ونجاحه في التعبير عن رؤية المعرض في نسخته اليابانية التي تحتفي بقيمة الحياة واحترام حقوق الأجيال القادمة في تحقيق التنمية المستدامة.


البلاد البحرينية
منذ يوم واحد
- البلاد البحرينية
نهيان بن مبارك يفتتح معرض "الوسائط المتعددة: كلنا دوائر مفتوحة"
افتتح الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش، راعي مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون، مساء يوم الأربعاء 15 مايو، معرض "الوسائط المتعددة: كلنا دوائر مفتوحة" في منارة السعديات، وذلك بحضور الشيخ سالم بن خالد القاسمي، وزير الثقافة، ونورة بنت محمد الكعبي والشيخ شخبوط بن نهيان آل نهيان، وزيري الدولة بوزارة الخارجية، وجيه سونغ يو، سفير جمهورية كوريا لدى الدولة، والسيدة تشاي سوك ما، نائبة عمدة الشؤون الثقافية بحكومة مدينة سيول، ورزان خليفة المبارك، العضو المنتدب لهيئة البيئة – أبوظبي، وبدر جعفر، المبعوث الخاص لدولة الإمارات للأعمال والأعمال الخيرية، والدكتور علي بن تميم، رئيس مركز أبوظبي للغة العربية، والشيخة نور فاهم القاسمي، عضو مجلس أمناء مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون، ومحمد عبد اللطيف كانو، عضو مجلس مستشاري المجموعة، وعدد من كبار الشخصيات ونخبة من المهتمين بالشأن الثقافي والفني. ويأتي تنظيم المعرض الذي يُعد أول معرض رئيسي في الشرق الأوسط لفن الوسائط المتعددة الكوري المعاصر، برعاية فخرية من سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، الراعي الفخري المؤسس لمهرجان أبوظبي، وبرعاية سمو الشيخة شمسة بنت حمدان بن محمد آل نهيان، في خطوة غير مسبوقة تجسّد شراكة ثقافية استراتيجية مستدامة بين مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون ومتحف سيول للفنون (SeMA). ويُقام المعرض الذي يجسّد رؤيةً ثقافيةً شموليةً تسعى إلى ترسيخ أبوظبي كمنصة عالمية للتبادل الثقافي وحوار الحضارات، في منارة السعديات حتى 30 يونيو 2025، ليسلط الضوء على مسيرة تطور فن الوسائط الكوري المعاصر على مدى أكثر من ستة عقود، ويبرز كيف تفاعل الفنانون الكوريون مع التحولات الاجتماعية والتكنولوجية العميقة في بلدهم، من خلال أعمال تتقاطع فيها الوسائط المختلفة، في تجربة فنية نابضة بالحياة والتجديد. وقال الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش، راعي مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون، خلال افتتاحه معرض مقتنيات متحف سيول للفنون في أبوظبي: "يأتي تنظيم هذا المعرض في أبوظبي تأكيداً على عمق العلاقات الثقافية بين دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية كوريا الجنوبية، وتجسيداً لرؤية قيادتنا الحكيمة بقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة "حفظه الله"، في تعزيز القوة الناعمة وجهود الدبلوماسية الثقافية، وترسيخ مكانة أبوظبي كوجهة عالمية رائدة للحوار الحضاري وتبادل الخبرات والمعرفة، من خلال بناء الشراكات وتوقيع مذكرات التفاهم مع كبريات المؤسسات الثقافية العالمية، وإطلاق المبادرات المبتكرة في الموسيقى وفنون الأداء والفنون التشكيلية". وأضاف: "مع 48 عملاً فنياً متميزاً لروّاد فن الوسائط في كوريا الجنوبية، وبرنامج مجتمعي تفاعلي مفتوح للجميع، يتيح تنظيم المعرض الأول في منطقة الشرق الأوسط لمقتنيات متحف سيول للفنون بمنارة السعديات في أبوظبي فرصة استثنائية لتعريف الجمهور المحلي والإقليمي بروائع الفن الحديث، عبر مسيرة تاريخية ثرية تمتد من ستينات القرن الماضي وحتى اليوم، وما تحمله هذه الأعمال من تقارب إنساني وحضاري عميق، وتفاعل ثقافي يثير نقاشاتٍ حيوية حول الهوية والمجتمع، ودور التكنولوجيا المتزايد في تشكيل حياة الإنسان المعاصر. وتأتي هذه المبادرة استمراراً لالتزامنا الراسخ بتعزيز الوعي الثقافي والفني لدى المجتمع، وترسيخ قيم التسامح والتعايش والانفتاح على الثقافات العالمية، سعياً نحو مستقبل أكثر إبداعاً وتنوعاً وثراءً". وأشارت هدى إبراهيم الخميس، مؤسس مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون، المؤسس والمدير الفني لمهرجان أبوظبي، إلى "أنّ معرض متحف سيول للفنون (SeMA) لأول مرة في الشرق الأوسط، هو الدليل على أنّ الثقافة تكمل مسار الدبلوماسية، تفتح الأبواب، تتجاوز كلَّ الحدود، تصل كما الأنشودة والقصيدة. بعناقِ القيم، ورباط الثقافة، يحوّل المعرض الاختلاف إلى تبادل إبداعي في عالم متنوع، وأجملُ ما فيه هو التجربة بعمقها وأبعادها الثقافية المتكاملة". وأضافت: "من خلال علاقتنا التاريخية مع متحف سيول للفنون (SeMA)، نحقّق، بفضل ثِقَلِ وعمق روابِطِنا المشتركة، معيارا جديدا للشراكات المؤسسية الدولية، أول معرض لمقتنيات المتحف خارج كوريا، وأول معرض بهذا الحجم للفن الكوري في العالم العربي. كلُّ هذا كيانٌ حيٌّ يتنامى ويتطوّر، بطاقةٍ خلاّقةٍ للمجتمعات الإبداعية في أبوظبي وكوريا والعالم، لقاء فكرٍ وابتكار وفرص جديدة بإبداع يضيء المستقبل من منارة السعديات وفي عام المجتمع، من أبوظبي – العالم في مدينة". ومن جهتها، قالت يونجو تشوي، المدير العام لمتحف سيول للفنون: "يُمثل معرض "الوسائط المتعددة: كلُّنا دوائر مفتوحة" أوسع عرض للفن الكوري المعاصر حتى الآن في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، يضم المعرض 48 عملاً فنياً لـ 29 فناناً كورياً، بما في ذلك أعمال فنية بارزة من مجموعة متحف سيول للفنون، ويُقدم نظرة شاملة على الممارسات الحالية في الفن الكوري المعاصر. يتضمن المعرض عمل "عجلة دارما" للفنان نام جون بايك (1998)، وعمل "كرة راقصة التوصيل" للفنان أيونغ كيم (2022)، واللذين يتتبعان معاً إرث الفن الإعلامي الكوري واتجاهاته المستقبلية، حيث سيُتاح للجمهور في مجلس التعاون لدول الخليج العربية فرصة فريدة للتفاعل مع السياق التاريخي، والخصائص المميزة، والآفاق المستقبلية للفن الكوري المعاصر". وأضافت: "في ديسمبر، سيواصل متحف سيول للفنون هذا الحوار الثقافي من خلال تقديم معرض "التماهي والتقارب"، وهو معرض يُقدّم الفن المعاصر من الإمارات العربية المتحدة، في فرع سيوسومون الرئيسي لمعرض سيما. ونعتقد أن هذه المعارض لن تُعزز التفاهم بين مجتمعينا الفنيين فحسب، بل ستُسهم أيضًا بشكل هادف في الحوار العالمي حول الفن المعاصر". وقد تم تنسيق المعرض الذي يقام ضمن مهرجان أبوظبي 2025 بدعم من الشريكين الرئيسيين للمهرجان شركة مبادلة للاستثمار وجي 42، وشريك الطاقة جي أس إنيرجي، بإشراف القيّمة الفنية في متحف سيول للفنون كيونغ هوان يو، والقيّمة الفنية مايا الخليل من مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون، ويقدّم المعرض مختارات نوعية من أعمال نخبة من الفنانين الكوريين، تُعرض للمرة الأولى في دولة الإمارات، ما يجعل من هذا الحدث منصة ثقافية محورية لتعريف جمهور المنطقة بالإرث الإبداعي لجمهورية كوريا الجنوبية، كما يُمثل باكورة التعاون الممتد بين المؤسستين على مدار ثلاث سنوات. ويستمد المعرض عنوانه من المقولة الشهيرة للفنان الكوري الرائد "نام جون بايك" عام 1966: "نحن في دوائر مفتوحة"، وهي مقولة استشرفت حال عالمنا المترابط الحالي، وتشكل مرتكزًا فلسفيًا يستند إليه المعرض في تقديم الفن كوسيلة للتواصل بين التجربة الفردية والأنظمة الاجتماعية والثقافية المحيطة. ويتكامل الطرح الفني للمعرض مع تصميم مكاني أبدعته شركة 'فورمافانتازما'، يجمع بين الحساسية المعمارية والتعبير المادي المدروس، ضمن سرد بصري متعدّد الطبقات. كما يترافق المعرض مع برنامج عام غني يضم جلسات حوارية، عروضاً فنية وأداء حيّا، إضافة إلى سلسلة من عروض الأفلام الفنية والنقاشات الجماعية، والتي ستُعلن تفاصيلها لاحقاً عبر المنصات الرقمية.ويُشكل المعرض جزءًا من مشروع ثقافي متكامل يتضمّن إصدار كتاب بعنوان "حوارات متعددة"، يضم مجموعة من النصوص لكتّاب مقيمين في دولة الإمارات، بما يُسهم في تعميق جسور التبادل الثقافي بين الإمارات وكوريا. ويمثل هذا الحدث محطة رئيسية ضمن شراكة طويلة الأمد بين مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون ومتحف سيول للفنون، حيث سيُتبع بمعرض ثانٍ مشترك تحت عنوان "التماهي والتقارب"، من المقرر افتتاحه في ديسمبر 2025 في العاصمة سيول، ويجمع أعمالاً لثلاثة أجيال من الفنانين المقيمين في دولة الإمارات. بهذا المعرض، تواصل أبوظبي ترسيخ مكانتها كجسر ثقافي عالمي، وحاضنة للفنون المعاصرة، وميداناً حيوياً للتفاعل الإبداعي متعدد الأبعاد. للمزيد من المعلومات، يرجى زيارة: