logo
الأردنيّة تطلقُ فعاليّاتِ ملتقى الأساتذة الفخريّين

الأردنيّة تطلقُ فعاليّاتِ ملتقى الأساتذة الفخريّين

جفرا نيوزمنذ 2 أيام

جفرا نيوز - انطلقت من رحاب الجامعة الأرنيّة اليومَ أكبرُ تظاهرةٍ علميّةٍ وأكاديميّةٍ معرفيّةٍ متمثّلة بملتقى الأساتذة الفخريّين بنسخته الثانية التي حملت عنوان: "التعليم العالي في عصر التحوّلات المتسارعة"، برعاية وزير التربية والتعليم والتعليم العالي والبحث العلميّ الدكتور عزمي محافظة، وحضور حشدٍ كبيرٍ من العلماء والأكاديميّين والخبراء من مختلف دول العالم.
وقال محافظة في كلمة ألقاها خلال حفل الافتتاح: "إنَّ الملتقى ليس مجرَّدَ فعاليّة رمزيّة، بل هو تأكيدٌ حيٌّ على أهميّة استدامة العلاقة مع العقول اللامعة التي أسهمت في صناعة تاريخ جامعاتنا، ورسمت ملامحَ مستقبل التعليم العالي في الأردنّ"، لافتًا إلى أنَّ الأساتذة الفخريّين يمثّلون ثروةً كبيرةً لا بدَّ من استغلالها والاستفادة من خبراتهم في تطويرِ السياسات التعليميّة، وتوجيهِ البحث العلميّ، وتعزيزِ الشراكات الدوليّة.
وأكّد محافظة أنَّ وزارة التعليم العالي والبحث العلميّ تؤمن إيمانًا راسخًا بأنَّ الأساتذة الفخريّين يمثّلون مخزونًا وطنيًّا من الخبرة والحِنكة، فيجب الاستفادةُ منهم ليس فقط في التدريس، بل في رسم السياسات، وتوجيه البحث العلميّ، وتعزيز الشراكات
وبيّنَ محافظة أنَّ الملتقى أيضًا فرصةً ثمينةً لتنسيق الجهود وتعزيز التعاون الثنائيّ في مجالات البحث العلميّ، والابتكار، والتعليم العابر للحدود، وهو ما يتطلّع إلى تطويرِه ضمنَ أهداف الوزارة الوطنيّة ورؤية التحديث الاقتصاديّ، حيث إنّهم يجدّدون التأكيدَ الكاملَ في وزارة التعليم العالي والبحث العلميّ على التزامهم بدعم كلّ مبادرة تهدف إلى تعزيزِ جَودة التعليم، وتحقيقِ العدالة الأكاديميّة، وربطِ مخرجات التعليم باحتياجات سوق العمل محليًّا وإقليميًّا وعالميًّا.
وأشار محافظة إلى أنّه أصبح لِزامًا علينا، في ظلِّ ما يشهده العالمُ من تحوّلات سريعة في مجالات الذكاء الاصطناعيّ، والتحوّل الرقميّ، أن نعيدَ صياغةَ رؤيتنا للتعليم العالي، بحيث يصبح أكثرَ مرونةً وشمولًا وابتكارًا.
كما أنّ رئيس الجامعة الأردنيّة الدكتور نذير عبيدات قال: "إنَّ قدرَ هذا الجيل أن يشهد التغيّرَ السريعَ للعالم، إلّا أنّنا نحتاج هذا التغييرَ من أجل التحوّل والازدهار، إذ يشكّل الفرصةَ التي قد تمنحنا الكثيرَ إن أحسنّا التعاملَ معها، مؤمِّلًا أن تحملَ السنواتُ القادمة الأملَ والمحبّةَ للفقراء والمهمَّشين والضعفاء.
وأكّد عبيدات أنّ الجامعاتِ تملكُ القدرةَ على التمكين للوصول إلى الفرص المستقبليّة الحقيقيّة والفاعلة، وما هذا الملتقى إلّا ممكِّن لجامعتنا وجامعاتنا الأردنيّة كلّها؛ لتسيرَ جامعتُنا والجامعاتُ الأردنيّة في الدرب الطويل الذي يقودنا الى أجملَ وجهة وغاية.
وشدّدَ عبيدات على أنَّ الجامعات اليومَ مطالَبة باستقلاليّة الفكر والحوكمة التي ترعى وتمكّن طلبتَها من خوض غمار الإبداع والتفكير المُفضي للابتكار، فالإبداع والابتكار هما المفتاح الحقيقيّ لبناء مجتمع قادر واقتصاد قويّ، مشدّدًا على أنّه لا بدَّ للجامعات أن تتحمَّل مسؤوليّة منح الأولويّة لتحدّيات العصر المتمثّلة في تغيّر المناخ والذكاء الاصطناعيّ ورعاية القيم الانسانيّة.
وطرح عبيدات جملةً من التساؤلات حول مستقبل دول الجنوب، إذا ما استطاعت الخوضَ في عالم الحوسبة الكموميّة Quantum Computing,، ممّا سيجعلها تزدادُ فقرًا، بينما ستزداد دول الشمال غنى.
وتساءل عبيدات عمّا سيُحدِثه التطوّرَ الكبيرَ في أنظمة الذكاء الاصطناعيّ الكبير فيما هو وراء المادّة، ما يستوجبُ على علماء الفلسفة والشريعة وعلم الاجتماع وعلماء الخلية والذرّة، الاستعدادَ إلى الإجابة على أسئلة عميقة سيسألها الأطفالُ قبل الكبار.
ووضع عبيدات تساؤلاتٍ عدّة على طاولة نقاش الملتقى حول توظيف الإبداعات مع الريّاح العملاقة العائمة، والتقنيّات الرائدة في تطوير اللقاحات، والحلول لنشر الإنتاج في كلّ مكان في العالم، ما يمكن عملُه تجاه الإنتاج العارم، ومستقبل الموارد البشريّة، وكيف وماذا ولماذا نعلّم طلبتَنا لنصلَ بهم إلى برّ الأمان، ولا نتركهم يجابهون التحدّياتِ الكبرى للحياة، بلا علم قادر، وبلا بحث منتج، وبلا فكر منفتح.
وفي سياق ردِّه على تلك التساؤلات، قال عبيدات: "إنَّ التعليمَ الجيّدَ هو الممكِّن الرئيس للتعامل مع شبه المعجزات القادمة، وإنَّ العلمَ هو الطريق الذي سيقود العالم للخروج من تحدّيات الفقر المُدقِع، وهو المعادل العظيم الذي يمكن أن يضيّقَ الفجوةَ بين الاقتصادات المتقدّمة وتلك الضعيفة".
فيما ألقى البروفيسور فليب جيسوب من جامعة كوينز الكنديّة كلمةَ الأساتذة الفخريّين، قال فيها: "إنَّ الملتقى العام الماضي حقّق نجاحًا باهرًا، إذ جمع بين العديد من الشخصيّات من دول وثقافات مختلفة، يحملون رؤىً ومهاراتٍ متنوّعةً، وإنّني أتطلّع اليومَ إلى لقاء أكبر عدد ممكِن منكم، وإلى التحاوّر معكم، فلنتبادلْ خبراتِنا، ولنُشعلْ في نفوسنا نارَ التعلّم من بعضنا البعض".
وعبّرَ جيسوب عن أملِه في توسيع التعاون بين الجامعة الأردنيّة وجامعة كوينز خصوصًا، في مجال تبادل أعضاء هيئة التدريس والطلبة، مؤكِّدًا قضاءَ بعض الوقت في بلد مختلف، والتعرّفَ إلى كيفيّة حياة وثقافة وفكر ذلك البلد، وطريقةَ ممارسته للبحث العلميّ، هو أمر لا يُقدّر بثمن.
وحولَ تجربته التدريسيّة في الجامعة الأردنيّة، قال جيسوب: "إنّني قد لمستُ في طلبة الجامعة الأردنيّة حدّةَ الذكاء، وتوقًا حقيقيًّا للتعلّم، وأنَّ لديهم الشغفَ وتلك الرغبةَ الصادقةَ في المعرفة.
وعرّج جيسوب على تجربته البحثيًة مع عدد من أعضاء هيئة التدريس في الجامعة الأردنيّة حول موضوعات:"الكيمياء الخضراء" والعلوم المرتبطة بها، مثل تطوير طرق جديدة لتحويل ثاني أكسيد الكربون إلى منتجات قيّمة، وابتكار محفّزات جديدة لإنتاج وقود الهيدروجين النظيف من الماء، وتصميم تقنيّات أكثر صداقة للبيئة في مجالات الزراعة والطبّ والتدفئة الشمسيّة.
وشارك في هذه التظاهرة نحو 80 عالمًا من أعرقِ جامعات العالم، ممّن حصلوا على لقب أستاذ فخريّ، لقاءَ إسهاماتهم البارزة والفارقة في مجالاتهم الأكاديميّة أو البحثيّة، التي شكّلت منعطفًا تاريخيًّا للجامعة الأردنيّة، نظرًا لأهميّوها البالغة على العديد من الأصعدة الأكاديميّة والبحثيّة والتكنولوجيّة والاجتماعيّة.
وتهدف الجامعةُ من عقد هذا الملتقى إلى التأسيسِ لمِنصّةٍ علميّةٍ لتبادل الخبرات والمعارف وتبادل الأفكار بين العلماء من مختلف المجالات والتخصّصات والبلدان والثقافات،، التبادل الذي يمكن أن يؤدّيَ إلى اكتشافات جديدة وتعزيز الفهم العلميّ المشترك، في سعيٍ لتشجيع ريادة الأعمال والمشاركة الصناعيّة واستكشاف فوائد وتحدّيات تكوين الشراكات بين مؤسّسات التعليم العالي والصناعة، بما في ذلك فرص التعاون البحثيّ وبرامج التدريب ومبادرات نقل التكنولوجيا.
وتأملُ الجامعةُ أن يشكِّل الملتقى حافزًا لدعم جهود التعاون بإتاحته الفرصَ لبناء علاقات تعاون دوليّة في مشاريع بحثيّة مشتركة، بما يسهم في التغلّبِ على التحدّيات العالميّة والجديدة في التعليم العالي، ومناقشةِ الابتكار في طرق التدريس والتعلًم، ودورِ التقنيّات الناشئة، مثل الذكاء الاصطناعيّ، في تشكيل مستقبل التعليم العالي وبناء المهارات والكفاءات القياديّة لدى القادة التربويّين الحاليّين والطموحين.
وتستضيف الجامعةُ هذا الحدث الأكاديميَّ البارزَ بوصفها منارةً فكريّةً في سماء العلم والمعرفة؛ فالملتقى ليس مجرَّدَ تجمّع علميّ، بل احتفالًا بالروح الإنسانيّة التي تسعى إلى التفوّق والتقدّم، في لحظة تستحضر فيها الجامعةُ سمعتَها الأكاديميّةَ وترسّخ قِيمَها الرائدة، وتفتح أبوابَها واسعةً لاستقبال عقول لامعة وأفكار متجدّدة من شتّى أنحاء العالم.
وفي ختام فعاليّات افتتاح الملتقى، كرّم رئيسُ الجامعة الأردنيّة الدكتور نذير عبيدات وزيرَ التربية والتعليم العالي الدكتور عزمي محافظة لدور الوزارة البارز في تقدّم الجامعة وازدهارها، وعددًا من الأساتذة المشاركين في الملتقى، الدروعَ لقاءَ دورِهم المهمّ في دفعِ عجلة البحث العلميّ في الجامعة، ومساعدتِها على النهوض بتصنيفها العالميّ، ودفعِ عجلة الإنتاج العلميّ على كافّة الصعد وتطويرِه.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

لغة الأرقام في التصريحات الرسمية
لغة الأرقام في التصريحات الرسمية

جفرا نيوز

timeمنذ يوم واحد

  • جفرا نيوز

لغة الأرقام في التصريحات الرسمية

جفرا نيوز - الجزء 1 من 3 مركز عبر المتوسط للدراسات الاستراتيجية في أي دولة، تشكّل البيانات الرسمية الصادرة عن المسؤولين مرجعية للرأي العام وصنّاع القرار والمجتمع الدولي على حد سواء. ولكن حين تتناقض هذه البيانات وتتضارب الأرقام بين جهة وأخرى، أو بين تصريح وآخر لنفس المسؤول في أوقات متفاوتة، لا بل متقاربة احياناً، او بطرح وعود بعيدة عن الواقع، وتحديد مدد زمنية لتنفيذها، ومع مرور الزمن، تتكشف الحقائق، دون انجاز وتتكرر الأمور بصياغات جديدة دون مراجعة او محاسبة، وتضيع الحقيقة في زحام الروايات المتباينة، الا اننا نعيش في عالم تتسارع فيه وتيرة الحصول على المعلومات وتتكشف فيه الحقائق بسرعة غير مسبوقة، وخاصة تلك المتعلقة "بتضارب الأرقام" التي لم يعد مجرد زلة بيروقراطية عابرة، بل أصبحت ظاهرة تتطلب الوقوف عندها، بسبب ان المصداقية تصبح على المحك، لا سيما حين تكون هذه الأرقام جزءًا من الركائز الأساسية لمستقبل الدولة بكافة قطاعاته، التعليمية والاقتصادية والتنموية. ان الرأي العام الذي كان يعتمد فقط على ما يُقال من منابر رسمية، قد تغير بشكل جذري في عصر توفر المعلومات المتسارع الذي منحه الفرصة للمقارنة والتحليل واستخلاص النتائج، والتي في حال تناقضها سيؤدي الى اضعاف العلاقة بين المواطن ومؤسسات الدولة. ان هذه الظاهرة التي لم تعد مقتصرة على مسؤول دون غيره، بل باتت تمس قطاعات حيوية لها ارتباط مباشر بحياة الناس ومستقبل الدولة، والتي منها على سبيل المثال قطاع التعليم العالي (مديونية الجامعات)، المياه، والثروات لطبيعية (وهي القطاعات التي اتابعها شخصياً بحكم التخصص) وغيرها من القطاعات. وعليه فان تناقضها له انعكاسات وتداعيات على ثقة المواطن، وفعالية الخطط الوطنية، وصورة الدولة أمام المجتمع الدولي. فعلى سبيل المثال، سبق وان اشرت في مقال سابق تحت عنوان "مديونية الجامعات الرسمية بين الواقع والتضخيم" والمنشور بتاريخ 5/7/2023، بان تصريحات كانت صادرة عن معالي وزير التعليم العالي بتاريخ 10/1/2022، أن مديونية الجامعات الرسمية بلغت 100 مليون دينار (وتم التأكيد على هذا الرقم بتاريخ 7/6/2022) ثم تبعها تصريح آخر وبتاريخ 7/9/2022 من قبل ذات الوزير بأن مديونية 8 جامعات بلغت 173 مليون دينار، إلا أنه وخلال الحلقة النقاشية التي عقدت في منتدى شومان الثقافي والمنشور بتاريخ 18/12/2022 يبين أن مديونية 8 جامعات بلغت 192 مليون دينار. ان المدقق يجد انه من غير المعقول ان تقفز مديونية الجامعات من 100 مليون في حزيران الى 173 مليون دينار في أيلول ومن ثم الى 192 مليون دينار في كانون الأول خلال العام 2022، ولم يتم الكشف عن أسباب هذا التفاوت، او في الية الاحتساب والمعايير المستخدمة، او الى مكامن الخلل، والتي قد تعود الى تضارب التقارير الصادرة عن الجامعات (فعلى سبيل المثال، أعلن أحد رؤساء الجامعات في شهر آذار، 2022 أن مديونية الجامعة التي يترأسها بلغت 20 مليون دينار، ليعود ويخاطب بكتاب رسمي في شهر تموز من العام ذاته يدعي فيه أن مديونية الجامعة تزيد على 40 مليون دينار، وهو الامر الذي يخالف الواقع المالي للجامعة عند استلامه لها، وكما هو بنهاية 2021، ولم يتم مناقشة الموضوع علانية مع من سبقه ومعه للوقوف على الحقيقة. ان التقرير الأخير للوضع النقدي للجامعات والذي تم اعداده بداية هذا العام، بين بأن مديونية الجامعات قد بلغت أكثر من 224.35 مليون دينار مع نهاية العام 2024. كما تبين بان الأرقام الواردة فيه عن بعض الجامعات لا تتوافق مع تصريحات رؤسائها، كما هي الأردنية واليرموك مثلاً. وفي حال التسليم بما ورد في تقرير الوضع النقدي للجامعات كما هو في نهاية 2024 فأننا ايضاً نجد بان هناك مبالغ مالية ترتبت لصالح الجامعات على الجهات الباعثة للطلبة من المؤسسات الرسمية وغيرها من الجهات المختلفة تزيد عن 179.48 مليون دينار. وفي حال اوفت هذه الجهات بالتزاماتها المالية اتجاه الجامعات فان مديونية الجامعات ستكون حوالي 44.87 مليون دينار فقط، هذا في حال كانت الأرقام الواردة في التقرير دقيقة. أبرز مظاهر تضارب التصريحات يظهر في ملف مديونية الجامعات الرسمية، حيث تختلف الأرقام الصادرة من وزارة التعليم العالي عن تلك التي تصدر عن الجامعات نفسها، كما تختلف بين تصريحات الإدارات السابقة للجامعات والتي خلفتها (وهذا عائد الى غياب المؤسسية والشفافية في الطرح، او الى ان البعض قد يمارس التضليل المتعمد لتشوية صورة شخصاً ما او لإظهار صورة وردية زائفة للقادم المنقذ)، مما يُربك الرأي العام، ويضعف أي خطط إصلاح مالي أو أكاديمي يتم الحديث عنها في الجامعات. ما يزيد الإرباك هو غياب الخطط الجادة لتسوية المديونية أو معالجة أسبابها الهيكلية، أو ضعف القيادات الاكاديمية والإدارة المالية داخل المؤسسات الأكاديمية، أو اتخاذ القرارات العشوائية على حساب الكفاءة. وفي هذه الحالة، فانه من حق المجتمع الأكاديمي والشارع الأردني ان يقف على الحقيقة، اما من خلال اجراء مناظرات علنية بين إدارات الجامعات السابقة وتلك التي خلفتها في الموقع، او من خلال لجنة مشكلة من جهة رسمية يثق بها الشارع الأردني كهيئة النزاهة ومكافحة الفساد ومحاسبة أصحاب الادعاءات الغير صحيحة، لإعادة ثقة الشارع الأكاديمي والمجتمعي بالمؤسسات الاكاديمية.

كيف يُستهدف وعي الأردنيين رقمياً؟
كيف يُستهدف وعي الأردنيين رقمياً؟

جفرا نيوز

timeمنذ يوم واحد

  • جفرا نيوز

كيف يُستهدف وعي الأردنيين رقمياً؟

جفرا نيوز - الدكتور جهاد كمال فريج في زمن تتقاطع فيه السياسة مع التكنولوجيا، وتختلط فيه الحقيقة بالوهم، تواجه المجتمعات تحديًا غير تقليدي وهو الذباب الإلكتروني. لم يعد الأمر مجرد حسابات وهمية أو تعليقات عابرة، بل أصبح منظومة رقمية منظمة، تتسلل إلى الفضاءات العامة لتشكيل الرأي، وتوجيه الانتباه، والتشويش على الحقيقة. الأردن، كغيره من الدول التي تنشط فيها الحياة السياسية والاجتماعية، لم يسلم من هذا الهجوم الخفي. هذا الذباب، كما يُسمّى مجازًا، يعمل على تكرار الشائعات حتى تبدو واقعية، ويعتمد على الضخ المعلوماتي المضلل والموجه، مستهدفًا وعي الأردنيين وثقتهم بمؤسساتهم، بل وحتى بثقتهم ببعضهم البعض. إنه ليس جديدًا، لكن أدواته صارت أكثر تطورًا وخبثًا. تؤكد الباحثة في شؤون الأمن الرقمي "جاكلين شندلر" أن "الهجمات الرقمية الممنهجة باتت واحدة من أخطر أشكال الحروب غير التقليدية، لأنها لا تحتاج إلى سلاح بل إلى خوارزميات ومحتوى مصمم بعناية". وهو ما يجعل من الذباب الإلكتروني تهديدًا حقيقيًا للاستقرار المجتمعي. وفي تحليل نُشر بمجلة "Foreign Policy"، أوضح الخبير في الإعلام الرقمي "بيتر سينغر" أن الجيوش الإلكترونية تنمو كالفطريات في بيئات النزاع، وتُستخدم لإعادة تشكيل الوعي الجمعي. ويضيف: "الغاية ليست فقط التضليل، بل إنهاك المجتمعات نفسيًا، وزرع الشك في كل شيء: في المعلومة، وفي المصدر، وحتى في النوايا". هذا ما يعاني منه الأردنيون اليوم، فكلما تصاعد حدث سياسي أو اقتصادي، تصاعد معه سيل من المنشورات المجهولة المصدر، وصار من الصعب التمييز بين النقد المشروع، والهجوم الممنهج. وحين يفقد الناس بوصلتهم بين الحقيقي والمزيف، تفقد النقاشات معناها، ويعلو الضجيج فوق أي صوت عقلاني. تقول الباحثة الأمريكية "سامانثا برادشو" من جامعة أوكسفورد، إن الذباب الإلكتروني يعتمد على "تكتيكات الخداع العاطفي"، أي نشر محتوى يستفز الغضب أو الخوف، لتحفيز التفاعل، دون النظر إلى صحة المعلومة. وهو ما يظهر بوضوح في بعض الحملات التي تروّج لروايات غير موثقة، مستخدمة عبارات شعبوية، وصور مفبركة. في الأردن، ورغم وعي جزء كبير من المجتمع بهذه الظاهرة، إلا أن الأدوات التقنية والقانونية لمجابهتها لا تزال محدودة. تحتاج المؤسسات إلى استراتيجيات أكثر تقدمًا، ليس فقط لرصد الحسابات الوهمية، بل لفهم آليات انتشار المحتوى وتفكيك شبكاته. الذباب الإلكتروني لا يستهدف الحقيقة فقط، بل يستهدف الثقة. وعندما تتآكل الثقة، يصبح المجتمع هشًا، سهل الانقسام، سريع الاشتعال. إنها حرب جديدة تُخاض على الشاشات والهواتف، لكن ضحاياها من البشر الحقيقيين. لهذا، فإن مواجهة الذباب الإلكتروني لا تكون فقط بتعقّب الحسابات أو حذف المنشورات، بل ببناء وعي نقدي، وتعزيز ثقة المواطن بمصادره، وتوفير إعلام مهني قادر على الرد والتوضيح دون تهويل أو تبسيط. الوعي هو السلاح الأقوى في هذه المعركة. فحين نُدرك أن بعض ما يُكتب لنا لا يُكتب من أجلنا، بل ضدنا، نكون قد بدأنا أول خطوات الحماية.

شركات البورصة والتداول المالي، قبل أن تقع الفأس بالرأس
شركات البورصة والتداول المالي، قبل أن تقع الفأس بالرأس

جفرا نيوز

timeمنذ يوم واحد

  • جفرا نيوز

شركات البورصة والتداول المالي، قبل أن تقع الفأس بالرأس

جفرا نيوز - فارس الحباشنة المتورطون في قضايا البورصات و»التعزيم» التي انتشرت في جنوب الأردن، ما زالوا في السجن، ولم يمضوا بعد مدة المحكومية القضائية، والصادرة عن محكمة أمن الدولة. وصَدرت أحكام بسجن متورطين في قضايا البورصة الوهمية بالحبس لمدة 20 عامًا، وتضمين مبالغ مالية تجاوزت عشرات ملايين الدنانير، وتمثل القيمة المالية للمبالغ التي استُولي عليها من المواطنين. وتدخلت محكمة أمن الدولة لحماية مال المواطنين والاقتصاد الوطني. والأردن دولة عدل وقانون. والتعامل مع قضايا الفساد القديم والوليد والمستجد، يُنبه إليه الإعلام والرأي العام. ومعنى ذلك، أن عين الدولة اليوم ليست غافلة عن الفساد المستجد والوليد. واليوم، يُروَّج في الأردن لنوع جديد من التداول المالي وشركات البورصة العالمية، وتنتشر إعلاناتها ومنشوراتها على وسائل التواصل الاجتماعي. ويتسلل إلى ثقافة الأردنيين مفهوم «الربح السريع» وجني المال بكبسة زر، وأن أبواب الغنى والنجاح تقف وراء شاشة، ودون جهد أو تعب، ودون وقت. إعلانات مغرية وخاطفة، وكالحلم ورمشة العين، وغالبًا ما تمتد بإعلان مشرق ومضيء على شاشة صغيرة وفيديو قصير، ويعدك أن تصبح مليونيرًا وثريًا في أيام وأسابيع، لا شهور وأعوامًا. في فضيحة البورصات الوهمية ما بعد عام 2000، ومن رهنوا ذهب ومجوهرات زوجاتهم وأخواتهم، ووضعوا «تحويشة العمر» بين أيدي شركات وهمية غير مرخصة. اليوم، تتكرر أوهامهم بالذات، بالخديعة والمصيدة، ويقعون ضحايا لشركات بورصة عالمية. ولكن، بأدوات وأساليب وطرق إعلان وترويج عصرية. وتبدأ القصة بمتابعة خبير على «السوشيال ميديا» يظهر على صفحات شركات بورصة وتداول مالي، ويلبس ملابس أنيقة، ويتحدث بلغة ممزوجة بين العربي والإنجليزي «المشوَّهين»، ويُروّج لجني المال والربح السريع كما لم يُفعل من قبل. وخلف هذا السحر الرقمي، وسحر الشاشات، تقع الخديعة الكبرى وصناعة الوهم وبيع الأحلام، ومن لا يملكون القناعة والصبر، فسرعان ما يقعون ضحايا لشركات متوحشة ومفترسة. من منح هذا الشخص، الذي يبيع الوهم والعاطفة والخداع، لقب محلل مالي؟ وهو يجهل في أبسط أبجديات الاقتصاد وعلوم البورصة والتحليل المالي؟ وذكروني بقصص الباحثين عن الآثار والذهب، والاستعانة بمشعوذين وسحرة من المغرب والسودان. خلف منصات التداول يقف خطاب وصورة متقنة في صناعة الأوهام ومغازلة الأطماع، ويُغري الطامعين والطامحين بصور فارهة لفلل وقصور، ومراكب ويخوت بحرية، وطائرات خاصة، وسفر وترحال، وسيارات فارهة، ونساء جميلات، صور مليئة بالثقة، وخالية من الحقيقة. والمضحك، أن خبير التداول المالي العبقري وبائع الأحلام والأوهام، يخرج من باب الشركة، لا يملك سيارة، ويبحث عن تاكسي أو سرفيس ليصل إلى البيت أو يكمل مشواره إلى مكان آخر، وهاتفه يرن ويفصل، وغير مشحون، واشتراكه منتهٍ، ويشبك إنترنت على الشبكات المجانية المتوفرة في الشارع والمقاهي والمكاتب. هذا لا علاقة له بالاستثمار، بل هو مشروع تجاري وثقافي يستهدف فاقدي اليقين، والواهمين، والمؤمنين بالثراء والربح السريع في زمن معقد وصعب، وزمن المستحيلات الكبرى. كبسة زر، وأرباح مليونية، ولعب ومغامرة لشركات في أموال مواطنين مسكونين بالوهم واللايقين، وشركات بلا وثائق ولا أوراق رسمية، ولا بيانات مالية مدققة، ولا شفافية في التداول، وإن كانت مرخصة، فليس ذلك كافيًا ولا ضامنًا لحماية أموال المتداولين. وهي مجرد مسرحية استعراضية، عنوانها أرقام، وجوهرها خدعة وتضليل، والأبطال هم ضحايا جدد في وحل ومستنقع البورصات والتداول المالي، وأبطال جدد متورطون في خداع وإيهام وتضليل المواطنين. السؤال الأهم: أين الإفتاء ورجال الشرع من معاملات التداول وشركات البورصة؟ وقد أجمعت مرجعيات فقهية على تحريمه، لما يطال الناس من ظلم وضرر. واقتصاديًا، فإنه ضرر على الاقتصاد الوطني. فماذا تصنع المنصات الرقمية للتداول إنتاجًا وتنمية اقتصادية؟ بل إنها تستنزف الشركات والاقتصادات الصغيرة والمتوسطة والكبيرة، وتحول المواطنين إلى ضحايا؟!. يقع على عاتق الدولة مسؤولية كبرى، وإن قبل أن تقع الفأس بالرأس. ويجب أن تُشرعن وتراقب شركات التداول المالي والبورصات. وعلى الإعلام أن يكف عن الترويج لحملات شركات مشبوهة، ولمن يبيعون الوهم. وخصوصًا، الشركات التي تلصق اسمها برعاية ودعم نشاطات إنسانية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store