
ترمب يثير الحيرة بتحول مفاجئ إزاء شراء الصين النفط الإيراني
بدا وكأن الرئيس الأميركي دونالد ترمب نسف، الثلاثاء، سنوات من العقوبات الأميركية المفروضة على إيران، بمنحه أكبر زبائنها، الصين، الضوء الأخضر لمواصلة شراء نفطها، في إطار مسعاه لتعزيز وقف إطلاق النار مع إسرائيل.
أثار الإعلان الذي نُشر على مواقع التواصل الاجتماعي - والذي فاجأ تجار النفط ومسؤولين في إدارته - احتمال تقويض الركيزة الأساسية في سياسة واشنطن تجاه إيران، والتي سعت عبر إدارات متعاقبة إلى حرمان النظام الإيراني من مصدر دخله الرئيسي بجعل صادراته النفطية محظورة.
قال ترمب، عبر حسابه على منصته "تروث سوشال": "يمكن للصين الآن مواصلة شراء النفط من إيران"، وذلك وسط سلسلة من المنشورات التي طالب فيها بوقف الأعمال العدائية بين إسرائيل وإيران.
جاء هذا التصريح بعد ساعات فقط من إعلان ترمب أن العدوين في الشرق الأوسط توصلا إلى وقف لإطلاق النار، إلا أن هذا الاتفاق بدأ بتعثر بعد خروقات مبكرة من الجانبين، وكان ذلك عقب ضربات جوية أميركية واسعة استهدفت عدة منشآت نووية تابعة لإيران، الأحد، في هجوم يهدف إلى منع طهران من الحصول على سلاح نووي.
واصلت أسعار النفط خسائرها عقب تصريحات ترمب، إذ هبطت العقود المستقبلية لخام غرب تكساس الوسيط 6% لتستقر قرب 64 دولاراً للبرميل.
وجاء هذا الانخفاض مع تراجع التهديد الذي كانت تمثله الحرب بين إسرائيل وإيران على تدفقات الخام.
وقال أشخاص مطلعون على الوضع إن مسؤولي وزارتي الخزانة والخارجية الأميركيتين، المعنيين بملف العقوبات على النفط الإيراني، فوجئوا بتصريح ترمب ولم يكونوا على دراية بكيفية تفسيره على الفور.
ومع ذلك، سيواصل مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة تطبيق العقوبات ذات الصلة بشكل صارم، بحسب أحد الأشخاص، الذي طلب عدم الكشف عن هويته نظراً لحساسية المسألة من الناحيتين السياسية والسوقية.
ولم ترد وزارة الخزانة الأميركية على الفور على طلبات التعليق، بينما أحالت وزارة الخارجية الاستفسارات إلى البيت الأبيض.
العقوبات الأميركية قائمة
أشار مسؤول كبير في البيت الأبيض لاحقاً إلى أن العقوبات ستظل قائمة، موضحاً أن الرئيس لا يزال يحث الصين وغيرها من الدول على استيراد النفط الأميركي بدلاً من الإيراني، إذ يُعد ذلك انتهاكاً للعقوبات الأميركية.
وأضاف المسؤول، أن منشور ترمب كان يهدف فقط إلى الإشارة إلى أن تحركاته، خلال الأيام الماضية، ضمنت عدم تأثر مضيق هرمز، الذي كان سيتسبب في أضرار جسيمة للصين لو تعطل.
ورفضت المتحدثة باسم وزارة الخارجية، تامي بروس، تقديم مزيد من التفاصيل خلال إفادة صحفية، الثلاثاء، وقالت: "لن أستبق الرئيس أو أحاول تخمين استراتيجيته. الأمور تتغير بسرعة، وأعتقد أننا سنعرف قريباً جداً".
يأتي هذا التحول الظاهري أيضاً في وقت تسعى فيه إدارة ترمب إلى التوصل إلى إطار تجاري جديد مع الصين، والتراجع عن حرب الرسوم الجمركية التي بلغت فيها الرسوم مستويات كانت كافية لوقف التجارة بين أكبر اقتصادين في العالم.
قال مارك مالك، مدير الاستثمار في شركة سيبرت، إن تصريحات ترمب بدت وكأنها "تنازل رمزي" للصين وإيران تقديراً لتعاونهما في المحادثات الجارية مع الولايات المتحدة الأميركية.
وأضاف: "معظمنا يرى أن هذه مجرد تصريحات في الوقت الحالي. لكنها فاجأتني فعلاً".
إشارات إيجابية للصين
وذكر شخص مطلع على تفكير الرئيس، طلب عدم الكشف عن هويته، أن منح استثناء خاص للصين ربما يكون محاولة من ترمب لإرسال إشارات إيجابية إلى بكين في الوقت الذي يسعى فيه للتوصل إلى اتفاق جديد بشأن الرسوم الجمركية.
ورغم أن هذا التحول المحتمل قد يخفف من بعض المخاطر القانونية المتعلقة بشراء الصين للنفط الإيراني، فإنه من غير الواضح ما إذا كان سيؤثر فعلياً على حجم التدفقات.
وتحصل الصين، أكبر مستورد للنفط في العالم، على نحو 14% من احتياجاتها من الخام من إيران. لكن من المرجح أن النسبة الفعلية أعلى، إذ يتم تمويه بعض الشحنات وكأنها واردة من ماليزيا أو من الإمارات وسلطنة عُمان، وذلك للتحايل على العقوبات الأميركية التي لا تعترف بها بكين.
وبينما لم تُسجل الصين رسمياً أي واردات من النفط الإيراني منذ يونيو 2022، تشير بيانات مقدمي الخدمات من الجهات الثالثة ومتعاملين في السوق إلى أن التدفقات استمرت رغم العقوبات الأميركية الواسعة.
ويعود ذلك إلى أن الصين أنشأت سلسلة توريد خارج السيطرة الغربية، تشمل ناقلات "أسطول الظل" ومدفوعات مقومة باليوان، ما دعم استيراد أكثر من مليون برميل يومياً.
ويُعد النفط الإيراني، الذي يباع غالباً بسعر مخفض، مورداً أساسياً لقطاع التكرير الخاص الكبير في الصين، ومصدراً حيوياً للطاقة لاقتصادها الذي يعاني من تراجع في قطاع العقارات.
أهمية العقوبات على إيران
قال دانيال تانباوم، المسؤول السابق في وزارة الخزانة الأميركية والشريك في شركة "أوليفر وايمان": "كانت العقوبات على النفط الإيراني مهمة للغاية لفترة طويلة، لكنها أيضاً طُبقت بفتور نسبي. سيكون من المبكر جداً الاعتقاد بأن هذه السياسة - التي تفيد كلاً من الصين وإيران - ستمضي قدماً دون رؤية طويلة الأمد لضمان الاستقرار في المنطقة، قبل السماح فعلياً بتجارة شرعية للنفط الإيراني مع الصين".
كان ترمب شدد، في تصريحات، الشهر الماضي، على ضرورة أن تتوقف جميع عمليات شراء النفط الإيراني أو المنتجات البتروكيماوية "فوراً!"، محذراً من أن المشترين سيخضعون لعقوبات ثانوية ويُمنعون من إجراء أي معاملات مع الولايات المتحدة.
واستند هذا التهديد إلى تحذيرات سابقة أطلقتها إدارته، في فبراير، حين قال وزير الخزانة سكوت بيسنت، إن واشنطن تعتزم خفض صادرات النفط الإيراني إلى أقل من 10% من مستوياتها الحالية، في إطار تجديد حملة "الضغط الأقصى" التي أُطلقت في ولاية ترمب الأولى.
وكجزء من تلك الحملة، فرضت الولايات المتحدة الأميركية عقوبات على مئات ناقلات النفط لدورها في نقل النفط الإيراني، ودون تخفيف في تلك الإجراءات، قد يظل بعض المشترين متحفظين.
معاقبة الصين
واستهدف البيت الأبيض كيانات صينية اشترت النفط الإيراني، وهو ما قد يجعل مشترين آخرين أكثر حذراً. كما أن العقوبات الثانوية على مبيعات إيران ما زالت قائمة، ومن غير الواضح ما إذا كانت تصريحات الرئيس ستؤثر على وضعها.
وكانت تلك العقوبات تهدف إلى إجبار إيران على التخلي طوعاً عن تخصيب اليورانيوم حتى لا تتمكن من تطوير سلاح نووي.
ولا يزال من غير المؤكد ما إذا كانت الضربات الجوية الأميركية في نهاية الأسبوع قد ألحقت ضرراً بالغاً بالمنشآت النووية الإيرانية، في حين لا تزال الوكالة الدولية للطاقة الذرية تجهل مصير مخزون طهران البالغ 409 كيلوجرامات من اليورانيوم عالي التخصيب، وهي كمية يُعتقد أنها تكفي لإنتاج 10 رؤوس نووية.
هذا المحتوى من "اقتصاد الشرق".
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


أرقام
منذ ساعة واحدة
- أرقام
صحيفة: ترامب يفكر في اختيار الرئيس الجديد لمجلس الاحتياطي الاتحادي مبكرا
نقلت صحيفة وول ستريت جورنال أمس الأربعاء عن مصادر مطلعة القول إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يفكر في اختيار وإعلان بديل لرئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي) جيروم باول بحلول سبتمبر أيلول أو أكتوبر تشرين الأول.


عكاظ
منذ ساعة واحدة
- عكاظ
الدوسري ينال الماجستير
تلقى العقيد عجب بن محمد المصارير الدوسري، التهاني والتبريكات من الأهل والأصدقاء، بمناسبة تخرجه من الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والإستراتيجية وحصوله على درجة الماجستير وزمالة كلية الحرب العليا في جمهورية مصر العربية. أخبار ذات صلة


عكاظ
منذ ساعة واحدة
- عكاظ
الإعلام المضاد.. المفهوم والإستراتيجيات وآلية استخدامه
«الإعلام المضاد»؛ مصطلح يُستخدم لوصف الإستراتيجيات والتكتيكات لمواجهة الروايات الإعلامية المغلوطة أو المضللة الناتجة عن حملات إعلامية متعمدة أو معلومات غير دقيقة. المفهوم عملية تصميم ونشر محتوى إعلامي يهدف إلى دحض المعلومات المغلوطة، وتصحيح المفاهيم الخاطئة، أو مواجهة الروايات الإعلامية الساعية للتأثير على الرأي العام بشكل مضلل. ويُستخدم في سياقات مختلفة، بما في ذلك: تعزيز الوعي العام، وتوعية الجمهور بحقائق علمية أو تاريخية لمواجهة الشائعات. ويتميز بكونه استباقاً أو رد فعل، حيث يمكن أن يستخدم للوقاية من تأثير الدعاية قبل انتشارها أو للتصدي لها بعد أن تكتسب زخماً. الإستراتيجيات تعتمد فعاليته على استخدام إستراتيجيات مدروسة تتضمن مزيجاً من التحليل العلمي، والتواصل الفعال، وفهم السياق الاجتماعي والثقافي، وتشمل الإستراتيجيات الرئيسية: 1. تحليل الرواية المضادة: - رصد المعلومات المغلوطة: يتطلب الإعلام المضاد تحليلاً دقيقاً للروايات المنتشرة لتحديد مصادرها، أهدافها، والجمهور المستهدف. - تقييم التأثير: فهم مدى تأثير المعلومات المغلوطة على الرأي العام باستخدام أدوات تحليل البيانات، مثل رصد وسائل التواصل الاجتماعي. 2. إنتاج محتوى موثوق: - الاعتماد على الحقائق: يجب أن يعتمد الإعلام المضاد على مصادر موثوقة ومعلومات يمكن التحقق منها. - الوضوح والشفافية: تقديم المعلومات بأسلوب بسيط ومباشر لضمان وصولها إلى الجمهور المستهدف. - التنوع في الأشكال: استخدام وسائط متعددة مثل الفيديوهات، الرسوم البيانية، والمقالات للوصول إلى شرائح مختلفة. 3. استهداف الجمهور بدقة: - تحديد الجمهور المستهدف: فهم الشريحة الاجتماعية أو الثقافية التي تأثرت بالرواية المغلوطة. - تخصيص الرسائل: تصميم رسائل تتناسب مع القيم والمعتقدات الثقافية للجمهور. 4. التوقيت المناسب: - الاستجابة السريعة: الرد السريع على الأخبار المغلوطة يقلل من انتشارها. - الاستباقية: نشر محتوى توعوي قبل انتشار الروايات المغلوطة في حالات الأزمات المتوقعة. الخلاصة: يتطلب الإعلام المضاد تخطيطاً دقيقاً وإستراتيجيات مدروسة، بالاعتماد على الحقائق، واستهداف الجمهور بدقة، والاستفادة من التكنولوجيا، ويمكن له أن يلعب دوراً حاسماً في بناء مجتمعات أكثر وعياً ومقاومة للتضليل. ومع ذلك، يجب استخدامه بحذر لضمان تحقيق الأهداف دون التسبب في آثار سلبية. أخبار ذات صلة