التقرير السنوي لشركة الكهرباء الوطنية للعام 2024
وفي ظل تعاظم التحديات التي تواجه قطاع الطاقة، يأتي تقرير شركة الكهرباء الوطنية للعام 2024 حاملاً في طياته العديد من المؤشرات والبيانات التي تستحق الوقوف عندها بالدراسة والتحليل. فالتقرير لا يسلط الضوء فقط على أداء الشركة، بل يعكس كذلك حالة منظومة الكهرباء الأردنية برمتها، بما في ذلك مستويات الطلب على الكهرباء، والكلف المصاحبة ، الفقد الكهربائي، والنتائج المالية التي تؤثر بشكل مباشر على استمرارية التزويد بالكهرباء والاستقرار المالي في المملكة.
أبرز ما يلفت النظر في التقرير هو تسجيل زيادة سنوية ملحوظة في كمية الطاقة الكهربائية المولدة والمشتراة من شركات التوليد، حيث بلغ مجموع هذه الطاقة 22,723 جيجاواط ساعة في عام 2024، مقارنة بـ21,473 جيجاواط ساعة في عام 2023، أي بنسبة نمو بلغت 5.8%. وهي نسبة لا يمكن إغفالها، خاصة وأنها تعكس ارتفاعاً واضحاً في الطلب على الكهرباء في المملكة، وهو ما يتطلب استمرار الاستثمار في البنية التحتية وقدرات التوليد والنقل لمواكبة هذا النمو.
بالتوازي مع نمو كمية الطاقة المولدة، شهدت كميات الطاقة المباعة لشركات التوزيع والمستهلكين الكبار ارتفاعاً ملموساً، إذ وصلت إلى 22,323 جيجاواط ساعة في عام 2024، مقارنة بـ21,105 جيجاواط ساعة في العام السابق، بنسبة نمو مماثلة بلغت 5.8%. وهذا التوازن بين الطاقة المشتراة والمباعة يشير إلى كفاءة تشغيلية عالية نسبياً في عمليات نقل الطاقة من مصادر التوليد إلى جهات الاستهلاك.
ومع أن هذا الرقم قد يبدو تقنياً للوهلة الأولى، إلا أن انعكاساته الاقتصادية والاجتماعية هامة جداً، إذ يعني توفر الطاقة الكهربائية بكميات كافية لدعم النمو الاقتصادي والخدمي، ويعزز من استقرار النظام الكهربائي واستدامته.
رغم الاستقرار النسبي في أسعار الوقود العالمي خلال عام 2024، إلا أن كلفة الطاقة المشتراة من شركات التوليد سجلت ارتفاعاً واضحاً، حيث بلغت حوالي 1,703 مليون دينار أردني، مقارنة بـ1,610 مليون دينار في عام 2023. وهو ما يمثل زيادة مقدارها 93 مليون دينار تقريباً. ويُعزى هذا الارتفاع جزئياً إلى زيادة كميات الكهرباء المطلوبة، إلا أنه يشير أيضاً إلى استمرار الضغوط المالية على شركة الكهرباء الوطنية التي تتحمل مسؤولية شراء الطاقة من شركات التوليد وبيعها لشركات التوزيع بأسعار مدعومة نسبياً وتنعكس كخسارة للشركة كما سيتضح لاحقا.
وهنا تبرز ضرورة مراجعة سياسات التعرفة وتوازن الدعم المقدم في القطاع الكهربائي، حيث أن استمرار ارتفاع الكلفة دون تغطيتها بإيرادات كافية يؤدي إلى تراكم الخسائر على الشركة وبالتالي زيادة مديونياتها.
من المؤشرات الإيجابية التي وردت في التقرير هو تسجيل تحسن طفيف في نسبة الفقد الكهربائي، حيث انخفضت من 1.81% في عام 2023 إلى 1.76% في عام 2024. ورغم أن الفارق يبدو ضئيلاً من حيث النسبة، إلا أن قيمته تتجاوز المليون دينار اردني .
ويُعزى هذا التحسن، كما ورد في التقرير، إلى تطور الأحمال في منطقة العاصمة والوسط، مما يعني أن كمية الكهرباء المنقولة في شبكة النقل إلى تلك المناطق أصبحت أكبر بسبب زيادة التوليد في الوسط والشمال وخصوصا الطافة المتجددة في المنازل عما كانت عليه في عام 2023 وحسب ما تطلبه المنوال التشغيلي للنظام الكهربائي .
ورغم النمو في حجم النشاط والطلب على الطاقة وتحسن بعض المؤشرات الفنية، إلا أن التقرير أظهر استمرار تسجيل خسائر مالية على مستوى شركة الكهرباء الوطنية، حيث بلغت خسائر عام 2024 حوالي 427.5 مليون دينار أردني مقابل 411 مليون للعام 2023 اي بزيادة 16 مليون تقريبا علما ان كلف التمويل او بمعنى اخر خدمة الدين بلغت 218 مليون تقريبا في العام 2024مقابل 163.3 مليون عام 2023 اي ان احد اسباب زيادة الخسائر هي كلف التمويل او خدمة الدين ولو اخذنا بعين الاعتبار مجموع ما دفعته الكهرباء الوطنية كخدمة للدين بسبب خسائرها منذ انقطاع الغاز المصري في عام 2011 لتجاوز الرقم المليار ونصف المليار دينار وهذا الرقم من الضرورة بمكان الوقوف عنده لانه لو استغل في اي مشروع رأسمالي لحقق نتائج داعمة للاقتصاد الوطني ولذلك يجب العمل على اتخاذ اجراءات اصلاحية لوقف تراكم خدمة الدين على الشركة بإي الية تراها الحكومة مناسبة لان استمرار ذلك يزيد في مديونية الشركة والتي تنعكس على مديونية الحكومة ككل ويجعل الشركة تركز على ايجاد الحلول للامور المالية على حساب الامور الفنية التي تعتبر صلب عمل الشركة.
فالخسائر المستمرة لا يمكن تجاهلها، وهي تؤثر بشكل مباشر على قدرة الشركة على تنفيذ مشاريع التوسعة والتحديث، بل وتعرضها لمخاطر التوقف عن الوفاء بالتزاماتها تجاه شركات التوليد المحلية والإقليمية. وهنا تبرز أهمية إيجاد حلول مالية مستدامة، إما من خلال مراجعة أسعار البيع لشركات التوزيع، أو عن طريق تدخل حكومي لدعم الفجوة التمويلية ضمن أسس واضحة.
إن أهمية هذا التقرير لا تقتصر على المعلومات التي يقدمها، بل تمتد إلى كونه أداة حيوية لصنّاع القرار والباحثين والمستثمرين لفهم التوجهات العامة للقطاع الكهربائي. فبينما توفر تقارير شركات التوليد والتوزيع مؤشرات جزئية، فإن تقارير شركة الكهرباء الوطنية تشكل صورة بانورامية للقطاع، وتعطي انطباعاً شاملاً عن التحديات الفنية والمالية والفرص المستقبلية.
في الختام يمكن القول بأن تقرير شركة الكهرباء الوطنية لعام 2024 وتقارير السنوات السابقة تعتبر وثائق فنية ومالية غنية بالمعطيات التي لا بد من قراءتها بتمعن واستغلالها في عملية الإصلاح المستمرة لقطاع الكهرباء في الأردن. فرغم وجود مؤشرات إيجابية على صعيد نمو الطلب وتحسن الفقد، إلا أن التحديات المالية تظل ماثلة وتتطلب إصلاحات استراتيجية جادة. كما أن نجاح الشركة في تأمين الطاقة للمملكة بكفاءة واستقرار يستحق التقدير، لكنه يجب أن يترافق مع سياسات حكومية واضحة لضمان استدامة هذه المنظومة الحيوية.
والله من وراء القصد..

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الوكيل
منذ 2 ساعات
- الوكيل
تخفيضات تصل إلى 5000 دينار من كيا الأردن بالتزامن مع...
الوكيل الإخباري- في خطوة تعكس استجابة حقيقية لنبض السوق المحلي وتطلعات المستهلكين، أعلنت الشركة الوطنية العربية للسيارات عن حملة تخفيضات كبرى تصل قيمتها إلى 5000 دينار أردني على سياراتها الجديدة من فئات الكهرباء، الهايبرد، والبنزين. ويُعد هذا العرض الأول من نوعه بهذا الحجم على مختلف الطرازات، ليمنح المواطنيين فرصة امتلاك سيارة حديثة بمواصفات متقدمة وسعر منافس يصعب تكراره في السوق المحلي. وفي تعليقه على هذه الخطوة، قال عامر بجالي، المدير التنفيذي للشركة كيا، 'نحن لا نقدم مجرد عرض بل نفتح بابا واسعا أمام المواطنيين لامتلاك سيارات أنيقة، اقتصادية، وموثوقة، وهذا وقت العملاءوهذه لحظة السوق الحقيقية.' وتأتي هذه الحملة بالتزامن مع توجهات الحكومة الجديدة التي تشجع على التحول نحو السيارات الكهربائية والطاقة البديلة، في ظل اهتمام متزايد من المستهلكين بخيارات النقل الموفرة والصديقة للبيئة، وفي هذا السياق، تستعد كيا الأردن لتكون في صدارة هذا التحول، من خلال تقديم عروض حقيقية ومباشرة للمستهلك. اضافة اعلان


الوكيل
منذ 2 ساعات
- الوكيل
بعد انخفاض أسعار الذهب .. كم بلغت أسعار الليرة...
الوكيل الإخباري- سجل سعر بيع الليرة الرشادي 472.5 دينار أردني، بينما سجل سعر الشراء 457.1 دينار. اضافة اعلان أما الليرة الإنجليزي، فقد سجل سعر البيع 540 دينار، بينما سجل سعر الشراء 522.4 دينار.


جهينة نيوز
منذ 3 ساعات
- جهينة نيوز
ارتفاع ثقة المستثمرين في الأردن بنسبة 6.2 %
تاريخ النشر : 2025-07-03 - 04:22 pm شهد المؤشر الأردني لثقة المستثمر، الذي يصدره منتدى الاستراتيجيات الأردني، للربع الأول من العام الحالي ارتفاعًا بنسبة 6.2%، ليصل إلى 156.7 نقطة، بعد أن كانت قيمته 147.6 نقطة في الربع السابق (الربع الرابع من عام 2024). ووفق التقرير، شهد مؤشر الثقة في النشاط الاقتصادي تراجعاً من 138.3 نقطة في الربع الرابع من عام 2024 إلى 128.7 نقطة في الربع الأول عام 2025، إذ بلغ معدل النمو في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي حوالي 2.7% في الربع الأول من عام 2025. فيما بلغ معدل النمو 2.0% خلال الربع نفسه من عام 2024، وحوالي 2.7% خلال الربع الرابع من عام 2024. وبلغت قيمة العجز في الموازنة العامة بعد المنح حوالي 537 مليون دينار في الربع الأول من عام 2025. فيما كانت قيمته 681 مليون دينار في الربع الرابع من عام 2024، وحوالي 428.8 مليون دينار في الربع الأول من عام 2024. كما بلغت قيمة التدفقات الداخلة للاستثمار الأجنبي المباشر ما يقارب 227.2 مليون دينار في الربع الأول من عام 2025، وانخفض الرقم القياسي لكميات الإنتاج الصناعي إلى 87.7 نقطة في الربع الأول من عام 2025، بعد أن كان 87.8 نقطة في الربع الرابع من العام 2024. ثانيا، شهد مؤشر الثقة في النظام النقدي ارتفاعًا ليصل الى 200 نقطة في الربع الأول من العام 2025؛ مقارنة مع 199.2 نقطة خلال الربع السابق، إذ نمت قيمة احتياطي العملات الأجنبية لدى البنك المركزي من 14.90 مليار دينار في الربع الرابع عام 2024 إلى 15.61 مليار دينار في الربع الأول عام 2025. وانخفض الفارق في سعر الفائدة بين الدينار والدولار ليبلغ (2.0 نقطة مئوية) في الربع الأول عام 2025 مقارنة بالربع الرابع من العام 2024 (2.1 نقطة مئوية). كما انخفضت قيمة الشيكات المُعادة في الربع الأول من عام 2025 لتصل الى 256.7 مليون دينار. بعد أن كانت قيمتها خلال الربع الرابع عام 2024 حوالي 367.6 مليون دينار. وشهد مؤشر الثقة في النظام المالي ارتفاعًا ملحوظًا من 114.3 نقطة في الربع الرابع من عام 2024 إلى 169.3 نقطة في الربع الأول من عام 2025. وبلغت نسبة الأسهم المشتراة في بورصة عمان من المستثمرين الأجانب إلى الأسهم المبيعة 105.3% في الربع الأول من العام 2025، فيما كانت ما نسبته 56.4% في الربع الرابع من العام 2024. وارتفع مؤشر البورصة بمقدار 478.8 نقطة، ليصل إلى 5,112.3 نقطة في الربع الأول من عام 2025، مقارنة بالربع الرابع من العام 2024، كما نمت قيمة الائتمان المصرفي الممنوح للقطاع الخاص بمعدل 0.1% خلال الربع الأول من عام 2025 مقارنة بالربع السابق، لتصل إلى 31.39 مليار دينار. وتعد الثقة في الاقتصاد من أهم العوامل المؤثرة في عملية التنمية الاقتصادية، فعندما تكون ثقة المستثمرين والمستهلكين في أداء الاقتصاد عالية، ينعكس ذلك الانطباع إيجابًا على الاقتصاد المحلي. والمؤشر الأردني لثقة المستثمر هو مؤشر ربعي يعمل على قياس الثقة بالاقتصاد الوطني، ويستخدم المعدل المرجح لثلاثة مؤشرات فرعية أُعطِيَت كل من هذه المؤشرات قيمة ما بين 100 و200 نقطة. مؤشر الثقة في النشاط الاقتصادي (معدل النمو في الناتج المحلي الإجمالي، الموازنة العامة للحكومة المركزية (بعد المنح)، التدفقات الداخلة للاستثمار الأجنبي المباشر، والرقم القياسي لكميات الإنتاج الصناعي). ويشمل مؤشر الثقة في النظام النقدي: (قيمة احتياطي العملات الأجنبية التي يحتفظ بها البنك المركزي، الفارق في سعر الفائدة بين الدينار والدولار، وقيمة الشيكات المعادة). كما يشمل مؤشر الثقة في النظام المالي: (مؤشر البورصة، نسبة قيمة الأسهم المشتراة في بورصة عمان من المستثمرين الأجانب إلى الأسهم المَبيعة، ومعدل نمو الائتمان المصرفي الممنوح للقطاع الخاص). يعكس إصدار المؤشر الجهد المتواصل لمنتدى الاستراتيجيات الأردني؛ لزيادة مستوى الاستثمار في المملكة، وتطوير بيئة الأعمال بهدف تحسين المستوى المعيشي للمواطن الأردني. تابعو جهينة نيوز على