logo
"أنصار السنة"... آخر كتائب ما بعد الأسد

"أنصار السنة"... آخر كتائب ما بعد الأسد

Independent عربية٠١-٠٦-٢٠٢٥

سرايا "أنصار السنة" هي آخر الكتائب التي ظهرت علانية على الساحة السورية بعد سقوط النظام السوري السابق، كان ذلك في الفاتح من شهر فبراير (شباط) الماضي، وقد أخذت على عاتقها التهديد بقتل وحرق وتهجير الأقليات الطائفية والعرقية، وبالفعل نفذت وتبنت عشرات العمليات الدموية إلى جانب حرق الغابات والأراضي الزراعية في المناطق التي تستهدفها، حاملة شعار "سنأتيكم بالسكاكين لنحصد رؤوسكم".
الغريب في التنظيم الجديد الذي يتبنى الفكر السلفي الجهادي، هو إمعانه في تكفير الرئيس السوري أحمد الشرع وكلّ من والاه، وكيل التهم لهم جملة وفرادى عند كل موقف ومنعطف، لذا فقد صاروا يريدون محاربة "هيئة تحرير الشام" بأكملها وكل ما انبثق منها من هيئات ووزارات وإدارات وشخصيات مرتبطة بها أو تقبل التعامل معها.
تنظيم سري غير مركزي
السرايا لا تزال حتى الآن تنظيماً سرياً غير مركزي لا يُعرف له مكان ثابت للتواجد، فيما ترجّح مصادر مطلعة لـ "اندبندنت عربية"، أن يكون تعداد أفراده لا يزال قليلاً نسبياً، وينتشرون على شكل جماعات منفردة وثانوية العدد ليقوموا بالمهام الموكلة إليهم من دون أن تكون هناك ارتباطات مفتوحة ومبينة ما بين القاعدة والهرم ضمن التسلسل الواضح للإدارة، إلا أن الأكيد أن التنظيم أثار الرعب والخوف بظهوره وعملياته وبياناته ذات الأسلوب الجزل لغوياً.
ومن المؤكد حتى الآن أن السرايا بنيت على اجتماع عناصر منشقة عن "هيئة تحرير الشام"، وقد يكون بعضهم من "داعش"، إضافة إلى عناصر من خلفيات متعددة، فضلاً عن تطويع مدنيين جدد في الهيكلية. ويقود تلك السرايا رجل مجهول اسمه أبو عائشة الشامي، لم يتمكن حتى الآن أحد من الوصول إلى خلفيته أو اسمه الحقيقي ومكان وجوده، فيما يتولى إدارة الشؤون الشرعية في السرايا رجل يعرف بأبو الفتح الشامي.
أهداف السرايا
لم تخف السرايا في أية مرحلة سابقة الهدف من إنشائها، وهو استهداف وقتل "النصيرية والدروز والنصارى والقسديين والروافض وغيرهم من المرتدين" على حد تعبيرهم خلال بياناتهم السابقة، البيانات التي أكدوا فيها أنهم حالياً لا يرون ضرورة للاصطدام العسكري المباشر مع قوى الأمن السوري، إلا أن الأمر قادم قريباً لا محالة، وفي ذات الوقت يوافقون "داعش" في أفكاره وسلوكياته ويتبنون نهجه في التدريب والعمليات، مؤكدين أيضاً أنهم ليسوا جزءاً منه، في الأقل خلال المرحلة الراهنة، لكن ليس من المستبعد أن ينخرطوا في صفوفه قريباً، وإذا ما تم ذلك فسيعلنون عن الأمر مباشرة، بحسب ما ورد في إحدى فتاوى منظر التنظيم.
السرايا أكدت في إحدى إصداراتها عبر مؤسسة تابعة لها اسمها "مؤسسة العاديات الإعلامية"، والتي تصدر عبر "تيليغرام" حصراً كما كل إصداراتهم وبياناتهم وفتاويهم، أنهم شاركوا في مجازر الساحل، وقتلوا كثيراً من سكانه، كما أن باكورة أعمالهم كانت قتل 15 مدنياً في قرية أرزة العلوية في ريف حماة ومن ثم تهجير بقية سكانها عن بكرة أبيهم. مبينين أن كل ما فعلوه حتى الآن لم يكن سوى البداية، "لأن القادم سيكون زلزالاً يهز سوريا بأكملها".
لبنان أيضاً
في واحد من بيانات التنظيم الأخيرة خلال الشهر الجاري حمل اسم "بشائر التمكين في طرابلس الشام"، وبعد الحمد والثناء على الله وبعض الأدعية قالوا إنهم "رفعوا لواءهم في طرابلس الشام (اللبنانية)، وفيها هبت نسائم التمكين، وارتجفت مضاجع المشركين"، وبأنه "بات لديهم خلايا منثورة، وكتائب مستورة، تنتظر الإشارة لتضرب في خاصرة المرتدين من النصيرية (العلوية) والدروز والمرتدين"، إلى آخر ذلك من كلمات لا تخلو من التهديد والتوعد والإشارة إلى التمكين، وإلى أن القادم سيحصل لا مناص منه في لبنان، متى آن الأوان وأزف الميعاد.

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولا شك أن تلك السرايا التي بات يمكن ملاحظة وجودها في ريف حمص الغربي المحاذي لحدود لبنان ستتخذ من هناك منطلقاً لتنفيذ عمليات غالباً ما تكون خاطفة وسريعة ومباغتة، ولن يكون ذلك صعباً في ظل فراغ أمني حدودي ورسمي يعصف بسوريا ولبنان معاً، كما أن تلك السرايا تسمي مقاتليها من منفذي العمليات بـ "الذئاب المنفردة"، ما يعكس طبيعة الدور الفردي للمقاتل ويحرره من عبء التنقل الجماعي واكتشاف الأمر، وهو ما يراه مهتمون سوريون بالشؤون الجهادية بمثابة جرس إنذار يجب وأده في مهده برفع أعلى درجات التنسيق والجاهزية بين البلدين، بخاصة مع الاكتشاف المتواتر لخلايا "داعش" في مناطق قريبة للغاية من العاصمة دمشق نفسها أخيراً.
السر في القيادة
سر السرايا يكمن في رجلين، قائدها أبو عائشة الشامي، ومشرّعها ومنظرها أبو الفتح الشامي، وكلاهما مجهول، ويشتبه في تبعيتهما السابقة لـ"جبهة النصرة" قبل الانشقاق عنها. حاولنا تتبع خيوط عديدة للوصول إلى قيادات في السرايا، وكان ذلك عبر معرفاتهم التي لا تزال صغيرة عبر موقع التواصل الاجتماعي "تيليغرام"، فما بين صفحة السرايا ومنظّر التنظيم ومؤسسته الإعلامية تمكنا من الوصول إلى شخص يدعى أبو البراء الميداني، الذي رفض الحديث عن معلومات حول منصبه أو دوره داخل السرايا، أو إذا ما كان له دور أساساً، إلا أنه وافق على الإدلاء ببعض التصريحات المقتضبة على عجل، وذلك على قاعدة أن "التنظيم يباهي بما ينشر عنه في الصحف، بل ويعيد نشره على معرفاته".
قال الميداني "ليس من مصلحتنا ولا مصلحة أحد حالياً أن يعرف من هو الأمير أبو عائشة لئلا نعرض التنظيم للخطر، ولنضمن سير الأعمال المرجوة بنجاح". وأضاف أن فكرة التنظيم ليست جديدة، بل هي ولدت حقيقة في إدلب قبل سقوط النظام، وظلت متخفية عن أعين أجهزة الجولاني واستخباراته، وأنهم على الدوام نفذوا عمليات لم يتبنوها لأن ذلك كان ضرورة مرحلية تحتم عليهم ذلك، فضربوا في عقر دار الكفرة، وأداروا أمورهم بنجاح من خلف الستار، لكن ذلك الستار أصبح عبئاً غير ضروري، فكان لا بد من الظهور للعلن في مرحلة حساسة من تاريخ الصراع الإسلامي مع أعدائه كضرورة لا تحتمل التأجيل".
الشرع "كافر"
بسؤاله ما إذا كانت بعض الروايات التي تتحدث عن أن التنظيم إعلامي ولا وجود حقيقياً له على الأرض، نفى ذلك بشكل قاطع، مستدلاً بالبيانات التي أصدروها قبل وبعد "إحقاق العدل"، وبأن القادم للأقليات سيبرهن مدى علو كعب السرايا، "لأنهم لن يتركوا حجراً أو بشراً من ضمن ما يملكونه في بنك أهدافهم على قيد الحياة".
وأشار إلى أن "بنك الأهداف هذا ليس ضرورياً أن يشمل الأقليات فقط أو كلهم حتى، لكنه في الأقل سيشمل بعض السنة من المتواطئين مع النظام السابق"، مؤكداً قتلهم قبل أيام مختار حي الوعر في حمص على رغم طائفته السنية، وكذلك بعض السنّة في حلب، لأنهم كانوا على ارتباطات بشكل أو بآخر بنظام "الطاغوت في الشام".
حاول أبو البراء الاكتفاء قبل السؤال الأخير المتعلق بنظرتهم الفعلية للرئيس الشرع، لكنه قال "رجل كافر ومرتد"، وتابع "مخادع مكار لا يعرف عن الإسلام شيئاً، إن واليته قضى عليك، وإن احتميت به زجّك في سجونه، الجولاني ومن معه تخلوا عن نهج العقيدة والسلف الصالح وانبطحوا تحت مصالح الغرب، ومدوا أيديهم لأعداء الأمة والإسلام، وما عادوا منا ولسنا منهم".
المقاتلون الأجانب
أمام هذا التنظيم التكفيري الدموي كان لا بد من محاولة استخلاص استنتاجات تتعلق بمواقفهم من المقاتلين الأجانب في ضوء راديكاليتهم المتشددة للغاية، وهذا ما حاول سامي عبد التوّاب المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية والمتابع لملف "سرايا الأنصار" الإجابة عنه بقوله "أعتقد أن السرايا لن يميزوا بين الأجنبي والمحلي في قتالهم للسلطات، إن تم كما يقولون، فهم الآن شملوا كل من وضع يده بيد الرئيس الشرع في خانة واحدة، فالأجانب بالنسبة إليهم لا يشفع إليهم قدومهم من الصحارى والجبال والوديان وما خلف البحار للجهاد في سوريا، فلا مبرر لهم وقد صاروا ركيزة في الحكم الحالي، ووالوا رئيس هذه المرحلة الذي تكفره الجماعة أشد تكفير، فلا النوايا هنا ولا الجنسيات تتخذ كمبرر".
ويكمل "قد يحمل التنظيم فكراً متبايناً في قضايا محورية كمثل من شق عصا الطاعة ولم ينخرط في مشروع الدولة، وغيرهم ممن انخرط وصار يريد الجنسية، فالفئة الأولى سيسعون لاستقطابها لمواصلة الجهاد، أما الثانية فستكون عدواً".
ويذكّر بأن "داعش" دعا في إصداره الأخير الأسبوع الفائت، المقاتلين الأجانب إلى الابتعاد عن الشرع ونهجه "المرتد والكافر والمنبطح"، فاتحين الباب أمامهم للالتحاق بصفوف جماعات التنظيم المنتشرة في أكثر من مكان من دون الوقوع في فخ تسمية تلك الأماكن.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

على مجلس السيادة أن يساعد كامل إدريس للجلوس علي كرسي رئيس مجلس الوزراء عشان نشوف آخرتا
على مجلس السيادة أن يساعد كامل إدريس للجلوس علي كرسي رئيس مجلس الوزراء عشان نشوف آخرتا

سودارس

timeمنذ ساعة واحدة

  • سودارس

على مجلس السيادة أن يساعد كامل إدريس للجلوس علي كرسي رئيس مجلس الوزراء عشان نشوف آخرتا

■ تدُخل البرهان نزع فتيل التوتر الذي أخذ مناحي أخري ألقت بظلال سالبة علي روح التعاون والتعاضد التي وثّقتها معارك حرب الكرامة بين كل مكونات القوات المسلحة ومن بينها القوات المشتركة التي يعرف الفريق أول البرهان قائد الجيش أهمية أدوراها في منازلة مليشيات التمرد في محاور القتال كافة .. ■ هذه الخطوة تفتح الباب لضرورة ( تدخلات) أخري من الفريق البرهان لحسم ملف تشكيل الحكومة .. تجربة الأيام السابقة أكدت ما ظللنا نطالب به ..كامل إدريس لايملك المعرفة الكاملة بتعقيدات المشهد السياسي السوداني .. ومجموعة( المنظراتية) المحيطة به لن تكف عن تدبيج التصورات ومشاريع العمل لأنها لاتعرف الفرق بين إدارة الحكومات وإدارة المنظمات !! .. هذا اللّت والعجن أنتج مانراه ونشاهده .. (سولاف ونقة) في لاشيئ .. ■ بالأمس تم تعيين وزيري الدفاع والداخلية بعد موافقة الجيش والشرطة .. وبعد تدخل البرهان وحسم ملف وزارات إتفاقية جوبا.. في كواليس التشكيل الوزاري أن الدكتور محي الدين وزير الطاقة الأسبق .. ودكتور هيثم وزير الصحة سيعودان إلي موقعيهما في الصحة والطاقة بعد الإشادة والثناء الذي أبداه بحقهما الفريق البرهان وعدد من أعضاء مجلس السيادة .. ■ من جهة أخري أورد الأستاذ أسامة عبدالماجد رئيس تحرير صحيفة الشعب والمعروف بصلته الوثيقة بأسرار وأخبار الخارجية السودانية أن وكيل الخارجية الأسبق والدبلوماسي المحنّك بدرالدين قد تم التوافق عليه ليكون وزيراً للخارجية في حكومة كامل إدريس المرتقبة .. ■ الوسط الإعلامي ينتظر من د. كامل إدريس حسم تردده بشأن حقيبة وزارة الثقافة والإعلام .. كامل يريد تجديد عهدة الإعيسر لكن بعض زملاء المهنة وبدافع الغيرة والمجايلة ظلوا ( يزنّون) في أذن كامل وحسابه الخاص في الواتس بأن يبعد الإعيسر وتعيين ( واحد) من عديدين قدّموا أنفسهم للموقع !! ■ خلاصة القول أن حكومة الكفاءات راحت في خبر كان .. وعلى مجلس السيادة أن يساعد كامل إدريس للجلوس علي كرسي رئيس مجلس الوزراء عشان نشوف آخرتا .. ■ نصرٌ من الله وفتحٌ قريب ..

ولي العهد يجري اتصالا هاتفيا بأمير دولة قطر
ولي العهد يجري اتصالا هاتفيا بأمير دولة قطر

صحيفة مكة

timeمنذ 2 ساعات

  • صحيفة مكة

ولي العهد يجري اتصالا هاتفيا بأمير دولة قطر

أجرى الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، اتصالا هاتفيا، بأخيه الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر. وفي بداية الاتصال أكد ولي العهد وقوف المملكة التام مع دولة قطر الشقيقة وإدانتها للعدوان السافر الذي شنته إيران على دولة قطر الشقيقة والذي لا يمكن تبريره. كما أكد ولي العهد - حفظه الله - أن المملكة وضعت كل إمكاناتها لمساندة الأشقاء في دولة قطر لما تتخذه من إجراءات لحماية أمنها والمحافظة على سيادتها.

مسيحيون خائفون في دمشق يطالبون الشرع بالحماية بعد تفجير الكنيسة
مسيحيون خائفون في دمشق يطالبون الشرع بالحماية بعد تفجير الكنيسة

الناس نيوز

timeمنذ 5 ساعات

  • الناس نيوز

مسيحيون خائفون في دمشق يطالبون الشرع بالحماية بعد تفجير الكنيسة

دمشق وكالات وعواصم – الناس نيوز :: فقدت لور نصر ثمانية أفراد من عائلتها بينهم زوجها جراء التفجير الانتحاري داخل كنيسة في دمشق الأحد… اليوم، تطلب من الرئيس الانتقالي أحمد الشرع محاسبة المعتدين، وسط تصاعد خوف الأقليات في سوريا. في باحة منزلها في حي الدويلعة في دمشق، تقول السيدة (35 عاما) بانفعال لوكالة فرانس برس بينما تستقبل المعزين 'أريد أن يأخذ أحمد الشرع بنفسه حقي. أليس هو الرئيس، وألم نصبح في دولة ديمقراطية؟'. وتضيف 'دخل (الانتحاري) الى بيت الله وأطلق النار علينا'، موضحة أنه لو لم يعترضه زوجها وشقيقه بعد دخوله الكنيسة، ويفجّر نفسه بهما، 'لكنا متنا جميعا'. وتسأل السيدة بحرقة بينما تحمل هاتف زوجها بطرس وبقايا من ملابسه ملطخة بالدماء 'ماذا فعلوا غير إلحاق الضرر بنا؟ نحن من عائلة واحدة، عائلة العوض بشارة، توفي منا ثمانية أشخاص، بينهم زوجي وسلفي وشقيقتهما'. وبحسب السلطات، 'دخل انتحاري يتبع لتنظيم داعش الإرهابي كنيسة القديس مار إلياس في حي الدويلعة' حيث 'أطلق النار، ثم فجّر نفسه بواسطة سترة ناسفة'. وأسفر الهجوم، وفق حصيلة أوردتها وزارة الصحة الإثنين، عن مقتل 25 شخصا وإصابة 63 آخرين بجروح. وتعهد الشرع في بيان الإثنين بالعمل 'لضبط كل من شارك وخطط لهذه الجريمة النكراء، وتقديمهم للقضاء لينالوا جزاءهم العادل'، مشددا على 'أهمية التكاتف والوحدة، حكومة وشعبا، في مواجهة كل ما يهدد أمننا واستقرار وطننا'. – 'لا نشعر بأمان' – في غرفة متواضعة داخل منزل عائلة أخرى في الدويلعة، تقول جيني الحداد (21 عاما)التي قتل والدها سيمون داخل الكنيسة بينما تتلقى التعازي لفرانس برس 'لم يفعل أبي شيئا. كان يصلي في الكنيسة. في حياته لم يحمل سلاحا أو يحارب أحدا'. على غرار آخرين، تطالب الموظفة الشابة السلطات بأن 'تحاسب من فعل ذلك وتحمي الأقليات'، مضيفة 'كنا نعلم أنه سيحين دورنا'. وتتابع بينما جلست قربها نساء متشحات بالسواد تذرفن الدموع 'ذنبه أنه كان يصلي. كل من كانوا يصلون لم يقترفوا ذنبا'. في زاوية الغرفة، وضعت جيني صورا لوالدها (50 عاما) الذي اعتاد الذهاب الى الكنيسة يومي الأربعاء والأحد. وتقول بحرقة 'لا شيء أصعب من أن تعيش في مكان لا تشعر فيه بالأمان' مضيفة 'لم أعد أرغب بالبقاء هنا، أريد المغادرة لأن الموت يحيط بنا من كل الجهات'. منذ وصول السلطة الانتقالية الى دمشق في الثامن من كانون الأول/ديسمبر، عقب إطاحة حكم بشار الأسد الذي كان يقدّم نفسه حاميا للأقليات، حضّ المجتمع الدولي والموفدون الغربيون دمشق مرارا على حماية الأقليات وضمان إشراكها في إدارة المرحلة الانتقالية. وفاقمت أعمال عنف ذات خلفية طائفية أسفرت في آذار/مارس عن مقتل 1700 شخص في الساحل السوري، غالبيتهم الساحقة علويون، ثم اشتباكات مع مسلحين دروز قرب دمشق أوقعت عشرات القتلى، المخاوف إزاء دور ومصير الأقليات. إلا أن لور نصر تتمسك بالبقاء في بلدها، رغم خسارتها. وتقول 'ليحقّق (الشرع) في القضية ولا يسمح بأن يموت أحد بعد بسبب هذه الأعمال الارهابية. ليلغ داعش من سوريا'، في إشارة الى تنظيم الدولة الإسلامية الذي لم يتبن الهجوم رسميا. وتتابع بإصرار 'أنا سورية مسيحية، أود العيش في سوريا رغما عمن يرضى ومن لا يرضى'. – 'ما هذا الكره؟' – على بعد أمتار منها، جلست نسيبتها تبكي زوجها الذي قضى أيضا في الكنيسة. وتسأل بحزن 'لم هذه الكأس يا ربي؟.. ماذا فعلنا؟ نحن دعاة سلام ومحبة.. ما هذا الكره كله؟'. وتضمّ سوريا أقلية مسيحية انخفض عددها من نحو مليون قبل اندلاع النزاع عام 2011 الى أقلّ من 300 ألف، جراء موجات النزوح والهجرة، وفق خبراء. وأغلقت غالبية المحال التجارية أبوابها الاثنين في حي الدويلعة حدادا على الضحايا، وفق ما شاهد مراسلو فرانس برس، بينما كان شبان يلصقون أوراق نعي الضحايا على الجدران. في الكنيسة، عمل عناصر من الدفاع المدني على جمع ما تبقى من أشلاء متناثرة ووضعها في أكياس بعدما تم رفع الجزء الأكبر من الركام ليلا. ورغم أن السلطة الجديدة ذات التوجه الإسلامي لم تفرض رسميا قيودا على الحريات والسلوك الاجتماعي، لكن انتهاكات غالبا ما تُصنّف 'فردية' وبعض الاجراءات والقرارات الرسمية، تثير قلقا وخشية من فرض قيود على نمط العيش والحريات الشخصية. وكان إشكال وقع أمام كنيسة مار الياس في آذار/مارس، بعدما اعترض سكان على توقف سيارة دعوية بثّت عبر مكبر الصوت أناشيد اسلامية. وتدخل الأمن العام لاحقا لاحتواء الوضع. ويقول نبراس يوسف (35 عاما) الذي نجا من التفجير لكنه فقد ستة من أصدقائه وجيرانه لفرانس برس، 'اليوم لم تعد تتمكن من حماية نفسك، أو تشعر بالأمان حين تدخل الى الكنيسة بعد تفجير مماثل'. ويرى أن 'تراكم' تجاوزات عدة حصلت خلال الأشهر الماضية من دون تدخل السلطات للحد منها أدى الى هذه النتيجة. ويضيف 'عندما لا تشعر بأمان في معتقدك ودينك وممارسة شعائرك، فأنت مواطن درجة رابعة'، مضيفا 'أريد من يوفر لي الأمان والمعيشة'.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store