
15 Aug 2025 16:06 PM بعد نصائح لاريجاني... نعيم قاسم يهدد بـ"تراجيديا دموية"
الواضح أن قاسم أصر على استخدام "معركة كربلائية" كونها تشكل رمزًا في الوجدان الشيعي للتضحية والفداء في مواجهة الظلم، حتى لو كانت كفة القوة العسكرية راجحة للطرف الآخر. وكأنه باستعمالها يوحي بأن الحزب يرى نفسه في معركة وجودية ذات بُعد عقائدي وديني، وليس مجرد مواجهة سياسية أو عسكرية عابرة، وهو يهدف إلى تعبئة جمهور الحزب".
رئيس المركز الإسلامي للدراسات والإعلام القاضي الشيخ خلدون عريمط يأسف لما ورد على لسان قاسم ويقول لـ"المركزية"، "كلامه لا يبشر بالخير ولا يساعد إطلاقاً على بناء الدولة ومؤسساتها. ويمكن القول أنها دعوة لتفجير لبنان من الداخل. الحكومة اللبنانية التي تمثل الشعب اللبناني دستورياً ومعها مؤسسات الدولة وفي مقدمها رئاسة الجمهورية في مكان، والشيخ نعيم قاسم في مكان آخر وكأنهما خطّان متناقضان لا يلتقيان. ومن المؤسف أن ما يدعو إليه الشيخ نعيم قاسم هو إلغاء لمنط الدولة لمصلحة بقاء الدويلة. وهنا الطامة الكبرى".
في كلام "التهديد" يصوب قاسم على الحكومة ورئيسها ضمناً نواف سلام ويقول"الحكومة ارتكبت قراراً خطيراً جدا ينتهك الميثاق الوطني ويدمر الأمن الوطني وحذر من زج الجيش في هذا المسار وسجله الوطني نظيف".
وتعقيباً على ذلك، يقول القاضي عريمط "لم يدرك حزب الله حتى الآن أن غالبية اللبنانيين المطلقة في مكان، وهو وحزبه في مكان آخر. ولم يدرك ايضاً أن القضية ليست قضية رئيس الحكومة نواف سلام، وليست قضية رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، إنما هي قضية الشعب اللبناني بكل مكوناته وقضية الدولة ونهوضها بكل مندرجاتها ولا زال يعيش في أوهام المشروع الإيراني الذي انتهى بعودة سوريا وشعبها إلى الحضن العربي".
واقع قد يجر لبنان إلى ما لا تحمد عقباه وهذا ما يلمح إليه قاسم من خلال التطرق إلى الجيش اللبناني وقوله "لا تزجوا الجيش" فهل نحن مقبلون على مشهدية سوداوية؟
"من المحزن أن لبنان مقبلٌ في الأسابيع والأشهر القادمة على المزيد من الآلام والجراحات، لأنه لا يمكن أن يستمر منطق ومشروع حزب الله الذي يلغي مفهوم الدولة ومقومات وجودها. والواضح ان كلام الأمين العام للحزب لا يتجه نحو تسوية ما ، وإنما يعدّ العدّة لتغليب مشروع الدويلة على مفهوم الدولة، وهنا تكمن خطورة إمكانية الصدام بين مشروع الدويلة ومفهوم الدولة. هذا ما يجب أن يُعمل عليه ليل نهار لعدم وقوعه. ويستوجب من الحزب أن يستخدم عقله ومصلحة اللبنانيين اولا ويخرج من جاذبية المشروع الإيراني الواهم والحالم بإقامة دولة فارس الكبرى.
ويضيف القاضي عريمط "من المؤسف أن القرار النهائي للحزب ليس في لبنان إنما في طهران وعند مرشد الثوره الخامنئي تحديدا، وما نقله لاريجاني مؤخراً يؤكد أن لا مشكلة لدى الإيراني بالتضحية بلبنان وشعبه وبمن فيه ومن حوله. ونحن على يقين بأن الدولة حكماً والحكومة تحمّلت ما لم تتحمله الجبال، لكن آن الأوان للخروج من هذه "التراجيديا" التي تجاوزت الأربعين عاما".
وعن إملاءات لاريجاني يقول: "كان الأجدى من الحكم والحكومة ألا يستقبلوا الموفد الإيراني علي لاريجاني وألا يسمحوا لطائرته أن تمر بالأجواء اللبنانية، كما فعلت سوريا معه . كفانا تدخلاً وشرذمة بين اللبنانيين من المشروع الإيراني الذي لم يجلب على لبنان والمنطقة العربية إلا الدمار والخراب والفتن المذهبية. إسرائيل هي العدو التاريخي للبنان ولا نريد من إيران وغيرها ان تلقي علينا دروساً في مقاومة العدو الإسرائيلي .فلتعد إلى داخل حدودها وتريح وتستريح وتنهي عصر المسرحيات والمناوشات المنظمة والمنسقة والمبرمجة بين العدو الإسرائيلي والمشروع الإيراني الصفوي الذي يتظاهر بالعداء لأميركا وإسرائيل؛ ويعمل ليل نهار لعقد الصفقات مع أميركا وإسرائيل في نفس الوقت".
ويطمئن القاضي عريمط بأن "لا خشية من صدام سني شيعي في الشارع على الإطلاق. إنما من الممكن صدام بعض الشيعة أي حزب الله ومشروعه مع مفهوم الدولة ، وصدامهم مع بقية الشعب اللبناني".
في موازاة التطاول المباشر على رئيس الحكومة ثمة صمت "سني" في غياب "الزعيم السني" وهنا يوضح القاضي عريمط أن "الدولة تتكلم بكل مكوناتها بإسم الشعب اللبناني، والمسلمون السنة في لبنان هم جزء أساسي من هذه الدولة ومن بناة الدولة ورجالاتها، وليس لديهم مشروع كغيرهم خارج إطار الدولة. وكل رئيس حكومة هو حكماً يمثل الدولة والشعب اللبناني وفي الوقت نفسه هو الممثل الشرعي للمسلمين السنة في مكونات الدولة. هذا على الصعيد السياسي.أما على الصعيد الديني فإن مفتي الجمهورية اللبنانية هو مفتي للمسلمين السنة في لبنان وهو حكما مفتي الجمهورية والدولة".
ويختم القاضي عريمط بتفسير المشهدية السوداء التي انطلق منها تعقيبا على كلام قاسم "لا زلنا ساحة مستباحة تتقاذفها المصالح الإسرائيلية والإيرانية. علينا أن ننتظر لنرى الى أين لعبة الأمم ؛ والى أين هي مصالح الدول المشاركة والفاعلة، لإنهاء هذه "التراجيديا الدموية" التي يعاني منها لبنان ومعه المنطقة العربية منذ قيام الكيان الصهيوني عام 1948 وقيام الثورة الإيرانية عام 1979أو عدم إنهائها".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


IM Lebanon
منذ 21 دقائق
- IM Lebanon
أبو الحسن: موقف 'الحزب' يتناقض مع وجوده في الحكومة
اعتبر أمين سر كتلة 'اللقاء الديمقراطي' النائب هادي أبو الحسن أن 'ما صدر عن أمين عام حزب الله الشيخ نعيم قاسم مستهجن ومرفوض. لماذا استحضار مفردات ولى عليها الزمن في لبنان؟ خاصة بعد المصالحة الوطنية. لماذا استحضار الفتنة والكلام عن الحرب الأهلية؟ حرب مع مَن؟ لا أحد يريد حرباً أهلية، ومن يسعى إليها هو العدو الإسرائيلي.' وأضاف أبو الحسن: 'هذا الخطاب العالي السقف يستحضر مفردات قديمة، مما يجعلنا ننزلق إلى كمين يعده العدو الإسرائيلي. هذا الكلام خاطئ ونرفضه. الموقف الحالي يتناقض مع سبب وجود حزب الله في الحكومة اللبنانية. لقد انخرطنا جميعا في الحكومة بعد انتخاب رئيس للجمهورية، بناءً على خطاب قسم واضح، وبيان وزاري وافقت عليه جميع الأطراف، بما فيها مكون الثنائي الوطني، وتحدث عن تطبيق اتفاق الطائف وتنفيذ بنود وقف إطلاق النار والقرار 1701 وحصرية السلاح'. وتابع: 'إذا كان الحديث يدور حول الورقة الأميركية التي أرسلها الموفد الأميركي توم براك، فإن الحكومة اللبنانية قد اتخذت قرارا بتكليف الجيش بوضع خطة ضمن مهلة زمنية أقصاها 31 آب، على أن تستكمل عملية حصر السلاح في يد الدولة قبل نهاية العام.' وقال: 'هذا الموضوع يتم عبر خطوات ومراحل، أهمها وقف الاعتداءات الإسرائيلية، وانسحاب إسرائيل تدريجيًا من جميع النقاط المحتلة، وإعادة الأسرى والمعتقلين، ووقف الانتهاكات الجوية والبحرية والبرية على لبنان. في المقابل، يتم حصر تدريجي لسلاح المقاومة لدى الجيش اللبناني. لا أحد يطلب تسليم السلاح لإسرائيل، فهي العدو الذي لا يُؤمن لها جانب. ما يُطرح اليوم يتم ضمن حاضنة أممية دولية وعربية، مع ضمانات لتعزيز قدرات الجيش اللبناني ودعمه بمليار دولار سنويًا، وتطبيق كافة بنود القرار 1701، وصولًا إلى ما بعد الخط الأزرق'. وشدد أبو الحسن على أن 'الجميع يُجمِع على وطنية الجيش. ويقوم الجيش بإعداد الخطة، ويأتي بالإشراف لتطبيقها مع مجموعة الدول الخمس التي ترعى الاتفاق. وعلينا ان نتذكر بأننا ارتضينا هذه الوساطة الأميركية'. ودعا أبو الحسن 'الثنائي الوطني'، حرصًا على لبنان وعلى أهلنا في الجنوب والضاحية والبقاع، إلى عدم إعطاء ذريعة للعدو الإسرائيلي في هذا الوقت الحساس، في ظل حديث بنيامين نتنياهو عن أطماع توسعية وتقسيم للمنطقة. يجب ألّا نقدّم له هذه الذريعة، بل أن نكون ضمن الحاضنة العربية والدولية والإقليمية، علّنا ننقذ لبنان، ونحرر الأرض، ونحرر الأسرى، ونثبّت وقف إطلاق النار، ونعود إلى اتفاق الهدنة. هذا مطلب وطني. أما أن نقول إننا نرفض تسليم السلاح بالمطلق، فهذا خطأ. وانتقد خطاب الشيخ قاسم قائلاً: 'حمل مفردات وروحية تهويلية وصلت إلى حد التهديد، وحتى اختُتمت إحدى الفقرات بعبارة 'وعلى لبنان السلام'. فلمن يُوجَّه هذا الكلام؟ إلى الشريك اللبناني الذي يحتضن جمهور المقاومة، والذي شخّص العدو على أنه إسرائيل؟'. وتابع: 'لكن السؤال، بكل موضوعية ومسؤولية: ما هو البديل عن الاتفاق الذي يضمن خروج لبنان من النقاط الخمس؟ وعن اتفاق يحرر الأسرى؟ وعن اتفاق يوقف الاعتداءات بضمانات دولية وعربية واضحة؟ وما هو البديل عن تعزيز قدرات الجيش اللبناني؟'. وأردف: 'إذا كان البديل هو أن نتمسك بالسلاح ونرفض مبدأ حصره، وأن تبقى إمرة السلم والحرب خارج يد الدولة، فنحن نستدرج حربًا جديدة على لبنان. لم ولن يستطيع السلاح أن يحمي لبنان. وكنا قد نبّهنا سابقاً من مخاطر إعطاء ذريعة لإسرائيل كي لا توسّع عدوانها، لكنها وسّعت العدوان واحتلت الأرض، ولا نستطيع أن نحرر الأرض بالقوة اليوم. إسرائيل تشكّل خطرًا على كل المنطقة، ولا بدّ أن نُحصّن أنفسنا باتفاق يحمي لبنان.' أما في ما يتعلق بالاستراتيجية الدفاعية، قال أبو الحسن: 'كنا من أبرز المدافعين عنها وعن منطقها، تلك التي نوقشت في عهد الرئيس ميشال سليمان عام ٢٠١٢ فبعد 13 عامًا، أين وصلنا بهذه الاستراتيجية؟ الوقت لم يعد يسمح بأن نجرّب هذه الأمور.' وأضاف 'لا نستطيع أن نحمي العالم العربي والإسلامي وحدنا، ولا نستطيع حماية لبنان اليوم بعد كل ما جرى. وأنا أنتمي إلى الحزب التقدمي الاشتراكي الذي أسسه كمال جنبلاط عام 1949، والذي وُلد من رحم فلسطين. ونحن لا نقبل بأن يزايد علينا أحد في هذا الموضوع، لكننا نتحدث كلامًا وطنيًا مسؤولًا، ونأمل أن نصغي إلى بعضنا البعض، ونُحصّن لبنان'.


صوت بيروت
منذ 22 دقائق
- صوت بيروت
بقرادوني رداً على "قاسم": ما حدا رح يعمل معك حرب أهليّة
كتب النائب جهاد بقرادوني على منصّة 'أكس': 'نعيم قاسم بعد ما دمّر البلد وشرّد الناس من بيوتها وعمل عبر حكومتو إتفاق مع العدو، جايي يستقوي عاللبنانيّين ويهدّدن بحرب أهليّة! شيخ نعيم ما حدا رح يعمل معك حرب أهليّة، بس في دولة وجيش وشرعيّة وقانون ودستور بدّن يتطبّقو'. نعيم قاسم بعد ما دمّر البلد وشرّد الناس من بيوتها وعمل عبر حكومتو إتفاق مع العدو، جايي يستقوي عاللبنانيّين ويهدّدن بحرب أهليّة ! شيخ نعيم ما حدا رح يعمل معك حرب أهليّة، بس في دولة وجيش وشرعيّة وقانون ودستور بدّن يتطبّقو — Jihad Pakradouni (@JihadPakradouni) August 16, 2025


صوت بيروت
منذ 22 دقائق
- صوت بيروت
لبنان يخوض امتحان استعادة الثقة.. فهل ينجح؟
تخوض السلطات اللبنانية امتحاناً لاستعادة الثقة مع المجتمع الدولي، أطلقت خلاله إصلاحات سياسية ومالية وقانونية وإدارية، بدءاً بتطبيق بند من ورقة قدمها الموفد الأميركي توماس برّاك. الورقة متصلة بإقرار مهلة زمنية لتنفيذ «حصرية السلاح» بيد الأجهزة الرسمية اللبنانية، تمهيداً لتثبيت الهدنة مع إسرائيل ووقف الحرب بشكل كامل، ولتسوية النزاعات الحدودية مع سوريا، وهذا بموازاة حراك آخر لترسيم الحدود مع قبرص، بما يتيح للبنان استخراج الطاقة من مياهه الإقليمية. ما كانت هذه التحركات لتُنشّط من دون ضغوط وإغراءات دولية، تسير عبر عدة مسارات، تبدأ من تثبيت الاستقرار الداخلي والإقليمي عبر حصرية السلاح وقرار السلم والحرب بيد الحكومة اللبنانية، ولا تنتهي الضغوط بالهواجس من انزلاق تصنيف لبنان مالياً إلى القائمة السوداء وفق تقييم «فاتف»، وحجب الاستثمارات، بما يقود لبنان إلى العزلة. أما الإغراءات، فتتمثّل في انفتاح دولي وإقليمي، وتدفق الاستثمارات، وإعادة إعمار ما دمّرته الحرب الإسرائيلية الأخيرة، ورفع التصنيف المصرفي من القائمة الرمادية إلى البيضاء، في ضوء استجابة لبنان لشروط مكافحة الفساد والإصلاح الإداري. تلك الاستجابة تتمثل في إقرار الهيئات الناظمة لقطاعات حيوية مثل «الطيران المدني» و«زراعة القنب الهندي»، كجرعة أولى لتعيين هيئات ناظمة لقطاعات «الاتصالات» و«الكهرباء» و«النفط»، تضاف إليها إصلاحات أخرى. أعطت حكومة الرئيس نواف سلام في لبنان الأولوية لـ6 ملفات نظراً لحدود ولايتها الزمنية، وفق ما قال الرئيس اللبناني جوزاف عون، في كلمة له أواخر الشهر الماضي. وهي تنقسم بين ملفات أمنية وإدارية وإصلاحية وتشريعية، ويتصدّرها «الوقف الفوري للأعمال العدائية الإسرائيلية، وانسحاب إسرائيل خلف الحدود المعترف بها دولياً، وإطلاق سراح الأسرى وبسط سلطة الدولة اللبنانية على كافة أراضيها، وسحب سلاح جميع القوى المسلحة، ومن ضمنها (حزب الله) وتسليمه إلى الجيش اللبناني». ثم هناك «تأمين مبلغ مليار دولار أميركي سنوياً لفترة 10 سنوات من الدول الصديقة لدعم الجيش اللبناني والقوى الأمنية وتعزيز قدراتهما، وإقامة مؤتمر دولي للجهات المانحة لإعادة إعمار لبنان في الخريف المقبل»، إضافة الى «تحديد وترسيم وتثبيت الحدود البرية والبحرية مع سوريا بمساعدة كل من الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة العربية السعودية والفرق المختصة في الأمم المتحدة، وحل مسألة النازحين السوريين، ومكافحة التهريب والمخدرات ودعم زراعات وصناعات بديلة». تتزامن هذه الأولويات مع الملفات الإصلاحية ومكافحة الفساد، إذ جرى التشديد على أن «القضاء مطلق اليدين لمكافحة الفساد والمحاسبة وإحقاق الحق وتكريس مبدأ المساواة أمام العدالة»، والتعهد بـ«استعادة دولة تحمي الجميع فلا تستقوي فئة بخارج، ولا بسلاح، ولا بمحور، ولا بامتداد ولا بعمق خارجي ولا بتبدل موازين، بل نستقوي جميعاً بوحدتنا ووفاقنا وجيشنا، وأجهزتنا الأمنية». مكافحة الفساد لقد أدركت السلطة في لبنان أن الممر الإلزامي لمكافحة الفساد يبدأ من إعادة بناء ثقة الناس بالقضاء. ولذا شكّلت مجلس قضاء جديداً، وهيئة تفتيش قضائي جاهزة للمحاسبة، وهو ما انعكس بتغير في الوضعية القضائية التي تمثلت في توقيف وزيرين سابقين، وإحالة 3 وزراء اتصالات سابقين إلى التحقيق، فضلاً عن توقيفات متصلة بفاعلين في القطاع المصرفي، وتوقيف مسؤولين إداريين، أبرزهم رئيس مجلس إدارة كازينو لبنان رولان خوري. إلى جانب ذلك، حاولت الدولة منذ انتخاب الرئيس جوزيف عون وتشكيل الحكومة، تعزيز الثقة مع الحاضنة العربية والمجتمع الدولي من خلال الزيارات التي قام بها عون إلى عدة دول أجنبية وعربية، وأعادت البحث في إحياء اتفاقيات نائمة. وأيضاً أدت إلى إعادة فتح سفارات، أو تعيين سفراء معتمدين في بيروت وعودة سياح، عرب وأجانب. الدولة أولت كذلك أهمية بالغة للأمن، في إطار استعادة الثقة، عبر ضبط التهريب في المطار والمرافئ والمرافق الحدودية، ومكافحة عمليات تبييض الأموال والإرهاب من خلال تفكيك الخلايا النائمة وضرب محاولات تشكيل خلايا جديدة. إجراءات قضائية وإدارية عملياً، تواظب السلطات السياسية والقضائية والنقدية والأمنية، على إبداء التجاوب المستدام مع متطلبات مكافحة الجرائم المالية وتجارة المخدرات وتمويل الإرهاب، وفق قائمة الثغرات المحددة من قبل المجموعة الدولية. وهو ما يراكم حزمة من الإنجازات المُحقّقة في مكافحة التهريب والفساد، والتحسن المستمر في التدقيق والمراقبة الأمنية والجمركية على المعابر البرية والبحرية. فضلاً عن ملاحقة الجرائم المالية الموصوفة التي تقتضي توقيفات قضائية ورفع الحمايات السياسية وسواها. مصادر معنية بالإصلاحات المالية تقول لـ«الشرق الأوسط» إن كل تلك الإجراءات «تخدم ملف لبنان في (مجموعة العمل المالي الدولية – فاتف)»، موضحة أن المجموعة «لطالما شكت من الفساد والتراخي في محاربة الجرائم المالية». وأردفت المصادر أن السلطات اللبنانية «باتت تجمع أدلة وإثباتات على أنها تكافح الفساد والجرائم المالية، وسجلت سوابق في هذا الإطار»، لافتة إلى أن التعيينات التي حصلت في الإدارة «تشير إلى تغيير بالتجربة اللبنانية»، في إشارة إلى التعيينات المالية والقضائية. ولفتت أيضاً إلى إقرار قوانين مالية مثل «قانون إصلاح أوضاع المصارف، الذي يتيح للجنة الرقابة والمجلس المركزي لمصرف لبنان التدقيق بميزانيات المصارف وأموالها الخاصة وقدرتها على الاستمرار». وفي هذا السياق، أعلن كريم سُعَيد، حاكم مصرف لبنان (البنك المركزي)، عن إجراء مشاورات في واشنطن مع مسؤولي وزارة الخزانة الأميركية، ولا سيما المعنيين بملف مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب. ولقد تركزت النقاشات على الإجراءات المطلوبة لمعالجة الملاحظات الصادرة عن «مجموعة العمل المالي» (FATF)، بما يسهم في إزالة لبنان من «اللائحة الرمادية». كذلك تناولت المشاورات الإجراءات الضرورية لحماية القطاع المالي، بما في ذلك علاقاته مع المصارف المراسلة في الولايات المتحدة، من مخاطر التعامل مع الجمعيات المحظورة. ملفات «حزب الله» الشائكة يتناغم هذا الجهد مع الإصلاح السياسي الذي يبدأ من حصرية السلاح، وتحديد جدول زمني لجمعه. وهو قرار أقرّته الحكومة اللبنانية يوم الثلاثاء الماضي، وتعهّدت بتنفيذه خلال مهلة تنتهي في 31 كانون الأول المقبل، وكلفت الجيش اللبناني بوضع خطة تطبيقية، يعرضها على الحكومة بمهلة تنتهي أواخر شهر آب الحالي. هذا القرار يُعد الاول منذ مطلع التسعينات الذي ينزع الشرعية عن أي سلاح خارج الشرعية، مهما كانت أغراضه، «بعدما كان محميّاً بالشرعية المحلية»، في إشارة إلى البيانات الوزارية المتعاقبة منذ عام 1989 التي نصّت على حق لبنان في مقاومة إسرائيل وتحرير الأرض. بذا تجاهلت الحكومة غضب «حزب الله» وإعلانه عن تجاهله للقرار، وأنه غير معنيّ به. ولقد بدا واضحاً أن الملفات الإشكالية الكبرى، متصلة بمؤسسات «حزب الله» العسكرية والمالية، وهو ما تسعى السلطات إلى فكفكته. وبالفعل، حظر البنك المركزي، منتصف الشهر الماضي، على المصارف والمؤسسات المالیة وسائر المؤسسات الخاضعة لترخیص من قبله، وعلى مؤسسات الوساطة المالیة وهيئات الاستثمار الجماعي، أن تقوم بأي تعامل مالي أو تجاري، أو غيره، بشكل مباشر أو غير مباشر، كلياً أو جزئياً، مع مؤسسات الصرافة وشركات تحويل الأموال والجمعيات والهيئات غير المرخّصة. وبين هذه «جمعية القرض الحسن» وشركة «تسهيلات» وشركة «اليسر للتمويل والاستثمار» و«بيت المال للمسلمين» وغيرها، من المؤسسات والهيئات والشركات والكيانات والجمعيات المدرجة على لوائح العقوبات الدولية. وأيضاً أبرم البنك المركزي اتفاقية تعاون مع شركة «كيه 2 إنتغريتي» الأميركية المتخصّصة في الاستشارات بمجال إدارة المخاطر، بهدف تعزيز مكافحة الأنشطة غير القانونية والاحتيال، ووضع وتنفيذ خطة عمل دقيقة تهدف إلى تحديد الثغرات النظامية، وسدّ الفجوات التنظيمية، واستعادة الثقة بالنظام المالي اللبناني محلياً ودولياً. أدركت السلطة في لبنان أن الممر الإلزامي لمكافحة الفساد يبدأ من إعادة بناء ثقة الناس بالقضاء تدابير غير كافية غير أن هذه الإجراءات، وخصوصاً المالية منها، لا ترقى وفق مسؤول مالي معني، تواصلت معه «الشرق الأوسط»، إلى مستوى الإقرار الدولي بسلامة كامل الأنشطة المالية. وأضاف: «إنّما يكفي حالياً المصادقة على التزام سلطات الدولة ومؤسساتها المختصة، وجديّتها في سلوك مسار الاستجابة المطلوبة، بحيث يمثّل الحد الضامن لعدم السقوط إلى (قعر) التصنيف، ومحاولة إقناع المجموعة الدولية بإعادة النظر لاحقاً بإخراج لبنان من القائمة في حال استكمال معالجة نقاط الضعف المتراكمة خارج القطاع المالي». في الأساس، تفاقمت تعقيدات التصنيف الذي ينذر بالانزلاق إلى «اللائحة السوداء» بحال إهمال مقتضياته، بسبب توسّع عمليات الاقتصاد النقدي (الكاش) من جهة، وتنامي الأنشطة المالية غير المشروعة عبر شبكات لا تخضع للرقابة خارج الجهاز المصرفي من جهة موازية. وهذا الأمر يحتّم، وفق المسؤول المالي، «تكثيف الجهود المتعددة المرجعيات لتقديم الأدلة الدامغة الآيلة إلى تكوين قناعة متجددة لدى الهيئات الخارجية بحصول تبدلات نوعية في صدّ مجمل توصيفات الجرائم المالية». من جهة أخرى، أقرّ مجلس الوزراء في جلسته، الثلاثاء الماضي، مشروع قانون لإدخال تعديلات مهمة وشاملة على القانون الأساسي رقم 44/ 15 الخاص بمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، وإحالته إلى مجلس النواب، بحيث تكتمل المرتكزات التشريعية لمجمل الملاحظات والتصويبات التي تلقاها الجانب اللبناني المعني لتطوير الاستجابة للمواصفات الدولية، والواردة خصوصاً من مجموعتي العمل المالي ووزارة الخزانة الأميركية والاتحاد الأوروبي. وتفضي التحديثات القانونية والتنفيذية، حسب المسؤول المالي، إلى توسيع نطاق المشاركة الوزارية وفتح ملفات قضائية تقع تحت المساءلة والشبهات، بحيث تركز أكثر ضمن استهدافاتها، على الأصول المادية أو غير المادية، بما فيها الوثائق أو المستندات القانونية التي تثبت حق الملكية ومصادر الإثراء غير المشروع، الناتجة عن ارتكاب أو محاولة ارتكاب حزمة كبيرة من تعريفات الجرائم المالية… وبما يشمل وصف الإرهاب وتمويله والمشاركة في جمعيات غير مشروعة، بالإضافة إلى التهرب الضريبي والفساد وصرف النفوذ والاختلاس واستثمار الوظيفة وإساءة استعمال السلطة والإثراء غير المشروع. إجراءات مالية في «المصرف المركزي»… لاستعادة الثقة تتشارك مجموعة من الوزارات والمؤسسات العامة والهيئات النقابية اللبنانية ذات الاختصاص والصلة، في تزويد هيئة التحقيق الخاصة المنشأة لدى مصرف لبنان (البنك المركزي)، بالتحديثات القانونية والإجرائية المستهدفة معالجة الفجوات الموصوفة في مكافحة تبييض (غسل) الأموال وتمويل الإرهاب؛ وذلك تمهيداً لرفع ملف متكامل إلى اجتماعات الخريف الدورية لمجموعتي العمل المالية الإقليمية والدولية (فاتف). يتصف هذا الملف بحساسية بالغة، تتعدّى النطاق المالي البحت، لتصيب مشكلات محدّدة في البعد السياسي الداخلي وقضية «حصرية السلاح» وتوابعها المالية. وهذا أمر يستوجب تبيان التقدّم الحسّي في استجابة لبنان لسد الثغر التي تسبّبت بإدراجه، خلال خريف العام الماضي، ضمن «القائمة الرمادية» للدول غير المتعاونة بالكامل أو التي تعاني أوجه قصور مثبتة في التزام المعايير الدولية. مسؤول مالي لبناني التقته «الشرق الأوسط» قال موضحاً: «تنجز حاكمية البنك المركزي، خطوات نوعية متلاحقة تكفل تحصين القطاع المالي والمصرفي الشرعيين بمواجهة أي شبهات لاستخدام منصاتها وقنواتها التقليدية والإلكترونية في تمرير أي عمليات نقدية أو مالية تحتمل الشكوك والمساءلة. وبذا تعزّز قناعة المؤسسات الدولية بسلامة عمليات وأنشطة هذا القطاع داخل البلاد وعبر الحدود من خلال شبكات البنوك المراسلة». هذا، وبموجب الالتزامات الرسمية، التي سيجري فحص درجاتها ونطاقاتها في التقرير المقبل للمجموعة الدولية، يفترض أن يواصل لبنان العمل مع «مجموعة العمل المالي» لتوسعة نطاق الخطة المتكامل والمتنوعة الاستهدافات ومضامينها، بما يكفل إجراء تقييمات لمخاطر تمويل الإرهاب وغسل الأموال المحددة في التقييم الاقتصادي، والحد من المخاطر وضمان وجود سياسات وتدابير للتخفيف من هذه المخاطر. وينبغي، حسب المعطيات، تعزيز الآليات الكفيلة بالتنفيذ الفعال في الوقت المناسب لطلبات المساعدة القانونية المتبادلة واسترداد الموجودات، وتعزيز فهم الأعمال والمهن غير المالية، وتنفيذ العقوبات المالية المستهدفة من دون تأخير، لا سيما في الأعمال والمهن غير المالية المحددة وبعض المؤسسات المالية غير المصرفية، وإجراء مراقبة مستهدفة وقائمة على المخاطر للمنظمات غير الربحية عالية الخطورة، دون تعطيل أو تثبيط أنشطة المنظمات غير الربحية المشروعة.