
دروس من الحرب الإسرائيلية على إيران والمنطقة
"المعرفة قوة"، ولا شيء أفضل من الحرب، "أم الأشياء كلها" كما يصفها الفيلسوف اليوناني هيراقليتوس، سبراً لأغوار العدو وفهماً لتكتيكاته وتقييماً لقدراته في مقابل مصارحة أنفسنا بحقيقة إمكانياتنا ودرجة استعداداتنا ومبلغ كفاءاتنا، ولهذا تبرز الأهمية البالغة في رصد الدروس المباشرة وغير المباشرة التي تقدمها لنا حرب الاثني عشر يوماً بين إسرائيل وإيران.
أولاها توجزه مقولة "الحرب خدعة" وهي وإن بدت بديهية لكنها تحمل في طياتها عمقاً استراتيجياً، يجعل من هذا التكتيك صالحاً ومتكرراً في كل زمان ومكان، ويعمل مع صاحبه بفعالية خبرنا نجاحها ضدنا في حرب يونيو 1967، وتعلمنا منها فكانت أن عملت معنا في حرب أكتوبر 1973 بين مصر وسورية ضد إسرائيل، وهي وإن تنبهت للخلل بعد تشكيل لجنة "أجرانات" للتحقيق في ما جرى وقتها وخرجت نتائجها المعلنة وتوصياتها الملقنة للجيش والمؤسسة العسكرية بالحذر حتى لا يتكرر ما وقع، لم يحل هذا بينها وتكرار السيناريو عقب خمسين عاماً في الشهر ذاته فكان العبور الفلسطيني الناجح (طوفان الأقصى) باتجاه الأراضي المحتلة في 2023.
استراتيجياً برزت في هذه المعركة أهمية تكتيك الهجمات الاستباقية الفعالة ضمن مدى زمني أقل، سيما وأن تناغماً أميركياً إسرائيلياً تبدى في جولاتها، فقبل أن تبدأ بيومين، برز دونالد ترامب في ثياب الوسيط قائلاً إنه حث بنيامين نتنياهو على ضبط النفس وعدم شن هجوم على إيران وانتظار نتائج المباحثات الدبلوماسية في مسقط، ليتضح أن الرجلين نصبا "كميناً كلامياً" وقعت فيه طهران وفقدت زمام المبادرة لصالح المبادأة الإسرائيلية، فكانت الضربة الأولى محملة برسائل الصدمة والرعب المستهدفة لمنظومة القيادة والسيطرة لتنجح جزئياً في خلخلتها والتقليل من فعاليتها.
يؤكد هذا أهمية التحالفات الإقليمية والدولية المتينة والصلبة، فقد تكرر الأمر للمرة الثانية دونما مساعدة أحد لطهران، فبعدما أمهلها ترامب أسبوعين انطلقت قاذفاته عقب يومين فقط لتدمر المواقع النووية الرئيسية، وربما هذه المرة لم يكن الأمر مباغتاً بقدر ما كان مربكاً، وبالتأكيد في طهران هناك من رأى مؤشرات ضربة قادمة، لكن ما باليد حيلة، وسمواتها مفتوحة وأجواؤها مكشوفة أمام الطيران المعادي، وكلها أوراق قوة لا غنى عنها لموازنة المعركة مع إسرائيل التي لا يدعمها الغرب فقط وإنما يحارب معها بكل ما يمكنه، في حين أن علاقة طهران بموسكو وبكين لا ترقى إلى تلك المنزلة.
ويبدو أن الصينيين والروس اكتفوا بوضع فيتو على قتل المرشد الأعلى علي خامنئي فقط، بمعنى تطوير الهجوم باتجاه إسقاط النظام عملياً حتى لا يجدوا الأميركي من ورائهما والأوروبي أمامهما، ولا يعنيهما كثيراً البرنامج النووي، بالعكس طهران بدونه أفضل لهما، أكثر خضوعاً أو اعتمادية لقلة خياراتها وحجم أعدائها.
عسكرياً، يؤكد ما سبق أنه لا أمل أمام طهران كما بقية دولنا العربية والإسلامية في حماية أرضها وشعبها بدون امتلاك تقنية تصنيع الطائرات ومنظومات الدفاع الجوي، والتعاون الفعال فيما بينها بدلاً من التآمر على بعضها، وصولاً إلى ابتكار ونقل التكنولوجيا وتكرار المحاولة تلو الأخرى للنهوض والإفلات من الهيمنة العسكرية الغربية التي نراها واقفة بكل صلف وراء إسرائيل، عديداً وعتاداً فرنسياً وبريطانياً وألمانياً، كما بقية دول المنظومة باستثناء من هم على الهامش، بينما الأقوى والأكثر تأثيراً يشاركون بفعالية في انتهاك ميثاق الأمم المتحدة وقواعد القانون الدولي، خاصة إذا ما تعلق الأمر ببلداننا ولا حاجة لتكرار الأدلة على ازدواجية المعايير واحتقار المبادئ المؤسسة على أياديهم.
ينقلنا هذا إلى الدروس غير المباشرة، وأخطرها ما يقوله هذا العدد الهائل من الجواسيس الإسرائيليين، ففي كل يوم من الحرب أعلنت طهران عن اعتقال العشرات حتى بلغوا 700 متهم في 12 يوماً ولا تشمل تلك الإحصاءات الرعايا الأجانب، فأين كانت الأجهزة الأمنية الإيرانية هائلة الحجم والميزانية، لماذا فشلت في مواجهة الموساد إلى هذه الدرجة؟ وقد وصلتها العديد من التحذيرات عبر عمليات عديدة تمت على أراضيها ومن أخطرها استشهاد ضيفها وقائد المقاومة الفلسطينية إسماعيل هنية بانفجار في غرفة نومه وفي مبنى تابع للحرس الثوري بعد ساعات من مشاركته في حفل تنصيب الرئيس مسعود بزشكيان.
لكن وإن وقعت الواقعة، ألم يتعلموا شيئاً مما تكشف من تغلغل إسرائيلي داخل الصف الأول لحزب الله، أقوى حلفائهم في المنطقة، وليس أدل على حجم الاختراق من ذلك، ويمكن أن نعزوه لضعف مناعة المجتمع جراء التردي الاقتصادي والتفكك الاجتماعي وفقدان الثقة في المؤسسات الحكومية، بل وفي الدولة، بسبب الانقسامات بين فئات المجتمع والسخط العام وفشل النظام في استيعاب مكوناته المتنوعة، وتحديداً الشباب الذين يبحثون عن أي مهرب ولو كان فيه هلاكهم، أملاً في حياة بدول الرفاه والنهضة والحريات المفقودة في بلادهم.
أي أن وصفة الطائفية والتطرف والاستبداد هي عدونا الأول، لكونها تفتح ثغرات عديدة في جسد الوطن وتدمر مناعته وتسهل مهمة العدو في سرطنته ومحاولة القضاء عليه، والنفاذ إلى أعمق نقاطه، وإلا فمن أين عرفت إسرائيل غرف نوم كل هؤلاء القادة والعلماء النوويين الإيرانيين المستهدفين في الضربة الأولى وعلى مدار الأيام التالية؟ في مقابل ما يمكن وصفه بـ"العمى الإيراني" وعدم الوصول إلى هدف ثمين واحد. ومع ذلك لا بد من القول إن ما يجري منذ 2023 وحتى اليوم يؤكد أن دولة الاحتلال لم تعد قادرة على الحرب بمفردها ونزفت وداعموها من شرعيتهم وهيبتهم، وإن كان من شيء أكيد فهو أن نموذجهم قد بلغ ذروته وفقد زخمه ويبقى في انتظار من يأكل منسأته.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 34 دقائق
- العربي الجديد
قتلى في تصاعد عمليات التصفية باللاذقية
قتل ثلاثة أشخاص في محافظة اللاذقية غربي سورية خلال الساعات الأخيرة في عمليات تصفية وقتل خارج القانون، وذلك عقب ساعات من انفجارات وقعت أيضا في المنطقة. وشهدت قرية بيت ياشوط بريف مدينة جبلة جنوبي اللاذقية اليوم الخميس مقتل شقيقين يعملان في قِطاف ورق الغار على الأوتستراد بين القرية ومنطقة الغاب. وقال الناشط الإعلامي في المنطقة عزازيل ديب لـ"العربي الجديد" إن أربعة مسلحين يستقلون سيارة، أطلقوا النار على شقيقين يعملان بجمع ورق الغار وسلبوهم سيارتهما، ثم أكملوا طريقهم باتجاه محافظة حماة. وأضاف ديب أن عمليات القتل هذه تكررت من خلال سيارات دفع رباعي تأتي من حماة وإدلب لقتل مدنيين من أهالي المنطقة في جرائم تحمل أبعادا طائفية. وسبق أن شهد ريف اللاذقية عمليات قتل وتصفية مشابهة. وقتل في مايو/ أيار الفائت أربعة مدنيين في منطقة جبلية تابعة لقرية عين الجوزة، ضمن ناحية صلنفة في ريف اللاذقية، على يد مسلحين مجهولين. ومساء يوم أمس الأربعاء، أقدم مسلحون مجهولون على إطلاق النار بشكل مباشر على شاب كان يقف أمام كنيسة مار تقلا في مدينة اللاذقية، ما أدى إلى مقتله على الفور، وهو عامل بناء دون معرفة الفاعلين أو دوافع الهجوم. تقارير عربية التحديثات الحية رؤساء بلديات السويداء يتهمون وزارة الإدارة المحلية السورية بالفساد ونفت مطرانية الروم الأرثوذكس في اللاذقية الأنباء التي تحدثت عن مقتل حارس الكنيسة، مؤكدة أن الضحية لا علاقة له بالكنيسة، وأن الاستهداف جرى خارج حرمها. ويوم أمس الأربعاء، سمعت أصوات انفجارات في الساحل السوري، تبين أنها ناجمة عن اندلاع حريق في موقع عسكري مهجور قرب مدينة جبلة، وتحديداً في كتيبة صواريخ سابقة بمنطقة السن، الواقعة بين مدينتي بانياس وجبلة. وتصاعدت خلال الأيام الأخيرة مطالب الأهالي في اللاذقية بتشديد الدوريات الأمنية ومنع ظاهرة اللثام والسيارات التي لا تظهر لها لوحات والدراجات النارية؛ والتي تتم معظم عمليات الاغتيال عبرها. وشهدت اللاذقية وغيرها من مناطق الساحل السوري، في 6 آذار/ مارس الماضي، على مدار أيام، عمليات قتل وتصفية طاولت مدنيين سوريين على خلفيات طائفية. ووثق تقرير صادر عن الشبكة السورية لحقوق الإنسان في 9 إبريل/ نيسان 2025 مقتل 1562 شخصًا في تلك الأحداث الدامية، من بينهم 60 طفلًا و84 امرأة. مقتل ابن أخ مؤسس "رجال الكرامة" في السويداء إلى ذلك، عُثر ظهر أمس الخميس على جثة الشاب يوسف رأفت البلعوس، في العقد الثالث من عمره، أمام قبر شقيقه في مقبرة قرية صميد، الواقعة في ريف السويداء الغربي جنوب سورية. وأكد قسم الطب الشرعي في مشفى السويداء الوطني أن الوفاة ناجمة عن إصابة نافذة بطلقة نارية في الرأس. وفيما تداول أهالي المحافظة الخبر على أنه حالة انتحار، جاءت نتائج التحقيق الأولي لتؤكد أن الحادثة جريمة قتل. ويكتسب الأمر بعداً خاصاً لكون الضحية ابن قائد سابق لحركة "رجال الكرامة"، وابن شقيق مؤسسها الشيخ وحيد البلعوس. وقال مصدر طبي من المشفى لـ"العربي الجديد"، إن تقرير الطبيب الشرعي أظهر أن الطلقة النارية اخترقت الجمجمة من الفص الصدغي الأيمن فوق الأذن، وأن المسافة التقديرية لإطلاق النار تراوحت بين متر و45 سنتيمتراً. وأوضح المصدر أن الطبيب الشرعي استبعد فرضية الانتحار بسبب غياب آثار هباب البارود حول مدخل الرصاصة، وهو ما يُلاحظ عادة عند التصاق السلاح بالجسم أثناء الانتحار. كما بيّن التقرير وجود كدمات متعددة في منطقة الرقبة وفروة الرأس، ما يشير إلى تعرض الضحية لاعتداء جسدي قبل مقتله. تقارير عربية التحديثات الحية "رجال الكرامة" يهددون العصابات في السويداء وهجومان على "قسد" في المقابل، رفض والد الضحية تقرير الطبيب الشرعي، وامتنع عن تقبّل التعازي بمقتل ابنه، حيث جرت مراسم الدفن دون أي طقوس اجتماعية. يُشار إلى أن شقيق يوسف، حمزة البلعوس، كان قد قُتل في 8 سبتمبر/أيلول 2022 خلال اشتباك مسلح في منطقة اللجاة شمال غرب السويداء. وكان الحادث وقع أثناء قيام حمزة بتحطيب الأخشاب في حرش قريب برفقة أربعة آخرين، وأسفر عن مقتل شاب آخر هو خليل الزاعور (16 عاماً) واختطاف اثنين من أبناء القرية ذاتها. ورغم مرور ثلاث سنوات على الواقعة، إلا أن القضية لم تُحسم قانونياً حتى الآن، وفقاً لسجلات النيابة العامة في السويداء. وصنفت النيابة العامة حادثة مقتل يوسف كجريمة قتل عمد، مع الإشارة إلى نية فتح تحقيق موسع تحت إشراف فرع الأمن الجنائي في المحافظة. وتشمل الإجراءات الأولية معاينة مسرح الجريمة في مقبرة القرية، وجمع الأدلة الجنائية، واستجواب شهود من أهالي المنطقة. ولم تصدر الجهات الأمنية حتى اللحظة أي بيانات حول مشتبه بهم أو دوافع محتملة للجريمة، فيما أشارت مصادر مطلعة إلى أن التحقيقات تدرس عدة فرضيات. وتقع قرية صميد في ريف السويداء الغربي، وهي منطقة شهدت خلال السنوات الماضية سلسلة من النزاعات المحلية. وتُظهر توثيقات إعلامية محلية تسجيل أربع حوادث عنف مسلح في المنطقة خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة، اثنتان منها ارتبطتا بخلافات على التحطيب الجائر.


العربي الجديد
منذ 34 دقائق
- العربي الجديد
أول إفادة سرية للكونغرس الأميركي بشأن ضرب المنشآت النووية الإيرانية
قدّم مسؤولون كبار في إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ، يوم الخميس، إفادة للنواب حول قرار قصف المنشآت النووية الإيرانية في الوقت الذي تزايدت فيه التساؤلات بشأن فاعلية الهجوم. أيضا، من المتوقع أن يقدّم كل من مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية ( سي آي إيه ) جون راتكليف، ووزير الخارجية ماركو روبيو، ووزير الدفاع بيت هيجسيث، والجنرال دان كين، رئيس هيئة الأركان المشتركة، الإفادة السرية لأعضاء مجلس الشيوخ، والتي كانت مقررة الثلاثاء. "عدم يقين" بشأن المنشآت النووية الإيرانية وقال أعضاء جمهوريون لدى مغادرتهم بعد الإفادة إنه من الواضح أن البرنامج النووي الإيراني "قد تراجع بشكل كبير"، بينما أعرب بعض الديمقراطيين عن شكوكهم بشأن مدى حجم الأضرار. وزعم السيناتور الجمهوري توم كوتون، من ولاية أركنساس، أنه "بدون الحاجة إلى أي معلومات سرية، من المقبول القول إننا، إلى جانب أصدقائنا في إسرائيل، وجّهنا ضربة قوية للبرنامج النووي الإيراني". بينما قال السيناتور الديمقراطي كريس مورفي من ولاية كونيتيكت، بعد خروجه من الإفادة: "لا تزال هناك قدرات كبيرة باقية". أخبار التحديثات الحية عراقجي: لا خطة الآن لمفاوضات إيرانية أميركية وجاءت هذه الجلسة في وقت كان فيه أعضاء مجلس الشيوخ يدرسون دعمهم قراراً يؤكد ضرورة أن يحصل ترامب على تفويض من الكونغرس قبل الشروع في شن أي عمل عسكري إضافي ضد إيران. ومن الممكن إجراء التصويت على هذا القرار "في أقرب وقت". وقال ديمقراطيون، وبعض الجمهوريين، إن البيت الأبيض تجاوز صلاحياته بضرب المنشآت النووية الإيرانية عندما لم يسعَ للحصول على مشورة الكونغرس. كما أنهم يرغبون أيضا في معرفة المزيد عن المعلومات الاستخباراتية التي استند إليها ترامب عند إعطائه الضوء الأخضر لتنفيذ الهجمات. وأفاد تقرير استخباراتي أولي أميركي بأن الضربات على المنشآت النووية الإيرانية أخّرت البرنامج النووي لـ"بضعة أشهر فقط"، وهو ما يتناقض مع تصريحات ترامب ورئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن وضع المنشآت النووية الإيرانية، وفقا لما ذكره مصدران مطلعان على التقرير. وقد تحدّثا بشرط عدم الكشف عن هويتهما لعدم تفويضهما بالتحدث علنا عن الأمر. وقال هيجسيث، خلال مؤتمر صحافي في البنتاغون، اليوم الخميس: "سواء أردتم تسميته تدميرا، أو دحرا، أو محوا، اختاروا ما شئتم من الكلمات. لقد كانت هذه ضربة ناجحة بالمقاييس التاريخية". وأصدر كل من مديرة الاستخبارات الوطنية تولسي غابارد، وراتكليف، أمس الأربعاء، بيانين يؤيّدان فيهما ترامب بأن المنشآت النووية الإيرانية "دُمّرت بالكامل وبشكل تام". (أسوشييتد برس)


العربي الجديد
منذ 37 دقائق
- العربي الجديد
عراقجي: لا خطة الآن لمفاوضات إيرانية أميركية
نفى وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، مساء اليوم الخميس، وجود اتفاق على إجراء مفاوضات مع الولايات المتحدة أو تحديد أي موعد لذلك، قائلاً: "ما يجري حالياً ليس إلا مداولات داخلية تتعلق بمصالح الشعب الإيراني، ولم تُعتمد حتى الآن أي خطة لبدء المفاوضات". وأوضح أن واشنطن كانت قد أرسلت، قبل اندلاع الحرب، مقترحاً "كان بعيداً جداً عن مطالب الجمهورية الإسلامية ومبادئها"، واصفاً رفض المقترح بأنه "أمر طبيعي". وكشف عراقجي عن أن طهران كانت تعتزم تقديم "مقترحها المتوازن" في الجولة التالية من المفاوضات، إلا أن اندلاع الحرب حال دون ذلك. وبشأن مضمون المقترح الإيراني، أوضح وزير الخارجية الإيراني أنه كان يستند إلى ثلاثة محاور رئيسية: استمرار التخصيب داخل إيران رفع العقوبات الالتزام بعدم السعي لامتلاك السلاح النووي وذكر عراقجي أن مضمون العرض الإيراني "يتوافق مع مبادئ الجمهورية الإسلامية"، مشدداً على أنه "في حال توافر هذه الأركان الثلاثة، سيكون من الممكن التوصل إلى اتفاق". من جانب آخر، أكّد وزير الخارجية الإيراني أن بلاده لم توافق على وقف إطلاق النار مع إسرائيل، وإنما وافقت فقط على وقف العمليات العسكرية، موضحاً أن الموقف الإيراني يستند إلى مبدأ "رد الفعل الدفاعي". وقال عراقجي، في مقابلة مع التلفزيون الإيراني، إن سياسة إيران "قائمة على أنه إذا ما أقدم العدو على وقف هجماته دون شروط مسبقة، فإن الجمهورية الإسلامية ستنهي أيضاً ردود أفعالها"، موضحاً أن السبب في ذلك "واضح، إذ إن الطرف المقابل هو من بدأ العدوان، وإيران كانت تكتفي بالدفاع عن نفسها، وبالتالي مع توقف هجمات العدو ينتفي سبب الدفاع". وذكر أنه خلال عودته إلى طهران من جولة إقليمية هذا الأسبوع، تلقى رسالة من "الطرف المقابل" تفيد بوقف الهجمات اعتباراً من الساعة الرابعة صباحاً بتوقيت طهران، وقد "جرى اتخاذ التنسيقات اللازمة مع الجهات المعنية". وتابع: "جرى إبلاغ الطرف المقابل بأن إيران لا تقبل بوقف إطلاق النار، لكنها في حال توقف هجمات الكيان الصهيوني فلن تواصل عملياتها هي الأخرى". وأكد أن إيران سترد على أي انتهاك لوقف إطلاق النار، موضحاً أنه وجّه تحذيرات بهذا الشأن للمسؤولين الأوروبيين. وقال: "إيران ليست لبنان، وسترد بقوة وحزم وسرعة في حال جرى خرق وقف إطلاق النار"، في إشارة إلى تمايز نهج إيران في الرد. أخبار التحديثات الحية ترامب: إيران لم تتمكن من نقل المواد النووية قبل الضربات الأميركية وأعلن وزير الخارجية الإيراني أن البرلمان حظر التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مشيراً إلى أن "أحد هذه الإجراءات كان وقف عمليات التفتيش، وهو ما جرى تنفيذه بعد الهجوم الذي استهدف المنشآت النووية". وأوضح الوزير الإيراني: "أحد الأهداف التي يُصرّون من أجلها على التعاون هو وصول مفتشي الوكالة ليروا الوضع هناك وحجم الدمار. هذا الأمر له أهميته، ونحن ندرك تماماً ما يقصدونه". وأضاف عراقجي أن طهران لا نية لها في "استقبال" المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، في طهران، "أما فيما يتعلق بالمفتشين، فيتعيّن دراسة الأمر لنرى ما إذا كان يتوافق مع قانون البرلمان، وحينها سنفكر فيه". وأوضح: "يجب أن أقول إن حجم الخسائر كبير وجديّ، لكن السماح للمفتشين بالاطلاع الدقيق عليه هو قرار يجب أن يُتخذ بما يتوافق مع قانون البرلمان"، قائلاً إنه "من الآن فصاعداً، ستتخذ علاقتنا وتعاوننا مع الوكالة شكلاً جديداً. الهجوم على المنشآت النووية جريمة لا تُغتفر". تخصيب اليورانيوم وفي سياق آخر، قال وزير الخارجية الإيراني إن "الدول الأوروبية الثلاث (ألمانيا وبريطانيا وفرنسا) لا تزال أعضاء في الاتفاق النووي، فأميركا انسحبت منه، وهم لا يزالون جزءاً منه. والدولة التي لا تزال عضواً في الاتفاق النووي لا يمكنها أن تتحدث عن تصفير تخصيب اليورانيوم"، لأن التخصيب "بنسبة معينة أو في إطار محدد قد جرى قبوله في الاتفاق". وحول إمكانية تفعيل "آلية الزناد" من قبل أوروبا بهدف إعادة فرض العقوبات الدولية، قال وزير الخارجية الإيراني: "لديهم هذه الإمكانية، لكن أميركا لا تملكها، لأنها انسحبت من الاتفاق النووي. الأوروبيون (بريطانيا وفرنسا) بصفتهم أعضاء دائمين في مجلس الأمن، فإنهم يمتلكون هذه الإمكانية". وأضاف: "في اجتماع يوم الجمعة الماضي في جنيف، قلت لهم بكل صراحة إن أكبر خطأ تاريخي سترتكبه أوروبا هو استخدام هذه الآلية، لأنها في هذه الحالة ستكون قد أنهت دورها في الملف النووي الإيراني إلى الأبد. إذا أرادوا أن يظلوا جزءاً من هذه اللعبة وعملية التفاوض، فعليهم البقاء فيها". ولفت إلى أن تفعيل الآلية قد يحمّل بلاده "أثماناً أيضاً، وقد نتخذ نحن أيضاً قرارات في هذا الصدد، لا أريد الخوض في تفاصيلها حالياً". واشنطن: لا يوجد محادثات مجدولة في السياق، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، إن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لا تزال "على تواصل وثيق مع الإيرانيين"، لكنها أوضحت أنه لا توجد حالياً أي محادثات مجدولة بشأن البرنامج النووي الإيراني. وكان ترامب قد أعلن، خلال حديثه في قمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) في لاهاي، أمس الأربعاء، عن محادثات جديدة مع طهران الأسبوع المقبل، من دون أن يقدم أي تفاصيل. وأوضحت ليفيت، خلال مؤتمر صحافي في البيت الأبيض: "لا توجد لدينا أي اجتماعات مجدولة حتى الآن، لكنني تحدثت مطولاً هذا الصباح مع مبعوثنا الخاص (ستيف) ويتكوف، ويمكنني أن أؤكد لكم جميعاً أننا لا نزال على تواصل وثيق مع الإيرانيين، وكذلك من خلال وسطائنا". وأضافت أن الإدارة الأميركية "تركّز دائماً على الدبلوماسية والسلام، ونرغب في الوصول إلى مرحلة توافق خلالها إيران على برنامج نووي مدني من دون تخصيب". وكان من المقرر عقد الجولة السادسة من المحادثات بين واشنطن وطهران بشأن البرنامج النووي الإيراني في سلطنة عُمان في 15 يونيو/ حزيران، لكن جرى إلغاؤها بعد أن شنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي غارات على أهداف إيرانية. وأكدت ليفيت أيضاً أنه لا توجد لدى الولايات المتحدة أي مؤشرات على أنه جرى نقل اليورانيوم المخصب الإيراني إلى مواقع أخرى قبل الغارات.