
السوق السعودية تفتح أبوابها للخليجيين: قرار يغيّر قواعد اللعبة
من أطراف السوق إلى مركز القرار لوقت طويل، كان المستثمر الخليجي يتنقل على هامش السوق السعودية. أدوات الدين، السوق الموازية، وصناديق الاستثمار كانت مجاله الوحيد، بينما بقيت السوق الرئيسية محجوزة خلف ستار من الاتفاقيات المعقّدة والقرارات بالنيابة.
اليوم، يُسحب ذلك الستار، وتُفتح الأبواب بوضوح: كل مقيم في الخليج أصبح له الحق في الدخول المباشر، تماماً كالمستثمر المحلي.
القرار ليس مجرد تعديل تنظيمي، بل تصحيح لمسار. وهو يعكس إدراكاً متزايداً بأن رأس المال الإقليمي ليس غريباً عن هذه السوق، بل جزء من نسيجه المالي، ومستقبل تطوّره.
السيولة تتنفس... والثقة تتسع الهيئة وصفت التعديل بأنه يهدف إلى تعزيز حماية المستثمر وثقة السوق، وجذب استثمارات جديدة. لكن القراءة الأوسع تكشف عن هدف أكثر عمقاً: توسيع هوية السوق السعودية لتكون منصّة إقليمية حقيقية لرأس المال، لا مجرد بورصة وطنية بقيود داخلية.وهذه الرؤية تدعمها الأرقام. فخلال النصف الأول من 2025، بلغت قيمة التداولات في السوق السعودية نحو 183.5 مليار دولار، رقم يضعها في صدارة المشهد الخليجي بفارق شاسع عن الأسواق المجاورة. خلفها، بأميال، تأتي أبوظبي (48.9 مليار)، ثم الكويت ودبي وباقي العواصم المالية.
ومع فتح المجال أمام مستثمرين جدد، تبدو السوق وكأنها تُعيد تشكيل خريطتها من الداخل: سيولة أكبر، قاعدة أوسع، وتنوع يُغني إيقاع التداولات اليومية.
استثمار لا ينتهي بالمغادرة ومن المهم أن التعديل لم يغفل أولئك الذين رحلوا. المستثمرون الأفراد، ممن سبق لهم الإقامة في السعودية أو دول الخليج وفتحوا حساباتهم في تلك الفترة، يستطيعون مواصلة استثماراتهم حتى بعد المغادرة.
.بين التكامل والمنافسة... الخليج يعيد ترتيب أوراقه
رغم أن القرار يعكس انفتاحاً تجاه الجوار الخليجي، قد يُحدث تأثيرات ملموسة على موازين المنافسة بين البورصات الإقليمية. فمع تسهيل الوصول إلى السوق السعودية، قد تشهد بعض أسواق المنطقة – مثل دبي وأبوظبي – إعادة توزيع في سيولة الأفراد الخليجيين، بخاصة من أصحاب الحسابات النشطة الباحثين عن عمق أكبر وفرص تداول أوسع.
وفي المقابل، قد تدفع هذه الخطوة بعض الشركات الخليجية الكبرى إلى التفكير جدياً في إدراج مزدوج أو جزئي داخل السوق السعودية، مستفيدة من جمهور مستثمرين أصبح يشمل مواطنيها مباشرة.
نبرة جديدة في المشهد الإقليمي قرار اليوم لا يأتي بمعزل عن تحولات أوسع. فالسعودية تُعيد بناء قواعدها الاقتصادية بلغة أكثر انفتاحاً. من فتح باب التملك العقاري للأجانب اعتباراً من 2026، إلى قفزة التجارة غير النفطية مع دول الخليج بنسبة 203% — تتكشف ملامح سياسة اقتصادية جديدة، أهدأ نبرة، وأذكى اتجاهاً، وأوسع أفقاً.
المستثمر الخليجي لم يعد مجرد زائر موقت في السوق السعودية. بل بات جزءاً من مشهدها، من تطورها، ومن قصتها التي تكتب فصلاً جديداً... بلغة المال، وبنبرة أكثر واقعية واتزاناً.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


حلب اليوم
منذ 20 دقائق
- حلب اليوم
وزير سعودي يعلن توقيع ما يقرب من 50 اتفاقية في يوم واحد بدمشق
أعلن وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح توقيع 47 اتفاقية ومذكرة تفاهم في دمشق، بقيمة إجمالية تعادل 24 مليار ريال، أي ما يقرب من 6.5 مليار دولار، خلال 'منتدى الاستثمار السوري السعودي 2025'. وبحسب ما صرح به الوزير، اليوم الخميس، فإن الاتفاقيات الموقعة تشمل مختلف القطاعات، بما في ذلك البناء والعقارات والاتصالات والخدمات المالية، والتكنولوجيا. ووصل الفالح إلى سوريا على رأس وفد يضم أكثر من 150 ممثلا للقطاعين الحكومي والخاص، أمس الأربعاء، إلى دمشق، حيث استقبله الرئيس أحمد الشرع وعدد من كبار المسؤولين. وقال الوزير السعودي، إن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان 'أمر عاجلاً بتأسيس مجلس أعمال سعودي سوري وأن تكون عضويته على أعلى المستويات ومن كبار رجال الأعمال'. وحول تلك الخطوة، قال الخبير الاقتصادي السوري، أدهم قضيماتي، لحلب اليوم، إن 'فكرة إنشاء مجلس سوري – سعودي مشترك ليست جديدة، فقد كان هناك توجه أساسي من الحكومة ومن وزير الاقتصاد والصناعة بإيجاد مجالس في كل الدول الصديقة لسوريا، ومن بينها دول الخليج، وهذا أمر طبيعي، لأن تلك المجالس تكون وسيلة لجذب الاستثمارات بشكل سهل وبسيط'. وتحدث الفالح عن اتفاقية بين 'تداول' وسوق دمشق ستدرس الإدراج المشترك بين السوقين، كما أشار إلى أن استثمارات قطاع الاتصالات السعودي في سوريا ستلامس 4 مليارات ريال، وكشف عن اتفاقيات بمجالات التنمية العقارية في سوريا بـ 11 مليار ريال، ومن ضمنها اتفاقية شركة 'بيت الإباء' لبناء مشروع عقاري ضخم في حمص. وتغطي الاستثمارات قطاعات حيوية واستراتيجية، بما في ذلك: العقارات، والبنية التحتية، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والنقل والخدمات اللوجستية، والصناعة، والسياحة، والطاقة، والتجارة والاستثمار، والرعاية الصحية، والموارد البشرية، والخدمات المالية. ويقول قضيماتي إنه من المفترض عند إقامة هكذا منتديات وجود بنية تحتية جاهزة لتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه، ولكن في حالة سوريا فهي تحتاج إلى زمن وآلية عمل فعالة وسريعة لتنفيذ الاتفاقيات التي يمكن أن يتم إبرامها خلال المنتدى. وذكر – على سبيل المثال – التحويلات المالية والقنوات الرسمية اللازمة لتحويل الأموال من الخارج من أجل تنفيذ الاتفاقيات والبدء في تنفيذ المشاريع، فهذا كله يحتاج إلى تجارب لكل هذه الأنظمة ناهيك عن كوننا بعيدين عن السوق العالمي، فبعد رفع العقوبات كانت هناك عمليات تحويل بسيطة جدا، لكن التمويلات الكبيرة المطلوبة في هذه الاتفاقيات تحتاج إلى زمن حتى تكون فاعلة على أرض الواقع، وفقا للخبير الاقتصادي. ومن ناحية أخرى تحدث عن أهمية الأنظمة والقوانين التي يمكن أن تسهل عمل هذه الاتفاقيات مع تحديد طبيعتها، متسائلا: 'هل ستكون في إطار استثماري حتى مع الدولة؟'، ومضيفا بالقول: 'هذا ما ستكشفه بنود الاتفاقيات فيما بعد'. واعتبر قضيماتي أن جود هكذا منتدى بالتشارك مع قوة اقتصادية إقليمية وعالمية يشجع بقية الدول على الاستثمار في سوريا وهو شيء مهم جدا، فما دامت إحدى الدول الكبرى التي تملك إمكانات مالية ضخمة وإنتاجا واحتياطيا ضخما للبترول فهذا ينشط الاستثمار في سوريا. لكنه لفت إلى بعض المخاطر التي من الممكن أنه تم تذليلها من خلال التسهيلات للشركات التي قد تتقدم للاستثمار، معتبرا أنه من الطبيعي أن تكون هنام تسهيلات الآن أكثر من أي وقت مضى لأننا في وضع اقتصادي صعب والبلد منهار في جميع القطاعات ونحتاج لأي شيء من الممكن أن يُقدم، مع التأكيد على أن الاستفادة تكون دائما للطرفين ولكن على حسب حاجة كل طرف لهذه الاستثمارات، لذلك فهو لا يستبعد أن نرى الاستفادة تصاعدية على مدى السنوات المقبلة؛ فربما تكون استفادة الدولة في أول سنتين أو ثلاثة محدودة، وإن كانت الاتفاقات تشاركية مع الدولة، فمن الممكن أن تكون ضعيفة إلى حين تطوير الاتفاقيات أو البدء في المشاريع بشكل فعلي لإنشاء المشاريع التي تُدرّ الأموال والأرباح.


العربي الجديد
منذ 20 دقائق
- العربي الجديد
7 مليارات دولار استثمارات سعودية في سورية تشمل إقامة مطار دولي جديد
في مشهد غير مسبوق منذ أكثر من عقد، احتضن القصر الرئاسي في دمشق، اليوم الخميس، فعاليات منتدى الاستثمار السوري-السعودي 2025، بمشاركة أكثر من 120 مستثمراً سعودياً، وحضور الرئيس السوري أحمد الشرع، ووزير الاستثمار السعودي خالد الفالح، إلى جانب عدد من كبار المسؤولين السوريين ، ورجال أعمال وممثلين عن غرف التجارة والصناعة في كلا البلدين. المنتدى، الذي يُعدّ الأكبر من نوعه منذ استئناف العلاقات بين البلدين، جاء في إطار زيارة رسمية يجريها الوفد السعودي إلى دمشق لبحث فرص استثمارات بين الجانبين بتوجيه مباشر من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، في خطوة تعبّر عن توجه سعودي متصاعد نحو الانخراط الاقتصادي في الملف السوري بعد سنوات من القطيعة. وشهد المنتدى الإعلان عن توقيع 47 اتفاقية ومذكرة تفاهم بين الجانبين، تجاوزت قيمتها الإجمالية 7 مليارات دولار (نحو 26.3 مليار ريال سعودي)، وتوزعت على مجالات حيوية تشمل التطوير العقاري والاتصالات والصناعة والسياحة والطاقة والفنادق والخدمات المالية، إلى جانب مشروعات نوعية في القطاع الزراعي . ومن بين أبرز المشاريع التي أُعلن عنها خلال المنتدى، مشروع لإنشاء مطار دولي جديد في منطقة المزة بدمشق بقدرة استيعابية تصل إلى 30 مليون مسافر سنوياً، يُنظر إليه باعتباره أحد المؤشرات على الرغبة في ربط سورية مجدداً بالإقليم والعالم. 3 مصانع أسمنت جديدة في كلمته خلال المنتدى، أكد وزير الاقتصاد السوري الدكتور محمد نضال الشعار أهمية هذه المرحلة التي تشهد انطلاقة جديدة في العلاقات الاقتصادية بين سورية والمملكة العربية السعودية. وأوضح أن الزيارة والمنتدى يعكسان رغبة حقيقية في بناء شراكات استراتيجية قائمة على المصالح المشتركة، مشدداً على التزام الحكومة السورية بتهيئة بيئة استثمارات ملائمة عبر تبسيط الإجراءات وتقديم التسهيلات للمستثمرين المحليين والأجانب. وأضاف أن سورية تعمل على تنويع اقتصادها وتعزيز القطاعات الإنتاجية والخدمية، مع التركيز على جذب استثمارات تساهم في إعادة الإعمار وتحقيق التنمية المستدامة خطة التنمية المستدامة لعام 2030 (الأمم المتحدة) في عام 2015، اعتمدت الدول الأعضاء في الأمم المتّحدة بالإجماع خطة التنمية المستدامة لعام 2030 بأهدافها الـ17، وغاياتها الـ169 ومؤشّراتها الـ231، وتهدف هذه الخطة إلى تحديد اتجاه السياسات العالمية والوطنية المعنية بالتنمية، وإلى تقديم خيارات وفرص جديدة لسدّد الفجوة بين حقوق الإنسان والتنمية. ، مؤكداً أن التنسيق بين الوزارات السورية والسعودية مستمر لضمان نجاح هذه الشراكات وتجاوز التحديات الاقتصادية. سياحة وسفر التحديثات الحية سورية تعلن تحويل مطار المزة العسكري إلى مدني وفي قطاع البنية التحتية والتطوير العقاري، كشف وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح عن توقيع اتفاقات تجاوزت قيمتها 11 مليار ريال سعودي (نحو 2.9 مليار دولار)، تشمل إنشاء ثلاثة مصانع جديدة للأسمنت بتمويل سعودي، تهدف إلى تعزيز الاكتفاء الذاتي في المواد الأساسية للبناء. وأضاف أن التعاون يمتد إلى قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات عبر شراكة بين وزارة الاتصالات السورية وشركات سعودية كبرى مثل "إس تي سي" و"علم"، بهدف تطوير البنية الرقمية وتعزيز الأمن السيبراني، بالإضافة إلى إنشاء أكاديميات تعليمية متخصصة في الذكاء الاصطناعي والبرمجة بقيمة تقديرية تبلغ نحو 4 مليارات ريال (حوالي 1.06 مليار دولار). صناديق استثمارات جديدة وبالنسبة للقطاع الزراعي، بيّن الفالح أن سورية تمتلك إمكانات واعدة، معرباً عن تطلع المملكة إلى العمل على تطوير مشروعات زراعية حديثة تشمل إنتاج الحبوب والمنتجات العضوية، فضلاً عن إقامة مزارع نموذجية وصناعات تحويلية، إلى جانب تبادل الخبرات والتقنيات الزراعية. وعلى صعيد الخدمات المالية، أعلن الوزير عن توقيع مذكرة تفاهم بين "مجموعة تداول السعودية"، التي تدير أكبر سوق مالية في الشرق الأوسط، وسوق دمشق للأوراق المالية، بهدف تعزيز التعاون في مجالات التقنية المالية، والإدراج المزدوج، وإطلاق صناديق استثمارية جديدة، ما يشكل حافزاً لجذب رؤوس الأموال إلى السوق السورية. وأشار أيضاً إلى توقيع اتفاقية بين شركة "بيت الأباء" السعودية والحكومة السورية لبناء مشروع عقاري في حمص بتكلفة كبيرة، يُخصَّص جزء من عوائده لدعم البرامج الاجتماعية في البلاد. وشدد الفالح على أن حجم الاستثمارات المباشرة للمستثمرين السوريين في السعودية بلغ نحو 10 مليارات ريال سعودي (قرابة 2.66 مليار دولار)، ما يعكس التكامل الاقتصادي والتوجه المتبادل نحو شراكة استراتيجية تعزز المصالح المشتركة بين البلدين. منح المستثمرين ضمانات وحوافز وأشاد الفالح بالخطوات التي اتخذتها الحكومة السورية لتحسين مناخ الاستثمار، ومنها تعديل قانون الاستثمار في يونيو/حزيران الماضي، الذي منح المستثمرين المزيد من الضمانات والحوافز، كما أسهم في رفع مستويات الشفافية وتسهيل الإجراءات، مهيئاً بذلك بيئة أكثر جذباً للاستثمار. كما لفت إلى الانتهاء العاجل من اتفاقية حماية الاستثمار بين السعودية وسورية، التي ستدخل حيز التنفيذ قريباً، بعد إجراءات استثنائية تسهم في توفير ضمانات إضافية للمستثمرين. اقتصاد عربي التحديثات الحية هل تحل الاستثمارات السعودية في سورية بدلاً من الإيرانية؟ وفي خطوة وُصفت بأنها تعكس جدية الرياض في بناء شراكة اقتصادية طويلة الأمد مع دمشق، أعلن وزير الاستثمار السعودي عن توجيه عاجل من ولي العهد محمد بن سلمان بتأسيس مجلس أعمال سعودي-سوري، يضم كبار رجال الأعمال من الطرفين، بهدف متابعة مشاريع استثمارات وتنمية المبادرات المشتركة. ويأتي هذا المجلس بوصفه آليةً فاعلةً لتعزيز التنسيق والشراكة الاقتصادية الاستراتيجية بين البلدين. ويرى مراقبون أن المنتدى يعد أكثر من حدث اقتصادي، فهو يعكس التحولات السياسية والاقتصادية في العلاقات السورية-السعودية. وقال الخبير الاقتصادي الدكتور محمد الأحمد أن الاتفاقيات التي أُعلنت خلال منتدى الاستثمار السوري-السعودي تمثل "خطوة مهمة نحو تعزيز الاقتصاد السوري وإعادة تفعيله بعد سنوات من التدهور". وأوضح الأحمد لـ"العربي الجديد" أن ضخ استثمارات بقيمة تتجاوز 7 مليارات دولار في قطاعات متعددة مثل البناء، الصناعة، الاتصالات والزراعة، سيُسهم بشكل مباشر في خلق آلاف فرص العمل للشباب السوريين، ويعزز من قدرات الإنتاج المحلي ويخفض الاعتماد على الواردات. وأضاف أن "إنشاء مشاريع كبرى مثل المطار الدولي الجديد ومصانع الأسمنت، فضلاً عن التعاون في القطاع الزراعي والخدمات المالية، يعكس رؤية استراتيجية لبناء اقتصاد متكامل، قادر على الاستمرار والنمو"، لكنه أشار إلى ضرورة أن ترافق هذه الاتفاقيات إصلاحات مؤسساتية وقانونية لضمان شفافية الاستثمار وحماية حقوق المستثمرين والعمال على حد سواء. وأكد الأحمد أن "التعاون السعودي السوري في المجال الاقتصادي ليس فقط تجسيدًا للعلاقات السياسية المتجددة، بل يمثل بارقة أمل للانتعاش الاقتصادي وتحسين مستوى المعيشة للسوريين". وتضمن برنامج المنتدى لقاءات ثنائية موسعة بين رجال الأعمال السعوديين والسوريين، وورش عمل متخصصة لبحث سبل تعزيز الشراكة في القطاعات الحيوية، لفتح آفاق جديدة نحو تعاون اقتصادي طويل الأمد يخدم مصلحة البلدين.


التغيير
منذ 22 دقائق
- التغيير
فيلم «ملكة القطن» للمخرجة السودانية سوزانا ميرغني يشارك في مهرجان فينيسيا السينمائي
ويُعد اختيار فيلم 'ملكة القطن' إنجازًا كبيرًا للمخرجة سوزانا ميرغني، التي أثبتت مهارتها في صناعة الأفلام وتصوير القصص الإنسانية. يعكس الفيلم رؤية فنية متميزة واهتمامًا بقضايا المجتمع السوداني. اُختير فيلم 'ملكة القطن' للمخرجة السودانية سوزانا ميرغني للمشاركة في مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي، ضمن فعاليات أسبوع النقاد الذي يُقام على هامش النسخة الـ82 من المهرجان. ويتنافس الفيلم ضمن سبعة أفلام في المسابقة، مما يعكس التقدير العالمي للفيلم السوداني. تدور أحداث الفيلم في قرية سودانية تعتمد على زراعة القطن، حيث تواجه البطلة نفيسة صراعًا حول مصير القرية ومستقبل أرضها مع وصول رجل أعمال سوداني شاب يحمل بذورًا معدلة وراثيًا. يتناول الفيلم قضايا بيئية واقتصادية واجتماعية مهمة، مما يجعله فيلمًا ذا قيمة فنية وإنسانية عالية. مهرجان فينيسيا يُقام مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي في الفترة من 27 أغسطس إلى 6 سبتمبر في فينيسيا، إيطاليا. يتنافس الفيلم على جائزة أسد المستقبل بقيمة 100 ألف دولار، مما يعكس الأهمية الكبيرة التي يوليها المهرجان للأفلام المشاركة. ويُعد اختيار فيلم 'ملكة القطن' إنجازًا كبيرًا للمخرجة سوزانا ميرغني، التي أثبتت مهارتها في صناعة الأفلام وتصوير القصص الإنسانية. يعكس الفيلم رؤية فنية متميزة واهتمامًا بقضايا المجتمع السوداني. ويتوقع أن يحظى الفيلم باهتمام كبير من قبل النقاد والجمهور في مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي. وسيكون الفيلم فرصة لتعريف العالم بقضايا البيئة والزراعة في السودان، وهو فرصة لتعزيز التبادل الثقافي بين السودان والعالم. ويعرض لسوزان ميرغني فيلمها الروائي الطويل الأول 'ملكة القطن' (2025)، بعد سنوات من العمل الإبداعي والبحث البصري الذي قادها من أرشيفات الذاكرة النسائية في السودان إلى أروقة كبرى المهرجانات السينمائية في العالم، وعلى رأسها مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي في نسخته الـ82، حيث يشارك الفيلم ضمن أسبوع النقاد الدولي، وينافس على جائزة الأسد الذهبي لأفضل عمل أول أو ثانٍ. صوت نسوي بملامح هجينة سوزانا ميرغني ليست اسماً جديداً على خارطة السينما المستقلة. فهي كاتبة ومخرجة ومنتجة سودانية روسية، تميزت بأعمالها التي تمزج بين الحكايات المحلية وقضايا المرأة، حيث انطلقت نحو العالمية عبر فيلمها القصير 'الست' (2020)، الذي نال جائزة كانال بلس في مهرجان كليرمونت فيراند السينمائي للأفلام القصيرة، إلى جانب عشرات الجوائز في مهرجانات أخرى. ثم عادت عام 2021 لتُقدّم فيلم 'الصوت الافتراضي'، والذي عُرض في مهرجان ترابيكا السينمائي، مؤكدة مرة أخرى على بصمتها الفريدة كصانعة أفلام تتمسك بالسرد النسوي، وتجمع بين الحس الشعري والواقعية النقدية. وفي عام 2022، كلّفها غاليري سيربنتين بإخراج فيلم وثائقي عن الفنانة التشكيلية السودانية البارزة كامالا إسحاق بعنوان 'كاملا إبراهيم إسحاق: حالات تفرّد'، وهو عمل أرّخ لبصمة فنية نسوية في السودان بصريًا وجماليًا. حكاية من أرض الحلم فيلم 'ملكة القطن' هو استكمال بصري وفكري لثيمة سوزانا المفضلة: المرأة السودانية. وتعود جذوره إلى عالم فيلمها السابق 'الست'، لكنه هذه المرة يتخذ من الطابع الروائي الطويل فضاءً رحبًا لبناء قريةٍ سودانية من القطن والحلم والمواجهة. نفيسة، بطلة الفيلم، فتاة مراهقة نشأت في قرية تعيش على زراعة القطن، وقد تربت على قصص الجدة عن مقاومة الاستعمار البريطاني، وأسطورة 'ملكة القطن' التي تحولت إلى مرجعية طفولية لها. لكن، ما أن يصل رجل أعمال سوداني شاب يحمل بذورًا معدلة وراثيًا، حتى تدخل نفيسة في صراع خفي لا ينفصل عن أسئلة الأرض، والهوية، والاستقلال. الفيلم لا يقتصر على التوتر بين التراث الزراعي المحلي والرأسمالية الزراعية المعولمة، بل يفتح جرحًا آخر أعمق، حين يقرر رجل الأعمال التقدّم لخطبة نفيسة، لتجد البطلة نفسها في مواجهة قاسية مع قضية الزواج القسري وزواج القاصرات، في مجتمعٍ لا يزال متأرجحًا بين موروث العادات وأحلام التغيير. من الهامش إلى فينيسيا نظراً لغياب البنية التحتية لصناعة السينما في السودان، وجدت سوزانا نفسها مضطرة للانتقال إلى قطر، حيث تعاونت مع معهد الدوحة للأفلام للتخطيط والإنتاج. هناك، في مساحة من الدعم المهني، بدأت ملامح الفيلم تتكوّن، مع إصرار من سوزانا على أن تقدم للعالم سينما سودانية نسوية، قادرة على قول الحقيقة بلغتها الخاصة. وتعليقًا على عرض 'ملكة القطن' في فينيسيا، قال المخرج السوداني محمد كردفاني: 'سعيد باختيار فيلم سوزانا، خصوصًا أنني كنت شاهدًا على ولادة هذا المشروع ومراحل تطويره. فخور أن السودان، رغم الحرب، لا يزال ينتج سينما بمستوى عالمي'. المرأة السودانية كبطلة 'ملكة القطن' لا تحكي فقط قصة فتاة، بل تستحضر تاريخًا طويلًا من المقاومة النسائية في السودان، وتحاول إعادة تقديمه بصريًا بطريقة حداثية. إنه فيلم عن البذور؛ بذور القطن، وبذور الأساطير، وبذور الوعي. وفي حديث لها لمجلة فاريتي، قالت ميرغني: 'لدينا الكثير من الأفلام الوثائقية عن النساء في السودان، وكانت ضرورية في وقتٍ ما، لكنّ الثقافة تغيرت الآن. علينا أن نسمح للسودانيات بصناعة أفلامهن الخاصة'. سوزانا، التي تمارس الكتابة الشعرية أيضًا، نشرت قصيدتها الشهيرة 'خصائص سلوكية للسودانيين' في مجلة 'مزنة'، والتي عكست وعيًا سياسيًا وثقافيًا بالمجتمع السوداني. ويبدو أن هذا الحس الشعري يتسرّب بهدوء إلى أفلامها، فيعطيها أبعادًا تتجاوز الحكاية التقليدية. نحو سينما سودانية مستقلة 'ملكة القطن' ليس مجرد فيلم عن فتاة من الريف السوداني، بل هو بيانٌ فني عن أهمية التمثيل النسوي في السينما، وعن قدرة السودان، حتى في ظل الحرب، على إنتاج أعمالٍ بمستوى عالمي. سوزانا ميرغني، بصبرها وشغفها، تفتح الباب لأجيال جديدة من صانعات الأفلام السودانيات، وتؤكد أن الحكايات السودانية تستحق أن تُروى — لا كتراث، بل كحياة مستمرة.